رنا داود في سابقة على مستوى الأمن المعلوماتيّ، توجّه رئيس آبل التنفيذي تيم كوك برسالة مفتوحة إلى الرأي العام أمس الأول، يعلن فيها رفض الشركة تنفيذ طلب حكومي أميركي بالنفاذ إلى جهاز آيفون. ينسجم ذلك مع تأكيد آبل على التزامها مبدأ حماية الخصوصيّة، بعدما منحت صدر موقعها الإلكترونيّ لعبارة الأمن لا يأتي على حساب الخصوصيّة الفرديّة. كما يأتي كمحاولة من الشركة لإثبات مصداقيّتها، وسط التشكيك الدائم بالتزام عمالقة التقنية بسياسة حماية خصوصيّة المستخدمين.
في رسالته الأخيرة، يكشف كوك عن طلب مكتب التحقيقات الفيدراليّ (FBI) من آبل ابتكار حيلة لاختراق آيفون تعود ملكيّته لأحد منفّذي هجوم سان برناردينو (كاليفورنيا) في كانون الأوّل الماضي. يرفض كوك علانيّة تنفيذ الطلب، معرباً عن تخوّفه من تلك الخطوة &laqascii117o;غير المسبوقة" لأنّها &laqascii117o;تهدّد أمن المستخدمين"، وتتنافى مع مبادئ الحريّة.
وتوضح الرسالة أنّ &laqascii117o;آبل" لا تملك حاليّاً برمجيّات لخرق منظومة حماية أجهزتها، وتنفي نيّة الشركة تطوير برمجيّات مماثلة مستقبلًا، كما تحثّ الجمهور على فهم خطورة الطلب الحكومي وعواقبه. ويؤكّد كوك أنّ &laqascii117o;آبل" بذلت كلّ ما بوسعها للتعاون مع &laqascii117o;مكتب التحقيقات الفيديراليّ"، وقدّمت المعلومات التي بحوزتها، لكنّ الحكومة تطلب &laqascii117o;شيئاً لا نملكه ببساطة".
من جهته، دافع الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إرنست عن طلب وزارة العدل الأميركيّة، داعياً إلى عدم تحريف نيّة الحكومة لأنّها &laqascii117o;لا تريد منفذًا خلفيًّا إلى أجهزة الشركة"، بحسب &laqascii117o;رويترز". لكنّ كوك أشار في رسالته إلى أنّ طلب الحكومة &laqascii117o;سابقة خطيرة"، قائلاً: &laqascii117o;قد يقول البعض إنّ بناء منفذ إلى هاتف &laqascii117o;آيفون" واحد أمر سهل، لكنّهم يتجاهلون بذلك أسس الأمن الرقمي، ومعنى ما تطلبه الحكومة في هذه القضيّة".
حظيت كلمات كوك بأصداء في وادي السيليكون، وتضامن معه جان كوم، رئيس &laqascii117o;واتساب" التنفيذي. وعلّق كوم عبر حسابه على &laqascii117o;فايسبوك" قائلًا: &laqascii117o;لطالما احترمت موقف تيم كوك من الخصوصيّة وجهود &laqascii117o;آبل" لحماية بيانات المستخدمين، ولا يسعني إلّا الموافقة على كلّ ما ذكره في رسالته. علينا ألّا نسمح بمرور هذا الطلب الخطير. حريّتنا على المحكّ".
من جهته، علّق رئيس &laqascii117o;غوغل" التنفيذي ساندر بيتشاي على القضيّة في سلسلة من خمس تغريدات، استهلّها بوصف رسالة كوك &laqascii117o;بالمهمّة"، معتبراً أنّ هناك فرقاً بين منح الجهات الرسميّة معلومات بموجب طلبات محقّة، وبين الضغط على الشركات لقرصنة برمجيّاتها، الأمر الذي وصفه بـ &laqascii117o;المقلق".
غرّد المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القوميّ الأميركيّة إدوارد سنودن واصفاً القضيّة &laqascii117o;بأهمّ قضيّة تقنيّة خلال السنوات العشر الماضية"، داعياً شركة &laqascii117o;غوغل" للوقوف في صفّ الشعب/ المستخدَمين. وشارك سنودن رسالة كوك قائلًا إنّ &laqascii117o;أف بي آي" تصنع عالمًا يلجأ فيه المواطنون إلى &laqascii117o;آبل" للدفاع عن حقوقهم، بدلاً من أن يكون العكس (أي أن يلجأ المواطنون للحكومة أوّلاً)". وحذّر سنودن من طلب الحكومة الذي يسمح لأيّ كان باختراق كلّ أجهزة &laqascii117o;آيفون" (بدءاً من إصدار C5 وما هو أحدث) خلال نصف ساعة فقط.
يقول خبير الأمن الالكترونيّ أحمد الخطيب في اتّصال مع &laqascii117o;السفير"، إنّ &laqascii117o;صحوة شركات التقنية الضخمة لمسألة الخصوصيّة بدأت منذ تسريبات &laqascii117o;ويكيليكس"، عند وعيها لتجسّس الحكومة الأميركيّة على المستخدَمين، لذا فمن البديهيّ أن تطلق الشركات صرخة في وجه الحكومة الأميركيّة كي تضمن نزاهتها أمام الجمهور". ويصف الخطيب رسالة تيم كوك &laqascii117o;بالخطوة الذكيّة، لأنّه تبيّن انحيازه لمستخدمي &laqascii117o;آبل" بشكل صريح، وتستخدم الرأي العام كسلاح في وجه الحكومة".
يشير الخطيب إلى أنّ &laqascii117o;الهمّ الأساسيّ عند أيّ شركة تجاريّة بالدرجة الأولى هو المحافظة على عملائها ومستخدميها، خصوصاً في الأسواق العالميّة، فعلى سبيل المثال، تحقّق &laqascii117o;آبل" الجزء الأكبر من مبيعاتها خارج الولايات المتّحدة، والخضوع لطلب الاستخبارات قد يهدّد إيراداتها حول لعالم".
لا يحتمل خطاب آبل التأويل إذاً: الأولويّة لشفافيّة الشركة في تعاملها مع الجمهور، والتزامها بتعهداتها حول التزام معايير الخصوصيّة والديموقراطيّة. خطوةٌ مهمّة في عالم ما بعد تسريبات سنودن، وما كشفته عن تسهيل بعض شركات المعلوماتيّة الكبرى لعمليّات التجسّس الحكوميّة على المستخدمين.
المصدر: جريدة السفير