إعلام جديد » الإعلام الجديد يفجّر ثورة في أكسفورد.. هل هو قاطرة غربية للتغيير؟


oxford_300
أكسفورد: ميرزا الخويلدي

تحولت ندوة &laqascii117o;وسائل الإعلام الجديد" التي استضافتها أمس جامعة أكسفورد البريطانية، وتأتي ضمن الدورة الخامسة عشر لمؤسسة عبد العزيز سعود البابطين، إلى محاكمة للعولمة المسؤولة عن استخدام الثورة الرقمية في تغيير المجتمعات.
وكان &laqascii117o;الخوف" من الانفجار المعلوماتي عبر الشبكات، هو المهيمن على أغلب المتحدثين، ففي حين سلط وزير الثقافة الجزائري الضوء قيام المتطرفين الإسلاميين بتوظيف الشبكات لترويج التشدد، وصفت أكاديمية سوريا تعيش في روسيا شبكات التواصل ومعها الإعلام الجديد بأنهم &laqascii117o;فرنكشتاين" صنعته الإدارة الأميركية من أجل الهيمنة.
الغريب أن أكاديمي بريطاني هو الآخر لم يبتعد كثيرًا عن هذه المخاوف، فقد اعتبر أن الغرب ساهم في التدمير الثقافي الذي استهدف العالم العربي بعد احتلال العراق، وأن ذلك مقدمة لتعريض فكرة التعايش بين المكونات للاختلال. وطالب بالحذر من المضمون السردي &laqascii117o;الثوري" عبر الشبكات الذي يمكن أن يقدم صورة خادعة عما يحدث.
في هذه الندوة، تحدث عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة الجزائري، والدكتور أنتوني داوني، وهو أكاديمي وكاتب بريطاني، والدكتورة ثريا الفرّا وهي أكاديمية سورية مقيمة في روسيا، والدكتور جوزيف ميفسود مدير الأكاديمية الدبلوماسية في جامعة ستيرلغ البريطانية، والأستاذ المحاضر، وأدارت الندوة الإعلامية اللبنانية بولا يعقوبيان.
وتحدث في الندوة، وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي مركزًا على دور وسائل التواصل الاجتماعي في عصر ما بعد ظهور موجة الإرهاب، واعتبر أن منظمات التشدد كانت سبّاقة لتوظيف هذه الوسائل في عرض رسالتها، وفي اجتذاب مناصرين لها.
وقال ميهوبي، &laqascii117o;لقد تنامى حجم المواقع المحسوبة على المنظمات المتطرفة في العالم العربي من 28 موقعًا إلكترونيًا في عام 1997، إلى نحو 5000 في عام 2005، لتتضاعف إلى أكثر من 12500 موقع إلكتروني تستخدمها المنظمات المتطرفة في عام 2013"، مضيفًا أن مركزًا متخصصًا للمعلومات في القاهرة، قدّر عدد المواقع التي تروج للتطرف والإرهاب على الشبكة العنكبوتية بنحو 150 ألفا.
ونقل الوزير الجزائري، الذي خاضت بلاده حربًا مريرة ضد الإرهاب في التسعينات من القرن الماضي، عن أحد المتطرفين قوله &laqascii117o;إن نصف المعركة يدور في فضاء الإنترنت".
وفي الجدل بشأن الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي وعلاقته بالحرية، بدا الوزير الجزائري واثقا من أن &laqascii117o;الحرية لها سقفها وحدودها ألا تهدد سلام الآخرين"، معتبرًا أن التصدي للفكر المتطرف من خلال إغلاق نوافذه الرقمية لا يعد امتهانًا لحرية التعبير.
وبرأي وزير الثقافة الجزائري فإن الدول العظمى أدركت أن الاستخدام المفرط للمعلومات عبر الشبكات الإلكترونية سوف يتقلص، كما أن الكثير من هذه القوى تسعى جديًا لاقتحام المجال السيبراني بامتلاك شبكاتها الخاصة، كما هو الحال بالنسبة للصين.
وقال إن فورة الاستخدام لوسائل التواصل في المنطقة العربية والشرق الأوسط بدأت عبر الثورات، حيث ارتبطت الثورة الخضراء في إيران بـ&laqascii117o;تويتر"، والثورة المصرية بالمدونات، والثورة التونسية بـ&laqascii117o;فيسبوك"، مضيفًا أن هناك 54 مليون مستخدم لشبكة &laqascii117o;فيسبوك" من العالم العربي، يمثلون 15 في المائة من حجم عدد المستخدمين.
وفي رده على الأسئلة، قال الوزير ميهوبي، إن ما يميز الثورة الرقمية والإعلام الجديد هو وجود القارئ التفاعلي.
الأكاديمية السورية المقيمة في روسيا ثريا الفرا، شنت هجومًا عنيفًا على الإعلام الجديد، واعتبرته &laqascii117o;فرنكشتاين" خلقته دوائر الاستعمار الغربي لغزو العالم والهيمنة عليه. وقالت: &laqascii117o;هذا المخلوق الفرنكشتاين فُرض علينا من الخارج، وتحديدًا من قبل الإدارة الأميركية التي فرضت على الشعوب الولوج إلى الشبكة المعلوماتية" كشكل آخر للاستعمار الجديد.
وعددت الفرا عددًا من الأسباب التي مكّنت لنجاح الإعلام الجديد، يأتي في مقدمتها ابتعاد الإعلام التقليدي عن هموم الشارع، حيث أصبح متحدثًا باسم الحكومات والنخب السياسية.
وقالت إن جهل الحكومات بحقيقة المخاطر التي تمثلها شبكة الإنترنت وسيل المعلومات المتدفق عبر وسائل التواصل الاجتماعي جعلها &laqascii117o;تقع في أسر هذه الشبكات دون أن تعي مخاطرها المستقبلية".
وقالت إن وسائل الإعلام الجديد تمكنت أن تخلق واقعًا افتراضيًا أدى لتهميش الواقع الحقيقي، &laqascii117o;وهو ما تريده الإدارة الأميركية التي أرادت اختراق المجتمعات".
الأكاديمي والكاتب البريطاني أنتوني داوني، تحدث في ورقته عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في التحكم بمستخدميها، مركزًا حديثه على دور هذه الوسائل في ثورات الربيع العربي، وطفرة ما سماه &laqascii117o;السرد الثوري" عبر الشبكات المعلوماتية.  وقال &laqascii117o;إنه في العالم العربي هناك تباين بين قوة التكنولوجيا والتحولات التي تخلفها على الأطر الاجتماعية".
وفي حديثه عن دور الإعلام الجديد في الثورات العربية، رأى داوني أن هناك حاجة لمعرفة مضمون الخطاب السردي الذي يدب عبر الشبكات من الثورة المصرية حتى الثورة السورية.
وتساءل: &laqascii117o;من يملك ضخ هذه السرديات عبر وسائل التواصل ويوجه الشارع العربي"، وأضاف: &laqascii117o;لقد أصبحنا عرضة للسيل الجارف من المعلومات التي تأتي من مصادر غير معلومة"، وتحدث عن نموذج لما يمكن أن يقع فيه العالم جراء ضخ قصص وأحداث في الشبكة دون التحقق منها، مستشهدًا بحادثة الفتاة السورية المثلية التي أصبحت رائجة في وسائل التواصل الاجتماعي واتهم النظام السوري بقتلها، حتى تبين في يونيو (حزيران) 2011 أنها قصة مختلقة، وأن المدونة، التي ادعي أن امرأة مثلية سورية كانت تكتبها، كانت في الحقيقة خدعة من تأليف رجل أميركي الجنسية يدرس في إحدى جامعات اسكوتلندا.
وطرح داوني فكرة التشارك بين أصحاب المصلحة في وسائل التواصل وشبكات الإعلام الجديد، وقال إن هذه الشبكات تمتلكها شركات عالمية كبرى، وليس فقط حاملي الأسهم، وقال إن أصحاب هذه الشركات يتطلعون باستمرار إلى تنامي أسهمهم، وتأكيد الاعتبار لهذه الشبكات وجعلها شريكًا حيويًا من شأنه أن يجلب الفائدة للمالكين.
في المقابل انتقد داوني انحسار الإنتاج الثقافي العربي داخل شبكات الإنترنت، وتبادل هذا المحتوى الثقافي من خلال وسائل التواصل، وقال: &laqascii117o;لم يكن هناك استثمار في الإنتاج الثقافي، حتى تولد جيل لا يعرف شيئا عن الثقافة ودورها".
والأكاديمي البريطاني، لا يرى أن التهميش الثقافي عفويًا، وهو يتحدث عما يشبه &laqascii117o;المؤامرة"، مستشهدًا بغزو العراق، 2003 حيث فشلت الإدارة الأميركية التي كانت تمتلك سلطة الاحتلال من حماية متحف بغداد التاريخي، معرضة آلاف القطع النفيسة والنادرة للنهب، واعتبر أن ما حدث هناك هو &laqascii117o;إبادة ثقافية" تضاف لاختفاء أو هجرة أو قتل نحو 4 آلاف عالم ومثقف عراقي. وأكد الأكاديمي البريطاني، أنه &laqascii117o;من دون الإرث الثقافي لن يكون لديك مجتمع متجانس وقادر على العيش مع بعضه البعض".
وهو يرى أن الغرب ساهم في هذه الكارثة الثقافية، وقال: &laqascii117o;هل تعلمون أنه أمام كل تحفة فنية أو أثرية يدمرها (داعش) أمام الكاميرات، هناك 100 تحفة غيرها يتم تصديرها وبيعها في العالم الغربي، فالغرب متواطئ في هذه الكارثة". وانتهى للقول إن التكنولوجيا المعلوماتية الغربية أثرت تأثيرًا مباشرا وتأثيرها يرتفع ويزيد يومًا بعد يوم لكنها تقدم صورة مخادعة لما يحدث.
أما جوزيف ميفسود، مدير الأكاديمية الدبلوماسية في جامعة سيرلنغ البريطانية، والأستاذ المحاضر، فقد ركز في ورقته على المستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي، وافتتح كلمته بسؤال وجهه للحاضرين، &laqascii117o;من منكم لم يستخدم هذا اليوم أي نوع من وسائل التواصل الاجتماعي"، ليحصل على عدد قليل جدًا من الحاضرين لم يستخدموا تلك الوسائل خلال ساعات من بداية يومهم، معتبرًا أن ذلك هو دليل حيوي على دور وسائل التواصل وسطوتها.
وقال إن الإعلام الجديد، أو وسائل التواصل الرقمية تمّكنت من التغلب على حاجز الزمان والمكان، كما تمكنت من اختزال المسافات بين الشعوب، وألغت الفروقات الجغرافية والمكانية والثقافية واللغوية والدينية بين الناس، وأصبحت تؤثر في أحداث تقع خارج نطاقها المكاني، وتغلبت كذلك على الأطر التقليدية للتحكم والسيطرة. ورأى أن التطور السريع في وسائل التواصل الاجتماعي تواكب مع ظاهرة العولمة، وبالتالي أصبحت تلك الوسائل سبيلاً لتحقيق غايات العولمة.
وهو يعتبر أن &laqascii117o;العولمة" تجمع يمكنها أن تجمع التنوع الثقافي، لكنها أيضا تخترق المجتمعات وتؤثر في الطريقة التي تعيش فيها. وقال: &laqascii117o;العولمة تمثل التجانس الثقافي ونقل الثقافة بصورة سريعة". وقال إن &laqascii117o;الرقمنة" هي صفة الإعلام الجديد، وبالتالي يمكن تسييل كمية هائلة من المعلومات من خلال الشبكة، ويمكن كذلك دمج المحتوى الرقمي ليصبح مشحونًا بالميديا مما يضاعف من تأثيره، ويمتاز بسهولة مشاركته. وكذلك فإن تعدد شبكات التواصل يساهم في تدوير المعلومات بشكل أسرع. وقال إن &laqascii117o;البعض يجادل بأن وسائل التواصل يمكنها أن تمثل القاطرة التي تحرك كل شيء في المستقبل، لكن علينا أن نفكر كيف نعمل وكيف يمكن أن تساعدنا تلك الوسائل للوصول لمجتمع جديد".
الدكتورة ابتهال الخطيب، من الكويت، تساءلت هل يمكن لهذا السرد الرقمي أن يوحد العالم أم يساهم في تفرقه؟، فرد الأكاديمي والكاتب البريطاني أنتوني داوني، بالتأكيد مرة أخرى على أهمية الحذر تجاه ما يضخ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقال &laqascii117o;علينا أن نكون حذرين في التعامل مع هذا النوع من السرد"، وقال إن العالم العربي لديه طاقة شبابية تتمثل في أن 50 في المائة من أبنائه هم في سن أقل من 25 عامًا وبالتالي يتعين تثقيفهم بشأن الطريقة التي يتم من خلالها استخدام الشبكات.
وحظيت مشاركة الأكاديمية السورية ثريا الفرا بعاصفة اعتراض من المستمعين، معتبرين أنها تمثل منظومة فكرية قديمة تخشى الحداثة، وقال الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي عبد الله يعقوب بشارة في رده عليها، بأن الثورة المعلوماتية نجحت في العالم العربي في كشف الفساد وتعرية الديكتاتورية وخاصة في سوريا، كما أنها رسّخت قيم المواطنة وحقوق الإنسان والمشاركة الشعبية، وساهم الإعلام الجديد في يقظة الشعوب العربية.
كذلك هاجمها وزير الإعلام الكويتي السابق سامي النصف، معتبرًا أن عليها أن تكون &laqascii117o;ممنونة للثورة المعلوماتية التي تساهم في تعزيز حركة الشعب السوري". وقالت الكاتبة السعودية أمل الهزاني في ردها أيضا، إنه إذا كانت وسائل التواصل مجرد مؤامرة أميركية، فكيف أصبح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حساب في شبكة التواصل قبل نظيره الأميركي باراك أوباما، وكيف يمكن تفسير أن الغالبية المطلقة من مستخدمي هذه الشبكات هم من الشباب الأميركيين، فكيف تتآمر الولايات المتحدة على مواطنيها.
المصدر: صحيفة الشرق الاوسط

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد