إعلام جديد » ما تبقّى من حلب.. في أرشيف فايسبوكيّ

 

alipo_300

 

روز سليمان
صفحة عن حلب، ولكن من دون حلب. ما الفرق بين أن تبقى المدينة ويزول التراث، أو العكس؟ حتى اللحظة، ضاع جزء كبير من تراث المدينة، من بيوتها ومكتباتها ومراكزها الثقافيّة. كتبٌ لا يمكن إحصاؤها أُحرِقت. خمسة وثلاثون ألف كتاب من أندر الكتب والوثائق، في المكتبة الوقفية وحدها. لم يتبقّ إلا المكتبة الوطنية، تفصلها عن خط التماس في المدينة القديمة في منطقة السبع بحرات، أقلّ من مئات الأمتار، من دون تدابير لحمايتها.
في محاولة لتوثيق ما ضاع وما بقي، أنشأ المحامي علاء السيد، ابن المدينة، صفحة تحمل اسم &laqascii117o;أرشيف حلب الوطني" على &laqascii117o;فايسبوك"، كسلاح افتراضي في مواجهة الفقدان المستمر والحرق والنهب. يقول السيد لـ&laqascii117o;السفير": &laqascii117o;الهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتحويله إلى صور رقميّة، ونشره على أوسع نطاق ممكن، وجعله متاحاً للجمهور على الشبكة، مع اليقين بأن ما تبقى سيؤول إلى الزوال غالباً".
تضمّ الصفحة صوراً ومقاطع فيديو، بعضها لمخطوطات ووثائق عثمانية، وأخرى لمباني المدينة القديمة، وسكانها، وأطباق من مطبخها التقليدي، إلى جانب سجلات البلدية، والنفوس، والسجل العقاري، والسجلات الحكومية، وملفات الدعاوي في المحاكم. &laqascii117o;معظم تلك الوثائق ضاعت للأبد، باستثناء ما استطاع بعض أبناء المدينة حفظ نسخة منه، إذ لم يحظَ باهتمام جماعي، ولم يكن للأسف في حساب الأولويات ضمن ظروف الحرب"، بحسب مؤسس الصفحة.
حظيت صفحة &laqascii117o;أرشيف حلب الوطني" بنحو أربعة عشر ألف معجب منذ تأسيسها في آب/ أغسطس العام 2013. يتم تنزيل المواد الأرشيفية عليها بشكل يومي، بمبادرة من شباب متطوعين، يجهّزون المواد ويحوّلونها إلى صور رقميّة صباحاً، ثمّ يقومون بتحميلها على &laqascii117o;فايسبوك" و&laqascii117o;يوتيوب" في الليل. يقول السيد: &laqascii117o;لم تلق جهودنا أي دعم من أي جهة كانت، باستثناء مبادرة &laqascii117o;أهالي حلب" التي قدمت بعض متطوّعيها، ومكاناً صغيراً فيه طاولة وكرسي وكهرباء شبه دائمة في ظلّ الانقطاع الطويل للتغذية الكهربائية عن حلب، ما يجعل هذا النوع من العمل مستحيلاً". يعترف بأنّ الحماسة على العمل تخفّ تحت وطأة الظروف اليومية التي باتت لا تُطاق، لكن &laqascii117o;سنستمرّ حتى اللحظة الأخيرة".
تمّ عرض مشروع الصفحة على مجلس مدينة حلب، في محاولة لجمع بعض الدعم المادي، لكنّ المجلس اشترط للموافقة على ذلك، نزع شعار &laqascii117o;أرشيف حلب الوطني" عن الصفحة، بحجّة أنّ ذلك &laqascii117o;الأرشيف ملك للمدينة ومجلسها، ولا يحق لأحد وضع &laqascii117o;لوغو" عليه". وفي السياق ذاته، لم يتمكّن القائمون على الصفحة من الوصول إلى مسؤول جدي في اليونسكو، لعدم وجود تمثيل للمنظّمة في حلب.
تتجنّب صفحة &laqascii117o;أرشيف حلب الوطني" التجاذبات السياسية. تخرج بشكل هو أقرب إلى مقطوعة على شرف الموت، منه إلى مشروع يبتغي توثيق المدينة ووضعها على دائرة الضوء العالمي. الوقت ليس مناسباً للتكريمات، المدينة تدرك ما ينتظرها. وصمْتُ مدينة عريقة، يَقتُل. حلب تحديداً، تتبنّى قالباً للحياة لا تحيد عنه منذ أزمان غابرة، كما يظهر في صور بالأبيض والأسود، وشهادات، وإعلانات، ومجلات، وصحف قديمة، وما بقي من صور لمبانٍ وفنانين تشكيليين ومصوري فوتوغراف.
ليس الأمر مجرد أرشيف، إنه سياق تذكير مقصود وعاجل، ناتج في جزء منه عن قدرة الحرب اليومية في المدينة على الترويج للضياع، كنتيجة طبيعية ودائمة. وناتج كذلك عن تبنّي بعض فعاليات المدينة، خطاباً اجتماعياً، لا يصدّق السياسي، ولا يريد أن ينتظر &laqascii117o;إلى أن تنتهي الحرب".

المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد