قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 1/11/2011

- 'النهار'
المشاركة في الحكم لا تلغي تمايز التجربة العونيّة
بقلم ميشال أبو نجم (عضو لجنة الدراسات في 'التيار الوطني الحر'):

سلَّط التمايز الأخير بين التيار الوطني الحر وبعض حلفائه في الحكومة وخاصةً 'حزب الله'، الضوء على عدد من الظواهر والإشكاليات المُثارة حول نهج التيار الوطني، ما يسمح بمناقشةٍ هادئة.
إنَّ إطلاقَ العماد ميشال عون صفارةَ الإنذار للحكومة الحالية ولحلفائه، يعيد تأكيد موقع تياره المتمسّك بشعاراته ويزيل الكثير من الغبار الذي أُطلقَ حول سياساته. فالتفاهم والتحالف الوثيق مع أفرقاء سياسيين على مبادئ واستراتيجيات معيّنة، لا يعني أبداً التماهي وإلغاء الذات والهويّة أو إسقاط التمايزات أو تبديل الأولويات، والتي يمكن تلخيصها بعنوانَين أساسيَين في المقاربة العونية: تحقيق الإستقرار في بلدٍ متعدد التكوين يقعُ على خطِّ الزلازل، وبناء دولة حديثة فعّالة تسعى لتأمين حقوق مواطنيها، وهما مُهمتان مركزيتان بالغتا الصعوبة، تغيب عن أولويات الكثير من القوى اللبنانية، ووقفت دونهما أيضاً الكثير من جهود جدّية بذلتها شخصيات وقوى إصلاحية، وخاصةً في الجمهورية الأولى.
وما يلفت في عدد من التحليلات والتعليقات (ومنها الحليف والقريب) على الوضوح العوني في مقاربة عمل الحكومة الحالية والملفات المطروحة، العودة إلى اتهاماتٍ أو أُطر نَمَطية جاهزة في تحليل سلوك التيار ورئيسه، وهي في شكلٍ علنيّ أو مضمر، تعكس نظرة إلى التيار على أنَّه 'راديكالي'، 'غير واقعي'، مستعدّ ل'قلب الطاولة'، 'لا يمكن توقع تصرفاته أو ردات فعله' أو 'ascii85npredictable' على ما وصف الأميركيون العماد عون، وغيرها من العناوين الجاهزة للإستخدام والتي تعيدُ إلى الأذهان أيضاً مرحلة التسعينات وأوائل هذا القرن حين كانت غالبية القوى السياسية والعديد من النخب ينظرون بتخوّف إلى الحالة العونيّة وينأون بأنفسهم عنها نظراً الى سقفها العالي والى طريقتها غير التقليدية في التعاطي مع الوضع اللبناني. وهذا النوع من التحليلات والمقاربات يعكس في الحد الأدنى عدم دراية بهويّة الحالة العونية أو 'التيار الوطنيّ الحر' وبنهجها وبخصائصها البنيوية التي ميزتها عن غيرها من الحالات والقوى الموجودة وصنعت تميزها وإشعاعها، اللذين تراجع وهجهما في الأعوام الأخيرة بسبب الصراع الحاد الذي دار في لبنان والتداعيات المترتبة على أولوية الحفاظ على الذات والموقع في معادلةٍ لا ترحم الضعفاء والساذجين.

رفع العونيون شعارات الحرية والسيادة وأيضاً وأيضاً، تحقيق الإستقرار وبناء الدولة الحديثة الفعالة. زلزال 2005 وانسحاب الجيش السوري بعد ثلاثينَ عاماً من السيطرة على لبنان، أوجبَ التركيز على حماية هذا الإنجاز والسعي قدر المستطاع إلى إبعاد لبنان عن الزجّ في معارك إسقاط أنظمة وأتون لعبة 'الروليت' المميتة التي خاضها بجموح أركانٌ في التحالف الذي تمحور حول 'تيار المستقبل'. حركة عابرة للحصار حول 'التسونامي' وتحالفات وتقاطعات مع مروحة واسعة من القوى، وبطبيعة الحال، قد لا تنسجم  كلها في شكلٍ كامل مع نهج التيار الوطني الحر ولا مع أهدافه في المدى البعيد والتي لا تقتصر على مجرد الوصول إلى السلطة.
وأدّى هذا الواقع في لحظة صراع مذهبي شديد الخطورة في لبنان والمنطقة واشتباكٍ إقليمي دوليّ، إلى تفاهمٍ وثيق مع 'حزب الله' تعمد بالدم والتضامن التام في حرب تموز 2006 ويستمر حتى الساعة، على الرغم من تمايزات واختلافات في عدد من المحطات وخاصة حالياً في مقاربة الملف الحكومي. كلّ ذلك صحيح. لكن هذه القراءة لا تعني لدى 'التيار الوطني الحر' ورئيسه، تغيير البنية والهوية، أو تبديل أولويات التغيير والإصلاح ومقاومة الفساد الذي نخرَ الدولة وجعلها عظاماً رميمة، وعلى الأخص، إلقاء سلاح الصلابة في الدفاع عن المواقف والمواقع، ورفع الصوت حين يلزم.
عوامل وخصائص كثيرة ميّزت التيار الوطنيّ الحر. في طليعتها شخصية رئيسه التي لا تخشى تحدي سطوة معادلات الواقع ولا تتردد في خوض المواجهات القاسية، والمتميّزة بالعناد وما يسميه البعض 'المشاكَسة' في نظامٍ اعتاد الركود وتقاليد المحاصصة وعدم المحاسبة. يُضاف إلى ذلك، التجربة الغنية في المواجهة على مدى خمسة عشر عاماً، والتي صَقَلت الفئة الصلبة من التيار الوطنيّ الحر وميّزت سلوكه بالجذرية والإصرار والإندفاع والطرق الحديثة في الإستقطاب والحشد والتواصل والإقناع، وصنعت إشعاعه وتأثيره في المجتمع المدني والأوساط النخبوية والثقافية. من هنا، نحنُ أمام تجربةٍ مختلفة حديثة في العمل السياسي، غير متقوقعة في منطقة أو عائلة ما، لا تستند إلى تركيبة زبائنية تقليدية في جمع الأتباع، لها تقاليد في الإنفتاح وتجاوز الحواجز التقليدية بين مكونات المجتمع اللبناني، ليست محصورة في مذهب أو طائفة.

هذه التجربة التي تدعى بتسميات متنوعة، التيار الوطني الحر، التيار العوني، الحالة العونية، -البعض يحلو له تقزيمها إلى 'ظاهرة' منتظراً وحالماً باليوم الذي تنحسر فيه - هي أيضاً ليس لديها أجندة خارجية أو ارتباط عضوي بأنظمة وعصبيات إقليمية، تطرح برامج للحكم والإقتصاد والمال ونوابها ووزراؤها هم الأنشط في تقديم التشريعات ومشاريع القوانين والممارسة الإصلاحية، لا تنحصر بنوستالجيا الماضي ودفئه و'العُلب' الفكرية و'الشرنقات' الحزبية ولا تتكئ على رفع الهواجس الوجودية و'الدفاع' عن الجماعة كوسيلة استقطاب وحشد. هي تجربة 'تشبيك بين النخب'، تجربة حملت في بذور تشكّلها القراءة النقدية للتجارب الماضية يميناً ويساراً وبالتالي كان بديهياً أن تجمع مناصرين من مشارب مختلفة ولا سيما في مرحلة التكون التي وصل فيها فشل القوى اللبنانية السياسية - العسكرية إلى ذروةِ وضوحه، وهذه الطبيعة غير 'المرصوصة' التي تحمل الكثير من الإيجابية والقليل من السلبية، هي من بين ما يعيبه عليها خصومها ومنتقدوها.
والحالُ هذه، يصبح مفهوماً أن تصطدم هذه التجربة بالتركيبة السلطوية اللبنانية التي تأسست على أنقاض الحرب وتشوهاتها ولا زالت تمسك بتلابيب الدولة وأجهزتها، والتي استشرست في محاربة ميشال عون وتياره لا ارتباطاً بنظام السيطرة السورية سابقاً فحسب، إنما استئثاراً بالسلطة ورفضاً للمشاركة وتخوفاً من النهج العوني في الدولة، وهذا ما يبرز منذ التحالف الرباعي وحتى اليوم. هذه التركيبة التي مَزجت ما بين العجز عن إنتاج تسويات وتفاهمات داخلية حقيقية وانتظار الحلول المفروضة من الخارج، وما بين الإنقضاض على الدولة وتقاسمها حصصاً مُتَناتشة وتكريس النزف والإهتراء السرطاني.

وفي موازاة هذه التركيبة 'العميقة'، يقف 'حزب الله' وأولويته سلاح المقاومة والتحدي الوجودي. لكن محاولته التركيز على العناوين التي تقلقه كالمحكمة الدولية والتهديد الإسرائيلي والتغاضي عن الأسئلة القاسية والملحّة حول العلاقة مع الدولة وكيفية بنائها وإدارة الظهر للملفات الداخلية الشائكة، لا تكفي ولا تحميه أساساً. و'حزب الله' من المفترض أن يعرف أكثر من غيره  خطورة سلوك النعامة هذا، خاصة أنَّ الفساد وسقوط القيم يطرقان بقوة باب بيئته ويطرحان الكثير من التحديات، ما دفع نخباً وشخصيات شيعية متنوعة وقريبة من الحزب إلى رفع الصوت وقرع جرس الإنذار، وإلى التقاطع مع العماد ميشال عون في مواقفه وتنبيهاته.
يصبح مفهوماً أيضاً، أن معظم القوى السياسية اللبنانية التقليدية تنظر بقلق إلى التجربة العونية المختلفة في العمق والجوهر نهجاً وتكويناً، أو إلى انتظار ثغرات ما لكي تسعى إلى قضم ما تيسر من جسد 'التيار الوطني الحر' أو إلى الإبتعاد عنه بسرعة المبتعد عن 'الشياطين' أو 'البُرص'، كما كنا نشهد في أعوام النضال من أجل السيادة وخاصة في مرحلة 'قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان' التي بلغ فيها التهويل ذروته، وأيضاً محاولات التنصل والإختباء والتميز.
واحد وعشرون عاماً من التجربة المستمرة منذ العام 1990، والعناوين والأسئلة والمحاولات والإتهامات والمقاربات والرهانات الخاطئة هي هي لم تتغير. 'عونيون من دون عون'، 'ظاهرة وتنتهي'، 'حالمون غير واقعيين'، 'مجانين'، 'خطوات في توقيت غير مناسب'، 'شخصية (عن ميشال عون) صعب التفاهم معها'، 'ماذا يريد؟'، وغيرها الكثير... يلفون ويدورون ويتجاهلون حقيقة جوهرية هي أن التجربة العونية هي إجابة على تحديات وأسئلة تطرحها شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني، هي نتيجة لاختمارٍ طويل في مساحة كبيرة من الإجتماع السياسي اللبناني، هي تجربة تستدعي ما هو أهم من المقاربات السطحية...
الأسئلة والمحاولات والإتهامات والمقاربات والرهانات الخاطئة لم تتغير، وهذه التجربة التي تدعى بتسميات متنوعة، التيار الوطني الحر، التيار العوني، الحالة العونية... في البنية والجوهر والخصائص، هي أيضاً لم تتغير...


ـ 'المستقبل'

لم يعد يسمعه أحد خارج الضاحية!
غازي دحمان ـ دمشق:

سمع السوريون بأخبار الكلمة المتلفزة لزعيم (حزب الله)، السيد حسن نصر الله، من خلال التعليقات التي قدمتها بعض الفضائيات العربية، ولم يخرج ماقاله ذلك الزعيم عن حدود توقعاتهم، كما لم يتخلى عن ممارسة دور معلم المدرسة الذي يلقن تلاميذه درساً بالمواعظ وما ينبغي وما يجب فعله.
وإذا أردنا التعامل بنية حسنة مع هذا الحدث، فإننا نميل إلى الإعتقاد بأن مستشاري هذا الرجل يدلسون عليه، ولم يخبره أحد منهم حتى اللحظة بأن ثمة كثر في سورية حرقوا أعلام حزبه وصوره، وأن شعارات كثيرة وحبراً قد سال على لافتات المتظاهرين السوريين تندد بحزبه وممارساته وتتهمه مباشرة بإراقة دمائهم، كما أن كثيراً من السوريين إستفزهم إصرار نصر الله وإعلامه على إنكار الحالة الثورية في سوريا، وإغماضهم العين عن كل عذابات السوريين وآلامهم، وإعتمادهم التوصيف الرسمي للنظام السوري للثوار بأنهم سلفيون وعصابات مسلحة.
وأيضاً وفي سياق حسن النية، من الواضح أيضاً بأن الرجل لم يتناهى إلى سمعه حتى اللحظة بأنه تحول إلى مجرد زعيم محلي وطائفي، ليس أكثر، وذلك بفضل إصرار حزبه على هذه الهوية دون غيرها، إذ لم تنجح كل النوايا الشعبية العربية، من المحيط إلى الخليج، بإلباس هذا الحزب رداءً قومياً وإعتباره جزءاً من النسيج القومي بفضل خلفيته اللبنانية، حيث مهد العروبة الثقافية والحركية، كما لم تنجح كل المحاولات الهادفة إلى إدراج الحزب ضمن قائمة حركات التحرر العالمية، وذلك بفضل إصرار الحزب على طابعه الميليشياوي الطائفي، فأهم مستلزمات إنتماء حركة أو حزب للحركة التحررية العالمية إنتماؤه الوطني ووجود قضية وطنية واضحة يتم الدفاع عنها.
اعترف بأن خطابات نصر الله بعد 2006 كان لها صدى مهم عند عامة السوريين، لكن الرجل لم يتأخر كثيراً حتى احدث صدمة كبرى عقب إجتياحه لبيروت المسالمة، وإعتداءات رجاله على العزل، ثم تصوير ذلك على انه نصر عظيم، وتلى ذلك تكرار نزول أصحاب القمصان السوداء إلى شوارع بيروت وعربداتهم المكشوفة والمفضوحة والتي تتساوى مع تصرفات رجال المافيات في الكثير من الدول الفاشلة.
فهل من أحد يخبر هذا الرجل، الذي غفله مستشاروه، بأن أحداً في هذا العالم العربي لم يعد يهتم لما يقول، وعليه تالياً أن يوفر نصائحه لنفسه، وألا يجهد نفسه بمقارنة ثورة البحرين بثورة سوريا، ولاحاجة لقيامه بتزكية هذا النظام ودعوته للثورة على نظام أخر، كل هذا جهد فائض وكلام لن يسمع خارج الضاحي


