أخبار لبنان » اسرائيل: حزب الله خاض حرب تموز بقائد يحظى بمصداقية

محمود زيات
قبل تسع سنوات .. دُوِّن في السجل السياسي والعسكري الصهيوني، ان من افظع الهزائم المدوّية، هي تلك التي وسمها الجيش الاسرائيلي في حروبه ضد لبنان، وان المقاومين اللبنانيين استطاعوا ان يجعلوا من لبنان ساحة وحل يتمرَّغ فيها الاحتلال، كلما اراد ان &laqascii117o;يُلقّن" درسا لحزب الله.
انه زمن الفضائح العسكرية التكتيكية والاستراتيجية التي تُلاحق الاحتلال الاسرائيلي، منذ ترسخت المقاومة اللبنانية وتنامت قدراتها، انه زمن فينوغراد بنظر القادة السياسيين وجنرالات عدوانه على لبنان، قبل تسع سنوات، ومعهم قادة عملياته الحربية الذين غرقوا في ما حملوه من &laqascii117o;الوحل اللبناني" من ازمات نفسية لازمتهم في مضاجعهم.
انه زمن الهزائم ..زمن لم ينته مع انتهاء العدوان في الرابع عشر من آب العام 2006، بل هو مستمر ومعشعش داخل العقل الاسرائيلي، لان من صنع هذا الزمن للاحتلال، ما زال يُمسك بخيوط المعركة المفتوحة، وان تعددت جبهاتها واتسعت جغرافيتهاـ فالذاكرة ما تزال حية، تشهد على يوميات العدوان الذي استمر لثلاثة وثلاثين يوما، حملت، ومنذ يومها الاول علامات انتصار المقاومة على العدوان، ولعل اكثر من عبر عن الهزيمة الاسرائيلية في لبنان، هم الاسرائيليون انفسهم، الذي وضعوا شروطا &laqascii117o;تعجيزية" لوقف العدوان، ومنها اطلاق الاسيرين الاسرائيليين اللذين ساقهما المقاومون من خلف الحدود الى الداخل اللبناني، وتلقين &laqascii117o;حزب الله" درسا لا ينساه(!)، فكان الدرس لجنرالات الحرب والقادة السياسيين في كيان العدو، وقد صدر عن رئيسهم شيمون بيريز خير تعبير عن واقع حال الاسرائيليين بعد الحرب &laqascii117o; انا آسف لان &laqascii117o;حزب الله" تغلّب علينا".
الاسرائيليون توقعوا الهزيمة.. قبل ان تقع
خلال ايام العدوان، لم تحمل الصحف العبرية للاسرائيليين ما &laqascii117o;يبشّرهم" بهزيمة &laqascii117o;حزب الله"، بل حملت كل الانطباعات التي تؤكد ان جيشهم سائر بخطى ثابتة نحو هزيمة مدوّية، وهي انطباعات كانت متواضعة جدا، قياسا الى المشهد الذي رسى عليه العدوان، والتي اتسم بهزيمة موصوفة، اقرّ بها العالم، بعد ان فاخر قادة الاحتلال، وفي اليوم الاول من العدوان، بوضع شروط واهداف للحرب، منها استعادة الهيبة المفقودة للجيش الاسرائيلي، واجبار حزب الله على اطلاق الجنديين الاسرائيليين و&laqascii117o;تصفية" الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وضرب القواعد العسكرية للحزب وتلقينه درسا لا ينساه، وهي اهداف اطاحت بها المقاومة بصمودها غير المتوقع من قبل الداخل اللبناني والخارج ..الذي انتظر واقعا سياسيا في اعقاب &laqascii117o;هزيمة حزب الله".
وتصدرت الصفحات الأولى للصحف العبرية عناوين عن الخسائر البشرية التي تكبدها الجيش الإسرائيلي في المعارك البرية، وخصوصاً مقتل عدد من جنود وحدات النخبة التي عوّلت عليها القيادة العسكرية الصهيونية كثيراً لحسم المعارك. وبحسب معلق الشؤون العسكرية في صحيفة &laqascii117o;هآرتس" أمير أورن، فان الحرب لن تنتهي بحسم عسكري، الجميع يعرف انه في نهاية الامر لن يُرفع علم ابيض في جنوب لبنان، وأن صانعي القرار والقادة العسكريين باتوا يبحثون عن انجاز يحفظ لهم ماء الوجه بعدما &laqascii117o;نشروا توقعات بين الإسرائيليين بأن حزب الله سيُطحن في غضون أيام"، وراحت الكوابيس تدق مضاجع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني التي افصحت عن امنيتها، خارج ميدان القتال، بـ &laqascii117o;رؤية نصرالله ميتاً لأن صورة جثته ستكوي الوعي أكثر من أي صورة لمنصة إطلاق صواريخ مدمرة".
