قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 12/10/2011

ـ 'الحياة'
تعزيز القبضة الإيرانية على لبنان
رندة تقي الدين:

إن قلق النظام الإيراني إزاء ما يحدث في سورية وتخوفه من فقدان النظام السوري الحليف وقيام نظام آخر ديموقراطي ومدني بطابع سني، يجعل إيران تعزز نشاطها وقبضتها على لبنان عبر حليفها 'حزب الله' والحكومة اللبنانية التي يهيمن عليها. إن منع سلطات الرقابة اللبنانية عرض فيلم وثائقي للمخرج السينمائي نادر داودي حول أعمال العنف التي قامت بها السلطات الإيرانية لقمع المتظاهرين المسالمين ضد تزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة ومنع داودي من زيارة لبنان دليل على هذه القبضة المتزايدة. ففي حزيران (يونيو) كانت الرقابة اللبنانية منعت عرض فيلم هنا مخمالباف 'الأيام الخضراء'، وكان مسؤول لبناني شرح حينئذ أن المنع كان بطلب من السفير الإيراني في لبنان.
إن سفارتي إيران وسورية في لبنان نشيطتان، الأولى بخطف سوريين معارضين في لبنان والأخرى بمنع وثائق عن واقع ما يجري في إيران. وإيران، كما سمعنا من احد وكلاء الحلف السوري الإيراني في الجبل الوزير السابق وئام وهاب، حريصة على مساعدته بمده بملايين الدولارات لبناء مستشفى في الجبل. وسمعنا أيضاً السفير الإيراني في لبنان يؤكد خبراً مناقضاً للحقيقة أن الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري اتخذت قراراً بإلغاء التأشيرات لدخول الإيرانيين إلى لبنان. وتناسى السفير الإيراني أن السلطات الإيرانية طلبت ذلك من الحريري عندما زار إيران لكن الحريري لم يتخذ القرار لأنه رفضه. فحكومة نجيب ميقاتي الحالية هي التي قررته لأن هيمنة إيران عليها أصبحت من دون حدود. وحكومة لبنان مثل حكومة المالكي في العراق تتحول إلى أداة في استراتيجية إيران لحماية باقي أوراقها في المنطقة في حال سقط حليفها السوري. فالنظام السوري يمثل بالنسبة إلى إيران جسراً لها في الشرق الأوسط. فكيف بإمكان إيران أن تستمر في مد أصدقائها في 'حماس' و'حزب الله' بالسلاح إذا أغلقت أمامها طريق سورية؟ وعلى الصعيد العربي إذا فقدت إيران حليفها النظام السوري من يبقى لها في العالم العربي؟ فلبنان هو الموقع الحليف المؤكد لها. وهذا يجعل إيران تنشط بشكل كبير أولاً لمساعدة حليفها السوري عبر لبنان وأيضاً لتعزيز قبضتها على القرار والسياسة في لبنان عبر حلفائها 'حزب الله' وأصدقائه في الحكومة. فما يجري في لبنان من تعزيز للتأثير الإيراني فيه مقلق جداً يستدعي يقظة قوية لمنع السيطرة الإيرانية على هذا البلد الصغير الذي كانت ميزته الحريات والديموقراطية والانفتاح على العالم. وإيران لا تتأخر في تقديم الأموال والمساعدات لوكلائها على الأرض في لبنان، في حين أن وضعها الاقتصادي الداخلي رديء جداً. فكثير من الإيرانيين الذين يزورون فرنسا يشكون من الأوضاع الداخلية في بلدهم كما يتوقعون عودة التظاهرات التي شهدتها إيران أثناء الانتخابات الرئاسية. وهم يتوقعون تدهور أوضاع النظام الإيراني لأنه يشهد انقسامات وتوترات ستؤدي إلى التدهور المرتقب. إلا أن النظام الإيراني الذي يعاني من مشاكل داخلية كبرى يضاعف جهوده لتعزيز قبضته على لبنان وحكومته.


ـ 'المستقبل اليوم'

تبقى سياسة الاستدعاءات قائمة عامرة في ديارنا. وكما كان يفعل السلف يفعل الخلف.
نظام الأسد في دمشق مستمر في اعتمادها كلما أراد توجيه برقية بائسة أو رسالة داخلية أو خارجية، رغم أن معظم العالم اليوم ما عاد يتلقى ذلك البريد السوري لا في شكله ولا في مضمونه... ومثله يفعل خليفته في الممانعة في بيروت، يستدعي بين الحين والآخر من يريد لهم أدواراً يرسمها هو دون غيره، وليس هم.من نجيب ميقاتي الى عمر كرامي، يتكرر هذا الطقس، ويتكرر معه تحديد الأدوار وتوجيه الرسائل بالواسطة للقريبين والبعيدين... وآخر الرسائل المطلوب ايصالها تحمل صفة الاستعجال والازدواجية: واحدة تقول لرئيس الحكومة إن بديله جاهز، وثانية تقول من جديد إن لا تمويل للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان لا في مجلس الوزراء ولا في مجلس النواب. لا يفاجئ سلوك الحزب الحاكم في الضاحية ولا أسلافه في النظام الحاكم.. حتى إشعار آخر في دمشق، لكن ما يفاجئ هو أن بعض الشخصيات السياسية المخضرمة ترتضي لنفسها دور ساعي البريد، فيما يُفترض بها أن تكون أكبر من ذلك...والمفارقة، ان كرامي الذي اضطر بالأمس للاستقالة تحت وطأة الضغط الشعبي بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتحت وطأة المطالبة بالتحقيق في الجريمة، تحوّل اليوم الى صوت معلّمه بعد لقائه نصرالله فيعلن أن لا تمويل للمحكمة.لكن في الحالتين، ستبقى الإرادة الشعبية هي الأقوى، كما كانت بالأمس وكما هي اليوم وكما ستكون في الغد.


ـ 'الحياة'
وعود العلاقات الاقتصادية السعوديةـ اللبنانية
عبد المحسن الحكير (رئيس مجلس الأعمال السعودي ـ اللبناني):

العلاقات السعودية - اللبنانية تاريخية ومتفردة، وساهمت في متانتها، الروابط المتميزة بين قيادتي البلدين على مر الزمن، وسعيهما إلى ترسيخ العلاقات الرسمية والإنسانية والأهداف الأخوية بين الشعبين السعودي واللبناني وتعزيزها. ولا شك في أن الوقوف إلى جانب لبنان ثابتة من ثوابت السياسة السعودية، إذ تخص الرياض بالدعم والاحتضان كل ما من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية وإنهاء الخلافات الداخلية، كما تساند كل دعوة إلى الحوار البنّاء، وهذا ما قامت به خصوصاً مع اتفاق الطائف. والدور الذي تقوم به المملكة تجاه لبنان هو الدور الأخوي الإيجابي الذي تتعاطى به مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة كلها، وهو نابع من التزامها القضايا العربية والإسلامية كلها وقناعتها بأن الشعوب العربية والإسلامية واحدة وقضاياها واحدة وإن اختلفت وجهات النظر في ما بينها في بعض الأحيان.ويعتبَر لبنان الوجهة السياحية المفضلة للسعوديين والخليجيين، فهو بلد يتميز بمناخه المعتدل المناسب للسياحة، خصوصاً في فترة الصيف، كما أن له طبيعة جبلية خلّابة، ومن أكثر الأشياء تميزاً فيه أنه محاط بحزام من الخضرة على مدار السنة بسبب وفرة أشجار الأرز والأشجار المعمرة الأخرى التي تغطي مساحة كبيرة من أراضيه، وهو فوق ذلك بلد ساحلي لطول حدوده المطلة على البحر المتوسط. وينظر السعوديون إلى لبنان على أنه المقصد المناسب للسياحة وقضاء فترات العطلات على مدار السنة، وفيه ينعمون بالأمن، والراحة، وحسن المعاملة، خصوصاً أن غالبية من يتعاملون مع السياح الخليجيين ينطلقون في ذلك من باب المسؤولية والحرص على راحة الزوار وإكرام الضيوف كمبدأ متعارف عليه.

ويسير لبنان باتجاه التوسع في صناعة السياحة، إذ يقدم تيسيرات غير عادية للخليجيين لزيارته منها، مثلاً، إمكانية الحصول على تأشيرات الدخول للخليجيين من المطار وهي مجانية ولمدة ستة أشهر، والشيء ذاته تقريباً متوافر لكثيرين من السياح العرب والأجانب. وأحب أن أشير هنا إلى أن الاستثمارات السعودية في لبنان تقترب من 20 بليون ريال (5.33 بليون دولار) وهي مرشحة للزيادة، وتتركز في العقارات أولاً، ثم قطاع السياحة وقطاعات أخرى، وهذه الاستثمارات السعودية في لبنان وكذلك اللبنانية في المملكة تنمو في شكل مستمر، فيما القوانين القائمة التي تنظم النشاطات الاقتصادية في البلدين محفزة بعد رفع كثير من العقبات التي كانت تحول دون تدفق الاستثمارات في شكل ميسّر.وتحتضن المملكة أعداداً كبيرة من الأيدي العاملة اللبنانية تتجاوز 300 ألف شخص، وتُعد أكبر جالية عربية مستثمرة داخل المملكة، كما أن المستثمرين اللبنانيين فيها يتجاوزون 600 مستثمر، تتركز غالبية استثماراتهم في أعمال المقاولات، والإنشاءات، والديكورات، وبعض الصناعات. والحقيقة أن المجلس السعودي - اللبناني ونظيره اللبناني - السعودي معنيان بتنشيط التبادل التجاري وتوسيع آفاق المشاركة الاقتصادية بين مستثمري البلدين، كما يسعى جاهداً إلى إيجـــاد حال من التواصل بين رجال أعمال البلدين ومناقشة الكثير من القضايا الاقتصادية التي تهم كل جانب مع طرح أفكار ورؤى تخدم اقتصاد الجانبين. وهناك مشاريع سياحية واعدة في لبنان، وهذا الموضوع على قائمة اهتمامات المجلس السعودي - اللبناني حالـــياً. والـــفرصة الحـــالية سانحة أمام اللبنانيين لاسترجاع مــكانة لبنان التي عرفها طوال الخمسينات والستــينات من القرن الماضي.


ـ 'الديار'
مدير عام قوى الأمن الداخلي 'حطّ' النقاط على الحروف
ريفي وضع اللجنة النيابية أمام مسؤولياتها

اسكندر شاهين:

لم يتوقع احد من النواب الذين حضروا الجلسة النيابية للجنة حقوق الانسان ان يفجر مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي قنابل من العيار الثقيل، تتعلق بملفات لا يجرؤ البعض على تناولها همساً لالف سبب وسبب ولو في الكواليس والحلقات الضـيقة، لاسـيما وان بعضها تحولت بامتياز الى عالـم مـن الالـغاز والاحاجي العصية على الحل وهي قضايا اختطاف جوزيف صادر وشبلي العيسمي والاخوة آل جاسم وليس الامر غريبا على من يعرف ريفي عن قرب فهو رجل امن يجمع في شخصيته الحزم المقـرون بالحـلم، والشجاعة القصوى البعيدة عن التهور والجـدية المصحوبة بالشفافية الى حد انهم يصفـونه فـي مؤسسته &laqascii117o;بالعين التي تقاوم المخـرز" فـهو يفضـل ان يترك لانجازاته التحدث عنه بعيدا عن الظهور الاعـلامي انه صاحب تاريخ مشرف وكاريزما قيادية من النوع النادر.
كان ريفي يقبض على اوراقه جيدا في الجلسة النيابية للجنة حقوق الانسان التي عقدت في الاول من امس وشهدت نقاشا مستفيضا بينه وبين النواب فكشف بعضا من المعلومات التي توفرت لديه في ملفي اختطاف صادر والعيسمي مما استوجب حضور المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا الجلسة المقبلة لخطورة المعلومات.
قال ريفي &laqascii117o;لنضع النقاط على الحروف والا العوض بسلامتكم على الامن والبلد". وتابع ريفي ان احد مخبري قوى الامن افاد بعد اختطاف صادر عن توجه الخاطفين بالباص الذي نقلوه فيه الى بيروت وان عملية متابعة وجهة الخاطفين تعذرت .
اما حول اختطاف السوريين الاربعة من ال جاسم فقد كشف ريفي ان هذا الملف اصبح في عهدة القضاء العسكري وقد تم اختطافهم بسيارات ديبلوماسية في بيروت وبواسطة عناصر امنية لبنانية وان قوى الامن عاقبت العناصر الامنية اللبنانية مسلكيا وتبقى مسألة استكمال الملف قضائياً لانه يشكل قضية جنائية، ولدى اعتراض بعض النواب على كلام ريفي ووصفه بالكلام السياسي رد عليهم بالقول بانه يتكلم من موقع المسؤولية عن الامن وليس من موقع رئيس جمعية خيرية.
وحول ملف العيسمي قال ريفي للجنة ان التحقيقات التي اجرتها الاجهزة الامنية تدل على انه خطف بنفس الطريقة التي استعملت في خطف الاخوة من ال جاسم وردا على احد الاسئلة اشار ريفي الى انه يتكلم كمدير عام لقوى الامن الداخلي وان مسؤوليته تقتضي وضع النواب في اجواء ما يمتلكه التحقيق في هذه القضايا التي تعرض سمعة لبنان للخطر.
ويبقى امام المراقبين كم كبير من الاسئلة، ومنها لماذا اختطف صادر ولماذا لا تزال الجهة الخاطفة تخفيه علما ان اهله لا يريدون شيئا سوى معرفة الاسباب، فلو كان عميلاً لاسرائيل لتم تسليمه الى الاجهزة الامنية وهل الخاطفون جهة محلية ام خارجية، وهل اختطف كونه المسؤول عن &laqascii117o;الداتا" في المطار ام لاسباب اخرى، ولماذا كرت سبحة كشف شبكات العملاء لاسرائيل بعد ذلك .
وكما تدور الاسئلة حول لغز صادر تدور ايضا حول لغز العيسمي لماذا جاء من اميركا الى لبنان ولا يشك باي دور يلعبه كونه طاعناً في السن، اضافة الى انه رجل لا يتعاطى الا بالشأن الثقافي بعدما طلق السياسة ولا يعنيه امر سوى استحضار الذكريات يوم كان نائبا لرئيس الجمهورية السورية وممارسة رياضة المشي، كما يفعل الذين باتوا في اواخر العمر، ويبقى السؤال الاخير يتمحور حول اية اجراءات ستتخذ في الجلسة المقبلة للجنة حقوق الانسان اذا حضر ميرزا ام يبقى ما كشفه ريفي صرخة في واد.


ـ 'النهار'
لأن تمويل المحكمة 'هو الخيار الأسلم'
كل الاحتمالات واردة حكومياً إذا استمر الخلاف
سمير منصور:

لعل الجدل السياسي المتواصل حول مساهمة لبنان في تمويل المحكمة الدولية يشكل العنوان الأبرز للمشهد السياسي هذه الأيام...ولئن يكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واثقاً من أن 'معارضي المحكمة وفي صدارتهم 'حزب الله' سيضعون مصلحة لبنان العليا في الأولوية وسيكون لديهم الحرص نفسه' الذي يبديه لتجنيب لبنان تداعيات عدم الوفاء بالتزاماته حيال المحكمة، والأمر نفسه ينطبق على رئيس 'تكتل التغيير والاصلاح' النائب ميشال عون، فإن 'كل الاحتمالات ستكون واردة' وفق أوساط قريبة من رئيس الحكومة في سياق ردها على سؤال عما يمكن ان تؤول إليه الأمور في حال استمرار الخلاف، وبديهي القول إن الاستقالة هي من بين هذه الاحتمالات.
وترى هذه الأوساط أن 'التمويل هو الخيار الأسلم والأقلّ ضرراً على لبنان'، وتسأل: 'ما المصلحة في إعادة لبنان إلى أجواء الانقسام الحاد الذي كان سائداً قبل انطلاقة الحكومة، وقد تم تجاوزه بنسبة عالية من خلال الأداء المتوازن لرئيس الحكومة؟وتلفت إلى أن 'البيان الوزاري الذي كان حصيلة مشاورات بين الرئيس ميقاتي و'الحلفاء' والذي نالت الحكومة الثقة على اساسه، يلحظ التعاون مع المحكمة واحترام الشرعية والقرارات الدولية، وعندما كان رئيس الحكومة يؤكد من أعلى المنابر الدولية التزام لبنان هذه القرارات، لم يكن هناك اعتراض من أحد، وهو مع تفهمه التام لمواقف بعض الأطراف من المحكمة، يرى أن 'الحل لا يكون بوقف التمويل'.
وتقول إن 'المحكمة ماشية فينا وبلانا، فلِمَ نضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي؟'.
وتسأل أخيراً: 'هل يتحمل لبنان عقوبات دولية في الوقت الذي استطاع أن ينأى بنفسه عن تداعيات تطورات متسارعة تشهدها بعض بلدان المنطقة؟


ـ 'الديار'
13 استقالة في سنتين ونصف السنة.. هل تلحق الـ'لعنة' بالعاملين في المحكمة الخاصة بلبنان؟!
مصدر ديبلوماسي: في رأي كاسيزي إنّ المقاومة المسلّحة في لبنان وفلسطين يجب أن تُحاكم بتهمة الإرهاب
دوللي بشعلاني:

صحيح أنّ الإستقالات والتغييرات في جهاز المحكمة الخاصة بلبنان لا تؤثّر على عملها، ولكن الإستقالات التي تحصل بكثرة وبشكل فجائي، تطرح نظرية أنّ ثمة &laqascii117o;لعنة" تلحق بالقادة والعاملين في هذه المحكمة من كلّ جنسيات العالم، فتودي بالواحد تلو الآخر، إمّا بالإستقالات الفجائية، (لأسباب معلومة أو مجهولة) أو الإصابة بمرض ما يتطلّب الراحة أو بالوفاة؟!
أمّا سبب هذه اللعنة فيبقى مجهولاً، على الرغم من أنّ البعض يربطه بملف &laqascii117o;شهود الزور" الذي أفقد المحكمة الدولية الكثير من مصداقيتها، وأصاب خبرتها المهنية في الصميم. فالقاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي الذي قاد المحكمة الخاصة بلبنان لسنتين ونصف السنة، والذي استقال أخيراً من رئاستها &laqascii117o;لأسباب صحية"، على ما جاء في بيان المحكمة، معرباً عن &laqascii117o;صعوبة اتخاذ قرار التنحّي من منصب رئيس المحكمة على الصعيد الشخصي، إلاّ أنّ هذا القرار كان القرار الصائب الذي يصبّ في مصلحة المحكمة"، لم يُقنع بقوله هذا المراقبين السياسيين في أنحاء العالم الذي يتابعون قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري منذ إحالتها الى المحكمة الدولية في لاهاي خصوصاً مع مسلسل الإستقالات الذي شهدته المحكمة منذ تشكيلها وحتى اليوم.
وعلى الرغم من الإعلان عن أنّ كاسيزي يخضع حالياً لعلاج في إيطاليا بعد إصابته بالتهاب في الرئتين يتطلّب أشهراً قليلة من الراحة، يرى البعض أنّ بقائه في المحكمة كقاضٍِ في محكمة الإستئناف يعني أنّه لن يخلد الى الراحة التي تتطلّبها الأسباب الصحية الجدية التي استدعت استقالته، أو بالأحرى تنحيه من منصبه كرئيس للمحكمة. فما هو سرّ استقالة كاسيزي وهو على عتبة أشهر من انتهاء ولايته الثانية في آذار المقبل، وموعد انتخاب الرئيس الجديد للمحكمة وتجديد ولاية المحكمة لثلاث سنوات جديدة.

يقول مصدر ديبلوماسي &laqascii117o;إنّ استقالة كاسيزي اليوم لها أبعاد كثيرة لا سيما وأنّها تأتي في وقت يشتدّ فيه الصراع داخل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حول التزام لبنان بدفع حصته من تمويل المحكمة، وقد تسلّم رئيس الحكومة أواخر أيلول المنصرم رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عبر وزارة الخارجية، يدعوه فيها إلى دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة التي ارتفعت قيمة مبالغها المستحقة منذ كانون الأول من العام 2010 نحو خمسة ملايين يورو".
ويضيف بأنّ الأسباب الصحية التي أعلنت عنها المحكمة بالنسبة للقاضي كاسيزي لا يستطيع أحد أن يُشكّك في مصداقيتها، ولكن يمكن الحديث عن مشاكل عدّة تحصل داخل كواليس المحكمة الخاصة بلبنان بين المدعي العام دانيال بلمار والقاضي كاسيزي، وقد ظهر بعضاً منها أمام الرأي العام العالمي قبل صدور القرار الإتهامي عن المحكمة وتضارب المواقف في حينها بين الرجلين عن موعد صدور القرار وما يتضمّنه من معطيات.
ويكشف المصدر بأنّ ثمة أمر هام يتعلّق بمواقف كاسيزي الذي يجسّد مفهوم القانون الدولي الذي يقسم منطقة الشرق الأوسط، فقد شارك في العام 2005 في المفاوضات بين الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي والبحر الأبيض المتوسط (10 سنوات على مسار برشلونة). وقد جمّد تعريفه للإرهاب المناقشات آنذاك، إذ قال إنّ &laqascii117o;الإرهاب هو حصراً عمل الأفراد أو الجماعات الخاصة، وليس الدول. ويترتب على ذلك، أنّ الكفاح ضد جيش الاحتلال لا يمكن أن يُنظر إليه على أنّه &laqascii117o;مقاومة" بل &laqascii117o;إرهاب". وفي السياق المحلي، فإنّ هذا الموقف القانوني هو من داخل النظام الإستعماري".

ووفقاً لكاسيزي، فإنّ المقاومة المسلّحة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان ينبغي أن تُحاكم بتهمة الإرهاب. وتجدر الإشارة الى أنّ مداخلته هذه قد حُذفت من البيانات الرسمية. ولا ندري ما إذا كان لمواقف من هذا النوع علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتنحّي كاسيزي من رئاسة المحكمة.
غير أنّ لحاق اللعنة بالعاملين في المحكمة والذين يتقاضون رواتب خيالية في الشهر الواحد باتت مؤكّدة، بحسب بعض المراقبين السياسيين، فقد سبق استقالة كاسيزي سلسلة من الإستقالات لم تكن الأسباب المتعلّقة بغالبيتها مقنعة تماماً، فقد استقال أولاً المستشار القانوني للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السويسري نيكولا ميشال، تلته استقالة الرئيس الأوّل للجنة التحقيق الدولية القاضي الألماني ديتليف ميليس، فرئيس قلم المحكمة والمسجّل العام القاضي البريطاني روبن فنسنت في حزيران 2009 (والذي ما لبث أن توفي بعد استقالته بسنتين في حزيران من العام الحالي 2011)، ثم عضو المحكمة القاضي البريطاني هاورد موريسن في آب 2009، والناطقة باسم المحكمة، الفلسطينية سوزان خان في آب 2009، ورئيس قسم التحقيق في مكتب بلمار الأوسترالي من أصل مصري نيك (نجيب) كالداس في كانون الثاني 2010، ورئيس قلم المحكمة المحامي الأميركي ديفيد تولبرت في كانون الثاني 2010، ثمّ رئيس قسم العلاقات العامة الكندي بيتر فوستر (وقد حصلت استقالته وسط صمت مطبق من المسؤولين في المحكمة، ولم يصدر أي بيان من المكتب الإعلامي يتحدّث عنها)، والناطقة الرسمية باسم بلمار التونسية راضية عاشوري في أيّار 2010، والمساعد القانوني للمدعي العام بلمار مواطنه برنار كوتيه في حزيران 2010، والناطقة الرسمية باسم بلمار، اللبنانية هنرييتا أسود في أيلول 2010، إضافة الى استقالة مسؤولة مكتب التواصل التابع للمحكمة في بيروت وجد رمضان، والناطقة باسم المحكمة اللبنانية فاطمة العيساوي في 11 كانون الأوّل 2010.
وتأتي كلّ هذه الإستقالات من جهاز عمل المحكمة الخاصة بلبنان لتطرح علامات الإستفهام حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها، علماً أنّها حصلت في فترة سنتين وستة أشهر ونصف الشهر من عمر المحكمة الخاصة بلبنان التي وُلدت بشكل رسمي في الأوّل من آذار 2009.

وتشير المعلومات الى أن القاضي دانيال بلمار لمّح بدوره أمام بعض القضاة الى أنه يواجه صعوبة في متابعة عمله في المحكمة، خصوصاً إذا ما بدأت المحاكمة، لا سيما وأنّ وضعه الصحي سيء أيضاً، بحسب ما أفادت المعلومات، وهو يلازم المستشفى منذ شهرين بشكل متواصل ويخضع لعلاج مركّز.
فهل تلعب الضغوطات والتدخّلات الدولية في عمل كلّ هؤلاء العاملين فتصيبهم بالإحباط أو الخوف أو المرض ما يدفعهم الى الإستقالة قبل إنهاء مهامهم، على الرغم من أنّ المحكمة قد أعلنت أنّه في حال تعرّض أي من العاملين لديها (والذين يفوق عددهم الـ 200) الى ضغوط تجعل من المستحيل عليه القيام بمهمته على أسس قانونية بحتة، فإنّه يستقيل ويقول علنية لماذا أقدم على الإستقالة، أم أنّ هذا كثرة الضغوطات ومن مستويات رفيعة هي التي تجعل العاملين في المحكمة يطبّقون نصف هذا القرار فيستقيلون من دون الإعلان صراحة عن الأسباب؟!
أمّا اليوم فيأتي دور النيوزيلندي دايفيد باراغوانث الذي عيّنته المحكمة رئيساً لها خلفاً للقاضي كاسيزي، وقد كان أصلاً مستشاراً في غرفة الاستئناف، فهل سينجو من &laqascii117o;اللعنة"، أم أنّه بدوره سيستقيل لسبب من الأسباب قبل حزيران 2012 موعد بدء المحاكمات العملية لدى غرفة البداية؟!


ـ 'الديار'
السيطرة على الغاز الطبيعي تغيّر قواعد اللعبة الاستراتيجية في المنطقة وتجعل من الملفات الأخرى 'مجرد تفاصيل'
أسئلة أميركية حول قدرات حزب الله البحرية والمقاومة 'جاهزة' لمواجهة أي 'حفلة جنون'
تركيز لمعرفة نوعية الأسلحة الجديدة 'المهربة' من سوريا في الاشهر الستّة الماضية
إبراهيم ناصر الدين:

إن من يسيطر على الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط سيغيّر قواعد اللعبة الاستراتيجية في المنطقة برمّتها. وإسرائيل وحلفاؤها لن نتوانى عن فعل اي شيء لتسيطر وتغيّر قواعد الّلعبة،هذه المعادلة تعرفها المقاومة في لبنان جيدا ،لذلك وبعيدا عن الاضواء وفيما يتلهى السياسيون اللبنانيون باخبار المحكمة الدولية ،وبالرهانات الخاطئة غير المحسوبة ،ويغرق الجميع في الملفات الاقتصادية والاجتماعية ،هناك من يعد بعيدا عن الاضواء لاستراتيجية الدفاع عن النفط والغاز ،عنوان المعركة المقبلة في المنطقة .

وجاء انتقاد نائب كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي بالامس للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون،الذي دعا لبنان وإسرائيل إلى &laqascii117o;التوقف عن القيام بأنشطة وأعمال التنقيب في ما سمّي المنطقة البحرية المتنازع عليها،على خلفية معلومات وصلت الى بيروت من واشنطن عن تنسيق عالي المستوى بين الادارة الاميركية والحكومة الاسرائيلية ،لوضع هذا الملف على نار حامية اولا لحاجة اقتصادية اسرائيلية ،وثانيا لان الاضطرابات في الدول العربية تشكل تغطية مثالية لتمرير هذا الملف الحيوي ،ومرة جديدة بتغطية من مجلس الامن .
وتشير المعلومات الى ان الاهتمام الاميركي والاسرائيلي يتركز حاليا على معرفة مدى تأثر حزب الله بالاحداث في سوريا لجهة قدرته ومرونته على التحرك والمبادرة في ظل عدم استقرار النظام السوري ،كما كشفت التحقيقات مع عدد من العملاء الذين تم توقيفهم خلال الفترة الاخيرة ،وجود تركيز واضح على معرفة نوعية الاسلحة الجديدة التي تم تهريبها من سوريا الى حزب الله في الاشهر الستة الماضية ،وفق معلومات استخباراتية اسرائيلية اميركية تتحدث عن تفريغ مخازن المقاومة في سوريا ونقلها الى لبنان على خلفية الخوف من تطورات دراماتيكية في سوريا.
وتؤكد مصادر مطلعة على بعض اللقاءات التي حصلت في نيويورك مؤخرا ،وفي بيروت ايضا ،ان اسئلة الاميركيين تركزت حول استكشاف موقف السلطة الرسمية في لبنان من معادلة الردع النفطية التي اطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ومدى قدرة الحزب على الدخول بما اعتبرته &laqascii117o;مغامرة" جديدة تحت عنوان حماية ثروة لبنان ،والاهم من كل ذلك فان الهم الاساسي لدى الاميركيين كان استكشاف مدى قابلية الحكومة اللبنانية لاعطاء شركات اميركية حقوق التنقيب على الغاز في ظل سيطرة حزب الله على الحكومة، وهيمنته على الوضع السياسي العام في البلاد.وامام هذه الوقائع دخلت المقاومة في سباق مع الوقت لتكون جاهزة في الوقت المناسب لمواجهة استحقاقات لامحالة، وهي بحسب مصادر مطلعة على نمط التفكير السائد لدى قيادة حزب الله، تعرف ان كل الاحداث في المنطقة تفاصيل امام امرين مهمين بالنسبة الى الغرب، وهما امن اسرائيل، ومصادر الطاقة وهذا ما سيجعل لبنان في &laqascii117o;عين العاصفة" من جديد.

وتسخر المصادر نفسها من محاولات الاميركيين استكشاف وضعية المقاومة خدمة لاسرائيل، وتشير الى ان المفاجآت في الاستراتيجية الخاصة بالدفاع عن النفط ستفوق التوقعات عن الاصدقاء والاعداء،وفي هذا السياق تراقب اجهزة المقاومة المعنية عن كثب تكريس الصناعات العسكرية الإسرائيلية جهودها لصناعة عدد من الأسلحة الحديثة الملائمة لحماية آبار الغاز، والقاسم المشترك بين هذه الأسلحة أنها تعمل بواسطة أجهزة تحكم من بعد حتى لا تقع تحت طائلة أسلحة معادية. وهي تشمل آليات حربية وزوارق من غير قبطان، وهي كناية عن سفن حربية حديثة وغير مأهولة بالجنود يتم التحكم بها عن بعد، طورتها شركة &laqascii117o;رفائيل" لتطوير الأسلحة الإسرائيلية.فضلا عن طائرات من غير طيار وتشكيل فرقة خاصة لحماية هذه المنشآت.واذا كانت &laqascii117o;سيناريوهات الرعب" في إسرائيل تتخوف من استهداف حقول الغاز هذه بوابل من الصواريخ الدقيقة فان ما لا تفصح عنه المقاومة تتنافس التقارير الغربية في تعداد ما يمكن ان يكون بحوزة حزب الله بحرا، والتقارير تتحدث عن زوارق سريعة صينية الصنع، وغواصات صغيرة، يشغلّها عنصر واحد، و&laqascii117o;الغام بحرية طراز &laqascii117o;إي ام ـ 52" مخصصة لإغراق منشآت كبيرة وقطع بحرية ضخمة كحاملات الطائرات"، فضلا عن صواريخ &laqascii117o;ياخونوت" الروسية الصنع. علما بأنه عند الحديث عن استهداف منصات استخراج الغاز، لا تحتاج المقاومة الى صواريخ بمستوى &laqascii117o;ياخونوت" البعيد المدى والشديد الدقة، كما لا تحتاج الى كثافة في الصليات الصاروخية.
هذه القدرات العسكرية لا تؤكد المقاومة وجودها ولا تنفيها لانها &laqascii117o;غير مضطرة لطمأنة"احد ولكنها لا تنفي اكتمال الجهوزية لمواجهة اي طارىء،لتثبيت معادلة توازن الرعب الذي سيفرض على مصلحة الرأسمال الأميركي أو التروتستات المالية الكبرى ان تتدخل في المعادلة هنا.. وعندما تدخل الشركات الكبرى في المعادلة فهي من يفرض على الإدارة الأميركية وعلى الكونغرس وعلى إسرائيل كلّ ما تريده من سياسات في بلد تحكمه شركات الأسلحة والنفط وسائر الشركات العابرة للقارات"،اما اذا اختارت اسرائيل ومن خلفها الدخول في &laqascii117o;حفلة جنون" جديدة فان ايقاع الرقص ستفرضه المقاومة على طريقتها.


ـ 'النهار'
رهان على استعادة الأسد سيطرته لرفض تمويل المحكمة
تخوّف من ارتدادات الوضع في مقابل انكفاء 14 آذار
هيام القصيفي:

يعطي معارضو تمويل المحكمة الدولية فترة ثلاثة أشهر من اجل ايجاد مخرج للحكومة لعدم التمويل، ويعطي مؤيدو النظام السوري ثلاثة اشهر ايضا من اجل ان يُحكم الرئيس بشار الاسد قبضته على النظام.
والى نهاية السنة، تصبح الاشهر المقبلة بمثابة فترة انتقالية للبلدين اللذين تحكمهما وحدة المصير والمسار اكثر من اي وقت، بحسب قراءة سياسية لبنانية تميل الى الاعتقاد ان الاسد بدأ يخرج من الطوق المفروض عليه، بخلاف اجواء اميركية ينقلها زوار العاصمة الاميركية عن استمرار النقاش في الاسلوب الامثل للتعامل مع الاسد، وعما اذا كان الافضل ترك اوضاع سوريا واليمن تنحو اكثر نحو الانهيار قبل اتخاذ قرار المعالجة، والانصراف الى ترتيب اوضاع شمال افريقيا، او التعجيل في تطبيق الحسم الاميركي تجاه النظامين، وكذلك بخلاف ما ينقله سوريون معارضون نافذون اكدوا ان الانتفاضة لن تستكين، لان اي تهاون في التظاهرات او تراجع في وتيرتها، سيجعل النظام السوري يرتد بقسوة وشدة اكثر على المعارضين. فالمعركة اليوم هي مرحلة 'عض اصابع' ورهان على من يكسب الوقت اكثر، ما دامت المناطق السورية فرزت نفسها واصبحت مناطق التماس فيها بمثابة مناطق حكم ذاتي، وما دامت شوكة الرهبة من النظام انكسرت الى غير رجعة.

اما في القراءة اللبنانية المستندة الى معلومات ديبلوماسية ولبنانية، فان الاسد يحكم قبضته تدريجا على الوضع الداخلي ولا سيما بعد الضربة الاساسية التي وجهها الى المتظاهرين في شهر رمضان الذي كان يعتقد فيه معارضو النظام انهم سيحققون خلاله انتصارهم الحاسم. ويرى هؤلاء ان الاسد يستفيد من المجموعة العسكرية المقربة والنواة الاساسية في الجيش السوري، اضافة الى تيقنه يوما بعد آخر، ان لا سند حقيقيا عربيا يمكن ان يشكل بيضة القبان في ترجيح كفة المعارضة، لا من جهة السعودية المنصرفة الى ترتيب اوضاعها، ولم تتمكن من دعم حليفها الرئيسي في بيروت، والتي لم ترسل اموالا كافية لدعم المتظاهرين أسوة بما فعلته مع الرئيس سعد الحريري في لبنان، ولا من جهة مصر الغارقة في الفوضى العارمة، والتي اثبتت الاحداث الطائفية الاخيرة صحة ما حذر منه الاسد من جنوح نحو التطرف والاصولية. اما تركيا فقد ظهر جليا انها 'نمر من ورق'، ولم يتمكن رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان الا من حشد صور اعلامية ليس اكثر. في حين ان ايران هي الاكثر ثباتا في مقارعتها التدخلات الخارجية. وحدها قطر لا تزال تثير لدى الاسد الريبة من امكان القيام بخطوة سياسية فاعلة دوليا وخليجيا.
يستند مؤيدو هذه الرؤية الى ان واشنطن التي تفرّجت على سقوط المعارضة الايرانية في عز صعودها، وعلى سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري، غارقة كما اوروبا في الازمة الاقتصادية، وفي انقسامات الرأي حيال معالجة أزمات الشرق الاوسط. ويذكّر هؤلاء بما سبق للبنان ان خبره مع الاميركيين عشية الاحتفال بـ 14 آذار، حين كانت الادارة الاميركية وسفيرها آنذاك في لبنان يتحدث عن انسحاب سوري الى البقاع من دون الذهاب بعيدا في دعم 'ثورة الارز' المطالبة بالانسحاب السوري الكامل. وهذا يعني وفقا لما سبق ان الوقت سيكون متاحا للاسد لاستكمال ضرباته النوعية، فهو دخل حماه، حين قيل انه لا يمكنه ان يدخلها بعد اجتياح الثمانينات، وتمكّن من عزل المناطق الحساسة، واحكم سيطرته على الحدود التي يمكن ان يتم تهريب السلاح والمسلحين عبرها.

كيف ينعكس ما سبق على لبنان؟
اصحاب هذه القراءة يعتقدون ان دمشق التي بدأت تستعيد توازنها دوليا بعد دعم بعض الدول لها وعلى رأسها روسيا والصين، ستكون اكثر حسما في تعاملها مع الوضع اللبناني. وهذا ما اتخذ مظهرا له، في اعادة التصويب على تمويل المحكمة الدولية، بعدما ترك المجال للاخذ والرد حول اصرار رئيس الوزراء نجيب ميقاتي عليه في المحافل الدولية. ويبدي هؤلاء تخوفا من ان سوريا التي ارتدت على لبنان بعد خروجها منه، في وقت لم تكن تعاني أي ازمة داخلية، ستكون اكثر تشددا اذا تمكنت من الخروج منتصرة بعد حسمها العسكري، خلافا لكل الانظمة التي سقطت بفعل التظاهرات، سياسيا وامنيا ولا سيما في المناطق الشمالية والبقاعية المحاذية. ولهذا السبب بدأ يظهر التشدد في معالجة اوضاع الحكومة وترتيب الخلافات الداخلية بما يضمن التفرغ لمعالجة الاستحقاق الاهم، المتمثل بتمويل المحكمة وصولا الى فتح ملف قانونية المحكمة وشرعية الاتفاق المعمول به والتي انشئت بموجبه.
ويبدي هؤلاء تخوفا من ان لا يقابل الارتداد السوري في لبنان بما سبق ان قوبل به عام 2005، في وقت تبدو المعارضة مشتتة، ولا يجمعها سوى عنوان المحكمة، من دون ادارة جامعة. ولدى هؤلاء سلسلة ملاحظات على اداء المعارضة، حتى وان غاب رئيسها سعد الحريري لاسباب امنية خارج البلاد. الا ان ثمة تخبطا سياسيا واعلاميا تعيشه هذه القوى، الامر الذي لا يمكنها من مواجهة جدية لأي من الاحتمالات التي يطرحها السيناريو السابق. فلا يكفي ان تستظل المعارضة مواقف الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير لتوحيد جهودها. فالاستحقاق الآتي يستلزم عدة شغل سياسية ومالية واعلامية متكاملة، بغض النظر عن الموجبات الامنية، ولقاءات السعودية او باريس وحدها ، او حتى محاولات استنهاض الناس في الشمال، لا تكفي وحدها لادارة معركة بهذا الحجم.


ـ 'المستقبل'
بعد تهديد أوروبا وأميركا بما يشبه 11 أيلول
حسون وجه جديد من وجوه 'القاعدة'
أحمد الأيوبي (رئيس 'هيئة السكينة الإسلامية' في لبنان):

في تصريح أدلى به أمام ما سمي قافلة 'مريم 2' قال مفتي نظام آل الأسد أحمد حسون: 'في الوقت الذي تسقط أول قذيفة على سوريا فلبنان وسوريا سينطلق كل واحد من أبنائها وبناتها ليكونوا استشهاديين.. سنعد استشهاديين هم الآن عندكم إن قصفتم لبنان أو قصفتم سوريا والبادئ أظلم وأنتم الظالمون.. نحن نعد استشهاديين موجودون الآن في أميركا وأوروبا وفلسطين'.
وقبل الولوج في النقاش حول خطاب حسون، يجدر التوقف عند مناسبة إطلاق هذا الخطاب الناري وهي استقبال هذا المفتي لوفد من قافلة 'مريم 2'، وللتذكير فإن قافلة مريم الأولى كانت عبارة عن سفينة كان مقرراً أن تتوجه إلى قطاع غزة في إطار الحملة التي انطلقت لفك الحصار الصهيوني عن القطاع.
وعندما فشلت هذه المحاولات، ومع اندلاع الثورة السورية، تحوّل المشروع إلى أداة لإظهار التضامن مع النظام السوري، في محاولة للإيحاء بأن التضامن مع هذا النظام هو أحد أشكال التضامن مع فلسطين. لكن الدعاية الفظة والفاشلة لإعلام النظام، حوّلت هذه القافلة إلى مجموعة نسائية فاشية تعلن ولاءها للقتل والبطش، من دون اعتبار لأي عوامل إنسانية، يفترض أن تكون النساء أكثر تأثراً بها، فإذا بهؤلاء النسوة يتحولن إلى مجموعات دعم وإسناد لسياسات النظام، ما جعلنا نسترجع النساء الحارسات للقذافي المخلوع، وقبله مجموعات الفاشيين النسائية!!.
السؤال الآخر المهم: من الذي فوّض حسون التحدث باسم 'كل أبناء وبنات لبنان'، وهل مجموعة نساء الحزب السوري القومي الاجتماعي وزوجات المطاردين على أبواب المحاكم والمتواطئين ضد الحريات العامة وأبواق النظام السوري في لبنان يمثّلن لبنان؟ وهل هؤلاء الأحزاب والمجموعات التي أرسلتهم قادرون على تلبية 'نداء الاستشهاد' وضد من سيقومون بعملياتهم في لبنان ومن سيستهدفون ومن هم أعداؤهم المطلوب قتلهم وتفجيرهم في بلد الأرز؟!!.
هذا الخطاب الصادر عن مفتي الأسد، جاء ليذكر بجملة حقائق أهمها:
ـ لم تصبح جريمة تصدير تنظيم 'فتح الإسلام' الإرهابي إلى لبنان خارج نطاق المحاكمة بحكم التقادم الزمني، بل إن الأصابع السورية التي أعدت هذا التنظيم الإرهابي وحرّكته لا تزال تتحكم بعدد من المفاصل الأمنية المؤثرة في الاستقرار اللبناني.
ـ هل يمكن نسيان أو تجاهل التصريحات التي تصدر عن أبواق النظام السوري في لبنان من وزراء ونواب سابقين، قالوا في تصريحات سابقة إن دمشق ستعمد إلى إعادة استخدام ورقة حزب العمال الكردستاني ضد تركيا، والظاهر أن هؤلاء لم يعلموا أن تسليم النظام السوري زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان إلى تركيا، جاء بعد تهديد حقيقي بدخول الجيش التركي إلى الأراضي السورية والقيام بما يلزم لإنهاء نشاط هذا الحزب ضد تركيا انطلاقاً من سوريا.
ـ يعاكس مفتي آل الأسد ادعاءات النظام بمكافحة الإرهاب، عندما يهدد أوروبا بتنفيذ عمليات هي أشبه باعتداءات 11 أيلول وتفجير الأنفاق في بريطانيا واسبانيا، وبالتالي فهو يهدد بإطلاق مجموعات إرهابية تقوم بنشر الخراب والدمار في أوروبا. فبماذا يختلف حسون عن أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وعن رموز الإرهاب من تنظيم 'القاعدة' الناطقين بالشعارات الإسلامية؟!.

في هذا السياق لا يأتي حسون بأي جديد، فنظامه عبارة عن مصنع للإرهاب ومصدّر للإرهابيين، وساحات العراق شاهد من شواهد تصدير الإرهاب لفرض الوزن الإقليمي لهذا النظام. وإذا كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي محكوماً اليوم بدعم الأسد مالياً وسياسياً بضغط إيراني، فلا يمكن للرأي العام نسيان اتهاماته لدمشق بأنها تقف وراء تفجيرات الوزارات الشهيرة في بغداد وما تلاه من هجاء سياسي غير مسبوق صدر عن المالكي ووزرائه بحق نظام الأسد الذي يؤوي مجموعات بعثية وأخرى جهادية، يجري تسويقها على أنها مجموعات مقاومة للاحتلال الأميركي.
المتاجرة بفلسطين .يحاول حسون إلصاق القضية الفلسطينية بخطابه والإيحاء بأن المعركة التي يخوضها نظامه إنما هي صراع من أجل فلسطين، مما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا لم ينفذ حسون ونظامه هذه العمليات الاستشهادية خلال الفترة السابقة، التي شهدت مئات الانتهاكات للحقوق الفلسطينية، ولماذا لا ينفذها الآن احتجاجاً على تدنيس المقابر الإسلامية والمسيحية في حيفا وعلى بناء المزيد من المستوطنات، ولماذا ربط هذه العمليات بلحظة تعرض نظام الأسد للقصف؟ وهل إذا نجا هذا النظام من العقوبات العسكرية، ينتفي السبب لتحريك الاستشهاديين من أجل فلسطين؟.
الأبعاد الشرعية : من الناحية الشرعية لن يجد مفتي آل الأسد عالماً واحداً، حتى من إيران يؤيده في هذه الفتوى الشاذة التي تدعو إلى الاستشهاد في سبيل نظام ظالم يحصد أرواح الأبرياء العزل، لأن للإيرانيين توقيتهم، ولأن علماء أهل السنة والجماعة أدلوا بآرائهم الواضحة في إدانة سياسات النظام القمعية.
أما عن شمول حسون شباب لبنان وبناته في الادعاء بأنهم سيكونون في عداد استشهاديي آل الأسد، فيستند على الأرجح إلى أن 'حزب الله' سيشعل الجبهة مع العدو الإسرائيلي، مطيحاً بالمعادلة التي جاءت بالقرار 1701 وأوقفت العدوان الصهيوني في العام 2006، ومثل هذا التحول لا يستطيع لا حسون ولا سواه تحديد المسار الذي يمكن أن تأخذه التطورات على هذا المستوى. يمكن لحسون أن يدّعي أن بعض مناصري نظامه سيدعمونه، ويمكن هنا التوقف عند هذا الطرح للقول:إن عموم اللبنانيين لم ينسوا بعد فظاعات نظام الأسد في لبنان، ولم تمسح الأيام من ذاكرتهم بعد المجازر والمآسي التي تركها جيشه ومخابراته في بلدهم، أما مناصروه، فإنهم سيستمرون بتأييده طالما أنهم يرونه لا يزال متماسكاً، أما عند بداية الاهتزاز، فسينفض الجمع ويولون الدُّبُر.
وفي هذا السياق، لا نعتقد أن حسون هو المرجعية 'الشرعية' التي تصلح لتكون المرجع الذي يلتزم به 'حزب الله'، لأن مرجعية الحزب كما يعلم مفتي الأسد هي الولي الفقيه في طهران.
إذا كان من استنتاج يمكن استخلاصه من هذا الموقف المتوتر لمفتي النظام السوري فهو الإحساس المتزايد بالعزلة وبالفشل في إقناع المجتمع الدولي بسيناريو الإصلاح الذي لا يأتي، وبالقمع الذي لا يتوقف بدعوى مواجهة مجموعات مسلحة، لا يعرف أحد من هم عناصرها ولا مواصفاتها ولا انتماؤها ولا لونها. إنها لحظة بدء خلع الأقنعة والأردية التي يتلطى وراءها نظام لا يعرف إلا القتل والتنكيل والإرهاب.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد