أخبار لبنان » أخيراً... قانون الإعلام الجديد على النّار

- صحيفة 'السفير'
سناء الخوري

ينشغل الإعلام اللبناني والسياسيون بقانون الانتخاب هذه الأيام. في الكواليس، كان حراك من نوع آخر، يدور في الندوة النيابيّة. بهدوء، وبعيداً عن الأعين الفضوليّة، أنجزت 'لجنة الإعلام والاتصالات' اقتراحاً لقانون إعلام جديد، وهو ثمرة عامين من العمل. الاقتراح الذي أنجز يوم الأربعاء الماضي، ينتظر وضع اللمسات الأخيرة عليه في شباط المقبل، ويستند على اقتراح قانون لتعديل قانون المطبوعات قدّمه النائب روبير غانم، واقتراح قانون إعلام عمل عليه النائب غسان مخيبر، وجمعيّة 'مهارات'. هنا إطلالة أولى على قانون انتظره قطاع الإعلام طويلاً.

منذ شهرين، و'السفير' تبحث في أروقة مجلس النوّاب عن مصير اقتراح قانون الإعلام الجديد الموعود. التقى فريق 'صوت وصورة' برئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله أكثر من مرّة خلال تلك الفترة. وفي كلّ مرّة، كان يعدنا بقرب إنجاز النصّ النهائي للاقتراح. في مكتبه في مجلس النوّاب، يفلفش النائب فضل الله أوراق القانون المطبوعة، وفوقها ملاحظات كتبت بخطّ اليد. يخبرنا أنّ العمل على هذا المشروع مستمرّ منذ عامين، وأنّ البحث فيه لم يتوقّف رغم أزمة اللجان النيابيّة الأخيرة. يصف فضل الله اقتراح القانون الجديد بالخطوة الـ'ثوريّة'، و'التشريع العصري'، ويخوض في تفاصيل المواد والفقرات، بحذر، وتحفّظ. يعطينا 'الزبدة'، كما يقول، ويتجنّب الإفصاح عن الديباجة والمواد، 'بانتظار مصادقة اللجنة على الصيغة الأخيرة' ــ سيتمّ ذلك خلال الأيام المقبلة ـ.
يؤكد فضل الله أن المضمون 'جاء متناسباً مع النقاشات التي خاضها النوّاب المعنيون مع نقابتي الصحافة والمحررين، والمجلس الوطني للإعلام، والإعلاميين، وهيئات المجتمع المدني المعنيّة، والمدونين، والمختصّين في هذا الشأن'. ويضيف: 'الاقتراح الجديد نقلة نوعيّة، تواكب التطوّر على المستوى التقني، وستميّز على صعيد الإعلام الالكتروني بين المؤسسات والمواقع ذات الصفة الإخباريّة، وبين المدونات والصفحات الشخصيّة، بمعنى أنّ أحكام القانون ستطال فقط المواقع التي تصرّح عن نفسها كمؤسسات إعلاميّة، ولن تطال حريّة التعبير على المدوّنات'. ومن أبرز الإضافات، إن تمّ إقرارها في الندوة البرلمانيّة، إلغاء عقوبة السجن للصحافيين، وتوسيع صلاحيات 'المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع' لتصير تنفيذيّة، وإنشاء محكمة خاصة بالإعلام المرئي (راجع الملفّ أدناه).
الأكيد أنّ اقتراح القانون الجديد نقلة نوعيّة بالفعل، تطلّبت جهداً ووقتاً طويلين. بانتظار الحصول على النصّ النهائي لاقتراح القانون في الأيام المقبلة، لمناقشته هنا على صفحات 'السفير' مع قانونيين وإعلاميين معنيين، نقدّم للقرّاء والرأي العام هنا، إطلالة أوليّة على التشريع الجديد. في 'زبدة' اقتراح القانون، آمال كثيرة، ومطبات عديدة. ومن تلك المطبات مثلاً، قوننة القطاع الالكتروني، التي تعدّ كالسير فوق مستنقع تماسيح. فمن الصعب حصر آفاق الانترنت الشاسعة والمتحوّلة، في تشريع واحد. فكيف سيتعامل القانون المقترح مع هذه المعضلة؟ السؤال مشروع، لأنّ التجارب الأميركيّة والأوروبيّة في هذا السياق، لم تكن مشجّعة بتاتاً، لناحية التستّر خلف ذريعة حماية الملكيّة الفكريّة، بهدف هدم أسس تناقل المعلومات الحرّ على الشبكة. من ناحية أخرى، حين سألنا النائب حسن فضل الله عن هامش الحريّات في اقتراح القانون الجديد، لمّح إلى أنّ القانون سيمنع التعدّي على الأديان والطوائف، وسيحرص على السلم الأهلي، ويحدّ من نشر المواد الإباحيّة على الشاشة. وهنا بيت القصيد، لأنّ كلّ تلك الأسس العامّة، مطاطة، وتحتمل التأويل والالتباس. فالشيطان يكمن في التفاصيل... والفاصل بين تشريع حريّة التعبير، بما يكفلها ويحميها من التجاوزات، وبين قوننتها بشكل قد يحدّ منها، خيط بسيط. هذا نقاش لا يمكننا استباقه الآن. علينا انتظار النسخة النهائيّة من القانون خلال الأيام المقبلة، ورأي القانونيين بها. في هذه الأثناء، إطلالة أولى على تشريع قد يكون فرصةً ذهبيّة لتنظيم قطاع الإعلام، بعيداً عن الرقابة التقليديّة السياسيّة والدينيّة، من خلال توسيع صلاحيات 'المجلس الوطني للإعلام'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد