عين على العدو » اسرائيل و احتفالية الهزيمة: جيشنا صدىء

محمود زيات

بعد عشر سنوات، وجدت قيادات الاحتلال الاسرائيل، السياسية والعسكرية، ان افضل احتفال لاحياء ذكرى الهزيمة في عدوان تموز العام 2006، هي المناورات والمزيد من المناورات لاخلاء المستوطنين من منازلهم، لحمايتهم من صواريخ &laqascii117o;حزب الله" في الحرب المقبلة.
بعد خمس عشرة سنة، لم يجد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو افضل من حديث افتراضي عن &laqascii117o;قبضة الحديد"، في اطار التحدي لـ &laqascii117o;نظرية بيت العنكبوت" المزعجة، التي اطلقها امين عام &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله في مدينة بنت جبيل، وهي النظرية التي احتلت العقل العسكري الاسرائيلي المهزوم في ايار العام 2000، وفي تموز العام 2006، وهما هزيمتان عاصرهما المجتمع الصهيوني الذي يتوجه اليوم نتنياهو الذي ردد بالامس: في مقبرة خاصة للقتلى من الجنود الاسرائيليين في حرب تموز... ان من يعتقد أنه سيجد هنا شبكة العنكبوت سيجد قبضة من حديد، لكنه اقر بـ &laqascii117o;اخفاقات" الحرب، وهي اخفاقات لم يعد الاسرائيليون يستمدون عبارة التلطيف هذه عن الهزيمة.
هو خطاب مهزوم ذاك الخطاب الذي اراده من يصنع الحروب في الكيان الاسرائيلي، امام قبور الجنود الاسرائيليين الذين قتلوا خلال العدوان، قبل عشر سنوات... &laqascii117o;حزب الله ينظر الينا كدولة ضعيفة... هذه الحرب ما تزال تشكل جرحًا مفتوحًا للمجتمع الصهيوني، على الرغم من مرور عشر سنوات على اندلاعها... الهدوء السائد على الحدود الشمالية يستوجب على الجيش الاسرائيلي أن يحافظ على الجهوزية واليقظة... علينا تنمية قوة وكفاءة الجيش الاسرائيلي.. من واجباتنا أن نتذكر العبر الاليمة من حرب لبنان الثانية والتعهد بأنه في حال انطلق مقاتلونا الى الحرب المقبلة أن نكون مجهزين ومدربين ومصممين على منع الحرب القادمة"، وبحسرة المهزوم يقول وزير الحرب الاسرائيلي افيغدور ليبرمان: أن اسرائيل لا تبحث عن مغامرات، لكنه توعَّد بالقول: نحن دائمًا جاهزون ومستعدون في كل جبهة أمام اعدائنا وإذا حاول أحد ما أن يختبرنا سيواجه يدًا من حديد.
لم يجد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو  امامه في ذكرى &laqascii117o;الجرح الاسرائيلي النازف" من لبنان، ذكرى العدوان الاسرائيلي في تموز العام 2006، سوى ان يلعن اسلوب ادارة للحرب، لكنه اعترف بالحقيقة المرة حين قال &laqascii117o;حزب الله" نظر الينا كدولة ضعيفة، تفتقر الى العمود الفقري، والهدوء النسبي الذي تتمتع به الجبهة الشمالية، بعيد عن ان  يعبر عن مزاج اعدائنا، اما رئيس &laqascii117o;الكنيست" ـ البرلمان  يودي اديشتاين فوصف حرب تموز بـ &laqascii117o;الجرح العميق" الذي حفرته في جسد المجتمع الاسرائيلي، وقال حرب لبنان الثانية تحولت بسرعة، الى  علامة سلبية، اسم مرادف للفوضى والفشل، عقد مرًّ وما تزال حرب لبنان تمثل جرحا عميقا يرفض الشفاء... &laqascii117o;حزب الله" اكبر تهديد على اسرائيل، يتسلح يزداد قوة ويكتسب خبرة، وهذا يفرض على اسرائيل عدم الاستخفاف بقوته والاستعداد لمواجهته.
دان حالوتس  الذي تصدر اسمه لائحة المهزومين في  حرب تموز، واحتل حيزا هاما في تحقيقات لجنة &laqascii117o;فينوغراد"، واستقال من منصبه كرئيس لاركان الجيش الاسرائيلي، قبل انتهاء التحقيقات، قدم شهادة في مركز ابحاث الامن القومي يالذي خصص يوما دراسيا لاستخلاص دروس &laqascii117o;حرب لبنان"، بمشاركة جنرالات كان لهم الدور البارز في &laqascii117o;اخفاقات" الحرب، حاول في مداخلته التملص من مسؤولياته في هزيمة جيشه، محملا المسؤولية لعدم جهوزية جيشه وكفاءته في مواجهة &laqascii117o;حزب الله"، وقال: كفاءة الجيش كانت معروفة لدي ولدى هيئة الاركان العامة، ورئيس الحكومة تسلم تقريرا يؤكد ان جزءاً من الجيش صدئ، لكن الكفاءة امر نسبي، واعتقدت انها كافية لحرب ضد &laqascii117o;حزب الله"، عندما سألوني في جلسة &laqascii117o;الكابينيت".. كم من الوقت ستستمر الحرب ؟، اجبت كثيرا، ومن سيكون المنتصر؟، قلت: لن تكون هذه الحرب الصربة القاضية، ونموذج حرب الايام الستة لن يتكرر، وقد اوصيت في السابق بضرب &laqascii117o;حزب الله" ولبنان، وما زلت اليوم اؤيد هذه التوصية.
الاسرائيليون المستنفرون منذ انتهاء العدوان، قبل عشر سنوات، يصعدون اليوم من وتيرة ما يسمونه استعدادهم للحرب المقبلة مع &laqascii117o;حزب الله"، فيما لو بادر الحزب اليها، وقد قررت قيادة المنطقة الشمالية (المتاخمة لجنوب لبنان)، اجراء مناورات على اخلاء سكان المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان، تستمر حتى  نهاية العام الجاري، على ان تليها مناورات على عمليات اخلاء واسعة. وذكر موقع &laqascii117o;والاه" الصهيوني، ان من بينها مستوطنات مثل مسكافعام والمنارة (المحاذيتان لبلدات عديسة وحولا وميس الجبل)، على ان يتم التدرب على الاخلاء تحت هجمات نيران مباشرة واطلاق صواريخ دقيقة وكذلك اكتظاظ على الطرقات نحو الجنوب وصعود القوات العسكرية نحو الشمال، وتم ابلاغ الاسرائيليين في المستوطنات المشاركة في المناورة بذلك، ويشير تقرير &laqascii117o;والاه" الى ان الاستطلاعات التي اجريت من قبل الجيش الاسرائيلي،  بيّنت أن نسبة بارزة من السكان يفضلون الاخلاء خلال الحرب بشكل منفرد ودون مساعدة الجبهة الداخلية وقيادة المنطقة الشمالية.
وينقل الموقع عن اوساط عسكرية وامنية، ان خطة الاخلاء، ستوفر للجيش ليونة في الدفاع والهجوم خلال المعركة ضد &laqascii117o;حزب الله" الذي أعلن في السنوات الاخيرة عن نيته &laqascii117o;احتلال" مستوطنات في الجليل، لان تواجد مدنيين خلال القتال على مسافة قصيرة من السياج قد يصعب لوقت طويل على الجيش،  بالاضافة الى اخلاء السكان، اضافة الى تخطيط قيادة المنطقة الشمالية لاجراء حراسة المستوطنات من قبل قوات عسكرية.

