الموازنة تتدنى.. والفواتير تتراكم.. والموظفون يدفعون الثمن
- صحيفة 'السفير'
فاتن قبيسي
مع تسلم كل وزير جديد حقيبة وزارة الإعلام، يضع &laqascii117o;تلفزيون لبنان" من ضمن أولوياته &laqascii117o;الخطابية"، ويطلق وعوده للنهوض به ودفعه قدما، ليصبح على قائمة المنافسة. فأحد الوزراء مثلا تعهد بتطويره الى مصاف الـ&laqascii117o;سي ان ان"، وآخر وعد بإطلاق خطة لتجديد هيكليته وتطوير موازنته... ولكن مع انتهاء ولاية كل وزير فإنه يترك التركة لسلفه، فيما يبقى التلفزيون الرسمي على حاله.. لا بل إنه في تراجع دائم.
اليوم، وباختصار، يدخل &laqascii117o;تلفزيون لبنان" في حالة غيبوبة. تتعطل معها الإجراءات الإدارية، ويتعثر معها تحضير الدورة البرامجية، التي لا تكاد تجد طريقها الى التنفيذ. فرئيس مجلس الإدارة ابراهيم خوري لا يتواجد في المبنى منذ حوالى شهر لسبب صحي، فيما تتعطل الاجتماعات لتيسير دورة العمل اليومية، وتبقى المعاملات مجمدة، في ظل غياب من يوقّع عليها.
ولكن المشكلة الأساسية هي في الوضع المالي، الذي أوصل الأمور الى حائط مسدود، ففيما كانت المؤسسة بانتظار تحقيق الوعود المتتالية برفع موازنتها، فإذا بها تنخفض من 340 الف دولار الى 220 الف دولار شهريا، منذ حوالى ثلاثة أشهر. وهي لا تكاد تكفي لتأمين رواتب الموظفين البالغ عددهم حوالى مئتي موظف. وقد اتُخذ هذا الإجراء بالعودة الى موازنة العام 2005، علماً أن عدد الموظفين يومها كان لا يتجاوز المئة موظف!
والمفارقة أن هذه الخطوة تأتي بعدما كان وزير الإعلام وليد الداعوق قد وعد بتأمين الإمكانات المادية اللازمة للتلفزيون، خلال حفل تسلم وتسليم الوزارة، في حزيران الماضي، فإذا بالموازنة تنخفض بدل أن ترتفع!
والوضع المادي المتردي يعرّض المؤسسة لنكسات متتالية في الأسابيع الأخيرة. ففي أواخر الشهر الماضي قطعت خطوط الهاتف لمدة 72 ساعة، ولم تعد الحرارة الى الأسلاك الا بعد دفع الفواتير، مما أعاق العمل خلال أيام عدة. واليوم يقول مصدر مقرب من الإدارة لـ&laqascii117o;السفير" إن الخطوط الهاتفية مهددة ايضا بالتوقف في الشهر الجاري، بسبب عدم إمكانية تسديد الفواتير.
غير أن الطامة الكبرى تكمن في عدم تشغيل المولدات الكهربائية منذ حوالى ثلاثة أسابيع، بسبب تراكم فواتير المازوت وعدم إمكانية تسديدها، وتتجاوز قيمتها الإجمالية 75 الف دولار. مما حال دون تسجيل بعض البرامج، مثل &laqascii117o;هلأ دورك"، المهدد اليوم بنفاد حلقاته المسجلة التي تعرض عبر الشاشة، في ظل استمرار صعوبة تسجيل حلقات جديدة.
وتراجع الخدمات ليس معزولاً عن الوضع المادي للموظفين، وبعضهم يشكون لـ&laqascii117o;السفير" تدني أجورهم، في ظل سياسة تقشف تمارس على كل الأصعدة، بما فيها الرواتب، ويشعرون بالقهر والمرارة إذ إنهم &laqascii117o;يعملون باللحم الحي"، حيث إن أجور المقدمين والمعدين والمخرجين توازي أو تقل عن نصف مدخول زملائهم في قنوات أخرى، وهم الذين يعملون في ظل موازانات محدودة جدا لبرامج تحتاج الى فريق عمل متكامل، لا يمكن توفيره.
كل ما سبق يطرح تساؤلاً حول مدى إمكانية صمود البرامج في &laqascii117o;تلفزيون لبنان" اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، من مثل &laqascii117o;اليوم غدا"، &laqascii117o;هلأ دورك"، &laqascii117o;مسا النور".... في ظل تدني الرواتب وتراجع مقومات العمل الى حدها الأدنى.
وانطلاقا مما سبق، يتبين أن الحديث في كل مرة عن نهضة في التلفزيون هو حديث وهمي. فأقله ليس ثمة نية في تعيين رئيس مجلس إدارة للتلفزيون، الخطوة التي يتم تأجيلها منذ عشر سنوات، ليمتد &laqascii117o;عهد" الرئيس الحالي الى 13سنة!
وكان وزير الإعلام السابق طارق متري قد أعلن أن &laqascii117o;التلفزيون كان قد بلغ حالاً تنذر بالانهيار، غير أنه حافظ على الحد الأدنى الذي يسمح له بالتحسن"، وأسف لأن خطة النهوض به التي وضعت في آذار 2009، لم يتم إقرارها في مجلس الوزراء". وبغض النظر عن مدى مسؤوليته في عدم تطور التلفزيون، فإنه قال كلامه في حزيران الماضي، ولكن الوضع ازداد سوءا في الأشهر الأخيرة: فلا خطة للتطوير، ولا رأس جديدا للمؤسسة، وتقليص في الموازنة المالية، وتراكم الفواتير غير المدفوعة...
وهكذا فإن التلفزيون الرسمي الذي كان مدرسة تخرجت منها كفاءات هامة في السبعينيات والثمانينيات، والذي يُعتبر واجهة مؤسسات الدولة في الخارج، يؤكد في لبنان أن الدولة هي رب عمل فاشل، تعجز عن أن يكون لها إعلامها.. وتلفزيونها!