إعلام جديد » الرسم على الجدران .. فن مجاني في خدمة العالم

panksi_300

في الشوارع، وفي محطات القطار، أو حتى على طول الطرق الممتدة بين مدينة واخرى، لا بد من أن تقع الأعين في أوروبا على رسومات معبرة لفنانين يحترفون فن الرسم على الجدران.
هكذا هي المدن الأوروبية، فلكل جدار صورة تحكي قصة، أو تعالج قضية... وبرغم فوضويتها، إلا أن هذه الجداريات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل الحياة اليومية، وتحمل قضاياها وهواجسها بطريقة محببة.
ولعلّ ما يميّز فن الرسم على الجدران، أو 'الغرافيتي'، هو قدرته على تسليط الضوء على قضية معينة، سواء كانت اجتماعية أو سياسية، أو حتى بيئية ودينية.
لذلك يستقطب هذا الفن اهتمام الجمعيات والمؤسسات الخيرية، لأنه أقرب إلى الناس، وأكثر شمولية في توجيه رسالته إلى كل الفئات العمرية، كما أنه لا يحتاج في الكثير من الأحيان إلى استخدام أي عبارات، بل يقتصر إيصال الرسالة على الصور، فيتلقفها المتلقي مهما كانت لغته أو ثقافته.
وساعد فن الشوارع تحديداً جمعية 'أولي يونغ' البريطانية في إنجاح حملتها لجمع التبرعات لمشروع طبي للأطفال، بمشاركة فنان الشوارع بيسترول، الذي يؤمن بأن بإمكانه استغلال الأماكن المهمشة في مدينته ووكينغهام لرسم لوحات تزرع الأمل والنور بين سكان الحي.
بيسترول ليس وحده في ذلك، بل يشاركه في ذلك الكثير من الفنانين من مختلف أنحاء أوروبا، الذين دُعوا للانضمام إلى هذا العمل الكبير والفريد من نوعه.
وإلى جانب دعم هذا النوع من الفنون لمصلحة الجمعيات الخيرية والحملات الإنسانية، اتجه فن الشوارع إلى نقل أصوات المحتجين على قرارات سياسية، كما حدث في العام 2012 عندما اقترحت المفوضية الأوروبية لصيد الأسماك فرض حظر على طريقة للصيد تؤثر على الكائنات البحرية التي تعيش في قعر المحيطات، وهو حظر استمرت دول مثل فرنسا وإسبانيا في إعاقته. هنا، توحد عدد كبير من الفنانين من مختلف أنحاء أوروبا وحاربوا بألوانهم لوقف هذا القرار، في عمل ضخم شمل كلاً من لشبونة وبرلين وروما وبروكسل وباريس ولندن ومدريد.
ويقول الفنان أورلينز دلوود، الذي شارك في هذا العمل، إنه لم يكن يدرك مدى أهمية هذه المشكلة لبعد المكان عن أعين الناس، لكنه اليوم يدرك تماماً تأثير الصيد في أعماق البحار على الكائنات الحية والبيئة، فحاول نشر هذه القضية من خلال لوحاته.
وحين كان دلوود يرسم على الشاطئ، كان يبدأ في الرسم ليلاً حين يكون الشاطئ خالياً من الناس. لكنه عندما كان يعود في المساء، كان يُسأل عن سبب قيامه بذلك، فيرد قائلاً: 'أنا أتكلم نيابة عن المحيط'.
من جهته، عمل باتريك شيفر، مدير وكالة 'دينكفيرك' الألمانية للاتصالات، على تنظيم مشروع يجمع فيه الفنانين لمعرفة قدراتهم وتصنيفهم، وكان المغزى من ذلك هو إعطاء الفرصة للجميع لعمل لوحة جدارية. لكن بعد إجراء التجربة في برلين لمدة يومين، تبين أن اللوحات سيئة للغاية. لذلك كان عليهم طلب رسامين يحترفون الرسم على الجدران، ومن هنا ابتدأ مشروع 'بلاكسبوت' في برلين في العام 2013 لمساعدة جمعية 'أنقذوا الأطفال'.
ومنذ ذلك الحين، حدثت موجة تحرك بألوان الرسامين في مختلف أنحاء ألمانيا، أُزيلت لاحقاً وبيعت في مزاد علني يعود ريعه لجمعيات خيرية.
المصدر: صحيفة السفير عن 'دويتشه فيله'

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد