العلامة الشيخ عفيف النابلسي
سؤال نطرحه باستمرار: ما سبيلنا إلى دولة لا نخاف أن تزول مع كلّ استحقاق دستوري؟
ما سبيلنا إلى شعب لا نقلق من اختلاف الرؤى فيه ومن تنوّع الاجتهادات حول قضاياه؟
ما سبيلنا إلى دولة موحّدة وشعب موحد يقوى على التهديدات الخارجية ولا يضعف أمام التنافسات السياسية الداخلية؟
كلّ ما قُدّم من إجابات نظرية لم يُطبق منه إلا الجزء اليسير، وكلّ مَن شارك في همّ الحالة اللبنانية المأزومة باستمرار كان يذهب إلى التسوية الموقتة هرباً من مشكلة أكبر أو ظروف أعقد، لا إلى الحل الجذري. منطق التسويات يمكن أن يكون مقبولاً في حالات معينة وظروف خاصة لا أن يكون منهجاً أبدياً. الركون إلى منطق التسويات يعني إبقاء الباب مفتوحاً على نحو دائم أمام شتى أنواع الأزمات.
اليوم، لا يمكن أن نطلب من أركان السلطة في هذا البلد القيام بثورة إصلاحية وإنجاز حلول جذرية لكلّ أزمة مرتبطة بالدستور، بحيث لا تعود هناك مشكلة في انتخاب رئيس للجمهورية وفي صلاحياته، وفي تشكيل حكومة وصلاحياتها، وفي انتخاب نواب على أساس قانون انتخابي عادل، وهكذا في كلّ شأن يقع خلاف حادّ حوله حال اقتراب استحقاقه.
والسبب أنّ أركان السلطة لا يريدون ولا يرغبون في إصلاحات تقلّص نفوذهم أو تُلغي دورهم في المعادلة الداخلية لصالح قوى صاعدة.
وبالتالي مَن يعوّل على الطبقة الحالية في إنتاج حلول فهو واهم. لا حلول لأزماتنا لا الآن ولا في المستقبل، طالما أنّ النظام السياسي القائم هو ما ينتج أزمات لا حلّ لها حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ. الحالة اللبنانية حالة عجائبية والتوازنات الموجودة داخلها قد تكون الأعقد في بلدان العالم. ما هو ممكن هو العمل على زيادة منسوب الوعي والإرادة لدى اللبنانيين، بحيث يمكنهم الضغط لتحسين شروط العيش والبقاء وليس أكثر من ذلك!
المصدر: جريدة البناء