أخبار لبنان » رياح الكابلات تُعاكس سفن القنوات اللبنانيّة

سعاد حبقة جبر
قطع أًصحاب الكابلات بثّ &laqascii117o;أل بي سي آي" قبل يومين، وبعدها &laqascii117o;الجديد"، مع تهديد بقطع بثّ قناة &laqascii117o;أن بي أن" أيضاً، والحبل على الجرّار. جاء ذلك بعد إنذار توجّه به المحامي وسيم منصوري إلى الموزّعين، بوكالته عن كافّة المحطّات التلفزيونيّة اللبنانيّة، يحذّرهم من مواصلة بثّها من دون اشتراك قانونيّ. لكنّ قطع بثّ بعض القنوات، لم ينتج عن خشية موزّعي الـ"كايبل" من التبعات القانونيّة، بل كان محاولة &laqascii117o;إثبات وجود" من قبلهم، لتثبيت قدرتهم على خلخلة سكينة المحطات. ذلك ما أزّم المعركة القديمة بين الطرفين، ونقلها من حرب باردة كانت تدور خلال الأشهر الماضية (لا بل السنوات) في الظّل، إلى حرب علنيّة يحاول كلّ طرف أن يستغلّ فيها قوّة سلاحه.
مخالفات للقانون
محصّناً بقانون الملكية الفكرية وقانون إعادة البث، أصدر المحامي وسيم منصوري بوكالته عن كافة المحطات التلفزيونيّة يوم الجمعة الماضي، إعلاناً يحذّر كلّ &laqascii117o;من يبث أو يعيد بثّ برامج قنوات المحطات ويحمّله التبعات القانونية المدنية والجزائية".
يؤكّد منصوري لـ &laqascii117o;السفير" أنّ موزّعي خدمات الـ"كايبل" كانوا قد طلبوا منه إمهالهم بعض الوقت &laqascii117o;للوصول إلى حلّ يرضي الطرفين". وبغضّ النظر عن شرعية أو عدم شرعية عمل موزّعي الدشّ، يقول منصوري إنّ ما يهمّه في الوقت الحالي، هو لفت النظر إلى الأضرار التي يسبّبونها لموكليه. وتلك الأضرار صريحة وناتجة عن مخالفة الموزّعين لقانون الملكيّة الأدبيّة والفنيّة رقم 75/1999 الذي يعاقب بالسجن والغرامة النقدية، &laqascii117o;كلّ من صنع أو استورد بقصد البيع أو التأجير أو عرض للبيع أو التأجير أو كان يحوز بقصد البيع أو التأجير أو باع أو أجر أي جهاز أو آلة مصنعة لالتقاط ـ من دون وجه حق ـ أي إرسال أو بثّ تلفزيوني مخصّص لقسم من الجمهور يدفع اشتراكاً مالياً لاستقبال الإرسال أو البثّ". واستناداً إلى ما سبق، فإنّه &laqascii117o;من حقّ المحطّات اللبنانية المطالبة بمبلغ مادي مقابل البثّ"، وفقاً لمنصوري الذي يدعو الراغبين بالحصول على حقوق البثّ الشرعيّة إلى الاتصال بمكتبه لتوقيع الأوراق القانونيّة المناسبة.
ومساء أمس عقد منصوري مؤتمراً صحافياً، أكّد فيه رفض المحطّات اللبنانية الثماني قطع بثّ قناتي &laqascii117o;أل بي سي آي" و &laqascii117o;الجديد"، وهدّد باتخاذ إجراءات بحقّ أصحاب الكابلات الذين قطعوا البثّ.
طعنة في الظهر
في لبنان ستّ شبكات &laqascii117o;كايبل" رئيسيّة، توزّع خدماتها بواسطة البث الهواىٔي (وايرلس) وهي: &laqascii117o;اتحاد كابلات لبنان" (يو سي ال)، و &laqascii117o;شركة هوم سات"، وشركة &laqascii117o;الكابل فيجن"، و &laqascii117o;ايكونت"، و &laqascii117o;ديجيتاك"، و &laqascii117o;سيتي تي في". على عكس الشبكات الستّ الرئيسيّة تلك، يفتقد عدد كبير من الشبكات إلى صفة الشرعيّة، إما لغياب القوانين الواضحة لتنظيم عملها، أو بسبب حكم الأمر الواقع في بعض المناطق. وحديثاً، تمّ تأسيس تجمّع يمثّل هذه الشبكات مجتمعةً، يعرف باسم &laqascii117o;تجمّع أصحاب شبكات الكابل في لبنان".
