كمال ذبيان
"الدلع السياسي" الذي وصف به الرئيس نبيه بري الوضع المأزوم في لبنان، نتيجة تمركز كل طرف سياسي عند شروطه وما يدعيه حقوق طائفته، هو ما تركه "يبق نصف البحصة"، فاسحاً في المجال، لمن اوصل له رسالته بان يصحح مساره السياسي، ويتزحزح عن مطالبه، ويخفض سقفها، للوصول الى تسوية داخلية، سماها سلة متكاملة.
وما قصده الرئيس بري، ومن على منبر ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر، وامام قيادات سياسية وحزبية، وجمهور حركة "امل" الذي توجه اليه، ان ينتظر دعوته للنزول الى الشارع، ليوقف "الدلع السياسي"، لان مصير لبنان هو ما يقلق رئيس مجلس النواب الذي تقول مصادر نيابية في كتلته، انه سبق وحذر من استضافهم على طاولة الحوار، من قادة البلاد، من اللعب بالنار، ولا يلجأون الى الخطاب الطائفي التحريضي، ولا ينفعهم التهديد بالشارع، لان اشعال الحريق سهل اما اطفاؤه فقد لا يحصل، ويأكل الاخضر واليابس.
وكلام بري، فسره كل فريق سياسي، على انه ليس هو المعني به، وان السهام غير موجهة نحوه، بل لافرقاء آخرين، فرمى كل طرف الكرة في ملعب الاخر، في حين رماها بري في ملعب الاخرين، بحسب المصادر، التي تؤكد ان اكثر طرفين معنيين هما "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" لان بتفاهمهما، تحل الازمة التي اساسها رئاسة الجمهورية، لكن سببها هو قانون الانتخاب ثم الحكومة، فاذا تم الاتفاق على هذه القضايا الاساسية، يكون الحل سلك طريقه، من ضمن سلة متكاملة، وهو ما قصده رئيس حركة "امل"، التي ستوقف "الدلع السياسي"، كما رفض تضييع الوقت في الحوار، الذي كانت الاراء تقاربت في الجلسات الثلاثيـة التي انعقدت في 2 و3 و4 آب الماضي، الا ان بعض الاطراف غيرت رأيها.
وقبل موعد انعقاد جـلسة الحوار في 5 ايـلول الجـاري، قرر بري حمل "السوط" على حدّ قول المصادر، بعد رفع "الصوت" بأن لا ترفا فكريا بعد ما اعلنه في مهرجان صور، تقول المصادر، وهو كما فعل السيد المـسيح قد يضطر الى "طرد الفريسيين من هيـكل الحـوار" اذا كانوا يتسلون فيه، ويحضرون جلساته لتسجيل مواقف فقط، والمطلوب انتاج مواقف تنقذ لبنان من ان ينزلق نحو حرب اهلية، كان بري حذر منها المتحاورين.
فالمطلوب هو اعتماد العقلانية والحكمة والبحث عن مخارج لكل الازمة، وان الاتفاق على قانون انتخاب، يسهّل حل المسائل الاخرى، وهذا ما حصل في الدوحة، عندما اعطي المسيحيون قانون الانتخاب على اساس الستين، واعتبره العماد ميشال عون استرداداً لحقوق المسيحيين، وانتخب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئىسا للجمهورية نتيجة قرار دولي - اقليمي، وتسوية داخلية.
وكان الكل ينتظر ان يطرح بري مبادرة في مهرجان الذكرى الـ 38 للامام الصدر، الا انه كان سبق واكد، انه ليس "ولاّدة مبادرات" وليس عنده ما يضيفه على البضاعة التي وضعها في السلة، انما الجـديد الذي قدمه، فهو لغة التهديد والوعيد التي رافقت خـطابـه، ولمن له اذنان فليسمع، وهذا ما خـلص اليه اذ خيّر القـادة السياسيين، بين الاتفاق على تسويـة او الشـارع...
المصدر: جريدة الديار