أخبار لبنان » ’المنار‘ تضع صحافيين منتقلين من مؤسسة لأخرى’خارج التغطية‘ ولا تستثني نفسها

firashatoascii117m640_640- صحيفة 'النهار'
فاطمة عبدالله

انزلقت الحلقة نحو هذا الاتجاه: ما يربط الصحافي بالمؤسسة الاعلامية التزام 'قضية' وخط سياسي. النموذج كان حاضراً: الصحافي في 'المنار' محمد قازان. وقف وحيداً أمام زملاء لديهم أسبابهم حتى غادروا المؤسسة الأم. ضياء أبو طعام حين أراد الاستشهاد بصحافي 'مثالي' لم يدر ظهره للمؤسسة 'عند أول اتصال'، ضرب المثل بزميل من أهل البيت، قازان. بدا وكأن النية المبطّنة من الحلقة إظهار ولاء صحافيي 'المنار' للمحطة وتوجهاتها.

الإتيان بصحافيين الى الستوديو للحديث عن تجربة انتقالهم من مؤسسة الى أخرى، فكرة جيدة ترضي فضول البعض وتمتحن لسان البعض الآخر. كثر تابعوا حسين خريس ضمن أخبار 'الجديد'، وحين احتضنته الـMTV تساءلوا عن السبب. برنامج عبر 'المنار'، استضاف خريس، الى فراس حاطوم وعلي هاشم. مسار واحد جمع الثلاثة، فباتوا 'خارج التغطية'. معدّ البرنامج ومقدمه ضياء أبو طعام قرر ذلك. لم يعنه كثيراً ان لكل منهم منبراً، وان أحداً لم يُمسِ عاطلاً عن العمل حتى يوضع خارج التغطية.
انهمك في مناداة زملائه بالاستاذ. استاذ فراس، استاذ علي، استاذ حسين، بدت ثقيلة حين سمعتها الأذن، ومتعبة للعين حين وقعت على حرف الألف منتصباً قبل الأسماء. لم يرخِ المشهد الشبابي جواً من الالفة لدى المُشاهد. المسافة التي لا يستطيع المقدّم قهرها تترك شعوراً قوياً بالغربة. كان الأحرى بموضوع الحلقة ألا يطل بربطة عنق وعبسة.
نقطة رابحة تُسجَّل للمقدم حين أوضح ان الهدف تبادل تجربة الصحافيين، لا التصويب على المؤسسات الاعلامية. انطلاقاً من نظرة 'المنار' الى MTV، توجّه الكلام الى حسين خريس: 'لم تنتقل من محطة أرضية الى فضائية، بل من أرضية ذات طابع يساري الى أخرى يمينية'. لم يبخس خريس على 'الجديد' أفضالها، ولكنه حين ظنّ نفسه محشوراً في الزاوية، كشف، ومن دون داعٍ لذلك، ان المحطة عرضت عليه مبلغاً موازياً لعرض الـMTV كي يبقى أحد أفرادها، إن كان العامل المادي سبب المغادرة. هذا الغوص في التفاصيل لا يعني المُشاهد. بدا خريس وكأنه يردّ اعتبار الذات أو يحفظ ماء الوجه، وفي كِلا الاحتمالين، بيّن 'الجديد' مستميتة على مراسل، بصرف النظر عن هويته أو كفايته. الكل يبحث عن صورة خارج كادر حُكم عليه بالظلمة. لفراس حاطوم كامل الحرية بتحديد خياراته. استعمل للصحافي وصف 'موظف'، ووضع نهاية مأسوية لعلاقة السنوات: 'لا أريد البقاء موظفاً حتى يحين وقت أرى فيه ورقة الاستغناء عن خدماتي تنتظرني على المكتب. حتى لو بعد 20 سنة. ارتأيت أخذ القرار بنفسي'. كان ذلك غير مقنع تماماً. وإنما لكل تبريراته.
غريبةٌ المفاهيم حين تتشظى لتصبح على قياسات مختلفة. عاد ضياء أبو طعام الى زميله محمد قازان ليقدّم تعريفاً آخر للحرية. اعتبر 'تمسّك الصحافي بخط المحطة السياسي، والاقتناع بنهج المقاومة، رغم كل الضغوط والتحولات، نوعاً من أنواع الحرية'. قد يكون هذا صحيحاً، فأحدٌ لا يحق له بتّ الأحكام في حريات الآخر. ولكن المُشاهد الذي لا يرى الحرية بكاميرا 'المنار'، لن يلمسها في التزام مراسل الى حدّ التكليف الشرعي بضوابط المؤسسة وسلمها الداخلي.
أمسك بالفكرة وجرّها الى الموضع الذي يشاء. ضياء أبو طعام يتابع التصويب غير المباشر على صحافيين وضعهم 'خارج التغطية': 'تحتضن المؤسسة طالباً جامعياً، تدرّبه، وتصرف عليه، وعند أول اتصال يغادرها ولا يأسف'. اعلامي بخبرة سعيد غريّب وصف كلامه بالمبالغة. حضوره في الفقرة الأخيرة صوّب مساراً تراءى لنا خاطئاً. انتظرنا وجهاً أنثوياً يشاركنا تجربته في الستوديو، فيكسر صورة الحنجرة الجامدة. اتقان أبو طعام مخارج الحروف أثناء قراءة المقدمة والخاتمة لافت، ولكنه ليس كافياً. لا بدّ لحلقات السلسلة من الاكتمال. ولّى الزمن الذي يراقب فيه المُشاهد مجريات التلفزيون بعين واحدة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد