رام الله ـ هنادي العنيس
لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي حكراً على الأصدقاء الذين يجدون فيها مساحة للنقاش وتبادل الآراء، بل تحولت إلى حلبة للصراع والحرب بين 'الأعداء' أيضاً. وتشكّل 'غرف الحرب' التي أنشأتها مجموعة من طلاب الجامعات في إسرائيل، إحدى أوجه الاستعمالات الجديدة لوسائل التواصل الاجتماعي. فالغرف المخصصة للعمل الإلكتروني، ويشرف عليها 'اتحاد الطلبة في إسرائيل' بالتعاون مع استخباراتها، تهدف إلى جلب متطوعين وغير متطوعين مقابل راتب شهري. أما مهمتهم، فالعمل على 'تلميع' صورة إسرائيل، وتبرير جرائمها في أوقات العدوان، مستخدمين نحو 30 لغة مختلفة في عملية النشر.
وتعتمد هذه الغرف في شكل أساسي على المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي التي تسهّل عملية نشر الصور وعرضها على جمهور واسع لكسب استعطاف العالم لمصلحة إسرائيل.
غير أن استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الأفكار، لا يقتصر على الإسرائيليين وحدهم. ففي الأردن، أطلق شبان حملة 'اكشف صهيوني' التي تهدف إلى فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة إلكترونياً. ويعتمد الشبان خمس لغات مختلفة في عملية النشر على صفحات رئيسية في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن المقاومة الإلكترونية لا تقل أهمية عن المقاومة على أرض الواقع.
ويقول رضا ياسين، مؤسسة الحملة وصاحب الفكرة: 'قصتي مع حملة اكشف صهيوني بدأت منذ بداية العدوان على غزة. صور المجازر اليومية وصور الضحايا، دفعتني إلى التفكير بابتكار شيء (مقاومة) لدعم أهلنا في الداخل'، مضيفاً أن ذلك 'تزامن مع مشاهدتي لتقرير عن غرف الحرب الإلكترونية التي تقوم عليها اتحادات الطلبة في جامعات الكيان الصهيوني'.
ويتابع ياسين أن عدد المشاركين في الحملة يزداد يومياً، وهي تضم حوالي 80 مترجماً يتولون الترجمة إلى خمس لغات، بينها العربية والعبرية والانكليزية والفرنسية. ويوضح أن الحملة لن تقف عند حد عرض معاناة أهل غزة وحدها، بل سيتسع نطاقها لتتحول من مجرد موجة استنكار وتعاطف، إلى 'ثقافة' متداولة في كل مكان.
وتقول غ. ن إحدى المشاركات في الحملة، إن 'الغرض من عمل الفريق هو فضح جرائم الإحتلال وأعوانه أمام العالم الخارجي، وإن من بين أهداف المقاومة الإلكترونية العربية أن يتم نشر جرائم الإحتلال بشكل مباشر على صفحات وزارات خارجية الدول، وصفحات المنظمات الإنسانية والسياسية، والشخصيات العالمية المؤثرة والمشهورة'.
وتشير إلى أن 'ما يميز الحملة العربية عن نظيرتها الإسرائيلية، أنها تحمل حالات إنسانية موثقة، ليس في حق المدنيين فقط، بل في حق كل إنسان عاش الألم حتى ارتقاء روحه'.
ومن المهمات التي نفذتها الحملة، واحدة تحمل الرقم 39، سعى المقاومون الإلكترونيون فيها إلى استهداف صفحات القنوات العربية الأكثر مشاهدة للعمل على نشر رسالة حول استشهاد صحافي كان يقوم بعمله، مرفقة بالصوت والصورة، مؤكدين أن الصحافي من غزة كان يعمل لكشف حقيقة العدوان الصهيوني، في الوقت الذي تنتهك إسرائيل فيه المواثيق الدولية باستهداف الصحافيين، ليصل عدد الشهداء منهم إلى أكثر من 10.
واستهدفت المهمة التي تحمل الرقم (40) بخمس لغات صفحة القناة العاشرة الإسرائيلية، وصفحة إسرائيل تتكلم بالعربية، إلى جانب صفحة المتحدث العام باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيخاي أدرعي. وتضمّن نص الرسالة: 'حكومتكم تستخف بكم وتخشى من هجرتكم من هول عدد قتلاكم على الجبهة، وهي تظهر لكم القليل القليل مما يحصل لكم من تقتيل. هل تعتقدون أن هذه حياة مشابهة للحياة التي كنتم تعيشونها هناك في موطنكم الأصلي في بلدانكم التي قدمتهم منها؟ عودوا واتركوا لنا أرضنا، نحن لن نتركها، سنبقى فيها إلى آخر صهيوني نقتله أو يهرب. وسنقيم دولتنا الحرة والقدس هي العاصمة ليس غيرها'.
وتؤكد الناشطة غ. ن أن الهدف من الحملة مخاطبة العقول بلغات مختلفة للتمكن من إظهار الحقيقة.
المصدر: صحيفة الحياة