رامي كوسا
لم تعد مفردة &laqascii117o;افتراضي" صالحة لوصف فضاء السوشل ميديا الذي بات يقبض على الكثير من مفاصل حياتنا. آخر ما حُرّر في هذا الصدد كان انتقال بعض الأعمال التجاريَّة من أسواقها الأساسيّة إلى أسواق &laqascii117o;فايسبوك". إذا يضجّ الموقع الأزرق بصفحات تشكّل ميداناً مفتوحاً لعمليات البيع والشراء في سوريا.
تبدو كثافة المقتنيات المعروضة للبيع أو التبادل مثيرة للدهشة، كما أنّ تنوّع السلع واختلافها يُشكّلان عاملاً يجذب شريحة كبيرة من المستخدمين. على صفحات العرض يشاهد المتصفّح كلّ ما يخطر له على بال: هواتف، أدوات كهربائيّة، أثاث منزلي، أدوات مطبخ، سيّارات، عقارات، درّاجات هوائية، حيوانات أليفة، طيور، إضافةً إلى عروضٍ ترويجية لمعارض ومحالٍ تجارية.
يقول أحمد علي، مدير صفحة لبيع الأدوات المستعملة: &laqascii117o;هذا الصنف من الصفحات يلغي دور الوسيط، فالعارض يذيّل المنشور برقم هاتفه وعنوانه، والمُستهلك يتواصل معه بصورة مباشرة. هذا الجانب مفيد للغاية فهو يوفّر عمولة البيع والشراء على الطرفين". وعن المزيد من مزايا الأسواق الافتراضية يقول علي: &laqascii117o;نحن نتجاوز الجغرافيا. الإعلان عبر الشبكة يمكن أن يصل إلى جميع الناس، هذا النشاط يحلّ مشاكل وإرباكاتٍ كثيرة خلقتها الحرب، مثل أزمة شراء المنازل. فالنزوح الداخلي خلق إقبالاً غير مسبوق على شراء الشقق السكنية أو استئجارها. البحث الميداني عن الخيارات المناسبة ربما يستغرق أشهراً طويلة، وهذا ما تلافيناه من خلال &laqascii117o;فايسبوك"، كلّ ما عليك فعله هو الدخول إلى صفحة مخصصة للاتجار العقاري، وسوف تكون بانتظارك عروض كثيرة تحدِّد منطقة العقار، وتفاصيل السجل، إضافة إلى المواصفات الفنية كالمساحة، والاتجاهات، وحالة الإكساء. ويتمّ توثيق ذلك بصورٍ توضيحية، وبهذه الطريقة نستطيع اختصار الزمن والمجهود والتكاليف". ويضيف مازحاً: &laqascii117o;قريباً سوف يجد أصحاب المكاتب العقارية أنفسهم عاطلين عن العمل".
يقول المهندس فريد، وهو مالك أحد المتاجر الجديدة في &laqascii117o;سوق الديجيتال"، الواقع ضمن حيّ السويقة الدمشقي: &laqascii117o;إنّ صناعة اسمٍ معروفٍ لمتجرٍ جديد في سوقٍ عتيقة أمر صعب للغاية، فالناس اعتادت التبضّع من متاجر محدّدة، ونشأ بينهم تواطؤ قائم على القناعة بشكل العرض وشكل الطلب. طرحتُ أسعاراً منافسة ولم أستطع كسب الزبائن بسبب غياب الدعاية، كلّ شيء تغيّر حينَ قام ابني بنشر أكثر من عشرة إعلانات مجانية على &laqascii117o;فايسبوك"، بدأ الزبائن بالتوافد إلى متجري لاقتناء إحدى السلع بأقل من سعر السوق، ثم اتسع الموضوع ليشمل شراء سلعٍ أخرى وهكذا".
إلّا أنّ غياب القوانين الناظمة لعمل هذه الصفحات يُشكّل مطبّاً لا بد من التوقّف عنده. فالضوابط على منشورات روّاد الأسواق الافتراضية شبه معدومة. هكذا تستطيع أن تشاهد إعلاناً عن دورة لتعلّم فنون القرصنة واختراق أجهزة الكومبيوتر، وإعلاناً ثانياً عن إمكانيَّة شراء شهاداتٍ جامعية مزوّرة لقاء مبالغ ماليّة تتفاوت بحسب نوع الشهادة، وإعلاناً ثالثاً عن فرصٍ لتأجيل الخدمة الإلزاميّة إدارياً لمدّة عامٍ كاملٍ لقاء مبلغ تصل قيمته إلى 250 ألف ليرة سوريّة (ألف وثلاثمئة دولار تقريباً) وهو ما يعادل عشرة أضعاف راتب أيّ موظّف في القطاع الحكوميّ. ولدى سؤاله عن تشجيع صفحته لهذا الصنف من الفساد يكتفي أحمد علي بالقول: &laqascii117o;بلد خربانة... ما وقفت علينا".
أحد الصيادلة أعلن عبر &laqascii117o;فايسبوك" عن رغبته بتأجير شهادته الجامعية التي حصّل عليها بعدَ خمس سنواتٍ من الدراسة، فهو يعيش في منطقة اشتباكٍ لم تعد تسمح له بالاستفادة منها. الأسواق الافتراضية تشكّل انعكاساً للراهن السوري، فيها ما هو مدهش، وفيها ما هو مبكٍ.
المصدر: صحيفة السفير