عمّار نعمة
كان كيوم الحشر أمس في صور.
عشرات الآلاف تقاطروا منذ ساعات الظهيرة الى ساحة القسم. تلك الساحة تحتل حيزها في وجدان &laqascii117o;الصوريين" منذ أن ألقى الإمام موسى الصدر قسم الولاء للوطن وللشعب.
لبست &laqascii117o;مدينة الصدر"، كما يحب الـ &laqascii117o;أمليون" تسمية مدينة صور، حلّتها الخضراء. في الساحة، بين بوابتي صور القديمة غربا، تحديدا سوق فرحات، وساحة السنغال شرقا، تجمعت الحشود حتى غصّت الساحة بهم.
قدمت الحشود التي بلغت عشرات الآلاف، من مختلف بلدات صور، الكبرى منها: قانا وجويا والبازورية والعباسية ومعركة والقليلة، والبلدات الأصغر حجماً كبرج رحال والخرايب والشبريحا وبرج الشمالي وعين بعال ورأس العين وصديقين وصولا الى الناقورة. كما وصلت جماهير &laqascii117o;أملية" من قرى بنت جبيل ومرجعيون وحتى من بلدات صيدا.. كما حضرت جموع من رميش ودبل وعين ابل ويارين فاعتبر كثيرون أن ذلك بمثابة رسالة ذات دلالة على ما تختزنه &laqascii117o;أمل" من تأييد متعدد الطوائف.
يوم امس كان مشهودا، بدت صور منذ الصباح وكأنها في حالة طوارئ.. ضاقت الشوارع بالمتقاطرين إلى المناسبة. تولّت &laqascii117o;حركة أمل" التنظيم، كما الأمن، في ظل شبه غياب للقوى الأمنية. تم ذلك عبر تنظيم بالغ الدقة، دفع بالجماهير إلى تحمل مشقة المشي لمسافات طويلة جدا.. راضين بذلك طمعا بالذكرى.
في المقابل، برز بعض الفوضى في إدارة الذكرى، ولم يكف عدد الكراسي المخصصة للجماهير التي غطت كامل الساحة.
رمزية المناسبة خرجت عن كونها احتفالا باختطاف الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين. إذ عدّها كثيرون ممن شاركوا في المناسبة إثبات &laqascii117o;أمل" قدرتها على الحشد، وهي بذلك توجه رسالة الى الحليف قبل الخصم، أن ما عدّه البعض تراجع شعبية الحركة ربطا بالانتخابات البلدية وتراجع نسبة التصويت، لا يصرف في تصدر &laqascii117o;أمل" القوى في المدينة، وهو أمر ينطبق على الحليف &laqascii117o;حزب الله"، الذي كان من الملاحظ أنه حشد للمناسبة حتى بدت أعلام الحزب بارزة في أماكن مختلفة من الساحة، مثلما بدا واضحا ان الحزب قد اتخذ قراراً بمؤازرة الـ&laqascii117o;أمليين" في الحشد، من دون محاولة منازعة الحركة على المدينة.
في الخلاصة، نجحت &laqascii117o;أمل" في الحشد، وفي التنظيم، حتى انه قد يبدو صعبا عليها الاستمرار في هذا النجاح اذا ما اختارت التحدي في مناطق اخرى في المقبل من السنوات.
الهتافات تنوعت، للصدر و &laqascii117o;أمل"، خصوصا للرئيس نبيه بري الذي قوطع أكثر من مرة خلال إلقائه كلمته. بحّت الحناجر &laqascii117o;بالروح بالدم نفديك يا بري".
لم يخيب رئيس المجلس ظن منتظريه، تنوعت كلمته في الذكرى كما في السياسة والشأن المعيشي.
وجه زعيم &laqascii117o;أمل" رسائل متعددة الأوجه، كانت أبرزها تلك التي بعثها الى العماد ميشال عون من دون أن يسميه، مطالبا إياه بوقف &laqascii117o;الدلع السياسي" واعتقاد انه يملك القرار أو الفيتو عليه. تفاعلت الجماهير مع بري كلما زادت تلميحاته، خصوصا لدى تحذيره من تعطيل المؤسسات ومن إجراء انقلاب في البلاد.
السلة متكاملة هي ما يتمسك به بري، &laqascii117o;فالرئاسة وحدها لا تكفي"، أما حول قانون الانتخاب فالنسبية &laqascii117o;التي توفر الدواء الوحيد لنا".
وكانت لافتة للنظر إشادة بري بالجيش وتخصيصه مؤسسة الأمن العام بتحية، وتأكيده أن الامن يحمي لبنان في ظل غياب السياسة..
وشدد بري على &laqascii117o;الثوابت" في معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وتمسك بالاستراتيجية الدفاعية، مؤكدا ايضا اهمية اللحظة الوطنية لاستخراج النفط والغاز وحماية ثروة لبنان النفطية.
وكان بري قد أكد أن العبور إلى الدولة يستدعي &laqascii117o;وقف الدلع السياسي واعتقاد كل فريق أنه يملك القرار الوطني أو يملك الفيتو"، قائلا: &laqascii117o;لنوقف العبث السياسي وتعطيل المؤسسات ونلتزم الدستور"، محذرا من &laqascii117o;أننا سنواجه ذلك بقوة الناس إذا اقتضى الأمر".
وعبّر بري عن الانحياز إلى الاستحقاق الرئاسي &laqascii117o;ذلك من أولوياتنا لأن الثقة بالدولة مهتزة من دون رئيس، وهذا لا يعني تجريد الدولة من التشريع والقضاء والأمن"، مشددا على &laqascii117o;أن الاستحقاق الرئاسي يحصل في حال التوافق على ما بعد الرئاسة".
وأعلن تمسكه بالحوار الثنائي والوطني &laqascii117o;اللذين أغلقا باب الفتنة"، منبهاً من أنه &laqascii117o;عدا ذلك نعلن فشل الدولة والإفلاس".
ودعا بري إلى صياغة قانون جديد للانتخاب &laqascii117o;إذ لا يجوز الاستمرار في شد لبنان إلى الخلف وإخضاعه لقوانين أكل الدهر عليها وشرب"، موضحا في هذا السياق أن &laqascii117o;النسبية هي الدواء لدائنا الوطني والتي ستنقلنا إلى المواطنية بدل التقوقع". وقال: &laqascii117o;للأسف لبنان يحكمه جدل بيزنطي، ونعيش الردة على الوطن، فالدولة لا تطبق الدستور وتعاقب المرأة انتخابيا وتفرض الجهل على الديموقراطية ولا تترك للمواطنين إلا رمادها".
وشدد بري على أنه لتسهيل تحقيق الأهداف &laqascii117o;يجب إنجاز جملة تفاهمات" ، مشيرا إلى أنه &laqascii117o;في الحوار الأخير، في اليوم الثاني حصل الاتفاق وفي اليوم الثالث، قبل صياح الديك، عدنا إلى الخلف". وقال: &laqascii117o;لا بد من التفاهم على قانون انتخاب وعلى تشكيل الحكومة، ما يتيح لنا انتخاب رئيس حتما ودون ذلك عبثا". أضاف: &laqascii117o;نحاول تحقيق بعض مما ورد في الطائف الذي ندعو إليه واتفقنا عليه نصا وروحا، وأحذر من التمادي بحرق الوقت والمراهنة على الخارج لحل القضايا الوطنية"، لافتا الانتباه إلى أن &laqascii117o;بناء العلاقات بين إيران والسعودية يسهم في إرساء السلام في لبنان وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية".
إلى ذلك، طالب بري بالمضي قدما في ملف النفط، داعيا إلى &laqascii117o;الاستثمار في الجيش وافتتاح اكتتاب مركزي لمصلحة الجيش، ودعوة المغتربين والمصارف للتبرع للجيش، إذ لا يمكننا الاستمرار بالتسول للجيش والقوى الأمنية، وتعريض عقيدة الجيش للضغوط".
كذلك دعا الحكومة إلى &laqascii117o;توليد فرص عمل ووقف استنزاف الموارد البشرية وسفر أبنائنا، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب وإنصاف الموظفين وسائر القطاعات ووقف الهرب إلى الأمام من هذا المسألة، الآن نحن ندفع 80 مليار ليرة غلاء معيشة من دون أي مردود، السلسلة سترد هذه الموارد وتربح الخزينة".
وأوضح أن &laqascii117o;الحفاظ على البيئة في لبنان يتطلب اتخاذ إجراءات لمنع التفجيرات لمصلحة الكسارات وإقفالها بلا استثناء، لا يمكن غض النظر عن جريمة اغتيال الأنهار بدءا من الليطاني وتحويل مجاري الأنهر من عكار الى أبو علي الى الوزاني الى مكبات للنفايات وتحويل المياه المبتذلة لمجاريها"، مشيرا إلى &laqascii117o;أن هناك مراسيم موقعة من وزراء سابقين سمحت بذلك وطلبنا من القضاء التحرك والتحقيق مع من يلزم وعدم السكوت".
وشدد على أنه لا &laqascii117o;يمكننا السكوت على تعطيش القرى والبلدات وحرمان الناس من الماء"، داعيا إلى عمل تعاوني بلدي وحكومي لتنظيف مجرى الأنهر.
وفي قضية الإمام موسى الصدر أكد بري &laqascii117o;أنه لم يثبت لدينا لا في لبنان ولا في ليبيا، لا رسميا ولا غير رسمي، لا علنا ولا سرا أن حياة الصدر ورفيقيه قد انتهت". وقال: &laqascii117o;برغم المزايدات والكلام المر والجارح وعمليات البيع والشراء على حساب قضية الإمام الصدر، إلا أننا نعمل وفق الثوابت ذاتها منذ العام 1978"، مشيرا إلى أن &laqascii117o;الصدر ورفيقيه تعرضوا لأبشع عمليات الاختطاف وحجز الحرية على يد طاغية ليبيا وأعوانه، ذلك المجرم الذي أخل باحترام الضيف".
وإذ لفت الانتباه إلى &laqascii117o;أن كل ما أشيع حول هذه القضية لا يمت إلى الحقيقة بصلة وهو من نسج خيال بعض الأقلام المأجورة التي تزعم أننا نخفي أمورا ما"، أكد أن &laqascii117o;لجنة المتابعة الرسمية لقضية الصدر تواظب على العمل بحرص وجلد وتنال كامل ثقتنا بقواعد عملها وأنه في الفترة الماضية ونتيجة عدم استقرار الأوضاع في ليبيا، كان البديل عقد لقاءات مع الجانب الليبي بدول ثالثة، ونتج منه تبادل للمعلومات والوثائق وتصويب العمل على بعض خيوط التحقيق"، مشيرا إلى زيارة قام بها وفد لبناني في شباط الماضي إلى ليبيا حيث جرى الاطلاع على التحقيقات وتم تزويد الجانب الليبي بما يحتاجه من معلومات، وقد تسلم الجانب اللبناني جزءا هاما مما طلبه. وإذ شدد على &laqascii117o;أننا لم نسع يوما إلى الاعتراف بحكومة ليبية أو إنكار شرعية أخرى، اللجنة تتعامل مع مكتب النائب العام الليبي ولم يقابل مقرر اللجنة أي مسؤول سياسي حرصا على عدم إدخال قضيتنا في الصراع الليبي الداخلي. وما ذكر من تسجيلات كله كذب". قال بري &laqascii117o;إن الجانب الليبي سواء على المستوى السياسي أو القضائي، مكتب المدعي العام يضع كل الاحتمالات، ومذكرة التفاهم هي خريطة لطريق وقناة اتصال بالنائب العام الليبي، أما بالنسبة إلى موضوع هنيبعل، فهو موضوع محض قضائي وعدلي وقد استمع إليه المحقق العدلي بصفة شاهد معلومات فجرى توقيفه" وقال: &laqascii117o;لا تجربوني في قضية الإمام لا قبل المهرجان ولا بعده فموقفنا هو هو".
ودعا بري الحكومة إلى إيلاء قضية الصدر الاهتمام والأولوية ودعم اللجنة، مطالبا الأجهزة الأمنية بمضاعفة جهودها مع الأجهزة العربية والأجنبية لتبادل المعلومات والمرجعيات القضائية بحماية القضاة. كما طالب الجامعة العربية والأمم المتحدة ببذل جهد حقيقي لأن الإمام حمل في قلبه لبنان وفلسطين والعمل العربي المشترك".
إقليميا، توجه بري إلى العدو الإسرائيلي بإعلان التمسك بالمعادلة الماسية &laqascii117o;الجيش والشعب والمقاومة"، قائلا: &laqascii117o;نحن أس المقاومة والسباقون إليها والمقاومة من إبداعات إيماننا وهي نتيجة لعدوانكم وليست سببا، ولاحتلالكم وغروركم وهي باقية ما بقي العدوان والاحتلال".
وفي الشأن السوري، رأى بري أنه &laqascii117o;لا حل لهذه المؤامرة الإجرامية ضد وحدة سوريا إلا السياسي"، موضحا أنه &laqascii117o;لا أحد يبدي سروره لما يحصل في سوريا إلا إسرائيل". وقال: &laqascii117o;في ذروة الحرب ثبت أن لا حرب ضد الأعداء إلا في سوريا. أما آن الأوان لمراجعة الحسابات؟".
أضاف: &laqascii117o;هناك من يريد أن نتفرق أيدي سبأ وأن يقع العراق وسوريا واليمن في صراع دموي لحساب إقصاء القضية الفلسطينية، أقر أنهم اقتحموا أسوارنا من خلال الفتنة، ونسوا إسرائيل وقالوا إلى إيران در".
المصدر: جريدة السفير