ساندي الحايك
بات توفير البنية التحتية للمعلومات والاتصالات أي الانترنت، في عصر &laqascii117o;العالم الافتراضي"، عاملاً تمكينياً محورياً في بناء المجتمعات. من هنا برزت حاجة ملحة إلى وضع قوانين ضابطة لهذا الفضاء الرقمي، تضمن حقوق الأفراد في الوصول إلى المعلومات وحماية بياناتهم الشخصية، وهو ما بات يُعرف بـ &laqascii117o;حوكمة الانترنت". ولكن من يضع تلك القوانين؟ وما دور الحكومة اللبنانية ووزاراتها والقطاع الخاص؟ ومن المولج بتأمين حسن تطبيق القوانين وحماية حقوق المستخدمين؟
تلك الأسئلة شكلت مادة دسمة للحوار في اللقاء الذي دعت إليه &laqascii117o;مؤسسة مهارات" و &laqascii117o;مجتمع الانترنت في لبنان" بالتعاون مع &laqascii117o;المؤسسة الإنسانية لتطوير التعاون" بدعم من السفارة الهولندية في لبنان، أمس، تحت عنوان &laqascii117o;تعدّد أصحاب المصلحة في حوكمة الانترنت" (Mascii117ltistakeholderism in internet governance).
شارك في المؤتمر رئيس مجلس إدارة &laqascii117o;مجتمع الانترنت في لبنان" نبيل بو خالد، النائبان غسان مخيبر وياسين جابر، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت نبيل فهد، المشرف على &laqascii117o;مركز المعلوماتية القانونية في وزارة العدل" القاضي وسيم حجار، رئيس &laqascii117o;مركز المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات" في نقابة المحامين شربل قارح، المتخصّصة في قضايا الانترنت والأمن الرقمي في &laqascii117o;الإسكوا" نيبال إدلبي، ورئيس قسم القانون والتواصل في &laqascii117o;الجامعة اللبنانية الدولية" وليد رعد. وتفاوتت وجهات النظر حول ماهية التشريعات السيبرانية ولا سيما لناحية تعارض بعضها مع حقوق الأفراد وحرياتهم.
توقيت المؤتمر لم يكن بريئاً، إذ تعمَّدت &laqascii117o;مهارات" أن تعقده قبل يومين من موعد انطلاق أعمال &laqascii117o;منتدى حوكمة الانترنت الرابع في المنطقة العربية" الذي تنظّمه هيئة &laqascii117o;أوجيرو" برعاية وزارة الاتصالات، ويغيب عنه معظم أصحاب المصلحة في حوكمة الانترنت، نتيجة عدم إشراكهم في تطوير مشاريع الحوكمة المنجزة من قبل الوزارة.
تؤكِّد المديرة التنفيذية لـ &laqascii117o;مهارات" رلى مخايل أنّ &laqascii117o;لبنان بيئة جيدة لحرية وحوكمة الانترنت، وتوجد فيه الكثير من المؤسَّسات المختصّة في هذا المجال، لكن ينقصه سياسة موحَّدة جامعة لإدارة القطاع"، مشيرةً إلى أنّ &laqascii117o;قطاع المعلومات الرقمي يحتاج إلى إشراك كلّ المعنيين فيه من الوزارات والقطاعات كافة، مثل وزارات المالية والتربية والاقتصاد، إلى جانب المجتمع المدني والأهلي، والأكاديميين والجامعيين والنقابيين والقطاع الخاص، من أجل تكثيف الاستثمارات عبر تكبير الشبكة وإدخال تقنيات حديثة عليها".
تعدّد أصحاب المصلحة في حكومة الانترنت أو تعدّد المعنيين والمستفيدين منها، واقعٌ تحاول وزارة الاتصالات تجاهله. تُعطي الأخيرة لنفسها حقّ الانفراد في تقرير مصير القطاع من دون إشراك المعنيين الآخرين، ولو شكلياً. هكذا، رفضت الوزارة إعطاء ترخيص لإنشاء &laqascii117o;مركز اتصال" أو ما يُسمّى &laqascii117o;call center" يهدف إلى تقديم خدمات تقنية وتجارية من قبل شركات الانترنت العملاقة، بذريعة حماية &laqascii117o;الاتصالات الدولية". كما قدّمت الوزارة ورقة عمل إلى &laqascii117o;جامعة الدول العربية" حول حوكمة الانترنت، عقب عقدها منتدى الحوكمة الثالث العام الماضي. حملت الورقة اسم &laqascii117o;ورقة القاهرة" وسُلّمت &laqascii117o;بطريقة سرية للغاية" إلى الجامعة، من دون إفساح المجال أمام مؤسّسات المجتمع المدني للاطلاع على مضمونها الذي لا يزال مجهولاً. إلّا أن أحد المشاركين في المنتدى الحالي أعلن لـ &laqascii117o;السفير" أنّ &laqascii117o;الورقة لم تُعتمد في جامعة الدول العربية"، نافياً عقد أي &laqascii117o;اجتماع سري" العام الماضي خلال المنتدى.
وفيما يتعلّق بالقوانين الناظمة للقطاع، يكشف القاضي المشرف على &laqascii117o;مركز المعلوماتية القانونية" في وزارة العدل وسيم حجار خلال ندوة &laqascii117o;مهارات"، أنّ &laqascii117o;اللجان المعنية في المجلس النيابي تدرس منذ نحو عشر سنوات مشاريع تتعلّق بحوكمة قطاع الانترنت. وعكفت لجنة تكنولوجيا المعلومات منذ العام 2004 على دراسة اقتراح قانون المعاملات الالكترونية، إلى أن أقرّ بصيغته الأولية في العام 2010 من قبل اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة". ويضيف أنّه &laqascii117o;في 17 آب العام 2011، قرّرت الهيئة العامة لمجلس النواب سحب الاقتراح المتعلّق بأحكام المعاملات الالكترونية من جدول أعمال الهيئة العامة، ريثما تُقدم الحكومة مشروعاً متكاملاً بهذا الخصوص. ثم عادت الحكومة وقدمت مشروعاً جديداً في العام 2012 باسم &laqascii117o;مشروع قانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي" أُحيل إلى المجلس النيابي بموجب المرسوم رقم 9341، ولا تزال اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة تتابع دراسة المشروع لإقراره".
لم يعدّل مشروع قانون المعاملات الالكترونيّة أيّ أحكام من قانون المطبوعات الصادر في العام 1962، ولا تلك التي لها علاقة بقانون العقوبات، بحسب ما يؤكد رئيس &laqascii117o;مركز المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات" في نقابة المحامين شربل قارح لـ &laqascii117o;السفير". ويوضح أنَّ &laqascii117o;هناك اجتهادين في التعامل مع القضايا الالكترونيّة، منها من ينطلق من نظرية تقضي باعتبار الانترنت مطبوعة، فيحتكم إلى مواد قانون المطبوعات. ومنها من ينطلق من اعتبار الانترنت وسيلة نشر، وبالتالي يلجأ إلى مواد قانون العقوبات، وتحديداً المواد المتعلّقة بالقدح والذم". ويرى قارح أن &laqascii117o;المدّعي العام يجب أن يكون على دراية بالمواد الالكترونيّة وما يعتبر جرميّاً منها، لذلك لا بدّ من أن يكون هناك مدعٍ عام الكتروني متخصّص".
وعلى الرغم من أنّ حرية التعبير على كافّة الوسائط حقّ مكفول في المواثيق والمعاهدات الدولية وفي مقدمة الدستور اللبناني، جنح المشاركون في مؤتمر &laqascii117o;مهارات" إلى الدعوة للاقتصاص من المدوّنين والناشطين والصحافيين عبر وضع قيود تكبّل حرياتهم على الانترنت، بحجة أنّه &laqascii117o;لا يحقّ لأحد توجيه السباب والشتائم لشخص آخر، حتى ولو كان من المتعاطين بالشأن العام". فيما رأى آخرون أن كشف سرية البيانات الشخصية ضرورة لـ &laqascii117o;حماية الأمن القومي مع ما يتهدّد البلاد من هجمات إرهابيّة تتطلب من الأجهزة الأمنية مراقبة أصحابها". أثبت مؤتمر &laqascii117o;مهارات" أنّ قضيّة &laqascii117o;حوكمة الانترنت" لا يجب أن يقتصر نقاشها على الجهات الرسميّة وفي مقدّمتها وزارة الاتصالات، مع التشديد على ضرورة اعتبارها حقَّاً من حقوق الأفراد الأساسية.
المصدر: صحيفة السفير