دكت إنجلترا شباك مضيفتها بلغاريا بسداسية نظيفة، في أبلغ رد على عنصرية الجماهير التي كادت تفسد المواجهة في ملعب صوفيا ضمن منافسات المجموعة الأولى لتصفيات أمم أوروبا 2020.
وخلال المباراة قام بعض من مشجعي بلغاريا الذين كانوا يرتدون ملابس سوداء ويؤدون تحية التيار اليميني، بتقليد أصوات القرود ربما بهدف توجيه إهانة لبعض لاعبي منتخب إنجلترا السود، ما اضطر حكم المباراة لإيقافها مرتين في الشوط الأول.
وتوقف اللعب في المرة الأولى بالدقيقة 22 بعدما سُمعت صيحات عنصرية من مدرجات استاد فاسيل ليفسكي، وأبلغ لاعبو إنجلترا مدربهم غاريث ساوثغيت الذي قام بدوره بإبلاغ الحكم الذي أعلن عن توقف المباراة عندما كانت النتيجة تشير لتقدم الفريق الإنجليزي بثلاثية.
ومع معاودة الصيحات العنصرية أوقف الحكم اللقاء مجددا وطالب المسؤولين عن الأمن بإخراج مجموعة من المشجعين من الملعب في الوقت الذي ذهب فيه ناشد إيفيلين بوبوف قائد منتخب بلغاريا للجماهير مطالبا إياهم بالتوقف عن أي إساءة.
وكان لهذه الواقعة رد فعل كبير في الوسط الكروي الأوروبي؛ حيث طالب الاتحاد الإنجليزي نظيره الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) بفتح تحقيق في الأحداث التي شهدها استاد صوفيا، فيما أعلن رئيس الاتحاد البلغاري بوريسلاف ميهايلوف استقالته من منصبه بعد ساعات من دعوة رئيس وزراء بلاده له بالتنحي.
وقال الاتحاد البلغاري لكرة القدم في بيان له: «قدم بوريسلاف ميهايلوف استقالته وسيتم عرضها على اللجنة التنفيذية في اجتماعها يوم الجمعة». وتابع: «القرار نتيجة التوترات الأخيرة التي تضر بكرة القدم البلغارية وبالاتحاد الوطني للعبة».
وجاء إعلان استقالة ميهايلوف الحارس الدولي السابق بعد ساعتين فقط من تصريحات لمتحدث باسم الاتحاد البلغاري خريستو زابريانوف يرفض فيها التدخل الحكومي بقوله: «بالطبع لا يمكن الاستقالة، لأن الدولة ليس لها أي حق في طلب هذا الأمر الذي يعد تدخلا في كرة القدم، واتحاد كرة القدم لا يتحمل مسؤولية شغب المشجعين».
من جهته أصدر الاتحاد الإنجليزي بيانا أوضح فيه: «يمكننا التأكيد على أن لاعبي منتخب إنجلترا كانوا هدفا للأغاني العنصرية خلال المباراة أمام بلغاريا في تصفيات يورو 2020، وهو أمر غير مقبول على أي مستوى من مستويات اللعبة». وأضاف: «نطالب يويفا بفتح تحقيق عاجل في الأمر، للأسف هذه ليست المرة الأولى التي يتم استهداف اللاعبين بمثل هذه الإساءات».
وطالب رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون (يويفا) باتخاذ «إجراءات سريعة وقوية ضد العنصرية»، وقال: «العنصرية المشينة التي رأيناها وسمعناها ليس لها مكان في كرة القدم أو في أي مكان آخر، الدعم الكامل للمدرب غاريث ساوثغيت والفريق لأنهم ترفعوا عن هذا الأمر. نحن بحاجة لرؤية إجراءات قوية وسريعة من الاتحاد الأوروبي».
وأعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إنه ملتزم بالعمل من أجل «القضاء على هذا المرض»، وقال رئيسه
ألكسندر سيفرين: «إن كل مجتمع كرة القدم يجب عليه العمل سويا باسم الأخلاق والشرف، وسوف نحرز تقدما».
وأضاف: «صعود الوطنية عبر القارة أشعل بعض السلوكيات غير المقبولة، وأخذ البعض على عاتقهم الاعتقاد بأن تجمع الجماهير في مباريات كرة القدم هو المكان الصحيح للتعبير عن آرائهم المروعة».
وبينما أدان الجماهير البلغارية، أشاد غاريث ساوثغيت المدير الفني للمنتخب الإنجليزي بالفوز الكاسح لفريقه، وأثنى على طريقة تعامل لاعبيه مع الموقف في مواجهة الإهانات العنصرية.
وقال ساوثغيت: «أعتقد أن كرة القدم العالمية لم تشهد موقفا مثل هذا من قبل. بالنسبة لي كان أكبر رد هو الذي قام به فريقي في الملعب». وتابع: «مر اللاعبون بمواقف لم يكن يجدر أن يتعرضوا لها لكنهم خرجوا والابتسامة ترتسم على وجوههم بسبب الأداء الذي قدموه. يرغبون دائما أن يتركز الحديث على كرة القدم لكني أعتقد أنهم كانوا طرفا في قصة أكبر».
وقال قلب الدفاع تيرون مينغس الذي خاض أول مباراة مع المنتخب وأول من لفت نظر ساوثغيت للحادث العنصري خلال المباراة: «الفريق اتخذ قرارا جماعيا بمواصلة اللعب بعد الاستراحة. أعتقد أن الطريقة التي تعاملنا بها مع الموقف والخطوات المناسبة التي تم تطبيقها ونفذها المنتخب واللاعبون كانت فعالة».
وتابع: «أنا فخور جدا بالطريقة التي تعاملنا بها مع الموقف، لقد ركزنا على كرة القدم وكان الرد في الملعب. الشوط الثاني كان أفضل حالا. اتخذنا قرارا جماعيا بين الشوطين».
وقال زميله رحيم سترلينغ، الذي سجل هدفين: «أشعر بالأسف لمنتخب بلغاريا الذي تمثله جماهير بهذا الغباء في ملعبه».
وأضاف المدافع هاري مغواير: «هذه النتيجة هي أفضل وسيلة للرد. فخور بالفريق. لا يوجد مكان في كرة القدم لمثل هذا السلوك المشين. يتعين مجابهته».
وقال جيسي لينغارد الذي لم يكن ضمن تشكيلة المباراة: «كل فرد في تشكيلة إنجلترا أقوى من هؤلاء الأشخاص الذي يسيئون للعبة الجميلة. أدعو الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراء ضد هذا السلوك المخجل».
وتوجه زميله في مانشستر يونايتد ماركوس راشفورد الذي افتتح التسجيل في الدقيقة السابعة بالشكر لمشجعي إنجلترا على دعمهم. وقال: «لم يكن موقفا هينا أن تلعب وسط هذه الأشياء التي ما كان لها أن تحدث في عام 2019، فخور لأن الفريق ارتقى فوق الموقف ليحصد النقاط الثلاث، لكن يجب استئصال هذا الأمر».
وأشاد راشفورد أيضا بقائد بلغاريا إيفيلين بوبوف الذي ناشد الجماهير صاحبة الضيافة التوقف عن هذه التصرفات خلال الاستراحة. وقال: «علمت بما قام به قائد بلغاريا خلال الاستراحة. الوقوف أمام الجماهير بمفردك والقيام بالشيء الصحيح يتطلب شجاعة وتجب الإشادة به».
وباتت إنجلترا في حاجة إلى نقطة واحدة من مواجهتها لمونتينيغرو الشهر المقبل على ملعب ويمبلي في لندن لبلوغ النهائيات، علما بأنها تستضيف الدورين نصف النهائي والنهائي من البطولة القارية صيف عام 2020.
ورفعت إنجلترا رصيدها إلى 15 نقطة في صدارة المجموعة متقدمة بفارق 3 نقاط عن تشيكيا و4 نقاط عن كوسوفو الفائزة على مونتينيغرو 2 - صفر في هذه الجولة، وذلك قبل نهاية التصفيات بجولتين.
وضرب المنتخب الإنجليزي مبكرا بهدف رائع في الدقيقة السابعة من ماركوس راشفورد الذي راوغ جورجي باشوف بحركة فنية رائعة وتوغل داخل المنطقة قبل أن يطلق كرة قوية في شباك الحارس البلغاري بلامن ايلييف. وأضاف روس باركلي الهدف الثاني في الدقيقة 20 إثر كرة عرضية من رحيم ستيرلينغ تابعها الأول بسهولة من مسافة قريبة داخل الشباك. وعاد باركلي ليسجل ثاني أهدافه والثالث لبلاده بكرة راسية إثر عرضية من القائد هاري كين في الدقيقة 32.
وفي الدقيقة 45 أضاف رحيم ستيرلينغ الهدف الرابع. واستمرت أفضلية الإنجليز في الشوط الثاني ليسجل سترلينغ الهدف الخامس في الدقيقة 69، واختتم كين مهرجان الأهداف في الدقيقة 85.
الشرق الاوسط