نشرت صيحفة &laqascii117o;يديعوت احرونوت" الاسرائيلية، شهادة جندي اسرائيلي، يعالج منذ سنوات، من اثار صدمة الحرب في لبنان، مع اكثر من 400 جندي، كانوا  في عداد القوة الاسرائيلية التي شاركت في اقتحام احدى القرى الحدودية في جنوب لبنان، وجاء فيها:
&laqascii117o;كنا بالعشرات... داخل احد بيوت  بلدة لبنانية، وعرف &laqascii117o;حزب الله" بوجودنا وبدأوا يطلقون النار علينا من جميع الاتجاهات، لم يرحمونا، طلبنا عبر جهاز الاتصال المدفعية، وحصلنا عليها... وكان للبيت نافذة كبيرة، وكنت واقفاً على الشرفة أشاهد قذائفنا التي كانت تقترب شيئاً فشيئاً من البيت، في البداية سقطت على بعد مئة متر منا، ثم خمسين مترا... اتصلنا لنصحح اتجاه القصف... فظننا أن القصف سيبتعد، فإذا بالقذيفة التالية تسقط على بعد عشرين مترا وعندها أطلقوا النار علينا، قذيفتا دخانيتان، إحداهما جعلتني أطير باتجاه المطبخ واندلعت النيران، كل شيء احترق وتهاوى عليّ، بدأت بالصراخ من تحت الأنقاض، ثم شعرت بشيء، تبين في ما بعد أنه يد، تسحبني بقوة... اعتقدوا بأنني أحترق... فانهالوا عليّ بالضرب... ثم جروني إلى خارج المبنى وكان حلقي مسدودا بسبب دخان قذيفتنا وفقدت وعيي، لا أذكر الكثير، أو ربما أحاول أن أنسى، وحاولت كتابة شيء ما على الهواء مثل: &laqascii117o;أمي أنا أحبك"، فقد رأيت نفسي وأنا أموت، بينما قال الضابط، وكلانا نخدم معا في قوات الاحتياط منذ 13 عاما، &laqascii117o;ان الجميع كان يبكي واني متّ بين أيديهم".
ان صدمة الحرب ما زالت تنتابني، وتصيبني حتى اليوم نوبات بكاء وذعر وهلع، أتعاطى حبوبا منومة ومهدئة لأني أصبحت عصبي المزاج وأصرخ في وجه كل من يقترب مني، وكنت على استعداد لتقبل الاصابة كجزء من ثمن الحرب التي شاركت فيها، لكنني مقتنع بأن الإصابة النفسية ما كان يجب أن تكون بهذا العمق، شعوري اليوم ان الحكومة أهملتنا وربما هذا أصعب شيء. سمعت كثيرا عن إخفاقات الجيش الإسرائيلي في إدارة المعارك في جنوب لبنان، وسمعت عن  أوامر حمقاء، يقولون لنا أن نحتل هدفاً وقد احتللناه مع جرحى وبعد ذلك ننسحب منه، وبعد أن نحتله مرة أخرى والمزيد من الجرحى، لا تفهم ما الذي يريدونه، أعرف أن حوادث إصابة جنود بنيران صديقة أمر يحدث في جميع الحروب، لكن لا يمكنك أن تفهم كيف لا تعرف مكان قواتك برغم كل التكنولوجيا اليوم، فهناك أجهزة كمبيوتر وأقمار اصطناعية وطائرات استطلاع من دون طيار... التي ما زال صوتها، وهي تحلّق فوقي، يهدر في رأسي حتى الآن، يريدون منحي وساما لكني أرفض، ولا أعتقد أني أستحقه وأنا أكره الجهاز العسكري والحكومة، ليس بسبب الإصابة الجسدية بل بسبب تلك النفسية... ذهبت إلى الحرب باسماً... فليعيدوني باسما.
 
المصدر: جريدة الديار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد