أخبار لبنان » الوزير متري افتتح مؤتمر دور الاعلام في تعزيز التفاهم الاورو-متوسطي

برعاية وحضور وزير الاعلام الدكتور طارق متري، افتتح مساء اليوم في فندق البريستول-الحمراء مؤتمر 'دور الاعلام في تعزيز التفاهم الاورومتوسطي' الذي تنظمه اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو.

بعاصيري
بداية النشيد الوطني اللبناني، ثم ألقت الأمينة العامة للجنة الوطنية لليونيسكو السيدة سلوى السنيورة بعاصيري كلمة قالت فيها:'في عالم التحديات الكبرى التي نعيش اليوم، وفي ظل التحولات المتسارعة التي نشهد، وإزاء المسائل المعقدة التي علينا التعامل معها والتصدي لها، بعد أن استفحلت واستشرت بسبب الافراط والتفريط، في الأمن والسياسة، وفي الاقتصاد والمال، وفي البيئة والثقافة، ترانا نبحث عن التوازن والاتزان في أكثر من مجال وعلى أكثر من صعيد، سيما في إطار القول والكلمة، حيث للكلمة سحرها وسطوتها وفعلها، ففي البدء كانت الكلمة'.
اضافت 'أدركت اليونيسكو حقيقة هذا الأمر منذ بدايات عملها، فإذا بميثاقها التأسيسي ينص على أهمية أن تستخدم وسائط التواصل والتخاطب في ما يعمق التفاهم المتبادل ويعززه، وفي ما يقدم صورة أدق وأكمل حول أنماط حياة الشعوب في ثرائها وتنوعها. فإذا كان للوسائط المختلفة تلك من وظيفة أساس هي نقل المعلومة ونشر المعرفة، فرسالتها الأساس، من منظور اليونسكو التي تشدد على اخلاقيات الاعلام والحفاظ على الكرامة الانسانية، رسالتها الحرص على أن لا تصبح المعلومات التي تنقل، والمعارف التي تنشر، مصدرا لاصباغ صور بعينها حول شعوب بأكملها، أو منفذا لتعميم مقاربة أحادية الجانب حول معتقدات بمجملها، وذلك من طريق الخلط بين الواقع والمتخيل، والحقيقة والتنميط، والقائم والمصطنع، بهدف الوصول الى غايات بذاته، وخدمة لأهواء بعينها.
ولا أظننا إلا مدركين أن لوسائط التخاطب قدرة هائلة على فتح الأبواب الموصدة أمام التواصل البناء، وإمكانات متنوعة لتعبيد الطرق الوعرة أمام الفهم المتبادل، بعد أن اختزلت ثورة الاتصالات المسافات، وأصبح كل منا على قاب قوسين أو أدنى من الآخر المختلف، إذا ما شاء التعرف اليه ومعرفته دون أفكار مسبق وصور منمطة.
هذا في المسافة الافتراضية التي نجحت ثورة الاتصالات في اختزالها، فكيف هو الحال إذا بشأن مسافة واقعية سهلة الاجتياز، والتي نحن بصدد مقاربتها اليوم.
انها تلك المسافة التي تفصل بين ضفتي هبة طبيعية مشتركة هي مياه البحر المتوسط، موزعة الدول الواقعة شمالها وجنوبها الى منطقتين يحكمهما القرب الجغرافي ولكن يعوزهما التقارب الاستراتيجي الارادي'.
وتابعت 'على خلفية كهذه تنظم اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو، وبدعم كريم من منظمة اليونيسكو، مؤتمرها هذا حول دور الاعلام في تعزيز التفاهم الاورو متوسطي.
وكم يسعدني في هذا الاطار، وبإسم اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو-رئيسا وأعضاء وأمانة عامة ـ أن أرحب بكم أجمل ترحيب، وأن اشكر معالي وزير الاعلام على كرم الرعاية، وهذه النخبة المميزة من المؤتمرين على جميل التعاون وحسن التجاوب مع دعوة اللجنة الوطنية للاسهام في معالجة جوانب موضوع المؤتمر، والتطرق الى ما يثيره من اشكاليات متنوعة'.

الوزير متري
ثم ألقى الوزير متري كلمة قال فيها:'يسعدني أن ألبي دعوة السيدة سلوى السنيورة بعاصيري والاونيسكو لافتتاح المؤتمر وأن أقدم لكم امتناني. من جهة إثارة القضايا التي تعني حياتنا الثقافية في هذا البلد، والتي أحيانا يعلو فيه صوت الخناقات التي نسميها سياسة وحينا آخر صراعا بين شريحة.
عن الحديث عن الاعلام، يصعب علي وأنا وزير للاعلام الحديث عما أسميه مفارقة الوفرة، أي أننا نعيش في عصر قد تكثر فيه وتتماثل وسائل الاعلام، لكننا نشهد تعاضدا مع اعلام الرأي على حساب ما يمكن تسميته اعلام المعرفة، وهي مشكلة لبنانية أيضا أكثر مما هي مشكلة في بلدان أخرى كثيرة أورو متوسطية.
اعلام الرأي عندنا هو اعلام الاثارة، اعلام الايحاء، اعلام التهكم، اعلام المبالغة، اعلام ايقاد الغرائز والعداوات وتعبئة الانصار، وهو في اعتقادي اعلام في أدنى سلم المعرفة لأن الرأي هو في أدنى سلم المعرفة. اعلام المعرفة هو الاعلام الذي يساعد الناس على ان يكونوا القناعات في الأنفس، وهو الاعلام الذي يحترم الكل وهو الاعلام الذي يحترمه الناس. ان التفاهم بين اللبنانيين والتفاهم بين الاوروبيين يبدأ من تعزيز اعلام المعرفة وهذه هي ملاحظتي الأولى.
وأما ملاحظتي الثانية فهي أن العلاقة الاورومتوسطية تقوم على التعاون في مجال السياسة والاقتصاد وتقوم على شراكة في القيم، ومن دون الشراكة في القيم ليس للتعاون مسة في الاقتصاد السياسي.
والشراكة في القيم لا تعني تطابقا في اللغة التي نتحدث بها عن تلك القيم المشتركة، وهي تعني احتراما لخصوصياتها, تعني بحثا عما يجمعنا على صعيد الكونيات. نحن في بلاد غالبا ما نتجاهل الخصوصيات لعلنا نسير في طريق كثير المنزلقات, منزلق تجدد الفوارق بين الناس ومنزلق تضخيم تلك الفوارق. تصبح تلك الفوارق عوضا من التقريب مصدرا للتفارق والقبيح.
ملاحظتي الثالثة هي ان الميل الى تبين الفوارق هو ميل شائع عند المهتمين في الشرق والغرب.ان نختزل الغرب الى مجموعة تصورات، وان يختزل الغربيون بلادنا الى مجموعة تصورات اخرى وكأننا كلانا متجانسان يتواجهان ويتعاونان حينا آخر. والحقيقة هي ان البلاد الاوروبية فيها تنوع كبير وان بلادنا العربية فيها تنوع ايضا.من الاعلام نكتشف التنوع لنبني عبارات بين تلك البلاد. فالكلان المتجانسان يتحاربان ويتحابان, ولا حاجة لعبارات وجسور بينهما, اما المجموعتان الحضاريتان المتنوعتان فهما تحتاجان الى جسور تبنى بينهما.
ملاحظتي الرابعة: هي اننا في شؤون العالم العربي والمتوسطي نميل الى اختصار المسافة في السياسة، نميل الى تسييس القضايا التي تقربنا والتي تبعدنا الواحد عن الآخر, ليست كل قضايانا سياسية, القضايا السياسية مهمة, ولكن الثقافة والاجتماع والاقتصاد هي ايضا تصوغ علاقاتنا, واعلامنا لسوء الحظ يميل الى السياسة على حساب قضايا الاجتماع والثقافة والاقتصاد. انا المسؤول عن تلفزيون لبنان احلم بتلفزيون عام يهتم بالموسيقى بالاقتصاد, بالمناطق, بأخبار الناس. معظم تلفزيوناتنا مشغولة بالسياسة, ليس هذا تقليلا للمسائل السياسية بل على العكس من ذلك, اذا ولجنا الى عالم العلاقات السياسية من ابواب الثقافة والاجتماع والاقتصاد نسهم بوضع السياسة في نصابها. البحث عن المصالح المشتركة, عن الخير العام, اكان خيرا عاما محليا او خيرا عاما يتعدى نطاق المحلي.
الملاحظة الاخيرة: اننا في اعلامنا بين العرب مع اوروبا او اوروبا مع العرب, نحتاج لكي نتعاون بالفعل. لا يمكن في العالم المعاصر ان تتحدث عن سواك وكأنه لا يقف الى جانبك ولا يسمعك، ويجب ان يكتب الواحد عن الآخر كأنه يقف امامه ونحتاج لواحدنا للآخر لكي نتحدث الواحد عن الآخر, يؤلمني ان ارى مساعدة اوروبية من هنا ومن هناك ولكن الاوروبيين حين يتحدثون عن بلادنا لا يستعينون بنا، ونحن حين نتحدث عنهم لا نستعين بهم كفاية. هذه هي ملاحظتي عن موضوع اكبر بكثير واكثر المسائل اثرتها واحسب ان اجتماعكم سيتيح فرصة للتعمق في هذه المسائل.

السفير لوران
الكلمة الاخيرة كانت لسفير الاتحاد الاوروبي باتريك لوران, الذي اعتبر 'ان الشراكة الاورو متوسطية لا يجب ان تكون محدودة بالطبقة السياسية، بل يجب ادماج كل طبقات المجتمع فيها'.
وقال 'على الجميع مساعدة الاعلام على القيام بمهامه, بالاضافة الى مساعدته على تعزيز حرية الكلمة والدفاع عنها'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد