ريتا ابراهيم فريد
بدأ الأمر كأيّ سجال بين سياسيَيْن لبنانيين، ليتحوّل خلال ساعات إلى ساحة معركة، مسرحها &laqascii117o;تويتر". أمس الأوّل، توعّد النائب عن القوّات اللبنانيّة أنطوان زهرا، وزير الخارجيّة جبران باسيل، بأن &laqascii117o;يريه ما يعجب خاطره"، وذلك ردّاً على تشبيه باسيل التمديد بعمليّة السطو على إرادة الناس. المغرّدون على &laqascii117o;تويتر" انضمّوا إلى السجال، فقام أحدهم بالتغريد سائلاً باسيل &laqascii117o;عن شعوره"، بعد تهديد زهرا له. عندها، ردّ الوزير قائلاً في تغريدة: &laqascii117o;خائف على ربطة الخبز يللي معي بالسيارة"، في استعارة لإحدى عبارات الحرب الأهليّة، إذ يقال إنّ زهرا، كان يقف على حاجز البربارة في الشمال يصادر الخبز من العابرين.
لحظات وأنقلب &laqascii117o;تويتر" رأساً على عقب، بعدما راح مغرّدون نشطون على الموقع، يكثّفون التغريد عبر وسم &laqascii117o;كرمال ربطة الخبز". خلال ساعات قليلة، تحوّل الوسم إلى أحد أكثر العبارات تداولاً على موقع التدوينات القصيرة في لبنان أمس، وشارك في النقاش عبره إعلاميّون وصحافيون. ولم يقتصر التغريد عبر الوسم على سجال باسيل وزهرا، بل تشعّب إلى مواضيع أخرى. ووجد مغرّدون كثر في الوسم فرصة للتعبير عن غضبهم من الأوضاع المعيشيّة الصعبة، محمّلين النوّاب مسؤولية ذلك. وكتب أحدهم: &laqascii117o;كانوا يسرقوها من تمّ العالم على الحاجز، صاروا يسرقوها من على كرسي المجلس النيابي"، وغرّد آخر: &laqascii117o;ما جاع فقير إلّا بما متّع به غني، وما جاع لبناني إلا بما متّع به نائب".
عبر الوسم ذاته، استعاد مغرّدون آخرون مشاهد من الحرب، فكانت مشاركة للمذيعة والمراسلة في قناة &laqascii117o;الجديد" كريستين حبيب التي كتبت: &laqascii117o;كرمال ربطة الخبز كانا أمّي وأبي يقفان ثلاث ساعات بالصف قدّام الفرن، تحت القصف، بينما هم كانوا (وما زالوا) أمراء حرب... يوصلهم الخبز بالأطنان". واستخدم المذيع في قناة &laqascii117o;أل بي سي آي" يزبك وهبة الوسم ذاته وغرّد قائلاً: &laqascii117o;يصّر البعض على العودة بنا إلى أيام الحرب، كفانا حروب. تطلّعوا إلى الغد لتأمين لقمة الخبز"، وتابع: &laqascii117o;عبارة واحدة ردّدوها... يا رب أعطنا خبزنا كفاف يومنا".
وبالطبع، لم يفت المغرّدين استخدام الوسم للتذكير بالخلافات الحادّة بين التيّار الوطني الحرّ وحزب القوّات. وانضمّ موقع &laqascii117o;تيّار دوت أورغ" إلى السجال، من خلال نشر أخبار متتابعة عن الحرب المندلعة على &laqascii117o;تويتر"، والترحيب بسخرية باسيل من تاريخ زهرا. لم يتأخّر الردّ على &laqascii117o;الموقع الالكتروني للقوات اللبنانيّة"، من خلال خبر بعنوان: &laqascii117o;نعيق باسيل عبر &laqascii117o;تويتر"". وتضمّن الخبر نفياً لأيّ علاقة بين النائب زهرا وحاجز البربارة، مع إشارة إلى أنّ باسيل كان حينها &laqascii117o;فتى صغيراً مشغولاً ببرامج مهى سلمى"، وأنّ &laqascii117o;معاليه وأبيه وعمه والسليلة لم يكن لديهم يومها ثمن ربطة خبز كي يخافوا عليها، واليوم خبز العالم كلّه لم يعد يكفيهم ليشبعوا"، كما ورد على الموقع. من يقرأ هذا الخبر سيفاجأ بداية بعنوانه، قبل أن تكتمل صدمته بمحتواه. وهنا لا بدّ من التساؤل عما تبقّى من الرقيّ في معالجة الخلافات السياسية، خصوصاً بين أشخاص من المفترض أنهم &laqascii117o;مثقّفون" كونهم يديرون موقعاً إخبارياً، وإن كان تابعاً لجهة حزبيّة.
المفارقة، أنّ محتوى خبر &laqascii117o;موقع القوّات"، لا يختلف كثيراً عن محتوى بعض التغريدات التي فجّرت كمّا من الحقد الدفين بين الطرفين، وصولاً إلى العبارات النابية والشتائم التي نشرها مغرّدون من كافة التوجهات السياسيّة.
في مناسبات سابقة، كان فضاء التغريد في لبنان، مسرحاً لأنواع مختلفة من التحريض الطائفي أو السياسي، كذلك الذي تشهده الشاشات اللبنانيّة، في البرامج الحواريّة السياسيّة. ويبدو أنّ قسماً من اللبنانيين متعطّش دوماً لرمي الشتائم والتهم على مواقع التواصل، حتى لو كان السجال حول الأمر الوحيد الذي يجمع اللبنانيين على اختلاف توجّهاتهم، وهو صعوبة تأمين خبزهم اليومي. الغريب أنّ مزاج &laqascii117o;تويتر" اللبناني متقلّب جداً... تارةً يسود شبه إجماع بين المغرّدين على قضيّة ما، كما حصل مؤخراً في ملفّ اعتداء النائب نقولا فتّوش على الموظّفة منال ضوّ، وطوراً تتحوّل &laqascii117o;الزقزقة" إلى صراخ، مدعّم بكيل من الشتائم والأحقاد.
المصدر: صحيفة السفير