قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 9/11/2011

ـ 'السفير'
فورين بوليسي: 5 أسباب تجعل الضربة العسكرية علـى إيـران &laqascii117o;تهـوّراً كارثيـاً"

لم يغب النقاش عن ضربة عسكرية إسرائيلية ـ أميركية محتملة لإيران حتى نقول إنه احتدم من جديد، لكنه اكتسب هذه المرّة طابعاً مختلفاً، مع التسريبات الأخيرة حول مضمون تقرير وكالة الطاقة الذرية.. إذ تؤكد التسريبات على توفّر الأدلة &laqascii117o;الدامغة" حول اقتراب الأخيرة من امتلاك السلاح النووي. ومرة أخرى، شهدت وسائل الإعلام، الغربية تحديداً، &laqascii117o;غزواً" لسؤال محدّد وصريح: هل سيكون هناك ضربة أميركية وإسرائيلية لإيران في المستقبل القريب؟
ما يزيد طين التهديد بلّة، هو أن تاريخ إسرائيل السابق يؤكد على أنها ستستغل نتائج التقرير المقبل لتحفيز المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهد لعزل إيران، وتحذيره من مغبّة عدم تحركه في هذا الإطار والنتائج الكارثية التي تترتب عن الاستخفاف بالخطر الإيراني. ثم ستتجه في المرحلة الثانية إلى الدفع باتجاه ضربة عسكرية، لن تجد أميركا مفراً من الاستجابة لها.
ولكن مهلاً، قبل الدخول في هذه المغامرة المتهورة، إليكم خمسة أسباب تؤكد على ضرورة ألا تبرح الطائرات والصواريخ الأميركية والإسرائيلية مكانها.

1- لن تحقّق الضربة أهدافها: ضرب المواقع النووية الإيرانية يشبه إلى حدّ بعيد عمليّة جزّ العشب. إن لم تتمكن الضربات الجويّة من أن تشلّ القدرة الإيرانية على إنتاج المواد الانشطارية، فإن العشب سينمو مرة أخرى. وليس هناك من ضربة، أو حتى سلسلة من الضربات، يمكنها تحقيق هذا الهدف. السرية التي بنت بها إيران ترسانتها النووية، كما صلابة هذه الترسانة وقوتها.. كلها أمور تقف عائقاً في وجه إنجاز ضربة ناجحة. وفي أفضل الأحوال، حتى لو نجحت الضربة في شلّ البرنامج النووي لسنتين أو ثلاث، فإن الأخير سيكتسب شرعيّة الانطلاق من جديد، عربياً ودولياً، بعد تعرّض إيران لتهديد القوى الخارجية. أما السيناريو الأسوأ، فهو ألا تحقق الضربة أهدافها، فيصبح العشب بحاجة إلى عملية جزّ دورية تُقحم المنطقة في صراع مستمر خلال السنوات المقبلة.
2- لن يستطيع أحد منع إيران من امتلاك سلاح نووي: سوى إيران. فحقيقة أن الهند وباكستان وكوريا الشمالية، وحتى إسرائيل، قد نجحت في تطوير السلاح النووي في سرية تامة تثبت ذلك.
في الحقيقة، يذهب حرمان إيران من سلاحها النووي إلى أبعد بكثير من مجرّد سرقة &laqascii117o;ألعابها"، ذلك أن خسارة هذا البرنامج تعني تغيّر الحسابات السياسية والأمنية لدى قوة تقدّم نفسها تاريخياً كأمة عظيمة. ما سبق يؤكد أن ضربة إسرائيل العسكرية لإيران قد تذهب في الاتجاه المعاكس. فهي قد تضفي المزيد من الشرعيّة على الطموحات الإيرانيّة، لا سيّما إذا سجّل الهجوم سقوط العديد من الضحايا المدنيين. كما سيصبح الإسرائيليون هدفاً مثالياً لجهود الدعاية الإيرانية التي ستعمّ العالم العربي، والتي ستفوز لا شكّ بقدر كبير من التعاطف.
3- هناك تكاليف باهظة ستدفعها الولايات المتحدة: عندما ينخرط بلد ما في مشاريع خطيرة وغير مضمونة النتائج، هناك سؤالان لا بدّ من طرحهما، الأول: هل سينجح ذلك؟ أما الثاني: ما هي التكلفة؟
دعونا نشدّد على ما قد تعود به الضربة العسكرية الإسرائيلية من تبعات على الاقتصاد الأميركي الذي يعاني من حالة ركود مستفحلة. فلو نجح الإيرانيون في عرقلة حركة الملاحة في مضيق هرمز بصورة موقتة، فإن أسعار النفط سترتفع بشكل خيالي، كما ستجرّ خراباً في العديد من الأسواق العالمية وتقضي على الانتعاش الهشّ الذي يعيشه الاقتصاد الأميركي. هذه الشكوك الماليّة والاقتصادية العالميّة قد تصبح حقيقة كارثيّة بكل ما للكلمة من معنى. في الوقت نفسه، لن يتردّد الإيرانيون في زيادة وتيرة التهديد ضد القوات الأميركية المتبقية في العراق وفي أفغانستان، والدفع باتجاه زعزعة الوضع الأمني الهش في كل من البلدين. قد تكون القدرة الإيرانية على ضرب أميركا بشكل مباشر محدودة للغاية، لكن هذه القدرة تُصنّف هائلة في إطار امتلاكها لاستراتيجيات ناجحة في شن حرب سرية ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية في الشرق الأوسط.
4- الضربة العسكرية ستضفي على إيران الشرعيّة في المنطقة: عندما جهدت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش في منع إسرائيل من الردّ على الغزو العراقي للكويت، كان منطقها مقنعاً للغاية: آخر شيء ينقصنا في خضم تحدي الرئيس العراقي صدام حسين للمجتمع الدولي هو أن يتحول غزوه للكويت إلى صراع عربي – إسرائيلي. الشيء نفسه ينطبق هنا. ويمكن لأي هجوم إسرائيلي أن يقوّض كل العمل الجيّد الذي استطاعت أميركا إنجازه في أعقاب الثورات العربيّة. صحيح أن العديد من قادة الخليج سيرحّبون بخطوة مماثلة، لكن الشارع العربي سينظر إليها حتماً من منظار العدائية الإسرائيلية وازدواجيّة المعايير الأميركية.
5- حتى لو كانت الضربة إسرائيلية، ستكون أميركا بالضرورة جزءاً منها: يستحيل ألا تجرّ الضربة الإسرائيلية على إيران ردود فعل انتقامية ستهدّد بطبيعة الحال المصالح الأميركية. من المسلّم جدلاً، أن إيران ستفترض أن إسرائيل لم تتحرك وحدها، واستهدافها هو فعل حربي بتخطيط أميركي وتنفيذ إسرائيلي. أما وسائل الردّ الإيرانية على أميركا فستكون عديدة وقاسية، وإن كان أولها إغلاق مضيق هرمز، فلن يكون آخرها تعزيز الهجمات على السفارات والمنشآت الأميركية بالوكالة، كما توسيع جبهة الحرب كي ينخرط فيها حزب الله وحماس كذلك.
ولا ننسى أن الولايات المتحدة متورطة اليوم في حربين على بلدين مسلمين، ولنكن واضحين: آخر ما تحتاجه الإدارة الأميركية هو الدخول في حرب ثالثة مع بلد مسلم قوي لن يتردّد أبداً في توجيه الضربات القاتلة إلى أميركا.


ـ 'اللواء'
الثورة السورية لا تستطيع الإنتظار
رضوان السيّد:

ما كانت ردّة فعل المجلس الوطني السوري على المبادرة العربية موافقةً ولا متفهمة&bascii117ll; وقد كان البعض ينتظر أن يحاول المعارضون تكتيكياً على الأقلّ التظاهُر بقبول المبادرة لكي يستطيعوا تحميل النظام عواقب الفشل كما حصل بالفعل&bascii117ll; ثم إن المبادرة العربية مهمّة لجهة أنها تخلُقُ مظلّةً للسوريين وللعرب الآخرين، بدلاً من الاستظلال بتركيا أو بفرنسا أو بالولايات المتحدة&bascii117ll; فعندما يحضُرُ العرب يُحمى الشعب السوري من مخاطر النزاع الداخلي أو الإقليمي، و من مخاطر التدويل&bascii117ll; ثم إن السبيل يصبح مفتوحاً لتصوّر المرحلة الانتقالية التي ترافق سقوط النظام أو تحوّله&bascii117ll; إنما الذي حصل أن المعارضة اعتبرت المبادرة العربية متأخّرةً وغير حاسمة&bascii117ll; لكن النظام ما استفاد منها أيضاً، بحيث صار السؤال: لماذا قبل أصلاً؟ فهو لم يتخذ منها فرصة لمهادنة شعبه على سبيل المثال، كما أنه ما استغلّها للإيهام بقبول التحوّل السلمي من طريق تخفيف العنف لأيام قليلة!
لقد استمرّت المذابح، واستمرّت معها بالرغم منها التظاهرات وأعمال الاحتجاج الصاخبة، وتكرّرت ردّات فعل الأميركيين والأوروبيين السلبية والمهدِّدة بزيادة العقوبات، وردّات فعل الأتراك المهدِّدة بالمجهول&bascii117ll; ثم جاء استنكار الجامعة العربية ودعوتها لاجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة الشأن السوري خلال أيام قليلة، والمنتظر أن تمضي الجامعة العربية بعدة اتجاهات: الإعلان عن سحب المبادرة لأن النظام السوري لم يفِ بوعوده، أو المضيّ قُدماً بتعليق عضوية سوريا بالجامعة والانتظار أسابيع للاعتراف بالمجلس الوطني بديلاً، أو الدعوة لفرض عقوبات على النظام والاتجاه إلى مجلس الأمن للمطالبة بحماية الشعب السوري&bascii117ll;&bascii117ll; الخ&bascii117ll;
إن المهمّ الآن الوصول إلى يقين أن الشعب السوري ما عاد يستطيع الانتظار وسط المذابح والدمار، وأنه ما عاد التردّد ممكناً أو يقع التسليم بحقّ النظام السوري في أن يفعل بشعبه ما يشاء بحجة السيادة وعدم التدخّل في الشأن الداخلي&bascii117ll; وإذا كان الأميركيون والأوروبيون يستطيعون الانتظار مع استمرار الاستنكار، فإن العرب شعوباً وحكومات ما عادوا يستطيعون ذلك أو لا تبقي فائدة من الاجتماع بالجامعة أو بدونها&bascii117ll; لقد انتهت فترة الانتظار لنضج هذا الأمر أو ذاك، إذ أن النضج هذا كان على حساب الدم السوري، وكرامة الإنسان وحرياته


ـ 'الأخبار'
الحريري وتويتر: سلطة افتراضية لشيخ مأزوم
رضوان السيّد:

الحوار الإلكتروني لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري له فوائد كثيرة. أولاها أن الرجل خرج من عزلته ولو قليلاً. ربما أتاح له هذا التواصل الخروج افتراضياً من سجنه الطوعي. وربما أعاده، ولو على سبيل التخيل، الى مواجهة آلاف من أنصار وخصوم يتجمعون لقراءة ما يقول بدل سماعه. وفي هذه الحالة الجديدة من التواصل بين الشيخ المأزوم والآخرين، ما يعفيه من ارتباكات الخطابة. وهذا يهوّن على أنصاره الدفاع عنه، كما لا يعطي خصومه حجة لتجاهل بعض ما يقول، لكن الخشية، كل الخشية، أن يتعود أخونا هذه الطريقة في التواصل، فنكون عندها أمام تيار افتراضي وأمام جمهور افتراضي وأمام حشد افتراضي وأمام خطاب افتراضي. وساعتها، لن يكون بوسع سعد التوقف للحظات لسماع التصفيق والصفير أو عبارات الثناء، بل سيفترض أنها حاصلة، وخصوصاً أن التواصل الإلكتروني يتيح آليات عدة لإبداء الثناء من خلال ابتسامة، أو النكاية من خلال مج اللسان، او الاحتجاج من خلال وجه عابس. كلها وسائل نعرفها منذ الصغر، ونحتاج إليها على ما يبدو كي لا نشعر بالكبر. وفي الحالتين، سيكون سعد سعيداً ويسعد الآخرين اذا ما اكتفى بهذه الآلية من التواصل حشداً أو تحريضاً أو انتقاماً أو نقداً لكل الآخرين من حوله.
والجلوس قبالة الحاسوب يستهلك وقتاً طويلاً. يقول بحاثة بريطانيون إن إدمان الألعاب الإلكترونية، أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بات اكثر صعوبة من إدمان المخدرات، وإن العلاج يقتضي خطوات لا يمكن تحقيقها بصورة تامة، إذ لا يمكنك منع الآخرين في المنزل او العمل من استخدام الحواسيب، ولا يمكنك إجبار المدمن على منع استخدام حاسوبه. ولا يمكنك اعتبار الإنترنت وسيلة مضرة، فتعمد الى حرمان مجموعة او أفراد إياها. ما يعني أن العلاج من هذه الآفة، يتطلب عملية عزل طويلة. وبعدها، سوف تراهن على أن الشخص نفسه، قد كره هذا النمط من التواصل، وأصر على تغييره، لكنه سيكون عرضة حيث يكون، في المنزل او العمل او المقهى او الحديقة او الجامعة او أي مكان آخر، لمواجهة اختبار العودة الى ما أدمنه سابقاً.
في حالة الشيخ سعد الأمر يسير. باعتبار أن الرجل أبلغنا هوايات بعضها يتطلب الابتعاد عن الحاسوب. مثل الغوص، أو ركوب الدراجات النارية. أما في حالة الطبخ، فهو يقدر على القيام بالأمرين معاً. وهذه حال عدد كبير من محترفي الطبخ الذين يقومون بأعمالهم ويقدمون نصائح أو دروساً إلى هواة أو محتاجين من خلال المخاطبة عبر هذه الوسائل، علماً أن منطق الأمور يشير الى أن الشيخ سعد، مأخوذ هذه الأيام بطريقة مواجهة أزمته المهنية الأصلية، حيث يواجه أقسى أزمة مالية عرفها منذ ولادته. وبعدما باع ما باع من مؤسسات تدر له الأموال الكثيرة، اضطر الى توزيع ما عاد إليه على مشروعات عدة، بينها سداد قسم من ديونه. ووضع بعضها في خدمة استثمارات كبيرة، لكنها متوسطة الأجل داخل المملكة العربية السعودية. وبعضها الثالث وضعه في مشاريع خاصة بقصد أن يعالج له مشكلة السيولة المتوقفة منذ وقت، لكن الحريري في هذه الحالة، تعلّم أمراً مهماً، هو أن ترك الأعمال للآخرين، حتى للأقرباء او المساعدين المقربين، لم يعد أمراً محبباً، إذ أظهرت التدقيقات التي أجرتها جهات متخصصة في مالية &laqascii117o;سعودي أوجيه" أن الفساد والتلاعب جاءا من الأقربين، لا من الأبعدين. ولأن الحريري قرر ـــــ ليس معلوماً السبب الحقيقي ـــــ الامتناع عن مقاضاة ناهبيه، فهو لجأ الى الطريقة البدوية في طلب استعادة بعض ماله، وسامح من لم يكن بمقدوره أن يلزمه إعادة ما سرقه او حصل عليه بالاحتيال وباستخدام النفوذ. وفي الحالتين، لم يعط الشيخ الشاب أيّ إشارة جدية إلى تغييرات كبيرة في آليات عمل مؤسساته. ولو أن مناخ الاستنفار قائم فيها منذ وصوله الى السعودية لمواجهة الأزمة الأبرز. وهو ما يجعل السعوديين، من أفراد العائلة المالكة الى رجال أعمال ونظراء له الى عامة يظهرون أكثر من أي وقت مضى علامات الاستياء، ويتندرون بحكايات أبرزها ما يفرق بين الرجل وأبيه. ثم إنه يواجه الآن رواسب الأزمة الشخصية مع عائلة ولي العهد الجديد نايف. وثمة شكوك كبيرة عند مساعدين لسعد، في أن يكون نايف قد قرر ألا يتيح للشيخ ما كان متاحاً له سابقاً. فكيف سيكون عليه الأمر إن تولى نايف إدارة البلاد كما كانت حال الملك عبد الله يوم كان ولي عهد الملك السابق فهد، في مرحلة عجز فيها الأخير عن الحكم؟
النتائج الأولية تقول إن سعد لا يملك الآن الادعاء بأنه مستعد للعودة الى أداء الدور السياسي نفسه في لبنان. وعملية حرق الجسور بينه وبين النظام السوري تثبت استحالة عودته الا في ظل متغيرات كبيرة جداً، من بينها تراجع نفوذ سوريا في لبنان. وبالتالي، فإن الحريري الذي لا يعرف كيف يعيد التماسك الى صفوف أنصاره، يتكل حتى إشعار آخر، على أن الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، وعرب أميركا بزعامة السعودية، لم يقرروا بعد اعتماد غيره ناطقاً باسمهم في لبنان. ثم إن خصومه أو منافسيه في لبنان على زعامة الغالبية السنية، لم يقدموا على الخطوات التي تدفعه الى خوض اختبار حقيقي. وبانتظار ما يأتي من الله، فإن &laqascii117o;تويتر" سيكون الصديق المفضل لشيخ المستقبل!


ـ 'الأخبار'
هوايات خطرة
فداء عيتاني:
 
أضاف رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى هوايات رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، هواية أخرى: السياسة. وهي من أخطر الهوايات على صحة الحريري الشاب، رغم أنه من محبي المغامرات كالغطس والدراجات النارية وغيرها. لا مزاح في كلام بري، وإنما خبث صريح، فهاوي السياسة سعد الحريري لا يفقه تماماً ما الذي يقوله، برأي بري. هو يتحدث عن سقوط النظام السوري، ويطلق موقفاً مؤيداً للثورة السورية. وعلى الخط نفسه، يعلن كلمة السر في دعم تيار المستقبل للثورة عبر إقامة مخيمات لجوء في لبنان، ومن المنهل نفسه، يعلن أنه وتياره (وربما يعني كل قوى 14 آذار) لن يجددوا انتخاب بري في الدورة المقبلة لمجلس النواب.
نسي الحريري ربما أن هواياته الخطرة سبق أن كلفته تدمير القوة العسكرية (التي ينفي دائماً وجودها) في السابع من أيار. مغامرات السياسة التي تنتهي بإعلان الانقلاب على التفاهمات الطائفية الكبرى (كاتفاق الطائف) والموقعة بالدول الراعية للطوائف أو برعايتها لا يمكن قلبها بقليل من شركات الأمن. تلك مغامرات لا تشبه التصدي لإسرائيل في عام 2006، مغامرات الحريري خطرة عادة ولا تبنى على فهم للأسف.
فإن كان هذه المرة سعد الحريري يعي ما يقوله على غير عاداته السابقة، وإن كان يعتبر نفسه أخطأ حين لم يواصل مسيرته الى قصر بعبدا حين كان إميل لحود في القصر، ونصح حينها إلياس عطا الله كل ممثلي طوائف 14 آذار بعدم التوقف قبل إسقاط القصر الجمهوري، فهو بعد أعوام قليلة سيخبرنا عن سلسلة جديدة من الأخطاء، منها على سبيل المثال أن الدول المحمية بتوازنات إقليمية (كلبنان أولاً وأخيراً) لا يمكنه أن يمد يده الى داخل دولة إقليمية من دون أن يحرقها، ويحرق نفسه. والعكس هنا ليس صحيحاً، فالدول الإقليمية يمكنها أن تعبث ما شاءت بدول صغيرة ولا تجد الكثير من مبررات الوجود، وفق تقاطعات مصالح تبدأ من موافقة إسرائيلية ضمنية ولا تنتهي بعدم اكتراث أو ترحيب أميركي أو دعم سوفياتي (روسي).

كان يفضل لو راجع سعد الحريري دور طائفته في التقاسم المذهبي في البلاد، فالسنّة قد خسروا في الحرب الأهلية منذ عام 1982، وأعطي لهم ما أعطي في الطائف بصفتهم ممثلين لتقاطع دولي، والباقي حصل عليه شخص رفيق الحريري بصفته وزير خارجية سوريا، وخادمها الأمين. وحين تغيّرت المعطيات، حصل السنّة على رئاسة حكومة معطلة، بينما الطوائف الأخرى المنتصرة تابعت الحصول على مكاسبها بصورة طبيعية. الشلل دائماً في رئاسة الحكومة. الصراع دائماً على صلاحيات رئيس الحكومة. ثمة تركة لمجموعة طائفية خاسرة، الكل يحاول سحبها لمصلحته، وطالما أن التجاذب يكاد يتعادل فهي تبقى مؤقتاً بيد طائفة الحريري، لكن من دون كبير فاعلية.
أما فتح أبواب الرهان على انهيار النظام السوري، فتلك هواية أخرى، قلة في لبنان يجيدون الرهان على الرقم الصحيح. سبق لوليد جنبلاط أن لعب رهاناً في نهايات عام 2004 وخسره. والآن على الحريري أن يسمع من جنبلاط الكثير من النصائح. طاولات الرهان غير صالحة لمن هم دون السنّ، ولا يملكون الخبرة، ولا يعرفون متى يتراجعون.
لا الرهان على سقوط النظام السوري هو رهان كامل، فعلى الحريري أن يفكر بأي مستقبل ستكون عليه سوريا في الغد، وأي مجموعات سياسية ستحكمها، وهل سينتصر التيار الليبرالي السلفي؟ أم الإخواني التكفيري؟ أم سيأتي ساركوزي ليهدي النصر على النظام السوري الى سعد الحريري شخصياً؟ وإذا ما انتصر الثوار الوطنيون في سوريا، فهل سيرغبون برئيس حكومة على نسق فؤاد السنيورة، ووزير داخلية بالوكالة على نسق أحمد فتفت ومفتٍ وقاضي شرع وجلاد كخالد الضاهر؟ ويطوّبون سعد الحريري مستثمراً فوق العادة، ونصف ثورتهم سببها أشباه هؤلاء من أبناء نظامهم؟ الكثير من هوايات الحريري خطرة، وهي كما يبدو تزداد خطورة، ومن شأن تعديلات كالتي يتمناها أن تعيد البلاد الى حالات من اللاتوازن. وهذه الحالة عادة ما توصل بلاد أبنائها مخلصين لطائفيتهم الى حروب أهلية يسعى كل طرف الى إثبات قوته في مقابل الأطراف الأخرى، ولو بالاستعانة بالقوات الأطلسية أو الإسرائيلية، لا فرق. المهم أن يثبت كل مواطن موقع طائفته في النظام، ويراها منتصرة فيشعر بمكانته ولو جاع مع أولاده في ظل حكم الطائفة المنتصرة بتحالفات خارجية تبرر لاحقاً بألف حجة وحجة.
يعلم الحريري الشاب هاوي الغطس أن الإسراع في الصعود من أعماق الماء الى السطح قد يصيبه بالشلل، لكن الإسراع في الرهان يطيح الثروات، ورهانات المفلسين تؤدي الى رهن بيوتهم، وربما عائلاتهم. حاشاكم الميسر


ـ 'النهار'
الحرب على إيران حرب على لبنان
عبد الوهاب بدرخان:

لا يمضي يوم على لبنان من دون سجال عصبي وممل حول 'حوار وطني' انقطع منذ زمن وتتعذر إعادة وصله. أولاً، لأن جولاته الأخيرة انعقدت تحت سقف حظر البحث في السلاح غير الشرعي. ثانياً، لأن الشأن 'الوطني' فيه وضع تحت سقف المصالح السورية والايرانية التي يعتبرها فريق من اللبنانيين – ومن الدولة والجيش – متقدمة على المصلحة الوطنية اللبنانية. وثالثاً، لأن اطراف الحكم والحكومة التي تدّعي الحياد أطاحت وسطيتها وخضعت للترهيب السوري – والايراني، وللأمر الواقع الذي فرضه، ولم تعد مؤهلة لقيادة اي حوار... وما دام الجميع يعرف ان البلد يعيش وضعاً شاذاً، وان الارادة الوطنية مغيبة او مصادرة، فلا داعي لحوار هدفه تجميل هذا الوضع أو تطبيعه.
اذا كانت التوافقات التي أقرّت سابقاً في الحوار، ومنها التزام المحكمة الدولية الخاصة بالاغتيالات السياسية، قد نقضت، فلماذا الحوار؟ واذا كان الاتفاق على ترسيم الحدود وضبط السلاح الفلسطيني خارج المخيمات قد نسي وجرى تمييعه – لأنه يتعلق بارادة النظام السوري – فعلامَ الحوار؟ واذا كان فريق سياسي يريد ان يحكم بقوة السلاح، وبهذا السلاح أيضاً يعبث بالأكثرية والأقلية، وليس مستعداً لأي بحث في قانونية هذا السلاح وشرعيته، فكيف يكون حوار؟ واذا لم يستطع وليد جنبلاط، او سواه، مقاربة الأزمة السورية من دون ان يتعرض لردود أقرب الى التهديد منها الى مقارعة الحجة بالحجة، فعن أي حوار نتحدث؟

بلى، هناك حاجة الى الحوار. لكن الحوار الحقيقي المطلوب لا يقدر اي مسؤول أن يدعو اليه، لا رئيس الجمهورية بطوباويته، ولا رئيس المجلس بحنكته المنحازة، ولا رئيس الحكومة بكلامولوجيته الزئبقية. إنه حوار لتحديد مصلحة البلد خارج الاستقطابين السوري والايراني، لأن هذين النظامين لم يعودا ينتميان للمستقبل، وليس للبنان ان يرهن مستقبله بفجورهما وتوحشهما وتهورهما. اذا كان للحكم والحكومة، ولقوى الأكثرية والأقلية، ان يتحلّوا بالمسؤولية والجدية، فما عليهم سوى أن يفتحوا هذا الملف، على قاعدة الوطنية. اذ ان الواجب الملح هو توضيح الحد الفاصل بين خدمة مصالح الآخرين وخدمة مصلحة اللبنانيين.
مع تصاعد الحديث عن حرب على ايران، لا بدّ ان يتنبه الجميع الى أن الأمر يتعلق أيضاً، وخصوصاً، بحرب على لبنان. فالضربة الاسرائيلية الاولى لايران، اذا حصلت تعقبها الضربة الأولى من'حزب الله' على اسرائيل. هل من توافق لبناني على أن يكون البلد خط دفاع أول عن ايران، أم ان المغلوبين على أمرهم في الحكم والحكومة ارتضوا هذه الوظيفة للبنان وأخفوا ذلك عن الشعب؟
ومع تكرار الانتهاكات والاعتداءات على مواطنين سوريين في لبنان، وتكريس التواطؤ الرسمي مع النظام السوري، سمعنا إقراراً من رئيس الحكومة ما لبث ان حوّله تبرؤاً مما حصل قبل أن يتبوأ منصبه، وماذا عن حوادث حصلت خلال حكمه. انه لا يدري. سمعنا ايضاً تبريرات مردّها الى اتفاقات ومعاهدات مع سوريا ولا تنفذ إلا من جانب واحد. أي حوار جدي وسؤال ينبغي ان يعيد النظر في هذه الاتفاقات أو يجمد العمل بها.


ـ 'النهار'
هل ترتكب إيران خطأ قاتلاً مع أميركا؟
سركيس نعوم:

الذين يتابعون مواقف عدد من المسؤولين في اسرائيل والنشاطات 'التدريبية والتجريبية' التي تقوم بها مؤسستها العسكرية يستنتجون امراً واحداً  هو ان المواجهة العسكرية بين الدولة المذكورة وايران لم تعد بعيدة. بل يستنتجون ان اسرائيل على اهبة اتخاذ قرار بتوجيه ضربة عسكرية الى المنشآت النووية الايرانية. والذين يتابعون ردود الفعل الايرانية على المواقف والنشاطات المشار اليها يستنتجون امرين. الأول، ان النظام الاسلامي الايراني لا يزال في غير وارد شن حرب عسكرية رسمية على اسرائيل لاعتبارات متنوعة قد يكون ابرزها ادراكه ان نجاحه صعب نظراً الى الترسانة العسكرية الاسرائيلية الضخمة من تقليدية وغير تقليدية، وكذلك نظراً الى اقتناعه بأن أميركا لن تتفرج على مواجهة كهذه وخصوصاً اذا بدا لها انها ستكون مكلفة لاسرائيل ومؤذية للمصالح الاميركية. أما الأمر الثاني فهو استمرار تمسّك النظام في طهران بسياسة المواجهة السياسية المباشرة مع اسرائيل واميركا. أما المواجهة العسكرية فإنها لا تزال غير مباشرة. والسبب وراء ذلك هو الحرص على تحقيق المكاسب من دون كسر الجرة مع اميركا، و'اقناع' الأخيرة بضرورة الاعتراف بوزن ايران الكبير في المنطقة وبدورها وبضرورة اعتبارها قوة اقليمية عظمى.

هل تسمح اميركا لاسرائيل بتنفيذ ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية؟ وهل تُقرِّر اميركا توجيه ضربة عسكرية قاصمة الى ايران؟ أم هل تقرر هاتان الدولتان تنفيذ عمل عسكري مشترك ضد ايران؟
الاجوبة الجازمة عن اسئلة كهذه ليست متيسِّرة  لغياب معلومات دقيقة عن مواقف واشنطن وتل ابيب ولاقتناع مصادر ديبلوماسية غربية مطلعة بأن اسرائيل، وعلى رغم التعبئة التي تقوم بها لم تتخذ  قراراً بعد بأمر مهم كهذا، ولاعتقادها ان هدف التعبئة قد يكون استنهاض الشعب الاسرائيلي بعد شبه العزلة الدولية المحيطة بدولته. أما أميركا فكانت ولا تزال ضد ضربة إسرائيلية لإيران. علماً ان اعتماد اميركا الخيار العسكري وضع من زمان على طاولة البيت الابيض ولا يزال عليها. وهو لن ينفذ الا عندما تتأكد اميركا انها لم تعد قادرة على حماية مصالحها الحيوية والاستراتيجية في الشرق الأوسط من ايران.
في اختصار تعتقد المصادر الديبلوماسية الغربية المطلعة نفسها ان ايران ستتابع حشرها لاميركا في العراق، حيث صارت لها الكلمة الاولى أو الأفعل، على رغم عدم اكتمال انسحاب القوات الاميركية منه، وفي افغانستان حيث عاد 'الطالبان' الى الساحة وحيث ستكون لهم الكلمة الأولى بعد انسحاب اميركا من بلادهم عام 2014، وكذلك في سوريا حيث يجهد نظام الاسد لتجنب مصير مشابه لأنظمة تونس ومصر وليبيا. وتعتقد ايضاً ان ايران ستستغل انشغال أوباما بالانتخابات الرئاسية من الآن حتى أواخر العام المقبل، وتالياً عجزه عن اتخاذ قرارات كبيرة تورط بلاده في مواجهات مكلفة مادياً وبشرياً، لتكثيف الضغط عليه وخصوصاً بعد اتمام الانسحاب من العراق. لكنها تعتقد في الوقت نفسه ان حسابات ايران قد تكون خاطئة اذا ظنت ان اميركا ستسمح لها بإلحاق الأذى بها خلال المرحلة المذكورة وبعدها. ففي العراق مثلاً هناك نفوذ ايراني واضح وخصوصاً في اوساط الشيعة. لكن 'ادارتها' لهم ليست سهلة. وهناك السنة وهم معادون لها. وهناك الاكراد بحكمهم الذاتي. وبواسطة هؤلاء كلهم تستطيع اميركا ان توجع ايران كثيراً في العراق. وتستطيع ان توجعها في الداخل كثيراً بواسطة المعادين لها من خارج حدودها المتنوعة وداخلها. وفي هذا المجال تلفت المصادر نفسها الى ان اميركا أعلمت ايران بطريقة ما ان عندها الكثير من الرجال والمعدات والاسلحة ومنظومات اسلحة في المنطقة وانها عند 'الحزة' ستستعملهم ومن دون تحذير ومن دون حاجة الى وقت طويل لتجميعهم وإعدادهم. وتؤكد ان استغلال اميركا مرحلة الانتخابات الرئاسية على النحو المذكور أعلاه سيكون خطأ قاتلاً. ذلك انه سيدفع الشعب الاميركي الى تأييد اوباما بغالبيته اذا قرر التصدي عسكرياً لإيران.
ما رأي ايران في ذلك؟رأيها الرسمي كما يسمعه كثيرون 'استعراضي'. اما رأيها الفعلي فهو انها جاهزة للحوار الرسمي والمباشر والشامل كل القضايا الخلافية مع اميركا، لكن اميركا غير جاهزة الا لحوار سري وغير شامل!
من يحكي الصحيح؟ الله أعلم.


ـ 'النهار'
أيها الملالي استعدوا سنضربكم!
راجح الخوري:
 
ثمة ما يدعو الى الضحك بازاء هذا الاستعراض الاسرائيلي الصبياني، عندما يبدو بنيامين نتنياهو كمن يقول لمحمود احمدي نجاد: 'استعدوا نحن قادمون لضربكم'. يترافق ذلك طبعاً مع اجراءات تهويلية تتمثل باستعدادات جوية بعيدة المدى وبتصعيد تصريحات المسؤولين في تل ابيب وبمناورات ميدانية استعداداً لاستيعاب الرد الصاروخي الذي قد يصيب المدن الاسرائيلية!
 ولكن عندما يقرر العدو الاسرائيلي ان يشن هجوماً جوياً على المنشآت الايرانية عليه الحرص كثيراً على عنصر المفاجأة، ثم يجب ان يختار وقتاً اميركياً ملائماً اكثر ميدانياً وسياسياً. ووحدهم الاغبياء هم الذين يمكن ان يصدقوا الآن ان الدعم البريطاني الموحى به، يمكن ان يعوض الغياب الاميركي عن المشاركة في عملية خطرة من هذا النوع!ليس من مصلحة باراك اوباما الذاهب الى الانتخابات ملوحاً بـ'انجازات' الانسحاب الوشيك من العراق وافغانستان، ان ينزلق الى حرب جديدة قد تلهب منطقة الخليج والشرق الاوسط وتدفع بأسعار النفط الى مستويات فلكية ترهق الاقتصاد الاميركي المنهك اصلاً. فعلى من يعتمد المجانين في تل ابيب عندما يلوّحون بقصف المنشآت النووية الايرانية، على البريطانيين الذين جلّ غايتهم الأكل اكثر من جبنة الدول الخليجية؟
يجادل البعض بأن اسرائيل ترى الآن انه الوقت الأنسب للقيام بالعملية قبل ان تمتلك طهران القنبلة النووية في غضون سنة، وان اوباما قد يجد نفسه وسط كابوس إذ ليس في وسعه مثلاً ان يقف متفرجاً على اسرائيل تتورط في العملية فيخسر الصوت اليهودي، وليس في وسعه ايضا المشاركة في العملية فيخسر الصوت الاميركي، وعندها قد تصيب اسرائيل عصفورين بحجر واحد: قصف المنشآت اذا حصل الامر وضمان عدم عودة اوباما رئيساً يضغط بقوة لإقامة الدولة الفلسطينية!وفي الواقع تثير المناورات الاسرائيلية ميدانياً وجوياً وسياسياً بلبلة في اوساط الخبراء والمحللين، لكن السؤال يبقى: هل تحتاج ضربة مجنونة من هذا النوع الى كل هذه الاعلانات؟
قطعاً لا. ولهذا فإن تل ابيب تعمل الآن على ابتزاز اوباما في امرين: اولاً دفعه الى تشديد العقوبات على طهران التي تواجه خلافات داخلية متصاعدة وحضه على تزخيم التخريب الالكتروني للبرنامج النووي الايراني، وثانياً إبعاد الاضواء والاهتمامات عن مساعي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بتصعيد الخوف من الخطر النووي الايراني الذي يمكن معالجته بعد سنة مثلاً، عندما يكون هناك رئيس اميركي متحلل من 'البصمات العراقية' واكثر استعداداً لقيادة الهجوم على الملالي النوويين.


ـ 'الديار'
السفارات الغربية تُراقب المخيمات الفلسطينية
جوني منير:
 
اهتمت العواصم الغربية بالكلام الذي ادلى به مفتي الجمهورية السورية احمد بدر الدين حسون والقائل بأن الرئيس السوري بشار الاسد يريد التخلي عن منصبه والعودة الى مزاولة مهنته الاساسية طبيب عيون وذلك بعد الانتهاء من عملية الاصلاحات. وسبب الاهتمام الغربي يعود الى أن المفتي حسون يُعتبر قريباً من النظام في سوريا، وهو دفع لاجل ذلك مقتل نجله كثمن لموقفه السياسي. وبالتالي فان موقفاً متقدماً الى هذه الدرجة وجديدا من نوعه سياسياً وواضحاً كل الوضوح، انما لا بد أن يكون قد سبقته اشارات او مناخات معينة من جانب مسؤولين سوريين كبار، سمحت للمفتي حسون باطلاق موقفه هذا.
كما أن اشارة من هذا النوع لا بد أن تكون قد اتت بمثابة &laqascii117o;رد التحية" لاشارة جائت في هذا الاطار من بعيد.
وسبق هذه الاشارة ظهور مناخات جديدة. ابرزها من واشنطن وباريس بأن مرحلة الضغط على دمشق بدأت وستكون تصاعدية لاسقاط النظام، وذلك بعدما انتهت مرحلة ليبيا ما يسمح بالتفرغ للملف السوري.
وترافقت هذه الاجواء مع تحضيرات على الارض وشملت تركيا ولبنان.
ففي تركيا باشرت الحكومة تحركاً في اتجاهين، الاول ميداني ـ داخلي، من خلال المباشرة باجراءات مع كبار المسؤولين العسكريين لالزامهم بتأمين الخطوات المطلوبة لاقامة منطقة عازلة عند الحدود تسمح باستضافة المنشقين عن الجيش. وتتسلح الحكومة التركية بمنطق امني، على اساس أن المجموعات الكردية المتمردة على السلطات التركية تحركت بتحريض وتشجيع من السلطات السورية.

اما الاتجاه الثاني فهو ديبلوماسي وباتجاه روسيا من اجل طمأنتها في موضوع التيارات الاسلامية في البلدان القريبة من روسيا، وبالتالي اجراء صفقة على حساب هؤلاء، وكذلك لاعطاء موسكو ضمانات بان الدرع الصاروخي الذي وضعته الولايات المتحدة الاميركية على الاراضي التركية انما ليس موجهاً ابداً باتجاه روسيا. طبعاً من الواضح أن كل ذلك يهدف بالمقابل الى استمالة روسيا في مجلس الامن لدى طرح العقوبات الدولية على دمشق.
وبموازاة ذلك فتحت واشنطن &laqascii117o;النار" على طهران في موضوع محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وفي لبنان تصاعد الضغط الداخلي على النظام السوري عبر تيار المستقبل بشكل اساسي والذي انضم اليه وليد جنبلاط، فيما باشرت المحكمة الدولية باجراءاتها للبدء بجلسات المحاكمة في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفي لبنان ايضاً حيث كانت الحرب الاستخباراتية مفتوحة بين النظام السوري ومعارضيه، كانت واشنطن تضغط ديبلوماسياً على قيادة الجيش وحاكمية مصرف لنبان، لجهة الحدود اللبنانية وعدم التعاون مع المصارف السورية.
لكن في المقابل، فان الاوراق الجاهزة للعب هي عديدة، ولو انها ما تزال في اطار التلويح بها وليس استعمالها بعد. ذلك، ان الولايات المتحدة الاميركية تدرك جيدا ان خروج جيشها من العراق من دون استهدافه خلال انسحابه يبقى طلبا ملحا واساسيا وحيث ان طهران هي الوحيدة القادرة على ضمان ذلك.

وفي افغانستان، تبدو واشنطن عاجزة عن التحكم بمسار الامور على الاقل امنيا من دون مساعدة ايران.
وفي الخليج، فان التطورات التي نشأت عقب و فاة ولي العهد السعودي الامير سلطان تبعث على القلق لناحية الحاجة الى فترة من الاستقرار تسمح بتركيز الصورة السياسية، وسط انطباع عام بأن الامير نايف الذي جرى تعيينه ولياً للعهد اصبح هو الرجل القوي داخل السلطة، وهو المعروف بارائه المتشددة اجتماعيا وسياسيا.
وفي لبنان، حيث قوة حزب الله الهائلة، اضافة الى واقع فلسطيني غامض في المخيمات وحيث طلبت العواصم الغربية من بعثاتها الديبلوماسية مراقبة اوضاع المخيمات حيث لدمشق القدرة على التأثير والخربطة وتوجيه الرسائل الكبيرة.
وسط هذه الاجواء المتداخلة، برزت افكار جديدة لدى متابعي الملف السوري في كل من باريس وواشنطن.
فما دام ان العملية العسكرية مستحيلة اقله في الفترة الحاضرة، وما دام ان واشنطن مصرة على ان يكون خلف الرئيس بشار الاسد ينتمي الى الطائفة العلوية وما دام ان العواصم الكبرى متفقة على ضرورة عدم ترك الامور تذهب الى الفوضى خشية تعريض دول الجوار مستنقعات قد تؤدي بالمنطقة الى دهاليز غير مضمونة، فلماذا عدم استثمار الضغط الحاصل في تسوية سياسية تكون اقل كلفة على الجميع ؟
ويُروى ان هذه الافكار تمحورت حول فتح باب التفاهم مع الرئيس الاسد على ان يساهم هو في اختيار خلفه، بحيث يشكل الضمانة المطلوبة للمرحلة المقبلة، على ان يتولى الرئيس الجديد انتاج سلطة يشارك فيها بعض اطياف المعارضة ولكن وفق حدود معينة، وبشكل لا يثير فريق الحرس القديم، الذي يشكل ثقلا كبيرا في التركيبة الحاكمة.
ويُروى ان هذه الافكار قد تكون وصلت بالتواتر الى العاصمة السورية، وان الكلام الذي اعلنه مفتي سوريا جاء كالجواب ولو من بعيد، ما يسمح بفتح ابواب الحوار والمفاوضات الجانبية.
فالكلام الذي حمله المفتي حسون وان كان واضحا لجهة قبول الاسد التنحي، الا انه يبقى غامضا حول موعد حصول ذلك وكيفية حصوله ومصير مراكز القوى داخل السلطة وامور اخرى لا تقل اهمية.
ولكن بانتظار حصول ذلك في حال اخذت الامور هذا المنحى فإن الضغط سيتصاعد والنظام سيسعى الى الدفاع عن نفسه بمستوى الشراسة نفسه الذي يتعرض لها والساحة اللبنانية ليست بعيدة ابدا عن هذا الصراع، لا بل انها قريبة جدا منه، وهذا ربما ما دعا وزير الداخلية الى التنبيه اكثر من مرة حول احتمال اهتزاز الاستقرار الامني في لبنان لناحية حصول عمليات اغتيال او تفجيرات امنية، وهي اللغة التي عادة ما ترافق حروب اجهزة الاستخبارات وهذا ما تعيشه فعليا الساحة اللبنانية في هذه المرحلة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد