أكد مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية تراجع الأداء الإعلامي لتنظيم 'داعش' بعد نجاح الضربات العسكرية الموجهة ضده في سوريا والعراق في إضعافه، والحد من قدراته، وتكبده خسائر مادية وبشرية كبيرة أثرت في قدرة التنظيم ومقوماته الأساسية، والتي انعكست بشكل مباشر على الأداء الإعلامي والدعائي للتنظيم في الأشهر الثلاثة الماضية.
وأضاف المرصد أنه بالرغم من القوة الإعلامية الهائلة للتنظيم، وشهرته بقوة محتواه الإعلامي الذي قدمه خلال السنوات الماضية، فإن المتابعة الدقيقة والمكثفة لأكثر من 30 موقعًا تابعًا للتنظيم الإرهابي، بالإضافة إلى العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد كشفت عن تراجع نوعيٍّ وكميٍّ للمواد الإعلامية التي يبثها إعلاميو التنظيم وعناصره.
وأوضح التقرير أن تلك الجماعات المتطرفة عندما تكون في ذروة قوتها وعنفوانها، ينعكس ذلك في مزيد من الإصدارات الإعلامية، فمع صعود تنظيم 'داعش' وسيطرته على المزيد من الأراضي في العراق وسوريا وقدرته على تعزيز هذه المكاسب في أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015، كان هناك تزايد فيما يصدره من مواد إعلامية مختلفة، إلا أن الأمر قد تغير بشكل كبير في الأشهر الثلاثة الماضية حسب الدراسة التي أجراها المرصد.
وقسَّمت الدراسة المنتج الإعلامي لتنظيم 'داعش' إلى ثلاثة أنواع وفقًا لمضمون الرسالة التي يحاول التنظيم بثها ونشرها، وهذه الأنواع هي:
صور غير عسكرية نشرتها الأذرع الإعلامية للتنظيم في سوريا، وتلك التي نشرتها أذرعه في العراق، إضافة إلى بيانات التنظيم وفيديوهاته.
حيث أفاد مرصد دار الإفتاء أن نحو 63٪ من المنتج الإعلامي لـ'داعش' يتمثل في الصور، فيما يأتي 20٪ فقط من رسائل الفيديو، مشيرًا إلى أن التركيز على المحتوى غير العسكري كان له دلالة كبيرة في مدى سيطرة 'داعش' على هذه المنطقة أو تلك.
وأشار المرصد إلى التراجع الكبير في الأداء الإعلامي للآلة الإعلامية لدى التنظيم حيث بلغ عدد الصور التي بثها التنظيم في ذروة قوته والتي جاءت في الفترة من يونيو إلى سبتمبر 2015 نحو 3217 صورة في سوريا، ونحو 3762 صورة في العراق، في مقابل انخفاض ملحوظ في الأشهر الثلاثة الأخيرة حيث وصلت النسبة في سوريا إلى 2500 صورة، بينما انخفضت في العراق إلى 2700 صورة. فيما وصلت نسبة الفيديوهات إلى 728 في شهر أغسطس، وانخفضت إلى نحو 500 فيديو في شهر أكتوبر، وهذه النسبة تدل على أن قوة داعش وسيطرتها في سوريا أكثر من سيطرتها في العراق، مما انعكس على المحتوى الإعلامي للتنظيم.
وأرجع المرصد هذا التراجع إلى سببين رئيسيين، هما:
أولاً: مقتل عناصر داعش الإعلامية:
حيث قتل العديد من العناصر الإعلامية أو أصيبوا إصابات بالغة في الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف ضد التنظيم، ومن أمثلة هذه العناصر، جنيد حسين، ومحمد إموازي، وأبو سمرة، ودينيس كوسبرت ـ المعروف باسم أبو طلحة الألماني ـ وغيرهم من العناصر الأجنبية والعربية التي تتخفى وراء الألقاب والكنى.
ثانيًا: فقدان التنظيم للسيطرة على الأراضي التي استولى عليها، حيث فقد التنظيم السيطرة على أراضٍ في محافظة الرقة شمالي سوريا، والعديد من المواقع في العراق، وكانت بيجي وسنجار أحدث المناطق التي خسرها تنظيم داعش في العراق.
وإضافة إلى التراجع الكمي لإصدارات 'داعش'، هناك تراجعٌ نوعيٌّ أيضًا. حيث لاحظ المرصد في تقريره أن الفيديوهات التي تصدرها الولايات التابعة 'لداعش' انخفضت جودتها، فيما عدا تلك الصادرة من ولاية الرقة حيث المقر الرئيسي للتنظيم. مشيرًا إلى أن مؤسسة الحياة تواصل نشر إصداراتها ذات الجودة العالية، إلا أنها أقل تواترًا، بينما أصبحت المواد المنشورة عبر الشبكات الاجتماعية أقل تماسكًا ومصداقية بسبب تراجع المواد الإعلامية.
وأوضح المرصد أن ذلك يؤكد وجود دلائل قوية على تراجع آلة 'داعش' الإعلامية خلال الشهور الثلاثة الماضية، وهو ما يمكن أن يكون مؤشرًا على القضايا الهيكلية الأخرى التي أثرت وبشدة على قوة التنظيم وتماسكه في دلالة واضحة على تراجعه وانكساره، كذلك تؤكد أيضًا أن الانتصارات العسكرية على التنظيم الإرهابي لها تأثير أقوى من الرسائل المضادة على قدرات وسائل الإعلام لدى الجماعات الإرهابية.
وشدَّد المرصد على ضرورة استثمار هذا التراجع الإعلامي لتنظيم 'داعش' الإرهابي، وشن الحملات الإعلامية والرسائل الموجهة والمضادة لما يقدمه التنظيم، بالإضافة إلى استمرار الضربات العسكرية والأمنية والتي أثبتت قدرتها على تكبيد التنظيم خسائر فادحة وإفقاده أحد أبرز مميزاته منذ ظهوره.
المصدر: موقع دار الافتاء المصرية