أخبار لبنان » لبنان لا يستوعب أكثر من ربع التلامذة اللاجئين

سعدى علّوه

سبق لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة &laqascii117o;يونيسيف" أن اصدرت بعد سنتين على بدء الحرب في سوريا تقريراً عنونته بـ &laqascii117o;الجيل الضائع". جيل اللجوء ومغادرة الوطن الآمن سوريا، وضحايا العنف الممنهج، والأهم عدم وجود آليات فعالة وكافية لتعليم الأطفال السوريين اللاجئين سواء في لبنان أو الأردن أو تركيا، بما فيه النزوح الداخلي في سوريا نفسها. جيل الأطفال السوريين من عمر خمس سنوات إلى 17 سنة، وهي فترة الدراسة في المدرسة، يشكل نحو 35 في المئة من مجمل أعداد اللاجئين السوريين في لبنان والمنطقة. نحن نتحدث هنا، ووفق آخر أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، عن نحو 420 الف طفل سوري على الأقل يجب أن يكونوا على مقاعد الدراسة. في لبنان وحده حيث يوجد مليون و200 الف لاجئ مسجل في المفوضية. في المقابل تقول التقديرات غير الرسمية بوجود نحو 500 الف لاجئ سوري غير مسجلين في المفوضية مع أطفالهم.
اليوم يخلص القيمون على معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت إلى استنتاج قادت إليه دراسة حول &laqascii117o;الاستجابة للأزمة: تعليم اللاجئين السوريين في لبنان"، إلى أنه &laqascii117o;سيترتب على فقدان تعليم اللاجئين نتائج وخيمة، مثل ارتفاع عمالة الأطفال وزواج الأطفال على المدى القصير، وجيل ضائع وغير قادر على إعادة بناء سوريا على المدى الأبعد".
وتوقفت الدراسة التي أعدتها الباحثات هناء الغالي ونادين غلاييني وغيداء اسماعيل، إلى بعض عوائق التقدم الفعال في تعليم اللاجئين، وعلى رأسه ضعف التنسيق بين وزارات الدولة اللبنانية المعنية بالملف.
يهدف القانون اللبناني رقم 150 الصادر عام 2011 إلى تقديم تعليم مجاني إلزامي في مرحلة التعليم الابتدائي في كل لبنان. لكن تطبيق هذا القانون لا يزال معلقاً بانتظار مراسيم تنفيذية لم تصدر لغاية كتابة هذه الكلمات، وتستدعي تعاوناً بين الوزارات المختلفة. فوفق توزع الصلاحيات، يعتبر الوصول إلى الأطفال المتسربين خارج نطاق عمل وزارة التربية، بل يستدعي مشاركة وزارة الشؤون الاجتماعية. بدورها، وزارة الشؤون مقيدة في صلاحياتها أيضاً وتحديداً في ما يمكن فعله لإعادة الأطفال إلى المدرسة. الأمر هنا يتطلب تدخل وزارتي العدل والداخلية لإرغام العائلات قانونياً على إرسال أطفالها إلى المدارس. في النهاية، وبعد 15 عاماً على سن القانون لم يتم تطبيق التعاون بين الوزارات بعد، ولا وضع المراسيم التنفيذية التي ستحدد دور كل جهة حكومية والتعاون المطلوب منها. أما النتيجة فتتخطى التلامذة اللبنانيين أنفسهم، لتشمل الأطفال السوريين المتسربين من المدارس في لبنان، حيث لا يبقى سوى القليل لفعله للتقدم بتحدي تعليمهم.
وتوثق الدراسة أنه لم يسجل للعام الدراسي 2014/2015، سوى 106،795 لاجئ من أصل 403،000 تم استهدافهم في المدارس. وحتى هؤلاء، على قلتهم نسبة للمستهدفين، واجهوا العديد من المصاعب وخاصة تكلفة التنقل والتأقلم في المدارس ومصاعب في لغة التدريس، خصوصاً الأجنبية وتدريس المواد العملية من الرياضيات إلى العلوم الحياتية باللغة الأجنبية أيضاً وفق المنهاج اللبناني. والأسوأ أنه، ووفق الدراسة أيضاً، يصل معدل التسرب بين التلامذة اللاجئين إلى نحو 70 في المئة، ويعتبر العام الدراسي 2011-2012 مثالاً صارخاً على ذلك.
تنطلق الدراسة من معطى مهم مفاده أن &laqascii117o;المدارس الحكومية اللبنانية ليست معدة لاستقبال التدفق المتزايد من اللاجئين في سن الدراسة. عدا عن أن قطاع التعليم الحكومي، (يستقبل أقل من 30% من مجموع الطلاب اللبنانيين)، يحتاج إلى إصلاحات حتى قبل الأزمة السورية. وبرغم من وضع وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان استراتيجية وطنية لـ &laqascii117o;حصول الأطفال كافة على التعليم في لبنان، بما في ذلك اللاجئين والأطفال اللبنانيين المستضعفين، وبرغم التقدم الحاصل لناحية زيادة عدد الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس الحكومية وفي تحقيق استراتيجية حصول كل الأطفال على التعليم، إلا أن الاستراتيجية، ووفق الدراسة، &laqascii117o;فشلت في الوصول إلى هدفها لأسباب عدة منها نقص التمويل، وضعف التنسيق بين الوكالات الحكومية، والتعاون المحدود مع المنظمات غير الحكومية".
ويلفت معدو الدراسة إلى أن وزارة التربية وقطاع المنظمات غير الحكومية هما الجهتان الأساسيتان اللتان تقدمان الخدمات التعليمية للاجئين في لبنان. وتلزم وزارة التربية جميع المدارس بتسجيل الطلاب السوريين بغض النظر عن وضعهم القانوني. وألغت ايضاً الرسوم المدرسية وتكلفة الكتب، وفرضت الدوام الثاني من أجل استيعاب عدد أكبر من اللاجئين في المدارس الحكومية.
وبرغم ذلك، لم يستوعب القطاع الحكومي أكثر من نحو 25 في المئة (106 آلاف تلميذ لاجئ من اصل 403،000 تم استهدافهم في العام الدراسي 2014/2015)، إضف إلى ذلك الصعوبات التعليمية والتسرب الذي لامس السبعين في المئة من بينهم. ولا يقتصر معدل التسرب من المدارس الحكومية على السوريين فقط. فقد أفيد بأن ثمة أولياء أمور سحبوا أولادهم من القطاع الرسمي لخشيتهم من انحدار مستوى التعليم بسبب تسجيل اللاجئين السوريين في المدارس. كما تسجل الدراسة &laqascii117o;تفاوتاً في مستوى فهم أولياء الأمور وإدارة المدارس للإجراءات &laqascii117o;السليمة" التي فرضتها وزارة التربية على امتداد لبنان، مما سبّب عزوف العديد من اللاجئين عن تسجيل أولادهم وخصوصاً في المدارس الحكومية على امتداد لبنان.
وبرغم تسهيلات لبنان للمنظمات غير الحكومية في تعليم اللاجئين عبر دروس تقوية ودعم وبرامج تعليمية مكثفة ضمن القطاع الحكومي، إلا أن لبنان ما زال يمانع إقامة مدارس خاصة لللاجئين كون وزارة التربية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة شؤون التعليم في البلاد. وعليه، امتنعت الوزارة عن الاعتراف ومنح الشهادات إلى اللاجئين المسجلين في مدارس انشأتها المنظمات، لا بل تسعى إلى إغلاق المدارس غير المرخصة.
 
 المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد