نظم المكتب الإعلامي في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ندوة إعلامية بعنوان' دور وسائل الإعلام في حفظ السلم الأهلي' في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس حاضر فيها كل من الإعلاميين: مدير عام تلفزيون 'المنار' الحاج عبد الله قصير، رئيس تحرير جريدة 'اللواء' صلاح سلام، جورج ناصيف وسلمان تقي الدين، وأدارها واصف عواضة، وحضرها المدير العام لوزارة الإعلام حسان فلحة ممثلا وزير الإعلام الاستاذ غازي العريضي، نقيب الصحافة اللبنانية الأستاذ محمد البعلبكي، مدير المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، الشيخ محمود الخطيب ممثل دار الفتوى، السيد كمال فضل الله ممثلا نقيب المحررين ملحم كرم، النائب السابق الدكتور حسين يتيم، عضو الهيئة التنفيذية لحركة 'امل' حسن قبلان، المدير العام لاذاعة لبنان فؤاد حمدان، الشيخ حسين عمرو ممثل تجمع العلماء المسلمين، الامين العام ل'الجامعة الإسلامية' سميح فياض، عضوا اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي :القاضي الشيخ عباس حلبي، والدكتور جان سلمانيان، مدير مركز القناة الإعلامية الدكتور علي مؤمن، مدير الرقابة الإعلامية والفنية في الأمن العام الرائد ايلي اسمر، وممثلو وسائل الاعلام،، وحشد كبير من الإعلاميين واساتذة جامعيين ومهتمين وعلماء دين.
عواضة
بداية رحب عواضة بالمشاركين والحضور باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فقال: 'ليس غريبا على هذه الدار ان تحمل هموم الوطن وان تنكب للمسائل والقضايا الحوارية فيه، فقد كان مؤسسها الامام المغيب السيد موسى الصدر رجل الحوار الاول ولم يخرج الامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين عن هذه القاعدة قاعدة الحوار والانفتاح، وها هو سماحة الامام الشيخ عبد الامير قبلان يتابع هذا النهج الذي ازعم بكل تواضع أنني عاشرتهم عن قرب وتعلمت من هذا النهج، لذلك فان اكبر فضيلة في حياتنا السياسية هي ان نقبل الأخر كما هو في وطن ارتضينا ان نعيش فيه سويا لا فضل فيه لمواطن على أخر الا بمقدار عطائه لوطنه وشعبه.
وتكلم عن دور وسائل الاعلام في حفظ السلم الاهلي، فقال: 'ان وسائل الإعلام هي المسؤولة عن التأزم السياسي الحاصل في البلد ولا اذيع سرا أنني سمعت اكثر من مرة كلاما مفاده أوقفوا وسائل الإعلام تتوقف ألازمة في لبنان، وكنت اقول ان في هذه القضية الكثير من الظلم والتجني والجهل أحياناً، فوسائل الإعلام ليست وسائل تبشيرية في الاساس بل ان وظيفتها هي اخبار الناس بما يدور حولهم ومن الخطأ الكبير التعاطي مع وسائل الأعلام بهالة من القداسة، بصراحة نحن الإعلاميون لسنا قديسين ولكننا في الوقت نفسه لسنا كفرة ولا مشعوذين، نحن ننقل الكفر احيانا والقاعدة تقول 'ناقل الكفر ليس بكافر' ولا يخفي هذا مطلقا ان بعض وسائل الإعلام او بعض الإعلاميين ذهبوا مذهبا يشوبه الشطط والزلل وتجاوزوا المهمة الإخبارية ما يعكس بعض التوترات احيانا ولكن في النتيجة ان الإعلام هو مرآة الواقع، فالمشكلة الأساسية ليست في الإعلام ولا في المجتمع ان المشكلة الأساسية هي مشكلة سياسية، عندما تصلح السياسة يصلح ما بعدها وعندما تفسد السياسة يصعب إصلاح ما بعده.ان إعلاميين كثرا يحتاجون الى كثير من الثقافة وخاصة في القانون، ويجب اجراء ندوات ودورات تثقيفية في القانون لان معظم الإعلاميين للاسف لم يقرأوا قانون الأعلام او قانون المطبوعات ويجب ان يكون لنقابة الصحافة دور في ذلك'.
وختم: 'ان كل ما تقدم لا يعفي وسائل الإعلام من دورها في حفظ السلم الأهلي'.
قصير
وألقى الحاج قصير مداخلة أشار فيها الى نقطتين اساسيتن الأولى ان التهديد الأكبر الذي يعيشه السلم الأهلي في لبنان يتأتى عن البنية المعتمدة في النظام السياسي اللبناني والتي تقوم على الطائفية السياسية فضلا عن الممارسة السياسية التي تولد بيئة سياسية متشنجة عادة تتخذ من افرازات هذا النظام السياسي مادة لخدمة مصالحها وأهدافها، اما النقطة الثانية فهي ان وسائل الإعلام ليست صانعة للحدث وإنما هي بمثابة مرآة تعكس الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الوطن.
وتحدث قصير عن واجبات وسائل الإعلام التي تنقسم الى شقين الأول على مستوى الفرد والثاني على مستوى المجتمع، فواجبات وسائل الإعلام على مستوى الفرد هو تقديم المعلومات بكل أنواعها لتلبية حاجات المعرفة لدى الفرد والإطلاع على ما يدور حوله، ثانيا بلورة الهوية بمعنى تدعيم القيم الإنسانية العليا، ثالثا الاندماج والتفاعل الاجتماعي أي إيجاد حس المسؤولية لدى الفرد لاعتباره جزءا من المجتمع ودعوته للتفكير في مشاكل هذا المجتمع وللمساهمة في إيجاد الحلول والتخفيف من تداعياتها، و إيجاد بيئة حوار ونقاش بين الأفراد الذين ينتمون الى مدارس تفكير مختلفة ويمارسون أدوارا من مواقعهم المتنوعة، فضلا عن تعزيز القيم العائلية.رابعا: التسلية والترفيه عبر تحويل جزء من اهتمامات الأفراد من مشاكل الى مادة ترفيهية هادفة، وتقديم مادة مسلية ومسلسلات ثقافية وترفيهية ليكون الفرد في حالة ارتياح نفسي.
أما واجبات وسائل على مستوى المجتمع فهي تقديم المعلومات لإبقاء الرأي العام على إطلاع دائم بما يجري حوله في العالم والتركيز على المادة الإعلامية المرتبطة بالمعرفة، ثانيا: تنمية حس الانتماء الوطني والقومي والإنساني من خلال عرض الانشطة التي يتفاعل الناس معها ويندمجون فيها، ثالثا نقل الثقافة نمن جيل لأخر وفتح حوارات لإيجاد مساحة للحوار بين الثقافات وتلاقيها،رابعا التحريك، بمعنى تعبئة الرأي العام في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية وحتى العسكرية عند الحروب من اجل المحافظة على القيم والاخلاق والمحافظة على الروح الوطنية والنظام العام وحفظ المقدسات والدفاع عنها.
وتكلم قصير عن التجربة الإعلامية للمنار التي وضعت ميثاق شرف إعلامي ونشر في الإعلام يهدف الى إطلاع الرأي العام وتكريس الممارسة الديمقراطية ونشر الثقافة الإسلامية والقيم الأخلاقية والمحافظة على الأسرة وتفعيل دور الدين في حياة الإنسان وتقديمه بعيدا عن الطائفية والمذهبية باعتباره موجها للفرد والمجتمع باتجاه القيم السماوية التي أرادها الله ان تكون منهجا للإنسان والمجتمع في الحياة.
وقال قصير:نحن نؤمن بالعمل السياسي النظيف البعيد عن الفساد والمحسوبيات والارتهان الى الاجنبي ونعمل لتعزيز الممارسة السياسية الوطنية غير المرتهنة. ونعمل لمساعدة الرأي العام للبحث عن المصلحة الوطنية العامة ومصلحة المواطنين والتعرف لأهم المعوقات التي تحول دون تحقيق المصلحة الوطنية.كما نؤمن بالحوار كوسيلة لحل مشاكل لبنان، ونتعاطى مع الإحداث بموضوعية وجدية، بعيدا عن الإثارة، بهدف تقديم الصورة الصحيحة للخبر بعيدا عن التضليل الإعلامي لأننا نعمل بمصداقية عالية لأننا نعتبر ان مصداقية الخبر رأسمالنا الأساسي، ولدينا شهادات بذلك من الذين نختلف معهم في الراي قبل غيرهم، ونحرص على الالتزام بالقوانين والمواثيق الإعلامية فضلا عن الرقابة الذاتية التي نمارسها استنادا الى ما نؤمن به من قيم واخلاق مهنية واعلامية ،و عبر كل ما نؤمن به في انتاجنا الإعلامي المتنوع ونتجنب في نقل الاحداث التي تتهدد السلم الاهلي ، وخير مثال على ذلك، ما جرى في الاحد الاسود، حيث امتنعت عن بث ما جرى في الشارع من منطلق عدم المساهمة في إشاعة جو الإخلال بالسلم الاهلي.
وختم قصير بالقول... ان السلم الأهلي الذي يقوم على مجموعة ركائز اهمها الاندماج الوطني والاجتماعي ومنع وصول الاختلاف بالرأي الى خلاف وصراع بل يجب القبول بالاختلاف ضمن سقف المشتركات الوطنية التي يقوم على أساسها الوطن وفي مقدمها الدفاع عنه والحفاظ عليه من أي عدوان خارجي او انتهاك لسيادته، والحفاظ عليه من مثيري الفتن الداخلية من مهددي السلم الاهلي،ان هذا السلم الأهلي يتعزز إذا التزمت كل وسائل الإعلام بميثاق شرف إعلامي متفق عليه بين أصحابها والعاملين فيها والقائمين على المؤسسات التي تجمع الإعلاميين قوامه المبادئ التي تحدثنا عنها ليصبح لوسائل الإعلام فيها دور ايجابي للحفاظ على السلم الأهلي وحمايته ليبقى الوطن للجميع.
سلام
واعتبر الأستاذ سلام في مداخلته ان هناك خلطا بين البعض وخاصة في الوسط السياسي، بين دور الإعلام ومسؤولية الإعلام في العمل الوطني، وليست هي المرة الاولى التي تجري فيها محاولة تحميل الإعلام وزر وخطايا أهل السياسة خاصة في لبنان لان هناك دائما محاولة للهروب من مواجهة الواقع وهناك محاولات دائمة لإلقاء الفشل على الآخر، ان الإعلام في لبنان من التجارب الإعلامية الديموقراطية الرائدة في العالم العربي وفي هذه المنطقة من الشرق ودائما كان يحافظ على مسؤولياته الوطنية في ألازمات.
واستعرض المخاضات والمعاناة التي تعرض لها الإعلام وخاصة المطبوع منه ابان الحرب عام 1975 التي ادت الى صدور المرسوم الشهير رقم 1والذي قضى بفرض رقابة قاسية على الصحف في وقت لم يكن بعد التلفزيون الحزبي قد اخذ دوره في لبنان ولا ننسى دور الاعلام في الاجتياحات الاسرائيلية المتكررة والاحداث التي عصفت بلبنان، وفي كل مرة كان الإعلام في لبنان وخاصة الصحافة المكتوبة كانت تثبت دائما عن وطنية مميزة في معالجة المشاكل في المراحل الصعبة ولكن هذا لا يمنع من القول بما أن الإعلام هو مرآة المجتمع فان بعض ما ينشر أحيانا في الأعلام على طريقة 'ان الإناء ينضح بما فيه'، ان الإعلام ينشر المواقف والسجالات السياسية لان الصحافة مضطرة ان تعكس اراء مختلف التيارات والقوى السياسية في لبنان وغالبا ما نتلقى احتجاجات من هذا الطرف او ذاك فيما تعرض أي موقف الى اختصار مهني بحت بحجة ان وجهة النظر ليست محترمة من قبل الصحيفة، فالصحافي والإعلامي مضطر ان يتعامل مع كل التيارات والقوى السياسية بإطار من الممارسة والمنهجية المهنية البحتة.
ورأى سلام ان الإعلام ليس مسؤولا عن تفجير الخلافات بين السياسيين وليس مسؤولا عن تعقيد ألازمات بين القوى السياسية وليس من يتسبب بخلق ألازمات المتكررة في نظامنا السياسي، ولكن قد تكون الطائفية هي التي تسبب هي ألازمات في حياتنا ونظامنا السياسي بسبب هذا الاستغلال الطائفي البغيض من قبل القيادات السياسية ومن قبل كل المنتفعين بما يصنع النظام الطائفي او الطائفية السياسية، فالطائفية هي التي تورد لنا الأزمات ازمة وراء اخرى، كلما اعتقدنا اننا تجاوزنا ازمة وطنية كبيرة نجد أنفسنا على حافة أزمة جديدة سببها الأساسي هو الممارسات وألازمات والصراعات السياسية، وليس المقالات السياسية في الاعلام او النهج المتبع في الإعلام اللبناني. ان الإعلام يخرج عن وظيفته الوطنية ويصبح مهددا فعلا للسلم الأهلي عندما يخرج عن مقاييسه المهنية والموضوعية البحتة، وعندما يتحول الإعلام الى طرف سياسي في الصراع السياسي المحتدم في البلد، وعندما تتحول الوسيلة الإعلامية الى طرف سياسي، فمن الطبيعي ان تشكل خطرا على السلم الأهلي بقدر ما يشكل الطرف السياسي ايضا هذا الخطر على السلم الأهلي بسبب المواقف التصعيدية والمتشنجة، نحن أمام معضلة إياهما يتحمل المسؤولية في التصعيد تسمم الجو في البلد السياسي او الإعلامي قطعا نحن نقول السياسي هو المسؤول الأول لان الموقف السياسي يصدر عن الأطراف والقيادات السياسية والحزبية وليس عن الوسيلة الإعلامية،ونتلقى لاتصالات لعدم إعطاء الموقف المساحة المطلوبة،نحن نمارس أحيانا نوع من الرقابة الذاتية، وهذه الرقابة الذاتية اشتهرت فيها الصحافة اللبنانية في كثير من المراحل،حتى نخفف من غلواء المواقف وحتى لا نساعد على صب الزيت على نار الخلافات الداخلية.
وقال سلام: نحن في اللواء نحرص دائما على تجاهل بعض المواقف السياسية التي لا نرى فيها فائدة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة على الساحة اللبنانية او التي نرى فيها أنها تؤجج الخلافات بين هذه الأطراف، وعادة نفضل ونميّز الالتزام بعوامل ومستلزمات التهدئة على حساب السبق الصحفي، رغم إننا ندرك ان مثل هذا الأسلوب قد يخسرنا الكثير على صعيد الرأي العام ولكن نحن نعتبر الربح الأساسي هو الربح للوطن وليس لهذه المؤسسة الإعلامية او تلك أو لهذا الفريق او ذاك، ونحن كنا ولا زلنا ننادي دائما بنهج الاعتدال ونهج الانفتاح والحوار مع الأخر مهما تباينت المواقف وعظمت الخلافات، وتجربة 15 عاما من الحرب علمتنا دائما انه ليس هناك منتصر في لبنان وليس هناك من يقدر على إلغاء الآخر في لبنان، وان قدرنا ان نعيش معا في هذا البلد،فمن كان يتصور قيام في جبهتين بحجم 8 و14 اذار في وقت كانوا يختلفون ويتصارعون على الجبهات كأطراف متنازعة في كل من فريقي 14 و8 اذار، وعلينا ان نستخلص العبر من كل ما يحصل من هذه المرحلة من الخلافات لان المختلفين اليوم سيتصالحون غدا، وعلى وسائل الأعلام عكس هذه الحقيقة دون تأجيج الخلافات عدم صب الزيت على النار مما يشكل خطر على السلم الاهلي.
ناصيف
وقال ناصيف: 'وضعت بعض النقاط وقصدي منها التباسط وليس قصدي منها الخلاف، ان ندخل في حوار مفتوح نتجرأ فيه على ما يجب فيه ان يقال ولا نتستر على ما هو فاحش في إعلامنا، أولا السلم الأهلي كمفهوم ليس فقط هو عدم الاحتراب، السلم الأهلي ابعد بكثير من مجرد التجاور والتساكن بين المكونات الطائفية، السلم الاهلي هو التوافق على جرعة وطنية تجمع الجميع على ميثاق وطني سياسي جامع على سقف سياسي واحد يتفيأ الجميع تحت ظله، و بهذا المعنى يجب ان يطرح دور وسائل الإعلام في صيانة السلم الأهلي ، أي ليس فقط بمنع الاحتراب ومنع التشاتم انما ايضا في تعميم ثقافة الاعتدال والتحاور وثقافة البنيان المشترك على المستوى الوطني، ثانيا صحيح ان مسؤولية السلم الأهلي هي مسؤولية مجتمع ككل وفي الطليعة هي مسؤولية الدولة الواحدة الموحدة للجميع وان يتحلق حولها اللبنانيون بصفتها تمثل جامعا مشتركا بين هؤلاء، إذا مسؤولية المجتمع أولا ومسؤولية الأحزاب السياسية بشكل رئيسي، ومسؤولية المجتمع المدني أيضا من اجل التوافق على ثوابت ومشتركات.
وتابع... لا يوجد بلد في العالم يمكن ان يعيش بدون مشتركات توحد الجميع، من دون نقاط استدلال يجمع عليها الجميع، فالوطني عندي مستحيل ان يكون خائنا عندك والشهيد عندي ليس مقبحا عندك، المشكلة في لبنان على مستوى الوطني العام اننا خرجنا عن هذه الثوابت فلم يعد الشهيد شهيدا لدى الجميع ولم يعد المقدس مقدسا لدى الجميع،لقد ذهبنا مللا وشعوبا لا لتعارفوا بل لتخاصموا وتناتشوا، نعم مسؤولية المجتمع في الأول ومسؤولية الأحزاب ومسؤولية الدولة ان لا تكون دولة لبعض مواطنيها،و ان لا تكون دولة لطرف واحد او لطائفة او لحزب سياسي.
وراى ان هناك دورين لوسائل الإعلام الدور الأول دور الحد الأدنى وهو ان تقدم وسائل الإعلام وجهات النظر تقديما أمينا ولا تكون بالكذب او قص التعليقات او وضع عناوين كاذبة على التعليقات او على الإخبار بل يجب نقل الحقيقة كما هي، اول شيء نتعلمه في كلية الإعلام ان الخبر مقدس اما الرأي فحر، في إعلامنا اللبناني الخبر أخبار ولا يوجد خبر هناك وجهة نظر تصيغ الخبر وتعجنه وتقولبه، اولا يجب تقديم وجهات النظر كما هي بشكل عادي، ثانيا النأي عن الأحكام القيمية عن التقبيح وعن تصنيف الناس بين وطني وعميل وغير ذلك من أحكام القيمة التي تعدم الآخر .هذا الحكم بالاغتيال والاغتيال ينتقل الى العقول قبل الانتقال إلى المسدس. انا اغتال الآخر عندما اشطبه من الانتماء الوطني ومن الهم الوطني المشترك بيننا، هذا الحد الأدنى لكن هناك شيء ابعد وهو تعزيز أماكن الحوار واقامة الندوات الحوارية في الصحف والتلفزيونات والوجوه الحوارية .هناك بعض الوسائل تستضيف بعض الوجوه من أصحاب الكلام الناشز الذي يخرج الناس من ثيابها ولا استثني من ذلك قوى 14 او 8 اذار، فبدل هؤلاء لماذا لا تستضيف عقلاء الرأي فالاعتدال هو سيد الامور. وسيد الحكماء هو المعتدل وليس من يحمل السيف بيده وينطلق شاتما الناس، علينا ان ننشر الاعتدال وثقافة الحوار والحقائق كما هي وان نأتي بوجوه حوارية واعتدالية.
واعتبر ان هناك ثلاثة أشياء أساسية: اولا يجب إعداد ثقافي للمحررين وللمذيعين فهناك كثر من المذيعين في لبنان هم من الجهلاء ومن الذين لن يصيبوا من العلم حرفا، بعض المذيعين والمذيعات المتبرجات لا يحسنون سوى لغو الكلام الكاذب والاستماع واشاعة الفتنة ولكن من منهم متخصص علمي حقيقي، من منهم متخصص بالدراسة الإسلامية الفقهية من منهم متخصص بدراسة اللاهوت؟، من منهم قرأ كتابا في الحوار الإسلامي المسيحي؟، فبعض التلفزيونات تهدف الى تعبئة الهواء كيفما اتفق، ثانيا هناك دور أساسي للجامعات وانا أتحدث هنا بصفتي أستاذ لمادة الاعلام في جامعة البلمند ،ان أساتذة الإعلام في الجامعات يكتفون بتعليم الطلاب مناهج جامعية بكيفية كتابة الخبر والمقابلة والتقرير فقط ، ولكن لا احد يتوقف عند أخلاق الإعلام. يجب ان يكون عند الإعلاميين اخلاق في الإعلام وثقافة واسعة، هناك عشرات المراجع بذلك لكنها لا تدرس جميعها ويتخرج الطالب بعد اربع سنوات لا يعرف شيئا بأخلاق الاعلام، اما الدور الاخير فهو دور المجلس الوطني للإعلام وهو موجود بيننا بشخص رئيسه، وعلى المجلس ان يحمل العصا ليؤدب من يخرجون على السلم الاهلي وان يعيد الجميع الى جادة الصواب، فللمجلس الدور الحقيقي في تأديب من يخرج عن السلم الأهلي، انا لا اقول ان أعلامنا كله رديء ولكن هناك مفاسد يجب ان نراها اذا اردنا ان نخرج منها خروجا حسنا.
تقي الدين
وتكلم تقي الدين فقال: الحقيقة انه لو لم يكن هناك قضية تتعلق بالسلم الاهلي وبدور الاعلام فيه لما اجتمعنا هنا في هذا اللقاء لنتسارر في هم وطني أساسي، نحن خرجنا من حرب أهلية حاول البعض ان يلغي البعض الأخر،و جرفت الجوامع وجرفت الكنائس وجرفت كل الآثار التي ترمز لجمالية الأخر ربما لو كان للبعض قبح لابقي، فالحقيقة هو ان الجمال موجود عند جميع هذه المكونات من هذه السجادة العجمية التي اسمها لبنان، لدينا مشكلة حقيقية، نحن في دائرة الخطر الشديد على السلم الاهلي لان فكرة الوطنية اللبنانية هي فكرة حديثة نمت منذ بضعة عقود وهي ان شاء الله في طريقها الى الترسخ لتصبح اقوى، ولكن امور كثيرة ما زالت تعترض مسيرتها وبصورة اساسية الطائفية في لبنان، وعندما نقول الطائفية السياسية في لبنان هذا يعني اننا نقول السياسة صراع على السلطة فاذا ارتبطت بالطائفية أصبحت تنظم الصراع الطائفي على السلطة، ولقد آن لنا ان نواجه هذه الحقيقة.
وتابع... يقال ان الإعلام هو السلطة الرابعة فيصحح عميد هذه السلطة سعادة النقيب الكبير محمد البعلبكي ويقول الإعلام إحدى السلطات الأربعة تدليلا على ما للأعلام من تأثير في صناعة الرأي وفي ممارسة شكل من أشكال الرقابة على السلطات الأخرى وهنا تكمن أهمية الإعلام، فان كان للاعلام من أهمية فهي ان يصنع الرأي وان يهم في الرقابة على السلطات الاخرى. من هنا فلا يمكن ان يوضع في المرتبة الرابعة لانه يراقب كل السلطات، وهو في النظام الديمقراطي يجب ان يكون سلطة اولى، بالفعل ان الاعلام اجتاز هذه المرتبة مع التطور الهائل في التقنيات حيث اختصر الزمن وصارت المعلومة والصورة حية معاشة في لحظة حصولها.
واكد تقي الدين ان الاعلام المعاصر يدمجنا في الحدث ويشركنا فيه فلا نملك ان نفكر ونتأمل ونأخذ مسافة معينة من الاستقلال، لعلنا هنا نتكلم عن النقل الحي او المباشر فلا تملك الوسيلة الإعلامية نفسها اي سلطة على ما سيبث، وهنا تتنازعنا رغبتان رغبة في الحرية ورغبة في المسؤولية، ولكن بصورة اساسية علينا ان نعتاد على جو الحرية فأنا لا اذبح الأعلام في هذه القضية، الأعلام يعكس صورة الواقع وهناك مبادئ اساسية تتعلق بحقوق الإنسان تفرض على هذا الإعلام ان لا يكون محرضا ومعبئا على العنف في استهداف الآخر، وهذا حتى انه يمنع على وسائل الاعلام ان تبث الصور البشعة والمحرضة على هذا العنف.
وتابع...نحن خضنا تجربة حرب اهلية لم تكن فيها الصورة الإعلامية قوية وفعالة كما هي الان ورغم فعالية الصورة الإعلامية ما زلنا في الطور البارد من الحرب الأهلية فعلينا ان نفتش في السبب السياسي دائما عن هذه القضايا، ما يعيب الأعلام اليوم الان هي تلك البرامج السياسية المخططة والتي تأتي بالثقافات السطحية والمسطحة لتحشي رؤوس الناس. ومن الخطر الكبير ان الإعلام يطاردك الى غرفة نومك حيث أصبح للإعلام قوة جاذبية ومسيطرة، فحاجة الانسان لمعرفة ما يجري حوله أصبحت تجبره على متابعة الوسيلة الاعلامية ، وكلنا يعرف ان النظام الرأسمالي العالمي يعتبر ان هذه الوسيلة إحدى اهم تجديد قوته لانه يخلق بواسطتها الرغبات ويلبي تلك الرغبات عن طريق السلع الاستهلاكية التي ينتجها، فنحن امام قضية كبيرة ومعقدة، طبعا لا يطلب من الاعلام ان يكون محايدا ولكن يطلب منه ان يلتزم الموضوعية،ولكن كما تعلمون ان الوسائل الإعلامية في لبنان جميعها مرتبط بقوى سياسية معينة، فالمسؤولية السياسية بصورة أساسية تتوجه الى هذه القوى وكوادر الإعلام أشبه بالكادرات الحزبية في الزمن الماضي حيث كان من يريد ان ينشئ حزبا وينشىء نشرة حزبية ليوحد رأي الجمهور يحتاج الى جهود هائلة. اما ألان من يملك وسيلة إعلامية هو يملك اكبر حزب سياسي في البلاد، وكلكم تدركون أهمية المال السياسي ودوره الان.و اذا كان لنا فعلا قضية اسمها السلم الأهلي، فالقضية تبدأ ليس من وسائل الإعلام لان وسائل الإعلام هي وسائل ومظاهر، فإذن علينا ان نتحدث عن ثقافة مجتمعنا في ما يخص السلم الأهلي، هنا اذكر ببعض العنوانين التي يمكن ان تشكل ركيزة مواثيق الشرف الإعلامية وللتربية والتثقيف الاعلامي والسياسي وترقية الخطاب السياسي لان الاعلام يعكس هذا الخطاب السياسي ، ويفترض على الخطاب بصورة اساسية ان لا يشوه صورة الآخر ويحط من قدره ومكانته وكلكم تلحظون ان هذه الأخطاء على هذا الصعيد كبيرة، فمن المفروض ان نرفع قيمة مبدأ نبذ العنف المادي والمعنوي بجميع اشكاله ، وان نعلي قيم التسامح والديمقراطية والعيش المشترك وقبول الاخر، وان نحرص على احترام ما يعتبره الآخر قيمة عليا تتعلق بوجدانه بقطع النظر عن تلك القيمة او بكرامته ومقدساته، وعلينا ان نحرص على فهم الأخر والاستماع اليه، واحترام الأخلاقيات في كل عمل، والنزاهة الفكرية في نقل مواقف الآخرين وإعداد برامج تغني عقول الناس وندير حوارات مفيدة تفصل أسباب الخلاف لاكتشاف إمكانيات حله بما يفرض احترام آداب الحوار والمخاطبة، وعدم مصادرة الراي الاخر مسبقا، ولا بد ان نتوقف عند الحملات التي تستهدف إثارة النعرات المذهبية والطائفية وأكاد أقول بصريح العبارة ان الخطاب العنصري بدأ يترسخ في لغتنا السياسية وهذا شأن خطير. هذه المسائل يمكن ان تشكل عناوين لبحث في قضية الإعلام والسلم الأهلي.
وراى ان ما يجري من سجالات على وسائل الإعلام يحولنا ساحة صراع بعيدة عن الحوار، فنشهد مكاسرة سياسية لا يوجد فيها عقلانية، فالسياسة من دون عقلانية مارد خطر يدمر السلم الاهلي، لذلك يجب ان نطور مواثيق إعلامية تحفظ الحريات العامة وحقوق الإنسان،
وفي الختام جرت مداخلات من الحضور شددت على دور ومسؤولية الأعلام في حفظ السلم الأهلي.