أحمد مغربي
يحطم القلب أن يختتم عام 2014 على تناقض مأسوي. ففي مغرب الأرض، تحقّق حلم الترجمة الفوريّة للمكالمات المرئيّة- المسموعة عبر الانترنت، فتحادث أطفال مدرسة ابتدائيّة في المكسيك مع نظرائهم في مدرسة أميركيّة. وفي مشرق الأرض، حقّق موتورو الإرهاب كابوساً بقتلهم أطفال مدرسة ابتدائيّة في باكستان، ولاحقوهم بالرشاشات في غرف الدراسة، من دون أن يخفوا أنهم يمارسون ثأراً همجيّاً ينتمي إلى شريعة الغاب. ويفتت القلب أن ترتكب تلك المجزرة باسم دين حنيف، كانت حضارته مثالاً لاحتضان التنوّع الديني، بل أشكالاً لا حصر لها من التنوّع في الثقافة والعرق والهوية والأوطان وغيرها.
وعلميّاً، يواصل معظم العرب &laqascii117o;النوم في العسل" (باللهجة المصرية، وباقتباس أيضاً من فيلم لعادل إمام)، فيما تواصل أدمغة الابتكار اشتغالها على دفع ركب الحضارة الإنسان إلى الأمام، بما فيها نقل أفكار الأدمغة بالتخاطر عبر شبكة الانترنت.
استمر الفضاء باجتذاب جهود اكتشافه، والتعرّف إلى تاريخه. واستطاع روبوت يحمل إسماً فرعونيّاً، هو &laqascii117o;فيلة" على اسم الجزيرة النيليّة الشهيرة، أن يحطّ على مذنّب في عمق النظام الشمسي. ولأن المذنّب رافق تكوّن ذلك النظام تقريباً، يشبه عمل الروبوت على معرفة تركيبة المذنّب، نوعاً من التنبيش في أرشيف نشأة الكواكب السيّارة التي تدور حول شمسنا.
هل لم نعد في العلم سوى ذاكرة لتاريخ بعيد؟ هل لا نحضر إلا إسماً لروبوت ومركبة الفضاء &laqascii117o;روزيتا" (على اسم &laqascii117o;حجر الرشيد" الذي قرأه عالِم فرنسي، فعرّف العالَم على لغة الفراعنة الهيروغليفيّة)، فيما يغيب حاضرنا عن المشاركة في مغامرة الإنسانيّة في اكتشاف الكون؟
ربما أبعد من مجرد مصادفة أن تتعافى بورصة &laqascii117o;ناسداك" Nasdaq، التي تقودها أسهم شركات المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة، في السنة التي شهدت تحوّل التقنيّة الرقميّة ملبوسات يرتديها الجسد، بداية من المعصم ووصولاً إلى نظارة &laqascii117o;غوغل" الإشكاليّة. وربما ليس مبالغة النظر إلى 2014، باعتبارها سنة الـ"تقنيّة القابلة للإرتداء".
استطراداً، تواصل صناعة التطبيقات الرقميّة صعودها لتجيب على أسئلة تتجدّد باستمرار في مناحي الحياة اليوميّة كافة، بما فيها العلوم نفسها. وفي الغرب، ثمة جهود هائلة للاستفادة من تلك التطبيقات في التعليم (وكذلك الحال بالنسبة لألعاب الفيديو)، فيما ما زالت تلك الرؤية غائبة عن المنطقة العربيّة.
وفيما شكّلت &laqascii117o;سيلفي" ظاهرة التقنيّات الرقميّة في 2013، برزت في السنة الجارية ظاهرة &laqascii117o;دروني" التي هي تحليق بالـ &laqascii117o;سيلفي" إلى الفضاء، محمولة على طائرات الـ &laqascii117o;درون". في العالم العربي، تتمدّد ظاهرة &laqascii117o;درون" عبر حرب جديدة اندلعت ضد تمدّد تنظيم &laqascii117o;داعش" المتطرف، إضافة إلى استمرار غاراتها على تنظيم &laqascii117o;القاعدة" في اليمن وغيرها. وليس تهكمّاً القول إن الحرب على &laqascii117o;داعش" هي الأولى لطائرة &laqascii117o;يو كلاس" المؤتمتة التي تستطيع ملاحقة عشرات الأهداف سويّة، وقصفها والتعامل معها. إنها الحرب الأولى لذلك الابتكار التقني المتطوّر، فكانت المنطقة العربيّة ساحتها!
ثمة تفاؤل قوي اندفع عبر نجاحات كبرى في شفاء الشلل المُقعِد. حقّق العلماء حلم شفاء المشلول، عبر زرع رقاقات إلكترونيّة، وبواسطة هياكل روبوتية تمسك بالجسد وتحركه للسير على الأقدام. والأهم بين علاجات الشلل هو النجاح في استيلاد أعصاب تحل بديلاً لأعصاب تالفة تسبّبت بالشلل، فتكون شفاءً لتلك الحال التي طالما كانت مستعصية.
الأرجح أن دفعة كبيرة من ذلك التفاؤل لامس &laqascii117o;مدينة سلطان الإنسانيّة" التي استضافت مؤتمراً عن إصابات الحبل الشوكي المؤديّة للإعاقة بالشلل. ومع اتفاق لنقل التكنولوجيا مع مؤسّسة أميركيّة، تضع &laqascii117o;مدينة سلطان الإنسانيّة" نفسها على الخطّ الأكثر تقدّماً لالتقاط خيط شفاء الشلل المُقعِد.
المصدر: صحيفة الحياة