محمود زيات
دبت الحماسة لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ليكتب على صفحته عبر شبكة الفيسبوك:
&laqascii117o;شاركت اليوم أنا وزوجتي سارة في مراسم مؤثرة لإعادة الدبابة التي سقطت في اسر السوريين خلال معركة السلطان يعقوب خلال حرب لبنان الأولى. هذه الدبابة هي الدليل الوحيد على المفقودين في تلك المعركة: زخاريا باومل، تسبي فلدمان ويهودا كاتس، بعد 34 سنة نحن ما زلنا نبحث عن جنودنا ولن نتوقف حتى نحضرهم للدفن في &laqascii117o;إسرائيل". الان ستكون لدينا هذه الدبابة: ذكرى من معركة السلطان يعقوب التي يمكنهم زيارتها في &laqascii117o;إسرائيل" وملامستها مع ذكرى أولادهم". ولم ينس تنتياهو ان يعاتب الاعلام الاسرائيلي، واتهمه بانه تجاهل الزيارة &laqascii117o;التاريخية" التي قام بها الى روسيا، وقال: ان أحد انجازات الزيارة كان إعادة الدبابة الاسرائيلية التي تشكل الدليل الأخير على جنودنا المفقودين في السلطان يعقوب.هل نجح الرئيس الروسي في ان يضحك على رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو حين سلمه الدبابة الاسرائيلية التي اسرها الجيش العربي السوري خلال المعارك التي دارت في منطقة السلطان يعقوب في البقاع اللبناني، خلال التصدي لجحافل الغزو الاسرائيلي لبنان في العام 1982، وسط اعتقاد اسرائيلي، يستند الى تقارير امنية واستخباراتية(!)، بانها الدبابة التي اختفى طاقمها، وكلفت اسرائيل فرقاً من العملاء، بعضهم من اللبنانيين، للبحث عن اي اثر للجنود الاسرائيليين.
ـانجاز... ام فضيحة ؟ ـ
فرح نتنياهو بـ &laqascii117o;الانجاز العظيم &laqascii117o; المتمثل باستعادة الدبابة التي تعتبر الاثر الوحيد المرتبط بفقدان جنوده طاقم الطائرة، قبل اربع وثلاثين سنة، وقد تسلمها من الجيش الروسي، بـ &laqascii117o;احتفالية"، اراد منها رئيس وزراء العدو ان يستثمرها في الداخل الاسرائيلي، لكن المفاجأة كانت صادمة، بعد ان كشف خبير الدبابات في الجيش الاسرائيلي المقدم ميخائيل ماس لصحيفة &laqascii117o;يديعوت أحرونوت" الصهيونية أنَّ هذه الدبابة التي &laqascii117o;افرج" عنها من متحف الجيش الروسي، ليست الدبابة التي كان على متنها الجنود الاسرائيليون المفقودون في السلطان يعقوب، فجاءت هذه الحقيقة ـ الفضيحة، التي اضافت الى رصيد رئيس حكومة العدو، المزيد من الخيبات القادمة من لبنان، بعد المراسم &laqascii117o;الاحتفالية" التي خصه بها الرئيس الروسي .
وقال خبير الدبابات... من المحزن جدًا أنَّ رئيس الحكومة ووسائل الاعلام تمضي وراء البلاغات الكاذبة، هذه الدبابة ليست دبابة المفقودين، ما تم إعادته هي دبابة كاملة، ودبابات المفقودين تختلف، من المؤكد أنها إحدى الدبابات التي وقعت في أيدي السوريين في تلك المعركة التي خاضها اللواء 399، ولكن لا توجد في هذه الدبابة أي دلائل على إصابة أُناس فيها، وعندما قال نتنياهو إن الدبابة ستوفر الراحة للعائلات التي لا تملك قبرًا لأولادها، أخطأ مرتين. أولاً هذه ليست دبابة المفقودين، وثانيًا إنهم مفقودون وليسوا &laqascii117o;شهداء". ما قاله خبير الدبابات، عززه مقدم في الجيش الاسرائيلي يدعى داني كرياف الذي قال: أن &laqascii117o;الدبابة التي أُعيدت تحمل رقم 817581، بينما كانت دبابات المفقودين تختلف، إحداها احترقت بالتأكيد نتيجة إصابتها. من الواضح انه لا يهم الروس ما هي الدبابة التي سلموها، ونتنياهو استغل ذلك للتلاعب.
وكان جيش الاحتلال الاسرائيلي، اعلن قبل سنوات، بان الدبابة التي اهدتها سوريا الى الاتحاد السوفياتي لتكون في عداد محتويات متحف الجيش الاحمر، لا ترتبط بالجنود الاسرائيليين المفقودين حتى اليوم، وتؤكد المعطيات التي تم تداولها قبل 18 عاما، ان فحوصات اجريت على الدبابة، بيّنت ان طاقمها عاد سالما، ما يعني انها غير الدبابة التي كان على متنها الجنود المفقودين، لكن نتنياهو حاول الاستفادة من ملفها داخليا.
ـ شقيقة جندي فُقد في السلطان يعقوب: هذه ليست دبابة يهودا ـ
فضيحة الدبابة &laqascii117o;الاسيرة"، حركت عوائل الجنود المفقودين من طاقم الدبابة، ونقلت صحيفة &laqascii117o;يديعوت احرونوت" الصهيونية عن شقيقة الجندي الاسرائيلي المفقود يهودا كاتس الغاضبة مما جرى، قولها .. عائلات المفقودين تنفجر، ما الفائدة من كل هذه الأسافين؟ منذ سمعت عن نية اعادة الدبابة وانا انتظر بترقب ولا انام في الليل. وقبل عشرة ايام اقاموا المراسم في روسيا وهناك قال نتنياهو انه ستكون للعائلات هذه الدبابة كي يلمسوها ومعها ذكرى اولادهم، وكان يعرف آنذاك ان هذه ليست الدبابة الصحيحة، لكننا نحن لم نعرف. وفي اليوم التالي فقط، حصلت على رقم الدبابة الصحيحة، وليس عن طريق الجيش، وفهمت أن هذه ليست دبابة يهودا.
وفي محاولة للتخفيف من وطأة الفضيحة التي دوّت لدى الجمهور الاسرائيلي... قللت اوساط وصفتها &laqascii117o;يديعوت احرونوت" بالمقربة من نتنياهو ان إسرائيل لم تدعّ في أي مرحلة بأن هذه هي دبابة المفقودين. &laqascii117o;قلنا انَّها دبابة من معركة السلطان يعقوب ودليل من المعركة، وهذا ما قاله رئيس الحكومة للعائلات، لم يقل أحد أبدًا أنّ هذه هي دبابة الجنود الثلاثة.
ـ مآثرة الجيش العربي السوري في السلطان يعقوب ـ
وكان الجيش العربي السوري الذي كان يقيم قواعد عسكرية في مختلف المناطق اللبنانية، قد شارك بفعالية في التصدي للغزو الاسرائيلي للبنان في حزيران العام 1982، وشهدت منطقة السلطان يعقوب في البقاع اللبناني معركة موصوفة، تصدى خلالها الجنود السوريون لحجافل الدبابات الاسرائيلية الغازية، معركة اعتبرها القادة العسكريون الاسرائيليون بأنها اكبر هزيمة يتلقاها الجيش الاسرائيلي خلال الاجتياج، حيث سقطت اعداد كبيرة في صفوف الغزاة، قتلى وجرحى، ودُمرت دبابات وتاقلات جند مدرعة، وتم الاستيلاء على عدد من الدبابات بعد ان فرّ جنود الاحتلال منها، لكن المعركة انتهت بفقدان ثلاثة جنود كانوا على متن احدى الدبابات، وبقيت ظروف فقدانهم مجهولة حتى اليوم.
وقد جندت اسرائيل العديد من شبكات التجسس، انخرط فيها لبنانيون تم القاء القبض عليهم من قبل الاجهزة الامنية اللبنانية، كُلف في البحث عن اي اثر على علاقة باختفاء الجنود الاسرائيليين الثلاثة في معركة السلطان يعقوب.
ـ مصيدة الدبابات... ودمشق تحتفل بانتصار السلطان يعقوب ـ
...في اليوم الثالث للعدوان الاسرائيلي عام 1982، اجتازت الفرقة 90 بقيادة اللواء الإسرائيلي جيورا ليف مدينة مرجعيون في الجنوب اللبناني، وتمركزت في مواقع حول بلدتي كوكبا وحاصبيا، ومن هناك كانت الوجهة شمالاً عند وادي البقاع باتجاه جب جنين واستخدمت القوات السورية الطائرات المروحية لدعم عملية التأخير وأطلقت الصواريخ على الأرطال الطويلة من المركبات الإسرائيلية المنتشرة على الطرق.
في العاشر من حزيران، اليوم الرابع للغزو، أسرعت الفرقة 90 الإسرائيلية إلى الأمام بهدف السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض قبل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، ونجحت قوات الغزاة في اختراق فرق المشاة السورية في قرية السلطان يعقوب لتجد نفسها معزولـة ومحـاصرة.
وفي الفجر، أفلتت القوات الإسرائيلية وهربت إلى الجنوب بدعم مدفعي قامت بإطلاق النيران على القوات السورية وأحاطت قواتها بستار من النيران، وجـرت معـركة دامت ست ساعات، سُميت بـ &laqascii117o;مصيدة الدبـابـات"، وقد خسر الاحتلال الاسرائيلي فيها ثماني دبابات واكثر من 30 قتيلاً، والاهم فقدان ثلاثة جنود اسرائيليين، ما تزال وطأة اختفائهم مخيمة داخل المجتمع الصهيوني، وقد سرت اخبار في حينه، ان كرنفالات انتـصار السلطان ابراهيم اقيمت في ساحات دمشـق، وزعم مراسلون صحافيون اميركيون انهم شاهـدوا الجـنود الاسرائيليين الثلاثة على متن احدى الدبابات الاسرائيلية المعروضة في ساحة الاحتفال، لكـنها بقـيت في اطار التكهـنات او &laqascii117o;الخبطات" الاعـلامـية غير الموزونـة.
في العاصمة السورية دمشق، عُرضت الدبابات الاسرائيلية &laqascii117o;الاسيرة" من معركة السلطان يعقوب، في متحف &laqascii117o;بانوراما حرب تشرين"، وبعد سنوات اهدى الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد احـدى هذه الدبـابـات الى الاتحاد السوفياتي، لتدخل متحـف الجـيش الاحمر في موسكو، كدلالة على فعالية السلاح السوفياتي الذي استخدمه الجنود السوريـون خلال مـعركة السلطان يعقوب ـ الملحمة، قبل اربع وثلاثـين سنة.
المصدر: جريدة الديار