حلمي موسى
فيما يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فتح أبوابٍ له في موسكو، يحذر كثير من الإسرائيليين من تدهور العلاقة مع الولايات المتحدة. ولا يقتصر التحذير على العلاقات مع الإدارة الأميركية، وإنما يتخطى ذلك إلى العلاقات مع فئات المجتمع الأميركي، وخصوصاً أجياله الصاعدة. ومؤخراً تنفست أوساط إسرائيلية الصعداء عندما عجزت حملة مقاطعة إسرائيل في أميركا عن تمرير قرار في &laqascii117o;الرابطة الأنثربولوجية" بأغلبية ضئيلة. لكن المشكلة الأساسية بقيت تتركز في العلاقات المتدهورة بين حكومة نتنياهو وإدارة باراك أوباما، والتي وجدت مؤخراً تجسيداً لها في خطاب مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس أمام منظمة يهودية.
ورغم استمرار رايس، كممثلة لإدارة أوباما، في الدفاع عن إسرائيل، إلا أنها لم توفر في خطابها جهداً لإطلاق مجموعة من الرسائل والتلميحات التي فهمت على أنها استمرار للخلاف مع نتنياهو وحكومته وميل لمعاقبتها على ما فعلته من توتير للعلاقة معها. وهكذا في المؤتمر السنوي لـ&laqascii117o;اللجنة اليهودية الأميركية" في واشنطن، قالت رايس إن إدارة أوباما ملتزمة بأمن إسرائيل، لكن هذا لا يمنع وجود عقبات واحتمال تفجر أزمات معها في الشهور القليلة الباقية قبل انتهاء ولايتها في كانون الثاني المقبل.
وبعدما حملت رايس على ما اعتبرته إرهاباً يشن ضد إسرائيل ومواطنيها وخصوصاً من جانب حركة &laqascii117o;حماس" في قطاع غزة مؤكدة أن &laqascii117o;إسرائيل ليست وحيدة"، سارعت لإدانة &laqascii117o;تعرض الفلسطينيين لهجمات من جانب عصابات تصرخ الموت للعرب، وعندما تتعرض البيوت والمساجد والكنائس الفلسطينية لأعمال التخريب، فإن الشعب الفلسطيني ليس وحيداً". وقرأ إسرائيليون في هذا الكلام مقارنةً بين ما رأت فيه أعمال عنف إسرائيلية وفلسطينية. وشددت على الوقوف إلى جانب إسرائيل، ولكن على الوقوف ضد الاستيطان، مؤكدة أن إدارة أوباما ستواصل في الشهور القريبة حث خطوات سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين لأن &laqascii117o;للأطفال في سديروت وغزة، جنين ونتانيا، للأطفال كما لأطفالكم وأطفالي، حقا في مستقبل أفضل، غير مرتبط بالنزاع بين الشعبين".
ولاحظ يهود أميركيون أن كلام رايس ليس سوى تمهيد لخطوات تنوي إدارة أوباما اتخاذها قريباً في الشأن الفلسطيني، وخصوصاً ضد الاستيطان. وما تركيز رايس على الدعم الذي قدمته إدارتا أوباما الأولى والثانية لأمن إسرائيل إلا تأكيد على أن ما تنوي فعله على الصعيد السياسي ينبع أيضاً من التزام بأمن إسرائيل.
وفي تل أبيب، استقبل كلام رايس وكأنه تأكيد للمخاوف التي كثيراً ما أشاعها المقربون من نتنياهو، والتي تقول إن إدارة أوباما تنوي استغلال الفترة الانتقالية من أيلول المقبل إلى نهاية العام لتمرير عدد من المواقف ضد إسرائيل بشأن المستوطنات. وهناك اعتقاد بأنه بسبب أن كل الإدارات الأميركية، عارضت الاستيطان فإن أي قرار بهذا الشأن في الأمم المتحدة لن يبدو وكأنه مناقض للسياسة الأميركية. وأقله فإن الإدارة الأميركية لن تستخدم الفيتو ضد قرار ضد الاستيطان في مجلس الأمن كما سبق وفعلت في العام 2011.
وما زاد الطين بلة في نظر إسرائيل، أن رايس، وبعد خطابها في &laqascii117o;اللجنة اليهودية الأميركية"، أقرت في مقابلة مع مجلة &laqascii117o;فوروورد" اليهودية الأميركية أنها لا تستطيع الالتزام بأنه إذا تم التصويت مجدداً على قرار بشأن المستوطنات، سوف تعود أميركا للتصويت بالطريقة ذاتها. وبحسب كلامها، فإن التصويت يرتبط بالصيغة الدقيقة لمشروع القرار، وبالظرف السياسي في أميركا، وبتطور الأحداث بين إسرائيل والفلسطينيين. وطالما أن هناك جمودا سياسيا، فإن احتمالات التصويت ضد المستوطنات تتزايد.
المسألة الثانية التي لا تقل أهمية عن الأولى تتعلق بالمعونة العسكرية الأميركية لإسرائيل والتي لم يتفق بشأنها حتى الآن بين الطرفين. وتبدو الاتصالات بين الجانبين على هذا الصعيد في حالة جمود جراء الفارق بين المبلغ الذي تطلبه إسرائيل والمبلغ المستعدة أميركا لتقديمه. وتقريباً، فإن الاتصالات على هذا الصعيد لم تعد تدور بين أعلى المستويات، وإنما على مستوى نائب رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل، وهذا مستوى بعيد عن القدرة على إبرام صفقة. ومعروف أن إسرائيل تطالب بخمسين مليار دولار للسنوات العشر المقبلة، فيما تبدي أميركا استعداداً لتقديم 35 مليار دولار لا أكثر.
وبحسب المعلق السياسي لموقع &laqascii117o;والا"، أمير تيفون، فإن إسرائيل صارت تخشى من أن الرئيس المقبل سواء كان هيلاري كلينتون أم دونالد ترامب لن يدفعا لإسرائيل أكثر مما يعرض أوباما. بل أن ترامب أعلن أنه سيطالب إسرائيل برد كل المبالغ التي دفعت لها في السابق بعدما ازدهر اقتصادها. ويعتقد أن هيلاري كلينتون ستعرض مبلغا أقل من أوباما بسبب الضائقة الاقتصادية الأميركية.
ولهذا السبب، صار كثيرون في إسرائيل يطالبون نتنياهو بالإسراع في إبرام اتفاقية المعونة العسكرية مع أوباما وعدم تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات. وبين أبرز الدعاة في إسرائيل لهذا الإسراع، وزير المالية السابق زعيم &laqascii117o;هناك مستقبل" يائير لبيد، الذي زار واشنطن الأسبوع الماضي، والتقى بالكثير من أعضاء الكونغرس الجمهوريين والديموقراطيين على حد سواء. وقال لبيد &laqascii117o;أنني في لقاءاتي في واشنطن أدركت أن هذا أيضاً هو موقف أكبر أصدقائنا في واشنطن".
المصدر: صحيفة السفير