فاطمة عبدالله
المعركة بين المحطّتين بدأت منذ ظهر الثلثاء، حين استعارت 'الجديد' من 'أم تي في' مشهد عودة #العسكريين_المخطوفين والظهور الاستعراضي لعناصر 'النصرة' المدججين بالتطرّف والأسلحة، ثم انتقدت انفراد المحطة بالتغطية. ترافَقَ ذلك مع تغريدة لمديرة الأخبار والبرامج السياسية في المحطة مريم البسام، قالت فيها أنّها لم تدرِ يوماً بأنّها درّبت إرهابياً، بل كان الظنّ أنه صحافي، غامزة، كما الظاهر، من قناة خريس الواقف في صفوف الصفقة الأمامية. لم تُمرّر 'أم تي في' تغريدة البسام بإيحاءاتها وحساباتها وتوقيتها الدقيق، فقدّمت تقريراً ردت فيه على البسام بغضب.
'أم تي في' والوجه الآخر
قلم مريم البسام لا يُنزَّه عن وضعيات اللؤم والقسوة والانتقام، ولـ'أم تي في' أن تردّ الاعتبار إلى صحافييها إن تعرّضوا لحملة. أتى الردّ على غير ما يتوقّعه المتابع. فجأة، بدت 'أم تي في' مستعدّة للتخلّي عن اتيكيت التعامل وديبلوماسية الصورة في عيون الآخر. لم تشأ الردّ بمفردات أقلّ من دعوة البسام إلى أن تخرس (نأسف إذ لا يليق بنا تكرار هذه المفردة)، فيما كان يُنتَظر أن تترفّع وترتقي. ليس دفاعاً عن البسام القول إنّ وقوف الإعلامي وسط عناصر إرهابية ملثّمة إشكالية تستدعي النقاش، وثمة دائماً المعترض والمؤيّد ومَن يحسب أنّه جدير بالإدانة ومحاسبة الآخر. لن تكون البسام الأخيرة التي ستُسارع إلى تغريد الموقف، ويُؤخذ على 'أم تي في' مستوى الردّ غير المُتوقَّع.
ردّ مريم البسام
حاولنا حتى صدور المقال التواصل مع 'أم تي في' من أجلّ الردّ على الهفوة المستَغربة، ولم نتلقَّ جواباً. وكنا لنودّ سؤال المحطة عن العصبية والفورة والمستوى، وننتظر متى شاءت التواصل والنقاش. أما مريم البسام، فبدت حذرة. تخبرنا إنّها وكّلت الأمر للقضاء وتحضّر لرفع دعوى. تستغرب كيف تتحوّل تغريدات عبر حسابات شخصية على 'تويتر' إلى حملة تطال المؤسسة. تقول بغضب تحاول امتصاصه: 'أنأى بنفسي عن الردّ على مستويات كهذه. ثم مَن قال إنّ حسين خريس هو المقصود في التغريدة؟ فإن أرادوا الدخول في تفسير النيات، فلهم ذلك. لن أكون أبداً المسؤولة'. نسألها مَن المقصود إذاً، فتفضّل عدم الردّ، وتجيب بأنّها لو قصدت خريس لما خذلتها جرأة تسميته. لم نقتنع.
نعود إلى تقرير 'أم تي في'، فتجد البسّام أنّ الردّ تخطّى كلّ حدّ: 'كيف يمكن تقريراً إخبارياً أن يحمل عنوان 'اخرسْ يا فلان'؟ أيّ المدارس الإعلامية خرّجتهم؟ أنا في صدد رفع دعوى لتحصيل حقوقي المعنوية أمام الناس. وأمام أولادي الذين شاهدوا هذا المستوى. لا أتوجّه إلى ابنتي بالقول 'اخرسي'، فكيف تجرّأوا أمام الجمهور؟'. ترفض أن تكون المعركة مع شخص حسين خريس، وتطالب بدليل إلى أنّ المقصود كان هو طالما أنّها لم تذكر اسماً. تعود إلى تقرير 'أم تي في' عن 'النساء الانتحاريات' وقضية سناء محيدلي، وترى أنّ الأمر استحقّ المتابعة لتضمّنه استفزازاً، ولم تفعل. ثم تشدّد على أنّها أثنت في تغريدات سابقة على أعمال وجدت أنّ المحطة تستحقّ الثناء عليها، كـ'هيدا حكي' بعد تفجيري برج البراجنة. 'أما ما جرى، فلا يمكن السكوت عليه. حرّكتُ الدعوى اليوم، وكلّمتُ المحامية. الجميع في انتظار ما قد تتضمّنه مقدّمة نشرة الأخبار، وكثر طالبوني بردّ الصاع. لستُ ميّالة إلى الردّ في المقدّمة، وقد أكتفي بإعلان رفع الدعوى. أنا والمحطة نتفق على أنّ المستوى هابط ولا مجال لمجاراته في الهبوط'.
ماذا إن طُلب إلى 'الجديد' تغطية صفقة التبادل عوض 'أم تي في'، فهل كانت لترفض أو تنتقد أو تتيح نقد الآخرين لها؟ تجزم بأنّ المحطة ما كانت لتوافق على شروط 'النصرة' ولا يشرّفها ذلك، بل كانت لتسعى إلى طريقة تتيح التغطية من زاوية أكثر حياداً. لا تجد أنّها قد أُحرجَت حين أرسلت يمنى فواز ونوال بري إلى أعزاز، وإنما الفارق في نظرها أنّ مراسليها 'لا يتخرّجون من الشمال السوري برتبة النصرة ولا برتبة صحافيين ميّالين إلى الإرهاب'. نقاطعها للسؤال إن كانت تقصد بهذه التوصيفات حسين خريس. ترفض أن يُؤوَّل كلامها، أو أن ينطبق أي توصيف تتلفّظ به على أحد. نختم بسؤال عن رأيها بخريس اليوم، فتفضّل عدم التعليق، 'أما حسين خريس الماضي، فكان شريك الحبر والدم. لن ننسى أنّه رافق اللحظات الأخيرة للشهيد علي شعبان. عتبي أنّ 'أم تي في' لم تقدّر ما كان يجمعنا. لا اللحظة ولا ما تتضمّنه من معنى'.
المصدر: صحيفة النهار