حسن سلامه
مما لا شك فيه ان اقتراح الرئيس نبيه بري اجراء الانتخابات النيابية وفق قانون جديد او حتى على عكس قانون الستين طالما هناك استحالة للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية تنم عن سعي جدي لاخراج البلاد من الشلل القائم على مستوى مؤسساته الثلاث من رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب الى الحكومة لكن واقع الامور يؤشر الى ان الابواب مقفلة حتى الآن على كل المبادرات لانهاء المأزق القائم.
وتبدو مصادر سياسية مشاركة في الحوار شبه جازمة بان الواقع الحالي مستمر حتى نهاية العام على اقل تقدير، بحيث لن يكون ممكناً انتخاب رئيس للجمهورية او اجراء الانتخابات النيابية، وتعيد المصادر هذا الانسداد في الحلول والمخارج الى العديد من اوجه الازمة:
1ـ اظهرت نقاشات جلسة الحوار اول امس ان هناك اختلافات كبيرة بين اطراف طاولة الحوار حول كيفية مقاربة الحلول والمخارج كالآتي:
أـ ان هناك فريقاً على طاولة الحوار يرفض اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وبالتالي فالخلاف مستمر، ايهما قبل الآخر «البيضة او الدجاجة»، فالمستقبل والكتائب رفضا من داخل طاولة الحوار اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، ومن خارج طاولة الحوار هناك ايضاً القوات اللبنانية التي تعترض على هذا التوجه.
ب ـ هناك من يعترض على اعادة انتاج قانون الستين، وتقول مصادر مسيحية ان التيار الوطني الحر الذي يدعم مبادرة الرئىس بري، الا انه يعترض على اعتماد قانون الستين، وبالتالي فهو لن يقبل باجراء الانتخابات النيابية ما لم يتم ادخال تعديلات على القانون المذكور يسمح بتحسين التمثيل المسيحي بحيث لا يتم انتخاب نصف حصة المسيحيين باصوات المسلمين، في المقابل لا يبدو بحسب المصادر السياسية ان المستقبل مستعد لادخال تعديلات على قانون الستين اذا لم يحصل على ضمانات عبر تركيبة الدوائر تمكنه من الحصول على كتلة وازنة فهو لن يقبل بادخال تعديلات على قانون الدوحة.
ج- لا يوجد اي مؤشر لانتخاب رئيس للجمهورية، فالمواقف الداخلية لم تتغير وليس هناك ما يوحي بامكان تغيير اي من القوى المعنية بخياراته في وقت لا احد خارجياً يعطي اهتماماً للوضع اللبناني، باستثناء الحراك الفرنسي الذي لا يبدو انه سينتج عنه شيئاً وبالتالي فالفراغ الرئاسي مستمر لمزيد من الوقت.
2- ان اجتماعات اللجان النيابية خاصة اجتماع الامس يؤشر الى انسداد الافق امام امكانية توصل اللجان الى توافق على قانون جديد للانتخابات، وبالتالي فاذا ما توافقت طاولة الحوار على الانتخابات النيابية او حتى استمر الواقع الحالي الى موعد انتهاء الولاية الثانية الممددة لمجلس النواب، فالاتجاه حتى الان يشير الى ان البلاد ستذهب حكماً نحو انتخابات نيابية على اساس قانون الستين، والخيار الآخر سيكون ابقاء البلاد من دون مجلس نيابي.
لذلك، فالسؤال الآخر، كيف تبدو اتجاهات الوضع الداخلي في الاشهر المقبلة وهل يمكن اجراء الانتخابات النيابية قبل انتهاء ولاية التمديد الثانية للمجلس؟ وفي اعتقاد المصادر السياسية ان كل شيء يوحي بأن الستاتيكو الحالي يستمر لاشهر عدة انطلاقاً من الآتي:
- اولاً: من المستحيل ان يقر مجلس النواب في دورته العادية التي تنتهي نهاية الشهر الحالي ما يتطلبه اجراء الانتخابات النيابية على اساس قانون الستين وتحديداً عبارة «لمرة واحدة» التي كان اتفق عليها في اجتماع الدوحة، طالما ان جلسة الحوار الجديدة حددت في 21 حزيران المقبل؟
- ثانياً: من غير الممكن فتح دورة استثنائية لمجلس النواب في خلال فصل الصيف وبالتالي فالامور ستبقى تنتظر الدورة العادية في تشرين المقبل.
- ثالثاً: مع بداية تشرين يكون الحراك الدولي في حال من الجمود مع بدء الانتخابات الرئاسية الاميركية بين مرشحي الحزب الديموقراطي والجمهوري، وبالتالي هناك صعوبة كبيرة بالاتفاق على قانون جديد للانتخابات او اجماع كل القوى المعنية على اعتماد قانون الستين، فكثير من الاطراف اللبنانية في الاتجاهات المختلفة - لن تقبل بتقديم تنازلات بل هي ستفضل عندها انتظار ما ستؤول اليه الامور بعد الانتخابات الاميركية.
رابعاً: في احسن الاحوال يجري اشغال القوى الداخلية بما سترفعه من اقتراحات في جلسة الحوار المقبل على ما كان طرحه الرئيس بري في جلسة اول امس بطلبه اجراء انتخابات نيابية قبل انتهاء ولاية المجلس.. وهذا يعني «تعبـئة الوقت الضــائع» بانتظار الدورة العادية للمجلس في تشرين، وحتى ذلك التاريخ «يخلق الله ما لا تعلمون».
في كل الاحوال تقول المصادر السياسية ان اجراء الانتخابات النيابية وفق القانون النافذ اليوم، تعني اعادة انتاج المجلس الجديد على نفس مواصفات وتكشيلة المجلس الحالي، اي ان ذلك سيؤدي الى تبديل اوجه الازمة من خلال اقفال الافق امام احداث تغيير ولو طفيف في تركيبة الطبقة السياسية الحاكمة اليوم.
المصدر: جريدة الديار