استقبل نقيبا الصحافة والمحررين محمد بعلبكي وملحم كرم، يحيط بهما النقيب السابق زهير عسيران وأعضاء مجلس النقابتين، في ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، عددا من الشخصيات السياسية والنقابية والاعلامية والاجتماعية في دار نقابة الصحافة، من الحادية عشرة الى الثانية بعد الظهر، وكانت مناسبة كرم خلالها وزير الاعلام غازي العريضي والنقيبان بعلبكي وكرم عددا من الصحافيين الذين مضى على انتسابهم الى الجدول النقابي خمسون عاما.
وتقدم الحضور وزير الاعلام غازي العريضي، ممثل رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة المدير العام لوزارة العدل الدكتور عمر الناطور، السفير الايراني محمد رضا شيباني، النائبان غسان تويني وعبد اللطيف الزين، عضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الشيخ زياد الصاحب ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، الوزير السابق وديع الخازن، النائب السابق بشارة مرهج، المدير العام لوزارة الاعلام حسان فلحة، مفوض الحكومة لدى مؤسسة 'ايدال' الدكتور نسيب حطيط، مدير 'الوكالة الوطنية للاعلام' اندره قصاص، المستشار الاعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، مدير الدراسات والمنشورات خضر ماجد، وفد إعلامي من المجلس الاسلامي العربي، وفد من الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم مثل رئيسها أحمد ناصر، نائب الامين العام للحزب الشيوعي سعدالله مزرعاني، جمعية 'ذو القربى' برئاسة علي علاء الدين، زهرة ملك، ومديرو مكاتب الصحف العربية وبينهم مدير مكتب صحيفة 'الانباء' الكويتية عمر حبنجر، النقيب السابق عصام كرم، اللواء سهيل الخوري، مدير المراسم السابق في رئاسة الحكومة عبد الرحمن الشيخة، المدير السابق لوزارة الداخلية سميح الصلح وحشد من الزملاء.
الوزير العريضي
وقال الوزير العريضي: 'في هذه الدار العامرة بالجهاد والنضال والتضحيات والدماء وأقلام رموز الكلمة الحرة في لبنان وفي هذا الشرق، في دار نقابة الصحافة، وبينكم ومعكم، أتذكر اليوم وفي أصعب مرحلة يمر فيها لبنان، شهداء الحرية في هذا الوطن الذي كان ونريده أن يبقى رمزا وموئلا وموقعا للتنوع الثقافي والسياسي والطائفي والحضاري وساحة الديموقراطية الاولى في هذه المنطقة، رغم كل ما نعيشه من معاناة وآلام وصعاب ومتاعب'.
أضاف: 'أتوجه بالتحية الى شهداء لبنان الذين دافعوا على مدى العقود الماضية منذ بداية القرن وحتى آخر شهيد سقط، عن لبنان القيم والكرامة والعزة والحرية والديموقراطية والسيادة والاستقلال، وبطبيعة الحال، في هذا الموقع وفي هذا اليوم، أخص بالذكر شهداء الصحافة اللبنانية، وامتدادا أقول مع هذه الفورة الاعلامية الكبرى والتطورات التقنية شهداء الاعلام العربي الذين سقطوا برصاص الاحتلال الاسرائيلي في كل مواقع المقاومة والمواجهة لهذا الاحتلال وارهابه من فلسطين الى لبنان، والذين سقطوا أيضا برصاص الاحتلال الاميركي في العراق، سواء أكانوا مصورين أم مراسلين أم اعلاميين أم صحافيين أم كتابا أم معلقين في وسائل اعلام سياسية، لان الارهاب الواحد. إرهاب الكلمة كان يستهدف إسكات هؤلاء وقتل الكلمة الحرة وضرب هذا المناخ الذي نعتز به، مناخ الحرية والديموقراطية الذي نشأنا عليه ونستمر فيه اليوم'.
وتابع: 'في هذه المناسبة أتوجه بالتحية والمباركة الى الزميل سامي الحاج من قناة 'الجزيرة' العربية، مهنئا بإطلاقه والافراج عنه بعد سنوات من الاعتقال في غوانتانامو، وفي النهاية هو زميل يعمل في مؤسسة إعلامية عربية. ونحن، عندما نقول إننا حراس الكلمة والحرية والديموقراطية وحماتها، نتجاوز كل الخلافات السياسية، لاننا كما سبق أن قلت نؤمن بالتنوع، وهذا ما يجعلنا منحازين دائما الى كل زملائنا في أي موقع كانوا، ولا سيما منهم الذين يدافعون عن الحرية والديموقراطية في عملهم. وإذا كان لي من كلمة في لبنان اليوم، فأنا أخاطب الزملاء في الاعلام المرئي والمكتوب والمسموع لاقول بالرغم من كل هذا الخلاف السياسي العميق وازمة الثقة العميقة والكبيرة التي تميز ويا للاسف حياتنا السياسية اليوم بين قياداتنا السياسية المختلفة، بالنهاية سيبقى لبنان وسيتلاقى اللبنانيون، وهنا مسؤوليتنا نحن أن نبقى منحازين الى مهنتنا بالدرجة الاولى والى بعضنا البعض في الدفاع عن هذه المهنة وعن زملائنا العاملين فيها، لأننا شهدنا في الفترة الاخيرة الكثير من التجاوزات والكثير من الاعتداءات على مصورين ومراسلين والكثير من الاستهداف لبعض زملائنا العاملين في هذا القطاع في كل المناطق ومن كل المواقع، نظرا الى حالة التعصب وحالة التشنج التي تعيشها البلاد، وأملي ان نبقى نحن الإعلاميين منحازين منتصرين الى مهنتنا بالدرجة الاولى والى بعضنا البعض بالدفاع عن قيمة الحرية والديموقراطية مع لبنان. فتحية مباركة لكم في هذا اليومـ وتحية الى كل شهداء الاعلام في لبنان والعالم العربي'.
وختم: 'أنتهز هذه المناسبة في لبنان لأقول إننا بعد النقاش الذي دار حول وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي التي أقرت في اجتماع مجلس وزراء الاعلام العرب، أود أن أسجل الارتياح الكبير الى كل النقاشات والملاحظات التي طرحها زملاؤنا الاعلاميون، خصوصا في لبنان، وكانوا روادا في هذا المجال وعلى مستوى العالم العربي ككل. وكما قلت في اجتماع وزراء الاعلام العرب آنذاك، إن لكل منا خصوصية في بلده ولكل بلد من بلداننا خصوصية. ونعتز بهذه الخصوصية في لبنان، وبالتالي لا يمكن أن يقر شيء لا يأخذ في الاعتبار الخصوصيات التي نسعى من خلالها الى توسيع مساحة الحرية. وأدعو الجامعة العربية ومجلس وزراء الاعلام العرب الى ترجمة ما أطلقناه في ذلك اليوم من دعوة الى شراكة بين الجامعة والاعلاميين العرب، مستفيدين من كل الملاحظات التي طرحت على مدى الاسابيع الماضية لكي يكون لقاء واسع يستمع فيه الجميع الى بعضهم البعض، وتطرح كل الملاحظات لكي يأتي التنظيم في اتجاه المزيد من الحرية ولكي لا يستغل أحد أي كلمة او اي فكرة او توجه من أجل تقيد الاعلام في كل مكان، وفي كل الحالات قلت واكرر في المبدأ ليس ثمة نية، ولكن اذا كان ثمة نية لدى احدهم لتقييد الاعلام فليس ثمة امكان على الاطلاق امام ما يعيشه هذا الاعلام من تطور تقني كبير من رغبة في الاطلاع والمعرفة الواسعة'.
النقيب بعلبكي
من جهته قال النقيب بعلبكي: 'الشكر اولا لمعالي وزير الاعلام الاستاذ غازي العريضي على ما تفضل به في هذه المناسبة، وباسمي وباسم الصحافة اللبنانية أود أن أؤكد لمعاليه أننا موافقون على كل ما ورد في هذه الكلمة. وتتبنى كل المواقف التي اعلنها وزير الاعلام في كلمته الطيبة، واسمحوا لي أن ارحب ترحيبا خاصا بسعادة مدير وزارة العدل الدكتور عمر الناطور ممثلا دولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ فؤاد السنيورة، وأن أرحب بكم جميعا في هذا اليوم، اليوم السادس من أيار، هذا اليوم الذي ليس كمثله يوم. هذا اليوم الذي فاضت فيه أرواح الشهداء الابرار على اعداد المشانق. واسمحوا لي اذ اقول في هذه المناسبة أن علينا جميعا أن نعتذر اليوم من شهدائنا الابرار لاننا نخشى كثيرا أن نكون قد أخذنا نفرط بالامانة التي استودعنا اياها شهداؤنا الابرار الذين قضوا نحبهم في السادس من أيار'.
أضاف: 'سمعت معالي الوزير يقول ليس هناك أي مجال في لبنان، أيا كانت ظروفه واحواله، لاعادة تقييد الصحافة اللبنانية بأي قيد إلا القيد القانوني وقيد ميثاق شرف الصحافة، وقد استمر نضال الصحافة منذ 6 ايار 1916، ومعظم الذين علقوا على المشانق في ذاك اليوم كانوا من الصحافيين، ومن لم يكن منهم صحافيا كان يتوسل الصحافة للاعراب عن رأيه وموقفه السياسي. منذ ذاك اليوم والنضال مستمر والشهداء يتساقطون الواحد تلو الآخر في سبيل احقاق الحق وفي سبيل تأمين الحرية المسؤولة للصحافة اللبنانية، ونحمد الله أن هذا النضال قد أتى ثماره يوم حرر التشريع اللبناني من كل قيد على حرية الصحافة، فكان ذلك بالتعاون الصادق مع شهيد لبنان الراحل الرئيس الخالد رفيق الحريري، وبتعاون مع جميع المعنيين بالشأن الاعلامي، وكان في طليعتهم أيضا معالي وزير الاعلام الاستاذ غازي العريضي، فلا تحدثن احد نفسه بأن يحاول اعادة تقييد الاعلام اللبناني عموما والصحافة اللبنانية المكتوبة خصوصا الى ما كان يقيدها من نصوص لا تتفق على الاطلاق مع الحرية عموما ومع حرية الصحافة خصوصا، وواجب الصحافة أن تكون الادارة المثلى لتبصير الراي العام بالحقيقة وبالحق. وقديما قال السيد المسيح: تعرفون الحق والحق يحرككم، فسبيل التحرر هو معرفة الحق وكذلك كل الرسالات السموية تؤكد أهمية حرية الانسان، حرية فكره وحرية رأيه، بل حرية معتقده الديني أيضا. ولذلك تبقى هذه الحرية بإذنه تعالى وبنضال المؤتمنين عليها جميعا من زملاء إعلاميين وجامعيين وصحافيين وزعماء سياسيين، تبقى هذه الحرية في صون لا تستطيع اي يد ان تعود فتلغيها في حياة لبنان الوطنية. وماذا يكون لبنان، وماذا يمكن ان يكون ان لم يكن لبنان الحرية بكل معانيها، حرية الفكر والرأي وحرية التعبير عن الفكر والرأي والعقيدة وممارسة العقيدة، ان لم يكن لبنان هكذا، فأنا على يقين أنه لن يكون هناك حاجة للبنان. أما وقد تحقق الاعلام اللبناني، نتمنى ان تكتمل القضية مع تعديل قانون الاعلام المرئي والمسموع. في ما يتعلق بالصحافة المكتوبة، انتهى الامر وتحققت لها الحرية بأوسع هامش ممكن، ماذا يمكن ان يكون لبنان ان لم يكن لبنان وطن الحرية اولا؟ وفي هذا المجال اسمحوا لي ان اقول مرة اخرى وانتهز هذه المناسبة لكي نعتذر اعتذارا صادقا من شهدائنا الابرار جميعا لما بلغت اليه الحال في لبنان. ما هكذا كان حلم الشهداء على اختلافهم ابدا.
نحن في الصحافة اللبنانية حريصون كل الحرص على ألا يكون لنا كلام إلا كلام الصدق والشهادة وكلام الدعوة المستمرة الى الوحدة الوطنية وانقاذ لبنان مما يتخبط فيه ومما يخشاه حتى اليوم من ظلمات لا يمكن ان يكشحها الا التمسك بمبدأ الحرية عموما وحرية القول والكتابة خصوصا'.
وختم متوجها بالتحية الى 'جميع شهداء لبنان وبالشكر الى معالي وزير الاعلام ودولة الرئيس فؤاد السنيورة على مشاركتنا في هذا الحفل، ونسأل الله بتعاون اللبنانيين المخلصين أن يكون يوم الفرج قريبا باذنه تعالى'.
النقيب كرم
ثم ألقى النقيب كرم الكلمة الآتية: 'انه زماننا بالشهداء، لا زماننا بالحرية، ولو ان 6 أيار هو يوم شهداء الحرية في لبنان.
الذاكرة ما كانت لتنسى. فالكلمة التي أمر بوأدها جمال باشا انتصرت في النتيجة على جمال باشا. والرأي الذي أمر باغتياله جمال باشا سبب نهاية الترويكا، مدحت وأنور وجمال.
اللبناني أشاح دوما بوجهه عن الأزمنة الأليمة في تاريخه، كل هذه الأزمنة، لان اللبناني يظل ابن الحرية على انفلاشها وفوضاها، لذلك هو يرى، بعين دامعة، ذاته والآخرين، عين دامعة متندمة، لأن اللبناني يعي انه هو، فتح الطريق للآخرين لأنه لم يتصالح مع ذاته.
فالنقمة على الغازي المستعمر يظل فيها شيء من مؤاخذة ذاتية تلوم صابحها لأنه سلم الى الآخرين المقاليد لعجزه هو عن الإمساك بها. لقد حان للبناني ان يحاسب نفسه، ان ينطوي على داخله في محاسبة صادقة، فيرى ان الملك بسياسة الملك انما يكون، وحسن السياسة وحده يقدر على استبقاء الملك.
ألا! كم فاتنا، نحن اللبنانيين، حسن السياسة، ولدنا بالطائفية وعشنا بالطائفية ونتطلع الى بلدنا كيف تلعب الطائفية بمصيره.
وعشنا على الإقطاع، وما انطوت للاقطاع صحفة في تاريخنا كله. ويوم يتصل لون إقطاع عندنا يمور إقطاع آخر بفاقع الألوان، وإقطاع الرجال وإقطاع الضعف توأمان متلاصقان لا يعرفان انفصاما.
هذه المحاسبة الذاتية لا تنزع من خاطر اللبناني طمع الآخرين، فلبنان كان دوما مثار أطماع، لان لبنان مقتعد استراتيجي في هذا الشرق، فلا يجوز الإقلال من موضعه مثلما لا يجوز الإكثار من جعله منتصف 'النقط الحمراء' في السياسات الكبرى.
مع أن كل ما نراه في هذه الأيام ينبئ بذلك، وينبئ بذلك أيضا اختلاف اللبنانيين على كل شيء.
كان 6 أيار يوم استذكار نهضوي، وكانت أرواح الشهداء، شهداء الحرية، منطلقا الى همة توقظ الروحية العامة على وجوب التلاقي لتكون الذكرى فعلا منقذا بدلا من ان تظل تذكرا لائمة مناضلين.
وختاما، أن يكون عدد الشهداء الصحافيين قد ارتفع العام الماضي الى هذا الرقم الكبير، كما أبلغنا الامين العام لاتحاد الصحافيين العرب، ما هم، الا ان المراهنة على ان الفتنة لن تقع فيه، قائمة ورابحة مهما فعل المأجورون الصنائع، وان الصحافيين على ذلك مراهنون'.
وفي ختام اللقاء، جرى تقديم الدروع التكريمية للصحافيين الذين مضى على انتسابهم لجدول النقابة خمسون عاما، وهم: اميلي نصرالله، جان بخاش، انطوان فرح سيف، جان فرح سيف، عزت صافي، جان فيليب كميد ومنير بشارة عبود.
وكان مستشار النقابة فؤاد الحركة قد وضع صباحا إكليلا من الزهر على ضريح شهداء الصحافة في بلدة الدامور باسم نقابة الصحافة، والقى كلمة في المناسبة حيا فيها شهداء الدامور الذين أقيم لهم النصب التذكاري.
وقال: 'هذه النفس تتجسد في شهداء الصحافة الابرار الذين نكرمهم اليوم بذكراهم، الذين سقطوا دفاعا عن الحرية والحق وابداء الرأي.
باسم نقيب الصحافة اللبنانية أحييكم جميعا وأحيي بلدية الدامور رئيسا واعضاء، ولا أنسى أبدا من عمل بصدق وشفافية وإخلاص لقيام هذا النصب'.
ورد شاكرا باسم بلدية الدامور جهاد جورج عقل.