أخبار لبنان » صوت وصورة : حين تقع منظمات حرية الصحافة في فخ المصدر الواحد
صوت وصورة : حين تقع منظمات حرية الصحافة في فخ المصدر الواحد
صحيفة السفيرـ ضحى شمس
عسر هضم ذهني أصابني لدى قراءتي الخبر أسفل الشاشات: كيف يقدم إنسان على قتل أحد عشر فرداً من عائلة واحدة، بسبب خلاف سياسي مع قريب لهم؟ &laqascii117o;هذا هو العراق" قال لي صديق عراقي. وقلت في نفسي: وهل كان اللبنانيون ابان الحرب افضل؟
كاد الأمر ينتهي هنا، حين وردني بيان استنكار منظمة &laqascii117o;مراسلون بلا حدود" لقتل 11 فرداً من &laqascii117o;عائلة الصحافي العراقي اللاجئ في الأردن ضياء الكوّاز". كاي صحافي محترف، فتشت في متن البيان عن مصدر الخبر. إلا أنني لم أقع إلا على موقع &laqascii117o;شبكة اخبار العراق"، وهو الموقع الألكتروني للصحافي الكوّاز شخصياً الذي يعيش &laqascii117o;لاجئاً في الأردن" حسب مراسلون بلا حدود. فتشت عن تأكيد ما من وزارة الداخلية، او مشاهد عيان أو وكالة انباء.. إلا انني لم اجد شيئا. اما النص فكان ما يلي &laqascii117o;(..) ووفقاً &laqascii117o;لشبكة أخبار العراق" (التي يترأسها الكواز)، أقدم مسلّحون مجهولون الساعة السابعة صباح 25 تشرين الثاني 2007 على اقتحام منزل أسرة الصحافي ضياء الكواز في منطقة الشعب شمال شرق بغداد. وأطلقوا النيران على أفراد الأسرة، ما أسفر عن مقتل اثنين من شقيقاته وزوجيهما وسبعة من أطفالهم (تتراوح أعمارهم بين 5 و10 أعوام). إلا أن القاتلين الذين يقدّر عددهم بخمسة لاذوا بالفرار على متن سيارة غير مسجّلة إثر تفجيرهم المنزل..". واضاف البيان &laqascii117o;أما ضياء الكواز فأكّد لمراسلون بلا حدود بأنه تلقى تهديدات هاتفية من أعضاء في ميليشيا بدر (ميليشيا شيعية، هي الجناح المسلّح للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي). ولا بدّ من الإشارة إلى أن الصحافي معروف بانتقاداته العنيفة الموجهة ضد الشخصيات الشيعية الحاكمة والتدخّل الإيراني في الشؤون السياسية العراقية".
استغربت اعتماد البيان على مصدر واحد ومتحيز، كونه ببساطة &laqascii117o;أهل الفقيد". لكن سرعان ما أقنعت نفسي انهم ، اي الزملاء في مكتب باريس، لا شك اجروا اتصالاتهم الضرورية للتأكد على غرار ما يفعلون دائماً بالخبر اللبناني. لكن، بقي جرس الحدس المهني يقرع بشكل خافت. فقلت لأتأكد بطريقتي الخاصة. هكذا، اتصلت بصحافي عراقي صديق مقيم في باريس، وهو اهل للثقة. وسألته: من هو ضياء الكوّاز؟ لم أسرّ بما سمعت منه. فقد قال إنه &laqascii117o;انتهازي من النوع الأسوأ "، وأنه &laqascii117o;عميل معلن للأميركان"، لدرجة انه كان &laqascii117o;الصحافي الوحيد الذي لبى دعوة الاستخبارات الاميركية لحضور اجتماع البحر الميت مؤخراً". قلت في نفسي: ليكن من يكون، فالواجب هو الواجب. وقد تكون الجلجلة الشخصية للناشطين في مجال الدفاع عن الحريات الإعلامية، أن يكونوا مجبرين احياناً الدفاع عن صحافيين يكادون ان يكونوا مسيئين لمهنة الصحافة أكثر من قامعي الحريات أنفسهم. كانت مهمتي واضحة: التنديد بجريمة قصوى ووحشية من هذا النوع مهما كان مرتكبها، لكن هل يحق لي النشر من دون التأكد من مصدر آخر؟
في خضم هذه الحيرة، وصل بيان &laqascii117o;مراسلون بلا حدود " الثاني. وما إن قرأت العنوان &laqascii117o;غضب وارتياح في آن اثر تلقي خبر بقاء عائلة ضياء الكوّاز على قيد الحياة"، حتى انفجرت ضاحكة. فقد اعلنت المنظمة انها علمت &laqascii117o;بكل غضب بعدم صحة أقوال رئيس تحرير شبكة أخبار العراق ضياء الكواز الذي أفاد في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 بأن 11 فرداً من أسرته قد تعرّضوا للاغتيال في بغداد على يد مجهولين. (لاحظوا لم يعودوا من ميليشيا بدر ولا قريبين من إيران) واضاف البيان &laqascii117o;لا شك أننا سررنا لبقاء أعضاء أسرة ضياء الكواز على قيد الحياة سالمين معافين، ولكننا نعجز عن تقبّل موقف الصحافي. فلا يمكننا أن نخفي غضبنا من هذا الخداع الخسيس والخطر في آن، لأنه يحجب واقعاً عايشه عشرات الأفراد من أسر الصحافيين الخاضعين لأعمال عنف تشنها الجماعات المسلّحة في العراق عليهم باستمرار".
ولكن، كيف علمت &laqascii117o;مراسلون بلا حدود" بان الصحافي يكذب؟ يقول البيان &laqascii117o;في 28 تشرين الثاني/نوفمبر ,2007 التقى صحافيون من قناة &laqascii117o;الحرة" (التابعة لوزارة الخارجية الأميركية) أفراداً من أسرة ضياء الكواز في بغداد الذين كذّبوا أقوال الصحافي، معتبرين أنه تصرّف على هذا النحو &laqascii117o;للحصول على المال من الخارج". عندما علمت المنظمة، او باحثوها على الاقل بذلك، قاموا بما كان يفترض بهم القيام به قبل الاستعجال ونشر بيان الاستنكار الاول. اي؟ &laqascii117o;اتصلت مراسلون بلا حدود بضياء الكواز الذي عجز عن تسمية أفراد أسرته المقتولين وقد تملّص من الإجابة على الوقائع التي قابلناه بها. كذلك، لم يعطِ وكالة الصحافة الفرنسية العنوان الصحيح للمنزل العائلي والمكان الذي دفنت الجثث فيه، علماً بأن الموقع الإلكتروني الذي يديره ضياء الكواز أشار إلى تعرّض أسرته لعدة ضغوطات لإنكار الوقائع". أي ان باحث المنظمة قام بما كان عليه القيام به بعد وقوع &laqascii117o;الفاس في الراس" كما يقول المصريون.
لا شك ان الأخطاء تحدث، لكن ان تحدث لعطب في آلية التحقق من المعلومة بالاعتماد على مصدر واحد؟ فهذا خطير. فمن شأن ذلك ضرب مصداقية المنظمة، التي ينتقدها كثيرون لما يسمونه، بأحسن الاحوال، &laqascii117o;حماسها" في الدفاع عن الصحافيين المضطهدين خصوصاً إن كانوا مناهضين لما تميل الى اعتباره &laqascii117o;محور شر" حريات الصحافة: اي الصين، روسيا، سوريا ، إيران وكوبا.
قد يكون هناك، برأينا، بعض التجني في هذا الكلام. إلا ان تصرفا من هذا النوع، وهو لا يحدث للمرة الأولى، لا يساعد بأي حال في دحض تلك الاتهامات.
صحيفة السفيرـ ضحى شمس
عسر هضم ذهني أصابني لدى قراءتي الخبر أسفل الشاشات: كيف يقدم إنسان على قتل أحد عشر فرداً من عائلة واحدة، بسبب خلاف سياسي مع قريب لهم؟ &laqascii117o;هذا هو العراق" قال لي صديق عراقي. وقلت في نفسي: وهل كان اللبنانيون ابان الحرب افضل؟
كاد الأمر ينتهي هنا، حين وردني بيان استنكار منظمة &laqascii117o;مراسلون بلا حدود" لقتل 11 فرداً من &laqascii117o;عائلة الصحافي العراقي اللاجئ في الأردن ضياء الكوّاز". كاي صحافي محترف، فتشت في متن البيان عن مصدر الخبر. إلا أنني لم أقع إلا على موقع &laqascii117o;شبكة اخبار العراق"، وهو الموقع الألكتروني للصحافي الكوّاز شخصياً الذي يعيش &laqascii117o;لاجئاً في الأردن" حسب مراسلون بلا حدود. فتشت عن تأكيد ما من وزارة الداخلية، او مشاهد عيان أو وكالة انباء.. إلا انني لم اجد شيئا. اما النص فكان ما يلي &laqascii117o;(..) ووفقاً &laqascii117o;لشبكة أخبار العراق" (التي يترأسها الكواز)، أقدم مسلّحون مجهولون الساعة السابعة صباح 25 تشرين الثاني 2007 على اقتحام منزل أسرة الصحافي ضياء الكواز في منطقة الشعب شمال شرق بغداد. وأطلقوا النيران على أفراد الأسرة، ما أسفر عن مقتل اثنين من شقيقاته وزوجيهما وسبعة من أطفالهم (تتراوح أعمارهم بين 5 و10 أعوام). إلا أن القاتلين الذين يقدّر عددهم بخمسة لاذوا بالفرار على متن سيارة غير مسجّلة إثر تفجيرهم المنزل..". واضاف البيان &laqascii117o;أما ضياء الكواز فأكّد لمراسلون بلا حدود بأنه تلقى تهديدات هاتفية من أعضاء في ميليشيا بدر (ميليشيا شيعية، هي الجناح المسلّح للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي). ولا بدّ من الإشارة إلى أن الصحافي معروف بانتقاداته العنيفة الموجهة ضد الشخصيات الشيعية الحاكمة والتدخّل الإيراني في الشؤون السياسية العراقية".
استغربت اعتماد البيان على مصدر واحد ومتحيز، كونه ببساطة &laqascii117o;أهل الفقيد". لكن سرعان ما أقنعت نفسي انهم ، اي الزملاء في مكتب باريس، لا شك اجروا اتصالاتهم الضرورية للتأكد على غرار ما يفعلون دائماً بالخبر اللبناني. لكن، بقي جرس الحدس المهني يقرع بشكل خافت. فقلت لأتأكد بطريقتي الخاصة. هكذا، اتصلت بصحافي عراقي صديق مقيم في باريس، وهو اهل للثقة. وسألته: من هو ضياء الكوّاز؟ لم أسرّ بما سمعت منه. فقد قال إنه &laqascii117o;انتهازي من النوع الأسوأ "، وأنه &laqascii117o;عميل معلن للأميركان"، لدرجة انه كان &laqascii117o;الصحافي الوحيد الذي لبى دعوة الاستخبارات الاميركية لحضور اجتماع البحر الميت مؤخراً". قلت في نفسي: ليكن من يكون، فالواجب هو الواجب. وقد تكون الجلجلة الشخصية للناشطين في مجال الدفاع عن الحريات الإعلامية، أن يكونوا مجبرين احياناً الدفاع عن صحافيين يكادون ان يكونوا مسيئين لمهنة الصحافة أكثر من قامعي الحريات أنفسهم. كانت مهمتي واضحة: التنديد بجريمة قصوى ووحشية من هذا النوع مهما كان مرتكبها، لكن هل يحق لي النشر من دون التأكد من مصدر آخر؟
في خضم هذه الحيرة، وصل بيان &laqascii117o;مراسلون بلا حدود " الثاني. وما إن قرأت العنوان &laqascii117o;غضب وارتياح في آن اثر تلقي خبر بقاء عائلة ضياء الكوّاز على قيد الحياة"، حتى انفجرت ضاحكة. فقد اعلنت المنظمة انها علمت &laqascii117o;بكل غضب بعدم صحة أقوال رئيس تحرير شبكة أخبار العراق ضياء الكواز الذي أفاد في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 بأن 11 فرداً من أسرته قد تعرّضوا للاغتيال في بغداد على يد مجهولين. (لاحظوا لم يعودوا من ميليشيا بدر ولا قريبين من إيران) واضاف البيان &laqascii117o;لا شك أننا سررنا لبقاء أعضاء أسرة ضياء الكواز على قيد الحياة سالمين معافين، ولكننا نعجز عن تقبّل موقف الصحافي. فلا يمكننا أن نخفي غضبنا من هذا الخداع الخسيس والخطر في آن، لأنه يحجب واقعاً عايشه عشرات الأفراد من أسر الصحافيين الخاضعين لأعمال عنف تشنها الجماعات المسلّحة في العراق عليهم باستمرار".
ولكن، كيف علمت &laqascii117o;مراسلون بلا حدود" بان الصحافي يكذب؟ يقول البيان &laqascii117o;في 28 تشرين الثاني/نوفمبر ,2007 التقى صحافيون من قناة &laqascii117o;الحرة" (التابعة لوزارة الخارجية الأميركية) أفراداً من أسرة ضياء الكواز في بغداد الذين كذّبوا أقوال الصحافي، معتبرين أنه تصرّف على هذا النحو &laqascii117o;للحصول على المال من الخارج". عندما علمت المنظمة، او باحثوها على الاقل بذلك، قاموا بما كان يفترض بهم القيام به قبل الاستعجال ونشر بيان الاستنكار الاول. اي؟ &laqascii117o;اتصلت مراسلون بلا حدود بضياء الكواز الذي عجز عن تسمية أفراد أسرته المقتولين وقد تملّص من الإجابة على الوقائع التي قابلناه بها. كذلك، لم يعطِ وكالة الصحافة الفرنسية العنوان الصحيح للمنزل العائلي والمكان الذي دفنت الجثث فيه، علماً بأن الموقع الإلكتروني الذي يديره ضياء الكواز أشار إلى تعرّض أسرته لعدة ضغوطات لإنكار الوقائع". أي ان باحث المنظمة قام بما كان عليه القيام به بعد وقوع &laqascii117o;الفاس في الراس" كما يقول المصريون.
لا شك ان الأخطاء تحدث، لكن ان تحدث لعطب في آلية التحقق من المعلومة بالاعتماد على مصدر واحد؟ فهذا خطير. فمن شأن ذلك ضرب مصداقية المنظمة، التي ينتقدها كثيرون لما يسمونه، بأحسن الاحوال، &laqascii117o;حماسها" في الدفاع عن الصحافيين المضطهدين خصوصاً إن كانوا مناهضين لما تميل الى اعتباره &laqascii117o;محور شر" حريات الصحافة: اي الصين، روسيا، سوريا ، إيران وكوبا.
قد يكون هناك، برأينا، بعض التجني في هذا الكلام. إلا ان تصرفا من هذا النوع، وهو لا يحدث للمرة الأولى، لا يساعد بأي حال في دحض تلك الاتهامات.
