جهاد نافع
هل تدري الطبقة السياسية اللبنانية وخاصة في الشمال حجم هجرة الشباب من عكار وطرابلس وبقية المناطق الشمالية؟
وهل يشعر السياسيون بحجم المأساة التي تعاني منها الكثير من العائلات الشمالية وخاصة في عكار وطرابلس والمنية والضنية جراء هجرة اولادهم اما للالتحاق بالمنظمات الارهابية ،واما سعيا وراء فرص عمل تؤمن لقمة عيش كريم؟
يعرب احد فاعليات الشمال عن اسفه لما آلت اليه الاوضاع في الشمال وما تعانيه عائلات كثيرة استفقدت اولادها فاذا بهم يتلقون اتصالات هاتفية منهم يعلنون فيها عن انتمائهم لمنظمات ارهابية وانهم هاجروا للجهاد في سوريا او في العراق.. وشبان آخرون هاجروا سعيا للرزق بعد أن سدت في وجوههم سبل العيش الكريم في بلد كثر فيه الاثرياء الذين يستنسبون صرف الاموال يمنة ويسرة دون ان يبادروا الى تأمين فرص عمل او تأسيس مرافق عمل منتجة تشغل الآف الشباب .
يؤكد احد القيادات المحلية الشمالية ان طرابلس وعكار بلغتا مرحلة باتت الهجرة فيها السائدة والشباب يتطلع الى قصد الغرب من البوابة التركية في ظل المحن السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم في لبنان ...
يشير هذا القيادي الى ان معظم الشماليين من طرابلس الى عكار تسود اوساطهم النقمة العارمة على النواب وعلى القوى السياسية التي امسكت بالسلطة منذ عشر سنوات والى اليوم وان هذه النقمة بدأت ترتفع وتيرتها حيث تشهد الساحة الشمالية انقلابا على المفاهيم السياسية التي سادت سنوات واعتقدت ان الحريرية هي المنقذة من &laqascii117o;الضلال" فاذا بهذه الحريرية تنجح في تضليلهم وتمعن في ضلالهم مما ادى الى مزيد من الحرمان والتهميش ووقف النواب ازاء هذه الحالات المزرية مكتوفي الايدي يشكون كما يشكو اي مواطن عادي ...
يكشف هذا القيادي ان عدد المهاجرين من الشمال في الاشهر الاخيرة تجاوز الالف شاب غالبيتهم من طرابلس ومن عكار،ومن بين هؤلاء المهاجرين حوالي 450 شابا التحقوا بالمنظمات الارهابية في داعش والنصرة وتوزعوا ما بين الرقة وجرود القلمون في سوريا والعراق. وان عدد القتلى من بين هولاء الشباب تجاوز الثمانين حتى الآن ممن اعلن عنهم ومنهم من لم يعلن عنه لغاية الآن...
ويعتبر ان هذه الهجرة والالتحاق بالمنظمات الارهابية ظاهرة خطيرة لها انعكاساتها السلبية لاحقا على الساحة الشمالية ووسط العائلات التي فقدت اولادها وابرز هذه الانعكاسات انها تكرس الفكر التكفيري بين العائلات التي تعتنق في ما بعد الاصولية المتشددة ومفاهيم اسلامية منحرفة عن حقيقة الرسالة الاسلامية ومنهجها الوسطي المعتدل،وان هذه المفاهيم الانحرافية تكبر ككرة الثلج تحت عنوان &laqascii117o;الفكر السلفي الجهادي" الذي يتقدم على السلفية العلمية الدعوية ،في ظل غياب المرجعية الاسلامية الرسمية التي تقف عاجزة حيال هذه المفاهيم ،بل وتخشى مواجهتها كي لا تشتبك معها في سجالات دينية لا احد يدري نتائجها خاصة في طرابلس وعكار حيث البيئة الحاضنة للافكار الاسلامية المتشددة التي تعلن حربا شعواء على بقية المناهج والافكار الاسلامية المعتدلة بل وتكفرها وعلى سبيل المثال تكفير الصوفية والاشعرية والاحباش وكل من يتبع مناهج اخرى...
يسأل هذا القيادي : كيف ستواجه المرجعية الدينية الرسمية الغزوة الداعشية التي تتسلل الى الشمال؟وكيف تواجه عوامل جذب الشباب وخطفهم للالتحاق بالمنظمات الارهابية؟ولماذا تقف صامتة ازاء هجرة الشباب وقد انكشفت الاسباب والمسببات التي تستقطب الشباب بحجة العمل في الخارج نتيجة انعدام فرص العمل؟
يرى هذا القيادي ان القيادات السياسية المحلية تتعمد عدم المواجهة لانها تحتاج الى ادوات لمشاريعها والى وقود لمعاركها السياسية وتوظيف هؤلاء الشباب في هذه المعارك وان تأمين فرص عمل لهم سيؤدي الى عجز في قدرات السياسيين على تحريك الساحة خدمة لاجندات خارجية ارتهنوا لها.
ويشير القيادي الى غياب السياسيين الشماليين عن الحراك الشعبي الذي يتوقعه المراقبون ان يتمدد كبقعة الزيت وان السياسيين يخشون جدا من هذا الحراك لان نتائجه ستؤدي الى سحب السجادة الشعبية من تحت اقدام السياسيين وصولا الى انتاج قيادات شابة تمسك بزمام الساحات...
هنا يتوقف القيادي ليوضح ان الشمال محروم من امرين اساسيين :
اولا - من قيادات تغلب المصلحة العامة على الخاصة.
ثانيا - من مشاريع انمائية نتيجة غياب الفعل السياسي منذ سنوات.
ومن نتائج هذا الحرمان هو ما يشهده الشمال حاليا من محاولات تحويله الى مكبات لنفايات لبنان الامر الذي دفع بالشباب الى اعلان الانتفاضة والتمرد وتنظيم الاعتصامات في طرابلس وعكار وتشكيل &laqascii117o;حراس طرابلس وحراس عكار" وتنظيم دوريات في الشوارع لمنع تنفيذ الخطة التي اعلن عنها مؤخرا، واعتبرت انها كشفت عورات السياسيين الذين عجزوا عن مواجهة الخطة ووقفوا صامتين مكتوفي الايدي امامها...
المصدر: صحيفة الديار