أخبار لبنان » مجلس نقابة الصحافة عرض في جلسة خاصة التطورات الاخيرة: على اللبنانيين الالتفاف حو

عقد مجلس نقابة الصحافة ظهر اليوم جلسة خاصة برئاسة النقيب الاستاذ محمد بعلبكي تداول فيها أوضاع البلاد بعد التطورات الاخيرة التي شهدها لبنان. وافتتحت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت تحية لأرواح الشهداء الذين سقطوا في الحوادث الاليمة الاخيرة. وأصدر على أثرها البيان الآتي :
'أولا- إن الابتهاج العفوي الكبير الذي عبر عنه الشعب اللبناني بأسره إثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو الرئيس ميشال سليمان، جاء بحد ذاته ايضا تعبيرا صارخا عما كان قد استبد باللبنانيين جميعا من إحباط من جراء تعطيل مختلف مؤسسات الدولة، ورأس هذه المؤسسات مؤسسة رئاسة الجمهورية، مما شكل تهديدا جديا بتشتت الدولة اللبنانية وانفراط عقدها الواحد، وما كان ذلك ليعود إلا بالشر والاذى على جميع اللبنانيين الى أي فئة انتموا. كما جاء تعبيرا عن مدى الثقة التي يمحضها اللبنانيون جميعا رئيسهم الجديد، فضلا عن الدعم العربي والاقليمي والدولي الذي تجلى بأقوى مظاهره. ومن هنا ما يترتب على اللبنانيين جميعا من وجوب الالتفاف حول مؤسسة الرئاسة وشخص الرئيس التفافا صادقا لا ينتقص منه سعي الى مصلحة فئوية او فردية، فيأخذوا بيد الرئيس الجديد لتحمل مسؤولياته الجسام في همته التاريخية لاعادة بناء الدولة بناء جديا ينطلق من المبادئ والقواعد التي جاء خطاب القسم الرئاسي يفصلها خير تفصيل من غير لبس ولا ابهام. وقد باشر الرئيس العماد ميشال سليمان ممارسة مسؤولياته بالاسراع في تنفيذ قرارات ومراسيم كانت مجمدة في العهد السابق، وفي دعوته الى نزع صوره وجميع الصور واللافتات والاعلام الحزبية من جميع مناطق لبنان. كما باشرها بالاستشارات النيابية التي اسفرت عن اعادة تكليف الرئيس فؤاد السنيورة بتشكيل الحكومة الجديدة التي يرجو الناس، كل الناس، ان لا يؤخر الاعلان عنها اي عراقيل او مطامع شخصية او فئوية ليس لها بالمصلحة العامة اي صلة.

ثانيا- ان آفة الحياة السياسية في لبنان هي بلا ادنى ريب ازدواجية الولاء للدولة التي ارتضاها جميع اللبنانيين على اختلاف عقائدهم القومية وطوائفهم ومذاهبهم الدينية، نطاق ضمان للحرية التي هي القيمة الانسانية العظمى في الحياة البشرية. ولا تعود تلك الآفة الا لضعف الايمان بهذه الحقيقة، وللحدود التي لا يجوز ان يتخطاها المفهوم الصحيح للتعددية داخل المجتمع الواحد، فلا يمكن ان تقوم دولة حقيقية وولاء ابنائها تتوزعه، بل تتنازعه، قوى خارجية اقليمية او دولية او عقائدية فلسفية او دينية او مذهبية.

فما بمثل ما نشهده عندنا من مفهوم مغلوط للتعددية تتمكن دولة حقيقية مستقلة ان تستمر، او تطمح الى ان يكون لها مستقبل واعد. وانما التعددية الصحيحة التي يجب ان نحرص عليها في لبنان كل الحرص هي تلك التي يفرضها حق الاختلاف في الرأي وحق التنافس في التماس الصواب الذي لا يمكن ان يحتكره مواطن دون آخر، ولا يمكن ان يفرضه مواطن على آخر بغير الحوار الحر وسلطان المنطق والبرهان. وفي هذا الاطار يندرج وجوب حصر استخدام السلاح في شرف تحرير الارض من احتلال العدو الاسرائيلي ووجوب تحريم استخدامه ايا كان مصدره وايا كان حامله من اللبنانيين وغير اللبنانيين على ارض لبنان في الشأن الداخلي بأي حال من الاحوال على نحو ما أكد ذلك اتفاق الدوحة بتأييد جميع الافرقاء اللبنانيين. وقد رأينا جميعا وعانينا جميعا من مآسي ذلك ما لن تزول آثاره الا بحكمة الحكماء ومرور زمن كاف ينسخ آثاره من النفوس والافئدة.

ثالثا- لئن توجب الشكر طبعا لدولة قطر الشقيقة ولرئيسها سمو الامير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ولجامعة الدول العربية وامينها العام الاستاذ عمرو موسى ووزراء الخارجية العرب الذين لبوا دعوة المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر واتخذوا قرارهم الاخير الذي تم انطلاقا منه لقاء الدوحة التاريخي وما انبثق عنه من اتفاق مهد السبيل بحكمة فائقة لتهدئة الامور في لبنان واعادة الاوضاع الى ما كان يجب ان تعود اليه من تفاهم لا بد من حده الادنى لانقاذ لبنان، فان كل الضمانات - عربية كانت او دولية - التي يجري الحديث عنها لحسن تنفيذ اتفاق الدوحة، لن تكون بكل تأكيد كافية لبلوغ الغاية ان لم تأت دعما لضمانة اساسية لبنانية داخلية ترتكز - ما دامت الاعمال بالنيات - على نية صادقة كل الصدق عند جميع اللبنانيين في طي صفحة الماضي والسعي الى تصور فعلي مشترك لمستقبل مبني على الاخوة الحق، والرحابة في التعامل، والترفع عن الصغائر وكل ما من شأنه ان يفرق بين اللبنانيين ولا يجمعهم في اطار الدولة الواحدة ذات الرسالة الحضارية الجليلة التي يصح ان تتخذها سائر المجتمعات البشرية قدوة ومثالا. ولا بد هنا من التوقف عند ما تتعرض له دول عربية شقيقة لا سيما المملكة العربية السعودية من حملات، وهي التي كانت لها اليد المشهودة في تجنيب لبنان ويلات الحرب الاهلية، وفي درء فتنة مذهبية لم تكن لتبقي ولا تذر لولا حكمة عاهل المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وحرصه كل الحرص على مواكبة كل مسعى لانقاذ لبنان على نحو ما تجلى في انتداب وزير خارجية المملكة، الامير سعود الفيصل لحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في مجلس النواب.

رابعا- ان ما حدث من اعتداء أثيم على مركز مخابرات الجيش اللبناني في منطقة العبدة في الشمال واستشهاد مجند في الجيش من جراء هذا الاعتداء، وما حدث ايضا قرب مخيم عين الحلوة، حيث قتل انتحاري كان مزنرا بمادة تفجيرية تستهدف قوة الجيش، يجب ان يكون نذيرا بما يمكن ان تنوي الاقدام عليه فئات متطرفة من اعمال ارهابية تستهدف جيشنا الوطني، مما يحتم بالتأكيد احاطة مؤسستنا العسكرية بكل رعاية ودعم من جانب الدولة ومن جانب الشعب كي تؤدي على احسن وجه الدور الوطني الموكول اليها في حماية الوطن وجميع المواطنين.

خامسا- لا بد أخيرا من الاشارة الى الدور البالغ الاهمية والخطورة ونعني به دور الاعلام في لبنان، لا في المرحلة المقبلة فحسب، بل في مختلف المراحل السياسية التي شهدها ويشهدها لبنان ما دام لبنان دولة حية، وما دام للاعلام رسالة في لبنان وفي جميع انحاء العالم. ولكم كنا نتمى لو وفق الاعلام اللبناني في الازمة المصيرية الاخيرة الى ما كان يجب أن يوفق اليه من دور بناء في اجتناب المس بالكرامات والتخوين المتبادل وفي الدعوة الى التعالي عن الفرقة والانقسام، واعتماد لغة الدعوة الى الوحدة والمحبة والرأفة بالوطن واهله عوضا عن لغة غالبا ما كانت لا تخلو من تحريض مكشوف او مبطن، او دعوة الى مزيد من الخصام بدلا من العودة السريعة الى الوئام.
على أن من الظلم البالغ بطبيعة الحال القاء اللوم على الاعلام وحده في كل ما جرى واغفال النصيب الاكبر من المسؤولية الذي يتحمله فعلا قادة السياسة الذين نادرا ما كان أكثرهم يلتزمون أصول الخطاب السياسي الراقي ويدرون أو لا يدرون 'ان الحرب أولها كلام'، وان وميض نار تأكل الاخضر واليابس 'كان تحت الرماد حتى ليوشك ان يكون له ضرام'، كما في الشعر العربي القديم:
ولو لم يطفها عقلاء قوم لكان وقودها جثث وهام
والى جميع وسائل الاعلام اللبناني العزيزة المسؤولة عن تبصير الرأي العام بالحقائق نوجه نداءنا اليوم في مستهل العهد الجديد، أن نلتزم جميعا وبكل دقة امانة 'القول السديد' في كل ما تبث هذه الوسائل او تنشر، سواء كان خبرا او رأيا، لها بلا ريب حق ابدائه، فعلى شرط 'القول السديد'- كما جاء في قوله تعالى- يتوقف صلاح الاعمال وغفران الذنوب'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد