زينب سرور ... وعاد &laqascii117o;مسلسل التوقيفات".
مرّ وقتٌ طويل مذ سقط أحد المتظاهرين أرضاً. مذ دوّى صوت عربات &laqascii117o;الصّليب الأحمر" في العاصمة. &laqascii117o;أفسحوا لها الطّريق"! مرّت مدّةٌ طويلة مذ تعرّض المتظاهرون للضّرب. مذ تلقّوا &laqascii117o;مزاجيّة" القوى الأمنيّة، ومَن وراءهم. ومرّت فترةٌ طويلة أيضاً مذ التقــطت عدسات الكاميرات دماء. أمس، كان هناك دماء. الكثير من الدّماء.
في الداخل الدافئ كانت الحكومة مجتمِعة. لا نقاط خلافيّة على جدول أعمالها. أصدرت قراراتٍ إجرائيّة، عاديّة، روتينيّة. غاب وزراء &laqascii117o;حزب الله" و &laqascii117o;التيار الوطني الحرّ" عنــها اعتراضاً على عدم وضع ملفّ التّعيينات الأمنيّة على جدول الأعمال.
وفي الخارج الماطر كان الحراك المدني مجتمعاً. صدحت حناجر المتظاهرين بالشّعارات الرّافضة لسياسة &laqascii117o;الزبالة الحكوميّة". الترحيل، المطامر، الحرق، وأشياء أخرى. وبرغم الحشد المسبق لها، لم تتعدَّ أعداد المتظاهرين المئة. بمواجهتهم صنفان: القوى الأمنيّة ومكافحة الشّغب. ظنّ المتظاهرون أنّ البزّات الجديدة لـ &laqascii117o;الشّغب" ستُخفّف من وطأة &laqascii117o;الهوجة"، إلا أنّهم كانوا مخطئين. تلك الأشياء لا تُخفّف من &laqascii117o;الغضب". وحدها الأوامر العليا تفعل ذلك.
هدوء. هدوء. هدوء. وفجأة، بُم! صدام، فاعتقال، فصدام، فهدوء من جديد!
بات هذا التّكتيك مملّاً. تعي القوى الأمنيّة كيف تجري الأمور. تُعطي الثّقة الكاملة للمتظاهرين. &laqascii117o;قفوا هنا! لا تقتربوا منهم"! يصرخ النّقيب. وبعد أقلّ من خمس دقائق يتبدّل خطابه. تراه يُعطي الأوامر ببناء سدّ بشري. بإشهار العصي والهراوات. بمنع التّقدّم نحو &laqascii117o;الأهداف".
في ساحة &laqascii117o;رياض الصّلح" لم يحصل صدام. اقتصر الحضور على &laqascii117o;التّشنّج". على إزاحة العوائق الحديديّة. على &laqascii117o;فشّة الخلق" من خلالها. على قطع الطّريق بها. تلك العوائق الّتي كانت غائبة منذ فترة، عادت إلى الواجهة.
بدأ كلّ شيء عندما قرّرت مجموعة من المتظاهرين الدّخول فجأة إلى مبنى وزارة البيئة في &laqascii117o;اللّعازاريّة". 15 شابّاً دخلوا خلسةً إلى هناك. بحسب بعض النّاشطين، تعرّض الشباب في الدّاخل إلى الضّرب، ليخرجوا بعدها معتقلين، ويُساقوا نحو ثكنة &laqascii117o;الحلو".
هنا بدأ &laqascii117o;الهرج والمرج". لم يقتصر الاعتقال على مَن دخل إلى الوزارة. طالت حملة الاعتقالات شباباً كانوا في الخارج. كل مَن حاول إيقاف العربة الّتي &laqascii117o;ساقت" الشّباب نحو الثّكنة، حصل على نصيبه. إمّا ضرباً وإمّا اعتقالاً. تعدّى عدد الموقوفين الـ18. أمّا عدد مَن تعرّض للضّرب فيصعب إحصاؤه.
رياض الصّلح بقيت مقفلة. الهدف؟ إخراج جميع الموقوفين. &laqascii117o;لن نفعل كما المرّات السّابقة! هؤلاء أُوقفوا من أجل حقوقنا، فلنبقَ هنا من أجل حقّهم بالحرّيّة!"، قالها أحد المتظاهرين بغضب. ليلا أُطلق الموقوفون باستثناء ثلاثة ن. شيّا، ز. حسين، ح. قطيش، الذين أحيلوا إلى المحكمة العسكرية. فيما جرى الحديث عن توقيف ع. حسين، الذي لم يُعرف مكان توقيفه.
أمس، تكرّر سيناريو الأوّل من أيلول. الفوارق بسيطة. لم تتفرّد &laqascii117o;طلعت ريحتكم" في الخطوة. هذه المرّة، شاركتها &laqascii117o;بدنا نحاسب". لم تكن مدّة &laqascii117o;الحبس" في المرفق العام طويلة. أُخلي السّبيل نحو &laqascii117o;السّجن" بسرعة. لم يشعر الموقوفون بالعطش. ساعدهم قصر مدّة المكوث داخل الوزارة والطّقس البارد. لم يطلب المتظاهرون من وزير البيئة الاستقالة. محمّد المشنوق مطالَبٌ فقط بإعادة ملفّ النّفايات إلى أحضانه، &laqascii117o;فهو المسؤول الأوّل عنه".
بالنّسبة للبعض، ما حصل أمس لم يكن مدروساً. سواء على مستوى الخطوات أو دراسة النّتائج. بالنّسبة للبعض الآخر، ثمار الخطوة لن تكون ناضجة. تعدّدت الآراء. أمرٌ طبيعيّ. سواء أكانت الخطوة صبيانيّة أم ناضجة، أمس حصل شيءٌ ما. حجرٌ حرّك سكون البحيرة. ربّما كان مجرّد حصاة. ربّما مجرّد ريحٍ خفيفة. ربّما الخطوات غبيّة ضائعة مُتعبة. وربّما لم يحصل شيء.
الأكيد، أنّ &laqascii117o;لا شرعيّة" الخطوة لا تُلغي شرعيّة الأسئلة. &laqascii117o;لمَ خطّة ترحيل النّفايات سرّيّة؟ لمَ كلفتها باهظة؟ لمَ لا يوجد استدراج للعروض وتلزيم وفق الشّروط"؟ وغيرها.
والأكيد أيضاً، أنّ الموقوفين إذا كانوا، إلى حين قراءة هذه السّطور، رهن التّوقيف، فإنّ ما حصل معهم سيُصبح &laqascii117o;قضيّة" تحوز على فعلٍ وردّ فعل..
المصدر: صحيفة السفير