وكتب المعلق في صحيفة &laqascii117o;يديعوت احرونوت" العبرية ناحوم برنياع، نقلاً عن ضابط كبير أنه &laqascii117o;لا يجدر أن ننتظر اعلاماً بيضاء، في أحسن الأحوال سيتم ابعاد حزب الله عن الجنوب وفي نهاية عملية سياسية طويلة قد ينزع سلاحه(!)، وهذا سيناريو متفائل جداً"، وأن ثمة فجوة كبيرة بين توقعات صانعي القرار والجمهور الإسرائيلي، وكلما طالت فترة البقاء في الملاجئ، تعاظمت التوقعات من نتائج الحرب... &laqascii117o;لكن خيبة الأمل والإحباط في الطريق إلينا". اما المعلق يوئيل ماركوس فقال أن &laqascii117o;قصة الحب بين الحكومة والإسرائيليين قد لا تصمد طويلاً... إلى الآن يُظهر حزب الله جرأة مفاجئة، وعلى رغم دعم اميركا والدول الثماني لإسرائيل فإن حزب الله كميليشيا عسكرية لن يُقضى عليه.
في الرابع عشر من آب انتهت الحرب، وبدا قادة الاحتلال يلملمون هزيمتهم، ليعلنوا استعدادهم لمفاوضات &laqascii117o;مع الحكومة اللبنانية" حول تبادل الاسرى تشمل الجنديين الاسرائيليين اللذين اسرهما &laqascii117o;حزب الله"، في اول مؤشر عن تراجعهم عن اهداف العدوان والاستجابة لهدف عملية &laqascii117o;الوعد الصادق"، المتمثل باطلاق سراح الاسرى من السجون الاسرائيلية، وتشمل الاسير اللبناني سمير القنطار. وقبل ان يطالب رئيس وزراء العدو ايهودا اولمرت بان يسلم الجنديان الى الحكومة اللبنانية، كان رئيس هذه الحكومة فؤاد السنيورة يدعو الى اطلاق سراح الاسيرين الاسرائيليين فورا، وان لا علاقة للحكومة اللبنانية بعملية اسرهما، لكن الاسرائيليين وجدوا الوساطة الالمانية جاهزة للتحرك على خط المفاوضات.
العدوان الاسرائيلي على لبنان، قبل تسع سنوات، احتل موقعا متصدرا في مراكز الابحاث والاستراتيجية العسكرية في العالم ، لدراسة اسراره وسيناريوهاته التي اوصلت اسرائيل الى الهزيمة، علما ان اسرارا حيوية لدى &laqascii117o;حزب الله" لم يتم الكشف عنها، حتى بعد انتهاء العدوان، واُعيد الاعتبار الى حروب العصابات كمدرسة قتالية اثبتت جدواها مع الجيوش النظامية، مهما كانت امكانيات وقدرات هذه الجيوش، فالجيش الاسرائيلي صُنف عالميا من الجيوش التي يصعب هزيمتها، وهو تصنيف لن يصلح لمرحلة ما بعد العدوان.
يأسف الاسرائيليون للوضع الذي وصلوا اليه، ويقول احد كبار المحللين العسكريين الصهاينة، لقد كانت قيادتنا السياسية والعسكرية تتخبط في مأزق الحرب والهزائم التي لحقت بجيشنا على يد &laqascii117o;حزب الله"، فيما كان قائدهم (امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله) يواكب كل التفاصيل المتعلقة بمواجهة الحرب الاسرائيلية، ويحضر مع المقاتلين، عبر شاشة يتلو منها وقائع الحرب وسير المعارك، اضافة الى الحرب النفسية التي خاضها نصرالله باتجاه الاسرائيليين، الذين اصبحوا ينتظرون اطلالات نصرالله التلفزيونية ليتبصروا الحقائق التي كان جنرالات الحرب الاسرائيليين يخفونها عنهم. فالحرب عند حزب الله كان يقودها قائد يحظى بالصدقية والاحترام، وهو قبل ان يقدم على عملية &laqascii117o;الوعد الصادق" هيأ كل الظروف والمناخات التي تصنع انتصارا، مهما بلغ حجمه، وبقي ظل هذا القائد حاضرا في الميدان، مستخدما كل مناوراته العسكرية والسياسية والنفسية ، من دون ان تتمكن كل العيون المزروعة في الداخل اللبناني من رصده او التأثير على حركة مجابهة العدوان.
المصدر: صحيفة الديار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد