محمود زيات
الصورة التي فبركها الاسرائيليون لجلسة حكومية انعقدت في الجولان السوري المحتل، لم يألفها الجمهور الاسرائيلي، وان وُصفت بـ الاستثنائية، وان قراءتها لن تجد لها مكانا على طاولة مفاوضات جنيف المتعلقة بالحرب في سوريا، وفق ما تعكس وسائل الاعلام الصهيونية، ويُجمع المراقبون على ان ما اراد قوله رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، انه لا يريد ان تنجح المفاوضات بشأن الملف السوري في الوصول الى صفقة سياسية يكونون خارجها، ويمنح لايران وحزب الله المزيد من النفوذ والتواجد، خاصة على جبهة الجولان، بل يسعون للحصول على ثمن، يوازي اهمية الجولان السوري المحتل منذ العام 1967، فيما اولويته تبقى في الداخل الاسرائيلي.
ـ نتانياهو يدرك ان مصير الجولان ليس بيد اسرائيل حصرياً ـ
&laqascii117o;مشهدية الجولان"، كانت، في نظر مراقبين اسرائيليين اقرب الى مناورة حاكت جلسة للحكومة الاسرائيلية، تحت شعار &laqascii117o;مطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بـ&laqascii117o;السيادة" الاسرائيلية على الهضبة السورية، ورأت صحيفة &laqascii117o;هآرتس" الصهيونية، انها موجهة الى الداخل، وقالت الصحيفة في افتتاحيتها ليوم امس، إن الجيش الاسرائيلي احتلّ خلال حرب الايام الستة (حزيران عام 1967) سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية وشرق القدس وهضبة الجولان التي كانت تسمى في ذلك الحين على لسان الجميع &laqascii117o;الهضبة السورية"، إذ كان للجولان مثلما لحوران والباشان، معنى جغرافي وليس سياسيا، وغزة أُخليت من جانب واحد، واسرائيل ضمّت منطقتين هما القدس الموسعة (البلدة القديمة، أحياء خارج الأسوار وقرى مجاورة) والجولان (بعد أربع عشرة سنة، ولم تعترف اي جهة عالمية بسريان &laqascii117o;السيادة الاسرائيلية" على هذه المناطق.
وتصف صحيفة الصهيونية رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، بأنه يعشق كلماته وتصريحاته الفارغة والتي تفيد بأنه يحقق كل أهدافه، وتعتبر خطوة نتنياهو بنقل جلسة الحكومة الى هضبة الجولان وإعلانه أن اسرائيل ستبقى هناك الى الأبد جاء لأغراض داخلية فقط، وتقول: لقد هُزم نتنياهو في الصراع على الاتفاق النووي بين القوى العظمى وايران، واذا ما أقيم في دمشق نظام مخول ومسؤول بما يكفي للمساومة على &laqascii117o;السلام"، فإن كلمات نتنياهو لن تحمي الجولان مهما بلغ سقفها.
وتلفت الى انه قبل عشرين سنة، ونتنياهو يدرك ان مصير الجولان ليس بيد اسرائيل حصريا، وكان عليه وقف المحادثات التي ادارها اسحث رابين وشيمون بيريس مع دمشق، على الرغم من انه كان خارج الحكومة، وهكذا تصرف عندما وصل الى الحكم وكان مستعدًا لتقديم تنازلات كبرى، وسعيه لاتفاق مع سوريا، يستوجب انسحابًا حتى محاذاة بحيرة طبريا، ومؤخرا تبدّد وهْم انتهاء واجب إخلاء الجولان مقابل &laqascii117o;السلام" بناء لقرار مجلس الامن رقم 242 الذي يدين الاستيلاء على الاراضي بالقوة، بعد استمرار &laqascii117o;حرب الكل ضد الكل" في سوريا... واضح أن مبدأ حفظ السيادة السورية على اراضي الدولة ينطبق ايضا على ارض تابعة لها احتُلّت قبل 49 سنة، وحجة أن عشرات سنوات الاحتلال تمنح أحقية على الارض الى أبد الآبدين ليست مقبولة في أي مكان في العالم.
ـ السفير الاسرائيلي في الامم المتحدة: &laqascii117o;حزب الله" يتعاظم ـ
يرفق الاسرائيليون حملتهم التي اطلقوها من الجولان السوري المحتل، بـ حرب دبلوماسية يقودها السفير الاسرائيلي في الامم المتحدة دان دابون، لابراز التهديدات التي يشكلها &laqascii117o;حزب الله" على اسرائيل، جراء تطور ترسانته الصاروخية، ويقول لموقع &laqascii117o;مونيتور" الاسرائيلي: حتى لو لم ينصتوا إلي، أنا أطرح هذا الموضوع على الطاولة، هو كخطة عمل بالنسبة إلي، أنا أبني الملف الإعلامي، وأريد التحذير في الوقت الحقيقي من أن &laqascii117o;حزب الله" يتعاظم، ويشتري الصواريخ وفي النهاية سيفتح مواجهة ضدنا - هذا ما سيحدث وسنرد، وعندما نرد، ستتمّ مهاجمة إسرائيل في الأمم المتحدة، لكن حينها سأتمكن من الإثبات أننا أظهرنا في الوقت الحقيقي أن &laqascii117o;حزب الله" يتسلّح ولم يحاول أحد أن يوقف ذلك، واضاف: أنا أذكّر بهذا الموضوع في كل فرصة ومناسبة، وأقدم معطيات مثل أسماء القرى التي يعمل فيها &laqascii117o;حزب الله"، زاعما انها بالقرب من المدارس ومراكز الأمم المتحدة ووضع الصواريخ داخل المنازل السكنية(!).. أنا أقول لهم: في النهاية سنضطر الى تدمير هذه الصواريخ، وستقع إصابات وسط المدنيين، حينها افعلوا شيئًا... يجب على مجلس الأمن أن يستيقظ ويتّخذ موقفا بهذا الشأن.
ـ ايران في الجولان... بدعم روسي ـ
وفي السياق، تصاعدت حدة الخطاب في الاوساط الصهيونية التي تترجم القلق من موقع اسرائيل في التطورات الجارية على الخارطة العسكرية والدبلوماسية المتعلقة بالحرب على سوريا، في ضوء ما وصل الى المسامع الاسرائيلية عن المسار الذي تتجه نحوه المفاوضات الجارية برعاية روسية ـ اميركية، فاعادوا الحديث عن المخاوف من تعاظم النفوذ الايراني الحليف الاساسي لروسيا في المنطقة، ويقول محلل الشؤون العسكرية في موقع &laqascii117o;يديعوت احرونوت" الصهيونية رون بن يشاي، ان المؤسسة الامنية الصهيونية وصلت مؤخرا الى استنتاجات تؤكد ان استقواء &laqascii117o;المحور الشيعي" في سوريا وتمركز إيران على حدود الجولان بدعم روسي، هو تهديد أخطر بكثير من التهديد الذي تشكله &laqascii117o;داعش" و&laqascii117o;جبهة النصرة".
وفي رأي المحلل الاسرائيلي، فان الصورة المكوّنة لدى الاسرائيليين الآن، هي أن الروس يريدون فعلا حتى الآن الحفاظ على بقاء نظام الأسد. مع ذلك هم ملزمون بالنظام، هم يريدون حليفاً مسلماً في سوريا، ولذلك هم يحافظون على التعاون مع إيران، التي لا تجلب معها الحرس الثوري فحسب، إنما أيضا حزب الله والحركات الشيعية من العراق وأفغانستان وباكستان، مشيرا بذلك الى زيارات قام بها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني الى موسكو، في اطار تعزيز التعاون العسكري.
المصدر: جريدة الديار