ينقل الخبير في هندسة الاتصالات والعضو في التجمّع روجيه أبي راشد لـ &laqascii117o;السفير"، عتب أصحاب الشبكات على القنوات التلفزيونيّة اللبنانيّة. يقول إنّ القنوات طعنتهم في الظهر، &laqascii117o;فقبل أيّام كان أرباب المحطّات، وبينهم العرّاب الروحي للخطّة الإنقاذيّة للقطاع الإعلامي، يطلبون منّا &laqascii117o;بالمونة"، ومن دون أيّ مقابل مادّي، أن ننقل بثّ قنوات &laqascii117o;أل بي سي دراما"، و &laqascii117o;أغاني أغاني" المشكوك في قانونيّة بثّها. واليوم يأتون لمطالبتنا ببدل مادّي لنقل بثّهم، في حين أنّ المحطّات هي التي يجب أن تدفع لنا، لأنّنا نسهّل دخول الإعلانات إلى كلّ بيت".
يبرّر أبي راشد موقف أصحاب الكابلات الرافض لدفع اشتراك بالقول إنّ &laqascii117o;معظم القنوات لديها مرجعية سياسية وتمويل سياسي، وبدفعنا أموالاً للمحطات، نشارك بطريقة غير مباشرة بالترويج لتلك المرجعيّات". وبرأيه، فإنّه &laqascii117o;من غير المنطقي أن تنضم شركة &laqascii117o;تلفزيون لبنان" لهذه الباقة لأن هذه الشركة مملوكة من الدولة اللبنانية ومن حقّ كل مواطن لبناني أن يشاهدها من دون أي مقابل مادي". ويسأل: &laqascii117o;لو فرضنا أنّ الموزّعين توصّلوا إلى اتفاق يقتضي باقتطاع بدل الاشتراك من جيوب المواطنين، كيف سيقنعون المشتركين المقيمين في لبنان بالدفع، بينما يمكن للمقيمين في الخارج مشاهدة القنوات عبر البثّ الفضائي من دون مقابل؟".
على &laqascii117o;الورقة والقلم"
يعود أصل السجال كما صار معروفاً، إلى أزمة اقتصاديّة خانقة، تضرب القطاع الإعلامي، بسبب تراجع عائدات الإعلان، والمنافسة العربيّة الشرسة، وتراجع السوق اللبنانيّة خلال السنوات الخمس الماضية، بالمقارنة مع سوقي مصر والخليج... كلّ ذلك يكبّد القطاع خسائر ماديّة تصل إلى 60 مليون دولار، بحسب الرقم المعلن من قبل القنوات التلفزيونيّة. وفي إطار البحث عن بدائل وحلول لإخراج القنوات من أزمتها، وبعد سلسلة اجتماعات عقدها رؤساء مجلس إدارتها، اتفقت التلفزيونات على خطّة إنقاذيّة من عدّة بنود، أبرزها تنظيم قطاع الـ"كايبل"، والبثّ ضمن باقة مشتركة مدفوعة، ما قد يؤمّن دخلاً إضافيّاً يسدّ عجز القنوات بنحو 24 مليون دولار. يتطلّب ذلك أن يدفع موزّعو الـ &laqascii117o;كايبل" اشتراكاً قيمته 6 آلاف ليرة، عن كلّ مشترك لديهم، تقتطع من بدل الاشتراك الشهري والذي يبلغ قدره 20 ألف ليرة لبنانيّة في معظم المناطق.
يفتح روجيه أبي راشد دفتر حساباته أمام &laqascii117o;السفير"، ويحاول أن يفسّر بالأرقام لماذا لا يستطيع قطاع الكابلات في لبنان، تحمّل مصاريف اقتطاع نسبة من الأرباح لباقة المحطات المحلية. لنفترض أنّه يوزّع خدماته على 300 مشترك، يدفع كلّ واحد منهم 20 ألف ليرة، ذلك يعني أنّ دخل الموزّع هو 6 ملايين ليرة، يدفع منها شهرياً مليوناً ومئتي ألف ليرة مقابل حقوق بثّ باقة &laqascii117o;بي إن"، ومليوناً وثمانمئة ألف ليرة لـ &laqascii117o;إيكونت"، يبقى له 3 ملايين ليرة ليدفع منها مصاريف الكهرباء والمولّد الكهربائي و &laqascii117o;أجرة الشباب"، والأعطال والصيانة وبالتالي لا يتعدّى دخله 700 ألف ليرة لبنانية شهرياً، &laqascii117o;فمن أين سأدفع للمحطات اللبنانية؟"، يسأل أبي راشد.
من جهته، يؤكّد وزير الاتصالات بطرس حرب لـ &laqascii117o;السفير" أنّه لم يصدر حتى الآن أيّ قرار وزاري بشأن تنظيم بدلات اشتراك مقابل تلقّي بثّ القنوات التلفزيونيّة اللبنانيّة. يقول إنّ الإشكالية الأساسية التي تحول دون الوصول إلى حلّ هي أنّ نسبة كبيرة من موزّعي الـ &laqascii117o;كايبل" يعملون من دون صفة قانونيّة، وأيّ قرار يشــملهم، يحــتّم بالدرجة الأولى قوننة وجودهــم، ثمّ التوصّل إلى صيــغة تحفظ حقّ الطرفين، &laqascii117o;مع حرص الوزارة على أن يبقى الإعلام مستمراً لأن هذا القطاع هو من أهمّ أعمدة النظام الديمقراطي".
تغيير التصنيف
حتى الآن، يندرج حديث القنوات اللبنانيّة عن أزمة ماليّة في إطار مبهم، إذ أنّنا لم نعرف الأسباب الحقيقيّة وراء الخسائر المعلنة، ومن هي القنوات التي تتكبّد الجزء الأكبر من العجز المالي والأعباء.
اطلعت &laqascii117o;السفير" على قيود المحطات اللبنانية المسجّلة في بيروت، وتبيّن أنّها لا تقوم بتسجيل محاضر ميزانياتها السنوية بشكل منتظم، ممّا يحول دون معرفة نتائجها الماليّة السنويّة من أرباح وخسائر. مع العلم أنّ العجز المالي المتراكم خاضع لرقابة وزارة الإعلام سنداً للمادة 42 من قانون 382 التي تعطي وزير الإعلام الحقّ بتحويل أيّ محطة تلفزيونيّة إلى محكمة المطبوعات ليصار إلى تعليق بثّها وصولاً إلى إقفالها وفقاً لنسبة عجزها المالي.
ويفرض القانون نفسه على مؤسسات الفئة الأولى أن تبث البرامج المرئية بما فيها الأخبار والبرامج السياسية من دون تشفير. ولكن، إن ارتأت تلك القنوات الآن أن تتلقّى بدلاً مادياً مقابل بثّها، عليها أن تبدّل تصنيفها، وتصبح قنوات مرمّزة، وتخضع بالتالي لقانون البثّ التلفزيوني المرمّز. ولكن، لم يتم الحديث من قبل المحطات عن أي تغيير في نظام البثّ أو التصنيف.
كما أنه من المستغرب انضمام &laqascii117o;تلفزيون لبنان" إلى باقة التلفزيونات اللبنانيّة المدفوعة المرجو تفعيلها، إذ أنّه يخضع لشروط تمويل مختلفة، تدرج ضمن ميزانيّة الحكومة. كما أنّ انتقال القنوات اللبنانيّة كافّة إلى البثّ الرقمي بدءاً من الشهر المقبل، من المفترض أن يمرّ قانونياً عبر أعمدة بثّ &laqascii117o;تلفزيون لبنان"، ما يعطيه فرصة للاستفادة مادياً ومعنوياً، بعيداً عن المنافسة الإعلانيّة بين القنوات الأخرى.
الأزمة إذاً أبعد من رسم اشتراك يفرض على الموزّعين. الأكيد أنّ &laqascii117o;حظر" أصحاب الكابلات لبعض التلفزيونات، يمنحهم عامل قوّة، لأنّه سينعكس سلباً على المداخيل الإعلانيّة للقنوات، ما قد يؤدّي إلى المزيد من التدهور في وضعها. فهل تتراجع القنوات عن موقفها، خشية أن ينقلب السحر على الساحر ويزيد منسوب الخسائر؟ أم أنّها ستكون قادرة على إثبات وجودها بالرغم من مقاطعة موزّعي الكابلات لها؟ أسئلة تبقى مفتوحة، مع نيّة تجمّع أصحاب الكابلات في التصعيد. وسيعقد هؤلاء اجتماعاً طارئاً اليوم، للبحث في كيفيّة مواجهة الأزمة المستجدّة، مع إمكانيّة البحث في فرض بدل ماليّ على القنوات مقابل &laqascii117o;رفع الحظر" عن بثّها.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد