اكد وزير الاعلام غازي العريضي أننا 'تواقون الى السلام واصحاب مصلحة في هذا الامر، لاننا ضحايا الارهاب الذي تمارسه اسرائيل وتدعمها في ذلك الادارات الاميركية المتعاقبة، وعلينا كإعلاميين الانخراط في هذه المعركة بعيدا أي ديماغوجية'. وكرر ان 'الاعلام ليس مسؤولا عما يجري في البلد، بل ان السياسيين هم المسؤولون، لكن ثمة مسؤولية علينا كاعلاميين ان نبقي احتراما والتزاما لممارستنا الحرفية والمهنية ضمن ضوابط معينة'.
افتتحت مؤسسة 'مهارات' لقاء حواريا صباح اليوم في فندق 'كومودور'، في حضور الوزير العريضي، نقيب الصحافة الاستاذ محمد البعلبكي وعدد من الاعلاميين المشاركين في اللقاء الذي تركز على 'دور وسائل الاعلام في بناء ثقافة السلام'، والمدعوم من 'OTI-ascii85SAID' و'مكتب المبادرات المتناقلة'.
بداية، كلمة تقديم للزميلة رلى مخايل من مؤسسة 'مهارات' اشارت فيها الى 'وجود عوائق امام بناء ثقافة السلام في وسائل الاعلام اللبنانية'.
الوزير العريضي
ثم تحدث الوزير العريضي فتوجه ب'الشكر الى مؤسسة مهارات لتنظيمها هذه اللقاءات الدورية تحت هذا العنوان، اضافة الى سلسلة من النشاطات التي تقوم بها لتطوير العمل الاعلامي في لبنان، إن على مستوى التشريعات او على مستوى القاء الضوء على الواقع الاعلامي في بلدنا'.
اضاف:'سبق ان التقينا في اللقاء الاول حول العنوان ذاته، والكتيب الموجود بين ايدينا جميعا يعبر عن مضمون ما جرى في ذلك اللقاء، ومذذاك الوقت وحتى الان، حصلت، بطبيعة الحال، تطورات كثيرة خاضت معها وسائل الاعلام تجربة اضافية جديدة ايضا، طرحت حولها اسئلة كثيرة وعلامات استفهام كأمر طبيعي.
في اختصار، سأتوقف عند مسألتين: عندما نتحدث عن السلام مع تأكيد ما اوردته الزميلة رلى عن الشق الداخلي، لكن لا بد من الوقوف امام كلمة السلام التي يتم تداولها كثيرا على المستويين الدولي والاقليمي، خصوصا في ما يتعلق بالصراع مع اسرائيل. في هذا الموقع والى حدود بعيدة، لا ارى الاعلام محايدا، بمعنى ان لنا موقفا في صراعنا مع اسرائيل الى جانب اشقائنا الفلسطينيين ونضالهم وكفاحهم من اجل حق تقرير مصيرهم على ارضهم. هذا امر بديهي، اما السلام الذي يستخدم بعنوان وشعار من الذين يدمرون كل آفاق السلام وآمال السلام والاتفاقات حتى التي وقعت تحت هذا العنوان، فانا اعتقد ان هذا ينتج سلاما على الاقل في هذا المنطق، علينا واجب نحن الاعلاميين ان نكون جزءا من هذه المعركة. ونحن، بطبيعة الحال، تواقون الى السلام واصحاب مصلحة في هذا الامر، لاننا ضحايا الارهاب الذي تمارسه اسرائيل وتدعمها في ذلك الادارات الاميركية المتعاقبة. هنا يجب علينا كاعلاميين ان نكون منخرطين في هذه العملية بعيدا عن اي ديماغوجية، على الاقل اذا واكبنا الاحداث علينا ان نحدد هذا الموقف في هذا الاتجاه.
في الشق الداخلي اتوقف عند عنوانين: في الموضوع الاساسي والازمة الداخلية التي وصلت الى حالة كبيرة من الاحتقان مع أزمة ثقة عميقة جدا بين السياسيين في البلد، وانحدر مستوى الخطاب السياسي الى مستوى متدن ايضا، يعني حالة قطيعة وانقسام وتحد وتشنج خطيرة جدا جدا في البلاد، لا شك ان الاعلام كان يعكس هذا الامر، ولعب دورا.الاسئلة كانت تطرح دائما او في لحظات على قاعدة ان الاعلام مسؤول عن هذه المسألة ام لا. انا دائما اقول واكرر انه ليس الاعلام مسؤولا عما يجري في البلد. السياسيون هم المسؤولون. هل هذا يعني ان الاعلام لا يتحمل اي جانب من المسؤولية، بطبيعة الحال كلا. ثمة مسؤولية علينا كاعلاميين، لكن المناخ العام الموجود في البلد لم يكونه الاعلام اللبناني لا المكتوب ولا المرئي ولا المسموع. هذا، في النهاية، يعكس طبيعة الخلاف السياسي العميق القائم في البلد'.
وسأل: 'ما هي المسافة الفاصلة بين هاتين المسؤوليتين لانه اذا قلنا ان السياسيين هم المسؤولون كأننا نبرىء انفسنا كاعلاميين من اي خطأ او من اي ممارسة مقصودة او غير مقصودة، لكن نساهم في تعزيز موقع المسؤولية الاولى، كلا نحن كاعلاميين تقع علينا المسؤولية في حدود عملنا المهني الاعلامي. هنا الحدث بحد ذاته لا نستطيع ان نتجاوزه، خطاب اي زعيم سياسي او مسؤول سياسي مهما كان قاسيا لا نستطيع ان نتجاوزه، هذا واقع، وبالتالي في بلد مثل لبنان فيه تنوع ونصر على بنائه وتعزيزه لا يستطيع احد ان يلغي احدا او ان يتجاوز احدا، وبالتالي بمنطق التنافس الاعلامي اذا لم نننشر الكلمة هنا في هذه الوسيلة فستنشرها وسيلة ثانية، واذا لم نذع الخبر هنا فسيذاع في مكان اخر، وهكذا دواليك'.
واضاف: 'لكن انا دائما اسجل ملاحظة في هذا العمل علينا كاعلاميين، للاسف، وصلنا الى مرحلة في مقاربتنا لكثير من الامور، وان كان احيانا بالريبورتاج، مراسل، او بتقديم خبر، وهنا مسؤوليتنا كاعلاميين او بمقاربتنا لأمر ما نعرف ابداء الرأي وهو طبيعي وحق وواجب على الاعلامي، قبل ان اتحدث عن السياسي في كثير من الامور نذهب الى حدود بعيدة عن العمل المهني الحرفي الاعلامي. لذلك اكرر دائما واشدد ان علينا ان نبقي احتراما لهذه المهنة، لهذه الحرفة، وان نبقي التزاما لممارستنا لهذه الحرفة والمهنة بضوابط معينة علينا كاعلاميين'.
وتابع: 'المسألة الاهم في هذا الجانب وهنا اهمية هذا اللقاء قليلة بل نادرة هي اللقاءات بين الاعلاميين. وقبل ان اتحدث في السياسة والمسؤولية عن الواقع السياسي القائم في البلد، يا جماعة، وصلنا الى مرحلة يعتدى فيها على صحافي وعلى اعلامي، ومصور ومراسل بسبب انتمائه الى هذه الوسيلة او تلك، او بسبب كتابته مقالا او اطلاقه تصريحا او بسبب اطلالة اعلامية معينة، يمر الخبر بشكل عادي، غالبا في الوسيلة الاعلامية التي ينتمي اليها. ونكتفي ببيان من هنا ومن هناك على مستوى وزارة الاعلام او من نقيبي الصحافة و المحررين. بعض الزملاء، يعني المسألة فعلا غريبة على حياتنا الاعلامية. نحن كاعلاميين معرضون جميعا اين هو السلام عندما يعتدى علينا ونحن رسل السلام في رسالتنا، ونترك بعضنا بسبب النكايات والعصبيات وتاكيد الانتماءات الى مؤسسات حزبية او اعلامية على حساب هذه القضية التي تمس بجوهر الحرية والديموقراطية اي تمس بجوهر عملنا نحن في لبنان. اذا لم نلتق على هذا المستوى فكيف ندير اذا العملية الاعلامية في التعاطي مع الموضوع السياسي؟ هذه اشكالية ايضا اساسية، لاننا وصلنا الى مرحلة، انا مقدر جدا لما يجري في البلد وادعي انني افهم طبيعة الحياة السياسية في البلد وفي تلوين مجتمعنا الذي فيه الكثير من المفارقات الغريبة، ولكن في مرحلة من المراحل نتلقى اتصالات من عدد كبير من المواطنين، يجب ان نضع حدا لوسائل الاعلام او يطالبون باقفال وسائل الاعلام. هذا يجب ان نتوقف عنده، فلماذا يشعر الناس بهذا؟ علما ان الناس الذين يقولون ذلك هم ايضا مفروزون على قاعدة انتماءات سياسية وعواطف تميل في اتجاه هذا الزعيم او ذاك. وهؤلاء الزعماء او المسؤولون السياسيون هم الذين يطلقون تلك المواقف السياسية ويخوضونها بحوارات على الشاشات. هل نحن كاعلاميين نتحمل جانبا من المسؤولية هنا؟ انا اقول، في هذا الجانب، نعم. من هذا الجانب نحن نتحمل جزءا من هذه المسؤولية'.
وقال: 'المسألة الثانية ايضا متداخلة وهي ملحة الآن ودائمة امامنا وهي المسألة الاقتصادية والاجتماعية ومفهوم التنمية، يرتكب السياسيون في مواقعهم المختلفة خطأ كبيرا، هناك انشطار سياسي عميق في البلد حول قضايا سياسية اساسية جوهرية، استراتيجية، امر طبيعي نفهمه. ولكن قبل ان تعيش الحكومة هذا الواقع باستقالة زملائنا الوزراء، بعض القوى السياسية كانت دائما تتلاقى على طروحات اقتصادية معينة، هي الآن مختلفة في السياسة، لكن حول الموضوع الاقتصادي وقمة العيش والبعد الاجتماعي كانت تتلاقى، والدليل ان في كل التحركات النقابية والمطلبية تتلاقى هذه القوى من دون ان تجتمع، والا في بعض النقابات والروابط التي لا تزال تحافظ على وحدتها لتطالب بتصحيح الاجور وبتصويب مسار الاوضاع الاقتصادية والمالية في البلد، ولاتخاذ اجراءات معينة. هذا الامر لا يعطي الأهمية بالتركيز عليه، بل للاسف ما نحن متفقون عليه من لقمة عيش لكل الناس بدون استثناء، لان الوضع الاقتصادي يمس بالجميع، يدخل في سياق البازار السياسي فيكون الفرز على المستوى السياسي أيضا، حتى ما نحن متفقون عليه نذهب الى الانقسام حوله، وايضا لا يعطى الاهمية على المستوى الاعلامي. وهذا امر له علاقة مباشرة برأيي بالسلام الاقتصادي والاجتماعي، والاستقرار والوضع في البلد'.
النقيب البعلبكي
بعد ذلك، تولى الزميل وليد عبود ادارة جلسة الحوار مع الاعلاميين المشاركين ، وكان اول المتحدثين النقيب البعلبكي، فقال:'احب ان انطلق في كلمتي من حقيقة وجود قاسم كبير بين مسؤولية وسائل الاعلام ومسؤولية السياسيين، وهذا ليس جديدا انه يعود الى بدايات الحرب الاهلية، في بداياتها طلب جميع الاطراف من قوات الردع العربية فرض الرقابة المسبقة على الصحافة اللبنانية، يومها كانت حكومة الرئيس الحص في عهد الرئيس سركيس فأصدرت المرسوم الاشتراعي رقم واحد ومارست سلطتها الحكومية من خلال الرقابة المسبقة على الصحافة. اعترضنا يومها ورفعنا مذكرة، ولكن فضلنا ان تلتزم الصحافة مرسوم الرقابة والتي كان يمارسها المدير العام للأمن العام'.
واضاف: في احدى المرات، اصدر الامن العام قرارا بتعطيل 'الوكالة الوطنية' لمدة 10 ايام لانها لم تلتزم أوامر الرقيب. وعند مراجعة الرئيس سركيس، قال: 'ما عندي صلاحية، ولكن نطلب من المدير العام للأمن العام ان يقلل عدد الايام الى 4. وفي العام 1985 ألغي قرار المرسوم وامر بقرار حكومي جماعي'.