ابراهيم ناصرالدين
&laqascii117o;صدى" معركة حلب يتردد في بيروت، وكذلك"صدى" الانقلاب الفاشل في تركيا، عندما يقول الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن &laqascii117o;مشروع آل سعود سيهزم" وعندما يدعو القيادة السعودية للتراجع عن &laqascii117o;العناد" ليكونوا شركاء و&laqascii117o;بيطلعلكم حصة"، فان الامر يعكس بوضوح اختلال موازين القوى من العراق الى اليمن وسوريا وصولا الى لبنان، واذا كان السيد شفافا في تقديم عرضه العلني للسعودية كي تحجز لها مكانا في منظومة المنطقة الجديدة، فان هذا يعني حتما ان حلفاء المملكة في لبنان مدعوون ايضا كي يحجزوا مكانا على &laqascii117o;الطاولة" قبل فوات الاوان، و&laqascii117o;لسان حال" السيد يقول لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري ان سياق الاحداث لا يخدمك وما يمكن قبوله اليوم من تسويات قد لا يكون متاحا في المقبل من الايام... فماذا انت فاعل؟
هذه الخلاصة لاوساط قيادية في 8آذار، تلفت الى ان الرئيس الحريري يفهم جيدا ما &laqascii117o;لم يقله" السيد نصرالله، ويدرك جيدا صحة ما يبطنه، ولكن المشكلة لا تزال في الرياض وليس فس &laqascii117o;بيت الوسط"، وتولي رئيس تيار المستقبل مهمة &laqascii117o;الصراخ العالي" بوجه السيد نصرالله دفاعا عن السعودية يشير بوضوح الى ان الاخيرة لم تمنحه بعد &laqascii117o;الحظوة" التي فقدها منذ تولي القيادة الجديدة سدة المسؤولية، ويبدو انه يحتاج الى المزيد من &laqascii117o;بيع" المواقف عله يحصل على &laqascii117o;الرضى" المطلوب لعودته وكيلا معتمدا على الساحة اللبنانية.. ولذلك لا يمكن الحديث ان التسوية تمت وسخونة المواقف المتشنجة &laqascii117o;اجهضتها"، لم يكن ثمة رهان جدي على نتائج حاسمة لإنعقاد جلسات الحوار الوطني في الايام الثلاثة المقبلة، الاستحقاق الرئاسي لم يعد الى المربع الاول لانه لم يغادره اصلا، الحريري لم يحصل على موافقة الرياض على رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، وهو لم يحصل في المقابل على اي ضمانات لعودته الى رئاسة الحكومة، ولا افق واضح حول تسوية للقانون الانتخابي... ويبقى الملف الاكثر &laqascii117o;اثارة" هو التعيينات العسكرية التي قد تثير &laqascii117o;عاصفة" سياسية على خلفية &laqascii117o;رئاسية" ايضا، فتعثر الحلول يدفع التيار الوطني الحر الى التشدد اكثر في هذا الملف، رفض التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي خلفيته السعي لازاحة مرشح ومنافس رئاسي قوي خصوصا ان ثمة شعوراً متنامياً في الرابية ان &laqascii117o;حليف الحليف"، الرئيس نبيه بري، &laqascii117o;يلعب" &laqascii117o;ورقة قائد الجيش في السر"، كمرشح تسوية يخرج البلاد من المازق، ومن هنا ثمة سعي دؤوب لاخراجه من &laqascii117o;السباق" عبر احالته للتقاعد... ولذلك اذا ما حصل التمديد في ايلول فستكون الحكومة امام اختبار صعب للغاية...
اما لماذا الحديث عن انقلاب في موازين القوى لصالح محمور المقاومة؟ فتشير تلك الاوساط الى ان الجبهة السورية، وبالتحديد حلب، ليست وحدها ما يعزز &laqascii117o;اوراق القوة" لدى حزب الله، فما حصل في تركيا سيؤدي الى تحولات كبيرة مقبلة لا يمكن التكهن بحدودها، ولا يتوقف الامر فقط على تراجع الدور التركي مرحليا في سوريا نتيجة &laqascii117o;غرق" حزب العدالة والتنمية الحاكم في لملمة اثار الانقلاب الفاشل الذي هز اركان النظام، وانما بفعل تحول السياسة التركية باتجاه توثيق العلاقة مع موسكو وطهران، مقابل شكوك وفتور في العلاقة مع الخليج، واتجاه تصعيدي في العلاقات مع الولايات المتحدة التي اصبحت المتهم الاول في دعم الانقلاب، واذا ما حصلت الاستدارة التركية تكون السعودية قد خسرت &laqascii117o;ورقتها الرابحة" في سوريا، وهي الساحة الاكثر تاثيرا على ميزان القوى في المنطقة، ومن الطبيعي في هذا السياق ان تكون الخلاصة الاولية للحدثين الحلبي والتركي ان حزب الله تقدم بسرعة قياسية على &laqascii117o;خصومه"، وبات ميزان القوى مختلا بما يسمح له التمسك بشروطه للتسوية الداخلية بل والتشدد في التفاوض حولها...
وبحسب تلك الاوساط، فان اهمية الحدث التركي لا ترتبط فقط باظهار التحقيقات المزيد من التفاصيل المثيرة حول وجود دور أميركي في دعم الجنرالات الذين نفذوا محاولة الانقلاب، واذا كان التلميح الاخير الواضح والصريح للرئيس التركي رجب طيب اردوغان لم يرق بعد الى اتهام رسمي لواشنطن، الا ان وسائل الإعلام وكبار الكتاب الصحافيين المقربين من الرئاسة والحكومة التركية وجهوا اتهامات مباشرة لإدارة أوباما بدعم محاولة الانقلاب أو بالحد الأدنى تأييدها. في المقابل تسود اجواء ارتياح في الاوساط السياسية والشعبية التركية حيال الموقف الايراني الذي دعم الشرعية منذ اللحظات الاولى، وبحسب المعلومات فان الاتصال الهاتفي الاول مع اردوغان اجراه قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي قدم دعمه المباشر للرئيس التركي ونصحه بالاسراع في تحريك الشارع التركي لوقف &laqascii117o;زحف" الانقلابيين بعد ان ابلغه اردوغان ان الاوضاع في انقرة جيدة بينما الاوضاع في اسطنبول تسوء... وقد استمر &laqascii117o;الخط الساخن" بين الرجلين لما بعد افشال الانقلاب.
هذا الموقف الايراني المبني على قلق جدي من خلفية الانقلابيين، جاء نتيجة حرص القيادة الايرانية على عدم سقوط تركيا في &laqascii117o;فخ" الفوضى مع ما يحمله ذلك من مخاطر كبيرة على امن ايران، وحتى لو كان الموقف قد اتخذ وفقا للمثل الشعبي &laqascii117o;سيء نعرفه ولا اسوء نتعرف عليه"، فان مسارعة ايران لدعم &laqascii117o;الشرعية" ترك صدى ايجابيا في تركيا وسيترك اثارا ايجاية في المدى القريب على العلاقة بين البلدين، ومن المرجح ان تتوضح الصورة بشكل اوضح بعد زيارة اردوغان لروسيا الاسبوع المقبل... في المقابل تتجه العلاقة التركية ـ الاميركية نحو المزيد من التدهور، فبحسب التقارير الرسمية، فإن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة التركية أظهرت بشكل قطعي أن الانقلابيون زوّدوا المقاتلات التي استخدموها خلال محاولتهم الانقلابية الفاشلة، بالوقود أكثر من 20 مرة، بواسطة 3 طائرات انطلقت من قاعدة &laqascii117o;إنجرليك" الجوية وهي القاعدة التي تتمركز فيها القوات الأمريكية في تركيا، حيث استخدم الانقلابيين 35 طائرة حربية تابعة للقوات المسلحة، بينها 24 هجومية، و37 مروحية... اما الإفادة الاخطر فأدلى بها العقيد في الجيش التركي مراد بولاد المشارك في محاولة الانقلاب أثناء استجوابه، وذكر فيها أن قادة محاولة الانقلاب أبلغوه أن بالإمكان طلب المساعدة من الأميركان لتحديد مكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقال &laqascii117o;إن المجموعة المشاركة في محاولة الانقلاب الفاشلة سعت إلى اختطافه وأنهم استعانوا بالأميركيين من أجل معرفة مكان إقامته... هذه المعلومة اذا ما ثبتت صحتها ستجعل مستقبل العلاقة مع واشنطن صعبة للغاية، وستتجه تركيا نحو تعزيز العلاقة مع &laqascii117o;جيرانها" الذين ابدوا حرصا اكبر على امنها واستقرارها، وهذا سيعيد حساباتها في قراءة المشهد الامني والسياسي في المنطقة...
قراءة المشهد الاقليمي على هذا النحو تدفع الى الاعتقاد بان الملف اللبناني مرشح للمزيد من &laqascii117o;الجمود" بانتظار ان تتبلور المعطيات السياسية والعسكرية في المنطقة. ليس من السهل على السعوديين &laqascii117o;هضم" تقديم التنازلات على الساحة اللبنانية في هذه الظروف الصعبة، ثمة رهان متجدد على الوقت ريثما تمضي الاشهر الثقيلة من عمر ادارة الرئيس باراك اوباما، وتبقى المعضلة الاساسية عدم قدرة حلفاء المملكة اللبنانيين في التاثير على قراراتها التي لا تضع في الحساب الوضع الصعب للرئيس الحريري الذي يفقد الكثير من رصيده السياسي والمالي ويتعرض لاستنزاف يومي يزيد من ضعف موقفه، ولا حل الا &laqascii117o;بالتواضع" والتسليم بالامر الواقع لان الامور ستزداد سوءاً...
المصدر: جريدة الديار