قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 27/10/2011

- 'السفير'
إسلامي ومدني!.. كيف ذلك؟
نصري الصايغ:

الربيع العربي يستكمل تفتحه. أولى ثماره: الحرية، فلا مستبد ولا استبداد. وباكورة المستبدين: زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي. حدث ما كان لعاقل متزن ورصين ومتابع، أن يتنبأ به.
سقوط الاستبداد الأول في تونس، شبيه بسقوط الباستيل في فرنسا، سقوط الاستبداد الثاني في مصر، شقيق لسقوط حائط برلين، أما الاستبداد الثالث في ليبيا، فنسخة عن سقوط نيقولاي تشاوشسكو في رومانيا وإعدامه.
&laqascii117o;الربيع العربي" في كل من تونس ومصر وليبيا، أفضى حتى الآن، عن فوز أو تأهل للفوز، للإسلاميين: حزب النهضة الإسلامي والاخوان المسلمون وما تجمَّع من إسلاميين خلف: دين الدولة، والتشريع الاسلامي. مع ما يعني ذلك من خسارة بعض مكتسبات الحياة المدنية والعلمانية والحريات الفردية، وتحديداً حرية المرأة، وعودة السلطة الدينية إلى بطن السلطة السياسية.
غير ان هذه النتيجة، على فداحتها، ليست مصطنعة، فقد جاءت محمولة إلى الفوز بأصوات الناخبين، في انتخابات حرة وشفافة. أليست هذه أحد التعبيرات الديموقراطية! وجاءت معبرة عن شريحة شعبية، ليست مستوردة من الخارج، بل هي أصيلة ومتأصلة في الواقع العربي، وفي دوله المختلفة، بنسب متفاوتة. وجاءت النتيجة أيضاً مترافقة مع فوز لعلمانيين ويساريين وليبراليين ومستقلين... لم يلغ أحد أحداً بقرار سلطوي أو بقوانين جائرة أو بعزل مسبق.
عندما تتكلم الصناديق بحرية، علينا ان ننحني احتراما لأكثرية الرأي العام.
هذه بضاعتنا. هذه ثقافتنا. هذه هي تنظيماتنا: إسلاميون ولا إسلاميون والأكثرية إسلامية. والردة مستحيلة، ولا تجوز المقارنة بين سلطة يشارك فيها الاسلاميون، وفق أحجامهم، وسلطة استبدادية سابقة، حجمها بقوة قبضتها الأمنية، وشرعيتها بنت السلطة المسروقة.
هذا نحن... لم يترك الاستبداد، على مدى نصف قرن، لا حزباً ولا تجمعاً ولا تياراً ولا نقابة ولا أعلاما ولا شخصيات مستقلة، على قيد الحياة. مسح الأرض العربية من كل معارض أو مشروع معارض. مسح عن وجه السياسة كل من يمكن ان يشكل، يوما ما، مشروع اختلاف، لا مشروع معارضة.
هذا نحن... وما أنتجته صناديق الاقتراع في تونس، وما أسفرت عنه في ليبيا وما قد نجده في مصر مستقبلاً، ليس مستهجنا، ولا هو غريب البتة. واهم من كان يظن أن اليسار والليبراليين والعلمانيين والتقدميين سيكونون في الطليعة.
هذا نحن... استطاع الاسلاميون، لأنهم تنظيم ديني، ولأن امتداداتهم تتخطى الحدود الجغرافية، ولأن مرجعيتهم الدينية، نصا وحديثاً وسيرة وفقهاً ومؤسسات متشعبة، تحفظهم من الذوبان، وتصلبهم في مواقفهم. ان للإسلاميين قوة دعم &laqascii117o;إلهية" و&laqascii117o;نصية" و&laqascii117o;فقهية" ساحقة، لا يتمتع بها علمانيون ومدنيون وليبراليون وناصريون وقوميون... ولهذا السبب، ورغم ما تعرض له الاسلاميون من حملات تنكيل وقمع وقتل، فإنهم استمروا في تكوين حلقات واسعة، والقيام بأنشطة اجتماعية، والدعوة عبر مؤسسات دينية (المساجد) إضافة إلى إنفاق أموال طائلة، مما تيسر لهم من تبرعات سخية، من قوة ودول إسلامية فائضة النفط.
الإسلاميون قادمون.. ولكن.
ليس إسلاميو اليوم، يشبهون إسلاميي الأمس. (أستثني إسلاميي العنف المسلّح). فلا إخوان مصر هم إخوان حسن البنَّا. ولا &laqascii117o;النهضة" في تونس، تشبه أيامها الخوالي. أما ليبيا، فإنها تحتاج إلى فترة لتظهير إسلاميتها، لأن ما بدا منها حتى الآن، يثير الضحك كثيراً. إذ من المخجل والمؤسف والمسف ان يكون القرار الأول للثورة هو قانون تعدد الزوجات، والعودة إلى الشريعة الإسلامية... شعب دفع ثمن حريته بدمه، من أجل التخلص من الطاغية، لا يمكن تصوّر خضوعه لطغيان التخلف، هكذا.
الإسلاميون قادمون... ولكن هذه ليست النهاية. الربيع العربي بدأ من خلال تفتح الشباب على حتمية التغيير. شباب الثورة الديموقراطية العربية، لم يكن لديهم برنامج وكانت لديهم قضايا: الحرية، العدالة، الكرامة، العمل، رغيف الخبز... ثاروا على ظلم لا ظلم أشد منه، ولا ديمومة أطول منه. ولما فازوا بفتح الباب أمام التغيير، كانوا قد أعلنوا &laqascii117o;أن الشعب يريد إسقاط النظام". وبالتالي: الشعب يقرر طبيعة النظام الجديد.
من هو الشعب؟
قبل الربيع العربي، كان الشعب مغيباً بالقسر والقهر والقوة. الشعب بكل هيئاته وفئاته وأحزابه ونقاباته ومنابره... لم يصادر شباب الثورة الشعب، كما فعلت سلطة الاستبداد. وها هو الشعب يعود إلى الساحة ممثلا بأحزاب دينية وقومية ويسارية وإصلاحية واشتراكية ويسارية. هذا هو الشعب بكامل تياراته (التي كانت مصادرة) يخوض معركة بناء النظام الجديد التي سيرت نظام الاستبداد. وطبيعي ان تكون ثمرة عملية بناء النظام الجديد، بالانتخابات، والاستناد إلى صناديق الاقتراع.
حتى الآن... كل شيء منطقي... ولا شيء من خارج السياق.
يصر كثيرون على التعامل مع القوى التي احتلت مكاناً لها في الحراك العربي، على أساس ماضيها فقط. ويخضع الإخوان المسلمون والقبائل، لتنظير نمطي جامد، يعتبر ان هذه القوى التقليدية، لا تزال على صورتها الأولى، من التعصب والتخلف والتزمت والقيم.
هذه البنى التقليدية، الدينية والقبلية والاثنية، تعرضت لموجات الحداثة. تعرفت إلى العالم بالصوت والصورة. أدركت قيم الديموقراطية والحرية. عرفت ان الأحادية مقتل لها. فهمت أن العنف في معظمه أعمى، لا يصيب إلا الأبرياء وقد يصيب صاحبه. أجرت هذه البنى مصالحة نسبية مع الحداثة وانخرطت فيها: وإلا كيف نفسر السلوك السلمي لقبائل يمنية مسلحة حتى الاسنان؟ وكيف نفهم تطور الإسلاميين ان كان في مصر أو في سوريا أو في تونس، وان كانوا لم يصلوا بعد إلى الدرجة المتقدمة التي بلغها إسلاميو تركيا.
ان الخطأ في التوصيف يقود إلى الخطأ في التقدير وإلى أخطاء في التعامل... وهذا ما يجب ان تتنزه عنه فئات مدنية وعلمانية وليبرالية ومنظمات حقوقية نسائية.
إنما... إلى هنا فقط.
المشوار مع الاسلاميين من الآن فصاعداً، هو مشوار معاكس. من ليس إسلامياً، أكان مسلماً مؤمنا أم مسلماً عادياً أم من غير دين الإسلام، تقع على عاتقه قيادة معركة ديموقراطية يوفرها المجتمع ومناخ الحرية، لتحرير الدولة من كل ما لا يمت إلى مدنيتها بصلة.
المشوار، من الآن فصاعداً، هو كيف تقود معركتك المدنية والعلمانية والليبرالية ضد الاسلاميين، الذين، برغم تغيرهم الكثير، لا يزالون يصرون على اعتبار الدين مرجعية عليا في التشريع. وعلى تنميط المجتمع، وفق وجهات نظر فقهية عتيقة جداً.
يكاد يشبه المشوار النضالي هذا، المشوار الذي مشاه الغرب ضد سلطة الدين الكاثوليكي، في أوروبا. حيث كانت تعتبر نفسها، الكنيسة، المرجع الديني والمرجع السياسي والمرجع القيمي والمرجع التشريعي والمرجع التربوي...
فلنبدأ المشوار ولنقل للإسلامي: أهلا بك.. إنما، لست من أتباع الدولة المدنية، عندما تقول أنا مؤمن بالدولة المدنية بمرجعية إسلامية. لا يجتمع الضدان. مرجعية الدولة المدنية، هي المجتمع المدني. مرجعية التشريع منه للمجتمع المدني. وهذا ينطلق من مكتنزات ما قدمته القيم والتجارب لدى الشعوب: حقوق الإنسان، حقوق الطفل، حقوق المرأة، إلى آخره.
الإسلامي ليس مدنيا... هو من عناصر المجتمع الأهلي. ثم، إن الاسلامي، فئوي، عصبوي، بحكم طبيعته التناسلية. خيارات المدني والعلماني، خيارات عقلية. اتخذها بحرية وتحمل مسؤوليتها. لا خيارات للإسلامي، هو ابن الفراش الزوجي المسلم. ومن نسل مسلم. ومن تربية اسلامية سار عليها وفق ما تعلمها... المدني، ابن نفسه. الاسلامي، ابن آباءٍ كثر، صفوه وصفوا أشباها له، على مر العصور. مع فروقات بسيطة، فرضتها معطيات وظروف، ارتأت فيها المؤسسة الدينية ان تنجب أجيالاً على صورتها ومثالها.
مثال المدني: المستقبل. مثال الإسلامي: الماضي.
ثم ان الاسلامي، يعبر عن إسلاميته من خلال مذهبه الذي لا خيار له في الانتساب اليه، أو يولد منتسباً إلى سنة أو شيعة أو اسماعيلي أو درزي أو... تماماً كالمسيحي السياسي، ينتسب إلى طائفته... وعليه، فكل المنتسبين إلى الدين في السياسة، هم طائفيون وينتج من هذا الانتساب، رد فعل طائفي.
فعلى الإسلامي السياسي ان يعلم ان إسلامه السياسي (السني) يثير ردة فعل إسلامي (شيعي) وردة فعل مسيحي (من مذاهب مختلفة). وقراءة الساحة العربية اليوم، تفصح عن حجم المأساة التي يعيشها الاسلاميون السنة والاسلاميون الشيعة.
المدني يعتبر ان لا دين له في السياسة. وان لا دين له في الثقافة. يغرف معارفه من كل المناهل الدينية والفكرية. لا حرام لديه، إلا ما يحرّمه القانون الوضعي. يتعامل مع أبناء شعبه بالسوية. ان كل واحد هو مواطن فقط. ليس مواطنا سنياً أو مسيحياً. المواطن، عائلته في السياسة وطنه. الاسلامي ـ عائلته في السياسة دينه.
وإن إبقاء هذه الصبغة على الإسلامي، تجعله دائماً أكثرياً. انه يحوز أكثرية بلا جهد. بلا تعب. بلا نضال. هو أكثري بالولادة، تماماً كالقبيلة، كالاثنية. وهذه الأكثرية، ملتحمة، كما قلنا، بما هو فوق بشري. الأوامر إلهية هنا، ومن يعصاها يكفر أو يخرج أو يتزندق.
الخلل الديموقراطي، في الربيع العربي، هو هذا تحديداً. أحزاب دينية، بواجهات مدنية. كذب هذا. دجل ونفاق هذا. لبنان تمرّس فيه. مثلا: إدارات المرئي والمسموع في لبنان، يجب ان تؤلف من مساهمين من مختلف الطوائف. جرى التحايل على القانون، بإضافة أسماء وهمية لمساهمين وهميين، وظلت الغلبة للطائفة. (المنار شيعية. المستقبل سنية. LBC و M.T.V مسيحية) الخ. أما قانون المزج الانتخابي، بحجة العمل على تمتين أواصر الوحدة الوطنية، ومنعا للتطرف الطائفي، فقد أسفر عن وجود نواب مسيحيين في جعبة اللوائح السنية والشيعية. والشواهد الأخرى كثيرة.
الاخوان المسلمون يقبعون خلف حزب باسم آخر، يطعمونه ببعض الأقباط... هذا ليس من شيم الدين وأخلاقه. لا بأس أن نستشهد بالفنان زياد رحباني: &laqascii117o;طائفي مع طائفي، ما بيعملوا مواطن، بيعملوا طائفيين".
إن فوز الإسلاميين في الربيع العربي كان مقدراً. لكنه ليس قدراً. ليس أمام القوى العلمانية واليسارية والمدنية والليبرالية والقومية، إلا الاتفاق على الحد الأدنى المطلوب: مدنية الدولة. مرجعية الشعب، استقلالية القوانين عن المرجعيات الدينية، ومنع رجال الدين من التدخل في شؤون الدولة، لأن لديهم مهمات دينية كبرى، على مستوى الروح، كي يتنكبوها ويخدموها.
أمام المدنيين بفئاتهم كافة العمل على مواجهة الانحراف التاريخي، بجعل الاسلام دينا ودولة، كما واجهت القوى الديموقراطية الانحراف المسيحي، عندما جعلوا المسيحية ديناً ودولة.
المسار ما زال في أوله... أفضل ما فيه، مناخ الحرية، وزوال الاستبداد، واحترام الإرادة الشعبية. والبقية تأتي.


- 'السفير'

'الإخوان المسلمون' وهواجس البطريرك
جوزيف الياس:

سمعتُ ما سمعتُ عبر موجاتِ الأثير، وقرأتُ ما قرأتُ، يوم 9 أيلول 2011، على صفحات الصحف؛ وفيه ما نُسِبَ من أقوال إلى البطريرك المارونيّ بشارة الراعي في أثناء زيارته لباريس. فأدهشني ما سمعتُ وما قرأتُ. فإن صحَّ ما قيلَ أو رُوِيَ، وكان النطق به بالحرف، فأنا أسمح لنفسي بأن أقول شيئًا في هذا هو أقرب إلى التذكير منه إلى الردّ. وبين يَديَّ صفحات من التاريخ السوريّ الحديث، لأنّني قارئ الصحافة السوريّة مقالةً وخبرًا، منذ نشأتها حتى سنة 1963. وقد عالجتُ الأحداث السياسيّة، في عهدَي الانتداب والاستقلال، على صفحات الجزء الثاني من كتابي &laqascii117o;تطوّر الصحافة السوريّة في مئة عام" (دار النضال، بيروت 1983).
وقبل التذكير بما يجب التذكير به، أقول إنّ جماعة الإخوان المسلمين في سوريا هي تنظيم سياسيّ موجود على الأرض في عهدي الانتداب والاستقلال، وشريك في الحكم بعدَما نالَ، سنة 1945، ترخيصًا رسميًّا بالتأسيس. وهو، في لغة هذه الأيّام، جزء من مُكَوِّنات المجتمع السوريّ أَشِئنا أم أَبَينا. ثمّ لم يلبث هذا التنظيم أن أصدر، يوم 22 حزيران 1946، صحيفته السياسيّة الأولى التي حملت اسم &laqascii117o;المنار". أمّا صاحب امتيازها فهو المراقب العامّ للإخوان المسلمين في سوريا الشيخ مصطفى السباعي. وحين يكون التنظيم هكذا، لا يجوز لنا أن نشبّهه بتنظيم سلفيّ تكفيريّ متعصِّب كتنظيم &laqascii117o;القاعدة". وما جرى في محافظة نينوى العراقيّة بعامّة، وفي مدينة الموصل بخاصّة، يستحيل أن يجري مثله يومًا على أرض سورية، إلاّ إذا وصل تنظيم &laqascii117o;القاعدة" أو ما يشبهه إلى حكم هذا البلد.
فبِمَ أُذكِّر، علَّ التذكير ينفع مَن رغبَ في استعادة صفحاتٍ من التاريخ؟
1- أوّل ما أُذكّر به مقالتي المطوَّلة التي نُشِرت في &laqascii117o;النهار" (العدد 22156)، يوم 5 كانون الأوّل 2004، تحت عنوان &laqascii117o;... ويومَ كانت بكركي مَحَجًّا للسياسيّين السوريّين!". وأهمُّ ما رويتُ في تلك المقالة أخبار زيارة وفد من السياسيّين السوريّين لبكركي، يوم 12 كانون الثاني 1936، وفي ما يشبه التظاهرة، تضامنًا مع البطريرك المارونيّ أنطون عريضة وعِرفانًا بفضله. والوفد الزائر هذا كان يمثِّل خمس مدن سوريّة هي &laqascii117o;دمشق، حلب، حمص، حماه، إدلب". وقد جعلتُ تلك المقالة، مع مقالة أخرى، في ملفٍّ خاصّ أرسلتُ نُسَخًا منه إلى البطريرك صفير وإلى أصحاب السيادة المطارنة.
2- وأُذكّر بكتابات صحافيّ سوريّ كبير هو الصحافيّ الراحل نجيب الريّس صاحب جريدة &laqascii117o;القبس" الدمشقيّة. فلَطالما قرأتُه مخاطبًا بكركي، مرّةً مادحًا، ومرّةً مُعاتبًا، وأُخرى مُطالبًا، وفي معظم الأحيان، لم تكن مقالاته لتخلو من حِدَّةٍ هي حِدَّة الصدق والصراحة. وربّما قرأته أحيانًا يفتتح مقالته بنداء &laqascii117o;يا صاحب الغبطة!". لكنّ الريّس يبقى، في رأيي، الأوّل بين الصحافيّين السوريّين في مخاطبة لبنان واللبنانيّين بعامّة، وبكركي بخاصّة. وحين جُمِعت افتتاحيّاته في سلسلة &laqascii117o;الأعمال المُختارة" التي صدرت، عام 1994، عن &laqascii117o;رياض الريّس للكتب والنشر" في عَشَرَة مجلَّدات، كان نصيب لبنان منها مجلّدًا ضخمًا هو الجزء السابع الذي حمل عنوان &laqascii117o;لبنان بلد المتناقضات" (كان لي شرف مراجعة هذه الأعمال وتعليق حواشيها والتقديم لتسعة أجزاء منها). فلو كان نجيب الريّس اليومَ حيًّا يُرزَق، لَهتفَ مُعاتبًا &laqascii117o;يا صاحب الغبطة!".
3- وأُذكّر بمقالةٍ لأكاديميٍّ كبيرٍ كان نائبًا ثمّ وزيرًا غير مرّة، هو الدكتور منير العجلاني الذي حملت افتتاحيّته، ذات يوم، في جريدة &laqascii117o;القبس" (العدد 708، 27 آذار 1936) عنوان &laqascii117o;تَداعَينا إلى لبنانَ صارخين يا أبانا!". فلو كان الدكتور العجلاني اليومَ حيًّا يُرزَق، لَهتفَ مُعاتبًا &laqascii117o;تَداعَينا إلى بكركي صارخين يا أبانا!".
4- وأُذكِّر بما يُروى عن تظاهرة جابَتْ، ذات يومٍ، شوارع دمشق، والقوم فيها يهتفون قائلين &laqascii117o;لا إله إلاّ الله، البطرك عريضه حبيب الله". فلا شكَّ في أنَّ هذا الهتاف ـ إن صحّ خبره ـ كان عرفانًا بفضل عظيم للبطريرك المارونيّ.
5- وإنّي لأَذكر، في ما كنت أقرأ، أنّ المراقب العامّ للإخوان المسلمين في سورية، وصاحب امتياز جريدة &laqascii117o;المنار" الدمشقيّة، وعضو الجمعيّة التأسيسيّة المُنتَخَبة في تشرين الثاني 1949، الشيخ مصطفى السباعي ترك في نفسي أثرًا طيّبًا. وحين سألتُ عنه، ذاتَ يوم، نقيب الصحافة السوريّة سابقًا وصاحب جريدة &laqascii117o;الأيّام" الدمشقيّة نصوح بابيل، أفادني، في ما أذكر، أنّ خير صديق للشيخ مصطفى في الجمعيّة التأسيسيّة كان أحد النوّاب المسيحيّين، فرجَحَ لديَّ، في ما بعد، أنّ المقصود بذلك هو زميله على اللائحة الانتخابيّة (الجبهة الاشتراكية الإسلاميّة) النائب الدمشقيّ جورج شلهوب الذي أصبح وزيرًا للأشغال العامّة في حكومة خالد العظم. واسم الشيخ مصطفى السباعي مقرون بقضيّة أثارت جدلاً في سوريا هي مسألة دين الدولة. فحين كانت الجمعيّة التأسيسيّة تناقش موادّ الدستور، اقترح الشيخ مصطفى أن تنصّ إحدى الموادّ على أن يكون دين الدولة الإسلام، فاعترض النوّاب المسيحيّون، وبعض النوّاب المسلمين، ومعظم الصحافيّين. فردّ الشيّخ مصطفى، في 9 شباط 1950، ببيان طمأن فيه المسيحيّين والعَلمانيّين والقوميّين، قائلاً &laqascii117o;كونوا مطمئنّين... سيبقى لنا مجلسنا ونوّابنا وقوانيننا وأنظمتنا... نحن لا نريد انقلابًا في قوانيننا الحاليّة، وإنّما نريد التقريب بينها وبين نظريّات الإسلام الموافقة لروح هذا العصر...". وفي اليوم التالي، علّق نجيب الريّس على بيان الشيخ مصطفى بافتتاحيّة نشرتها &laqascii117o;القبس" تحت عنوان &laqascii117o;لستم أنتم الدولة، ولستم وحدكم المسلمين" (الأعمال المختارة، مج 4، ص 379). وبعدَما طالت المناقشات واحتدمت المواقف، اختارت الجمعيّة التأسيسيّة، في أواخر نيسان 1950، لجنة من ثمانية أعضاء، وكلَّفَتها دراسة ما ستنصّ عليه المادّة المتعلّقة بدين الدولة. وفي أواخر تمّوز 1950، أقرَّت &laqascii117o;لجنة الأحزاب المشتركة ولجنة الدستور" المادّة الثالثة من الدستور السوريّ، فجاءت في أربعة بنود، نصَّ أوّلها على أنّ &laqascii117o;دين رئيس الجمهوريّة الإسلام"، والثاني على أنّ &laqascii117o;الفقه الإسلاميّ المصدر الرئيسيّ للتشريع"، والثالث على أنّ &laqascii117o;حرّيّة الاعتقاد مصونة، والدولة تحترم جميع الأديان السماويّة وتكفل القيام بجميع شعائرها ..."؛ ونصّ البند الرابع والأخير على أنّ &laqascii117o;الأحوال الشخصيّة للطوائف الدينيّة مصونة ومرعيّة". ولمّا كان أكرم الحوراني عضوًا في لجنة الثمانية، علّق في مذكّراته على أعمال اللجنة ومناقشاتها، وعلى ما نصَّت عليه المادّة الثالثة (مذكّرات أكرم الحوراني، مج 2، ص 1185، و1210). أمّا الشيخ مصطفى السباعي، وهو عضو اللجنة أيضًا، فقد تعرّض لحملة شعواء شنّها عليه رئيس رابطة العلماء أبو الخير الميداني في بيان أصدره يوم 28 تمّوز 1950. فردّ الشيخ مصطفى، في اليوم التالي، ببيانٍ معاكسٍ دافعَ فيه عن وجهة نظره، وأعربَ عن رضاه عمّا تضمّنته المادّة الثالثة، وختم بعبارة مهمّة جاء فيها: &laqascii117o;إنّ هذه النصوص حقَّقت وحدة الصفّ، ودفعت عن الوطن كارثة انقسام طائفيٍّ لا يرضى به كلّ متديّنٍ عاقلٍ وكلُّ وطنيٍّ مخلصٍ".
وانطلاقًا من فرضيّة تغيّر الحكم في سوريا، ومآله إلى أهل السنّة، وتحالف هؤلاء مع إخوانهم سنّة لبنان، يسأل المرء أو يتساءل: أَلَم يكن الحكم في سورية للأكثرية السنّيّة طوال عهدَي الانتداب والاستقلال؟ أَوَلم يكن رئيس الجمهوريّة السوريّة في عهدَي الانتداب والاستقلال، وحتى سنة 1970، مسلمًا سنّيًّا؟ فهل تحالفَ أهل السنّة في سورية مع إخوانهم في لبنان؟ وكيف كان ذلك؟
وانطلاقًا أيضًا من فرضيّة وصول &laqascii117o;الإخوان المسلمين" إلى السلطة في سورية، وما يُرتِّبُ ذلك من ثمن يدفعه المسيحيّون السوريّون &laqascii117o;قتلاً أو تهجيرًا"، والشاهد على ذلك &laqascii117o;صورة العراق أمام أعيننا"، يسأل المرء أو يتساءل: وهل &laqascii117o;الإخوان المسلمون" وتنظيم &laqascii117o;القاعدة" صِنوانِ أو في كفّة واحدة؟ أو هل &laqascii117o;الإخوان المسلمون" تنظيم سلفيّ تكفيريّ متعصّب يُعمِل السيف في رقاب الناس أو يُحِلُّ ذبح النصارى؟ إنّ اضطهاد المسيحيّين العراقيّين وتهجيرهم تمَّ على أيدي جماعات أصوليّة تكفيريّة متطرّفة، تبدأ بأهل السنّة قبل غيرهم فتُكفِّر بعضهم، والحكم في العراق يقوم على ائتلافٍ شيعيّ (الأقوى) سُنِّيِّ مذهبيًّا، وائتلافٍ عربيٍّ كرديٍّ قوميًّا أو عِرقيًّا. فما من رابطٍ، وما من وجه شبهٍ بين احتمال وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة في سورية وما جرى في العراق في السنين الأخيرة، والمسؤوليّة عنه تقعُ، أوّلاً وآخِرًا، على عاتق السلطة المركزيّة في بغداد. ولنتذكّر دومًا أنّ سوريا في ظلّ حكم الأكثريّة السنّيّة كانت دولة تُدعى &laqascii117o;الجمهوريّة السوريّة"، وأنّ لبنان في ظلّ حكم الأكثريّة المارونيّة، أو &laqascii117o;المارونيّة السياسيّة"، كان دولة تُدعى &laqascii117o;الجمهوريّة اللبنانيّة". وقد كان بعض أهل السنّة في لبنان، زمن الانتداب الفرنسيّ، يشخصُ ببصره إلى نوع من الوحدة مع سوريا؛ ومع ذلك، بقيت العلاقات بين البلدين طبيعيّةً، أي كما يجب أن تكون بين دولتَيْن متجاورتَيْن. وليس هاشم الأتاسي أو شكري القوّتلي مَن زرع العملاء في لبنان، أو هرّبَ السلاح إلى لبنان، أو أنشأ في لبنان تنظيماتٍ مُسَلَّحةً، أو سَلَّحَ بعض الأحزاب اللبنانيّة. فالمسؤول عن هذا كلّه هو، في رأيي، ما دعاه لينين ذات يومٍ &laqascii117o;مرض الطفولة اليساريّ". أمّا القطيعة الاقتصاديّة التي فُرِضت على لبنان في آذار 1950، فالجهة المسؤولة عنها، يومئذ، هي حكومة خالد العظم الذي كان أقرب السياسيّين السوريّين إلى الفكر الماركسيّ. أمّا اليوم فجديد المعادلة أنّ سنّة لبنان اعترفوا ببلدهم وطنًا نهائيًّا، وما عادوا يشخصون بأبصارهم إلى ما وراء حدود هذا الوطن الصغير.
فأن يكونَ الحكم، في بلدٍ ما، مستندًا إلى أكثريّة طائفةٍ معيَّنةٍ، أو قائمًا على أكثريّة حزب واحدٍ شيءٌ، وأن يقوم على سيطرة تنظيم سلفيّ تكفيريّ متعصّب كتنظيم &laqascii117o;القاعدة" شيءٌ آخر. وهذا ما لم نشهده رسميًّا في بلدٍ إسلاميّ حتّى الآن.فإذا كان الدكتور العجلاني قد هتفَ سنة 1936 &laqascii117o;تَداعَينا إلى لبنان صارخين يا أبانا!"، فمن حقّ المسلم اللبنانيّ، المعترف بلبنان وطنًا نهائيًّا، أن يهتف اليوم &laqascii117o;تَداعَينا إلى بكركي صارخين يا أبانا!".إنّي لأَخشى أن يكون قد آنَ أوانُ أن تدفع الأمّة ثمن أخطاء ارتُكِبتْ قبل عقود، فيصحّ فينا مَثَلُ &laqascii117o;الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون". وإنّي لأَسألُ اللهَ، سبحانَه وتعالى، أن يقبض روحي قبل أن أرى الأمّة مقبلةً على تجرُّع كأسٍ أين منها السمّ الزعاف؟ أَلا وهي كأس &laqascii117o;الانتحار الجماعيّ".


- 'السفير'

الجامعة العربية حصان طروادة
قاسم عز الدين:

بيان الجامعة العربية الذي يُمهل سوريا 15 يوماً للتفاوض مع المجلس الوطني السوري، هو إنذار من دول الحلف الأطلسي على لسان الجامعة العربية. فهذه الدول هي اليوم بأمسّ الحاجة إلى غطاء الجامعة العربية لأسباب متعددة منها: أ ـ تبرير تدخلها &laqascii117o;الإنساني" في المشرق العربي بمثابة تلبية لطلب نجدة منزهة عن المصالح الخاصة. ب ـ تكثيف الضغط على روسيا والصين وباقي دول مجلس الأمن المعارِضة لتوسيع نفوذ الأطلسي. ج ـ توفير غطاء عروبي لحركة دول مجلس التعاون الخليجي، ثم حرية مبادرتها لاحقاً بعد استنفاذ الجامعة العربية. فدول الأطلسي تجد في الحل الأمني الذي توفره لها السلطة السورية على طبق من ذهب، فرصة لا تُعوّض للعمل على توسيع نفوذها ومصالحها في الشرق الأوسط لعلّ هذا التوسع يجدّد شبابها ويخفف من انحدارها. وهي تأمل بقطع الطريق أمام الدول الصاعدة التي تستغل أزمة انحدار دول الأطلسي، للنفاذ نحو تعديل موازين القوى الدولية. وتأمل أيضاً إيقاف الثورات العربية عند حد تغيير السلطات وإعادة تجديد منظومة القهر والإضطهاد نحو حلف &laqascii117o;الحرية والديموقراطية" في مواجهة حلف &laqascii117o;الإستبداد والشمولية". وفي هذا السياق يمكن لها استعادة مصر وجرّها إلى أولوية الصراع مع إيران بمقدار اهتراء المشرق العربي في الصراع على السلطة الذي يفضي لا محالة إلى احتراب العصبيات. والجامعة العربية هي أداة بين أدوات أخرى في استرتيجيات الأطلسي ومشروعه القديم ـ الجديد وقد باتت بعد ليبيا غير ما قبلها. لقد كانت جامعة للمشترَك بين حكام الدول العربية ضد مصالح شعوبها، وباتت جامعة للمشترَك بين حكام بعض الدول العربية والحلف الأطلسي. كانت تحافظ على شكل &laqascii117o;بيت العرب" على الرغم من اهتراء البيت وفساده، لكن الأمين العام السابق السيد عمرو موسى نجح في تحويلها إلى شركة خدمات سياسية. وحيال هذا التحوّل لا حول للسيد نبيل العربي في أمانة الجامعة غير استكمال التحوّل أو الرحيل.
قبيل اندلاع ثورتي تونس ومصر بأشهر، كان الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى يتبختر في مدينة سرت بضيافة &laqascii117o;الأخ قائد الثورة" يثني على قيادته الحكيمة. فالقمة العربية التي وصفها الأمين العام &laqascii117o;بالقمة المصيرية" أسهبت على لسان أمينها العام في مناطحة السحاب مساراً ومصيراً خلف استراتيجية الأطلسي &laqascii117o;للتنمية" وتحت رايته. والتقارير التي قرأها الأمين العام أمام الحفل الكريم حول &laqascii117o;حال الأمة وسبُل نهوضها" هي تقارير أطلسية تستند إلى تقارير &laqascii117o;التنمية العربية" التي ارتأى السيد وليد جنبلاط أن يهديها إلى السيد حسن نصر الله في لقائهما الأخير. والجامعة العربية هي على قول أمينها العام السابق مراراً جامعة للدول لا جامعة للشعوب، تعمل بناء على ما يتفق عليه حكام هذه الدول وتنأى بنفسها عما يختلفون. لكن الأمين العام السابق أغفل دوماً أن الجامعة تعمل على ما يتفق عليه حكام هذه الدول تحت راية الأطلسي قبل تغطية العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006. كما أغفل سيادته أن الجامعة تحوّلت أثناء ولايته إلى جيش من الموظفين والمنتفعين يخدم على وجه الخصوص تبعية أرباب النعَم من العرب إلى مصالح دول الأطلسي واستراتيجياتها. فقبل ولايته كانت الجامعة معطّلة بقرار سياسي من حكام الدول العربية لكن منظمات الجامعة ظلّت عروبية تعمل حسب المشترَك بين مصالح الدول العربية. وظلّ بعض الخبراء والباحثين في الجامعة العربية يهتمون بالحدّ من التبعية الإقتصادية والغذائية والتربوية والإجتماعية والسياسية. إنما ألغى سيادته هذا الاهتمام بقرار سياسي أجمع عليه المتنفعون والأزلام وتحوّلت منظمات الجامعة الاقتصادية والتربوية والاجتماعية... إلى منظمات تابعة للمؤسسات الدولية ومنظمات الأطلسي. كما أن بعثات الجامعة في الدول الصناعية كانت تتحمل جزءً من مسؤولية الدفاع عن الحقوق العربية في مواجهة الحركة الصهيونية وقد ظل مكتب الجامعة في باريس على سبيل المثال ندّاً بارزاً زاده رئيس البعثة حمادي الصيد ألقاً وحنكة. و بعدها بات المكتب مثل باقي السفارات العربية يتولى تلبية رغبات عائلات كبار موظفي الجامعة في العلاج والسياحة والتسوٌّق. وليس صحيحاً تبرير الأمين العام السابق بأن حال الجامعة من حال الدول الأعضاء. إنما هي أسوأ من حال اعضائها بعد أن حوّلها عن سابق عمد وإصرار إلى شركة خدمات سياسية. لقد أعمل فيها معول التقريب والتهميش حسب الولاءات الشخصية وحسب قناعاته السياسية الخاصة. فقرّب تلاميذ المؤسسات الدولية والمتشبعين بثقافتها وأبعد كل ما عداهم من خبراء مرموقين وباحثين &laqascii117o;متخلفين عن الركب". فسيادته أكثر حماسة من أي حاكم عربي للتبعية إلى استرتيجيات ومصالح دول الحلف الأطلسي. وهو يفيض قناعة بأن &laqascii117o;حال الأمة" لا يمكن أن يتغيّر ما لم تفتح الأمة أحضانها وثرواتها للاستثمار الأجنبي والتجارة الحرّة، وما لم يشبع سماسرة الأمة ورجال أعمالها في وضع أياديهم على الثابت والمتحوّل &laqascii117o;تمهيداً لحل نهضوي على المدى الأبعد". وهو بخلاف كثيرين غيره، يتمتع بفضيلة المعرفة أن &laqascii117o;هذا الحل النهضوي" يستلزم بالضرورة التبعية السياسية إلى دول الحلف الأطلسي والتبعية إلى مصالحها الإقتصادية وإلى استراتيجياتها في مشروع &laqascii117o;السلام" مع إسرائيل.
وانحياز الجامعة العربية إلى فريق 14 آذار ضد المقاومة أثناء العدوان الإسرائيلي عام 2006، هو انحياز &laqascii117o;مبدئي" في إطار تصوّر الجامعة العربية &laqascii117o;لنهضة الأمة" في تبعيتها إلى الأطلسي. إنه خيار سياسي تتبناه الجامعة العربية في مواجهة ما يعيق &laqascii117o;عملية السلام" خوفاً على &laqascii117o;نهضة الأمة". وفي ليبيا لم تحاول الجامعة نصرة الثوار في البحث عن الحد الأدنى من التوازن بين الأطلسي والمنظمات الإقليمية الأخرى حتى في المساعدة الإنسانية، بل سلّمتهم إلى أيدي أمينة في &laqascii117o;التحالف الدولي" ثم ولّت الأدبار. لقد قتلت قوات الأطلسي في ليبيا من المدنيين ما يفوق جرائم القذافي وهدّمت ما يفوق تدميره ولم يكن الكثير من هذا القتل والدمار نتيجة سير المعارك، بل كان متعمّداً أو نتيجة قلّة الحرص على الأرواح والممتلكات. وحيال هذا الأمر لم تشعر الجامعة العربية بتأنيب ضمير أو مسؤولية أخلاقية. فقد تشبّعت إلى ما فوق أذنيها بثقافة التبعية التي تتولاها شركة خدمات سياسية مقابل الأتعاب. وقد تشبّعت بترّهات تدّعي أن الديموقراطية هي انتقال السلطة من الاستبداد الأصغر إلى الاستبداد الأكبر في الحلف الأطلسي ومؤسساته الدولية. ولا يقلقها انتشار كل أصناف المخابرات والشركات الأمنية وعصابات المال والأعمال في ليبيا بحثاً عن مصالح خاصة ومواقع نفوذ تتجاوز الأراضي الليبية. فهي لا تشعر بأدنى واجب لمساعدة الثوار في تنظيف ثورتهم وحملها إلى شاطىء الأمان في محيطها العربي ـ الإسلامي ـ الإفريقي. إنما تتكل على أريحية أتباع الأطلسي الذين تغلغلوا في المجلس الوطني وركبوا على الثورة. وتتكل على حميّة وكرم أخلاق دول الحلف الأطلسي وشركاتها في &laqascii117o;إعادة الإعمار". وتطمئن إلى الخطة الأوّلية التي قدّرها خبراء هذه الدول بحوالي 200 مليار دولاراً هي قيمة إنتاج ليبيا من النفط طيلة عشرين سنة. ولا تشعر بأي قلق حيال دول الأطلسي التي لا تضع يدها على النفط والغاز فحسب، بل أيضاً على الصناديق السيادية وعلى عائدات النفط كما وضع القذافي يده. ولا يزعج الجامعة العربية تدفّق &laqascii117o;خبراء" الأطلسي ومستشاريه على ليبيا بدعوى إعادة بناء الجيش الوطني وإدارات الدولة ومؤسسات السلطة وتنظيم الإقتصاد والتعليم والصحة والسياسة الخارجية وكل شاردة وواردة. فهي لا ترى ضيراً في هذا الإنتداب ولا تعتقد أن الانتداب يسعّرالإحتراب بين الجهويات والقبائل، والإحتراب الإثني بين البربر والطوارق والعرب. وبين المستفيدين من إنتداب الأطلسي والمتضررين الذين ثاروا على استبداد القذافي من أجل حريتهم وحقوقهم لا من أجل تبديل استبداد أصغر باستبداد أكبر.
الجامعة العربية هي شركة خدمات سياسية &laqascii117o;عالقطعَة". فهي تدخل إلى الملعب لتمرير كرة سهلة إلى الأطلسي أمام المرمى ثم تتفرّج مع المتفرجين. والأدهى أنها تعلّق على صدرها نجمة الشريف كلما سجّل الأطلسي هدفه في المرمى العربي. فهي تحاول في سوريا أن تُظهر نفسها شريف الدفاع عن ضحايا القمع والقتل، لكنها تُخفي خلف نجمة الشريف صدراً ممتلئاً بالتبعية يتقصّد تسليم سوريا والمشرق العربي إلى الأطلسي بمعيّة إسرائيل وتركيا. وما على الجامعة العربية أن تختار بين الاستبداد الأصغر والاستبداد الأكبر، إنما عليها أن تقوم بواجباتها وأن تتحمل مسؤولياتها السياسية بمنأى عن الأطلسي بل في مواجهة مشاريعه. وأن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية تجاه ضحايا الإستبداد الأصغر والاستبداد الأكبر على السواء. فمسؤوليتها السياسية والأخلاقية تفرض عليها أن تضع على طاولة البحث الجغرافيا العربية في سلّة واحدة من سوريا إلى اليمن ومن البحرين إلى ليبيا والسعودية والأردن ومصر. فعقلية &laqascii117o;القطعَة" هي عقلية عاقر تؤدي لا محالة إلى ما أدّت إليه كل مبادرات الجامعة العربية في تاريخها لأنها تأخذ من طرف لحساب أطراف وتحفّز الطرف المتضرر على تعطيلها. وبخلاف ذلك تؤدي عقلية السلّة الواحدة إلى التسابق بين الأطراف نحو التوازين بين ما يخسرونه في مكان ويربحونه في مكان آخر. ولا تقتصر عقلية &laqascii117o;القطعَة" على الجغرافيا السياسية، إنما تطول أيضاً مقاربة الأزمة وسبُل حلولها. فبمجرّد أن تتصور الجامعة العربية أن الأزمة في سوريا هي بين السلطة والمعارضة، تكشف عن انحيازها إلى الأطلسي. وتكشف أيضاً عن دور حصان طروادة في نقل الأطلسي إلى سوريا والمشرق العربي. ولو حرصت الجامعة فعلاً على الضحايا وعلى وظيفتها كمنظمة عربية جامعة لأدركت بداهة أن الضحايا يثورون على منظومة قهر واضطهاد أوسع من استبداد السلطة. وأن هذه المنظومة لا تتغير بوصول معارضة أطلسية الهوى والمصالح إلى السلطة. بل تتغير بتغيير منظومة القهر والإضطهاد على مستوى المنطقة العربية ومن ضمنها سوريا. وفي هذا المسار يتوجب على الجامعة العربية أن تضع على طاولة البحث حماية ضحايا هذه المنظومة في المنطقة العربية ومن ضمنها مسألة الحريات السياسية والمدنية، لا أن تقوم بدور حصان طروادة قطعة قطعة. لكن الجامعة العربية هي جزء لا يتجزأ من منظومة القهر ساهمت بتغذية الفراغ الاستراتيجي والسياسي العربي. كما ساهمت في احتلال دول الأطلسي وإسرائيل هذا الفراغ. وساهمت كذلك في تبعية المجتمعات العربية إلى سياسات الأطلسي والمنظمات الدولية. وباتت أدة من أدوات دول الأطلسي التي تخوض ثورة مضادة من أجل إيقاف الثورة عند تغيير السلطات، وإعادة تجديد منظومة القهر السياسي والاقتصادي ـ الاجتماعي. فهذه المنظومة هي التي تُنتج الاستبداد السياسي والبوليسي حتى إذا وصلت السلطة عبر صناديق الاقتراع.
والسلطة في سوريا متمرّسة في لعبة القط والفأر مع الجامعة العربية ولها طول باع في هواية تفكيك المؤامرات على غرار أسئلة مبسّطة مثل سؤال مَن يمثّل المعارضة وأين يجري الحوار ومن يترأس وفد الجامعة العربية... إلخ. وهي تهوى أيضاً تفكيك مؤامرات الأطلسي ولها في هذه الهواية باع وطويّة. لكنها فوّتت على نفسها فرصة الاستثمار في الثورات العربية لتغيير وجه التاريخ. وفوّتت على نفسها فرصة الاستناد إلى ثوّار سوريا من الشباب وصنّاع الحياة لتغيير منظومة القهر والتبعية وحكم الأجهزة الأمنية في المنطقة العربية. فهواية تفكيك المؤامرات قد تصيب وقد تخيب، ولعبة القط والفأر ملهاة تنتهي أحياناً بمأساة. وقد يكون حصان طروادة هذه المرّة ليس خشباً، فهو باكورة أسطول.


- 'السفير'
لبنان وسوريا.. الدائرة المغلقة للعلاقات الأهلية
أحمد جابر:

من يهتم لأمر العلاقات اللبنانية السورية؟ السؤال اتهامي، والجواب عليه بالنفي، اتهامي هو الآخر. مضمون الاهتمام، الذي يطرح السؤال حوله، هو تعثر قيام علاقة صحيحة ووطيدة بين بلدين تجمعهما روابط وعناصر، فيها من الطبيعية والاختيار الشيء الكثير، لكنهما يقيمان على افتراق عضال، منذ أن باتت السياسة الرابط الوحيد، ومنذ أن اختزلت السياسة، فتحولت إلى معنى الإلحاق، وممارساته، من الجانب السوري، وإلى صدى المعنى، الذي لم يتجاوز الاستجابة والالتحاق، من الجانب اللبناني.
رست المعادلة المومى إليها على ظاهرة تطلب هيمنة، من &laqascii117o;الشقيقة الكبرى"، عندما كان استكمال الإمساك بالوضع اللبناني متعذراً، لأسباب شتى، وعلى واقع هيمنة ثقيلة، عندما توفرت الشروط الداخلية والخارجية لذلك. فلسفة الهيمنة، واللعب خارج حدود الداخل السوري، تحتل مكاناً بارزاً في منظومة صناعة السياسات العامة لسوريا، وإذا كانت هذه الأخيرة ليست الوحيدة في هذا المجال، وتشاركت وأنظمة عربية أخرى هذه التوجهات، فإنها كانت اللاعب الأبرز في مضمار نقل الداخل إلى الخارج. العوامل المساعدة كثيرة، لكن طليعتها تختزلها المكانة الجغرافية للوطن السوري، وتاريخ الصراع القديم في المشرق، وتطورات الصراع الحديث مع إسرائيل، والإيديولوجيا القومية، التي استفادت من حقبة &laqascii117o;الانقلابات الثورية"، فأسست شرعيات بديلة، عاشت على بعض التقديمات الملموسة، لدى انطلاقتها، ثم اعتاشت من ذكرى الصراع و&laqascii117o;الإصلاحات الشعبية" طيلة الحقبات اللاحقة. أمّن النجاح في الخارج جزءاً من الاستمرارية &laqascii117o;للنظام"، وعوّض عن إخفاقاته في الداخل، وغطى الحضور الطاغي خلف الحدود على تنحية وتأجيل كل ما يدور داخل الحدود، وضمن تشكيلاتها الاجتماعية. ضمن هذا السياق، عادلت الهيمنة الاستمرار في الوجود، وترددت مقولة الإمساك بالأوراق، كتعبير عن قوة النظام وسطوة حضوره، وربط القيمون على السياسات، بين مدى التأثير في الخارج، وتعاظم مردود المصالح، وجنى الفوائد على الممسكين بدفة سفينة هذه السياسات.
وقع لبنان وما زال أسير هذه النظرة، التي برغم كل التطورات التي تشهدها سوريا، ما زالت تتصرف حياله بصفته ملعباً خلفياً لقراراتها، وميداناً إضافياً لمناوراتها. كخلاصة: تتمخض العلاقة المشتركة، من الجانب السوري، عن مفهوم &laqascii117o;الساحة"، وهذا لا ينطوي على معطيات صحيحة، تؤسس لشراكة متطورة مفتوحة الآفاق، بل إن فهماً كهذا للعلاقة، يشدّ الخناق على محاولة التأسيس لمسار آخر، يحمل بذور الانفتاح و&laqascii117o;الإيجابية المستدامة".
يشارك اللبنانيون نظراءهم السوريين عدم الاهتمام بالعلاقة المشتركة بينهما، ويشاطرونهم الإساءة إليها. المعطى الذي يقود السياسة اللبنانية، في مضمار العلاقات، تكويني، أو بنيوي حسب المتداول، أي أنه يشكل علة أصلية من علل إنشاء الكيان اللبناني. على هذا الأساس لم يشهد &laqascii117o;التبادل السياسي" اللبناني السوري استقراراً، إلا لفترات وجيزة، بل لعل الأصح القول، إن المشهد المشترك أقام على كمون في معضلاته، التي تحينت الفرصة المناسبة لمعاودة الظهور، بوتائر توتير متفاوتة. لعب الالتحاق اللبناني الطائفي، وغير الطائفي، دوراً مفصلياً في هذا المجال، واتخذ لنفسه مسميات شتى، كان من بينها: التحالف الوطني التقدمي، ومناهضة الإمبريالية وقوى الاستعمار، والصمود والتصدي وتحرير فلسطين، وحماية الوجود المسيحي أو الوطني... وما إلى ذلك من شعاريات، كانت تبرر الالتحاق بربطه بقضايا كبرى، ما فوق وطنية، وأحياناً ما فوق قومية! والحال، أن الطوائف الصغرى لا يمكن أن تتطلع إلى القضايا الكبرى، فترتبط بها ارتباطاً استقلالياً، لأن جلّ ما تسعى إليه سياسات الطوائف، لا يتعدى الفوز بالحصة الأهم، من &laqascii117o;الجبنة الداخلية"، التي تركها الآخرون في تصرف اللاعبين المحليين. الخلاصة من أمر &laqascii117o;اللااهتمام" بالعلاقة، التي يتكرر القول إنها أخوية، أن مصلحة مشتركة نمت وتطورت بين طرفي المعادلة المختلة، في صالح الخارج السوري &laqascii117o;الشقيق"، تقوم على تغليف ثنائية &laqascii117o;الهيمنة ـ الاستتباع" بإيديولوجيا لا تستر سماكتها مثالب القول، ولا تحجب أخطاء وخطيئات الممارسة.
ديمومة الثنائية، اللاطبيعية، ما زالت مستمرة بقوة نظامين &laqascii117o;غير طبيعيين" في كل من سوريا ولبنان. في البلد الأول، تتجلى اللاطبيعية في غياب المنطق العادي عن استمرار العمل بإيديولوجيا ماضوية، ولو تزينت بماضيها القومي، وبالتالي الخروج، على التشكيلة السياسية التي تقود هذه الماضوية الإيديولوجية، وفي البلد الثاني، تظهر اللاطبيعية، في استمرار نظام تهاوت كل أسسه المستقبلية، لكنه ما زال مستمراً بقوة &laqascii117o;الأسطورة" الطائفية، وبالقدرة على تجديد خرافاتها، وبالاستعداد لإنزال الخرافة في كل كتاب سياسي خارجي، يرضى بتدريسها، أي بتوظيفها في بنائه السياسي ـ الإيديولوجي، في نهاية المطاف.
اليوم، وهنا بيت القصيد، يؤكد اللبنانيون والسوريون على أسس علاقتهم المستحيلة. من جهة، يصر النظام السوري على أننا شعب واحد في بلدين، لذلك، يحمل نذر حربه الأهلية، وتطوراتها ونتائجها إلى لبنان، ومن جهة أخرى، يتبارى اللبنانيون في الاستعداد للانخراط في هذه الحرب، ومن الضفتين المختلفتين، حيث يحاول طرف تحويل الساحة اللبنانية إلى خط إمداد خلفي لدعم النظام في سوريا، ويحاول طرف آخر جعل الجغرافيا اللبنانية، قاعدة إرتكاز بعيدة، لإسناد قوى إسقاطه.
من جديد، لا يحتمل لبنان كل هذه المغامرة ولا يقوى على كلفة كل هذا التلاعب، في الداخل، وعلى طرفي الحدود.


- 'الأخبار'
الخليج والحرب الصليبية الجديدة
يوسف الأشقر:
 
قرّر إيريك برنس، أمير المرتزقة، ومؤسس شركة &laqascii117o;بلاكووتر"، الانتقال إلى دولة الإمارات والإقامة فيها، مزوَّداً بعقد عمل مع أمير أبو ظبي. والمهمة الموكلة إليه هي &laqascii117o;حفظ أمن الخليج داخلياً، والتصدي لأعدائه الإقليميين"، لا سيما &laqascii117o;الخطر الإيراني".
رافقت ذلك الخبر ملابسات مريبة. فكبار معاوني الرجل يتعرضون لملاحقات قضائية في أميركا على جرائم مشهودة، وذات نزعة عنصرية ودينية متطرفة قاموا بها في الدول العربية والإسلامية. وهو الآن، شخصياً، يواجه تهماً مماثلة. فانتقاله إلى الخليج وإقامته فيه، يؤمّنان له حصانة عربية مزدوجة: حصانة من الملاحقة القضائية الأميركية على أفعاله الماضية (لعدم وجود معاهدة تسليم المجرمين بين أميركا والإمارات)، ثم حصانة مستقبلية ومستدامة، بحكم عمله الجديد تحت المظلة العربية وبالمباركة الأميركية.
لا يبدو أنّ هذا الوضع الملتبس قد استوقف أياً من السلطات الأميركية والخليجية، بالرغم من أنّه ينطوي على مفارقتين أوّليتين، أميركية وعربية. في الأولى، نشهد تواطؤ السلطات الأميركية مع سلطات أجنبية، على منح الحصانة الأجنبية لمواطن أميركي يلاحقه القضاء الأميركي. والمفارقة الثانية، والأخطر، أنّ القضاء الأميركي يلاحق مواطناً أميركياً بتهمة ارتكاب جرائم بحق أبناء البلدان العربية والإسلامية، فتأتي الدول الخليجية فتمنحه الحصانة لمنع مقاضاته، ثم تتعاقد معه فتسلمه مقاليد أمنها وتوكل إليه &laqascii117o;حروبها الإقليمية".
المفارقة الثانية، العربية، تنطوي على مفارقة ثانية أدهى. فالسلطات الخليجية لا تسمح لأي مسلم أو عربي بأن تطأ قدماه أرض الخليج، إلا بعد مراجعة سجله العدلي والسياسي، وتهمة &laqascii117o;التطرف الديني" جاهزة لحجب سمة الدخول.
نرى تلك السلطات الخليجية إيّاها تتخلى عن كل تلك المبادئ وعن أبسط الإجراءات الأمنية، فتفتح أبوابها، وصناديق مالها، وملفاتها الأمنية والسياسية، الداخلية والإقليمية، وتسلّم أعناق المسلمين لأخطر متطرف ديني نذر نفسه وماله لحرب نيو ــ صليبية.
أسارع هنا وأقول إنّ ذلك ليس رأياً شخصياً في الرجل، أو اجتهاداً في طبيعة عمله. إنّه واقع موثق، ومعروف، ومعلن: في نشأته العائلية، وعقيدته الدينية ــ الحربية، وسيرته وممارساته، ورأي ضباطه فيه وفي أفعاله، وتصريحاته الشخصية. وثمة ما يثبت أنّ موضوع عمله &laqascii117o;الأمني" الجديد لصالح دول الخليج قائم منذ سنوات طويلة من جهته هو، ولصالحه هو وصالح مشروعه الحربي في البلدان العربية والإسلامية. أما فكرة العقد مع إحدي الدول الخليجية، فهي فكرة عمل عليها منذ ثلاث سنوات تقريباً ثم سوّقها مع حملة التخويف من الخطر الإيراني والمدّ الشيعي.
ماذا يستطيع أي باحث أن يكتشف، في خلال بضع ساعات فقط من البحث، عن حقيقة ذلك الرجل ومشاريعه الحربية؟
يكتشف، أولاً، أنّ برنس نشأ في عائلة تنتمي إلى اليمين الديني المتطرف، نشطت في مؤسسات منتمية إلى هذا اليمين، وموّلتها. فتجند إيريك الشاب لخدمة هذا الإرث وأسهم في تطويره إلى حركة سياسية، ثم انخرط في العمل في دوائر سياسية يرعاها أعتى اليمينيين الصهاينة من أصدقاء أبيه وغيرهم. ويكتشف، ثانياً، أنّ برنس أسهم مع الصهاينة في تغيير أوليات هذا اليمين ونقلها من الموضوعات الداخلية في الحياة الأميركية (الإجهاض، والتعليم، والقيم العائلية والدينية وغيرها) إلى الموضوعات السياسية الخارجية، لا سيما الكره للإسلام والإسلاموفوبيا.
ويكتشف، ثالثاً، أنّه أسهم في نقل تلك الإسلاموفوبيا من موقع الخوف والتخويف من الإسلام إلى موقف الحرب على الإسلام والمسلمين، وتطويرها إلى مشروع حرب نيو ــ صليبية. ويكتشف، رابعاً، أنّ إيريك برنس انبرى لتنفيذ ذلك المشروع الحربي، وهو &laqascii117o;لا يرى نفسه إلا قائداً صليبياً"، بحسب ما يقوله كب

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد