ـ 'المستقبل'
'الضاحية' 28 كيلومتراً مربعاً.. أمنياً
ربيع دمج:
'الضاحية الجنوبية، وما أدراك ما الضاحية'، الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود. إنها جمهورية مستقلة بمساحة 28 من الكيلومترات المربّعة، تشكل جزءاً من مساحة الوطن، وأهم ميزاتها أنها غير خاضعة لقانون ذلك الوطن. لهذا المربع الأمني خصوصية دستورية، وإستراتجية سياسية منفصلة تماماً عن القانون اللبناني، ولا نبالغ بالقول انه من غير المسموح إطلاقاً ولوج أي عنصر من عناصر قوى الأمن الداخلي، أو الجيش اللبناني، الى أي حي من أحيائه، من دون أن تكون هناك موافقة مسبقة، وتنسيق تام من الجهات المسؤولة في المنطقة، وإلا سيكون العقاب سيد الموقف!.
عشرات الجرائم المتنوعة بين سرقة وقتل وخطف، إضافة الى التعدّيات على أراضي المشاع وممتلكات الغير، كما الإعتداء على شبكات الكهرباء، وسرقة خزانات المياه، وهناك ايضا الهاربون من العدالة وتجار المخدرات والمنحرفون، وصولاً إلى المئات من الإشكالات الأمنية، والخلافات العشائرية اليومية، التي يستخدم فيها في أفضل الحالات السلاح الابيض والعصي، وفي أسوأها الرشاشات والقنابل الحارقة، وغالباً ما تنتهي فصول تلك الأحداث عبر حلّها بالطرق الخاصة، من دون الإحتكام الى قانون الدولة. فيحضر الفعل، ويغيب الفاعل، ليبقى مجهولاً حتى إشعار آخر.منذ بداية العام 2011 حتى تاريخه، تم تسجيل، بحسب المرصد الأمني الصادر عن النشرة الرسمية لقوى الأمن الداخلي، ما يقارب الستين حالة سرقة تم الابلاغ عنها في مخافر المنطقة، تراوحت بين سرقة سيارات ودراجات نارية، وكسر محال تجارية وخلعها، وسرقة منازل أثناء وجود أصحابها في قراهم. أما أكثر مواسم السرقات فيزدهر مع بداية فصل الصيف، حين تكتظ المنطقة بالمغتربين الذين يأتون لزيارة ذويهم، فتتم مراقبتهم وسرقة هواتفهم المحمولة، وسياراتهم التي استأجروها من شركات خاصة، إضافة الى الموجودات التي تكون بحوزتهم، والأنكى من ذلك بحسب شهادة العديد من سكان المنطقة، أن معظم تلك السرقات يتم في وضح النهار، وتحت تهديد السلاح، مشككين في أن يكون هناك تنسيق بين عناصر الشرطة في المنطقة وبعض اللصوص، وفي هذا الاطار تخوف مختار محلة الرويس عادل غملوش من التحدّث في الموضوع، حفاظاً على سلامته.
ومن حوادث السرقات إلى الإشكالات الأمنية، بحيث تم تسجيل خسمة وثلاثين إشكالاً أمنياً، إستخدمت خلاله أسلحة حربية من الجهة المعتدية، مما أدى إلى قتل وجرح عدد من المواطنين، إضافة الى عناصر من الجيش اللبناني والأمن الداخلي. ولم يتم في معظم الحالات القاء القبض على الجناة، الذين فروا إلى جهات مجهولة، ودائماً حسب المصادر القضائية والأمنية، هذا عدا عن الإشكالات التي لم يتم الابلاغ عنها، ويرويها سكان الضاحية أنفسهم، الذين لا يتفقون مع الوضع القائم في المنطقة. وفي إستعراض لأبرز الأحداث والجرائم الأمنية التي وقعت منذ بداية العام 2011 حتى الآن، نبدأ بآخرها، ففي 24 ايلول الماضي، قتل المعاون أول في مديرية مخابرات الجيش اللبناني ـ فرع الضاحية الجنوبية حسين أيوب، الذي تدخل لفض إشكال بين أشخاص مسلحين من آل القاق وآخرين من آل الدر في منطقة بئر حسن ـ محلة حرج القتيل، فكان من نصيبه طلق ناري في رأسه، نقل على أثره في حال خطرة الى مستشفى 'الزهراء'، لكنه ما لبث أن فارق الحياة متأثراً بجروحه. ولا يزال الفاعل متوارياً عن الأنظار، والقوى الأمنية تبحث عنه من دون جدوى. وسبق ذلك بعشرة أيام إشكال أمني كبير في منطقة برج البراجنة ـ شارع جهاد زين الدين، بين عناصر من حركة 'فتح' وآخرين من 'حزب الله'، أوقع ما يزيد عن 10 جرحى من الطرفين. وسبب الخلاف لا يزال حتى اللحظة غير واضح، فالبعض إعتبره شخصياً والبعض الآخر أكد أنه تصفية 'قلوب مليانة'، ولكن في كلا الحالتين تطوّر الإشكال من فردي إلى اشتباكات بين الطرفين وإلقاء القنابل، وإستعمال الأسلحة الرشاشة. ولم يتدخل الجيش إلا في وقت متأخر جداً، وبعد سقوط عدد كبير من الجرحى.
في 30 أيلول، وقع خلاف بين اشخاص من آل سويدان وآخرين من آل ناصر الدين في منطقة حي السلم ـ مفرق مستشفى 'الهادي' لجهة السوق الشعبية، وتدخل فيه آخرون من آل مصباح، تطور الى اطلاق النار من اسلحة رشاشة، وما لبث ان هرب الجناة فور وصول القوى الامنية، وأيضاً بعد مرور فترة طويلة على الإشكال، ولم تعرف بالتالي الأسباب والنتائج.
ومن حوادث إطلاق النار إلى حوادث الخطف خلال الشهر الماضي، وتحديداً في 5 أيلول، حين إدعت لدى فصيلة المريجة، المواطنة عليا محمد الغريب التي تسكن بالقرب من كنيسة مار يوسف في المنطقة، ان ولدها بشير غادر مكان عمله بعد ظهر الخميس لتمضية عطلة مع صديق له في بعلبك، وتلقت اتصالاً من هاتف ولدها الخلوي يؤكد فيه أنه مخطوف وبحاجة الى فدية طلبها الخاطفون بقيمة اثنين وثلاثين الف دولار أميركي. ورجحت أن يكون خاطفو ولدها من سكان المنطقة ويتاجرون بالمخدرات، وأنها تشك في بعضهم، خصوصاً انها قبل حادثة الخطف قبضت تعويضها من وظيفتها. وفي شهر آب الحافل بالسرقات، التي زادت من حرارة هذا الشهر، تمت سرقة 15 سيارة، منها 4 سيارات ذات نمرة خضراء، أي مستأجرة، وبقي الفاعلون مجهولين. إضافة إلى سرقة 3 محال لبيع الأجهزة الخلوية، أحدها في حارة حريك قرب البلدية، حيث تفاجأ المواطن وسام مزهر بأن باب محله مخلوع، أما داخله فتم تنظيفه من البضاعة الموجودة. وعندما قصد مخفر الحارة لتقديم بلاغ، جاءت الإجابة حسب قوله 'لا يمكننا أن نفعل شيئاً، عليك الذهاب إلى مخفر بعبدا لتقديم البلاغ'.
أما أكثر الأحداث الأمنية غرابة، والتي لا تزال لغزاً غامضاً، والتحقيق فيها أصبح في طي النسيان، فهو الانفجار الذي وقع في مبنى قرب 'مجمع سيد الشهداء' في الرويس في 14 تموز، وترددت أقاويل حينذاك عن أن الحادث ناجم عن إنفجار قارورة غاز في أحد الأبنية، الأمر الذي إستغربه سكان المنطقة أنفسهم ولم يصدقوه، لاسيما وأن دوي الإنفجار وصل صداه إلى قرى الحدث والشويفات وكفرشيما، التي اكد أحد سكانها ويدعى غابي رجّي أنه إستفاق من نومه على دوي الإنفجار. وأصرّ 'حزب الله' على ان الانفجار ناجم عن انفجار اسطوانة غاز، وأدّى إلى إصابة مواطن بجروح خطيرة وتم نقله إلى مستشفى 'بهمن'. فيما أكدت مصادر تقطن في المنطقة ان شخصا قتل ولم تعرف هويته، مشيرة الى حدوث انفجارين وليس واحدا .
وفرضت عناصر امنية من 'حزب الله' طوقاً امنياً على المنطقة، وأطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفريق المواطنين الذين تجمعوا بالقرب من مكان الانفجار في الرويس، ومنعت دخول أي عنصر من قوى الأمن والجيش إلا في اليوم التالي. وآثر أبناء منطقة الرويس ومحيطها عدم التحدّث في هذا الموضوع، مفضلين الصمت، إلا أن إحدى السيدات وتدعى فايزة مطر، وهي من المناهضات لهيمنة الأحزاب في الضاحية، أصرّت على ذكر إسمها، غير مبالية بأي تهديد، وقالت: 'نحن أبناء منطقة الغبيري أباً عن جد، يوم كانت المنطقة من أرقى المناطق في جبل لبنان، والمسيحي جار المسلم، من دون أن يكون للسلاح أي وجود وكلمة في المنطقة، اليوم يريدون السيطرة على عقولنا، والضحك علينا بالقول ان الإنفجار ناجم عن قارورة غاز، وكذلك إنفجار أنطلياس هو تصفية عائلية بين شخصين، كله ضحك على الذقون'.في تاريخ 24 شباط، أفادت معلومات أمنية بأن اربعة قتلى سقطوا في عملية إتجار بالمخدرات في أحد مقاهي الرصيف في حي المريجة بالقرب من أفران 'الولاء'، وهم من آل جعفر ومقداد وعلاو. وفي حين تكتمت المصادر الأمنية عن سقوط القتلى، اشارت معلومات في المنطقة الى ان 'عملية تبادل حقائب مليئة بالمخدرات بأخرى مليئة بالمال حصلت داخل المقهى، ولدى خروج البائعين بالمال أطلق اثنان عليهما النار، واستردا المال والمخدرات معا، فقتل احد البائعين وأصيب الثاني الذي ما لبث ان فارق الحياة متأثرا بجروحه. وفيما بعد قتل السارقان ليرتفع عدد القتلى إلى اربعة' .
وبهذا الشكل تمت تصفية أفراد المافيا بين بعضهم البعض، على طريقة الأفلام الهوليودية، من دون أي مبالاة من مخفر المريجة الذي لا يبعد أكثر من مئتي متر عن مكان الحادثة، وحضرت عناصره بعد إنتهاء المعركة الطويلة، معتمدة قاعدة 'لا مين شاف ولا مين دري'.
ويؤكد أحد أصحاب المحال المجاورة لذلك المقهى ويدعى مصطفى منصور، أنه شاهد المعركة بأم عينه، وكيف كانت الناس تركض خائفة، وسائقو السيارات أوقفوها وولوا هاربين من دون أن يكون للدرك أي وجود. ولم يخف إستياءه وغضبه من المحسوبيات الحزبية الحاكمة بأمرها في المنطقة، وغياب الأجهزة الامنية الفعلية، مستغرباً 'كيف أن الدرك لا يتجرأون على توجيه كلمة لأي عنصر من العناصر الحزبية أو المحسوبين عليهم، بينما إذا وقع تحت أيديهم رجل بسيط ودرويش، لا يتورعون عن ضربه وأذيته'.
ومن المطاردات البوليسية إلى أحداث مسلسل 'المشوار الطويل' مع مخالفات القمع والتصدي لعناصر الأمن المكلفة إزالة المخالفات والتعديات على أملاك الدولة.
فمنذ بدء الحملة الفعلية بتاريخ 10 نيسان حتى منتصف شهر تموز، استعرت المعارك بين المعتدين وعناصر قوى الأمن الداخلي. واثناء قيام قوة من قطعات سرية الضاحية بازالة مخالفة عائدة لشخص من آل عواد على طريق المطار قرب محطة زين الدين، اعترض القوة عدد من النسوة والشبان من آل عواد وآخرين من آل خيرالدين، وأقدموا بشكل مفاجىء على رشق الدورية بالحجارة واشعلوا الاطارات، ما ادى الى اصابة ثلاث آليات عسكرية تعود لفصيلة برج البراجنة وتحطم زجاجها. وبعد وصول تعزيزات الى المكان رشقت القوة بالمزيد من الحجارة ما ادى الى اصابة ضابط وثلاثة عناصر.
اليوم لم يتغير أي شيء، فحتى اللحظة لا تزال أعمال البناء جارية على قدم وساق، لا سيما في محلة الاوزاعي حيث شيد مبنى جديد فوق أرض تعود ملكيتها لعزيز بطرس متى، والذي كان يملك عليها مطعماً إسمه 'سامبوغا'. لم يستطع صاحب العقار إسترجاع أملاكه من آل زعيتر، الذين توعدوه بتصفيته في حال عاد مطالباً بحقه، وذلك بحسب ما أكده متى الذي يسكن اليوم في غرفة صغيرة في بلدة كفرشيما، بينما أملاكه تحت قبضة البلطجية، والقانون في غيبوبة، لا يتدخل لإعادة الحق إلى صاحبه.
ومن التعدّي على الأملاك العامة إلى التعدّي على شبكات الكهرباء، بحيث نظمت منذ 3 سنوات حملات دورية لمكافحة هذه الظاهرة التي شهدت استفحالاً شديداً خلال الفترات الماضية. الا أن حملات البلدية لم تؤتِ ثمارها، والتعليق على الشبكة كان يعود بعد ساعات من إزالة المخالفة ورمي الأسلاك. ويبرر أحد المواطنين ويدعى محمد عيسى من سكان المريجة ذلك بأنه 'بسبب التقنين القاسي في التيار الكهربائي، وعدم قدرتي على دفع بدل الإشتراك (50 دولاراً شهرياً)'، قائلاً: 'نحن لا نتعدى على الشبكة الكهربائية بهدف التهرب من دفع الفاتورة، إننا نعلّق بسبب المداورة في التقنين، فأنا أقيم على حدود منطقة برج البراجنة، لذا عندما يحين دورنا في التعتيم، يصل التيار الى منطقة البرج، 'فأستعير الكهرباء من ذلك الخط لست ساعات. وفي المقابل يقوم جيراننا في منطقة البرج بالتعليق على الشبكة في نقطة تماسهم مع منطقة المريجة، للسبب نفسه، وهذه طريقة أشبه ما تكون بالمقايضة. نحن نستعير من خط هؤلاء وهم يستعيرون من خطّنا، فأين مكمن الضرر في ذلك؟'. هذه لمحة بسيطة عن أبرز الجرائم والمخالفات الأمنية، فضلاً عن الإشكالات الصغيرة، التي يذهب ضحيتها عدد من الجرحى، وغالباً ما تؤدي إلى أضرار مادية جسيمة، والجواب الوحيد لمخافر المنطقة 'الله يعوضكن شو بدكن تعملو'.
أما سكان المربع فيرفضون في غالبيتهم الإفصاح عن كامل أسمائهم، خوفاً من أي مضايقات، أو الحاق أذية بهم، إلا قلة قليلة لم تخف إنزعاجها من الإنفلات الأمني الحاصل في المنطقة، وبينها محمد حيدر صاحب محل 'يونايتد' لبيع أجهزة الكمبيوتر في جادة هادي نصر الله، والذي تعرّض منذ 3 أشهر للسرقة ليلاً، والإستيلاء على كل محتويات محله، وعندما تقدّم بشكوى إلى مخفر الرويس، أتاه الرد 'شو بدنا نعملك انت بالضاحية'. ويشبّه محمد المخافر في المنطقة بمخفر 'بدري أبو كلبشة' في حارة 'كل مين ايدو الو' في مسلسل 'صح النوم'.
من جهة أخرى، لا تزال قضية مقتل المحامي فادي دندش، الذي تمت تصفيته من قبل مجموعة من آل زعيتر منذ 9 أشهر، في خانة الجريمة الغامضة والمجرم المجهول، بحيث لم يتم العثور على الفاعل، ولا تزال الحرقة في قلب الوالدة، التي أكدّت في حديث مقتضب انها 'لم تأخذ حقها بعد من الدولة، وأن الأمر تمت تصفيته بين الأحزاب المتصارعة على السلطة في الضاحية، والعائلة هي آخر من يعلم بالموضوع'.
الجدير بالذكر أنه في وقت سابق تم التسويق لحملة 'النظام من الايمان' التي أطلقتها جمعية 'قيم' منذ سنة تقريباً، وهي جمعية ثقافية تعنى بترويج القيم الاخلاقية والاجتماعية، واللافت أن هذا الشعار الذي اختارته لحملتها أوحى بأن الضاحية الجنوبية كانت تعيش فوضى كاملة، وان ابوابها فتحت فجأة امام القوى الامنية لتدخل المنطقة التي كان ممنوعاً عليها ان تطأ عتبتها. وعزز هذا الانطباع لا بل كرّسه تأكيد الامين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله في احدى اطلالاته في عاشوراء اهمية هذه الحملة التي باركها، وحض اهالي الضاحية وسكانها على ابداء كل تعاون والتزام موجباتها. عندها بدا الامر وكأن 'حزب الله' رفع الغطاء عن المخالفين وأطلق يد الدولة في القيام بمهامها بعدما قطع لها هذه اليد لأعوام طويلة. ورغم كل الجهود والمساعي والمصاريف المالية لتسويق تلك الحملة، لم يلتفت أحد لها أو يأبه بها، فطارت الحملة وكلام السيد في الهواء، بل على العكس إزداد الوضع سوءاً. والحقيقة الوحيدة والمطلقة هي أن الضاحية بتركيبتها الديموغرافية والسياسية مقسمة إلى شطرين، كل شطر يرزح إما تحت سيطرة 'حزب الله' وهي أكثر المناطق أمناً، أو تحت سيطرة حركة 'امل' والتي تعتبر مرتعاً للبلطجية والزعران
ـ 'السفير'
القانون الانتخابي 'قدس الأقداس'.. و'الإحراجات' تحاصر سيد المختارة
وليد جنبلاط... زعامتي أولاً ومن بعدها الطوفان
إيلي الفرزلي:
وليد جنبلاط هو وليد جنبلاط. الشخص نفسه منذ 30 عاماً ونيف. أولوياته ثلاث: الحفاظ على الحياة. حياة الفرد وجماعته. الحفاظ على الزعامة. المقصود زعامة طائفته. والحفاظ على المال والخدمات. انطلاقاً من هذه الأولويات، يصبح متاحا البحث عن الأحوال والتحولات الجنبلاطية.
يستغرب عارفو وليد بيك كيف يستطيع أن يلم بكثير من التفاصيل السياسية في لبنان والمنطقة والعالم، وفي الوقت نفسه، لا تغفل عينه للحظة واحدة عن سلسلة الأمان الخدماتية التي بناها لنفسه، فهو حكماً صاحب الفضل الأول في توظيف هذا الدركي أو الحارس البلدي القابع في إحدى القرى النائية. وهو كذلك الآمر الناهي في توزيع المناصب الدرزية مهما علا شأنها، من مشيخة العقل إلى النيابة مروراً بالوزارة ووظائف الفئة الأولى.
منذ العام 2003، عام الاحتلال الأميركي للعراق، استشعر وليد جنبلاط المتغيرات في المنطقة. ما قبل الاحتلال شيء وما بعده شيء آخر. الأميركيون صاروا على حدودنا. على حدود الشام ولم يعد الأميركي جنديا قابعا في ثكنة أميركية في بلاده أو في احــدى قواعده في المنطقة. البعض يقول ان جنبلاط قرأ أن مشروع تقسيم المنطقة صار أمراً واقعاً لا بد من التعامل معه وربما البناء عليه. الانتقال في العام 2004 إلى الضفة الأخرى وتثبيت الموقع في 2005 كانا امرا سهلاً نسبياً بالنسبة لزعيم المختارة الذي وجد حينها في العداء لسوريا ما كان تائهاً عنه طوال حياته السياسية. ما كان يقوله رفيق الحريري بالمواربة قاله وليد جنبلاط مباشرة، مثله مثل رفاقه السابقين في قرنة شهوان ممن شكلوا رأس حربة مسيحية في المواجهة مع السوري.
بعد حرب تموز 2006، تحرر النظام السوري من الضغوط الدولية والعربية التي أعقبت زلزال الرابع عشر من شباط 2005. انقلب السحر على الساحر. وما كان سهلاً التعبير عنه صار يحتاج إلى ميزان الجوهرجي، إلى أن دقت الساعة الجنبلاطية، في أيار 2008، واكتملت استدارته في العام 2009. عندها فقط تنفس الصعداء وارتاح. أسر إلى بعض المقربين أن السنوات من 2004 إلى 2009 &laqascii117o;خلصتلي نصف عمري".
في أيار 2007 أيقن جنبلاط أن الحماية الغربية والعربية لم تكن إلا وهماً، بعدما &laqascii117o;وصل الموس إلى الرقبة". كل الحنكة التي يتمتع بها جنبلاط لم تقده إلى احتمال يشبه 7 أيار. خلال ساعات، انهارت الدويلة التي بناها على مر السنين، وأخصامه في الداخل والخارج صاروا على بعد مئات الأمتار من حديقتي منزله في كليمنصو وقصره في المختارة. وانطلاقاً من الاولويات الثلاث نفسها، لم تكن الحسبة معقدة: أخسر التمويل السعودي وأربح الزعامة وسلامتي ومعهما سلامة الطائفة. أي أخسر عاملاً وأربح اثنين. سار في عملية التحول بهدوء، متسلحاً بشعار ثابت يردده دائماً: لا خط استراتيجياً أتبعه، بل خيارات تكتيكية ترتبط بالظروف المحيطة والمصالح والاستحقاقات.
يقول سعد الحريري لأصدقائه ان وليد جنبلاط حصل منه ومن السعوديين على 370 مليون دولار. لا ينكر جنبلاط ذلك، تماماً كما لا ينكر أن لكل أذان موعده. وبرغم أن المال ضروري وأساسي في حياة وليد جنبلاط السياسية، إلا أنه نادراً ما كان العامل الفاصل في تحديد خياراته. الأولوية تبقى للسياسة بمعناها الجنبلاطي، أي الزعامة التي لا بد من الحفاظ عليها بأي ثمن.
انطلاقاً من هذه المعادلة، يمكن لمن يجتهد أن يقرأ مواقف جنبلاط بطريقتين. الأولى، تجزم أنه لا يضبط ساعته إلا على التوقيت السوري، فيما الثانية تؤكد أن الاستحقاقات هي التي تفرض نفسها عليه. وأول هذه الاستحقاقات وأهمها قانون الانتخاب الذي لا يرتاح الزعيم الدرزي لمساره الحالي، تماماً كما لا يرتاح للحضور العوني في الشوف وعاليه وبعبدا. وما زاد الأمر تعقيداً بالنسبة للمختارة أن الخصم المسيحي صار اثنين بعد مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة. التعبير عن القلق لا يتم إلا برمي الصواريخ باتجاهات متعددة، على أن يكون الرد بالالتفات إلى ما يريده البيك، الذي يفتح معارك وهمية ويدخل في صراعات لا تهمه، لمجرد الابتزاز السياسي، وهو الذي يعرف قواعده عن ظهر قلب. مشروع الكهرباء قد يكون إحدى هذه المعارك، على الرغم من أن الاشتراكيين يؤكدون أن نموذج الكهرباء أثبت أن جنبلاط لا يبني مواقفه إلا اعتماداً على معطيات موضوعية، وفي الحالة الكهربائية &laqascii117o;كنا أمام قضية بحت تقنية، لا سيما بعدما أقرت كل الملاحظات الجنبلاطية بالإجماع". فيما موقف ثالث يجزم أن الاعتراض لم يبن إلا لأسباب مادية.
كل ذلك هل يعني أن جنبلاط وضب حقيبته للعودة إلى صفوف &laqascii117o;ثورة الأرز"؟
بالنسبة الى تيار &laqascii117o;المستقبل" الإجابة هي بنعم، لكن بصوت منخفض، فهؤلاء على قناعة تامة بأن جنبلاط قطع العلاقة مع الشام، انطلاقاً من مواقفه المتكررة، فيما علاقته بـ&laqascii117o;حزب الله" تهتز على الرغم من أن الشعرة التي تجمع بينهما لم تقطع حتى اليوم.
في الحديقة الجنبلاطية، كل ما يقال عن &laqascii117o;التغيير" لا يؤخذ به. فمواقف البيك من الأزمة السورية &laqascii117o;لم تخرج عن سياق ما رسمه بشار الأسد بنفسه في خطابيه أمام الحكومة السورية الجديدة وفي جامعة دمشق". أما في ما يتعلق بالحكومة اللبنانية، فرد جنبلاط صار معروفاً: لست مستعداً للخضوع يومياً لعملية فحص دم في السياسة، ولست مضطراً لإعطاء أحد أي توقيع مجاني. والموقف يتخذ بالنظر إلى كل ملف على حدة". يذكر الاشتراكيون مراراً أن الموقف كان واضحاً منذ البداية: لم نخرج من &laqascii117o;14 آذار" لندخل إلى &laqascii117o;8 آذار"، مع التوضيح أن ذلك قاد رئيس الحزب إلى الاستقلالية وليس إلى الوسطية التي تعني أحيانا اللاموقف وهذه ليست عادة وليد جنبلاط..
من يأمل من تيار &laqascii117o;المستقبل" بأن يحول جنبلاط انعطافته الجديدة من المواقف إلى الأفعال، سرعان ما يقنع نفسه بأن الوقت ربما لا يكون مناسباً للخروج من حكومة نجيب ميقاتي حالياً. فيما يؤكد عارفو جنبلاط أن الأمر غير مطروح أصلاً، لا سيما أن البيك يعيش أفضل أيامه ويأخذ الحصة التي يريدها من دون نقاش، وهو الموعود بحصة دسمة من التعيينات الادارية وكذلك الأمنية، خاصة في هذه الظروف التاريخية التي جعلت من وزرائه الأكثر دلالاً بين نظرائهم، من دون أن يؤدي ذلك إلى القطع مع المعارضة، أو رعاتها الإقليميين وخاصة المملكة العربية السعودية.في أكثر من مناسبة، يحاول وليد جنبلاط أن يثبت أنه صوت المعارضة داخل حكومة اللون الواحد. أعلن تأييده لتمويل المحكمة، مبرراً ذلك لمن يستفسر من الحلفاء، بأنه الموقف الذي يحمي المقاومة. فالإحجام عن التمويل لا يوقف المحكمة بل يعرض لبنان للعقوبات ويفتح مواجهة مجانية مع المجتمع الدولي. فتكون عندها الخسارة مزدوجة: تعرضنا للعقوبات ولم نوقف المحكمة.مع التسليم بنظرية المؤامرة التي لا يؤمن بها الزعيم الاشتراكي، ومع افتراض أن المجتمع الدولي يتربص شراً بلبنان ويتحضر للانقضاض عليه مع كل مناسبة، يسأل جنبلاط: لماذا نعطيه هذه الفرصة؟أحد الخبثاء عندما علم أن جنبلاط كان الى مائدة العشاء عند إحدى الشخصيات المعارضة التي كان يتبادل معها الشتائم خلال السنتين الماضيتين، علق بالقول: لم يستطع جنبلاط بلوغ المرحلة التي تسمح له بشتم سوريا ما دام لم يتأكد بعد من أن النظام السوري سيهزم، فيستعيض عن ذلك بالاستماع إلى من يشتمها، لكن ليس في مجلسه الشخصي.
من يراهن على أن جنبلاط سيبقى على مواقفه في حال هزم النظام السوري فهو مجنون. ومن يراهن على أنه سينتقل إلى الضفة الأخرى إذا بقي النظام السوري فهو مجنون أيضاً. وبانتظار الحسم أياً تكن نتيجته، فقد ضمن جنبلاط مكاناً له في المرحلة المقبلة، وهو حتى ذلك الوقت يُقل في الكلام ويكثر في توزيع الرسائل. اذا اجتاز السوري الامتحان الصعب، وهو ليس مؤمنا كثيرا بذلك، فلن يكون مضطرا لدفع فاتورة عالية على النصائح المرفوضة التي كررها على مسامع السوريين وعبر وسائل الاعلام. واذا سقط النظام في الامتحان، يقول وليد جنبلاط &laqascii117o;اللهم اشهد أنني بلغت. لقد قدمت النصائح تلو النصائح وقابلوها بالسلبية.. وهذه هي نتيجة المكابرة".
هل يعني ذلك أن وليد جنبلاط على عتبة تموضع سياسي جديد؟
لا تبدو الأكثرية واثقة جدا بجنبلاط، فيما تبدو المعارضة أكثر تفهما لمواقفه من أي وقت مضى. خطوط جنبلاط الدولية مفتوحة وكذلك العربية وثمة محاولة حثيثة لعادة فتح ابواب المملكة على مصراعيها. التموضع قريبا من نبيه بري ونجيب ميقاتي وميشال سليمان مفيد جدا في هذه المرحلة. ثمة نقزة جنبلاطية كبيرة من مواقف الراعي وما رافق جولة الأخير في حاصبيا أظهر انشدادا اشتراكيا معلنا تجاه خطاب البطريرك الماروني السابق نصر الله صفير. جنبلاط يخاف على طائفته من داخل الطائفة أولا. من البعبع السني الانتخابي في الاقليم والبقاع الغربي وحتما في العاصمة. من التطرف المسيحي في الجبل. من الصوت الشيعي في بعبدا وحاصبيا. يشعر وليد جنبلاط بأنه محاصر، ولذلك صار القانون الانتخابي أولوية الأولويات الجنبلاطية.
علينا أن نعتاد على الوزراء والنواب الاشتراكيين يذكروننا بأن الشهيد كمال جنبلاط هو أبو النسبية وأول رافعي رايتها لبنانيا. هذا صحيح، لكن ماذا عن النسبية اليوم؟ يكاد وليد جنبلاط اليوم أقرب ما يكون الى مشروع ايلي الفرزلي أو مشروع عبد الله بو حبيب (ONE MAN ONE VOTE). وفي أسوأ الأحوال عدم المس بقانون الستين، لأنه برغم كل علاته، يبقى أكثر ضمانا من غيره. ولمن يريد أن يتابع جنبلاط، أن ينتظر موعد الجمعية العمومية الاشتراكية في نهاية هذا الشهر. فهناك يمكن أن يعطي اشارة واضحة حيال القانون الانتخابي وكيفية التكيف مع واقع انتقالي في لبنان وسوريا لا يبدو أنه سيكون سريعا.
ـ 'السفير'
الهوة بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي كبيرة وتحتاج إلى مليارات.. وعقود لردمها
تسليح المؤسسة العسكرية: قرار سياسي لبناني أولاً ثم تأتي المساعدات
علي دربج:
جان قهوجي في واشنطن اعتبارا من اليوم وفي زيارة رسمية تستمر لمدة يومين. هو أبرز مسؤول لبناني يزور واشنطن بعد سقوط حكومة سعد الحريري ومجيء حكومة نجيب ميقاتي، ويجد برنامج مواعيد في البنتاغون والخارجية والكونغرس ومعها عدد كبير من الأسئلة الأميركية التي يفترض أن قائد الجيش اللبناني قد أعد لها العدة، خاصة انه يعول على البعد السياسي للزيارة أكثر من البعد المادي، ولا سيما أنها تأتي بعد محاولات جرت في الكونغرس لوقف برنامج المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني برغم تواضع تقديمات الجيش الأميركي، ومعظمها ذخائر قديمة من مستودعاته في أوروبا.
ولعلها المرة الأولى منذ الاستقلال اللبناني، يكون الجيش اللبناني أمام استحقاق أن يكون قوة قادرة على لعب دور، سواء في حماية الداخل اللبناني، أو في حماية حدود بلده الجنوبية (الخطر الاسرائيلي الدائم) وكذلك الشرقية والشمالية، في ضوء ما يمكن أن ينشأ من تداعيات مستقبلية في الوضع السوري وهي فرضية مطروحة على جدول أعمال الأميركيين.
ما ان انجلى غبار مواجهة العديسة بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي في آب 2010 حتى وجد عناصر الجيش اللبناني أنفسهم مكشوفي الظهر يفتقرون إلى أدنى مقومات الحماية. لا حفرة أو دشمة مجهزة كما هي حال جيوش العالم، ترد عنهم حمم قذائف دبابات العدو ومدافعه ونيران رشاشات جنوده المتحصنين في غرف إسمنتية هي أشبه بقلاع محصنة لا تخترقها لا المدافع ولا الصواريخ.
وما ان تحولت حدود لبنان الى معابر لتهريب السلاح الى الداخل السوري، حتى وجد الجيش اللبناني نفسه مكشوفا، في مواجهة امتحان لم يعد له العدة جيدا، من دون اغفال التداعيات الداخلية لأي تطور دراماتيكي في الوضع السوري.
في المقابل، لم تقدم السلطة السياسية اللبنانية للمؤسسة العسكرية سوى عبارات الثناء والمديح ووعود التسليح، ذلك أن بنود عشرات البيانات الوزارية المتعلقة بتطوير الجيش وتأمين العتاد له وإعادة تجهيزه والتي صيغت بعد اتفاق الطائف بقيت كلها حبرا على ورق.
لا تنقص الجيش العقيدة ولا العزيمة ولا الإرادة أو الكفاءة القتالية للقيام بواجباته، وجل ما يطلبه هو زيادة رصاصاته حتى لا يضطر الى تقنينها عند تعرضه للاعتداء، مثلما هو يحتاج الى منظومة اتصالات حديثة تتيح له التواصل مع قيادته، وشبكة دفاع جوي تؤمن الغطاء له، وصواريخ تقيه خطر دباباته.. والاهم من ذلك كله إرادة سياسية لبنانية وطنية مؤمنة بقدرة الجيش على الدفاع عن لبنان، فتوفر كل ما يحتاج اليه من إمكانات مادية وتقنية.
تعتبر الميزانية العسكرية الإسرائيلية من أكبر الميزانيات العسكرية على مستوى العالم، مقارنة مع الناتج المحلي وعدد السكان، وفي أعقاب حرب تشرين 1973 زادت أكثر حتى أصبحت تمثل ثلث ميزانية الدولة. وقد وصلت ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية وحدها لعامي 2010 ـ 2011، إلى 18 مليار دولار، بدعوى استحقاقات الأوضاع الجديدة في العالم العربي في أعقاب التغييرات في مصر وسوريا وغيرهما.
في المقابل، وصلت موازنة وزارة الدفاع الوطني في مشروع قانون موازنة العام 2010 إلى 1,257 مليار ليرة لبنانية، بحيث تستحوذ كلفة الرواتب والأجور على نحو 80% منها. ووفقا لشركة &laqascii117o;الدولية للمعلومات"، لم تصرف ليرة لبنانية واحدة من العام 2007 حتى 2010 على التجهيزات والإنشاءات وشراء الأسلحة والذخائر مع نفقات تأهيل وترميم (في موازنة وزارة الدفاع). ولا وجود لبند اسمه تسليح الجيش، بقرار من السلطة السياسية.
في المقابل، فان المعدل الوسطي لثمن السلاح الفردي والعتاد للجندي الإسرائيلي والذي يحمله الى ارض المعركة يصل الى حوالى 10 آلاف دولار وهو يتضمن: كمبيوتر عسكريا يمكنه من تلقي أحدث المعلومات والخرائط العسكرية والصور الجوية من الطائرات إليه مباشرة لمعرفة ما يدور حوله، بندقية M16 أو M18 عليها منظار تسديد بالليزر، سترة واقية للرصاص، جعبا للذخيرة فيها اكثر من ألف رصاصة، قنابل يدوية، خوذة حامية للراس، جهاز اتصال لاسلكيا صغيرا، منظارا للرؤيةا الليلية وأحيانا جهاز &laqascii117o;جي بي اس". في حين، لا تتعدى كلفة عتاد الجندي اللبناني (المتواضع) أكثر من 500 دولار وهو مؤلف من بندقية M16 أو كلاشينكوف، وعدد محدود من مخازن الذخيرة.
ومن ناحية الإعداد والتأهيل القتالي، يجري الجندي الإسرائيلي في السنة الواحدة أكثر من 20 مناورة لوائية، فضلا عن مناورات الفرق والكتائب والمناورات الكبرى على مستوى الكيان &laqascii117o;نقطة التحول". في حين ينفذ العنصر اللبناني مناورة واحدة في السنة، ويستخدم خلالها عددا محدودا من الرصاصات.
وتكمن المفارقة الكبرى بين الجنديين (اللبناني والإسرائيلي) بعدد الرصاصات التي يرميها كل منها في السنة الواحدة خلال هذه المناورات والتدريبات. فالجندي الصهيوني يرمي على مدار العام حوالى 100 ألف طلقة رصاص ليتقن فن الرماية في مختلف الأوضاع والمستويات، وليصبح ماهرا وقادرا على القتل والإصابة في الميدان. في حين لا يتاح للجندي اللبناني سوى رماية 10 رصاصات في العام!
وعلى مستوى التسليح والتجهيز، لم تتوقف إسرائيل يوما عن تطوير قدراتها الدفاعية والعسكرية، حتى تحول جيشها من أكثر الجيوش حداثة (أي ما يعرف بالجيش الذكي) بمختلف أذرعه البرية والبحرية والجوية في العالم، وذلك بمساعدة حليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة.
يبلغ الدعم العسكري الأميركي السنوي لإسرائيل لعام 2010 ما قيمته 2.77 مليار دولار والهدف من تقديم هذا المبلغ هو أن يخصص بمجمله تقريبًا لتعزيز القوة العسكرية الإسرائيلية.
وبناءً على اتفاق بين الطرفين تم التوصل إليه في آب 2007، فإن الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل سيزيد تدريجا، بحسب التقدير الاستراتيجي السنوي لإسرائيل 2010، وسيبلغ خلال عشر سنوات تنتهي عام 2018 ما قيمته 30 مليار دولار.
ففي أعقاب حرب لبنان الثانية في تموز 2006، استثمر الجيش الإسرائيلي مبالغ كبيرة في إعادة تخزين أسلحة وذخائر، مع التركيز على شراء كميات كبيرة من
أنواع الذخائر الحديثة للقوات الجوية، مثل القنابل ذات القطر الصغير من طراز GBascii85 ـ 39 وقنابل JDAM GPS-gascii117ided الموجهة والخارقة للتحصينات والأنفاق. واستكملت إسرائيل حصولها على 100 طائرة مقاتلة من طراز F16I كذلك تسلمت 5 طائرات من طراز G550 Gascii117lfstream بعضها مخصص لجمع المعلومات الاستخباراتية والآخر لعمليات المراقبة الجوية.
وأعلنت إسرائيل عزمها على تزويد سلاحها الجوي بطائرات F35 الاستراتيجية والمفاوضات ما زالت جارية حول شروط الصفقة ومن المتوقع أن تحصل على أولى الطائرات ما بين العامين 2015 و2017. كما وسَّعت إسرائيل امتلاكها لأنظمة الأسلحة المنتجة ذاتيًا الخاصة بالقوات البرية. وأحد الدروس المستفادة من &laqascii117o;حرب لبنان الثانية" قاد إلى الشروع بالتسلح بمدرعة جديدة تدعى (نامر) NAMER وقد تم بناؤها على هيكل دبابة &laqascii117o;ميركافا" وقد جهزت بنظام دفاعي فعّال مضاد للدبابات يسمى القبضة الحديدة Iron Fist، كذلك زودت دبابة (الميركافا) بنظام دفاعي مماثل أيضا يدعى (TROPHRY) النصب التذكاري.
وعملت إسرائيل أيضا على سد احتياجاتها الأمنية بتسليح جيشها بطائرات من دون طيار من طراز &laqascii117o;ايتان" قادرة على التحليق على علو شاهق وتنفيذ مهام طويلة لأكثر من 40 ساعة، وطائرات نقل حديثة، وغواصتين من طراز &laqascii117o;دولفين". وركزت على حماية سمائها وجبهتها الداخلية، من خلال تطوير أنظمة مضادة للصواريخ القصيرة والبعيدة والمتوسطة المدى، وتشمل: بطاريات &laqascii117o;اورو" أي &laqascii117o;السهم" و&laqascii117o;القبة الحديدية" و&laqascii117o;مقلاع داوود".
هذه القفزة الإسرائيلية الكبيرة في ميدان التسلح والتجهيز، تأتي في وقت بدا فيه لبنان الرسمي غير معني بها. كأنه لا توجد على حدود الشمالية دولة عدوانية محتلة لجزء من أرضه ولها اطماع تاريخية في أرضه وثرواته المائية ومؤخرا النفطية. وهكذا، لم تقدم الحكومات المتعاقبة على أي خطوة من شانها تحديث معدات الجيش اللبناني وتطوير آلياته وسلاحه، ليصبح مؤهلا لمواجهات هذه التحديات والإخطار المحدقة بلبنان.
لا يجد الجيش أمامه خيارا للتسلح سوى التعويل على الهبات والمسعدات العسكرية الأجنبيّة. ونظرا لاستمرار حالة العداء مع إسرائيل، لم تمنَّ الدول الغــربيّة على لبنان سوى بمعدات عسكريّة دفاعيّة غير كافيّة ومستعملة. ولعل الجزء الأكبر منها يتمثل بالمساعدة العسكرية الأميركيّة بقيمة 600 مليون دولار تمثلّت بسيّارات دفع رباعي وشاحنات ومدرعـات وقطع غيار للآليات القديمة، ومدافع وذخائر وأسلحة خفيفة وطائرات وأجهزة لاسلكي وتدريب.
يرى العميد المتقاعد الياس فرحات أن &laqascii117o;قيادة الجيش اعتمدت في تجهيزه منذ عام 1990 على مصدرين هما سوريا والولايات المتحدة"، مضيفا &laqascii117o;بعد اتفاق الطائف قدمت دمشق للجيش اللبناني نحو 200 دبابة و150 مدفع ميدان من عيار 120 و130 ملم ونحو 40 منصة صواريخ من طراز &laqascii117o;كاتيوشا".
بدورها، قدمت ألولايات المتحدة نحو 3000 آلية مستعملة وبأسعار رمزية شملت سيارات جيب من طراز &laqascii117o;ويليس" و&laqascii117o;هامفي" وشاحنات ريو وناقلات جند M113 إضافة الى 24 مروحية مخصصة لنقل الجنود من طراز ascii85H1. وفي العام 2010 وصلت للجيش طائرة استطلاع من طراز &laqascii117o;سسنا كارافان" هبة من الولايات المتحدة وهي مزودة برشاشات وأجهزة رصد.
وقدمت الإمارات العربية المتحدة هبة للجيش عبارة عن 5 طائرات مروحية من طراز &laqascii117o;غازيل" الفرنسي لكن منزوعة المنصات الصاروخية. ويملك الجيش طائرتين حربيتين من طراز &laqascii117o;هوكر هنتر" كانتا جزءا من عدة طائرات توقفت عن العمل سنة 1995 لكن اعيد تشغيلهما مؤخرا وشاركتا في العرض العسكري الأخير لمناسبة عيد الاستقلال.ويلفت فرحات الانتباه الى ان بعض التجهيزات قديمة العهد، وتمت &laqascii117o;تنفيتها" في جيوش العالم، لكن قيادة الجيش حريصة على حسن صيانتها لضمان استعمالها لأطول فترة ممكنة &laqascii117o;من اجل توفير المال على الخزينة"، مؤكدا أن &laqascii117o;المستوى الفني والإداري للجيش في تعهد العتاد عال جدا". وان القيادة تعتمد ترشيد الانفاق في جميع الاوجه"، مضيفا انه صحيح أن &laqascii117o;كلفة وجود وتسليح جيش كبيرة لكن كلفة عدم وجود جيش اكبر بكثير".
ويشير فرحات الى ان القيادة العسكرية لديها خطط تسليح للجيش وهي جاهزة لكنها بانتظار القرار السياسي. ويوضح انه في حال اندلاع حرب مع إسرائيل وحصول محاولة تقدم إسرائيلي بري، فان الجيش سيتصدى ضمن خطة دفاعية وبحسب مجريات الحرب.
ويلفت الباحث في &laqascii117o;مركز كارنيغي للشرق الأوسط" في بيروت نديم حاصباني، الى وجود خطّة رفعتها قيادة الجيش في مرحلةٍ سابقةٍ وتتضمَّن بناء البنيّة التحتيّة (من ثكنات وتجهيزات للمطارات) وتأمين دبابات قتال ومقاتلات نفاثة جوّ أرض (لتوفير الدعم الجوّي في وجه ميليشيات على غرار ميليشيا مخيّم نهر البارد) وصواريخ مضادة للطائرات وصواريخ مضادة للدبابات ومروحيّات النقل والقتال (لأفواج المغاوير) وتجهيزات الهبوط البحري ومستلزمات أخرى. خطة كهذه من المتوقع أن تكلف فوق الملياري دولار.
ويحمل الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد الياس حنا مسؤولية الوضع المأسوي الذي يعاني منه الجيش، للسلطة السياسية، مؤكدا ان &laqascii117o;الرؤية السياسية الصحيحة المبنية على معطيات ودراسات ووعي جيوسياسي سليم تتطلب بعدا عسكريا قادرا على ترجمة هذه الرؤية السياسية التنفيذية الى رؤية عملانية تكتيكية على الأرض وهذا الأمر نفتقده في لبنان".ويضيف &laqascii117o;بناء على فكرة سياسة الدولة ومفهومها للأمن القومي وتحديد الأعداء والمخاطر وفي مقدمتها إسرائيل والإرهاب، فإن الجيش ومعه كل مؤسسات الدولة الأمنية ليست جاهزة لا عدة ولا عتادا وعديدا وتنظيما للتعامل مع هذه المخاطر". ويعطي مثالا على ذلك حربي تموز 2006 ونهر البارد.
ويشدد حنا على انه &laqascii117o;إذا قررت الدولة خلق عقيدة عسكرية جديدة (تدريب + تجهيز + تنظيم) فهذا الأمر يتطلب من 5 الى 10 سنوات لتكون هناك جهوزية عملانية".
ويلفت الانتباه الى أن &laqascii117o;مواجهة إسرائيل تقليديا يعطيها اليد الطولى والتفوق في جميع المجالات، لان جيشها يعتبر جيش ما بعد الحداثة، وهذا يعود الى الفارق في كلفة إعداد الجندي اللبناني التي هي اقل بكثرة من الإسرائيلي على كافة المستويات، فضلا عن ان خبرة الإسرائيلي كبيرة جدا وهي مستمرة منذ العام 1948.
ويوضح حنا ان &laqascii117o;الجيش يفتقد نظام قيادة وسيطرة ودعم لوجستي وهذا مرده الى نقص التمويل الذي تعانيه المؤسسة العسكرية وعدم وجود قرار سياسي بدعمه، وهو ما قد ينعكس سلبا على نتائج أي حرب محدود قد يضطر الجيش الى خوضها دفاعا عن لبنان. فأي معركة مع الجيش الإسرائيلي تستوجب وجود عملية قيادة وسيــطرة وتأمين لوجستي للخطوط الخلفية بصورة مستمرة. فخطوط الاتصال القديمة التابعة للجيش قد تقطع بعد بدء العمليات بدقيقتين حتى قبلها في حال كانت إسرائيل هي البادئة، نظرا لافتــقاده الى منظومة اتصالات حــديثة تتلاءم مع الجيوش الحديثة، ويؤدي ذلك الى شل عملية التواصل من قبل القيادة مع الوحدات المنتشرة في الميدان وبالتالي ضرب الخطوط الخلفية ومراكز القيادات ليصبح خلال مدة قصيرة خارج ارض المعركة بحيث تصبح القيــادة عاجزة عن ادارة العمليات العسكــرية بدءا بالمستوى الاستراتيجي وصولا الى المستوى التكتي مرورا بالمستوى العملاني. في حين يستمر الجيش الإسرائيلي طويلا في التحكم بعملية القيادة والسيطرة.
ويسأل حنا &laqascii117o;ما الحاجة الى الدبابات وناقلات الجند من دون دفاع جوي فعال يمنحها غطاء وحماية في أي معركة مقبلة"؟ داعيا الى &laqascii117o;خلق طريقة قتال جديدة تتناسب والرؤية السياسية بشكل أن تكون القيادة العسكرية قادرة على إيجاد أفضل عقيدة عسكرية والمقصود بالعقيدة العسكرية هي أفضل طريقة لقتال العدو والانتصار عليه.
وفي حالة لبنان يجب ان تتم الموازاة بين الرؤيتين السياسية والعسكرية وقدرة لبنان على تأمين الوسائل الكفيلة بتحقيق هذه الرؤى. من هنا قد لا يكون تسليح الجيش بأحدث الاعتدة حاجة ضرورية اليوم إذ ان تجربة &laqascii117o;حزب الله مع إسرائيل ناجحة لأنه قام بما يلي:
1 ـ خلق عقيدة عسكرية مناسبة أثبتت نجاعتها.
2 ـ امّن آلية قيادة وسيطرة استمرت طوال فترة حرب تموز 2006 .
3 ـ استعمل سلاحا ليس حديثا بالمعنى الزمني (صواريخ &laqascii117o;كاتيوشا" تعود فترة صنعها الى الحرب العالمية الثانية)
ـ 'السفير'
سـوريـاليـة طـائفيـة وواقعيـة أزهـريـة
هاني فحص:
يبدو أن أكثرية أهل السنة من المسلمين العرب وغيرهم، مع الشعب السوري وانتفاضته، في مقابل أقلية منهم مع النظام، ولا تبخل (الأقلية) بما يدل على تضامنها مع شعب البحرين مثلاً. وهذه مفارقة، كما هي مفارقة أن هناك أكثرية شيعية مع النظام السوري، وضد الانتفاضة (الإرهابية) ومع شعب البحرين، أما لماذا؟ فلأن النظام السوري ممانع وداعم للمقاومة. وهنا يرى البعض أنه إذا كانت المقاومة (كما هي فعلاً) مشروع مواجهة (غير حصرية طبعاً) مع الصهيونية وجرائمها ومخاطرها ومطامعها، التي تشتغل في فلسطين، وتعبر حدودها في كل الاتجاهات، فإن ذلك يلزمها (أي المقاومة) بالانحياز إلى حرية الشعوب، أينما كانت، وخاصة إذا ما كانت هذه الشعوب قد ضحت بلقمتها من أجل تحرير فلسطين وحريتها هي وخابت! لأن حرية الشعوب هي شرط لاستدامة المقاومة، حتى التحرير الكامل.. ومن دون ضرورة للوقوع في التناقض.
وهناك أقلية شيعية، تتعاطف مع الشعب السوري، ولا تتوقع أن يؤثر تعاطفها كثيراً على المشهد الشيعي الغالب، والحاني والخائف على النظام، وتعلم أن قلة التأثير تأتي من كونها مخالفة للسائد الشيعي القوي (بالمقاومة)... هذه الأقلية الشيعية تنطلق من حرصها على مستقبل الشيعة وسلامتهم، التي لا ضمانة لها إلا في الاندماج والانسجام مع المجتمع الأهلي قبل الأنظمة أو من دونها إذا اقتضى الأمر، ويتذكرون ويذكّرون الجميع، بأن الشيعة في البلاد العربية، أو الشيعة العرب، لا يختزل حضورهم وحجمهم بأعدادهم، بل يتعداها إلى معناهم في المجموع، وإلى شراكتهم الحميدة في المتحولات الخصبة من تاريخ المنطقة، وصبرهم وتحملهم وعنائهم في المتحولات الصعبة.
ليس هناك أقلية مخالفة شيعية للتعاطف مع شعب البحرين، وإن كان هناك من يلح على التسوية. من دون افتئات على مطالب الشعب البحريني وحقوقه الإنسانية. هذا مع ملاحظة ما يبدو من ركوب أو إركاب شخصيات عربية شيعية ملتبسة و(مدعومة) لموجة مناصرة شعب البحرين في شقه الشيعي (فقط)..
ومن المفارقات ما يلاحظ من أن قوى سنية فاعلة، تجمع بشكل مثير للدهشة، بين تأييدها للشعب السوري، وصمتها عن البحرين بسنتها وشيعتها معاً! وإذا تورطت الأنظمة بدم شعوبها فهل بإمكان العقلاء ان يميزوا بين نظام ونظام، وهل هناك أسباب وجيهة تسوّغ هذا التمييز... أو تسوّغه كلياً أو دائماً.. وهل وحدة الدين أو المذهب ظاهراً كافية للتمييز، أو أنها الزبائنية السياسية ليس إلا!!!
أمام هذه المفارقات، كان أهل الاعتدال والإنصاف، ينتظرون صوتاً بعيد المدى عميق الصدى، يمنح الاعتدال والمعتدلين والمنصفين، فرصة لإثبات ان اعتدالهم الحكيم، قوي ومستقبلي وضروري، خاصة في جو الفتن الجارية أو الآتية.. وأتى الصوت من الأزهر، مسبوقاً بمواقف دالة وحاسمة، حول كثير مما يجري في البلاد العربية، ولصالح شعوبها دائماً. وكان الموقف الصريح والشجاع المحذر لحكومات دول الخليج من تغاضيها عما يدور في أوساط شعوبها من اعتراض وما يرفع من مطالب، ويفتح شهية المغرضين على الاستغلال المذهبي أو العنصري، لتكتمل الفاجعة، عندما تستحكم المذهبية بردود فعل الحكومات على حراك الشعوب... محذراً وناصحاً بالعلاج والوقاية وتفادي المخاطر.. مصرحاً بتألمه لما يجري في البحرين، داعياً حكومتها إلى الخروج من هذا النفق، بالكف عن استخدام العنف وبالإصغاء لمطالب الناس، وسد الذرائع. من دون تضخيم ولا تهوين للعوامل الخارجية التي لا يحسن إنكارها، ولكن فاعليتها تبقى مرهونة دائماً بالعوامل الداخلية.
إن أهل الاعتدال يستبشرون بهذا المسلك المتوقع من مؤسسة بحجم الأزهر وتاريخه، ومن إمام استطاع بعلمه وشعوره بالمسؤولية أن يعيد المشيخة إلى ما كانت عليه، عندما كان الأزهر يقود المنعطفات في مصر، ويمد آثاره إلى محيطها وأعماقها. مستفيداً من الحيوية التي بعثها الربيع العربي في الشعوب العربية، مطلاً على ميدان التحرير، مقترباً من أحلام الشباب المتقاطرين عليه منذ أشهر، يرسمون صورة مصر العتيدة والسعيدة بحرياتها ومؤسساتها. ويرون ـ أهل الاعتدال ـ ان هذا المسلك هو الأقرب إلى طبيعة مصر ودورها وموقعها، واحتضانها للأزهر الشريف، جامعاً لأهل العلم والحوار والتقريب، ويعتبرون ذلك خطوة متقدمة، على طريق تجسيد ما يعد به الأزهر من ورشة علمية وعملية، تستشرف الغد المصري والعربي والإسلامي، في هذا المنعطف الواعد، وبرعاية إمامها الرائد، المهموم بتوسيع وتحرير الجوامع وإلغاء وتضييق الموانع، بين شركاء الإيمان والأوطان، وتحويل الاختلاف، كما كان، إلى مصدر حيوية وفضاء للتكامل، كما يرسم القرآن الكريم، رافعاً الاختلاف إلى مصاف الدال على عظمة المدبر وحسن التدبير. لقد لمسنا عن كثب لدى شيخها الطيب وكبار معاونيه تصميماً واعياً ومدروساً، على حماية حقوق الشعوب العربية و