- 'السفير'
سيناريو اغتيال الجبير حلقة جديدة من صراع الطاقة والنفوذ من 1979 إلى 2011...
حرب طهران ـ الرياض 'الباردة' تتواصل
هيفاء زعيتر:
ليس الصراع الإيراني السعودي مستجداً، ولم يحتدم مع وصول موجة &laqascii117o;الربيع العربي" إلى البحرين تحديداً كما يحب البعض التوهم، أو كما حاولت بعض الصحف الغربيّة الترويج.. في الحقيقة، قد يكون توصيف العلاقة الثنائية بين هذين البلدين في خانة الصراع منافياً للواقع، فـ&laqascii117o;هم ليسوا أعداء كما ليسوا بالطبع أصدقاء، إنهم متنافسون حقيقيون".. هكذا تلخّص مجلة &laqascii117o;فورين أفيرز" العلاقة على خط الرياض - طهران، واصفة إياها بـ&laqascii117o;الغارقة في ما يشبه الحرب الباردة منذ العام 1979، تاريخ اندلاع الثورة الإسلاميّة".
مناسبة الكلام عن صراع أو تنافس سعودي - ايراني هو الاتهام الأميركي لإيران بالضلوع في اغتيال السفير السعودي عادل الجبير الذي يشغل الصحافة الغربيّة والعربيّة منذ يومين.. كما الأسئلة الكثيرة التي أفرزتها &laqascii117o;الرواية الأميركية"، والتي قد يكون أبرزها ذاك المتعلّق ببحث تداعيات أزمة دبلوماسية أمنية مماثلة على العلاقات الثنائية، المتوترة أصلاً، بين البلدين.
اجتهد البعض في رسم سيناريوهات محتملة تتعلّق بمساع مبذولة من أجل إرساء تقارب سعودي - أميركي مجدداً بعدما شهدت العلاقات تعثراً واضحاً في الفترة الأخيرة، بحسب ما كتب ديفيد كينير في مجلة &laqascii117o;فورين بوليسي"، مذكراً باللقاء بين الملك عبد الله والجبير مع مستشار الامن القومي توم ديلون &laqascii117o;للبحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك".. و&laqascii117o;قد يكون الاتهام إحدى هذه القضايا"، يعلّق كينير.
صحيح ان كثيرين يجمعون اليوم على اشتمام رائحة طبخة سعودية أميركية وراء الاتهام، إلا أنهم يعجزون في الوقت الراهن على رسم خواتيم واضحة لها، علماً بأنهم يشددون، في الوقت عينه، على أن دراسة أي سيناريو محتمل لمستقبل هذه العلاقة تبدأ حتماً من فهم التاريخ العدائي الطويل الذي رسم مسارها.
في المقابل، يتخوّف العديد من المحللين من تبعات التوتر المتصاعد في العلاقة بين البلدين، إذ ينذر هذا التوتر، بما يحمله من صبغة طائفيّة، بالقضاء على القوى المؤيدة للديموقراطيّة في العالم العربي على حساب تعزيز انتشار الإسلاميين المتطرفين، ويعطي بالتالي الذريعة للولايات المتحدة من اجل التدخل العسكري. من هنا، ينصح المتخصص في الشؤون الإيرانية في &laqascii117o;فورين أفيرز" محسن ميلاني الولايات المتحدة بضرورة &laqascii117o;تحريك خيالها الاستراتيجي لاستنباط وسائل للتخفيف من حدة هذا التوتر، وليس العكس".
في الحقيقة، ثمة ملفات ترخي بثقلها على العلاقة بين البلدين تعود إلى العام 1979، وإن شهد العداء أكثر فصوله العلنيّة سخونة في أعقاب &laqascii117o;الربيع العربي"، إلا أن جمر التنافس على الهيمنة على أسواق الطاقة العالميّة والتكنولوجيا النووية، وعلى النفوذ السياسي في الخليج الفارسي وبلاد الشام، لم ينطفئ يوماً تحت رماد التسويات التي تجهد القوى الإقليمية على إرسائها.
يقول ميلاني إن &laqascii117o; العودة إلى جذور هذا العداء المستعر بين البلدين، تتطلّب البدء من المحطة الرئيسية.. الثورة الإسلاميّة. فقبل هذا التاريخ، كانت واشنطن ترعى العلاقة بين البلدين اللذين كانا احد أهم حلفائها، لكن بعد الإطاحة بالشاه، سيطر الخوف على الأروقة الملكية.. ببساطة، لقد كان السعوديون مرعوبين من طموح إيران في تصدير الثورة إلى العالم العربي". وفيما بقيت السعودية الحليف المقرّب من واشنطن، تحوّلت إيران إلى العدو اللدود، و&laqascii117o;احتكمت العلاقة بين البلدين المتنافسين إلى منطق جديد حددته استراتيجية الولايات المتحدة مع حليفتها الرياض لعزل إيران".
الخلاصة: باتت إيران ترى السعودية على أنها البلد الغني والطموح الذي ينفّذ مصالح الولايات المتحدة في المنطقة العربيّة، في وقت لم تستطع الرياض سوى رؤية إيران من منظار تهديدها للاستقرار في المنطقة، وذلك عبر سعيها لتشكيل الهلال الشيعي والهيمنة على العرب السنة. كما استمر البلدان في اتهام بعضهما البعض بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية، بما في ذلك الدعم غير المباشر لأعمال الإرهاب على أراضيهما.
وبعيداً عما يمكن أن يتخذ بُعداً طائفياً في الصراع، تسبر &laqascii117o;فورين أفيرز" كواليس التنافس في قطاع النفط، الذي تعتبره &laqascii117o;المدخل الأهم لفهم خفايا هذه العلاقة". &laqascii117o;للوهلة الأولى، يبدو البلدان على قدم المساواة في احتياطيات النفط والغاز الطبيعي"، تقول المجلة الأميركية، &laqascii117o;غير أن إيران تحظى بامتياز استراتيجي بفضل وقوعها بين بحر قزوين والخليج الفارسي، فضلاً عن سيطرتها على 34 ميلاً في مضيق هرمز، الذي يمرّ عبره 40 في المئة من تجارة النفط في العالم". في المقابل، تؤكد المجلة أن &laqascii117o;السعودية تتمتع بالحظوة التنافسيّة في سوق النفط العالميّة نتيجة العقوبات التي فرضتها أميركا على إيران".
وزيادة في التأكيد على هذه الحقيقة، تشير المجلة إلى أن &laqascii117o;السعودية تشغل منصب عضو بارز في منظمة البلدان المصدرة للنفط، وهو منصب احتلته إيران لفترة طويلة في عهد الشاه، كما انها تسيطر على 538 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبيّة، مقارنة بايران التي تسيطر على 105 مليارات دولار فقط.. ولطالما استخدمت الرياض نفوذها في أسواق النفط لترويض طهران، وللتخفيض من أسعار النفط كما الحد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط الإيراني وصناعات الغاز لشل اقتصادها المتداعي بالفعل".
أما على الجبهة السياسيّة، فقد نجحت طهران في هزيمة الرياض. وقد ظهر النصر الإيراني في أبهى تجلياته، والحديث للمجلة، في العراق، حيث تحوّلت السلطة من الإدارة السنيّة إلى الإدارة الشيعيّة، فيما اعتُبر هديّة كبيرة لايران التي وجدت العراق يتحول من عدو إلى حليف، ولم توفر جهداً في استثمار هذا التغيّر لتوسيع نفوذها، وتوسيع حقول النفط المشتركة، التي تعود بحوالى 8 مليارات دولار عليها سنوياً، وفقا لمعهد &laqascii117o;أميركان انتربرايز".
وعلى الرغم من ان اميركا تدعم الحكومة العراقية، رفضت الرياض إرسال سفير إلى العراق كما لم تتنازل عن أي فلس من القروض الهائلة التي منحتها لصدام من أجل شن حربه على إيران في الثمانينيات.. التنافس الايراني السعودي على العراقي مرشح للاحتدام بعد انسحاب القوات الأميركية في نهاية العام.
وبعد اندلاع موجة الاحتجاجات في الشرق الأوسط، توسعت دائرة النار بين البلدين خارج العراق لتشمل الشرق الأوسط بمجمله. ففي وقت عبرت ايران عن دعمها للثورات في تونس ومصر وأشادت بـ&laqascii117o;اليقظة الإسلاميّة"، استمرت السعودية على وقوفها إلى جانب الأنظمة القديمة مصممة على منع تطبيع العلاقات بين طهران والقاهرة.
أما &laqascii117o;الرعب الحقيقي" فقد مسّ الرياض عندما دقت الاحتجاجات باب جارتها البحرين، وهو رعب عززه دعم طهران شيعة البحرين الذين ثاروا ضد الأقلية السنيّة الحاكمة. ونتيجة لذلك أقنعت السعودية قادة البحرين بالانتقال من التفاوض مع المتظاهرين إلى &laqascii117o;سحقهم".
.. وعندما ازدادت الحلقة اتساعاً، مع انضمام سوريا إلى لائحة البلدان التي تشهد احتجاجات، حاولت الرياض استغلال ضعف دمشق للضغط على طهران، التي تعتبر أن ردع أي هجوم اسرائيلي على منشآتها النووية والحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط يتوقف على دعمها سوريا وبالتالي تسهيل إمدادات السلاح لحزب الله وحماس.
في سوريا إذاً انقلبت الآية، وبدلا من أن تدعم ايران الثورة وقفت إلى جانب النظام، اما الرياض فرمت جانباً مواقفها من الثورات السابقة وهرعت لدعم الحركة المعارضة في سوريا ونيتها تقويض التحالف الإيراني السوري، كما لم تتردد في استدعاء سفيرها من دمشق.
أما ملف المنافسة الأكثر أهمية وفقاً للمجلة فيضم طموحات إيران النووية. و&laqascii117o;إذ يدرك السعوديون جيداً أن امتلاك إيران القنبلة النووية سيعطيها ميزة استراتيجية واضحة، يجهدون في تقويض تلك الطموحات بـ&laqascii117o;ما ملكت أيمانهم". في مجالات الطاقة والطاقة والنووية وفي الجيو- استراتيجية، يبدو التنافس السعودي - الإيراني مرشحاً للاحتدام في السنوات المقبلة.. و&laqascii117o;كل طرف يحاول قولبة المنطقة، وفقا للمؤسسة الدينية التي يديرها، بما يتلاءم ومصالحه".
- 'الحياة'
هل ستشنّ إسرائيل هجوماً على إيران؟
باتريك سيل( كاتب بريطاني مختص في شؤون الشرق الاوسط):
برزت خلال الأسابيع الأخيرة نقاشات حادّة في أوساط القوات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية حول إمكان شنّ أو عدم شنّ هجوم عسكري على منشآت إيران النووية. السؤال المفتاح في هذا النقاش يكمن في كيفية ضمان مشاركة الولايات المتحدة في الهجوم، أو أقله وقوفها إلى جانب إسرائيل في حال أدّى الهجوم الأولي إلى اندلاع حرب أوسع.
وشكّلت التقارير المتعلقة بهذه النقاشات مصدرَ قلق كبير في واشنطن وفي عدد من العواصم الأوروبية، ونُقل عن بعض الخبراء العسكريين الغربيين قولهم إنه سيتم إغلاق نافذة الفرصة لشنّ هجوم إسرائيلي على إيران في غضون شهرين، بما أن قدوم فصل الشتاء سيجعل هذا الهجوم أكثر صعوبة.
وشكّلت الخشية من أن تقرر إسرائيل شن هجوم من دون إعلام الولايات المتحدة مسبقاً، السببَ الرئيس الذي دفع وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا إلى زيارة تل أبيب في 3 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويكمن هدفها على ما يبدو في كبح جماح الصقور الإسرائيليين.
ولخّص عاموس هاريل في صحيفة &laqascii117o;هآرتس" الإسرائيلية اليومية رسالةَ بانيتا على هذا النحو: تقف أميركا الى جانب إسرائيل، إلا أن شن إسرائيل هجوماً غير منسق على إيران قد يتسبب باندلاع حرب إقليمية. ستعمل الولايات المتحدة على الدفاع عن إسرائيل، لكن ينبغي على هذه الأخيرة التصرف بطريقة مسؤولة.
خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، أعلن بانيتا أن الولايات المتحدة &laqascii117o;قلقة جداً، ونحن سنعمل معاً من أجل اتخاذ كافة الخطوات الضرورية" لمنع إيران من تشكيل &laqascii117o;خطر على المنطقة". وتابع بالقول إن بلوغ ذلك &laqascii117o;يتوقّف على تعاون البلدين بعضهما مع بعض". وقد أتى على ذكر كلمة &laqascii117o;معاً" مرات عدة، بمعنى آخر أنه يجدر بإسرائيل ألاّ تتصرف من دون الحصول على ضوء أخضر أميركي.
خلال السنوات الأخيرة، هددت إسرائيل مراراً بشن هجوم على إيران، فلماذا تمّت إعادة إحياء هذا الموضوع اليوم؟ هل تشعر إسرائيل بالقلق بسبب اقتراب إيران من حيازة القدرة على صناعة قنبلة نووية؟ يُجمع معظم الخبراء الاستخباراتيين على أن إيران لم تتخذ بعد قراراً بشأن صناعة الأسلحة النووية. وقد يكون الدافع الأرجح لإسرائيل تخوُّفَها من إمكان موافقة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، أو ما يسمى بمجموعة خمسة زائد واحد، على العرض الإيراني القاضي بتجديد المحادثات.
كما تخشى إسرائيل كثيراً من أن تتوصل مجموعة الخمسة زائد واحد إلى تسوية مع إيران تسمح لها باستكمال تخصيب اليورانيوم لأهداف مدنية، وقد يدفع ذلك العالم إلى الموافقة على التعايش مع إيران النووية. إن حصل ذلك، ستخسر إسرائيل احتكارها للأسلحة النووية التي تشكّل مصدر قوة أساسياً للحفاظ على هيمنتها العسكرية الإقليمية.
وقدّمت إيران في الواقع عروضاً عديدة أخيراً إلى الولايات المتحدة وحلفائها. حين كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في نيويورك خلال الشهر الماضي لحضور الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن لصحيفة &laqascii117o;واشنطن بوست" أن إيران ستتوقف عن إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة في حال زوّدتها الدول الأجنبية بالوقود الذي يحتاج إليه مفاعل الأبحاث في طهران الذي ينتج نظائر طبية. ويقال إن حياة 850 ألف إيراني تتوقف على هذه النظائر الخاصة بمعالجة مرض السرطان.
في نهاية الشهر الماضي، بعث كبير المفاوضين في الملف النووي الإيراني سعيد جليلي برسالة إلى كاثرين آشتون وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، طالباً إجراء محادثات جديدة مع مجموعة الخمسة زائد واحد، لمحاولة حلّ النزاع القائم منذ زمن طويل، كما قدّم وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي عرضاً آخر في إطار مقابلة أجراها مع صحيفة &laqascii117o;آسيا تايمز" في 29 أيلول (سبتمبر)، إذ أعلن أن إيران &laqascii117o;مستعدة للقيام بالجهود اللازمة من أجل استعادة الثقة المتبادلة، إلى جانب معالجة أيّ مخاوف عن طريق المحادثات... فيجب أن نبحث عن الاقتراحات المبتكرة".
ودعا رئيسُ منظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي، أمينَ عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو إلى زيارة إيران ومعاينة منشآتها النووية، لأن أمانو كان قد أعلن أنه سيكشف قريباً عن معلومات جديدة تتعلّق بـ &laqascii117o;احتمال قيام إيران" بأنشطة سرية &laqascii117o;مرتبطة بتطوير شحنة نووية يمكن تحميلها على صاروخ". وأضاف: &laqascii117o;نحن نوصي السيد أمانو بقبول هذه الدعوة... فنحن مستعدون اليوم لإعادة النظر في تبادل الوقود" (تمّ اقتراح مبادلة كمية كبيرة من اليورانيوم المنخفض التخصيب مقابل كمية صغيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة لأهداف طبية). وسيجتمع مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية برئاسة أمانو في مدينة فيينا في 17 و18 تشرين الثاني (نوفمبر)، علماً بأن البعض ينتظر هذا الاجتماع بفارغ الصبر. وقد تكون الدعوة التي وجّهها الدكتور عبّاسي إليه لزيارة إيران محاولةً لاستباق الكشف عن أي معلومات تدفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اعتبار أنّ إيران لا تلتزم بواجباتها بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
حضّت عدة أصوات نافذة الولايات المتحدة على الاستجابة بإيجابية للعروض التي تقدّمت بها إيران، وتساءل رضا ماراشي في مقال نشره في صحيفة &laqascii117o;هافينغتون بوست" في 30 أيلول (سبتمبر): &laqascii117o;لماذا لا نختبر جدية إيران؟". وماراشي هو المسؤول الأسبق عن مكتب إيران في وزارة الخارجية الأميركية، ويتبوأ حالياً منصب مدير الأبحاث في المجلس الأميركي الإيراني الوطني.
في مقال نشرته صحيفة &laqascii117o;إنترناشونال هيرالد تريبيون" في 29 أيلول، حضّ تشارلز فرغيسون رئيس اتحاد العلماء الإيرانيين، وعلي فايز مدير مشروع إيران في الاتحاد، الولاياتِ المتحدةَ وحلفاءها على أخذ كلمات أحمدي نجاد على محمل الجد، كما اقترحا أن تقدّم القوى الغربية إلى إيران 50 كيلوغراماً من الوقود لاستخدامها في مفاعل الأبحاث في طهران، كلفتة إنسانية قد تبرهن حسن نية واشنطن حيال الشعب الإيراني إلى جانب تقليص أنشطة التخصيب الإيرانية.
ومن غير المرجح أن تلقى هذه الدعوات آذاناً صاغية، فقد انهار الرئيس باراك أوباما في وجه الضغوط التي مارسها اللوبي القوي الموالي لإسرائيل والكونغرس الأميركي الموالي بشدّة لإسرائيل، وبينما هو يسعى إلى إعادة انتخابه السنة المقبلة، لن نسمع مجدداً بالدعوة التي أطلقها خلال حملته الانتخابية عام 2008، القاضية بالحاجة إلى اعتماد الديبلوماسية مع إيران.
ويكمن الخطر في أن يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو اليوم إلى كسر عزلة إسرائيل السياسية الحالية من خلال شنّ هجوم قوي على إيران. وبعد أن خسرت إسرائيل تركيا ومصر، وفي حين تواجه ثورةً من المجتمع الدولي ضد طموحات &laqascii117o;إسرائيل الكبرى"، قد يظن نتانياهو أنّ الوقت قد حان لانتهاز المبادرة، وتقوم حساباته على شن هجوم مدمر على إيران من شأنه إضعاف سورية التي تعاني الاضطرابات وجعل &laqascii117o;حزب الله" يتيماً، وبذلك تكون إسرائيل قد أصابت ثلاثة عصافير بحجر واحد.
هل ستسعى إسرائيل إلى الحصول على ضوء أخضر أميركي في حال قرّرت مهاجمة إيران؟ أو هل يعتبر نتانياهو أنّ أوباما المقيّد بالمصالح الإسرائيلية لن يملك خياراً سوى أن يحذو حذوه؟
أشارت &laqascii117o;نشرة الأنباء الإستراتيجية" (نشرة استخباراتية فرنسية) في 6 تشرين الأول (أكتوبر)، إلى أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تخططان لإجراء تمارين مشتركة لا سابق لها للقوات الميدانية في شهر أيار (مايو) المقبل، بهدف إرساء &laqascii117o;قوة تدخّل" مشتركة مستعدّة للتدخّل في حال حصول أي حرب إقليمية كبيرة. وقام قائد القيادة الجنوبية الأميركية الأدميرال جيمس ستافريديس، بزيارة غير علنية أخيراً إلى إسرائيل لإجراء محادثات مع قائد أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني غانتز. ولفتت النشرة إلى أن الخطة تقوم على إرساء مقرات قيادة أميركية في إسرائيل ومقرات قيادة إسرائيلية في أميركا. ونادراً ما كان التعاون بين القوتين وثيقاً إلى هذا الحدّ.
تعيش منطقة الشرق الاوسط أوقاتاً خطيرة.
- 'الحياة'
اتفاق خليجي على الخطر الايراني وخلاف على اسلوب التعامل
راغدة درغام:
نشطت الديبلوماسية الخليجية، الفردية منها والجماعية عبر &laqascii117o;مجلس التعاون الخليجي"، في أمور المنطقة العربية وفي طرحها في المحافل الدولية. وشاركت دول خليجية عملياً وبفاعلية في دعم التحوّل الجذري في ليبيا، مثلاً، بتمويل وتدريب رافقا الديبلوماسية – أحياناً بتضارب الجهات. المشهد السياسي في المنطقة الخليجية يفيد بدرجات متفاوتة من التباعد بين دول مجلس التعاون. هذا التباعد ثنائي أحياناًَ، وأحياناً أخرى يصب في السياسة الخارجية الأوسع، لا سيما الإقليمية وخصوصاً في كيفية التعاطي مع ايران وطموحاتها الإقليمية. على المستوى الجيوسياسي، يكاد الاختلاف يكون طفيفاً أو معدوماً نظراً الى العلاقة المتطورة بين &laqascii117o;مجلس التعاون الخليجي" و &laqascii117o;حلف شمال الأطلسي" (ناتو) في صياغة نظام اقليمي جديد. انما على المستويين الإقليمي والثنائي، هناك الكثير من التباعد في الفكر والمواقف بقليل من التنسيق وببعض من تناثر السياسات. هذا الوضع يتطلب الإصلاح بدءاً بمبادرة ديبلوماسية للتقريب بين ديبلوماسيات الدول الخليجية الست كي لا يتعمق التباعد في هذه المرحلة المهمة لمنطقة الخليج ولكامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والكلام ليس فقط عن ديبلوماسية واعية لضرورة اصلاح سياسات داخلية كجزء مهم من استراتيجيات السياسة الخارجية وبالذات الاقليمية.
المشهد السياسي في منطقة الخليج يعكس بروداً في العلاقات السعودية – الإماراتية بعدما مضت سنة على الخلاف على الحدود، وكذلك بسبب ما حدث حول مقر البنك الرئيسي للعملة الخليجية الواحدة بعدما أرادت الإمارات استضافة المقر وأصرت السعودية على انتقاله الى الرياض.
التقاليد الخليجية العريقة تمنع &laqascii117o;نشر الغسيل" وتمنع أيضاً التطاول بين دول مجلس التعاون، كبيرها أو صغيرها. لذلك من الصعب رصد كيفية معالجة البرود وتحويله الى دفء ما لم يقع نوع من الاعتراف بوجود حالة غير طبيعية. هذه الحالة ليست ثنائية حصراً ولا هي بالضرورة بذلك القدر من الجدية ما لم تقترن بنواحٍ أخرى تأتي بالبرود منها ما بين دول المجلس ومنها ما له علاقة بإيران. وربما يرى جميع الخليجيين طموحات ايران بالمنظار نفسه انما سبل التعامل مع هذه الطموحات مختلف بالتأكيد.
عُمان مثلاً فائقة الحذر وأكثر تقارباً مع ايران من الدول الخمس الأخرى. الكويت أكثر قلقاً من ايران وطموحاتها، لا سيما داخل الكويت. قطر ذات سياسة &laqascii117o;الادهاش" أدهشت المنطقة بمواقفها المعارضة لسورية، علماً أن سورية فائقة الأهمية للاستراتيجية الإيرانية في المنطقة وعلماً أن قطر لطالما كانت علناً على مودة وعلاقة جيدة مع طهران. البحرين تعتبر نفسها ضحية تدخل ايراني يريد الإطاحة بحكمها وعلاقتها الثنائية مع السعودية هي علاقة ذات خصوصية داخل مجلس التعاون الخليجي. الإمارات تدرك تماماً الخطر الإيراني عليها لكنها تختار أسلوب الاستيعاب والاستباق عبر الحوار تجنباً للمواجهة. أما السعودية فإنها تجد نفسها في المواجهة، لا سيما بعد الاضطرابات الاخيرة في المنطقة الشرقية وإعلان الولايات المتحدة عن تورط ايراني في محاولة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير.
ولأن ايران جارة غير اعتيادية لدول مجلس التعاون الخليجي ولها خيوط عنكبوت في العراق وسورية ولبنان وأفغانستان، سعى بعض دول المجلس الى تحييد امتداد خيوط العنكبوت الإيراني اليه عبر المجاملة والحوار، وفي رأي البعض الآخر ان لا خيار أمامه سوى المواجهة.
ولأن ايران تشن حروباً بالوكالة عبر الساحات العربية الموالية لها أو عبر منظمات عربية تمولها وتدربها وترعاها، أعرب خليجيون مخضرمون خلال الأسابيع القليلة الماضية عن خشيتهم من انتقام ايران من خسارة حليف لها في سورية في عمليات موجهة ضد دول مجلس التعاون الخليجي، وليس بالضرورة في عمليات ضد إسرائيل عبر &laqascii117o;حزب الله" كما تفترض الحكمة التقليدية السائدة.
ما حدث في المنطقة الشرقية للسعودية هو، في نظر الكثير من الخليجيين، استكمال لأحداث البحرين من ناحية تحريك اضطرابات داخلية في إطار مذهبي بهدف إحداث اهتزاز في البحرين واضطراب في السعودية. انما هناك أيضاً من يرى ان الاكتفاء بهذا التحليل حصراً هو بمثابة هروب الى الأمام نظراً لأن هناك حقاً مطالب مشروعة يجب الإسراع الى معالجتها جذرياًَ ونمطياً.
العلاقة بين السعودية والبحرين، وفق وصف خليجي مخضرم، هي علاقة خاصة وواضحة المعالم من حيث حجم كل من الطرفين على كل المستويات. فالبحرين ترى في المملكة درعاً حامياً لها بأكثر من &laqascii117o;درع الجزيرة" الذي تم تفعيله. وما يجب التنّبه اليه هو ضرورة ألا يتحول اعتماد البحرين على السعودية الى استرخاء يحول دون الإصلاح الحقيقي والجذري في البحرين لمسألة المواطنية والمساواة في الحقوق. فهناك من يرى ان البحرين خرجت من تقليد الحوار لأنها تشعر بأن لا حاجة بها الى مجاملة حركة &laqascii117o;الوفاق" بسبب ما تتمتع به من استرخاء نتيجة درع الحماية الذي تأمن لها.
إذا صدق هذا الرأي، فهو خطير على البحرين لأن لا مناص لأية دولة في المنطقة العربية من تبني اصلاحات صادقة. والاكتفاء بتحقيق حيادي في أحداث البحرين، وبغض النظر عن نتائجه، لن يكون كافياً أو بديلاً عن الإصلاح الجذري الضروري.
مثل هذا الإصلاح ضروري للعلاقة الثنائية بين السعودية والبحرين كما هو مهم في اطار الإصلاح داخل دول مجلس التعاون وفي علاقاتها مع ايران من ناحية سحب ذريعة أو فتيل اشعال الناحية المذهبية من جانب طهران.
الديبلوماسية الإماراتية تبدو وكأنها تسير في اتجاه معاكس لاتجاه مواجهة التهديدات الإيرانية. تبدو وكأنها تحيّد ملفات الخلاف مع ايران وتضعها على الرف للفترة الراهنة. فلقد توقفت الإمارات منذ حوالى سنة عن ذكر الجزر الثلاث المختلف عليها مع ايران، ووفق المصادر، طلبت أيضاً من دول مجلس التعاون عدم ابراز هذه المسألة في المحافل الاقليمية أو الدولية. هذا تغيير مهم، علماً أن الجزر الثلاث كانت ركيزة في أي طرح لدولة الإمارات، ولسنوات عدة.
ربما هذا التغيير هو تعبير عن حسن النوايا تجاه ايران، وربما هو قرار بسحب ذرائع التصعيد معها. في كلا الحالين، يبدو ان الديبلوماسية الإماراتية نحو ايران قائمة على استراتيجية الاستباقية عبر الحوار وعبر تحييد موقع النزاع والاختلاف. هذا لا يعني ان الإمارات مسترخية في اطمئنان لايران، ولا يعني ان تقويمها الحقيقي لمخاطر الطموحات والسياسات الإيرانية يختلف عن التقويم السعودي مثلاً. اختلاف الأسلوب لا يعني اختلاف التقويم أو السياسة بعناوينها الرئيسة، لكنه يعكس تفاوتاً في مواقف الدول الخليجية في محطات عدة أخرى للقطار الإيراني.
فنحو سورية، مثلاً، هناك فتور في الدعم الإماراتي للمعارضة السورية، أقلّه رسمياً وعلناً، فيما قطر واضحة وضوح الشمس بدعمها للمعارضة وإصرارها على محاسبة نظام بشار الأسد. التفاوت في مواقف دول مجلس التعاون لا يتوقف عند الإمارات وقطر وإنما يطاول الدول الست، بدرجات مختلفة.
الإمارات وقطر لعبتا دوراً بالغ الأهمية في ليبيا وحشدتا مجلس التعاون وجامعة الدول العربية لتحريك مجلس الأمن الذي أصدر قراره الرقم 1973 الذي على أساسه قام حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعمليات القصف التي ساهمت جذرياً في إسقاط النظام. وبناء على نموذج ليبيا، بدأ بناء معالم النظام الإقليمي الجديد.
انما اليوم، هناك تضارب في نوعية الدعم العسكري والتدريب في ليبيا بين كل من الإمارات وقطر حيث بات واضحاً انهما تدعمان أطرافاً تعارض بعضها بعضاً. وبالتالي، هنا أيضاً يظهر الاختلاف في سياسات خارجية لدول في مجلس التعاون الخليجي.
القاسم المشترك بين هاتين الدولتين وغيرهما ان تنشيط العمل الديبلوماسي لم يعد مقتصراً على أحدهما.
أثناء قمة مجالس الأجندة العالمية لعام 2001 التي ينظمها المنتدى الاقتصادي العالمي وأقيمت هذه السنة في أبو ظبي، لوحظ ما قاله وزير خارجية دولة الإمارات، الشيخ عبدالله بن زايد في كلمته الافتتاحية أمام أكثر من 800 شخصية عالمية من أبرز الخبراء في قطاعات الأعمال والفكر والمجتمع والاقتصاد والسياسة. تحدث عن التحديات الراهنة وضرورة تطوير نماذج عمل جديدة أو تعديل النماذج التقليدية مشدداً على أهمية الدور الجماعي وتطوير استراتيجيات عملية. وقال ان أبرز التحديات التي يواجهها العالم هي: مسألة القرصنة البحرية التي تهدد التجارة العالمية، الأمن الغذائي علماً أن هناك أكثر من 900 مليون شخص يواجهون الجوع، مكافحة الإرهاب بما في ذلك مكافحة غسيل الأموال وتحسين أمن الموانئ والممرات البحرية، مكافحة ظاهرة الإتجار بالبشر، والاقتداء بالنموذج الذي قادته الإمارات نحو تطوير معايير دولية جديدة لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
هذه العناوين ليست العناوين التقليدية لوزراء الخارجية العرب نظراً لطبيعة التحديات التي ذكرها عبدالله بن زايد. انما هذا لا ينفي ان العمل الديبلوماسي جارٍ على صعيد التحديات المحلية ولا يتنافى معه.
فتنشيط الديبلوماسية الخليجية محلياً وإقليمياً ودولياً تطور جيد ومفيد وضروري. التطابق ليس مطلوباً لأن للدول سياساتها وأولوياتها القومية، في نهاية المطاف. انما من المفيد لدول مجلس التعاون ان يكون هناك تقارب أكثر بين ديبلوماسياتها، أقله كي تكون بعض الرسائل الإقليمية واضحة، وكي يكون نمط الإصلاح الداخلي نمطياً ومتماسكاً بما في ذلك نحو المفاهيم العالمية لحقوق الإنسان، بما فيها حقوق المرأة والأقليات.
- 'السفير'
... وعلى ماذا يراهن الغرب؟
سمير كرم:
السؤال الاستنكاري عن الذين يراهنون على الغرب سؤال مشروع من جوانبه المختلفة.
فالذين يراهنون على الغرب في هذه المنطقة معروفون وأهدافهم معروفة من جانبيها الذاتي والغيري. ورهانهم على الغرب من البداية لا يخفي دلالته، وهي دلالة تقول إنهم لا يثقون بأنفسهم من حيث القدرة على المواجهة ضد خصومهم او من حيث الحصول على التعاطف الشعبي داخلياً أو خارجياً. والذين يراهنون على الغرب يعرفون ان الغرب يتلاقى معهم في الاهداف القصيرة المدى والبعيدة المدى. وهم في الوقت نفسه يدركون، او بالأحرى يتصورون، ان للغرب سيادة كاملة غير منقوصة على الوضع الدولي. يؤمنون بأن أحداً لا يمكن ان يتحدى الغرب اذا لبى رهانهم عليه. انهم يشعرون انهم يعيشون في عالم غربي لا مجال فيه لتحدي الغرب. وهم ايضا يدركون ان الغرب لا يمكن ان يرفض او يحبط رهانهم عليه، لأن قوة اخرى &laqascii117o;لا غربية" في هذا العالم تستطيع ان تقف في وجه الغرب او تعرقل الرهان عليه.
وصحيح ان روسيا والصين تتصديان حتى الآن لمحاولة الغرب تفعيل الرهان عليه من جانب قوى المعارضة في سوريا داخل مجـلس الامن الدولي، الا ان رهان &laqascii117o;الثوار" في ليبيا على الغرب أضاء من البداية طريق التدخـل امام حلــف الاطــلسي، بما فيه الولايات المتــحدة وارتدى مسوحاً موالية لمجرد اتخاذ قرار من مجلس الامن مبرراً للتدخل العسكري في ليبيا.
والملاحظ حتى الآن أن أياً من القوى العربية التي يمكن ان تراهن على الخارج لم تفكر ابدا ولا للحظة واحدة في الرهان على روسيا او الصين للتدخل الى جانبها ضد النظام المطلوب اسقاطه. هل هذا احتمال وارد؟ نعم على الاقل نظرياً. فما الذي يمكن ان يمنع التجاء اي من القوى الجديدة في موجات الربيع العربي من ان تلجأ الى روسيا او الى الصين للتدخل في صفها. ان كلا من روسيا والصين تملك من القوة العسكرية من تمكينها من كسب رهان &laqascii117o;الثوار" عليها. ولكن الامر المؤكد ان الذين يراهنون على الغرب انما يفعلون ذلك إيماناً منهم بأن للغرب اهدافاً محددة في المنطقة يريد ان يحميها سواء كانت اهدافاً اقتصادية (النفط) او عسكرية (القواعد) او سياسية (النظم الموالية للغرب) لكن مثل هذه الاهداف لا وجود لها في حالتي روسيا والصين. ويمكن ان نضيف هنا ان الذين يراهنون على الغرب انما يراهنون على قوة لا يحتمل ابداً ان يلجأ اليها النظام المطلوب اسقاطه.
نستطيع اذن ان نتفق على ان السؤال عن الذين يراهنون على الغرب مشروع من نواحيه المختلفة.
ولكن ثمة سؤالا اكثر مشروعية من جوانب متعددة ولا بد من طرحه ليس فقط على انفسنا - نحن المعلقين السياسيين ـ انما على اولئك الذين يراهنون على الغرب، ايا كانت مبرراته للتدخل او ايا كانت مبرراته لتأجيل التدخل، كما هو واضح في حالة سوريا. اذ ان من المؤكد ان الغرب يؤجل التدخل لاعتبارات دولية تتمثل في انتظاره لقرار من مجلس الامن يشبه القرار الذي اتخذه المجلس بكل العجلة اللازمة في حالة ليبيا، وأيضاً لاعتبارات غربية بحتة، اولها ان الغرب لا يريد ان يبدو وكيلا جاهزاً لـ&laqascii117o;الثوار" في المنطقة العربية ثم ان الغرب لا يملك استعدادا استراتيجيا ـ عسكريا ـ للتدخل في اكثر من بلد شرق اوسطي واحد في وقت لا يزال فيه مشغولا بحرب لا تبدو لها نهاية في افغانستان وفي باكستان وكذلك في ليبيا.
يضاف الى هذه العوامل كلها عدم وجود وفاق واتفاق كاملين بين دول الغرب (والغرب هنا تعريف مرادف لحلف الاطلسي) حول ما هو ممكن وما هو غير ممكن في التدخل لحساب المراهنين على الغرب. إن الولايات المتحدة ـ تواجه بين الحين والآخر خلافات مع حلفائها لا يكاد يكون بالامكان إخفاؤها فضلا عن معالجتها. وحتى في حالة النجاح النسبي في ليبيا بدأت تظهر في الافق علامات على خلافات اوروبية ـ اميركية بشأن العجز المشترك عن تحقيق انتصار نهائي حاسم وبشأن نتائج وفوائد التدخل في هذا البلد النفطي المتميز. لمن يكون النصيب الأكبر ومن يرضى بنصيب اقل مما يتوقع؟
على ان الخلاف الاكبر بين الحلفاء الاطلسيين يتمثل في السياسة النووية للولايات المتحدة من ناحية وأوروبا من ناحية اخرى. والامر الذي لا شك فيه، طبقاً لما يذهب إليه الباحثون الاميركيون الجادون في الآونة الاخيرة، هو ان الولايات المتحدة اصبحت في حالة تحفز للجوء الى اسلحتها النووية باعتبارها اسلحة قادرة فوق كل قدرة عسكرية اخرى على تحقيق انتصار حاسم على العدو المباشر وإدخال اقصى درجات الرعب على عدو بعيد محتمل. وبينما تبدي اوروبا تردداً وميلاً للابتعاد عن السلاح النووي وحتى عن التلويح به فإن القيادات الحالية في البنتاغون (وزارة الدفاع الاميركية) تبدي استعداداً حقيقياً للجوء الى السلاح النووي. ويقول الباحث الاميركي ميتشل شوسودوفسكي في كتاب له نشره مؤخرا &laqascii117o;مركز بحوث العولمة" ان لدى البنتاغون قائمة بالدول التي يمكن للولايات المتحدة ان تستخدم في اي منها او في مجموعة منها مؤلفة من سبع دول في وقت واحد الاسلحة النووية الاميركية، وهذه القائمة متحركة اذ يضاف اليها ويحذف منها من وقت لآخر. وهي تضم في الوقت الحاضر كلا من ايران وكوبا وكوريا الشمالية وسوريا وليبيا وكذلك روسيا و الصين.
ويذهب شوسودوفسكي في هذا الكتاب الى ان وزارة الدفاع الاميركية تملك منذ سنوات طويلة &laqascii117o;سيناريو" مكتمل النواحي لشن حرب عالمية نووية، وان هذا السيناريو قد اكتسب اهمية كبيرة بعد احداث ثورات الربيع العربي وبصفة اخص بعد احداث ليبيا.
ويطلق البنتاغون على هذا السيناريو الجاهز لحرب عالمية نووية اسم &laqascii117o;هجوم دفاعي وقائي نووي". وعلى اي الاحوال فان ربيع الثورات العربية الذي تفجر في ثلاث من دول الشمال الافريقي (تونس ومصر وليبيا) قد اوجد بالنسبة للمخططين الاستراتيجيين الاميركيين مبرراً جديداً لوجود وتطوير سيناريو الحرب الوقائية الدفاعية النووية.
وفي كل الاحوال فإن المخططين للحرب النووية في البنتاغون لا يفصلون بين هذا السيناريو النووي وبين &laqascii117o;الحرب العالمية على الارهاب" وهي تسمية اطلقت في عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش على اثر الهجوم على برجي التجارة العالمية في نيويورك وعلى مبنى البنتاغون في ارلنغتون بولاية فيرجينيا الذي لا يفصله عن العاصمة واشنطن سوى نهر &laqascii117o;بوتوماك". ومعنى هذا ان الولايات المتحدة ستكون مستعدة في اي وقت لوضع هذا السيناريو النووي موضع التنفيذ، رداً على اي عمل ارهابي تعتبره كبيرا او خطيرا عليها، او على اهم حلفائها، وفي المقدمة منهم اسرائيل. واسرائيل قوة نووية تحتاج الى حماية قوتها النووية بتدخل نووي اميركي.
هنا ان الولايات المتحــدة تصف تنظـيم القاعـدة الذي نفذ عملـيات ايلول/سبتمبر عام 2001 بأنه &laqascii117o;قوة نووية" قادمة. وقد اعلنت ادارة الرئيس اوباما ان تنظيم القاعدة يسعى للحصول على اسلحة للدمار الشامل من بينها اسلحة نووية. وأعلنت ان &laqascii117o;الارهابيين الاسلاميين يستـعدون لشن هجوم على المدن الاميركية". وأعلنت بعد ذلك ان اي تناول لموضوع انتشار الاسلحة النووية لا بد ان يشمل المنظمات الارهابية. وأضافت الى ذلك لاحقاً انها لا توافق على طرح موضوع القوة النووية الاسرائيلية للبحث بسبب احتمال الارهاب النووي، امتلاك الارهابيين هذا النوع من الاسلحة (...)
يعيدنا هذا التناول للاستراتيجية النووية الاميركية الى السؤال الذي طرحناه في البداية: على ماذا يراهن الغرب بالنسبة لتدخله الفعلي والمحتمل على السواء في المنطقة العربية وإقليم الشرق الاوسط؟
وعند هذا الحد نتبين ان الغرب لا يراهن على اي شيء سوى قوته العسكرية، بما فيها السلاح النووي.
ولا بد ان نؤكد في هذا السياق بالذات ان الغرب ـ وبالاخص الولايات المتحدة ـ لا يثق في &laqascii117o;الثوار" بمن فيهم اولئك الذي يسارعون الى الكشف علنا عن انهم يضعون رهانهم عليه .. على الغرب، وبصفة خاصة الولايات المتحدة.
نحن اذن بصدد طرفين، طرف يثق ثقة عمياء بقوة الغرب خاصة عندما يتمثل في اميركا، وطرف لا يثق بتوجهات &laqascii117o;الثوار". بل ان ثقته بهم تسجل تراجعا مستمرا كلما تبين ان الاسلامويين منهم هم اصحاب الكلمة العليا، وان الاختلافات العقائدية والسياسية بين هؤلاء &laqascii117o;الثوار" تسحب من تحت ارجلهم بساط التأييد الغربي وتجعل رهانهم على الغرب موضع الشك من الطرفين .. الطرف الذي بدأ بطلب التدخل الغربي والطرف الغربي نفسه الذي ما كان يمكن الا ان يلبي هذا الرهان لانه يمثل فرصة بقيمة كنز استراتيجي وسياسي.
وفي انتظار تطور يمكن اعتباره انتصارا حاسما لهذين الطرفين فإن الآتي سيكون اصعب كثيرا على كل منهما. وستزيد صعوبته اذا وجد الغرب نفسه امام اختيار عسير بين الاستجابة لطلب تدخل آخر من جانب اصحاب التوجه الاسلاموي او الامتناع عن الاستجابة، الامر الذي يتركه امام هوة سحيقة لا يعرف كيف يمكن تخطيها.
ان جعبة التطورات مليئة بالمفاجآت للطرفين .. بل للجميع.