يامن صابور
شهد نظام البيعة في السعودية توجّهاً جديداً بعد مبايعة الملك سلمان بن عبد العزيز، إذ أنه دخل الفضاء الافتراضي بقوّة، وسمح للسعوديين بالمشاركة في هذا التقليد عبر الانترنت باستخدام &laqascii117o;هاشتاغات مليونيّة للمبايعة" كما عنونت صحيفة &laqascii117o;الحياة" الخبر على موقعها. وبحسب الصحيفة السعودية، فقد نشرت أكثر من خمسة ملايين تغريدة مبايعة على موقع &laqascii117o;تويتر" خلال ثلاثة أيام، ولا يزال هذا العدد في ازدياد.
وبالفعل، ازدحم موقع &laqascii117o;تويتر" بعدة وسوم تتعلق بوفاة الملك عبدالله ومبايعة الملك سلمان وولي عهده وولي ولي العهد ومنها: &laqascii117o;الشعب يبايع الملك سلمان"، و &laqascii117o;نبايعكم على السمع والطاعة" و &laqascii117o;نبايع سلمان ومقرن ومحمد"، و &laqascii117o;وفاة الملك عبدالله"، و &laqascii117o;وقفة شعب يبايع سلمان". وترافقت تلك الوسوم مع صور الملك الراحل والملك الجديد، أو صورة تجمع الملك سلمان مع الأمير مقرن والأمير محمد بن نايف. ولقد شارك السعوديون من مختلف الفئات والتوجهات ومن مختلف أنحاء العالم، في مهرجان البيعة الافتراضي هذا، إذ انضمَّ إليه الدعاة وشيوخ القبائل ووجهاؤها ورجال الأعمال والطلاب والمبتعثون والموظفون الحكوميون، وجميعهم يرثون الملك الراحل ويبايعون الحكام الجدد.
وباستثناء البعض ممن وضعوا أبيات شعر في رثاء عبدالله أو مديح سلمان، لم يخرج كل هذا الضجيج عن بضعة أفكار تناقلها المغرّدون نسخاً عن بعضهم البعض. فمن مات لم يكن ملكاً للسعوديين بل كان أباً لهم، وإنّهم إذ يودّعون قائداً حكيماً، يستقبلون قائداً حكيماً آخر يبايعونه على السمع والطاعة. من جهتها استفادت القنوات والمواقع الإخباريّة السعوديّة من هذا الزخم الالكتروني لتؤكّد على تلاحم الأسرة الحاكمة وتنفي أي خلافات في صفوفها، وتشيد بالاستقرار السياسي الذي يؤمِّنه الانتقال السلس للسلطة. أما جامعة الملك خالد فقد وضعت رابطاً خاصاً على الصفحة الرئيسيّة لموقع الجامعة الالكتروني ينقل المتصفّح من أساتذة وطلاب وموظفّي الجامعة لدى النقر عليه إلى صفحة تحوي نماذج المبايعة. بالطبع لم تحصل كلّ تلك المبايعات من دون غطاء من السلطة الدينية، التي سمحت باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لممارسة البيعة. فقد أعلن الشيخ عبدالله المنيع، عضو هيئة كبار العلماء، لصحيفة &laqascii117o;الحياة" أن &laqascii117o;مبايعة خادم الحرمين الشريفين الكترونياً جائزة".
من جهته يعد سلمان بن عبد العزيز أول ملك سعودي يمتلك حساباً رسمياً على موقع &laqascii117o;تويتر" وصل عدد متابعيه إلى حوالي مليون و67 ألف متابع، ووصلت إعادة تغريدته التي افتتح بها عهده سائلاً الله أن يمن عليه بالتوفيق من أجل خدمة شعبه واستقراره، إلى حوالي 244 ألفاً.
وشاركت المواقع الإخبارية السعودية في جوقة المديح والمبالغة بحماس. فقد قال موقع &laqascii117o;الرؤية" أن الشعب السعودي أصبح &laqascii117o;أول شعب بالعالم يبايع قيادته الكترونياً وبأكثر من طريقة... واعتبر العديد من شعوب العالم هذا الأمر الذي أذهلهم بالظاهرة الفريدة والمثال الحقيقي والصحيح الذي يجب أن تسير عليه كل الدول". ولتذهب صناديق الانتخابات إلى مزبلة التاريخ وليتعلم العالم ــ بعد أن يتخلص من ذهوله ــ كيف تتم الممارسة الديموقراطية الصحيحة، وفقاً للبيعة السعودية عبر حسابات &laqascii117o;تويتر"، أو حتى بإرسال رسالة نصية قصيرة إلى جوال ولي الأمر. فقد &laqascii117o;ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي مجتمعة في نقل الصورة الحقيقية للعالم أجمع، حول مكانة القيادات الحكيمة في المملكة داخل قلوب المواطنين"، وفقاً لموقع صحيفة &laqascii117o;الرياض".
أما الخلاصة الفكاهية المريرة فتكمن في مقطع الفيديو الذي انتشر عبر الانترنت وهو يصور مديرة مدرسة بنات تقبع خلف لوحة للملك، وتمدّ يدها من ثقب في اللوحة وتدعو طالباتها لكي يتقدمن ويسلّمن على الملك ويبايعنه على السمع والطاعة. وفي حين تناقلت بعض المواقع شريط ذلك المشهد، على انه طريقة مبتكرة للمبايعة، جحده الكثيرون ورأوا فيه شططاً عن المنهج القويم واجتهاداً خاطئاً، خاصة ذلك الشخص الذي اعتبر أن وضع يد البنات في يد الملك ــ حتى ولو كانت بهدف المبايعة ــ حرام.
المصدر: جريدة السفير