لفت وزير الاعلام الدكتور طارق متري الى اننا 'ننطلق من هم مشترك بين الإعلاميين يتصل بتعزيز إحترام أصول المهنة الإعلامية وأخلاقياتها، وقد وضعنا مسودة سيحملها المشاركون في الاجتماع الى وسائل إعلامهم وسيناقشونها ويبعثون الى وزير الإعلام بإقتراحاتهم لتعديلها'. ورأى ان 'أهمية النصوص هي في ان يلتزمها الناس ويستخدموها للتذكير والمساءلة والمحاسبة'. واوضح ان 'هناك دعوة الى تعهد الاقلاع عن استخدام العنف المعنوي والى الاحجام عن توسل اللغة في الاغتيال المعنوي'. واشار الى 'نص قانوني ينظم الاعلام والاعلان الانتخابيين وعلى الجميع احترامه'. ولاحظ ان 'هناك قوانين لا تتلاءم مع واقع المهنة الاعلامية وممارسة الاعلاميين وتحتاج الى تحديث وتطوير'.
عقد عند الساعة الثانية عشرة والنصف بعد ظهر اليوم، في وزارة الإعلام، إجتماع بدعوة من الوزير متري ضم ممثلين لوسائل الإعلام اللبنانية المرئية والمسموعة والمكتوبة للتشاور في فكرة الإتفاق على إعلان مبادىء تكون بمثابة تعهد مشترك من القيمين على وسائل الإعلام.
وحضر اللقاء المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة، نقيبا الصحافة والمحررين الاستاذان محمد البعلبكي وملحم كرم، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، مديرة 'الوكالة الوطنية للاعلام' لور سليمان صعب، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام اللبنانية.
الوزير متري
وقال الوزير متري بعد اللقاء: 'سررت بالمشاركة في إجتماع دعوت إليه مع عدد كبير من الأصدقاء ممن يترأسون أو يديرون أو يمثلون رؤساء ومديري وسائل الإعلام اللبنانية المرئي منها والمسموع والصحافة المكتوبة. وأعتقد ان عددا محدودا من وسائل الإعلام غاب عن هذا الإجتماع، وهم بالطبع معذورون. هذا الإجتماع جاء بناء على دعوة مني للتشاور في فكرة الإتفاق على إعلان مبادىء يكون بمثابة تعهد مشترك من القيمين على وسائل الاعلام. وينطلق هذا الإعلان المشترك من الحرص على حرية وسائل الإعلام وتنوعها، ومن الحرص نفسه على حرية الإعلاميين والإعلاميات، وتنوع آرائهم داخل الوسيلة الإعلامية الواحدة. وفي إعتقادي الحريتان متلازمتان والتنوعان متلازمان'.
أضاف: 'ننطلق أيضا من هم مشترك ليس هما عندي كوزير للاعلام بل هم بين الإعلاميين. وأعتقد يشاركنا فيه الكثير من المواطنين وهو الهم المتصل بتعزيز إحترام أصول المهنة الإعلامية وأخلاقياتها'.
وتابع: 'ويشدد الإعلان المقترح على مسؤولية وسائل الإعلام والإعلاميين والإعلاميات الوطنية والمهنية في تعزيز قيم التسامح والحوار، وفي العمل على نبذ العنف المعنوي والكلامي وفي العمل من اجل تعميم لغة في التخاطب بين اللبنانيين تحترم الإختلاف أيا كان من أمر التباينات والخصومات فكرية كانت أم سياسية. وفكرة الإعلام هذا تتجاوب مع روح إتفاق الدوحة ونصه، لا سيما في الفقرة التي تشير الى وقف إستخدام لغة التخوين أو التحريض السياسي والمذهبي. وفكرة إعلان المبادىء هي ايضا تمهيد لعمل جاد يهدف الى صوغ شرعة سلوك مهنية يتفق عليها الإعلاميون والإعلاميات. وهناك مجموعة من الهيئات المدنية التي تضم إعلاميين وإعلاميات وعددا من المتخصصين تعمل على صوغ تلك الشرعة. إعلان المبادىء المقترح هو بمثابة تمهيد نحوها'.
وقال: 'في الإجتماع، تناقشنا في الفكرة، الكثيرون قالوا اننا جربنا في الماضي الإتفاق على مواثيق شرف وإن مواثيق الشرف التي وقع عليها غير مرة لم تؤت ثمارا كثيرة. والبعض الآخر قال انها بداية حسنة لكنها بذاتها بالطبع ليست كافية ، وعلينا ان نبني فوق هذه اللبنة لبنات حتى نستطيع أن نحقق بعضا مما رسمنا لأنفسنا من هدف لجهة تعزيز أخلاقيات المهنة وتعزيز إحترام قيم التسامح والحوار وضمان إحترام الحريات. لم تستعمل خلال إجتماعاتنا ولا مرة كلمات مثل قمع وضبط وتوجيه. وزير الإعلام قالها في بداية الإجتماع لا يدعي توجيه أحد ولا يدعي نصح أحد. كان لقاء بين أصدقاء، وضعنا على الطاولة مسودة سيحملها المشاركون الى وسائل إعلامهم وسيناقشونها ويبعثون الى وزير الإعلام إقتراحاتهم لتعديلها. ثم نجتمع مرة ثانية لإقرارها، إن شاء الله، وحين نقرها نتشاور في جملة من الإقتراحات العملية التي تداولناها اليوم، والتي تسهم في متابعة ما إتفقنا عليه، علنا نسهم في ايجاد حالة جديدة غير التي يشهدها بلدنا. فالشكوى كثيرة وهناك مسؤولية مشتركة عندنا جميعا لكي نعزز صدقية العلم ونحسب ان صدقية الإعلام والإعلاميين تتعزز حين يلتزمون مبادىء كالمبادىء المذكورة هنا، وسلوكيات كالسلوكيات التي ستتضمنها الشرعة'.
وردا على سؤال عن كيفية تعاطي وسائل الإعلام مع الإنتخابات قبيل حصولها؟ قال: 'لم يتطرق الحديث الى موضوع الإنتخابات'، معتبرا انه 'بالنسبة الى الانتخابات الأمر أبسط، لكن التطبيق أصعب'.
وقال: 'هناك نص قانوني ينظم الإعلام والإعلان الإنتخابيين وعلى الجميع إحترام النص وهو نص تفصيلي'.
وعن إتخاذ إجراءات معينة في حق الوسيلة التي لا تلتزم هذه الوثيقة، قال: 'لم نتحدث عن إجراءات، ونصوص كهذه لها قيمة معنوية ولا يستخف أحد بالقيمة المعنوية. فإذا تعهد أي شخص الموافقة على نص كهذا وكان هناك من يذكره لاحقا بتعهده ويسائله ويحاسبه أو يلومه لعدم إحترامه تعهده، والناس ترى وتسمع في هذا البلد، فلهذا تأثير معنوي. نحن لسنا في صدد إتخاذ إجراءات في حق أحد، أنا قلت ان كلمات كقمع وضبط وتوجيه لم تكن في المعجم الإصطلاحي لهذا الإجتماع'.
وردا على سؤال عن وجود صيف وشتاء تحت سقف واحد بالنسبة الى تطبيق القوانين على وسائل الإعلام، قال: 'ان وزارة الإعلام والمجلس الوطني للاعلام وجميع الزملاء يعتقدون ان من واجبنا ومسؤولياتنا ونحن الجهة التي تدعو دائما الى تطبيق القوانين، وفي الوقت نفسه، ندرك أن هناك كثيرا من القوانين في حاجة الى تحديث وتطوير، وهناك قوانين لم تعد متلائمة مع واقع المهنة الإعلامية وممارسة الإعلاميين اليوم، لكن الإصرار على تطبيق القوانين والقدرة على فرض تطبيق القانون ربما تكون أقل من الإصرار، لكن أنا سأظل مصرا. ومنذ فترة وجيزة، بالإتفاق مع نقيب الصحافة، وجهت تذكيرا واضحا جدا الى كل وسائل الإعلام التي تخالف القانون، وحددت المواد التي تخالفها، ووجهت رسائل خاصة الى وسائل الإعلام التي لم تطبق القانون، أو لم تدفع متوجباتها للدولة، وأنا جدي جدا في هذا الموضوع، وأعرف ما هي إمكاناتي وإمكانات الدولة اللبنانية ليس فقط وزير الإعلام بل نحن جميعنا نمارس السلطة المعنوية على بعضنا'.
وعن إعطاء وسائل الإعلام فترة لدرس الإعلان، قال: 'ان الفترة التي أعطيت لهم كافية لدرسه، وترك لوزير الإعلام إقتراح موعد للاجتماع'.
وردا على سؤال عن تأثر الوسائل الإعلامية بهذا الإعلان، قال: 'أعتقد شخصيا ذلك، وذلك ممكن ، وفي الماضي كان يتم توقيع ميثاق شرف وينشر في الجرائد ثم ينسى. يجب توقيع نص يحمله أشخاص ليتم التذكير به دائما ويحاسبوا من وقعه ويذكروهم بما إلتزموا، وهذا مختلف عن مجرد توقيع نص لينسى في اليوم التالي. وأنا هنا أميز بين هذا النص والقانون المنظم للانتخابات. وهناك 16 مادة واضحة ويجب ان يطبق كله. مجلس الوزراء في جلسته السبت سيؤلف الهيئة المستقلة المشرفة على الإنتخابات. ولعل مسؤوليتها الرئيسية ستكون تطبيق مواد هذا القانون المتعلقة بالإنفاق الإنتخابي والإعلام والإعلان الإنتخابيين، وهذا عمل الهيئة وهي هيئة مستقلة. ووظيفتنا السعي الى تطبيق القوانين، لكن للهيئة دورا محددا للسهر على تطبيق هذه القوانين، وما نحن في صدده هنا هو أمر آخر يتعلق بالمسؤولية الوطنية والمهنية للاعلاميين في وسائل الإعلام'.
وردا على سؤال عن إختلاف هذه الوثيقة عن باقي الميادين والمواضيع التي طرحت سابقا؟ أجاب: 'هذه أول مرة أعمل على وثيقة من هذا النوع وليس عند تجربة سابقة، وأعتقد ان الفرق باللغة، ووضع اليد على عدد من المشاكل التي يعرفها البلد ويشكو منها الناس والإعلاميون في المقدمة، ربما تختلف عن غيرها بأنها لا تتضمن القدر نفسه من العمومية، لكن ليس هناك نصوص مهمة في ذاتها، بل أهميتها بإلتزام الناس بها وإستعدادهم لجعل النص يتكلم ويصبح فاعلا ومؤثرا وإستخدامه للتذكير والمحاسبة والمساءلة'.
وأضاف: 'انا لمست بعض الإستعداد وبعض الحضور كان يقول، كان ينظر الى هذه التجربة من خبرة سابقة ويقول لندعهم يجربون مرة ثانية، فقد عمل عشرة مواثيق في الماضي فليكن هذا الميثاق الحادي عشر'.
وردا على سؤال عن إمكان وجود إختلاف في تعاطي وسائل الإعلام مع النص؟ أجاب: 'لا شيء يجري بقوة ذاته، والنص والقانون نفسه لا يغير الواقع، بل الناس هم من يغيرون الواقع. فنص كهذا ممكن ان يثير في الناس شيئا ما ويحرك عندهم عاطفة أو يجيب عن حاجة او سؤال، فإذا حرك هذا النص عند الذين سيوقعونه نوعا من الطاقة فهذه الطاقة هي التي ستساهم في التغيير. لكن يجب أن نكون واقعيين ويجب ألا يكون عندنا أوهام عندما نخوض تجربة من هذا النوع، ونص من صفحتين لا يغير الكون ولا يغير لبنان. فمشاكل لبنان اكبر من أن تغيرها نصوص وقوانين وتعهدات. وإتفاق الدوحة دعا الى الكثير، إلتزمه السياسيون أو لم يلتزموا، أو إلتزموا جزئيا، كلنا يعرف ان كل الإتفاقات دائما معرضة لأن لا تحترم كما يجب، لكن هناك رهانا يريد البعض منا أن يأخذه وسنسعى بجدية. المهم في هذا الإجتماع انه لم يحضره فقط ممثلون لوسائل الإعلام بل أيضا شهود قبل أن يكونوا يمثلون هيئات في المجتمع المدني الناشطة، شهود عاقلون يعرفون القصة'.
التمييز بين الرأي والخبر
وردا على سؤال عن تأثير هذا الإعلام على الحد من التأثير على الرأي العام وتجييشه؟ أجاب: 'كلا، فمثلا هناك دعوة الى التمييز بين الرأي والخبر، لأن هناك أحيانا صياغات ملتبسة وإيحاءات غامضة لا تقيم فاصلا بين الرأي والخبر. وهناك لغة مثلا كالتحقير والقدح والذم كلها تعهد الإقلاع عنها، أي تعهد الإقلاع عن إستخدام العنف المعنوي. هناك أشخاص يغتالون بالسلاح وهناك شيء إسمه إغتيال معنوي، وهو يمارس في بلادنا، فالإحجام عن توسل اللغة في الإغتيال المعنوي ايضا التحقق من مصادر الخبر وعدم الإعتماد على مصدر ثانوي وكل من يمارس المهنة الإعلامية يعرف ان هذه البديهيات يجب ان تحترم ، لكن أذا وضعت بوضوح أمامنا ونتعهد إحترامها، لعل ذلك يطلق حركة ديناميكية ويولد طاقة'.