قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 14/11/2011

ـ 'السفير'
من أولاً.. الثورة السورية أم المقاومة اللبنانية؟
نصري الصايغ:

I ـ مع الثورة السورية.. إنما
مع هذه الثورة تحديداً، لأنها ناضلت ودفعت ثمناً شاهقاً، لإزالة الاستبداد.. مع هذه الثورة السورية، أحد براعم الربيع العربي، لأنها حملت بشارة الحرية ورفعت هامة الكرامة ونبل العدالة.. مع هذه الثورة السورية بكل ما بذلت وأعطت ووعدت..
معها، هذه الثورة، لأن شرعيتها بنت معاناتها وبنت أهدافها وبنت ما دفعته من مهر غالٍ لكسب الوطن.. معها هذه الثورة، لأنها تشبه بشبابها ورجالها ونسائها، ثورة تونس وثورة مصر. ويكفي الثورتان، أنهما أطاحتا نظامين مستبدين أصيلين في الفساد والتبعية.
ومع هذه الثورة السورية، لأن الوقوف إلى جانب نظام وسلطة، كان عيباً سياسياً. برغم ما لهذا النظام وهذه السلطة، من فضائل في مواجهة سياسات الغرب الموالية والداعمة والمؤيدة والمحرّضة لإسرائيل، وما لهذا النظام من مواقف عملية جريئة، بل متطرفة، في دعم المقاومة الشعبية، الإسلامية في لبنان والوطنية في فلسطين، والتحررية في العراق. برغم كل ذلك، كان الوقوف إلى جانب هذه الثورة السورية، واجباً وطنياً وإنسانياً وأخلاقياً، تمليه سياسة الأحلام الكبيرة، بعودة الشعب إلى صدارة الحضور السياسي، ممسكاً بزمام أموره وكرامته وحريته ومستقبله ومصالحه. وتمليه رغبة عارمة بتكنيس أنظمة الاستبداد، التي وطئت صدور شعوبها قرابة نصف قرن من الزمن.
إنما، وتحديداً بعد أمس الأول، لم يعد الوقوف إلى جانب هذه الثورة ممكناً، مع انحناءة لجسامة ما دفعته حتى الآن. والسبب في ذلك، أن الثورة القائدة لأملنا، صارت مقيّدة بآمال أنظمة عربية أشد استبداداً وظلامية، وأنظمة تنتمي إلى &laqascii117o;عائلات" المجتمع الدولي، التي امتهنت أسلوب المافيات السياسية.

II ـ ثورة بقيادة ليفي عربي
لا يمكن إلا الوقوف حتى الثمالة، مع ثورة تقود شعبها إلى الانتصار. ولا يمكن الوقوف أبداً، مع ثورة تقودها أنظمة عربية متهمة بكل ما يمت إلى الاستبداد الفاجر والتبعية الكاسرة والطائفية المجرمة. فهذه أنظمة ضد شعوبها في الأساس. تعيش على قمعها، ليلاً نهاراً، وعلى رشوتها إذا أحست بغضب قد ينفجر. ولها من سعة النفط ما يسمح لها ببرطلة شعوب أخرى ودول أخرى.
ولا يمكن الوقوف مع ثورة، وعدت بعدم طلب الدعم الخارجي، فانجرّت إلى تسليم أمرها السياسي وأمورها المستقبلية، لدول محكومة بمصالح إسرائيل ولا ترفض لها طلباً.
لا يمكن الاطمئنان إلى أن أميركا التي تطارد فلسطين في كل مكان في العالم، لمنعها من الحضور الرمزي في المنظمات الدولية، يمكن ان تكون حامية الديموقراطية في سوريا. لا يتصور أن يكون برنارد هنري ليفي، &laqascii117o;نبي" ساركوزي الذي يوحي إليه بسياسات التدخل لأسباب إنسانية، عفيفاً ديموقراطياً، وهو الملوّث عقلاً وفكراً وأخلاقاً بصهيونية شرسة. لقد سبق لهذا &laqascii117o;النبي" أن قاد حملة تدخل &laqascii117o;الناتو" في ليبيا، وتبرع بالدعوة في باريس لاحتضان الثورة السورية. كيف يمكن ان تكون مع الثورة ومع برنار هنري ليفي؟
لا... لا يمكن أن تكون مع ثورة، سيأخذها قادتها الجدد، العرب بقيادة أمير كازينوهات قطر السياسية، والغرب بقيادة سفاحيها المتورطين في مباركة الاستيطان، والمبادرين إلى محاربة كل من ينتقد اسرائيل أو يدعو لمقاطعتها، حتى ثقافيا، عبر ترويعه بتهمة معاداة السامية.
لا، وألف لا، لا يمكن أن تكون مع ثورة، كانت ذات أشهر مجيدة، تعد بالديموقراطية والحرية والوطن، أسلمت قيادتها لمن لا سياسة عنده، تعلو سياسة ذبح المقاومة في لبنان. لم يظلمنا أحد، كما ظلمنا المجتمع الدولي.

III ـ مع المقاومة.. وقلبي على الثورة
بين الثورة، وقد آلت إلى هذه المآلات المأساوية، وغير المربحة كذلك، وبين المقاومة، قلعة المواجهة، ومعجزة الإنجاز، ووعد التحرير ـ تحرير فلسطين ـ الخيار الحاسم هو أن يكون أي كثوري سوي ومثقف ملتزم مدرك لأبعاد السياسات الغربية، إلى جانب المقاومة.
بين الثورة، في حلتها العربية والدولية، وبين المقاومة في جبتها وعباءتها وترسانتها، أختار المقاومة، وقلبي على الثورة. لقد كشفت الجامعة العربية ما كان يمكن أن يبقى مستوراً ولو بغلالة نفاق.. الجامعة العربية تريد أن تصل إلى رأس المقاومة من البوابة السورية. لقد حاولت إسرائيل ومعها العرب والعالم، اقتلاع المقاومة وهزيمتها عسكرياً وفشلت. انتصرت المقاومة بقوتها وتفوّق إنسانها وصلابة الدعم السوري وقدرة الدفق الايراني.
عرب الزمن الأسود سمّوا &laqascii117o;فعلة تموز"، تأدباً، مغامرة، وقامروا في دعم الحرب الإسرائيلية، ومع أطراف لبنانية، علهم بذلك يسقطون رأس قوة المقاومة والممانعة. عرب الزمن الأسود والنفط الأسود والدول الأوروبية البيضاء، اسودّت وجوههم عندما انتزعت هذه المقاومة بصمودها، نصراً استراتيجياً لا مثيل له في علم الحروب، وفقه المواجهات. ومنذ ذلك الزمن الأسود، والمقاومة في لبنان تتعرض لاستنزاف، سياسي وإعلامي وطائفي. لم تنزلق المقاومة إلى ما يراد لها من فتنة سنية شيعية. كان انصرافها إلى زيادة التسلح، صلاتها اليومية، وركعاتها الدائمة. وسلاحها هذا، ليس من مصنع إلهي، ولا من مهدي منتظر، بل من مخازن قريبة وبعيدة، تعبر إلى لبنان، من سوريا. بين مقاومة يطاردها العالم ويفشل. وبين ثورة تطارد العالم كي يقودها، الخيار هو الوقوف إلى جانب المقاومة. في الأساس، كان من المفترض أن تكون المقاومة والثورة في خندق واحد. إنما، ولأسباب موضوعية عميقة الحضور والتأثير، انحازت المقاومة إلى النظام. وهذا مفهوم ومقبول. المقاومة ليست مسؤولة عن طبيعة النظام. بل هي تسأل السوري عن سياسة هذا النظام. كانت سياسة النظام الدائمة، توفير الدعم وشبكة أمان للمقاومة. وان ترك هذا الأمر ضرب من الجنون والانتحار. لقد ضحت المقاومة بالثورة، لإنقاذ ما أنجزته وتأهيل ما تستعد له من مواجهات ومعارك في المستقبل. كان هم المقاومة إيجاد حل يتحقق فيه الإصلاح والانتقال السلمي إلى مرحلة سورية جديدة. لا النظام في دمشق عمل على ذلك، ولا الثورة استطاعت أن تفرض ذلك على النظام... طبعاً، يتحمل النظام في سوريا مسؤولية ما آلت إليه الأمور. بل يتحمل مسؤولية دفع الثورة لطلب الحماية الدولية. لقد قيل له مراراً، ولم يسمع، ولم يرد أن يسمع، إن القبضة الأمنية وبال على الثورة وعلى النظام معاً. وها قد جاء البرهان.
عند هذا المفترق، باتت الخيارات واضحة:
ثورة بقيادة دول المجتمع الدولي المنحازة إلى إسرائيل، عبر وكلائها العرب من أنظمة الاستبداد الأبدي، ومقاومة ضد اسرائيل وهذا المجتمع الدولي ووكلائه الإقليميين. والحرب ستكون مفتوحة، من الخليج وأنظمته، إلى الجزائر المهددة باستقرارها ونظامها، إن خالفت &laqascii117o;غيفارا" قطر.

IV ـ مستقبل الحروب المفترضة
أي مستقبل غداً؟
المشهد الإقليمي يحبل بكوابيس حروب:
÷ حرب أهلية طائفية مذهبية في سوريا.
÷ حرب استنزاف ضد النظام من قوى مسلحة محمية إقليمياً ومسلحة دولياً.
÷ حروب سياسية قد تفضي إلى نوع من التدخل الأمني/ العسكري/ مصحوب بحصار اقتصادي.
÷ انتقال الحرب من الداخل السوري إلى محيطه الاقليمي: لبنان مرشح لذلك جنوبا وشمالا، حيث تحاسب قوات الطوارئ الدولية، على ذمة دولها الداعمة للتدخل في سوريا.
÷ توسع العنف ليصل إلى الخليج الذي تعيش مياهه على صخب التصريحات المناوئة للنووي الشيعي الإيراني.
أي مستقبل غداً؟
السيد حسن نصر الله، حذر من كرة نار تتدحرج، إذا ما حصل اعتداء على سوريا. السيد علي الخامنئي، حذر من الضرب بيد حديدية، على كل من يحاول الاعتداء على إيران.. أما دول الجامعة العربية، فقد فتحت الباب للرياح الدولية، وهذه إذا عصفت، لا ينجو خليج منها ولا متوسط.
النظام السوري، من حيث بنيته وعلاقته بشعبه، لا يشذ عن قاعدة الأنظمة الاستبدادية، إلا أنه ليس تونس ولا مصر ولا ليبيا. النظام السوري جزء من نظام إقليمي عميق الجذور ووثيق العلاقات، له أهداف استراتيجية، تكرّست عبر عقود. هو نظام مدعوم بقوى إقليمية، إيرانية لبنانية، لا يستهان بقوتها وقدرتها على الفعل. وقيمة هذه القوى، انها غير خاضعة لمقتضيات النظام الدولي. انها تقريباً متمردة عليه وعاصية فيه. فقد عاشت إيران منذ ولادة ثورتها، حصارات متناوبة، وحروباً كبرى بالأصالة وبالوكالة، ونجحت في تجاوزها كلها وبناء دولة بقدرات تكنولوجية ونووية، في ظرف عقود قليلة، تلك هي المعجزة الإيرانية.
كما عاشت المقاومة، منذ اندلاع عملياتها في جنوب لبنان، حالات من الحصار والعدوان والمعارك (1993، 1996، 2000، 2006) ومع ذلك فقد كانت تخرج في كل مرة أقوى مما كانت عليه... أما سوريا، فحدّث ولا حرج، فهي، منذ اندلاع معركة ميسلون، وتعيش المواجهات القاسية والحروب الخاسرة، ولم تستسلم أبداً.
هذا الثلاثي، إما يبقى معاً وإما يسقط معاً.
بقاؤه أو سقوطه، تبرهن عليه حرب إقليمية كبرى. وبقاء إسرائيل أو سقوطها، تؤكده نتائج تلك الحرب كذلك. إن الخطر الذي يقرع باب سوريا، لن يوفر الأبواب العربية والاقليمية، فالجميع في عين الإعصار.

V ـ استدراك
إنه لمؤسف أن يصبح الخيار بين الثورة والمقاومة. حال التمزق النفسي والخلقي لا يمكن وصفها في حال الانحياز.
بين الثورة والنظام، الانحياز سهل. تختار الثورة.
بين الثورة والمقاومة، تنشطر نصفين. نصفك هنا، ونصفك الآخر هناك... لا تندمل. تتحسر فقط. تقول لو.. تمضي في خيارك في وجهة المقاومة، وقلبك على ثورة جديرة بالانتصار، لولا...
إنه لمؤسف ان تكون الأخطاء السياسية باهظة، وتكون كلفتها حروباً ودماء ودماراً وانعدام أفق.
من يرَ منكم ضوءاً، فليدلنا عليه، في هذا الزمن العربي الدامس، كي نستعيد الأمل بالربيع العربي المطهّر من رجس الغرب ورعاياته التي يمارسها بأنيابه


ـ 'الجمهورية'
'مراكز تنصّت في لبنان'... على مَدّ 'عينك والنظر...'
صراع أحزاب وأجهزة مخابراتيّة إقليميّة ودوليّة...
صبحي منذر ياغي:

حين 'اقتحم الرئيس صائب سلام' غرفة التنصّت في وزارة الهاتف في السبعينات، والتي كان يستخدمها ضبّاط المكتب الثاني يومذاك، لم يكن يدري أنّ ملفّ 'التنصّت' سيبقى الشغل الشاغل للحكومات اللبنانية المتعاقبة على مرّ العصور، وسيظلّ 'مشكلة المشاكل' و'علّة العلل'، على الرغم من قونَنة هذا العمل، في نطاق ما عُرف بـ' قانون 140' الصادر عام 1999، حيث لم تزل عمليّة تطبيقه تجري بصورة كيفيّة واستنسابيّة.
تشغيل مركز التنصّت : توقّفت الأوساط المتابعة لهذا الملفّ في الفترة الأخيرة حيال ما تردّد في وسائل الإعلام عن استعداد وزير الداخلية العميد مروان شربل لتشغيل مركز التنصّت في وزارة الاتّصالات والمعروف باسم 'غرفة التحكّم الاعتراضيّ للمخابرات الهاتفيّة'، وذلك بموجب القانون 140 الذي ينظّم عمليّة التنصّت ويعترض مخابرات هاتفيّة على مدى الساعات الـ 24، وستكون عملية التنصّت بإشراف ضبّاط من الجيش والأمن العام وأمن الدولة، وبمشاركة مسؤول في وزارة الاتّصالات.والتنصّت حسب ما تردّد سيكون حول امور تتعلّق بأمن الدولة والسلامة العامّة، ويطبّق بموجب قرار إداريّ موقّع من قبل رئيس الحكومة ووزير الداخلية باستثناء القضايا المتعلقة بالجرائم التي تستوجب توقيع جهات قضائية.واستغربت الأوساط نفسها ما أدلى به رئيس لجنة الإعلام والاتّصالات النائب حسن فضل الله في هذا السياق، عندما أكّد أنّ مركز التنصّت مجهّز بأحدث الآلات والتجهيزات التقنيّة، وعندما 'يتم تشغيله من المفترض ألّا يبقى أيّ جهاز أمنيّ 'فاتح على حسابو' في ما يتعلّق بداتا الاتّصالات أو التنصّت أو إنشاء أيّ مراكز غير شرعيّة'.

وتساءلت في معرض ردّها على كلام فضل الله '...عمّا إذا كانت 'الأجهزة الأمنيّة' في حزب الله معنيّة بكلامه، لأنّ المعلومات التي تمتلكها الاوساط تؤكّد امتلاك الحزب لأجهزة تنصّت حديثة ومتطوّرة تتمكّن من رصد مكالمات هاتفيّة ثابتة وخلويّة، إضافة الى التشويش ورصد الإشارات اللاسلكيّة، فضلا عن أنّ دورات تجري لعدد من عناصر ما يسمّى بـ'سرايا الإشارة في المقاومة' في مراكز إيرانية عسكرية مختصّة بمجال الاتّصالات والرصد، بذريعة تعزيز العمل المقاوم واستخدام هذه الأنشطة في مواجهة العدوّ وليس في مجالات داخلية، وذلك في نفس السياق الذي يعمل الحزب من خلاله على مواصلة مدّ شبكات اتّصالاته الهاتفية في عدد من المناطق اللبنانية في اطار ما يسمّى بـ'حرب التنصّت بين المقاومة وإسرائيل'. فضلاً عن امتلاك المقاومة أسرار شبكات الترميز والتربيع في مجال الاتّصالات الأمنية والعسكرية في لبنان، وزرع غرف تنصّت ورصد ثابتة وجوّالة يتمّ وضعها في سيّارات مقفلة تجوب الطرقات والشوارع في بيروت وغيرها من مدن وبلدات لبنانيّة'.

تنصّت متعدّد الجنسيّة
واعتبرت الأوساط أنّ التنصّت في لبنان لا يقتصر على جهة أمنيّة رسميّة، بل تمارسه جهات محلّية وأجهزة مخابراتية اقليميّة ودولية، بحيث باتت اتّصالات الشعب اللبناني الهاتفيّة الجوّالة والثابتة موضوعة كلّها تحت الرصد والمراقبة، حتى التنصّت طال الانترنت ومواقع التويتر والفايسبوك، وأشار تقرير أمنيّ في هذا السياق أرسِل الى جهات مسؤولة في شباط الماضي الى امتلاك بعض الجهات الحزبيّة في لبنان اجهزة رصد وتنصّت ألمانيّة الصنع جرى تركيبها في مراكز وشقق سرّية في بيروت، مهمّتها رصد اتّصالات ومكالمات عدد من المسوؤلين والسياسيّين، في حين أشار التقرير نفسه الى وجود مركز تنصّت لسفارة أجنبيّة في شقّة سرّية في منطقة الحازميّة، يشرف عليه خبراء في هذا المجال.
وحسب المعلومات فإنّ الحصول على أجهزة تنصّت ورصد بات سهلا ومُيسّرا من الأسواق العالميّة، وقد حصلت عليه شخصيّات سياسية وأمنية عدة في لبنان، وخصوصاً من السوق الالماني ومن خلال بعض الخبراء في المجالات الالكترونيّة، لذا فإنّ مهامّ عمل 'غرفة التحكّم الاعتراضي للمخابرات الهاتفيّة' في وزارة الاتّصالات سيظلّ عديم الفائدة في ظلّ مافيا التنصّت التي تسيطر على لبنان.

وبحسب مصادر امنيّة، فإنّ في بيروت وحدها العشرات من محطّات التنصّت المتعدّدة الجنسيّة، وتتعدّد الأجهزة التي تقوم بالتنصّت في لبنان من أجهزة رسميّة وشركات الهاتف الخلويّ والسفارات والمراكز الدبلوماسية والمؤسّسات الدولية وقوّات الطوارىء، وصولا الى تنظيمات وأحزاب، يضاف اليها التنصّت الذي تقوم به الأقمار الصناعيّة ومحطّات التجسّس الدولية التي تحوط بلبنان والمنطقة ومن أبرزها محطّة التنصّت البريطانية في جزيرة قبرص في قاعدة &laqascii117o;اكروتري"، التي تردّد أنّه كان لها الفضل الأوّل في كشف الكثير من الأسرار من خلال ما رصدته من مكالمات هاتفية واتصالات جرت قبل وأثناء وبعد حصول جرائم حسّاسة. ويكفي أن نقف عند الرسائل والاتّصالات الالكترونية التي يتلقّاها المواطنون في لبنان على هواتفهم الثابتة والجوّالة، والتي تعرض عليهم مكافأة ماليّة لقاء تقديم معلومات عن الطيّار الاسرائيلي المفقود رون أراد، لندرك أنّ شبكاتنا الهاتفيّة تقع تحت الرصد والتنصّت والمراقبة من كافّة الجهات والدول والتنظيمات، ما يعني أنّ المواطن اللبنانيّ بات محروماً حتّى من أبسط حرّيتة وخصوصيته.


ـ 'الأخبار'
حرب التدخّل الكبرى
ابراهيم الأمين:
 
مرات كثيرة يعطّل الانفعال العقل، ويعطّل آليات التفكير المنطقية، فتصبح القرارات مرتجلة، أو تأتي نتيجتها على عكس المطلوب. وفي كل الحالات، يكون الانفعال مجرد خطوة في الفراغ.
شيء من الهلع أصاب كثيرين خلال الساعات الـ24 الماضية. الشعور بالمفاجأة شيء، أو تلقّي الصدمة شيء، لكن الهلع يصيب مَن لا يملك التصرف بحكمة إزاء ما يواجهه من استحقاقات.
سوريا مجدداً في عين العاصفة. المحتجون في المدن والبلدات يقفون أمام جدار سميك يحول دون تحقيق شعارهم بإسقاط النظام. الحشود المقابلة والمؤيدة للرئيس بشار الأسد تصبح مع الأيام أكثر حيوية، ويزيد من حماستها الاستفزاز الناجم عن الضغط الخارجي المتعاظم. لا شيء يمكنه إقفال صفحة النزاع في سوريا بشأن شكل الحكم، وبشأن التغيير المنشود. ولا شيء يمكن أن يبقي النظام في سوريا كما كان عليه قبل 15 آذار 2011. لكن التحذيرات التي انطلقت منذ اليوم الأول من أن الخارج يريد دفع سوريا إلى حرب أهلية، وهدفه الإمساك بها والسيطرة على مقدّراتها، هي التي تحضر بقوة اليوم كعناصر واقعية، مباشرة، من دون أقنعة أو تزوير، ومن دون الحاجة إلى قفازات.
سوريا اليوم في مواجهة خارج قرر اللعب على المكشوف ودفعة واحدة. خارج مستعجل. ليس معه الوقت الكثير. لا يقدر على الصبر، حتى على جراحات السوريين، بل يريد تحقيق أهدافه في أسابيع قليلة. هو نفسه الخارج الذي يعي بقوة أن فشل التخريب في سوريا بات يوازي الآن فشل الإمساك الأميركي بالعراق، وأن مهمة إسقاط النظام توازي مهمة إسقاط الاحتلال الأميركي. ويتصرف الخارج، بعربه وبغربه، على أساس أن بقاء الأنظمة الموالية لأميركا في المنطقة صار يحتاج إلى التخلص من محور مقابل. ما صدر عن الجامعة العربية السبت هو جزء يسير وأوّلي من حزمة القرارات المفترض صدورها خلال وقت قريب. إنه السيناريو نفسه الذي يستهدف تحقيق تغيير يشمل النظام في سوريا. ويشمل دور سوريا وموقعها في المنطقة. ويستهدف تغيير سياساتها العامة الداخلية والخارجية. المهمة المركزية أمام عرب أميركا الآن هي احتلال سوريا بأي طريقة ممكنة، ولو على حساب دماء السوريين، سواء الذين سقطوا مناضلين من أجل تغيير حقيقي في آلية إدارة البلاد، أو الذين سيسقطون في حروب أهلية متفرقة. واحتلال سوريا بالنسبة إلى هؤلاء يعني إقامة الحاجز المانع للتواصل القائم بين إيران والعراق من جهة، وبين لبنان وفلسطين من جهة ثانية.

إن الضغط الذي تمارسه الدول العربية الحليفة لأميركا هو في حقيقته الضغط الذي تحدّث عنه الإسرائيليون والأميركيون منذ عقدين... إنه الهدف المركزي في &laqascii117o;تحطيم سلسلة الشر من وسطها"، بعدما تعذّر ضرب رأسها في إيران، وتقطيع أذرعها في لبنان، والوصول إلى قلبها في فلسطين. الماكينة تعمل بكل طاقتها:
ـــ سوف يظل المشهد اليومي في سوريا يحمل الأنباء عن مقتل العشرات برصاص الأمن (لا يقبل هؤلاء أن يذاع رقماً يقلّ عن 25 قتيلاً في اليوم الواحد)، وما أمكن من صور الاحتجاجات بمعزل عن حجمها ومكانها وطريقة تنظيمها. لكن المهم أن ترتفع أكثر الشعارات المطلبة بالحماية الدولية.
ـــ سوف يكون على المعارضين أن يختاروا خلال يومين فقط إطاراً ائتلافياً لهم، ومن يعترض سوف لن يكون له مقعد في قطار الثورة الأميركية ـــ العربية، وسوف يكون من الضروري جهوزية الإطار الجديد للمعارضة حتى تعترف به في أسرع وقت الدول العربية، متفرقة أو مجتمعة، كما حال دول الغرب، ممثلاً للشعب السوري.
ـــ سوف يكون على العالم الاستعداد لنشاط مكثّف تحت ستار إنساني هدفه القول إن سوريا هي اليوم المسرح الوحيد للقتل في العالم، وإن النظام، بكل مؤسساته وأجهزته وأشخاصه، مسؤول عن دمار حاصل وعن أي دمار سوف يحصل، وسوف يكون النظام مسؤولاً عن أي عملية قضم يمكن أن يفكر فيها هذا المحور تحت غطاء مناطق محمية أو معزولة عن سلطة النظام.
اليوم، لم يعد ممكناً الاكتفاء بإدانة التدخل الخارجي، ورفضه كعنوان أو عبارة ترد في آخر البيان أو أوله. صار للتدخل الخارجي الوجوه والأسماء والعناوين الواضحة والمرئية والمسموعة والمقروءة أيضاً.
التدخل الخارجي هو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا ومجلس التعاون الخليجي وكل العواصم العربية الموافقة على هذه الجريمة. وهو أيضاً فريق 14 آذار بتشكيلاته اللبنانية والفلسطينية والسورية. هو المجلس الوطني السوري بكل رموزه وأطيافه. وهو قسم كبير من المعارضين السوريين. تبقى ثلة قليلة من المعارضين البارزين التي لن تقبل هذا التدخل، ومسؤوليتها كبيرة في توضيح موقفها وتظهيره بلا أي التباس. لكن، بمعزل عن كل هذه المعركة، فإن على النظام في سوريا أن يدرك أن مسؤوليته كبيرة عمّا آلت إليه الأمور، وكل تأخير في خلق مناخ للثقة بأن إصلاحات جذرية سوف تحصل، سيتحول مع الوقت إلى عنصر قوة يستخدمه أعداء سوريا وأعداء فلسطين ضد المقاومة..لا شيء يعفي أحداً من مسؤولياته، حتى ولو تبدّلت الأولويات.!


ـ 'النهار'
انحسار نفوذين؟
علي بردى ـ نيويورك:
 
يدخل 'الهلال الشيعي' طور المحاق السياسي. تتلبد الغيوم في أفقه. لا يحول دون ذلك تراجع السطوة الأميركية في الشرق الأوسط. إذ تتعاظم الضغوط الدولية على ايران. لا تزال تبعات الغزو الأميركي مقيمة في العراق. تتوالى أعراض 'الربيع العربي' على سوريا. يواجه 'حزب الله' نتائج خياراته في لبنان. تحاول 'حماس' الإنكفاء في غزة. نعم، يتقلص نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. يستعد الجيش الأميركي للإنسحاب من العراق في نهاية هذه السنة. يخطط لترك أفغانستان بعد سنتين. يبدو أن الإدارة الأميركية يئست من امكان صنع سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. تنشغل أكثر فأكثر بحملة الإنتخابات الرئاسية لسنة 2012. تسعى الى استرضاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على رغم إهاناته المتكررة للرئيس الأميركي باراك أوباما. تجهد داخلياً للتخلص من الأزمة الإقتصادية وللتغلب على الخلافات السياسية. يعتبر كثيرون في الشرق الأوسط أن الولايات المتحدة تتحول قوة عظمى 'تفلس' اقتصادياً وعسكرياً وتترك فراغاً هائلاً في المنطقة.
يتندر كثيرون بأن القيادة الأميركية للتحالف الدولي أطاحت نظامين لدودين لايران على حدودها: 'طالبان' في أفغانستان وصدام حسين في العراق. يخشون أن تحظى ايران بالفائدة الكبرى من انحسار الدور الأميركي. غير أن هذا المنطق يبدو في غير محله الآن.

تتزايد معاناة الحلف الصلب الذي أقامته الجمهورية الإسلامية. ترزح الآن تحت وطأة عقوبات دولية صعبة وقد تزداد قسوتها بسبب طموحاتها النووية. يحدق بها خطر الجنون الاسرائيلي. يحاول الغرب 'احتواء' نفوذها. دعك ممن يضرب في الغيب. لا تريد ايران لنفسها عزلة كالتي تعيشها كوريا الشمالية. تدرك أن لا دولة في عالم اليوم تعيش على 'الإكتفاء الذاتي'. غير أنها تتسابق مع الزمن، لا لصنع قنبلة نووية تجاهر بأنها لا تريدها، بل على الأرجح لمعرفة أسرارها. يبدو أن ثمن ذلك سيكون باهظاً.
لا تتوافق نتائج 'الربيع العربي' مع توقعات ايران. لا تصب في مصلحتها التغييرات الهائلة في تونس ومصر وليبيا. يهتز بقوة تعاونها الوثيق مع سوريا، على رغم أن الرئيس بشار الأسد لا يزال مخلصاً للعلاقة التي أقامها والده الراحل الرئيس حافظ الأسد مع طهران. لم يأت من عبث الموقف الإستثنائي والمفاجئ لجامعة الدول العربية.
لا يكابر من وُهِب نعمة التواضع. لا يخطئ من يعترف بالحقيقة: كانت الشعوب العربية تخاف حكامها. صار الحاكم يخاف غضب الناس. من حق 'حزب الله' ربما أن يخاف على تحالفه مع سوريا وايران أكثر من خشيته اتهامات المحكمة الخاصة بلبنان.


ـ 'الأخبار'
خيارات أميركيّة في سوريا

كيف تتمكن الولايات المتحدة الأميركية، في وقت قليل، من إضعاف نظام بشار الأسد بغية القضاء عليه من دون تلطيخ أيديها بالدماء؟ أحد صقور المحافظين الجدد في شؤون السياسة الخارجية الأميركية، وأحد مهندسي الحرب على العراق، إليوت أبرامز، يقترح خطة مؤلفة من 4 مراحل تنهي حكم الأسد، وتستعين بالمعارضة المسلحة، وتورّط الأوروبيين والأتراك، وتبشّر بانتصار أميركي في النهاية. وقد نشرت الخطة على موقع &laqascii117o;مجلس العلاقات الخارجية" الشهر الماضي، وهنا ترجمة حرفية لما جاء فيها:

آليوت أبرامز
شهراً بعد شهر، يتصاعد مستوى العنف في سوريا. وقد قتل نظام بشار الأسد أقل بقليل من ثلاثة آلاف مواطن حتى الآن، ومع تزايد حالات الانشقاق في الجيش، يبدو أن السكان قد بدأوا يقاتلون بدورهم. وفيما يقاتل نظام الأقلية العلوية دفاعاً عن حياته ضد تمرد مسلح من قوات تستند إلى أغلبية سنية، تبدو الحرب الاهلية شيئاً فشيئاً أمراً أكثر قابلية للتصديق.
إن أهداف سياسة الولايات المتحدة الأميركية يجب أن تكون إنهاء العنف، وإسقاط نظام الأسد، ووضع الأسس لنظام ديموقراطي مستقل، مع حماية الأقليات العلوية والكردية والمسيحية، وهو ما سيكون صعب المنال. فقد تخلت إدارة أوباما عن هدف إصلاح النظام، وعن وجه حق: فليس هنالك أساس في سلوك نظام الأسد يحيي الأمل بأنه يمكن أن يقود انتقالاً إلى الديموقراطية. وعوضاً عن ذلك، فإن الهدف الأميركي والأوروبي والتركي بات إنهاء حكم عائلة الأسد. لكن، كيف يمكن صنّاع السياسة الأميركيين أن يحققوا ذلك الهدف في أقصر مدة ممكنة وأقل قدر إضافي من العنف؟ والجواب هو استراتيجية تهدف في آنٍ إلى إضعاف قواعد دعم النظام وتشجيع المعارضة، على أن تظهر أنها تسعى إلى سوريا ديموقراطية غير طائفية.

عزل عائلة الأسد
يستند دعم النظام إلى المجتمع العلوي، إلى قوات الأمن التي يقودها علويون، وإلى جماعة رجال الأعمال (السنة والعلويين). إن 74% من السكان السوريين مسلمون سنّة، بينما نظام الأسد علوي ـــــ والطائفة العلوية فرعٌ من الإسلام الشيعي غالباً ما تعتبر مارقة من قبل السنّة المتعصبين. والعلويون يشكلون فقط من 10 إلى 15 بالمئة من السوريين. لكنّ الفرق الأفضل تسليحاً وتدريباً في الجيش السوري هي علوية.
لذلك، فإن الهدف الأول للولايات المتحدة يجب أن يكون عزل عائلة الأسد وأقرب مقربيها عن بقية الجماعة العلوية التي لم تستفد إلا قليلاً جداً من الثروات التي وزعها الأسد لأقرب الداعمين. ومع أن كل العلويين يخشون الثأر ضد كل جماعتهم إذا سقط الأسد، فإن بينهم تراوحاً في درجات الولاء لعائلة الأسد. لذا يجب أن تستمر الولايات المتحدة بالضغط على المجموعات العديدة التي تعارض النظام الآن لكي تقدم واجهة متحدة، وقد شرعت المعارضة بتحقيق ذلك، مشكلةً &laqascii117o;مجلساً وطنياً سورياً" من 140 عضواً في بداية شهر تشرين الأول 2011.
وعلى ذلك المجلس أن يوضح للملأ أي سوريا يتمنى بناءها، من خلال التأكيد تكراراً على التزامه بالتعامل المتساوي مع كل السوريين من دون اعتبار للطائفة أو المعتقد الديني، ومن خلال إدراج علويين وغير السنّة بشكل بارز في صفوفه. وعلى المجلس أن يرفع صوته عالياً وعلى نحو انفعالي في إدانته لأي عنف ضد المواطنين العلويين والجماعات العلوية، وهو الأمر الذي يرجح أن يزداد إذا تصاعدت المعارك المسلحة بين النظام والمعارضة. يجب أن يتعهد المجلس بحماية كل الأقليات في سوريا ما بعد الأسد ـــــ من العلويين إلى الأكراد، إلى المسيحيين المتوترين جداً... يجب أن يوافق المجلس الآن على دور دولي في تأمين تلك الضمانات والحماية للأقليات. وكلما كانت تلك التعهدات أكثر تفصيلاً، وكلما نالت المزيد من الدعاية والدعم الدولي، كانت أكثر إقناعاً داخل سوريا.
أما بالنسبة إلى القوات العسكرية والشرطة، فإن المسؤولين الغربيين والأتراك يجب أن يضغطوا على الجنرالات العلويين في الجيش السوري لفرز أنفسهم عن النظام. ويجب أن يحاججوا بأن أولئك الجنرالات يمكن أن ينقذوا مستقبل جماعتهم ما بعد الأسد، ومستقبلهم الشخصي، برفضهم أن يقتلوا مواطنيهم الآن. الجيش الأميركي ليس له روابط مع أولئك الضباط، لكن يمكن الافتراض أن الأتراك والأردنيين، وربما الفرنسيين، لديهم قنوات لنقل مثل تلك الرسائل. &laqascii117o;لماذا تضحّون بأنفسكم من أجل مافيا الأسد التي انتهى أمرها على أية حال؟" هي الرسالة التي يجب التأكيد عليها أمام هؤلاء. إضافة إلى عبارة: &laqascii117o;كن من الناجين من الخطر". هنا يمكن أن تساعد بيانات من &laqascii117o;المجلس الوطني السوري". فالمجلس يجب أن يوضح أنه لن تكون هناك حملات تطهير بالجملة للضباط العلويين، لكن سيكون هناك قصاص في سوريا وعبر المحكمة الجنائية الدولية للضباط المتورطين بقتل المتظاهرين السلميين.

قلب مجتمع الأعمال
الخطوة الثانية يجب أن تكون قلب مجتمع رجال الأعمال ضد النظام. وحتى الآن، لا تزال قيادة رجال الأعمال، من سنيين ومسيحيين وعلويين، على الحياد.
وعلى الولايات المتحدة وشركائها أن يقودوا رجال الأعمال السوريين للنظر لعائلة الأسد كدَين لا يمكن سداده سيجلب استمراره في السلطة مزيداً من الألم الاقتصادي الذي ما برحت تعانيه سوريا. فحتى الآن انخفض كل من الاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة إلى أكثر من النصف خلال العالم الجاري، والصادرات انخفضت بمقدار الثلثين. وإذا بقيت عائلة الأسد في الحكم، يجب أن يفهم رجال الأعمال أن الأمر سيصبح أسوأ. أما الولايات المتحدة فقد مارست الحظر على سوريا حتى لم يعد لديها ما تفعله في هذا المجال. فلا يوجد بينها وبين سوريا أي تجارة أو استثمار تقريباً. الأمر الحاسم هو أن يقاطع الاتحاد الأوروبي الاقتصاد السوري، وهو ما بدأ يحدث فعلاً. فأوروبا تشتري عادة 95 بالمئة من صادرات سوريا النفطية، مزودةً النظام بذلك بحوالى ثلث عائداته من العملة الصعبة، لكن الاتحاد الأوروبي بادر إلى حظر الواردات النفطية السورية وأي استثمارات جديدة في قطاع النفط السوري. وكلما تحرك الاتحاد الأوروبي بشكل أقرب وأسرع نحو حظر كامل على التجارة مع سوريا، كان ذلك أفضل، لأن الإشعار بحد ذاته والضرر الفعلي للنخب الاقتصادية السورية سيكون أعظم.
وهذه ستكون حرباً اقتصادية ضد النظام، وكلما اشترك فيها عددٌ أكبر من الحلفاء، كانت أكثر فعالية. وقد أعلنت تركيا أنها ستفرض عقوباتها الخاصة، وإذا كانت تلك العقوبات ثقيلة بما فيه الكفاية، فإن الآثار السياسية والنفسية والاقتصادية ستكون معتبرة. من الواضح إذاً أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يجب أن يضغطا على الأتراك للمباشرة بعقوبات بعيدة المدى لا عقوبات رمزية فحسب. ويجب أن يضغطا على منتجي النفط الخليجيين لوقف أي استثمار إضافي في سوريا. وكلما كانت عقوبات الولايات المتحدة المالية أوسع مدى، قويت ذريعة دول الخليج لجعل مصارفها تتجنب دمشق.

التعامل مع العنف
الولايات المتحدة ستحتاج إلى تبني سياسات للتقدم إلى الأمام حول ثلاث قضايا هي الأكثر صعوبة. الأولى هي كيفية معالجة الموقف إذا بدأ صراع عسكري جدي على شكل حرب أهلية. وتتراوح التقديرات حول عدد الجنود الذين انشقوا عن الجيش السوري وحول ما إذا كانت لديهم قدرة واقعية للالتحام مع القوات النظامية. الولايات المتحدة يجب أن تشجع الانشقاقات، لكنها لا يجب أن تشجع العنف بأي شكل. لكن إذا بزغت إلى حيز الوجود معارضة مسلحة وقاتلت النظام، فإن الولايات المتحدة لن ترغب في أن ترى مثل تلك المعارضة تسحق. على هذا، فإن الولايات المتحدة يجب أن لا تثني حكومات أخرى عن تقديم الدعم للمتمردين إذا رغبت تلك الحكومات في ذلك. ولا يجب أن تحاول منع مجموعات أخرى ـــــ مثلاً، القبائل السنية التي تعيش على طرفي مناطق الحدود السورية ـــــ العراقية ـــــ من مساعدة إخوة لهم داخل سوريا. أما إذا تفاقمت تدفقات اللاجئين والعنف بشدة، فإن الولايات المتحدة ستحتاج الى مناقشة فرض مناطق حظر طيران أو ملاجئ آمنة على طول حدود سوريا، مع جيران سوريا وحلفائها في حلف شمالي الأطلسي (ناتو).

مستقبل الأسد
المسألة الثانية هي مستقبل عائلة الأسد نفسها. لا يجب الافتراض أن الأسد سوف يقاتل حتى النهاية. فلو استنتج عند نقطة ما أن استمراره بالحكم لا يمكن الدفاع عنه أو على الأقل في موضع شك كبير، فقد يسعى إلى إيجاد ملجأ آمن لعائلته. وقد يكون ذلك صعباً نظراً إلى وجود محكمة الجنايات الدولية، لكنه أمرٌ يستحق المتابعة. فإذا عرضت دولة ما على الأسد ملجأً آمناً، يجب أن لا تحاول الولايات المتحدة الوقوف في الطريق، لا بل يجب أن تشجع الأسد على قبول مثل ذلك العرض. وقد أظهرت حالات كثيرة أخرى أن العدالة قد تتأخر كثيراً أو لا يتم الوصول إليها أبداً. لكن الشعب السوري، على الرغم من ذلك، بإمكانه أن يتقدم نحو أهدافه الخاصة، في هذا الوقت...
المسألة الثالثة هي ما إذا كان يجب على الولايات المتحدة وحلفائها أن تسعى أو توافق على نظام علوي بدون بشار الأسد على رأسه. إن انقلاباً من داخل القصر يمكن أن يقدم للولايات المتحدة مثل ذلك البديل للوضع الراهن، لكن ذلك لا يجب أن يكون هدفاً أميركياً. فلقد خسر نظام الأسد تأييد الخاضعين لحكمه، ومن الصعب بمكان أن يرى المرء كيف يمكن نظاماً علوياً بديلاً أن يستعيدها. ذلك النظام سيكون بقيادة عدد أكبر من اللازم من المسؤولين المتورطين في انتهاكات النظام القديم، وسيبقى بالتعريف أقلية تحكم بلداً أغلبيته من السنة. وبما أن مثل ذلك النظام لا يستطيع أن يكسب انتخابات حرة، فإنه سوف يحكم بالقوة، وخاصة فيما الجمهور السني يصخب مطالباً بالمزيد من الحقوق وبات متورطاً في القتال من أجلها. وهو ما سيعني اضطراباً وفوضى مستمرين في سوريا. إن نظاماً علوياً بديلاً يزيل عشيرة الأسد من السلطة ويكون بوضوح خطوة انتقالية نحو الديموقراطية يمكن أن يكون نافعاً في إنهاء العنف وفتح طريق إلى الأمام، ولكن فقط إذا كان محدوداً في الزمن والطموحات. المسؤولون عنه يجب أن يظهروا حسن نياتهم، وجدولهم الزمني القصير، للجمهور وللتحالف الدولي الذي يعاقب سوريا وينتقدها اليوم، لكن ذلك لن يكون مستحيلاً. فإنهاء العنف الحكومي، وجداول زمنية لانتخابات، وإدراج قيادات المعارضة في الحكومة المؤقتة يمكن كله أن يظهر نيات إيجابية.

مكسب أميركي
إن إنهاء نظام الأسد سيكون مكسباً كبيراً للولايات المتحدة. فذلك النظام ديكتاتورية دموية تحتضن حماس والمجموعات الفلسطينية الإرهابية الأخرى، وهو حليف إيران العربي الوحيد، والطريق الذي تتبعه إيران لتسليح حزب الله، وهو خطر دائم على سيادة لبنان وسلامه الداخلي. وهو، فضلاً عن ذلك، متورط بمقتل العديد من الجنود الأميركيين وجرح عدد أكبر بكثير بفضل بذله أقصى جهده لمساعدة الجهاديين الساعين إلى مقاتلة الأميركيين في العراق. وفيما يقاتل ذلك النظام شعبه ويتعلق بالسلطة، فإن العقوبات الفعالة والدبلوماسية النشطة يمكن أن تساعد على تقصير أمد حياته وعلى وضع الأساسات لجهد مصمم على بناء دولة ديموقراطية مكانه.

إليوت أبرامز &laqascii117o;برغي صغير في المواقع المفصليّة"
&laqascii117o;اليوت أبرامز رجل ذو ماضٍ. ذو ماضٍ جرمي. فلقد كان، أيام رونالد ريغان، أحد أبطال فضيحة &laqascii117o;الكونترا". وقد أدين أمام لجنة من الكونغرس بتهمة الكذب تحت القسم، وتضليل التحقيق (لم يقل &laqascii117o;الحقيقة" عن دوره)، ومراوغة النواب والشيوخ الأميركيين. وكاد يخسر حياته المهنية في الدولة لولا أن عفا عنه جورج بوش الأب، ثم استعاده إلى العمل جورج بوش الابن. عمل في الإدارة &laqascii117o;الجمهورية" خلال الثمانينيات وتميز باشتباكاته الكثيرة مع &laqascii117o;منظمات حقوق الإنسان". برع في التغطية على الارتكابات الوحشية التي كان يقوم بها عملاء الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية (السلفادور، هندوراس، غواتيمالا، نيكاراغو) وفي أفريقيا (انغولا). وتولى، شخصياً، نفي ما ثبت لاحقاً من مجازر رهيبة ارتكبت بحق مدنيين من الفلاحين الفقراء. كما تولى، شخصياً، تضخيم المعلومات عن ارتكابات الحكومات المعادية لواشنطن في أميركا الوسطى اللاتينية. أبرامز &laqascii117o;برغي" صغير في آلة المحافظين الجدد، إلا أنه، دائماً، في مواقع مفصلية. نجده، مثلاً، بين الموقّعين على &laqascii117o;إعلان المبادئ" لـ&laqascii117o;مشروع القرن الأميركي الجديد". أما المبادئ فهي دعوة المحافظين إلى مغادرة السياسة الانعزالية من أجل الدفع نحو تحمل أميركا مسؤولياتها في العالم عبر الجيش القوي وزيادة الإنفاق العسكري وفرض الحريات وتحدي الأنظمة المعادية. شاركه في التوقيع على هذه الأطروحة العدوانية أناس من نوع غاري باور، وجب بوش، وديك تشيني، وإليوت كوهين، وباولا دوبرياينسكي، وفرانك غافني، وزلماي خليل زاد، ولويس ليبي، ودونالد رامسفيلد، وبول وولفويتز، الخ... كان ذلك في بداية حزيران 97. لاحقاً أصبح هؤلاء حكّام الولايات المتحدة. ثم نعود لنجده في بداية 1998 في تلك الرسالة الشهيرة، هي الأخرى، الموجهة إلى الرئيس بيل كلينتون. فحوى الرسالة أن احتواء النظام العراقي لم يعد ممكناً، وأنه يصعب التعرف إلى درجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وأنه عنصر تهديد لمصالح أميركا وحلفائها و(لإسرائيل)، لذا يجب الخلاص منه. والخلاص منه يكون، حصراً، بالعمل العسكري"... هكذا عرّف جوزف سماحة عن إليوت أبرامز في إحدى افتتاحياته، مذكّراً بدور أبرامز الأساسي في إعداد وثيقة &laqascii117o;إنهاء الاحتلال السوري للبنان، دور الولايات المتحدة الأميركية" التي صدرت في أيار عام 2000 والتي أعدّها دانيال بايبس وزياد عبد النور.

أبرامز الذي يصفه بعض المحللين الأميركيين بـ&laqascii117o;الأكثر محافظة بين المحافظين الجدد" دخل الى الإدارة الأميركية عام 1981، في عهد رونالد ريغان وغادرها في كانون الثاني 2009 في عهد باراك أوباما. لكن أبرامز ما زال ينظّر في السياسة الخارجية الأميركية في مراكز الأبحاث وخاصة في &laqascii117o;مجلس العلاقات الخارجية". عيّنه جورج والكر بوش مسؤولاً ومستشاراً في مجلس الأمن القومي طيلة فترة حكمه، وكان المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط تحديداً بين عامي 2002 و2005.
من أصل يهودي، شارك أبرامز في أهمّ الاجتماعات والقرارات المتعلقة بالصراع العربي ـــــ الإسرائيلي خلال عهد بوش الابن. في خريف عام 2002، شكّل البيت الأبيض مجموعات لوضع مخطط التدخل العسكري في العراق، وكان لأبرامز مجموعة خاصة، حملت اسمه، نسّقت مع &laqascii117o;وكالة الاستخبارات المركزية" لعملية غزو العراق. كما شارك أبرامز في وضع مخطط بقاء الجنود الأميركيين في العراق ونشرهم والسيطرة على أهم المرافق العراقية في فترة ما بعد إنهاء نظام صدام حسين. وقد اشتهر &laqascii117o;مكتب المجموعات الخاصة" بتخطّيه كل الإجراءات البيروقراطية وتجاهل بعض الجهات في الإدارة الأميركية، حيث كانت تقاريره الاستخبارية والعسكرية تصل مباشرة الى البيت الأبيض. وفي كانون الاول من عام 2002، اقترح أبرامز على إدارة بوش خطة لكيفية السيطرة مباشرة على حقول نفط العراق.
في عام 2006، كشف الصحافي سيمور هيرش، أن الولايات المتحدة بدأت تعتمد سياسة خاصة في الشرق الأوسط تقضي بدعم الحركات الإسلامية السنية لمواجهة المدّ الإيراني في المنطقة. ويقول هيرش إن عرّابي هذه الخطة هم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني وإليوت أبرامز والسفير السابق في العراق زلماي خليل زاد والأمير السعودي بندر بن سلطان. والخطة تقضي بتنفيذ عمليات سرية خاصة في لبنان وإيران وسوريا، ودعم الفريق السياسي السني في لبنان وحكومته، وتسليح مجموعات سنية متطرفة في شمال لبنان والبقاع والمخيمات الفلسطينية لمواجهة &laqascii117o;حزب الله". عام 2007، كشفت شبكة &laqascii117o;إي بي سي نيوز" عن خطة &laqascii117o;تحمل بصمات أبرامز"، تقضي بإحداث فوضى في إيران بغية زعزعة النظام للضغط عليه من أجل التخلي عن برنامجه النووي.


ـ 'النهار
خلوة ميقاتي - السنيورة: توافق على تشريع الإنفاق بقانونين
تمويل المحكمة ينتقل من الشق المالي إلى المسألة المبدئية
سابين عويس:

ما بين الرسائل المباشرة التي حملها مساعد وزير الخزانة الاميركية في زيارته السريعة  لبيروت، ومؤداها توخي الحذر والتحوط لما سيترتب على تصاعد وتيرة الضغط الدولي على سوريا، والقرار الصارم لجامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا فيها، بدا أن مهلة تضييع الوقت والمماطلة التي كان يعيشها لبنان على وقع الاستنزاف السوري بدأت بالنفاد، ليبدأ في المقابل العد العكسي لمرحلة مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية التي تحوط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
فالحكومة التي آل رئيسها على نفسه أمام المجتمع الدولي احترام التزاماتها وتنفيذ القرارات الدولية في حق سوريا بقطع النظر عما هو موقفه منها، خاض بالامس أول مواجهة مع تلك الالتزامات على المستوى العربي عندما رفض التصويت الى جانب الدول العربية الاخرى مع تعليق العضوية، مع ما سيرتب عليه هذا الموقف من التزامات أخرى حيال القرارات الاخرى المتعلقة بسحب السفراء أو تطبيق عقوبات اقتصادية.
وليست العزلة عن العالم العربي الذي اقحم لبنان نفسه فيها الا مقدمة لما قد يكون عليه وضعه في حال مماثلة مع الاسرة الدولية، عند استحقاق تمويل المحكمة بعدما تحوّل الامر بفعل المواقف المتناقضة حيالها بين رئيس الحكومة الملتزم التمويل و'حزب الله' وحلفائه الرافضين له، من شأن مالي محض الى مسألة مبدئية يرغب التحالف الاكثري في مقاربتها من ملف مبدئية المحكمة واسسها. وهذا بدا واضحا من المقاربة الساخرة للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بين تمويل مؤسسة ثقافية كالاونيسكو وتمويل محكمة دولية تنظر في قضايا اغتيال قيادات ومواطنين لبنانيين ابرياء.

واذا كان رئيس الحكومة يعوّل وفق القريبين منه على الانفتاح الدولي عليه المتجلي في زيارتيه لنيويورك ولندن بما يجعل هؤلاء يثقون بالتفهم الذي ابداه الغرب لمواقفه واحترامه التزاماته وقدرته على تجاوز مأزق التمويل، ويدفعهم الى القول بأن المحكمة ' باتت وراءنا' وأن 'المطلوب الهدوء والتروي من اجل التوصل الى المخرج القانوني الملائم لذلك'، فان الموقف المتجدد الاخير لنصر الله من المحكمة أضعف حظوظ المعالجات الصامتة، اذ أعاد الموضوع الى الضوء بعيدا من أي مسايرة أو تنازل يمهد لتسوية ما يجري العمل عليها وراء الكواليس.
فميقاتي يعول على امكان تأمين الاعتمادات المطلوبة للتمويل واضعاً المشكلة في اطارها التقني. ولهذا تعتقد الاوساط القريبة منه أنه بمجرد اقرار مشروع قانون الانفاق الاستثنائي في مجلس النواب تكون مشكلة التمويل قد حلت لأنه يصبح في امكان الحكومة ان تنفق تحت سقف القانون. لكن العقبة الاكبر تبقى في أن أي انفاق عبر سلف خزينة أو من الاحتياط يتطلب في كل الاحوال قرارا حكومياً على مستوى مجلس الوزراء، مما يعيد كل الاقتراحات التي يجري تداولها حاليا الى المربع الاول ويضع الحكومة أمام احد خيارين: اما استقالة رئيسها رفضا لتمنع وزراء 8 آذار عن اقرار التمويل وانسجاما مع موقفه المبدئي في هذا الشأن، واما لجوء 'حزب الله' الى الخيار المر عبر قبول المواجهة في مجلس الوزراء ونتائج أي تصويت مبني على تسوية سياسية بمباركة خارجية.
وأي تسوية في هذا المعنى ستمر باختبار نيات قبل بلوغ  الاستحقاق. والاختبار الاهم يتمثل في مشروع قانون فتح اعتماد استثنائي بقيمة 8900 مليار ليرة لزوم انفاق السنة الجارية، والمؤجل من الجلسة السابقة للهيئة العامة، بعدما طلبت المعارضة التريث في اقراره للدرس.

وعلم أن هذا الموضوع الذي شكل محوراً اساسياً من خلوة الرئيسين نبيه بري وميقاتي مع الرئيس فؤاد السنيورة بعد الجلسة العامة الاخيرة للمجلس، اعيد طرحه في الخلوة الاخيرة بين ميقاتي والسنيورة على هامش خلوة دار الفتوى قبل أيام. وفهم ان البحث جاء استكمالا لما سبق  طرحه من أفكار واقتراحات لمعالجة كل الملف المالي.
وعلمت ' النه

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد