ـ 'النهار'
عالم ميقاتي الافتراضي!
راجح الخوري:
ايها اللبنانيون، تعالوا الى اعدادية الرئيس نجيب ميقاتي اذا كنتم قد فهمتم حتى الآن ان 'حزب الله' ضد تمويل المحكمة الدولية، وربما على بان كي - مون ان يلتحق هو أيضاً بهذه الاعدادية كي يستطيع ان يفهم مثلنا نحن 'شعب الحضانة' ذلك العالم الافتراضي المطمئن والضاحك الذي يعيش فيه رئيس الحكومة اللبنانية او يتعمد الايحاء به!
عشية سفره الى بريطانيا ادلى ميقاتي بحديث الى'بي بي سي' اجرته زميلتنا بشرى عبد الصمد التي قفزت عيناها فوق حاجبيها وهي تستمع الى اجوبته التي بدت وكأنها تأتي من عالم آخر أو توجّه الى عالم آخر، ربما لأن اللبنانيين في الحضانة والبريطانيين في الاعدادية!
يقول انه سمع كلام السيد حسن نصرالله ولم يستنتج انه قال لا للمحكمة. طبعاً لا ندري كيف توصل الى هذا الاكتشاف النبيه وقد فات اللبنانيين العارفين ان نصرالله يعتبر المحكمة مؤامرة اسرائيلية - اميركية يجب اسقاطها. لكن ميقاتي يحسب الأمر شطارة او لعله يريد على طريقة المثــل اللبــــناني 'ان يــزرع في عقلنــــا حـــــــلاوة' عندمـــــا يستطرد ليفاجئ الجميع بتفسير مبدع فحواه انه عندما يقول السيــد حســن اذا اردتم التمــــويـــــل فمـــن جيبكــم الخاص، فـهـــذا يعنــي القبــــول بمبدأ التمــويـــل، هكــــذا بالحرف!
لا ندري ما رأي السيد حسن المحشور الآن بهذه التخريجة العجيبة وبمونة ميقاتي عليه والقول انه يقبل التمويل. لكن من الواضح ان ميقاتي سجل تراجعاً مزدوجاً عن مواقفه السابقة، اولاً عندما تمترس وراء نظرية ترك التمويل للمؤسسات الرسمية ليتجنب تحديد موعد لهذا الأمر، فتستمر المماطلة التي ستطول كسباً للوقت، لأنه يدرك جيداً انه لم يؤتَ به رئيساً للحكومة إلا لهدم المحكمة، اما حديثه عن انقاذ لبنان فمجرد تنظير لا يقنع احداً. وثانياً عندما قال انه:'لم يقبل ان يكون رئيساً للحكومة لكي يستقيل اذا لم ينجح في تمويل المحكمة'، بينما سبق له ان كرر مراراً انه اذا فشل في التمويل ولو نتيجة تصويت الحكومة فإنه سيستقيل، فأين كلام اليوم من تنظير البارحة؟
اما عندما يتحدث عن الأمن والاستقرار وعدم انعكاس الاوضاع السورية على لبنان، فانه ينقض بيان بان كي - مون، الذي 'استنكر بقوة عمليات التوغل والدهم السورية داخل الاراضي اللبنانية واعرب عن قلق عميق من تأثير التطورات السورية على الوضع السياسي والامني في لبنان'. ربما لهــذا عــلى أخينــــا بان ايضاً الالتحــــــــاق باعداديـــــــة ميقاتي!
ـ 'السفير'
من يريد جر سوريا إلى مواجهة مع تركيا؟
داوود رمال:
في موازاة دخول الحل العربي للوضع السوري في مسار آليات التنفيذ العملية بعد موافقة القيادة السورية على الخطة العربية للحل، فإن حراكا دوليا ـ إقليميا من نوع آخر يشي بعدم وجود نيات غربية سليمة تجاه سوريا، بدليل العمل على استغلال المدى الايجابي الذي وصلت اليه التطورات، وفي الوقت نفسه، العمل على سيناريوهات مغايرة، ما يزيد الشكوك في صدقية النيات الغربية، وهل فعلا هناك من يريد الاستقرار لسوريا أم الخراب وصولا الى استنساخ النموذج الليبي الراهن حيث الثورة تتصارع مع الثورة، وأحيانا تبدو الثورة أكثر دموية من الديكتاتور كما حصل مع مقتل معمر القذافي والتشهير بجثته.
ويقول مصدر دبلوماسي عربي لـ&laqascii117o;السفير" انه بعد صمت تركي امتد نحو شهر تجاه الاحداث في سوريا، &laqascii117o;عادت وتيرة الانتقادات والحملات الاستفزازية لتطل برأسها مجددا وعلى لسان كبار المسؤولين الأتراك، علما ان مسار الحل العربي انطلق مع الموافقة السورية على خريطة الطريق التي اقترحتها الجامعة العربية واللجنة الوزارية العربية برئاسة قطر، والتي جرى التفاوض حول صيغتها النهائية مع الجانب السوري، وهذه العودة التركية لتصعيد اللهجة تجاه سوريا انما تنم عن توجه غربي، بدأت تتوضح معالمه يوما بعد آخر".
ويوضح المصدر &laqascii117o;ان ثمة معلومات يجري التدقيق فيها وتفيد بأن تركيا بدأت عمليا تقديم مساعدات مالية وعسكرية ولوجستية للمعارضة السورية بتغطية من جهات خليجية وبطلب أميركي، حيث ترسل الاموال الخليجية الى تركيا التي تقوم بدورها بتوزيعها واستثمارها في بناء منظومة عسكرية وأمنية لأطياف المعارضة السورية على أراضيها".
ويضيف المصدر &laqascii117o;ان تركيا بدأت عمليات تدريب للمعارضة السورية في معسكرات مخصصة لذلك على اراضيها، بالقرب من الحدود الجنوبية، تمهيدا لإنشاء منطقة عازلة داخل الاراضي السورية أيا كان حجمها ومساحتها، فالسيناريو الذي سيعتمد يبدأ بالتركيز المتواصل على مزاعم عن ارتكاب النظام السوري جرائم ضد الانسـانية، ويــترافق ذلك مع دعوات مكثفة للتدخل الاجنبي عبر فرض حماية جوية ومنطقة حظر جوي فوق سوريا".
ويكشف المصدر &laqascii117o;ان الخطة الاساسية تقوم على توغل قوات تركية داخل الاراضي السورية قرب الحدود بين البلدين بهدف جر القيادة السورية الى اتخاذ قرار بإرسال وحدات من جيشها للتصدي لهذا الاعتداء على الاراضي السورية، ما يتيح لتركيا بالاستناد الى اتفاقية إنشاء الحلف الاطلسي، الاستنجاد بالحلف بحكم عضويتها فيه، وأحد بنود اتفاقية إنشائه تنص على التدخل إذا طلبت احدى الدول الاعضاء ذلك، وما نفي الحلف لذلك حاليا إلا عملية صرف للانظار عن هذا السيناريو".
ويشير المصدر الى انه &laqascii117o;في موازاة ذلك تقوم المعارضة السورية باستهداف مواقع للجيش السوري والمخابرات العسكرية بالتزامن مع خروج تظاهرات تطالب بتدخل الحلف الاطلسي مستفيدة من بنود الاتفاق الذي أقر في الجامعة العربية لحل الازمة السورية والذي ينص على سحب الجيش من المدن ووقف العنف وإنهاء المظاهر المسلحة".
ويلفت المصدر الانتباه إلى أن &laqascii117o;التوقعات حسب السيناريو المعتمد، ان تكون الحرب طويلة، ذلك أن ثمة اتفاقا أميركياً ـ تركياً بإفقاد سوريا أوراق قوتها الإقليمية وبالتالي موقعها ودورها كقوة إقليمية فاعلة في المنطقة".
وأكد المصدر أن ما يمكن أن يعوق سيناريو كهذا، هو أكثر من عنصر ولكن لا بد من الأخذ في الحسبان دور المستوى الأمني والعسكري التركي، الذي لا تزال قنواته مفتوحة حتى الآن، مع القيادة السورية، السياسية منها والعسكرية، وهناك شخصيات عربية ولبنانية التقت مسؤولين سوريين ولمست لهجة إيجابية في الحديث عن دور الجيش التركي وكذلك المخابرات التركية، حيث تزداد ملاحظات المستوى الأمني على أداء القيادة السياسية وتحديدا وزير الخارجية داود أوغلو".
وختم المصدر بالقول ان الأتراك سمعوا من الايرانيين ومن غيرهم كلاما واضحا بأن أية محاولة لاستدراج سوريا الى مواجهة عسكرية تحت عنوان إنساني أو أي عنوان كان، لن تقتصر على سوريا بل ستؤدي الى مواجهة إقليمية كبرى، وهو الأمر الذي لمّح اليه صراحة الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله في مقابلته الأخيرة مع &laqascii117o;المنار".
ـ 'النهار'
لبنان يُطلِع فرنسا على موقفٍ سوري؟
سركيس نعوم:
تلقّت 'الادارة الفرنسية' قبل اسابيع قليلة رسالة شفهية من النظام السوري، والبعض يقول معلومات، تشرح موقف قيادته من الاحتجاجات الشعبية التي تجري في سوريا منذ اشهر، والتي تحوّلت مع الوقت ثورة سلمية بدأت تتحوّل عنفية رداً على قمع رسمي شديد لها. كما بدأت تمهّد لاقتتال اهلي بين اثنين من مكوّنات الشعب السوري. والرسالة الشفهية او المعلومات نقلها لبناني رسمي، استناداً الى مصادر موثوق بها اوروبية ولبنانية، الى مسؤولين في العاصمة الفرنسية اثناء قيامه بزيارة عمل لها. وهو كان حصل عليها من القيادة السورية وربما من رأسها بشار الاسد، الذي تؤكد جهات عليمة في بيروت انه استقبله ساعتين قبل مدة.
ماذا كان مضمون الرسالة الشفهية او المعلومات المشار اليها اعلاه؟
هذا المضمون تلخِّص المصادر المذكورة اعلاه ابرزه بالنقاط الآتية:
1- لن يتنحّى الرئيس بشار الاسد عن السلطة اياً تكن الضغوط الداخلية او الخارجية. ولا يعني ذلك عدم انفتاحه على الإصلاح والحوار لتحقيقه وعن اقتناع.
2- ان خروج الرئيس بشار الاسد من السلطة يعني عملياً سقوط نظامه الذي أمّن استقراراً متنوعاً على مدى نيف وأربعة عقود. ومن شأن ذلك تشريع الابواب امام الفوضى والعنف وسيلان الدماء وحتى أمام تقسيم البلاد.
3- لا يزال النظام السوري يتلافى الاصطدام النهائي بتركيا 'حزب العدالة والتنمية' معوِّلاً على إمكان عودتها الى شيء من 'التعقّل والحكمة' اللذين اسسا علاقة الصداقة التي بدأت قبل تسع سنوات. علماً ان هذا التعويل لم يمنعه من انتقاد مواقفها منه ومن مهاجمة تدخّلها في شؤون بلاده. والموقف الذي سيتخذه النظام في دمشق في حال قررت تركيا التدخّل عسكرياً في سوريا او بدء نشاطات عسكرية معادية لها سواء مباشرة او مداورة ولكن مؤذية، هذا الموقف سيكون الرد بالحرب العسكرية. علماً ان تركيا، واستناداً الى المعلومات المتوافرة حتى الآن، لا تزال ترفض القيام بعمل عسكري ضد نظام آل الاسد، ربما لأن التغطية العربية له لا تزال غائبة، وربما لأن لا قرار دولياً في شأنه حتى الآن. وعلماً ايضاً ان سوريا النظام ربما تفضّل ابعاد 'الكأس' العسكرية المرّة عن شفتيها.
4 – اذا تعرّض نظام آل الاسد في سوريا الى 'اعتداء' خارجي عربي او تركي او اسلامي او دولي، فإن قوات حفظ السلام الدولية المعززة في لبنان المعروفة بـ'اليونيفيل' لن تسلم من الأذى الواسع جراء ردود الفعل على 'الاعتداء'. كما لن تسلم الدول الكبرى المغطية له والمشتركة في 'اليونيفيل' وفي مقدمها فرنسا وربما ايطاليا وغيرهما.
ماذا كان صدى الرسالة السورية المنقولة بصوت لبناني الى فرنسا او بالاحرى المعلومات عند 'الادارة الفرنسية'؟
تمتنع المصادر الديبلوماسية الاوروبية نفسها عن تقديم جواب واضح وجازم ونهائي عن هذا السؤال. وتكتفي بشرح للوضع بل المواقف داخل الادارة المذكورة يفيد انها تتعرض لـ'تجاذب' من خطين سياسيين او من موقفين متناقضين الى حد كبير من ازمة سوريا او على الاقل مختلفين. الخط الاول يفضّل اصحابه عدم التغيير في سوريا الا اذا صار البقاء مستحيلاً لأسباب كثيرة، اذ من الافضل استمرار مَن تعرفه على سوئه على 'المخاطرة' بالتعرّف الى مَن لا تعرفه او تعرفهم. اذ لا شيء يمنع ان يكونوا بمثل سوئه او اكثر سوءاً. وما جرى في ليبيا وما يجري في مصر وما يجري في سوريا وما يجري في اليمن قد يعبّر بدقة عن كل ذلك. هذا الخط يمثّله 'غيان' الذي كلّفه الرئيس ساركوزي سابقاً العلاقة مع بشار الاسد قبل تدهورها. اما الخط الثاني ويمثّله او يقوده وزير الخارجية ألان جوبيه فانه يقف مع تغيير الاسد ونظرائه كما انظمتهم. وهو لا يمانع في ادخال الاسلاميين العملية السياسية في دولهم وفي تعاونهم مع الليبراليين والعلمانيين والجيوش، إذ أن ذلك قد يصنع توازناً معقولاً يساعد على قيام انظمة حديثة ولاحقاً على عودة الجيوش الى مهماتها الاصلية.
إلا أن هذا الشرح على صحته ودقته لا يعني ان فرنسا لم تحدّد موقفاً من نظام الاسد. فهي جزء من العالم الغربي المؤيد للثورة السورية والداعم لها والساعي الى انتصارها. فهل يتحوّل ذلك تريّثاً اذا نجحت المبادرة العربية الاخيرة على صعوبة ذلك؟
ـ 'النهار'
ترتيب البيت السعودي يعيد حضور الرياض لبنانيا
فصل مسار المحكمة عن تطورات الثورات العربية
هيام القصيفي:
تشكل عودة التوازن الاقليمي وتأثيراته في لبنان، هاجسا اساسيا بعدما مالت دفة الميزان في الاشهر الاخيرة إثر تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، الى فريق المعارضة ومن يمثل في المحور الايراني – السوري.وجاءت الاحداث المصرية وانشغال السعودية بترتيب اوضاعها الداخلية، وهما الدولتان الاكثر تأثيرا في احتضان قوى المعارضة الحالية، لتضاعف الخلل في التوازن المحلي نتيجة ميل الدفة اقليميا.
ولم تكن الانعطافة القطرية والمساعدة التركية لتشكلا وحدهما بيضة القبان، رغم ان الاحداث السورية جاءت في لحظة مفصلية لتشكل بداية الخرق في المحور الايراني السوري.
ومع تفاقم التطورات السورية، لم يبد الانتعاش واضحا على فريق المعارضة وفي 14 آذار، لان هذا الفريق، سعى الى تحييد نفسه خشية مضاعفة التأثيرات السلبية على الوضع الداخلي وما يمكن ان يزيد تورط لبنان في دوامة عنف، امتدادا الى العنف السوري. الا ان هذا الفريق عانى ايضا استمرار الغطاء العربي الذي شكل سندا له في ملفين اساسيين هما المحكمة وكف اليد السورية عن لبنان.
وبحسب مصادر مطلعة فان اهمية اللحظات الراهنة تكمن في ان ثمة فصلا جوهريا بين الملفين، ولم تغرق المحكمة الدولية تبعا لذلك في متاهات الثورة العربية. لا بل يتأكد يوميا ان مسار المحكمة مستمر ومنفصل عن معالجة الوضع العربي بحسب معلومات مسؤولين لبنانيين، بدليل بدء الجلسات التمهيدية للمحكمة الاسبوع المقبل، وحرص ارفع المسؤولين الدوليين والاممين على تحذير لبنان من مغبة عدم التزام تمويل المحكمة. وهذا يعني ان ملف المحكمة لن يكون من ضمن بنود اي بازار او تسوية اقليمية، الا في ما يمكن ان يقدمه هذا الطرف او ذاك من تنازلات تتعلق بوضعه ووضع حلفائه لا اكثر.
لذا تتحول الانظار تلقائيا الى اعادة التوازن الداخلي من طريق اعادة ترتيب البيت العربي. وقد بات من المسلم به لدى اكثر من طرف نتيجة ما تبلغه البعثات الديبلوماسية ان النظام السوري يريد ان يربح وقتا لا اكثر بقبوله المبادرة العربية. وسمعت شخصيات لبنانية في واشنطن كلاما عن ان النظام بات في حكم المنتهي، وان المسألة مسألة اشهر قليلة، نتيجة الضغط الداخلي الشعبي، والاهم بسبب الحصار الاقتصادي الذي سترتفع وتيرته تدريجا والى حد قاس، وقد يشمل ذلك لبنان ايضا في بعض مفاصله، بحسب تحذيرات غير مباشرة لمسؤولين لبنانيين. ولذا يتحول البحث مجددا عن مظلة عربية تحمي لبنان، في هذا الوقت المستقطع، بين جولات الحوار والعنف الاقليمي.
من هنا حمل تعيين الامير نايف بن عبد العزيز وليا للعهد في السعودية، اسئلة عن مدى تأثير هذا التعيين على الوضع اللبناني، كاحدى الساحات التي للرياض يد فيها. في ظل ارتياح المقربين من السعودية كمؤشر لاستعادة الرياض دورها في لبنان، في حين ان بعض اوساط الاكثرية الجديدة طرح اسئلة عن دعم الامير للحركات الاسلامية الاصولية وللمتشددين، وهو ما ينعكس في رأيهم على الوضع الداخلي اذا سارت الامور في لبنان نحو التأزم نتيجة العنف الطائفي السوري.
ويتحدث المطلعون على العلاقة السعودية اللبنانية عن ان هذا التعيين يحمل في طياته انعكاسا مباشرا بعدما كانت السعودية حتى الاسابيع الاخيرة، قد ابتعدت عن الدخول مباشرة على خط التطورات العربية في ضوء علاقاتها القديمة مع اركان الانظمة العربية التي سقطت، وانشغالها لاشهر طويلة بترتيب البيت الداخلي وصحة الملك عبدالله بن عبد العزيز، وبولي العهد الراحل الامير سلطان بن عبد العزيز الذي توفي في واشنطن.وجاء تجييرها لقطر قيادة المبادرة العربية تجاه سوريا، ليؤكد ابتعادها عن الدور الاول لبعض الوقت.
لكن ما حصل لجهة البدء بترتيب الاوضاع الداخلية بتعيين ولي عهد جديد، يفتح مجددا بحسب هؤلاء المطلعين احتمالات امام تاكيد الرياض مجددا دورها، وخصوصا ان السياسة السعودية كانت اصيبت بنكسة جراء سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري وما سبقها من فشل الدفع الذي قاده الملك عبدالله تجاه دمشق وانتج حينها زيارته مع الرئيس بشار الاسد لبيروت وعقد قمة بعبدا.
ووفق هؤلاء، فان خبرة ولي العهد بالملف الامني تعيد جملة اعتبارات الى الدور السعودي المبني على قاعدة معلوماتية واسعة في مقاربة ملفات المنطقة، ولبنان من بينها. ولا يخفى على السعودية ان ثمة محاولة لاستهداف دورها في لبنان، وان البعض انتهز فرصة ابتعادها للانقضاض عليها. الا ان ما يرتسم في الافق مجددا هو بداية مرحلة جديدة، تسمح مجددا برسم اطر سياسية تهدف الى حماية لبنان عربيا من خلال اعادة التوازن الاقليمي، اضافة الى تعزيز صورة الطرف الاسلامي المعتدل في لبنان وتعزيز حضوره في البلد في مقابل الوجه الاصولي الذي يحاول بعض الاكثرية التحذير منه، اذا نجحت الثورة السورية في فرض حضورها وتغيير النظام.
ويثير استعادة السعودية لدورها بطبيعة الحال ارتياح قوى المعارضة في ظل تأكيدات من جانب 'المستقبل' أن العلاقة بين ولي العهد والحريري اصبحت جيدة منذ وقت. يضاف الى ذلك ان استتباب الحالة المالية للحريري وانتهاء الازمة المالية، وهو ما ستبدأ معالمه بالظهور تدريجا، يساهم الى حد كبير في اعادة تعزيز الوضع الداخلي للمعارضة.
ـ 'اللواء'
'المربعات الأمنية' فاصل ما بين الأمن والعبث بالأمن الشرعي
نشأت مع إتفاق القاهرة وأضحت في كل شارع وزاروب وجد فيه زعيم!
رباب الحسن:
قبل ايام اهتزت الجلسة النيابية على خلفية اشكال طلابي في الجامعة اللبنانية -الاميركية وخرج نائب <حزب الله> حسن فضل الله متجهما، غاضبا مما أسماه المربع الأمني <لتيار المستقبل> معلنا من على منبر مجلس النواب <أن مسلحين أتوا من مربع أمني في المنطقة يمنع دخول الدولة اليه، مطالبا الأجهزة الأمنية ملاحقة المعتدين والتحقيق معهم&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;>
من حيث المنطق لا نختلف مع النائب فضل الله في المطالبة بملاحقة المعتدين أيا كانوا، انما ما فاجئني فعلا هو اعلان النائب المذكور منطقة قريطم مربعا أمنيا مغلقا، والكل يعلم أنها منطقة مفتوحة أمام المارة ما خلا المدخل الرئيس لقصر قريطم، أما المفاجأة الكبرى فكانت عند نفيه وجود مربّعات أمنية في الضاحية وأن اسرائيل دمرتها في العام 2006؟
ودفعني كلام النائب <الفاضل> الى التساؤل عن الأسباب الحقيقية الى قول ما قاله ؟هل أن فعلا انتفى وجود المربعات الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت؟من الناحية النظرية قد يكون الكلام مقبولا، ففي<الضاحية>لا نجد مظاهر واضحة للمربعات الأمنية، كاقفال شوارع أو وضع مكعبات باطون أو اغلاق طريق بحاجز حديدي&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;لكن ما يؤكد لنا وجود هذه المربعات هي العمليات الأمنية الكثيرة التي تحصل من دون أن تتمكن القوى الأمنية من ملاحقة فاعلينها الذين يلجأون الى المكان الآمن <المربع الأمني للضاحية الجنوبية>&bascii117ll;
نقول ذلك وفي الذاكرة قضية خطف جوزف صادر على طريق المطار، والاعتداء على القوى الأمنية عند قمعها أية مخالفة أو محاولة فض أي اشكال بين مواطنين مختلفين، وعملية خطف مواطنين سوريين مناهضين للنظام، حصلت منذ أيام وتم<الباسها للأجهزة الأمنية في الأوزاعي بعد افتضاح الأمر>وغيرها الكثير من الأمور التي تؤكد أن المربعات الأمنية في الضاحية الجنوبية وفي غيرها من المناطق اللبنانية في الجنوب والبقاع جزء لا يتجزأ من وجود <حزب الله>&bascii117ll;
نشأة المربعات الأمنية
عرف لبنان المربعات الأمنية منذ العام 1969 تاريخ توقيع اتفاق القاهرة الذي منح الفلسطينيين حرية التحرك في لبنان فأقاموا المربعات الامنية فوق الاراضي اللبنانية على اختلافها، وبعضها لا زال قائما الى اليوم في الناعمة وقوسايا وفي المخيمات الفلسطينية&bascii117ll;
وفي أثناء الحرب اللبنانية، أنشأت كل ميليشيا في بيروت الشرقية أو الغربية كما اصطلحت التسمية مربعاتها الأمنية التي انتشرت في كل شارع وزاروب وجد فيه <زعيم أو مسؤول ممن نصّبوا أنفسهم زعماء على الشعب بقوة السلاح تارة وبالخداع تارة أخرى، حتى أن المربعات الأمنية طالت المؤسسات الاجتماعية والاعلامية لتلك الأحزاب&bascii117ll;
بقي الامر على هذه الحال حتى العام 1982 ما بعد الاجتياح الاسرائيلي حيث انتقلت المربعات الامنية في منطقة الضاحية الجنوبية ومحيطها تدريجا الى سيطرة ميليشيا<حزب الله>، فيما حافظت الاحزاب الأخرى على مواقعها، الى أن جاء اتفاق الطائف وتم سحب سلاح المليشيات باستثناء سلاح <حزب الله> الذي حافظ على قوته تحت شعار<المقاومة>&bascii117ll;
بعد الطائف خفت نسبيا مساحة <المربعات الأمنية> التي عادت واتسعت مع الارتدادات الأولى للتفجيرات الإرهابية التي استهدفت سياسيين وصحافيين وأمنيين خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي ظهرت على شكل طرقات مقفلة وحواجز إسمنتية وحديدية، تسوِّر منازل السياسيين، محوّلة المناطق المحيطة بأماكن عملهم وسكنهم إلى مربّعات أمنية امتدت في جميع الاتجاهات&bascii117ll;
ويعزو أحد الخبراء الأمنيين هذه الإجراءات لحماية المسؤولين>الى النقص الحاد الذي تعانيه الأجهزة الأمنية في مجال الأمن الوقائي الاستعلامي، الذي من المفترض أن يلعب دوراً رئيسياً في كشف الأعمال الإرهابية عندما تكون في مراحلها الإعدادية>&bascii117ll;
وغالباً ما يقطن السياسيون بين مناصرين لهم يتفهّمون إلى حد كبير الإجراءات المتخذة لحماية الزعماء، ويستعد العدد الأكبر منهم للتضحية بشيء من الخصوصية والحرية الشخصية، من أجل الحفاظ على حياة قادتهم&bascii117ll;
ورغم أن الواقع الذي ينشأ في بعض هذه المربعات يبقى خارج أي إطار قانوني، يعاني مواطنون عدم القدرة على الاعتراض الرامي إلى الحفاظ على حريتهم بعدم الإدلاء بما يمس خصوصيتهم&bascii117ll;
ومن يعبر الشوارع المحيطة بمنازل القيادات السياسية، ان في بيروت، في كليمنصو أو قريطم أو عين التينة أو البريستول أو في المناطق خارج بيروت في <معراب> أو <الرابية> أو في طرابلس التي يشكو نوابها من انتشار المربعات الأمنية فيها الى حد الخوف على السلم الأهلي، أو في أية منطقة من مناطق لبنان، تجد إلى جانب الأبنية حواجز اسمنتية، ومدرّعات للجيش اللبناني مموّهة بشوادر مرقّطة تستخدم عادة في ساحات النزاع المسلح&bascii117ll;
وأين ما نظرت تقع عيناك على كاميرات للمراقبة، تشاهد كل ما يتحرّك على الأرض أو يقترب من البناء&bascii117ll;
أما على المداخل الرئيسية لهذه المربعات الظاهرة للعيان فيزداد عدد الأمنيين بلباس قوى الأمن الداخلي، أو باللباس المدني الذين يكونون من المقربين من الشخصية المعنية بالحماية الأمنية&bascii117ll;
وكانت الشرارة الأولى لعودة هذه المربعات الأمنية الى الواجهة أواخرالعام 2004 مع محاولة اغتيال النائب مروان حمادة حيث عمد الكثير من القيادات السياسية المستهدفة الى اتخاذ تدابير أمنية طالت محيط المنازل وأحياء برمتها&bascii117ll; ولا ننسى في هذا الاطار التحذير الأخير للرئيس الشهيد رفيق الحريري للنائب وليد جنبلاط قبل اغتياله بأسابيع باتخاذ أقصى التدابير الاحتياطية بما فيها اغلاق كافة الطرقات المؤدية الى منزله كون التهديدات باغتياله كانت في غاية الجدية&bascii117ll;
وفعلا عمدت فرقة الحماية الخاصة بجنبلاط على اغلاق كل المسالك المؤدية الى منزله، وكذلك حصل في محيط قريطم وفي محيط <حزب الكتائب < في الصيفي وغيرها من الأماكن&bascii117ll;
ومع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واستمرار التهديدات بالاغتيال حتى بعد الخروج السوري من لبنان، وهو الأمر الذي طال 11قياديا من فريق 14آذار من سياسيين وصحافيين اضافة الى أمنيين، تطورت الحمايات الأمنية، فأضيف الى اغلاق الطرقات، الكاميرات والأجهزة الالكترونية المتطورة&bascii117ll;
ونشير في هذا الاطار الى أن المربعات الأمنية انتشرت في طول البلاد وعرضها من زغرتا وطرابلس وعكار في الشمال، الى كسروان ومختلف مناطق جبل لبنان من جبيل، الى معراب، والرابية، مرورا بالمتنين الشمالي والجنوبي وصولا الى بعبدا وعاليه والضاحية الجنوبية وبيروت والشوف والجنوب والبقاع على اختلاف مناطقه، الى حد أضحى فيه لبنان برمته <مربعا أمنيا >كبيرا&bascii117ll;
لكن ومع انتخابات العام 2009 وانتهاء موجة الاغتيالات خففت القوى السياسية من الاجراءات الأمنية المشددة، وفتحت الطرقات في قريطم وكليمنصو في اتجاهات عديدة، وما أبقي منها مقفلا لا يتعدى مداخل هذه المنازل، في حين بقيت <المربعات الأمنية الظاهرة < على حالها في <عين التينة>والمتخفية في مناطق أخرى في محيط البريستول والروشة وزقاق البلاط وراس النبع وبربور وصولا الى كل المناطق اللبنانية، محمية بالسلاح غير الشرعي المنتشر في كل المناطق اللبنانية الذي الأمن الاجتماعي والشرعي&bascii117ll;
مربع الضاحية
الا أن أخطر المربعات الأمنية يبقى في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي يطلق أهلها الصرخة تلو الصرخة لحمايتهم ممن يسمونهم <حماة لنا وزعماء علينا في الضاحية الجنوبية>، كما قال أحد العلماء الشيعة الكبار في مقالة له عن ما أسماه>المربعات والمثلثات والدوائر الأمنية في الضاحية الجنوبية، والتي أصابت الناس بالألم الى حد دفعهم الى الصراخ قائلين < لقد ضقنا ذرعاً بحمايتكم وزعامتكم وأشكالكم الهندسية وبؤر فسادكم وكأن اللعنة قد انصبت على هذا الوطن الصغير الجميل وأعجبها جماله ونسيمه وجبله ووديانه وسهوله وبحره وطيب قلوب أهله، فلا تريد فراقه&bascii117ll; كفانا ولينظر الزعماء أينما كانوا وفي أي مربع أو مستطيل أو مثلث أو مربع أو دائرة كانوا إلى هذا الشعب بقلوب رحيمة وعقول مدبرة قبل أن ينقلب السحر على الساحر، ويتهدم الهيكل على رؤوس أصحابه، ونفقد هذا الوطن الذي لا وطن لأبنائه ألاه&bascii117ll; ولينظر أرباب الأشكال الأمنية في الضاحية بعين بصيرة، وليعدوا عيوبها لعلهم يعيدون النظر ويعودون إلى الصواب، ويعودون الى الدولة ويخرجوا من الدويلة >&bascii117ll;
خبير أمني
ويشير أحد الخبراء الأمنيين الى أن مسألة المربعات الأمنية فرضت على بعض القيادات السياسية جراء تعرضها للتهديد بالاغتيال لاسيما في السنوات الست الأخيرة، أما فيما خص الضاحية الجنوبية فمن الطبيعي أن تتخذ فيها اجراءات أمنية استثنائية نتيجة وضع المقاومة والتهديدات الاسرائيلية لقيادتها، الا أن ذلك لا يعني أن تكون الضاحية خارج نطاق الأمن الشرعي وبؤرة لاختباء المطلوبين أو المخطوفين أو المعتدين على الأمن العام، معتبرا أنه آن الأوان ليتخذ <حزب الله> الماسك للسلطة في لبنان اليوم إجراءات حاسمة تجعله قدوة للآخرين يسترد من خلالها ثقة اللبنانيين عبر تسليم المطلوبين في أية اتهامات أمنية الى السلطات القضائية، عوضا عن جعل حادث طلابي بسيط يحصل في كل الجامعات وحتى في الجامعة اللبنانية في الحدث، والتي تقع ضمن المربع الأمني للحزب ويحصل فيها الكثير من الاعتداءات على الطلاب على خلفيات سياسية، قضية تدخل البلاد في متاهة صراع جديد&bascii117ll;
ـ 'السفير'
هل الإسلاميون كذابون؟
رباب الحسن:
الأممية الإسلامية قادمة. الربيع العربي الذي حطّم أصنام الاستبداد، في عدد من الدول العربية، فتح الطريق واسعاً، لتقدم الإسلاميين الى السلطة برمتها، أو المشاركة الوازنة فيها. تحوَّل الإسلاميون في مواقفهم. طوَّروا نظرتهم إلى حدود الشريعة، ووسعوا رحابتها، حتى باتت تقول بالديموقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وتداول السلطة والانتخاب الحر.
هل نصدّق الإسلاميين؟ ما هو المعيار الذي به نحكم على تصريحاتهم ومواثيقهم وبياناتهم؟ هل نبصم على ما يقال أم نشك فيه أم نتهم الإسلاميين بالخبث والتلوُّن والرياء والنفاق، مستعيدين تاريخهم المتقلب بين العنف والمسالمة، وبين الدعة والتجبر، وبين الرحابة والتكفير، وبين الجاهلية والتنوير؟
لستُ ممن يبنون على الأقوال، ولست ممن يلغي هذه الأقوال، لأن معيار التبدل الكبير الذي طرأ على الإسلاميين في خطابهم السياسي، هو فعلهم السياسي. مع التمييز الضروري، بأن إسلاميي الصومال، وميولهم &laqascii117o;القاعدية"، تختلف عن إسلاميي ليبيا المتمتعين بسذاجة تشريعية تكاد تكون أقرب إلى العالم البدائي، (رغم ادعاءاتهم الديموقراطية واحترامهم لحقوق الإنسان). كما يختلف إسلاميو &laqascii117o;النهضة" في تونس، عن فروع الإخوان المسلمين في مصر وسوريا والخليج. فالإسلاميون ليسوا واحداً. وعليه فإن الحكم الجمعي على التعدد الكمي غير جائز.
وبانتظار الوقائع التي ستسفر عنها حركة ما بعد اندلاع &laqascii117o;الربيع العربي"، ودخول الإسلاميين سدة السلطة من بابها الانتخابي الديموقراطي، فإن الوقائع الماضية تؤكد على أن التغيُّر سمة الإسلاميين، لا بل ان تغيرهم وتبدلهم وتطورهم، تفوق على أحزاب عقائدية علمانية ويسارية تجمدت في الطقوس والمفاهيم، حتى طلقت الواقع وانحازت إلى جانب أحكام السلطات الاستبدادية العربية.
لقد دخلت الحداثة بنسب متفاوتة فرقاً إسلامية سياسية مختلفة. فكيف نفسر انخراط علمانيين ويساريين وليبراليين في حزب النهضة التونسي؟ كيف نفسر قبول هذا الحزب نساءً سافرات يترشحن على لوائحه ويفزن بالمراتب الأولى من نسب الأصوات؟ وكيف نفسر إقدام الأزهر وسواه على الاقتراب من قيم الحداثة، وتطويع الماضي الإسلامي ليصير متوافقاً مع منطق التفكير والفكرة، وليس منطق &laqascii117o;التكفير والهجرة".
هذا التبدل لا يعطي الإسلاميين شيكاً على بياض، وهم على وشك صياغة سياسات بديلة من سياسات أنظمة الاستبداد. أول امتحان لهم، هو في كيفية التعامل مع مسألتين مبدئيتين:
الأولى، دين الدولة. والثانية، مصدر التشريع. انطلاقاً من هذين المبدأين يمكن الحكم على مدى مواءمة &laqascii117o;ديموقراطيتهم" مع الديموقراطية المبنية على مبدأ المساواة، ومبدأ المواطنة التامة، مع ما يلزم ذلك من احترام الحرية والحرص عليها بحدود القيم الاجتماعية التي يفرزها الواقع، وليس بحدود الشرع التي تفرضها قراءة عمياء للنص الديني. وستبقى العيون شاخصة لمتابعة سلمية تحركهم وعدم لجوئهم إلى ممارسة الاستبداد، الذي إن مارسوه يفتح الطريق بسرعة لربيع مدني جديد مضاد للإسلاميين.
أما الاختبار الحاسم، فهو الموقف من العلمانيين. هل يتخطى الإسلاميون &laqascii117o;كذبة" الإلحاد العلماني ليقيموا علاقة طبيعية مع من يختلف معهم عقيدة وإيماناً وسلوكاً وطقوساً؟
هذه الاختبارات، أي الوقائع المستقبلية التي ستنتجها سياسات الإسلاميين الجدد، هي التي تفرض علينا الجواب عن السؤال: هل نصدقهم أم نكذبهم؟
سنلحق بهم إلى باب الدار... ونتمنى أن يكونوا صادقين.
ـ 'المستقبل'
في مسألة المقاومة وعروبة لبنان وموقعه في الصراع العربي ـ الإسرائيلي
سعود المولى:
1 ـ عن المقاومة: نظرة دينية ووضعية:
المقاومة ليست غاية في ذاتها كما يحلو لبعضهم تصويرها جهلا أو تطرفا... والإسلام هو الذي علمنا أن كل ما في هذا الكون حتى الدين نفسه وجد لأجل الإنسان وليس العكس... فالإنسان وكرامته وحريته هي أسمى غايات الدين ومقاصده. ذلك أن مقاصد الشريعة الواضحة والمتفق عليها بإجماع الفقهاء والمتشرعين من كل المذاهب هي ثلاثة أقسام: ضروريات وحاجيات وتحسينات، وقد حصروا الضروريات في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال - وبعضهم جعل النفس قبل الدين- وقالوا إن هذه الأمور الخمسة قد ثبتت لديهم بالاستقراء وليس من الإسلام وحده بل 'بالنظر إلى الواقع وعادات الملل والشرائع'.... وأما الحاجيات فهي كل ما قامت الحاجة إليه من اجل رفع الضيق والحرج والمشقة (الدين يسر لا عسر).. وأما التحسينات فهي في الأخذ بما يستحسنه العقل من العادات والمستجدات وتجنب ما يستقبحه منها، سواء في مجال الحاجيات أو الضروريات... وأضافوا إلى كل قسم من هذه الأقسام ما هو له كالتتمة والتكملة (تكميلات) وجعلوا الضروريات أصلا للحاجيات والتحسينات والتكميلات باعتبار أن 'مصالح الدين والدنيا مبنية على هذه الأمور الخمسة المذكورة' أي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال... كما اتفقوا على أن أحكام الشرع معللة بجلب المصالح ودرء المفاسد.. ويعترف العلماء والفقهاء أن مصالح العباد في الدين والدنيا صارت اليوم تشمل الحق في حرية الرأي والتعبير والعمل السياسي والديموقراطية في الحكم والسلطة والحق في العمل والمسكن وفي التعليم والصحة وفي الحياة الحرة الكريمة...
المقاومة هي إذن في شرع الإسلام والمسلمين أداة أو وسيلة في خدمة هدف أو أهداف الإنسان والمجتمع والأمة في الوحدة والحرية والكرامة والعدالة.. فلا يوجد عالم أو فقيه يقول لك إن المقاومة هي الأصل والمبدأ المطلق وان المجتمع أو الوطن أو الدولة أو مقاصد الشرع، هي فرع تابع أو لزوم مكمل لغرض المقاومة الذي يصير كالمطلق أزلي سرمدي وعلى مستوى العزة الإلهية (والعياذ بالله). ولم نقرأ أو نعرف لأحد من المسلمين رفعاً لشأن الجهاد إلى حد اعتباره بديل الدين أو أصل الأمة أو أساس المجتمع.. وكل ما عرفناه وقرأناه وتعلمناه ووعيناه وعرفه ومارسه قبلنا كل المسلمين هو أن الجهاد باب من الأبواب وانه مشروط بشروطه وأنه تحت إمرة الإمام العادل (عند الشيعة) أو الخليفة (عند أهل السنة) وأن الشرعي المقبول منه هو الجهاد الدفاعي أي المقاومة ضد احتلال أو ظلم وطغيان وأن هذا الجهاد له أبواب تفصيلية في فقه المسلمين وله شروط واعتبارات تقع كلها تحت مستوى مقاصد الشرع ومصالح العباد أو تحت مسمى الحرب العادلة... وفقهاء المسلمين، السني والشيعي والزيدي والخارجي والظاهري، الذين كان الورع والتقوى والعلم يمنعهم من الإفتاء مخافة الوقوع في الخطأ وتحمل مسؤولية الفتوى، كانوا أكثر ما دققوا وربطوا وعقدوا الفتاوى المتعلقة بالجهاد.... وكما في كل الشرائع السماوية، فان الإسلام أرسى الضوابط والحدود وحدد السلوكيات والأخلاقيات الواجب إتباعها إذا كان لا بد من الحرب... والحرب العادلة فقط وليس مطلق حرب (أي الجهاد الدفاعي والمقاومة).... . فليست الحرب بالمتعة أو العبادة (كما يقول البعض اليوم جاعلا من الإسلام دين حرب وسيف لا دين حق وعدل ومكارم الأخلاق)، بل هي آخر الدواء حين يكون ذلك مناسبا للمجتمع والأمة...
وفي الشرع السياسي الوضعي الدولي المقاومة هي كما قال كلاوزفيتز عن الحرب 'امتداد للسياسة بوسائل أخرى'.. هي وظيفة نضالية محددة محكومة بأسلوب وطريقة وبضوابط واطر، وبمرجعية سياسية واضحة من حيث حفظ المصالح وجلبها ودرء المفاسد وردعها.. وهي شرعية ومشروعة ضمن ضوابط وحدود المجتمع الدولي وقوانينه وأعرافه التي يعترف الإسلام بها كلها على قاعدة الوفاء بالعهود التي نوقعها وندخل ضمنها (إن العهد كان مسؤولا)... وفي المعنى الوطني، السياسي الوضعي، فان المقاومة، أية مقاومة، هي حركة سياسية مسلحة ترتبط بإطار ناظم شامل وعميق هو ميثاق البلاد ودستورها وما اتفق عليه أهلها من نظام حكم ومؤسسات، وما تعاهدوا عليه من أهداف عليا وغايات.. وإلا تحولت المقاومة إلى ميليشيا والى حب السلاح... وإذا كانت الميليشيا وصفاً للقوى الشعبية المسلحة غير النظامية في تجارب العديد من الشعوب وعلى رأسها الشعب الأميركي نفسه خلال حرب الاستقلال، أو التجربة الفرنسية أو السويسرية أو الأوروبية عموما في حرب الأنصار والمقاومة ضد النازية والفاشية، إلا أنها بعد قيام الدولة المستقلة تفقد ضرورة وجودها، إذ يصير من الواجب الديني والوطني انضواء المقاومة تحت راية الدولة والنظام وإلا صارت قوة فئوية خارج الدولة وفوق الدستور وفي مواجهة مع مصالح الناس وأمنها واستقرارها، وتلك من الضرورات الشرعية الواجب حفظها والتفكير فيها أولا.. أي قبل أي شيء آخر... وبها تقاس الأمور وليس عكس ذلك...
أما من حيث احتكار 'حزب الله' لمشروع المقاومة فقد كان موقف الشيخ محمد مهدي شمس الدين قاطعاً حازماً أعلنه في كل المناسبات ومن على أعلى المنابر.. فالمقاومة 'نهضت تحت سقف مشروع الإمام الصدر والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المشروع الوطني الإسلامي الإنساني لبناء الدولة والمجتمع في لبنان وعلى ثوابت الكيان اللبناني ومسلّماته.. والمقاومة نمت في ظل هذا المشروع، فهي مقاومة الشعب اللبناني، كل الشعب اللبناني، لا فئة واحدة منه، وكل المناطق اللبنانية، لا منطقة واحدة منها، وهي مقاومة الدولة والمجتمع والجيش والأهالي والأحزاب.. وكل ذلك تحت سقف، وفي ظل، المشروع الوطني الذي هو الحصن والحضن والمرجع والمآل... إن المقاومة ليست غاية بحد ذاتها، وليست مشروعاً خاصاً بحد ذاته، ناهيك عن أن تكون حزباً أو فئة خاصة خارج مشروع الدولة والمجتمع في لبنان.. المقاومة أداة ضغط سياسية لها غاية تحرير لا غير، ووظيفتها أن تخدم هدف التحرير الذي يقوم به المجتمع بجميع مؤسّساته السياسيّة والأهليّة.. إنّ هذه الرؤية هي الرؤية الوطنيّة الحقيقيّة للمقاومة'.
2 ـ عن عروبة لبنان
إن عروبة لبنان لا تخرج، ولا يمكن أن تخرج، عمّا جرى على العروبة، من حيث هي عنوان حضاري يجمع لا شعار سياسي يفرق - ما جرى عليها، خلال العقود الماضية، من استئناف نظر في مفرداتها، ومن إعادة تعريف لآفاقها؛ ولعل أنضج تعبير، ليومنا هذا، عن تلك المراجعات لمفهوم العروبة ما ورد في 'إعلان الرياض' في ختام القمة العربية التاسعة عشرة في آذار 2007، من أن 'العروبة ليست مفهوماً عرقياً عنصرياً، بل هي هوية ثقافية موحِدّة تلعب اللغةُ العربية دورَ المعبّر عنها والحافظِ لتراثها. وهي إطارٌ حضاري مشترك قائم على القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية'. ومن نافل القول أيضاً أن عروبة لبنان، استئناساً بنص إعلان الرياض، لا يمكن أن تقوم إلا على 'ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح، وعلى رفض كل أشكال الإرهاب والغلوّ والتطرف وجميع التوجهات العنصرية الإقصائية (...)'. هو كذلك ولو أنه لا ضائر من التذكير بأن لبنان، في سيرته المعلومة لدى الجميع، لا يحتاج إلى دروسٍ لا في الوطنية ولا في العروبة.
3 ـ عن الصراع العربي ـ الإسرائيلي
إن لبنان، بحكم التاريخ والجغرافيا، وبإرادة التزامه بموجبات التضامن العربي وبمبادىء الحق الإنساني، كان وما يزال في صميم الصراع العربي - الإسرائيلي. بيد أن مكانه هذا لا ينبغي له أن يرتب عليه ما يزيد على المقدار المنصف من التزامه في إطار التكليف العربي: له ما للعرب وعليه ما عليهم ضمن رؤية عربية واحدة. وقد وقف لبنان، وهو يقف اليوم، مع شعب فلسطين وسلطته الوطنية، في ما تختاره من سياسات، مؤداها التوصل إلى إقامة دولة حرة سيدة قابلة للحياة وعاصمتها القدس، مع التمسك بازالة المستوطنات وجدار الفصل العنصري، وبحق العودة وفق القرار الدولي 194. من ثم فإن نصيب لبنان من مكابدة ذلك النزاع، ومعالجته، محكومٌ، خصوصاً بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000، وبعد حرب تموز 2006، بأن يكال بمكيال الاستراتيجية العربية الموحدة التي تبلورت في مبادرة السلام العربية التي أعلن عنها خلال قمّةِ بيروت 2002، والتي توثقت في قمّةِ الرياض 2007.
'إما أن توضع استراتيجيّة عربيّة كاملة لتحمّل أعباء قضية فلسطين، ويكون لبنان والجنوب جزءاً منها، وإلا فلا يمكن أن نوافق أبداً على أن يكون الجنوب أرضاً محتلة.. ونحن سنكون أول المجاهدين وأول الشهداء إذا كانت هناك خطّة عربيّة شاملة.. أما إذا لم تكن هناك خطة، وتكون هناك مزايدات وعنتريات وتناقض وتمزّق عربي، فلمصلحة مَنّ يضيع الجنوب؟' (شمس الدين).
'نحن في لبنان محكومون بثلاث معادلات، المعادلة الوطنيّة: الإسرائيليون يحتلون أراضي لبنانية، والمعادلة القوميّة أو العربيّة: الإسرائيليون يحتلون فلسطين العربيّة والجولان.. والمعادلة الإسلامية: هم يحتلون بلاداً إسلامية وشرّدوا شعبها وينتهكون مقدسات إسلاميّة.. المقاومة تخدم المعادلات الثلاث.. فكوننا لبنانيين نقاوم، وكوننا عرباً نقاوم، وكوننا مسلمين نقاوم، وإن كنا نفضّل أن لا يكون للمقاومة في لبنان هوية دينيّة.. وإذا تمّ انسحاب إسرائيل إلى ما وراء الحدود الدوليّة مع فلسطين من دون شرط.. ووفقاً للقرار الدولي 425. إذا تم ذلك لا يعود عندنا في لبنان معادلة وطنية.. تتوقف المقاومة.. ولكن هذا لا يعني اعترافاً بشرعية الكيان الإسرائيلي من الناحية القوميّة ومن الناحية الدينيّة.. هذا الكيان غير شرعي ومقاومته مشروعة بل واجبة.. ولكن نحن بعض العرب في لبنان، وبعض المسلمين في لبنان.. ولا يمكن أن نأخذ على عاتقنا تنفيذ قرار عربي على المستوى القومي، أو إسلامي على مستوى الأمّة الإسلاميّة، وحدَنا.. ومن هنا لا يمكن أن نستمر في المقاومة باعتبارها قومية عربية أو مقاومة الأمة الإسلامية.. وما لم يكن هناك قرار عربي أو إسلامي قابل للتنفيذ، لا يقتصر على مجرّد الشعار السياسي، فنحن جزء منه، وإلا فإن قدرتنا على المقاومة تتوقف عند حدود الانسحاب الإسرائيلي من أرضنا..' (شمس الدين).