ـ 'المستقبل'
عن أي ممانعة يتحدث نصرالله؟
مصطفى علوش*:

'كفانا نفاقاً فما نفعه كل هذا العناق
فنحن انتهينا وكل الحكايا التي قد حكينا نفاق نفاق'
نزار قباني

عريضة موثقة في سجلات وزارة الخارجية الفرنسية تحت رقم 3547 بتاريخ 15/6/1936 موجهة الى 'ليون بلوم' رئيس الحكومة الفرنسية: 'إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس هو شعب يختلف بمعتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم، ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة من الداخل.
إننا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على عدم إرسال المواد الغذائية لإخوانهم اليهود الطيبين الذين لجأوا الى العرب المسلمين بالحضارة والسلام، ونشروا على أرض فلسطين الذهب والرفاه ولم يوقعوا الأذى بأحد ولم يأخذوا شيئاً بالقوة، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة على الرغم من وجود إنكلترا في فلسطين وفرنسا في سوريا.
إننا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم على الدفاع عن الشعب السوري ورغبته في تحقيق استقلاله، ولكن سوريا لا تزال بعيدة عن هذا الهدف الشريف خاضعة لروح الإقطاعية الدينية للمسلمين. ونحن الشعب العلوي الذي مثله الموقعون على هذه المذكرة نستعرض حكومة فرنسا ضماناً لحريته واستقلاله، ويضع بين يديها مصيره ومستقبله وهو واثق أنه لا بد أن يجد لديهم سنداً قوياً لشعب علوي صديق قدم لفرنسا خدمات عظيمة'.
لقد قمت بعرض هذه الوثيقة المعروفة والمنسوبة الى بعض الوجهاء العلويين في سوريا، ويقال أن والد حافظ الأسد كان من ضمنهم، ليس للإمعان في الاتهامات ذات الخلفية المذهبية، ولكن للتأكيد على أن تماهياً ما كان قد خطر ببال بعض من وجوه الأقليات الدينية في المنطقة مع المشروع الصهيوني، وقد يكون أيضاً لهذا الفكر مسوغاته التاريخية، فلم يكن العالم في الشرق وفي الغرب واحة لتعدد الأفكار والمعتقدات، ولطالما تعرضت الكثير من الشعوب لتجارب مريرة على خلفية هذا النوع من الصراعات. ولكن تفكيراً كهذا لدى نخب في مجتمع معين، لا بد أن يكون ترك آثاره في وعي الكثيرين من أبناء هذا المجتمع، وتعابير السخرية من قضية فلسطين تتردد في ستينات القرن العشرين في كثير من البيوت والعائلات التي كانت أو أصبحت لاحقاً في موقع القرار في نظام حزب البعث أولاً ومن ثم في نظام عائلة الأسد.

كل هذه المقدمة الطويلة أتت لتقول بأن وصف نظام 'بالممانع' أو 'المقاوم' أو غيره من الصفات الديماغوجية، يجب أن يستند الى وقائع تاريخية، أو بطولات معينة أو إنجازات على المستوى العسكري أو حتى الديبلوماسي أو السياسي.
وإذا عدنا الى تاريخ النظام البعثي السوري الذي انطلق سنة 1963، نرى أن هذا النظام انشغل في بدايته بالتذابح الداخلي الذي أدى الى تطيير النخب العسكرية من الجيش العربي السوري مما ساهم في انكشاف سوريا عسكرياً وأدى بالتالي الى هزيمة حزيران 1967. وهنا أذكر قول أحد أركان هذا النظام بعد احتلال الجولان حين صرح بأن سوريا انتصرت لأن إسرائيل لم تتمكن من القضاء على النظام!
وأنا لا أريد أن أدخل في نظرية المؤامرة وخيالاتها في الحديث على أن زمرة من القيادات سلمت الجولان الى العدو، فعقلي لا يقبل حتى هذا الاحتمال، ولكن المنطق كان يقول أن على هذه القيادة التي حصلت الهزيمة على عهدها أن تستقيل لفشلها في حماية سوريا من العدوان. ولكن بدلاً من ذلك فقد استمر أركان هذا النظام في صراعهم الداخلي الذي أدى الى تدهور أوضاع سوريا على مختلف المستويات. كان هذا الى أن حصلت 'الحركة التصحيحية' التي أدخلت سوريا في عهد عائلة الأسد سنة 1970.

ومن المقولات المضحكة التي يسوقها نظام الأسد هي أن هذا النظام أمن استقرار سوريا السياسي والاقتصادي من خلال ديمومة الحكم. ولكن لو راجعنا الأحداث التي مرت على سوريا في سبعينات وثمانينات القرن العشرين لكان من الواضح أنه كانت بعيدة كل البعد عن الاستقرار على الرغم من سياسة القمع الدموي التي مارسها النظام للمحافظة على وجوده، منذ إعلان الدستور الجديد سنة 1973، الى قمع الاخوان المسلمين والمجازر الملحقة بهذا الملف في تدمر وحماه وحلب ودمشق وجسر الشغور، الى قمع مشاريع الانقلابات ومن ضمنها ما دبره الأخ اللدود رفعت الأسد. كل هذا ساهم في إضعاف سوريا على مختلف المستويات التي بقي رئيسها يقاوم ويمانع على المنابر كلما دعت الحاجة الى خطاب طنّان رنّان في أدبيات العروبة والوحدة والحرية والاشتراكية.
ولكن على الجبهة، وبعد فترة قصيرة من حرب الاستنزاف، فقد تحول الجولان المحتل ليصبح أكثر المواقع سلاماً في عالمنا المضطرب بعد هدية العدو للنظام الذي انسحب من مدينة القنيطرة الساقطة عسكرياً بحكم الواقع الجغرافي، ولكن أعطى لنظام الأسد الفرصة للاحتفال، في وقت أفرج عن عدد من العملاء الإسرائيليين المعتقلين في سوريا بقرار جمهوري لم يعرف إلا لاحقاً.

لقد دخل بعدها هذا النظام في حوار ملتبس مع الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي إسرائيل، من خلال وزير الخارجية الأميركي 'هنري كيسنجر' الذي أرسى لتفاهمات قد تكون البديل السوري لاتفاقات 'كمب ديفيد'. وقد غطى هذا التفاهم السوري الأميركي الإسرائيلي الاحتلال الطويل للبنان تحت ستار قوات الردع العربية. وأعاد هذا الاتفاق تجديد نفسه بعد مشاركة النظام في حرب 'عاصفة الصحراء' الى جانب القوات الأميركية بعد احتلال الكويت.وللحديث عن بطولات هذا النظام فنحن نذكر كيف انسحبت قواته سريعاً أمام الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982، وكيف تساقطت الطائرات في البقاع. ولكن هذا النظام فعل ما هو بارع به وهو إتمام ما بدأه العدو الإسرائيلي في الجنوب وبيروت بضرب منظمة التحرير الفلسطينية من خلال الإجهاز على المقاومة الفلسطينية في البقاع والشمال ولاحقاً من خلال شبيحة حركة أمل الذين حاصروا مخيمات بيروت الفلسطينية.
طبعاً ناهيك عن المحادثات السرية والعلنية والمستمرة بين النظام السوري وإسرائيل والذي دفع الكثيرين الى القناعة بأن إسرائيل هي المدافع الأول عن وجود نظام عائلة الأسد والقرائن هنا لا تعد ولا تحصى.
ويأتي رغم كل ذلك أمين عام حزب ولاية الفقيه ليقول إن نظام الأسد هو مقاوم وممانع، وهو أعرف العارفين بزيف هذا الادعاء.إن ما يجمع النظامين السوري والإيراني هو حلف الضرورة، فإيران بحاجة لبوابتها الى لبنان، والنظام السوري يحتاج الى حلفاء مرهونين له ليضمن استمراره ومن ضمن هؤلاء الحلفاء الى جانب إسرائيل فهو نظام وتشعبات ولاية الفقيه، فعن أي ممانعة يتحدث نصرالله؟!
* عضو المكتب السياسي في 'تيار المستقبل


ـ 'السفير'

إسرائيل: الجدل حول ضربة محتملة لإيران يصل ذروته
حلمي موسى:

يدور في إسرائيل سجال واسع حول ما إذا كانت إسرائيل قررت مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية عسكريا أم لا. وبرغم أن النقاش حول المشروع النووي الإيراني، وسبل تعامل إسرائيل معه، كان موضوعا على الطاولة منذ وقت طويل، إلا أنه في الأيام الأخيرة ارتدى لباسا أكثر جدية من أي وقت مضى. ويبدو أن خروج النقاش إلى العلن يخدم أغراضا داخلية أو خارجية مزدوجة.
الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي مئير داغان، والذي كان مسؤولا عن إحباط المشروع النووي الإيراني، كان أبرز من أثاروا المسألة، بتحذيره من مخاطر إقدام إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية لإيران. بل إن داغان خالف الانطباع الذي تخلقه إسرائيل بأن إيران تحث الخطى لامتلاك السلاح النووي في أقرب وقت، وتحدث عن أن امتلاك هذا السلاح لا يزال بعيدا وأمامه عوائق شتى.
وانفجر الأمر بحدة أكبر قبل أيام عندما أوحى كبير معلقي &laqascii117o;يديعوت أحرونوت"، ناحوم بارنيع، بأن لديه معلومات تشير ربما إلى صدور قرار بتوجيه ضربة عسكرية لإيران خلافا لرأي قادة الأذرع الأمنية الأربع الكبرى في إسرائيل، رئيس الأركان، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، رئيس الموساد ورئيس الشاباك. وأوحى تغيير القادة الأربعة في وقت متقارب، وخلال فترة قصيرة، بوجود مؤامرة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه إيهود باراك، لتوجيه الضربة العسكرية لإيران لاعتبارات قد لا تكون جوهرية ومن دون دراسة العواقب الخطيرة.
وبدا أن الهدف الأساس من مقالة بارنيع إثارة النقاش في إسرائيل حول موضوع مصيري إلى هذا الحد ليس في جوانبه العملياتية بل في أساسياته السياسية والفكرية. وبيّن بارنيع في لقاء تلفزيوني يوم أمس أنه يعلم الكثير مما لا يستطيع قوله وغير مسموح قوله ولذلك ينبغي فتح نقاش عام حول المسألة. وشدد في هذا اللقاء على أن نجاح إسرائيل في توجيه ضربتين لمشروعين نوويين عربيين &laqascii117o;باردين" في كل من العراق وسوريا لا يعني النجاح في المرة الثالثة ضد مشروع إيراني هائل و&laqascii117o;ساخن".

بل إن بارنيع عاد أمس في مقالته &laqascii117o;المسدس في الفصل الأول" إلى مناقشة الأمر من خلال تأكيده ما نشرته &laqascii117o;يديعوت" من مقالات حول المسألة حتى من وزراء سابقين تؤكد أن الهجوم على إيران يلحق بإسرائيل &laqascii117o;ضررا لا يمكن إصلاحه". وأشار بارنيع إلى أن &laqascii117o;كل شيء يبدأ بمسألة الثقة. اذا قبلنا المزاعم المنسوبة الى نتنياهو وباراك فربما أننا نخطو نحو مواجهة عسكرية مع ايران. يقول نتنياهو ان (الرئيس الايراني محمود ) احمدي نجاد يشبه هتلر. وهو يصف مكافحة ايران بأنها رسالة حياته. وإسرائيل كما يرى باراك لا تستطيع التسليم بوجود قوة ذرية معادية في مدى اطلاق صواريخ من اراضيها".
وأشار بارنيع إلى أن &laqascii117o;نتنياهو وباراك لم يتكلما فقط بل أحدثا الشعور بأهمية الموضوع لدى قدماء المؤسسة الأمنية، ممن يرون أن عملية عسكرية مكشوفة اجراء كلفته أكبر كثيرا من جدواه وهو اجراء غير مسؤول وخطير. وآخرون على ثقة من أنه تكمن خدعة وراء كل الكلام وكل الاستعدادات. فالاثنان يلوحان بعملية عسكرية لاقناع الولايات المتحدة لزيادة ضغطها على ايران، لا أكثر. فالحديث عن حيلة. وكذلك تنظر حكومات في العالم، تتابع اسرائيل وإيران بتأهب مفهوم، الى عملية عسكرية في شك". ولكن بارنيع يأخذ خطة الرئيس المصري أنور السادات في حرب تشرين 1973، ليقول بأن خطة التحريك قد تنتقل لتغدو خطة فعلية. ويرى أن هذه هي الحال في القضية الحالية، &laqascii117o;فالمسدس الموضوع على الطاولة في الفصل الاول يوضع احيانا من اجل التهديد أو من اجل الزينة أو من اجل العرض فقط. وبرغم ذلك ينبغي عدم استبعاد أن يطلق النار في الفصل الثالث".
وفي &laqascii117o;هآرتس"، أشار سافي رخلفسكي في مقالة بعنوان &laqascii117o;قبل الهجوم على ايران" إلى أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل ليست مبنية على أساس أن تكون كابحا لقيادة سياسية متطرفة لوقت طويل. ورأى ان هذه هي حال إسرائيل اليوم في كل ما يتعلق بإيران، &laqascii117o;فجميع قادة الأذرع الامنية – رئيس هيئة الاركان ورئيس الموساد ورئيس الشاباك ورئيس شعبة الاستخبارات (أمان) ورئيس لجنة الطاقة الذرية – ممن يتولون اعمالهم الآن وممن تولوها قبل زمن – يعارضون بشدة هجوما على ايران الآن، أما بنيامين نتنياهو وإيهود باراك فيُخيل اليهما انهما يستطيعان وحدهما أن يجرا شعبا كاملا الى معركة طويلة كثيرة الضحايا".
وبعد أن يعدد رخلفسكي لقاءات نتنياهو السرية مع قادة &laqascii117o;شاس" يقول إن &laqascii117o;الأنباء التي تتدفق من أعالي الجهاز عن احتمال عملية قبل الشتاء بلحظة يمكن بصعوبة ان تستخدم حيلة لتخويف العالم. لكنها تُعود ايضا على فكرة الهجوم. وأشد من هذا انه من المغري الالتفاف على معارضة القيادة الامنية بنقاش متعجل مضغوط ومزور &laqascii117o;وكأنه اللحظة الاخيرة قبل الغيوم" – مثل الحديث مع الحاخام يوسف – في حين ان مكوث الأميركيين الإشكالي في العراق قد يستخدم اغراءً لمحاولة جرهم الى معركة تخالف رغبتهم باعتبار أن هجوما وقع عليهم. يجب على القوى المتزنة ان تضغط على الكابح إزاء التاريخ".

وليس صدفة أن صحيفة &laqascii117o;اسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو اتخذت خط الدفاع عنه. فكتب محرر الشؤون الدولية فيها بوعز بسموت بعنوان &laqascii117o;نظريات اليوم التالي تضر بأمن الدولة" أن &laqascii117o;أحد الانجازات الكبيرة لسياسة اسرائيل الخارجية في السنين الاخيرة هو دفع الغرب الى مكافحة الذرة الايرانية. ففي واشنطن وباريس ولندن وبرلين اليوم يرون في ايران الذرية تهديدا لسلامة العالم ومسا بأمن مواطنيها. بل نشأ لنا في العالم العربي &laqascii117o;شركاء" في النضال المعلن والخفي للمشروع الذري لنظام آيات الله. فدول الخليج الست برئاسة السعودية لا يروق لها الواقع الجديد الذي هو ممكن بيقين وهو انه يوجد عراق ضعيف من جهة ومنقسم وبلا وجود أميركي، ومن جهة ثانية – ايران ذرية. هذا السيناريو المرعب أخذ يكتسي لحما وعظاما".
وأشار بسموت إلى أن &laqascii117o;واشنطن لا تستطيع تجاهل مصالح حلفائها في المنطقة وهذا مؤكد بعد التخلي عن مبارك في مصر. لم يكن النبأ المنشور البارز أمس في نيويورك تايمز مفاجئا على نحو خاص. ان ادارة اوباما تخطط لتعزيز الوجود الأميركي في الخليج عامة، وفي الكويت خاصة، بعد الانسحاب من العراق حتى نهاية السنة. وسبب ذلك تدهور الوضع الامني في العراق أو مجابهة مع ايران".
وحمل بسموت على صحيفة &laqascii117o;يديعوت" التي خصصت على مدار يومين صفحات عديدة لمقالات وكتاب وآراء حول &laqascii117o;اليوم التالي" للهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران. وكتب &laqascii117o;كم هي مفارقة ان الدولة المهددة مباشرة وحدها من قبل ايران، والدولة التي وجودها ما يزال مشكوكا فيه، والدولة التي قوة ردعها هي التي تبقيها حية – يجب عليها اليوم ان تواجه قدرا وافرا من الأنباء المنشورة في طائفة من وسائل الاعلام هنا عن اليوم التالي (الذي يلي الهجوم). وليس واضحا البتة هل ستتم مهاجمة ايران، لكن التأثيرات الكارثية في ظاهر الامر أصبحت واضحة لنا. وليس من المؤكد هل يفهم المواطن الاسرائيلي بعد التحليلات الصحفية ما هو أفضل له: إيران ذرية أم ايران مقصوفة".

وكانت &laqascii117o;يديعوت أحرنوت" قد نشرت مقالة مطولة لمعلقها الأمني الأبرز، رونين بيرغمان بعنوان &laqascii117o;الهجوم على ايران: اليوم التالي". وكتب أن قصف المشروع النووي الإيراني تم وأنجز ولكن القصة لم تنته بل ابتدأت. وبعد أن يبين أن كلاً له ضلع في الشأن الإيراني يوافق على أن الخيار العسكري يجب أن يكون الخيار الأخير وبعد استنفاد كل الضغوط السياسية والاقتصادية، يشير إلى أن للهجوم العسكري عواقب معقدة. فمن ناحية لا يؤخر الهجوم الإسرائيلي المشروع الإيراني لأكثر من 3-4 سنوات لأن المشروع الإيراني موزع ومعقد وحصين. وفضلا عن ذلك القوة الإسرائيلية محدودة ولا يمكنها أن تركز على كثير من المواقع النووية الإيرانية. وهذا يثير احتمالات سقوط عدد من الطائرات الإسرائيلية وأسر طياريها من قبل الحرس الثوري الإيراني.
وهنا تبرز المخاطر حيث إن أي ضربة جوية لن تلغي الخبرات التي راكمتها إيران في هذا الشأن. ولا يقل أهمية أن إيران سوف ترد أولا بالخروج من نظام الرقابة الدولية لمشروعها النووي وستعمل على الوفاء بتهديداتها بالرد على إسرائيل. ومعروف أن إيران لا تمتلك فقط قدرات صاروخية على أراضيها بل يمكنها تفعيل حلفائها سواء في لبنان أو فلسطين أو حتى في سوريا. وكل هذا إضافة إلى الإدانة الدولية التي قد تمس بعلاقات إسرائيل مع أوروبا وربما قطعها مع كل من الصين وروسيا.
أما المحرر الأمني في &laqascii117o;هآرتس" أمير أورن فحاول المقارنة بين حرب العام 1956 ضد مصر والمسماة إسرائيليا بحرب &laqascii117o;قادش" والحرب الجديدة التي يزمع نتنياهو وباراك خوضها ضد إيران. ورأى أن &laqascii117o;عملية اسرائيلية موجهة ضد المشروع النووي الايراني قد تسترجع جانب الواجب من عملية قادش من غير جانب الحق. وهذا الخوف يكمن في أذهان معارضي المغامرة التي يقدرون أنها أكبر من قوة اسرائيل الهجومية والدفاعية والسياسية؛ ولقد قيل ان باراك ليس (موشيه) ديان وإن نتنياهو ليس (ديفيد) بن غوريون. ان بيريز وحده، الذي ليس رئيسا تمثيليا فحسب (كما كان اسحق بن تسفي إبان عملية كديش) ما يزال هناك وما يزال مؤثرا – في الاتجاه العكسي هذه المرة – وإن لم يكن حاسما ايضا. لم يعد في مسرح القرارات المصيرية كاتب مسرحيات أو مخرجا أو منتجا أو ممثلا. انه يشبه زائرا جليل الشأن يبحث المشاركون في العمل الابداعي عما يخرج من فمه قبل ان يعرضوا المسرحية على الجمهور ليحكم عليه. ان نقدا قاتلا منه على التكرار الجنرالي يمكن ان يؤخر موعد العرض الاول بل ان يلغي العرض. اذا كان ناقدا لا هامسا؛ وسيجب عليه قريبا ان يرفع صوته".
وكان سكرتير اسحق رابين السابق إيتان هابر أشد وضوحا في تعليقه ضد الهجوم في &laqascii117o;يديعوت" حيث كتب أنه &laqascii117o;حسب منشورات معينة، يرى نتنياهو في هذا الموضوع مهمّة حياته ويقتبس عنه أنه يرى نفسه مثل تشرتشل ملزم بإنقاذ البشرية من هتلر القرن الحادي والعشرين. ايهود باراك يفكر مثله. من ضد؟ تقريبا كل قادة المؤسسة في الماضي وفي الحاضر، ممن يرون في الهجوم امكانية لكارثة وطنية. برأيهم، الايرانيون سيشرعون في حرب تستمر لسنوات وأجيال، ولن يضعوا سلاحهم الى أن تباد اسرائيل. احدى الفرضيات هي أن كل الجيوش العربية تقريبا &laqascii117o;ستقفز" على الفرصة للتخلص منا".


ـ 'اللواء'

عون يكرّر طرح شعار 'الإصلاح والمقاومة' لأنه مستاء من تخلّي 'حزب الله' عن دعم وزرائه في الحكومة
التيّار وقف بقوة إلى جانب المقاومة في كل المحطّات المهمة وعلى الحزب معاملته بالمثل
معروف الداعوق:

<جملة أحداث أمنية جرت مؤخراً وانعكست سلباً على التيار العوني لأن رئيسه وقف خلالها إلى جانب <حزب الله> ولم يترجم هذا الموقف على مستوى طروحات وتطلعات وزراء تياره>
يرى مصدر قريب من التيار العوني في المواقف المتكررة التي يطلقها رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون في معظم المناسبات السياسية وإطلالاته الإعلامية حول شعاره الجديد، تلازم <الإصلاح مع المقاومة> وتشديده بأن لا مقاومة بدون إصلاح ولا إصلاح بلا مقاومة، بأنها بمثابة رسائل معاتبة سياسية لحليفه الأساسي <حزب الله>، وإبلاغه بعدم رضاه على السلوك السياسي للحزب في مسار عمل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي طوال المرحلة الماضية، ووجوب تعديل هذا المسار في الأيام المتبقية من عمر الحكومة، التي قد تكون قصيرة أو طويلة نسبياً وهو لا يمكن لأحد مهما كان موقعه أو حجمه السياسي مؤثراً، التكهّن به، في ضوء المتغيّرات والتطورات المتسارعة وخصوصاً على الساحة السورية، وما يمكن أن تحمله من تداعيات أو مؤثرات محتملة على الواقع السياسي اللبناني، لا سيّما وأن الحكومة الحالية كانت نتاج تدخل الرئيس السوري بشار الأسد وتفاهمه مع إيران، لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري نهاية العام، وليست نتاج اللعبة السياسية الطبيعية الداخلية المنبثقة عن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وموازين القوى التي انبثقت عنها&bascii117ll;
ويشير المصدر المذكور، إلى أن تبني الشعار الجديد للنائب عون والتشديد على حلفائه في اعتماده والسير فيه حتى النهاية، أتى نتيجة النقاشات المطولة التي جرت بين قياديي التيار وكوادره طوال الاسابيع الماضية، وبعد استعراض مفصل لما آلت إليه مشاركة التيار بأكبر ثقل تمثيلي في الحكومة الحالية، فاق تمثيل أي قوة أو حزب او تيّار سياسي آخر فيها، وهذا الأمر يحدث للمرة الأولى بعد عودة رئيس تكتل التغيير والإصلاح من منفاه، وكان يؤمل منه تنفيذ الحد الأقصى من طموحات التيار من المشاريع والخطط الموضوعة سلفاً والحصول على الحصة الاكبر في التعيينات المسيحية في المراكز الأساسية والفاعلة في الدولة&bascii117ll; ولكن بعد انقضاء الاشهر الأربعة الاولى من عمر الحكومة الحالية، وهي المدة التي كان الأمل معقوداً عليها لتحقيق معظم هذه الطموحات، كونها تشكل مرحلة انطلاقة الحكومة الفعلية وترسم آلية عملها، تبين للتيار العوني انه لم يستطع تحقيق الحد الأدنى مما وعد به جمهور تياره وقواعده الانتخابية، لاعتبارات عديدة، كان أبرزها عدم وقوف حلفائه التقليديين وخصوصاً <حزب الله> إلى جانب وزرائه ونوابه في مواجهة خصومهم السياسيين داخل الحكومة وخارجها على حد سواء، كما حصل خلال طرح رئيس التيار النائب ميشال عون مشروع الكهرباء في المجلس النيابي، وكل ما يتعلق بمشاريع وخطط الوزارات التي يتولاها وزراء التيار في الحكومة الحالية، او حتى صرف الاموال على وزاراتهم في بعض المسائل والامور العادية الملحة والضرورية&bascii117ll;
فإذا تقدّم وزراء التيار بطلب ما لتعيين شخص ما في مركز مسيحي شاغر، يلاحظ بوجود معارضة جاهزة بان هذا المركز هو من صلاحيات رئيس الجمهورية ولا يمكن لاحد ملء هذا المركز في الوقت الحاضر، وإذا طالب هؤلاء الوزراء بتغيير موظف او مسؤول في مؤسسة او جهاز ما، يواجه طلبهم برفض مسبق بأن البحث في هذا الموضوع ليس مطروحاً في الوقت الحاضر، لانه لا يحظى برضى وقبول رئيس الحكومة والمطلوب توافق سياسي مسبق قبل طرحه&bascii117ll; إزاء هذا الواقع وجد وزراء التيار الوطني أنفسهم وكأن معظم الأطراف وحتى حلفاءهم التقليديين، يقفون بشكل مباشر أو غير مباشر في وجه تحقيق تطلعاتهم وخططهم من المشاركة في الحكومة الحالية، مما ولد لديهم قناعة خلال نقاشات الأسابيع الماضية بوجوب لفت نظر حلفائهم أولاً بوجوب تصويب إعادة التعاطي السياسي داخل الحكومة وتكريس التحالف الاستراتيجي القائم بين التيار و<حزب الله> تحديداً الى واقع محلي ملموس ووجوب التنسيق الكامل بينهما في كل المسائل والامور التي تخصهما داخل الحكومة بما يحقق الاهداف المشتركة لكليهما وليس لطرف منهما دون الآخر ولا ان يظهر وزراء التيار العوني وكأنهم يواجهون منفردين كل الاطراف الاخرى المشاركة في الحكومة بلا حلفاء يساندونهم ويدعمون مشاريعهم وتوجهاتهم كما حصل في المرحلة الماضية، لانه في هذه الحالة لا تعود مشاركة التيار في الحكومة ذات جدوى، بل تصبح عديمة الفائدة وبمثابة استنزاف سياسي ينعكس على وضعية التيار شعبياً في المرحلة المقبلة&bascii117ll;
ويلفت المصدر المذكور الى جملة احداث وقعت مؤخراً، إن كان في لاسا او في ترشيش وغيرها من الاحداث الامنية وقد إنعكست سلباً على التيار العوني كون رئيسه وقف الى جانب <حزب الله> ودافع عنه بكل قواه وخصوصاً في موضوع تمويل المحكمة الدولية وغيرها، في حين لم يترجم هذا الدعم الى واقع ملموس في الوقوف الى جانب تطلعات وطروحات وزراء التيار في التعاطي الحكومي على كل المستويات، وهو ما يأمله النائب عون ان يتحقق من خلال تشديده المتواصل على وجوب تلازم <الاصلاح مع المقاومة> في الممارسة الحكومية وفي التجاوب مع طروحات وخطط وزراء التيار العوني، بالرغم من اعتراضات باقي الاطراف الآخرين المشاركين في الحكومة، لانه ليس مستعداً للاستمرار بالمشاركة الحكومية على هذا النحو من دون تحقيق الحد الادنى من تطلعات وطموحات التيار، ولان ما تبقى من عمر الحكومة في نظره اصبح معدوداً&bascii117ll;


ـ 'لبنان الآن'

التفتيت بالحصار والأمن بديلاً من العمل العسكري
ابراهيم الأمين:

إليكم سيناريو وكلاء أميركا في ملف سوريا:
العرب، أو من يتحدث باسم مجموعة غير صغيرة من حكوماتهم، يطلبون من بشار الأسد التنازل عن السلطة. ليس من خلال الشارع، بل من خلال حلّ نفسه بنفسه. وبعد كل ما مضى من وقت على المواجهات، المشروعة أو غير المشروعة، بين السلطة في دمشق ومحتجّين، أو متعاونين مع الخارج القريب والبعيد، يريد عرب الولايات المتحدة من بشار الأسد الآتي: اسحب الأمن والجيش من الشارع، أطلق سراح المعتقلين جميعاً، السياسيين والأمنيين، اترك الجمهور ينزل إلى الطرقات للمطالبة بسقوطك، اعمل على إقالة كل فريقك في الدولة ومؤسساتها، وعدّل الدستور الآن، وأبعد حزبك عن كل مواقع الدولة، ثم ابدأ الحوار مع المجلس الوطني السوري الذي قرر العالم أنه الممثل الشرعي والوحيد للمعارضين السوريين، والتزم الحوار في مقر الجامعة العربية؛ لأنه لا ضمانات في أنك ستلتزم ما هو مطلوب منك، واعمل على إقرار برنامج انتخابات نيابية مبكرة وفق شروط يحددها الخبراء المحلّفون في الانتخابات من دول الخليج خصوصاً، وهيّئ نفسك للخروج السريع من الحكم.
أما إذا رفضت ما نأمرك به، وأنت غير مؤهل الآن إلا للاستماع إلى ما نطلبه منك، فستتحمل مسؤولية أفعالك، وهذا يعني أننا سنعاقبك، وسيكون ذلك من خلال خطوات كثيرة: سنعزلك عربياً (ألم تجرب ذلك في عام 2005؟)، وسنسحب من بقي من السفراء العرب في عاصمتك، وسنطرد بعثاتك الدبلوماسية المعتمدة لدينا، وسنعلن رسمياً أن المجلس الوطني هو الممثل الوحيد للشعب السوري. وكما فعلنا مع ليبيا، سنعطي المجلس السفارات ومقار البعثات السورية، ونسلم رضوان زيادة منصب وزارة الخارجية السورية، حتى لو قرر أن مكتبه الآن موجود في غرفة السكرتيرة الخاصة بالمساعد الثالث عشر للمؤهل الخامس عشر في المكتب الخلفي لهيلاري كيلنتون، فهو ـــــ أصلاً ـــــ لن يكون مطلوباً منه إلا إطلاق التصريحات التي تكتب له بحيث يتدرب على النطق بها. وسيحظى برهان غليون بالمراسم والتشريفات الرئاسية فتفتح له أجنحة في الفنادق الكبرى ويعطى المواكب الأمنية وغير ذلك، ويترك له اختيار من يريد في وفود يترأسها لتسلم السفارات السورية في العالم.
بعد ذلك، سنعلن قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع سوريا. ستتوقف رحلاتنا الجوية المدنية من سوريا وإليها. سنكتفي برحلات غير معلنة لمن يرغب في الانضمام إلى جيش الثوار. سنقطع المساعدات، إذا وجدت أصلاً، عن أي مؤسسة لا تعلن اعترافها بالمجلس الوطني. أما لائحة المغضوب عليهم من الضالّين، فستطول إلى أكثر مما يعتقد الآخرون، وستكون هناك شرعية لكل من يتمرد، مدنياً كان أو أمنياً أو عسكرياً، وسيُشرّع كل عمل ضد النظام وأدواته على اختلافها؛ لأنه يقع في باب الدفاع المشروع عن النفس، وستدعم فكرة العصيان المدني. أكثر من ذلك، ستدعم كل حركة تمرد عسكرية في الجيش النظامي، أو حتى لو قرّر معارضون إعلان أنهم تحولوا الآن إلى عسكريين، وأنهم يريدون تأليف قوة عسكرية من الثوار... ألا تستحق تجربة ليبيا الدرس؟ وستعمل القوى العربية والعالمية التي عملت في ليبيا على تفادي الأخطاء التنظيمية واللوجستية التي وقعت في مدن الجماهيرية السابقة قبل تدميرها.
ولكي لا يطول الوقت، ستنظم حملة حصار وعقوبات دولية، وستلجأ الدول من تلقاء نفسها إلى خطوات إذا تعذر الحصول على قرار من مجلس الأمن. الاتحاد الأوروبي ومنظمات المجتمع المدني، ما غيره، سترفع قوائم اتهام أمام كل المحاكم الوطنية أو الدولية أو التي قد تقام خصيصاً من أجل سوريا، وسيُشهّر بكل من يبقى على صلة بالنظام. سيخرج العلماء ورجال الدين والمفكرون، من أتباع مؤسسة فورد الأميركية وأخواتها، ليضعوا الحرم على كل من له صلة بالنظام الحاكم في سوريا. وخلال أسابيع، لن يكون على اتصال بالنظام إلا المارقون، من إيران وحزب الله وحماس وكوريا وكوبا وفنزويلا وبوليفيا، وبعض المتخلفين من مناصري تيار المقاومة الذي صار سخيفاً، بحسب المفكر التقدمي وريث السلالة الجنبلاطية، الذي أرجأ تقاعده ليشرف شخصياً على تحقق الثورة العربية الكبرى في بلاد الشام.
مع ذلك، سيُعكَّر صفو ومزاج من بقي في المنازل ولم يخرج إلى الشوارع ليضحي بنفسه وعائلته كرمى لعيون بسمة قضماني ورياض الشقفة ورفاقه. سيجري ذلك من خلال ما تيسّر من عمليات اغتيال يجري العمل على ترتيب أدواتها وأهدافها أيضاً، وعبر ما لم يُستخدَم حتى الآن من سيارات مفخخة أعدت للعراق، وتقرر نقل عملها ــــ نعم تقرر نقل عملها ــــ إلى سوريا ولبنان. ذلك أن من يقف إلى جانب النظام في لبنان، عليه أن يدفع الثمن أيضاً. ولا بأس إن سقط مزيد من القتلى، فستعلن وسائل الإعلام ـــــ نقلاً عن ناشطين أو مراقبين أو شهود عيان مكتومي الأسماء والوجوه ـــــ أن النظام هو من يقف خلف هذه الأعمال الإرهابية لإنقاذ نفسه من الأزمة.
كل ذلك سيعوّض العجز القائم حالياً عن شن حرب عسكرية مباشرة، أو بالواسطة كما حصل في ليبيا. وإذا كانت الحسابات الميدانية لا تتيح عملاً كهذا الآن في سوريا، فهذا لا يعني أنه لا توجد بدائل لمن يهمه الأمر. وستأتي اللحظة التي يحضر الغرب فيها ملقياً الباقة الأخيرة من الألعاب النارية، على شكل هجوم هدفه قتل من يجب قتله، ونفي من يجب نفيه، وتهديم ما لم يهدم في بلد يراد له أن يكون على شاكلة لم يعرفها العرب في العراق ولا في ليبيا ولا في فلسطين... حتى يكون عبرة لغيره، وبعدها فليسأل العالم عن حقوق الناس في بلاد الشام


ـ 'الأخبار'

أسئلة برسم 'الربيع الجنبلاطي'
جان عزيز:
 
من المبكر جداً، بل من السذاجة السياسية بمكان، التبشير المتسرّع بالربيع الجنبلاطي، كما بنظيره العربي.
فتاريخ الرجل وحاضره المتمادي في الراهن والمستقبل المرهون لتقلّبه والانقلابات، كلها أدلة وقرائن تفرض التريث والتدقيق في ربيعه المستجد غبّ الطلب والضرورة.
استخدم وليد جنبلاط في خطابه الحزبي قبل يومين، عن معرفة أو من دونها، عبارة &laqascii117o;المصارحة والمصالحة". وهو المفهوم العالمي الذي صار إطاراً قانونياً دولياً وإنسانياً للآليات اللازمة للخروج من الحروب الأهلية. مفهومٌ ولد في جنوب أفريقيا الأبارتهايد، وانتقل من بعدها إلى مختلف القارات، للعناية بكيفية نقل مجتمعات عانت حروباً داخلية، من مرحلة بربرية الصراعات إلى مرحلة السلم الأهلي. أول المشوار إذن للمصالحة هو الحقيقة. وهي ما لم يكتب وليد جنبلاط حرفها الأول بعد.
والحقيقة المطلوبة من وليد جنبلاط الآن ليست تلك المتعلقة بحروبه الماضية، علماً بأنها حقيقة إنسانية واجبة وضرورية، وإن كانت ليست آنية الوجوب. لكن على الأقل يظل واجباً على وليد جنبلاط ألا يلوّن تلك الحقيقة كل مرة اقتضت مصلحته السياسية الانعطاف السريع. فيوم اقتضى ذلك التحالف مع سمير جعجع تنصّل من حرب الجبل. ويوم اضطر لاحقاً إلى مهادنة ميشال عون تبرّأ من &laqascii117o;مذبحة" 13 آب 1989. ويوم عاد مضطراً أو مختاراً إلى الضاحية، فضح 7 أيار والساعات التي سبقته، مهدّداً من كانوا معه بهتك الأسرار وإماطة اللثام عن &laqascii117o;المؤامرة"... والأهم، أنه في كل مرة انقلب على تموضع تكتيكي سابق، كان يسارع فوراً إلى التنكر لكلام الأمس. فعندما عاد إلى دمشق، انقلب على كلامه من حرب الجبل، ليذكّر مجدداً &laqascii117o;ببطولات جيش التحرير الشعبي في فتح طريق الشام نحو بيروت"، أو يمسخ تاريخ 13 آب نفسه من &laqascii117o;المذبحة" إلى &laqascii117o;الملحمة". وعندما يضطره آخر الشهر إلى مهادنة الحريري أو رعاته الإقليميين، تنقلب ساعات 7 أيار نفسه، من ساعة تخلٍّ إلى ساعة تجلٍّ... قد لا تكون حقائق الحروب أو فظائعها مطلوبة الآن، لكن وقف تزوير الحقيقة ضروري الآن وفي كل آن.
غير أن الحقيقة المطلوبة من وليد جنبلاط حالياً مرتبطة بما يحصل الآن في دولة اسمها لبنان، قبل قراءة ما يحصل في سوريا أو في مصر أو سواهما. وهي حقيقة متمحورة حول مفاهيم الحياة العامة في هذا الوطن، بمستوياته الثلاثة: الفرد والجماعة (ما دام عندنا جماعات تلامس القبائل) والدولة.
أولاً، على مستوى الفرد المواطن الإنسان، هل يعني الربيع الجنبلاطي المستجد أنه بدءاً من أمس الاثنين، بات ممكناً لمواطن يملك قطعة أرض في الباروك، مثلاً، أن يحافظ على ملكيته لها، من دون أن يهدَّد أو يُبتزّ بأمر من اثنين: إما أن يبيعها لشخص محدد أو جهة محددة، وبسعر بخس يعينه الطرف المهدِّد والمبتز، وإما يصدر ف

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد