صحيفة السفيرمايسة عواد تنقل الكاميرا صورة لاجتماع في صالون تسلّح بالأحمر والذهبي ليدلل على فخامته. تركّز على وجوه سياسيين لبنانيين من المعارضة ببزات رسمية، ثم تعود لتبرز رئيس مجلس النواب نبيه بري مرتدياً دشداشة ومشاية بيضاء عليها شعار فندق &laqascii117o;الشيراتون".
يخرج المشهد، أو بالأحرى الرئيس بري، عن تقليد متّبع لدى السياسيين اللبنانيين. فالدشداشة البيضاء ليست تقليداً لبنانياً، وغالباً ما تحل العباءة مكانها في القرى اللبنانية. كان الرئيس بري في وسط الصورة يجلس براحة تامة، جسده مرتاح على كنبة، يضحك ويحرّك يديه في إيماءة توحي بجلسة بين أهل البيت، ولو أن العالم كله يشاهد.
مع ذلك، كانت الصورة هذه الجرس المنبّه لإبراز التناقض بين الصورة القادمة من الدوحة، وبين كلام الزملاء من عاصمة قطر حيث الحوار المنشود.
الزملاء ينقلون كلام السياسيين. هم يؤكدون ان العقد كثيرة وأن التقدم صعب في المفاوضات. أما الصور، فكانت تشي بكثير من الحراك. فهل يرسل سياسيونا، عن قصد، رسائل مرئية خاطئة لنا تعاكس فحواها التقارير المكتوبة؟ أما أن الذنب يقع على الكاميرا ولعبة المونتاج في خضم سعيهما الحثيث إلى صورة مغايرة عن تلك الجامدة المتوقعة؟
من أوتيل &laqascii117o;فينيسيا" إلى اجتماعات &laqascii117o;البريستول" ثم أوتيل &laqascii117o;إتوال" عندما التمّ شمل الزعماء على طاولات الحوار، ترتبط حوارات السياسيين في لبنان دوماً بأسماء فنادق خمسة نجوم، فيكون البحث مستميتاً من أجل لقطة مغايرة تتيحها المناسبة ويسهّلها المكان. لم يخرج اجتماع الشيراتون، عن القاعدة هذه. تنشغل الكاميرات بملاحقة سياسيين، تعاملهم على أنهم نجوم. تحاول التوجه إلى مكان بديل عن قاعة المؤتمرات. تستسيغ الكاميرا التقاط صورة لأكرم شهيب وهو يجلس على حافة يستند بيديه إليها ورجلاه حرّتان في الهواء، أو النائب محمد فنيش متحدثاً ومن خلفه برزت مقتنيات ثمينة في الفندق، أو الرئيس السنيورة يتوجه إلى طاولة الغداء التي سكبت فيها بعض أكواب العصير، أو النائب وليد جنبلاط وهو يشق طريقه بين الطاولات حاملاً &laqascii117o;جاكيت" جينز على كتف واحدة.
يتحول المصورون، في ظل السباق الحامي على الصور من جهة ووعي السياسيين إلى النقطة هذه من جهة أخرى، إلى ما يشبه مصوري &laqascii117o;باباراتزي". السياسيون هم النجوم وأرتال الكاميرات تلاحق. وبما أنه لا مهرب من الكاميرات في بهو الفندق، سرعان ما يتعاطى المُشاهد مع المؤتمر برمته، على أنه برنامج واقع، يدرك المشتركون به أنهم مـراقبون. فتصبح كل دردشة جانبية بين موال ومعارض تحمل أكثر من تأويل.
كل ما سبق من ناحية الصورة، وحتى دخول فنانين لبنانيين عليها كنوال الزغبي لدى إلقائها التحية على السياسيين في بهو الفندق، لا يلغي ان كل الشاشات اللبنانية ظلت تراوح في متاريسها من حيث المضمون وفي نشرات الأخبار، إذ بقيت وسائل إعلام المعارضة تلوم الموالاة على تحايلها على تفاهم بيروت، وبقيت وسائل إعلام الموالاة تركز على تأزم الحوار بفعل بيانات المعارضة، والأخطر ان استضافة وجوه من أكثر من لون، وهو ما كان متاحاً نظراً لتواجد السياسيين في مكان واحد، بقيت غائبة بقرار سياسي طبعاً. فشاشات الموالاة تتمترس خلف وجوه ممثليها من الدوحة وتنقل رأيهم حصراً، وشاشات المعارضة تستصرح سياسييها وتخبر جمهورها بوجهة نظرهم فقط. هكذا بقي الكلام يدور في تناقض مُفزع، إذ أن كل رسائل الزملاء الصوتية ، كانت تؤكد ان الحلول معطّلة، وكلها أعادت شريطاً كلامياً بدا قديماً في مضمونه، وهو ما لا يطمئن مهما كانت الصور &laqascii117o;منشرحة" وضاحكة.