- صحيفة 'السفير'
ملاك خليل
يضمّ فضاء التدوين في لبنان حوالى 400 مدوّنة، منها 20 مدوّنة سياسية. معظم المدونين صحافيون، يجدون في الفضاء الالكتروني مساحةً حرة للتعبير، بعيداً عن الحدود والمعايير التي تفرضها المؤسسات الإعلاميّة. مع اتساع هامش فعاليّة التدوين عربياً بعد الثورات العربيّة، خصوصاً في مصر وتونس، بات السؤال عن دور التدوين اللبناني في التغيير السياسي والاجتماعي ملحاً. فما الذي يؤخر المدونين اللبنانيين عن تشكيل قوّة ضغط فاعلة، في صناعة الرأي العام؟ &laqascii117o;السفير" طرحت السؤال على مجموعة من المدونين، منهم خضر سلامة، صاحب مدونة &laqascii117o;جوعان". برأي سلامة، فإنّ السبب في هامشيّة تأثير معظم المدوّنات اللبنانيّة، انّها مكتوبة بلغات أجنبيّة. يقول سلامة إنّ &laqascii117o;الشعب اللبناني اكتشف مؤخراً السياسة على الانترنت، ولبنان ليس في قلب القضية العربية، وهذا ما يسبب تراجع المدون اللبناني قياساً بزملائه العرب". يتابع مدوّنة &laqascii117o;جوعان" الآلاف، من بينهم 4 آلاف لبناني. ويقول صاحبها إنّه اختار التدوين كفعل احتجاج على الإعلام السياسي والمال السياسي في وسائل الإعلام اللبنانيّة. ويقول سلامة في هذا السياق، إنّ &laqascii117o;المجتمع هو من يحاسب المدون لا الدولة"، على الرغم من انّه استدعي من قبل السلطات اللبنانية للتحقيق في شهر آذار من العام 2012 على خلفية كتابته مقالاً سخر فيه من رئيس الجمهورية بعنوان: &laqascii117o;جمهورية الفساد".
من جهته، يرى المدوّن أحمد ياسين أنّ مدونته &laqascii117o;لبناني" هي &laqascii117o;مساحة للتعبير"، أسسها لعجزه عن الانسجام مع الوسائل الإعلاميّة التقليديّة. بهذا جاء نشاطه التدويني رديفا للعمل الصحافي. ويقول: &laqascii117o;يعيش لبنان اصطفافاً حاداً لا تحيد عنه وسائل الإعلام، لهذا فإنّ مدونته ردّة فعل على العنصرية الطّائفية، والتّمييز العرقي". لا يتفق ياسين مع الرأي القائل إنّ فعاليّة المدونة اللبنانية متأخرة عن نظيراتها المدونات العربية، بل هي متقدّمة بفعل هامش الحرّية المفتوح في لبنان. ويقول إنّه كان للمدونين اللبنانيين تأثير في إقرار بعض القوانين والتشريعات. ويضيف: &laqascii117o;المدونون اللبنانيون عرضة للقمع كغيرهم من المدونين العرب. وقد مررنا بعدّة تجارب مع الأحزاب أو الدولة بأجهزتها الأمنية، لكن لا قانون للإعلام الإلكتروني، فالاستدعاء بالنّسبة لنا ليس إلّا ترهيبا بلا قيمة ما دمنا نلتزم سقف القانون". وينفي ياسين فرضية أن يكون القارئ العربي غير معنيّ بالمدوّنات اللبنانيّة، قائلا: &laqascii117o;إننا نعالج قضايا تتجاوز الحدود اللبنانية، وبفعل ما أحدثته الثّورات العربية من مساحات للتلاقي ولو الافتراضي بين الشباب، زاد عدد متابعينا من الدّول العربية بشكلٍ ملحوظ".
رغم محدوديّة أثرها، إلا أنّ المدونات اللبنانيّة خاضت معارك حامية جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني، في القضايا المطلبيّة، وملفات الحريّات والحقوق، كان أعنفها مؤخراً ما نشرته المدوّنة عبير غطّاس حول مدير &laqascii117o;سبينيس" التنفيذي مايكل رايت، في إطار الخلاف بين إدارة الشركة، والعمال فيها. واستدعيت غطّاس للتحقيق على خلفيّة دعوى قدح وذمّ وشتم وإهانة، رفعتها بحقّها شركة &laqascii117o;سبينيس". تنتقد غطّاس &laqascii117o;عدم وجود قانون في لبنان يحمي المدونين لأن العديد منهم خضع للتحقيق من السلطات اللبنانية، على الرغم من تمتعنا بهامش أوسع من الحرية قياساً بالمدونين العرب". وتضيف انّ &laqascii117o;المدون لديه الحرية باختيار الأسلوب واللغة اللذين يكتب فيهما، لكن بالمقابل، لا يحظى بالحماية التي تؤمنها المؤسسات الصحافيّة للعاملين فيها".