أخبار لبنان » كما على الأرض.. كذلك في الفضاء

صحيفة السفير
ضحى شمس
حتى الآن هي خمس قنوات تفوتنا مشاهدتها: &laqascii117o;روسيا اليوم"، &laqascii117o;فرانس 24"، &laqascii117o;الجزيرة انكليزية"، و&laqascii117o;الجزيرة اطفال" و.. ها هي قناة &laqascii117o;بي بي سي العربية" تنضم الى زميلاتها اللامرئيات بالنسبة لنا، نحن شعوب &laqascii117o;الاشتراك" في &laqascii117o;دش" قراصنة الأحياء، الذين نقاسمهم مشاهدة &laqascii117o;غنائمهم" من الفضائيات التي اخترقوا سر الوصول اليها بشكل لاشرعي، مقابل حفنة من الدولارات، لا تتجاوز في احيان كثيرة العشرة.
وفي البداية التمسنا، بمزيج من انتهازية ومثالية ونوع من &laqascii117o;نضالوية" ولادية، الأعذار لهذه السرقة. كانت &laqascii117o;النظرية" تقول: فلندع الفقراء يخترعون فرص عمل في هذه البلاد المهملة من حكامها. لم لا نتشارك واياهم غنائمهم، التي لا تعدو كونها فتاتاً سقط عن مائدة الشركات العابرة للقارات، العامرة بما لذ وطاب من الأرباح الهائلة؟ لم لا؟ خصوصاً ان هذه الأخيرة ترفع سعر خدماتها باستمرار؟ فليكن منافس، ولو غير شرعي، يجعلهم يفكرون مرتين بالتعرفة.
استقر الوضع لفترة. إلا ان المفاجأة غير السارة أتتنا عبر &laqascii117o;حلفائنا" من القراصنة الذين تحولوا بدورهم وبشكل &laqascii117o;طبيعي" الى طغاة صغار يتعدون على حريتنا كمشاهدين باختيار ما نريد. هكذا انقلبت هذه السرقة &laqascii117o;الحلال" فجأة، ضدنا. فها هم القراصنة &laqascii117o;يقاطعون" من الشاشات ما يرونه غير مناسب لعقولنا وعيوننا، نحن شعوب الاشتراك القاصرين، إما من باب النكاية الطائفية بتلفزيون الطائفة الأخرى، وإما نكاية بالمعسكر السياسي المناهض لمعسكرهم، والأمران في لبنان وجهان لعملة واحدة لا تشتري شيئاً.
ثم وسعوا، في غياب أي احتجاج ضدهم، &laqascii117o;البيكار". فاخذوا يحددون القنوات المسموح لنا مشاهدتها &laqascii117o;أخلاقياً" بعد ان اختاروا لنا المناسب &laqascii117o;سياسياً". وها هم يستطردون، فيبرمجون في باقاتهم &laqascii117o;ما يجب" ان نراه، من قنوات دينية ورياضية وللأطفال. والأدهى انهم بتحولهم هذا، توقفوا، كأي ديكتاتور عن الاهتمام بتحسين &laqascii117o;خدمتهم"، نظرا لغياب &laqascii117o;الرأي العام" الذي قد يشكل ضغطاً ما عليهم. فهم لديهم &laqascii117o;كل" الزبائن. وإن طالبتهم، كما فعلنا مرات عدة، بضم القنوات الجديدة الى &laqascii117o;الباقة" الموزعة، احتجوا بأنه &laqascii117o;علينا ان نرضي كل الزبائن"! وإن لم يعجبك..فـ&laqascii117o;روح اشتري دش"!
وبدا ان هذا الاستخفاف غير الطبيعي بما يطلبه &laqascii117o;الجمهور" أساسه اتفاق يبدو انه تم بين القراصنة على اختلاف &laqascii117o;مشاربهم"، جوهره عدم المضاربة على بعضهم. فلكل منطقته. وبالتالي فان &laqascii117o;المشتركين" لا يمكنهم تهديد قرصان الحي باللجوء الى قرصان آخر إن لم تعجبهم &laqascii117o;باقته" من المسروقات!
هكذا، وبكل فخر، فإننا لم نستطع متابعة اي من القنوات التي ذكرناها في مطلع المقال حتى اليوم. ومؤخراً لدى انطلاقة &laqascii117o;بي بي سي العربية" اتصلت بـ&laqascii117o;شادي" المسجل اسمه على الإيصال الشهري للاشتراك (فالقراصنة كأي دائرة رسمية يعطونك ايصالا) وسألته لم لم يدرج القناة في الباقة؟ فقال ان باقته لا تتسع لقنوات جديدة، مع انه ادرج سبع قنوات فرنسية هي تقريباً ما يراه المواطن الفرنسي على ارضه! هكذا حسمت امري على تنفيذ تهديداتي السابقة بالهجرة الى &laqascii117o;الدش ". اي شراء صحن لاقط والتحرر من هذا الديكتاتور. ولما حسبت الكلفة وجدت انها تقريبا نفسها في النهاية، فباشرت تحركاتي.
لكن المثير للانتباه انه في الوقت الذي بدا فيه الجمهور هجرته &laqascii117o;المعاكسة" نحو شراء دش خاص به، ها هم الوافدون الجدد الى الفضاء، اي القنوات الجديدة، ينضمون الى كتيبة الخائفين من استبعاد القراصنة لهم من باقاتهم. فلقد فهموا المعادلة: مصيرهم، خصوصا إن كانوا جدداً، بيد القراصنة. فإن تمنعوا عن ادراجهم في الباقات، لن يتمكن اللبنانيون من مشاهدتهم. وبالتالي سيسقطون في النسيان. فالانطلاقة هي اهم فترة في حياة التلفزيون الجديد. لذلك، يلجأ اغلبهم الى مفاوضات &laqascii117o;سرية" مع قراصنة الأحياء، تدفع فيه الوسيلة الإعلامية...خمسمئة دولار شهرياً، ليدرجها القرصان على لائحة قنواته التي يوزعها، تذكروا، بشكل غير شرعي. أي ان القنوات الجديدة تقوم برشوة القرصان لكي يقوم بسرقتها!
وطني، حبيبي، جنة الفساد، كما على الأرض كذلك.. في الفضاء.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد