قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 8/12/2011

- 'الأخبار'
نحو عاشوراء إسلاميّة
جعفر محمد حسين فضل الله:

عاشوراء مناسبةٌ يحييها المسلمون الشيعة بالخصوص، لا يُشاركهُم في إحيائها سائر المسلمين؛ مسألةٌ واضحةٌ لا تحتاج إلى نظر؛ وهنا تكمن مشكلةٌ مزدوجةٌ. الأولى، أنّ تراكم حركة الإحياء عبر الزمن، من مذهب بخصوصه، وهم المسلمون الشيعة، سيؤدّي، وأدّى ـــــ حُكماً ـــــ إلى أن تحملَ عاشوراء كثيراً من خصوصيّات القائمين على إحيائها، سواء من خلال ما يحملونه عنها، أو عموماً، من فكر متنوّع، يختلف باختلاف الأفراد والجماعات، أو من خلال الأساليب وطرق التعبير التي يجري من خلالها التعبير عن الذكرى والارتباط بها. فالإحياء هو تعبيرٌ عن ثقافة المجتمع، والفئة، والجماعة، وعندئذ ستكتسب عاشوراء من خصوصيّات تلك الثقافة التي لها روافد عديدة بطبيعة الحال.
الثانية، أنّ أتباع المذاهب الإسلاميّة الأخرى، سيجدون أنفسهم أمام ظاهرة تعبّر عن نفسها بتراكم مذهبيّ تكوّن عبر الزمن، من خلال تراكم الأفكار، والمشاعر، والأجواء، وأساليب الإحياء، وما إلى ذلك، ممّا يقرأه كلّ مذهب، أو فريق، أو إنسان من خلال مرتكزاته الفكريّة والثقافيّة بعامّة. وبالتالي قد يشعرون بأنّها تقف معهم على طرفي نقيض، وفي أضعف الأحوال بأنّهم غير معنيّين بها.
وليس من شكٍّ أنّ المشكلة الأولى ستُلقي بظلالها، أو ستكون جزءَ سببٍ على الأقلّ لتوليد المشكلة الثانية، أو تعقيدها؛ وذلك لأنّ التاريخ الذي تراكم إحياء عاشوراء في ظرفه، هو تاريخٌ مأزومٌ، يختزن كلّ حالة الصراع الذي أُلبِسَ لبوس المذهبيّة، والطائفيّة.
لذلك، فعندما يصل الحاضر إلى لحظة تأجيج مذهبيّ، كما نشهد هذه الأيّام، فإنّ الخطاب الإسلاميّ، سواء أكان سنّياً أم شيعيّاً، سيجد نفسه منغمساً في استعادة كلّ التاريخ المأزوم، الذي أطلقت فيه الكلمات، ونظمت فيه الأشعار، وألّفت فيه الكتب، وما إلى ذلك ممّا تتضخّم فيه المواقف والكلمات في الحاضر، ويُغيّب فيه الخطاب الوحدويّ، تارةً بحجّة أنّه يصطدم بضرورة شدّ عصب الجماعة المذهبيّة، وأخرى بحجّة أنّه غير ذي جدوى في واقع مأزوم. وفي كلتا الحالين سيكون الإسلام هو الخاسر الأكبر؛ لأنّنا ـــــ من حيث ندري أو لا ندري ـــــ نسلّم زمامه للفتنويّين والمتعصّبين والتكفيريّين والجهلة، الذين يتصدّرون اليوم مواقع الإنترنت، أو هواء الفضائيّات، من كلا الفريقين!
حتّى لا نعودَ إلى الوراء، وحتّى لا ينزلق الواقع الإسلامي إلى المزيد من الأزمات الفكريّة والمذهبيّة، وحتّى لا تتحكّم في الخطاب الإسلامي، الشيعي والسنّي على حدّ سواء، تلك الشرذمة من الجاهلين والمتعصّبين والماضويّين، لا بدّ أن يتحمّل الواعون مسؤوليّتهم بكلّ قوّة. ولا بد أن يجري العمل على تفعيل جبهة فكريّة ثقافيّة مقاوِمة لكلّ أشكال التخلّف، لكي تواكبَ حركةَ المقاومة الجهاديّة على امتداد العالم الإسلاميّ، من فلسطين إلى لبنان إلى العراق إلى أفغانستان، إلى كلّ موقع للعزّة الإسلاميّة في هذا العالم؛ وهو ما لا يستطيع فريقٌ بعينه، ولا مذهب بخصوصه، أن يتحمّله منفرداً، بل لا بدّ من تضافر الجهود، وتوزيع الأدوار، مقدّمة لتسلّم الساحة لحركة الوعي، ولخطاب الوحدة، ممّا انطلق الإمام الحسين (ع) ليحييه في الأمّة، بعد سبات ارتكز إلى حالة ثقافيّة بثّها الحكّام الظلمة، أفقدت الإنسان والمجتمع ثقتهما بنفسهما، وأدخلتهما في جدل في مفردات عقيمة، ابتعدا فيها عن صفاء العقيدة، ووضوح الرؤية، وخطوط الحركة.
وندعو في هذا المجال إلى الخطوات الآتية:
أوّلاً: إكمال مسيرة الإصلاح في المنبر الحسينيّ، عبر تنقية عاشوراء الحدث التاريخي، من كلّ ما يفتقر إلى صحّة النِسبة التاريخية أو متانة الدلالة، ولا سيّما ممّا يتناقض مع مفاهيم القرآن، وسنّة النبيّ (ص)، أو طبيعة الحركة الواقعيّة للتاريخ؛ وهنا سنجد أنّ عاشوراء القضيّة ستنطلق من عمق مضمونها الفكري والحركي الإسلاميّ، لتغدو حركة إسلاميّة، تغرفُ من القرآن والسنّة، وتجسّد تعاليمهما على أرض الواقع.
ثانياً: التأكيد على المرجعيّة الإسلاميّة لعاشوراء الثورة والقضيّة؛ لأنّ القاعدة التي انطلقت منها هي قاعدة القرآن، حيث قال تعالى: (ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين)، ومن حديث رسول الله (ص) إذ قال: &laqascii117o;أيّها الناس، من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعهد الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخلَه". بإمكاننا اليوم أن نستدعي ـــــ ونحن نعمّق فهمنا لعاشوراء ـــــ كلّ آيات القرآن التي تتحدّث عن مواصفات الحاكم، وعن حركة التاريخ في الصراع بين المؤمنين والظالمين في قوم &laqascii117o;عاد" و&laqascii117o;ثمود" وفي فرعون وهامان وقارون، وما إلى ذلك من طغاة الأرض ومستكبريها؛ وكذلك في حديثِ النبيّ (ص) في تأكيده على &laqascii117o;الأمر بالمعروف"، وهو كل ما يرفع مستوى الإنسان والحياة، و&laqascii117o;النهي عن المنكر"، وإصلاح الفكر والحركة، والنفس وأخلاقيّاته، وما إلى ذلك؛ لنحكم على الحاضر، ولنتحاور كمسلمين بلغة مشتركة، هي لغة القرآن ومصطلحاته، ولغة الحديث النبويّ ومفرداته. وهنا نقول: لا يُمكن لثورة منطلقاتها وقواعدها الفكريّة كهذه، إلا أن تكون عابرةً للمذهبيّات، إلى فضاء الوعي الإسلاميّ العامّ.
ثالثاً: رعاية حركة إنتاج للشعر والأدب العاشورائي، من وحي القضيّة في أصالتها، والمشاعر في معاصرتها، والتحدّيات في واقعها؛ إذ من غير السليم أن يُصبح الشعر العاشورائي المُنتج في مرحلة تاريخية ما أشبه بالكتاب المُنزل الذي لا نجد عنه حولاً ولا بدلاً؛ فضلاً عن أنّ ذلك ـــــ في حدّ ذاته ـــــ يُنذر بعُقم التأثير؛ لأنّ تعوّد قصيدة، أو أسلوب، مع تطوّر حركة التعبير والوسائل، من شأنه أن يحدّ من التأثير، وأعتقد أنّ ذلك لم يعد خافياً على أحد؛ فضلاً عن أنّ الشاعر عندما يعيش في قلب الصراع المذهبيّ، وينطلق بروح رساليّة لا تحجّم ثورة الحسين (ع) وقضيّته، فسوف يعكس شعرُه الأبعاد الوحدويّة لتلك الثورة والقضيّة، وسيكون الأدب العاشورائيّ المنتج مرتكزاً إلى كلّ التجارب الوحدويّة التي عبرت وجدان الأمّة الإسلاميّة، كما في تجربة مقاومة العدوّ الصهيوني والاحتلال الأميركي وغيرهما في أكثر من بلد عربيّ وإسلاميّ.
رابعاً: في المقابل ثمّة واجبٌ حضاريّ على المسلمين السنّة تجاه عاشوراء؛ لأنّ عاشوراء ـــــ كقضيّة ـــــ ليست مناسبة اجتماعيّة؛ بل هي جزءٌ من التاريخ الإسلاميّ، لا يُمكن أن يُقارَب على طريقة التسويات التاريخية التي لا تريد أن تنفذ إلى عمق القضيّة، كما لا يصحّ الاستغراق فيها ـــــ أيضاً ـــــ على طريقة جَلد الذات أو استجلاب الأحقاد، لتلقي بظلالها تأزيماً للواقع امتداداً لأزمات التاريخ، لكنّها تمثّل حدثاً أعطى درساً في تجسيد كثير من القيم الإسلاميّة التي تتّصل بالحركة السياسيّة، ومعايير الحكم، والصراع بين الأخلاقيّة الرساليّة السياسيّة والانحطاط الإنسانيّ السلطوي النفعيّ وما إلى ذلك، ممّا لا نزال نشهد نماذجه في الواقع المعاصر. وذلك في الوقت الذي لم نبلور تجاهه رؤية مشتركة، أو معايير متقاربة نقيس بها الواقع، لنتّحد على معالجته وطبيعة الحركة تجاهه، سنّة وشيعة، بدلاً من أن تأخذنا العصبيّة المذهبيّة لنحسب على هذا المذهب أو ذاك الظالمين والمفسدين الذين حاربهم الحسين (ع) لمجرّد أنّهم ينتمون إلى الجماعة المذهبيّة كإطار عصبيّ، لا كإطار قيميّ.
إنّ من شأن المساهمة الإسلاميّة السنّية الفاعلة في التحليل المستند إلى مرجعيّة عاشوراء الإسلاميّة، والنقد الموضوعي لطبيعة الخطاب، وفي التأليف فكراً وأدباً، وفي التلاقي في الحوارات والمنتديات، من موقع المسؤوليّة الحضاريّة تجاه التاريخ الإسلامي، بكل ما جرى فيه؛ من شأن ذلك أن يُسهم في تقريب وجهات النظر، وأن يخفّف من حدّة الانغماس المذهبي في إحياء الذكرى، وإنتاج خطابها، ويُمكن أن تخرج معه عاشوراء إلى فضاء الإسلام وقيمه ومفاهيمه، بما يؤسّس لقواعد في فهم التاريخ تُلقي بظلالها على كلّ الواقع.
إنّ نهضة العالم الإسلامي، مرهونةٌ ـــــ في أحد أهمّ أوجهها ـــــ بتفعيل حركة الفكر الحرّ، وأن يتصدّر الساحة الثقافيّة الواعون، والحريصون على مستقبل الأمّة، وأن تتقبّل الأمّة كلّها حركة النقد العلمي الموضوعي، وضبطَ الفكرِ بالفكر، وسيادة التفكير العلمي والموضوعي الذي يقبل الدليل والبرهان ويرفض بالدليل والبرهان كذلك؛ لأنّ أمّة تخافُ من الأفكار التي تُطرح في الساحة الفكريّة الرصينة، لا في ساحات إثارة النعرات، هي أمّة تعبّر عن حالة من حالات الضعف في بنائها الفكري، وهذا غير صحيح إذا ما قيس بقواعدنا الفكريّة المستندة إلى كتاب الله وما صحّ ممّا نقل إلينا من سنّة رسول الله (ص)، وحديث أهل البيت (ع).
أخيراً، إنّ الذكريات التي لها بُعدٌ حضاريّ وقيمي ورساليّ، كالثورة الحسينيّة، لا يُمكنها إلا أن تسير جنباً إلى جنب مع التجديد الدائم، لمضامينها التي لا بدّ أن تبقى منسجمةً مع قواعد الثورة ومفاهيمها، التي ليست إلا قواعد الحركة في الإسلام ومفاهيمه؛ وإعادة الإنتاج المستمرّ لأساليبها التي ينبغي أن تنسجم مع عنصر التأثير الوجداني في الإنسان المعاصر؛ لأنّ لكل عصر لغته في التأثير والتأثّر، وما كان ينفع في الماضي قد لا ينفع في الحاضر، أو قد يشير إلى ضعف في التأثير فيه. يستدعي ذلك أن نظلّ في حركة إصلاح حضاريّ، قائم على أساس الحرّية الفكريّة للنقد الموضوعي، طالما أنّ المسلمين اليوم بدأوا يخرجون شيئاً فشيئاً من ساحة القهر إلى ساحة الحكم والفاعليّة الحضاريّ. وينبغي أن يكونوا متسلّحين بأدوات ذلك، لكي يبرهنوا أنّهم قادرون على صوغ مشروع حضاريّ، يرتكز إلى الجذر التاريخي في إعادة إنتاج الحاضر والمستقبل. إنّ ذلك كفيلٌ برفع منسوب الوعي الذي تشعر معه الحكومات الظالمة والمستكبرة، بأنّها باتت مكشوفةً أمام الشعوب، وهو أحوج ما نكون إليه اليوم في ظلّ إرهاصات الفتنة المذهبيّة التي يبشّر بها أعداء الأمّة جمعاء، لتمرّر من خلالها لو حصلت ـــــ لا سمح الله ـــــ كلّ مشاريع الهيمنة. فلو دقّقنا في خلفيّات تاريخ الصراع المذهبي، لوجدنا ـــــ بلا شكّ ـــــ أنّه تاريخ سياسة السلطة التي تخاف من الوعي الإسلامي الشيعي كما الوعي الإسلامي السنّي؛ لأنّه سيسحب البساط من تحت أقدام السلطات الجائرة؛ وكم حضن تاريخ تلك الحكومات اضطهادَ أئمّة المسلمين السنّة إلى جانب أئمّة المسلمين الشيعة ـــــ إذا صحّ لنا التصنيف بهذه الطريقة ـــــ!.


- 'السفير'
تزاوج الدكتاتورية والرعاية الأميركية: الربيع العربي ينجب الإسلام السياسي
طلال سلمان:
 
بداية، وتأكيدا للإيمان بالديموقراطية، لا بد من الاعتراف بحق الإسلام السياسي - كتيار تاريخي، وبمعزل عن الصح والغلط في ممارساته السياسية وفي الرد عليها بالقمع -، في أن يتقدم الصفوف وان يتولى او يتمثل في السلطة الجديدة التي جاءت بها أصوات الناخبين في أنحاء عدة من الوطن العربي الكبير، بدءاً بمصر مروراً بتونس وانتهاء بالمغرب الأقصى.
وليس من حق المفجوعين بهذه النتيجة للعملية الديموقراطية ان يقابلوها بالرفض او بالاستنكاف عن العمل السياسي بذريعة اليأس من الجمهور الذي تحركه عواطفه او مشاعره الدينية، خصوصاً ان الدين كان ملاذه الأهم في دهور البؤس وفقدان الأمل في السلطة القائمة بالأمر.
لقد دمرت أنظمة ما قبل ميادين الانتفاضات أجيالا من المناضلين وسحقت حقوق الناس البديهية في حياة أفضل، لم يقصروا في منحها عرق الجباه وثمرة العقول من اجل زيادة الناتج القومي الذي كان يسرق او يبعثر على أهل السلطة وشركائهم في الداخل والخارج، فضلاً عن السماسرة الذين كثيرا ما صاروا اخطر من الوزراء وأركان الإدارات العامة.
ثم ان التجارب البائسة التي انتهت اليها الأحزاب العلمانية، لا سيما في المشرق، قد استولدت ردة فعل عنيفة ضد المبادئ التي كانت ترفعها بمعزل عما اذا كانت الأنظمة التي حكمت باسم تلك المبادئ قد التزمت بها حقاً وعملت بجد لمحاولة تنفيذها ام انها ـ كما دلت النتائج - قد استخدمتها لجذب الجماهير والتغرير بها، ثم مضى &laqascii117o;القادة التاريخيون" في تدمير الأحزاب التي وصلوا بها الى السلطة، كمدخل الى تدمير الحياة السياسية جميعاً. وبديهي ان تسحق أحزاب المعارضة وتجفف ثم تستبقى لتكون بين أدوات الزينة التي يستخدمها الدكتاتور لنفي التفرد عن حكمه الفردي.
الدكتاتور هو الدكتاتور، لا يتبدل نهجه ولا تختلف نتائج تفرده بالقرار، في أي مكان او زمان..
وما أفرزته نتائج الانتخابات في تونس بداية، ثم في مصر بالتحديد، هو ـ بالدرجة الأولى - رد فعل أولي على القمع اتخذ شكل التعاطف مع القوى التي نالها قمع اشد، أكثر منه تعبيراً عن التسليم بشعار &laqascii117o;الإسلام هو الحل" أو بامتلاك الأحزاب الإسلامية، اخوانية او سلفية، وصفة الإنقاذ السحري لواقع هذه الدول التي أذلها الطغيان وأفقرها، وضمنها الحركة الشعبية التي دمرها الطغيان بالاعتقال والسجن والإفقار والتشريد والقتل احياناً.
مع التنويه دائماً بان الحركات الإسلامية ظلت الأكثر تنظيماً، في حين ان &laqascii117o;الميدان" امتلأ بملايين المتماثلين نهجاً والمتقاربين فكراً ولا تنظيم يجمعهم.
من هنا يطرح السؤال نفسه: هل النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية في كل من تونس ثم مصر (ونستثني المغرب لاختلاف الظروف) تمثل ـ فعلاً- الرصيد الشعبي للمشروع السياسي للقوى الإسلامية، احزاباً ومجموعات، أم انها ـ في جوهرها - رد فعل أولي على الاضطهاد التاريخي الذي أصابها على أيدي أنظمة القمع، وتعويضاً لها عن دهور &laqascii117o;نفيها" من الحياة السياسية، تمهيداً لامتحانها في صدق ولائها لأهداف الشعب في الحرية والعدالة والتقدم، ثم في قدرتها على انجاز ما وعدت بها إذا ما وصلت الى السلطة او شاركت فيها؟
بتعبير آخر: هل هذه النتائج تتصل بالماضي، وشيء من الرغبة بالتعويض عنه، ام هي تتصل بإيمان الجمهور بان هذه القوة الإسلامية تملك برنامجاً متقدماً لمستقبل مصر او تونس، ام هي اندفاع نحو &laqascii117o;الإسلام هو الحل" لان الإسلام السياسي ـ كأحزاب وتنظيمات - لم يحكم يوماً، ولم يمنح فرصة لاكتشاف مدى صلاح برنامجه كمدخل الى الحل الذي بات الآن أكثر صعوبة منه في أي يوم سابق؟
ثم.. هل هذه النتائج مكافأة متأخرة للإسلاميين ام هي عقاب للقوى الأخرى التي كانت تسفه الإسلاميين وتتهمهم بالتخلف وبنقص في ايمانهم بالإرادة الشعبية وبالهرب من مشاكل الناس على الأرض الى حلول موعودة في السماء... قبل التدقيق في قدرة هؤلاء على إقامة حكم العدل والمساواة بين المواطنين وهل يملكون خططاً للتقدم والقفز بالبلاد من وهدة التخلف والقهر والعوز، الى ما يليق بكرامة شعبها وحقه بدولة عصرية، لم يقصر يوماً في منحها عرق الجباه بل الدماء كلما ناداه واجب التحرير او مواجهة محاولات الإذلال؟
وهل هذه النتائج حصيلة صراع في الداخل وعليه ام ان &laqascii117o;الخارج" فيها، كعنصر فاعل ومؤثر، وبالتالي كمستفيد أول، حتى وان تبدى الصراع &laqascii117o;محليا"ً في صورته الظاهرة؟
بتعبير آخر، هل كانت الإدارة الاميركية تحديداً، والغرب عموماً مجرد متفرج في الخارج، يتابع ويراقب كشاهد، ولا يتدخل مطلقاً، مع التذكير بأنه موجود في &laqascii117o;الداخل" بأكثر مما نقدر، ومؤثر بأكثر مما نتصور؟ ألم يكن هذا &laqascii117o;الخارج" هو المرجعية الفعلية للأنظمة التي تفجرت الانتفاضات في وجهها مطالبة بإسقاطها؟
ألم يكن الرئيس الاميركي باراك اوباما على اتصال هاتفي مع الرئيس المخلوع حسني مبارك منذ انفجار الثورة الشعبية في مصر وحتى اللحظة الأخيرة، يوجهه وينصحه بالصمود، والتنازل عن بعض صلاحياته لنائب رئيس يختاره من بين أركانه، حتى إذا جد الجد سحب يده منه وطالبه بالتنحي؟
لم تكن الإدارة الاميركية على اتصال مفتوح مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، تحرضه على الصمود ضامنة له عدم تحرك الجيش، فلما انهارت أعصابه واختار الهرب كانت مستعدة لترتيب أمر المرحلة الانتقالية مع الثقة بقدرتها على الوصول بها الى النتائج التي تعيشها تونس اليوم؟
ألم تكن الإدارة الاميركية على معرفة بخريطة القوى السياسية في مصر، وهي ولية أمر النظام المصري من لحظة رحيل جمال عبد الناصر، وقد تولت مع أنور السادات إعادة ترتيب &laqascii117o;الداخل" فرعت &laqascii117o;مصالحته" مع الإخوان المسلمين بما يضمن ـ لاحقا - تمرير معاهدة الصلح مع العدو الإسرائيلي بأقل معارضة منظمة ممكنة، خصوصاً وقد تم تزيين ذلك الصلح بوعود مذهبة عن الرخاء المقبل مع &laqascii117o;الانفتاح" على &laqascii117o;الخارج" والعمل لاستعادة عرب النفط في فترة لاحقة لدعم النظام في مواجهة معارضيه الذين تمت الاستعانة بالأزهريين والإسلاميين عموماً لتكفيرهم نتيجة رفضهم سياسات &laqascii117o;الرئيس المؤمن"... وهل كان اختيار هذا اللقب ذي الرنين الديني لأنور السادات مجرد مصادفة ام هي عملية مدروسة لإسباغ شيء من قدسية الدين على فعل الخروج على إرادة الأمة؟
ألم تكن الإدارة الاميركية تتابع وترعى التحولات السياسية التي كانت تشهدها صفوف الإسلاميين عموماً، والتي وفرت لها عمليات &laqascii117o;القاعدة" وأخطرها ضرب البرجين في نيويورك، الفرصة للتبرؤ من &laqascii117o;التطرف" وإعلان التوبة عن نهج &laqascii117o;الإرهاب"، والعودة الى حظيرة النضال السلمي من اجل الديمقراطية، والتخلي عن المنهج الانقلابي والتسليم بالانتخابات كمعبر إجباري الى تداول السلطة... معززة بشهادة حسن سلوك اميركية؟
بالمقابل فإن &laqascii117o;بيت الخبرة" البريطاني كان حاضراً بعلاقاته التاريخية مع القيادات الإسلامية في المشرق العربي خصوصاً، ومن ضمنه مصر، وقد أضاف اليها علاقة مستجدة مع إسلاميي المغرب عموماً، وتونس وليبيا على وجه الخصوص...
على ان ذلك كله ما كان ليكفي من دون توظيف التراكم التاريخي لفشل الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت باسم أحزاب وتنظيمات شعبية سرعان ما دمرتها لينفرد &laqascii117o;القائد التاريخي" و&laqascii117o;الزعيم الملهم" و&laqascii117o;الرئيس الى الأبد" بالسلطة... وذلك قد وفر مناخاً ملائماً لإدانة العمل الحزبي ذي الشعار التقدمي (حزب البعث في العراق، ثم في سوريا، ومن قبل الحزب الاشتراكي في اليمن الجنوبي، فضلاً عن هرطقات القذافي حول الاشتراكية و&laqascii117o;غربة" الأحزاب الشيوعية عموماً عن مجتمعاتها نتيجة التحاقها بالمركز في موسكو. و&laqascii117o;المركز" لا ينظر الى تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي بوصفها &laqascii117o;قضيته المركزية" وهو لا يقر بالكفاح المسلح وسيلة لتحريرها، كما انه لا يسلم بالعروبة كانتماء جمعي لهذه الشعوب المنتشرة بين بحر العرب والمحيط الأطلسي).
على هذا يمكن القول ان النجاحات التي تحققها الحركات الإسلامية في مصر وسائر الدول العربية في شمال أفريقيا هي ـ في بعض جوانبها - حصيلة فشل الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت باسم العروبة والاشتراكية وشعار الوحدة...
ولقد تسببت تلك الأنظمة في إلحاق الأذى بقضية العروبة ذاتها وبفكرة الاشتراكية بل بالأحزاب العلمانية جميعاً... وصار يمكن تصوير إسقاطها على انه هزيمة للعروبة أولا، بدليل ان الشعار الذي رفع مباشرة في كل قطر عربي كان يركز على أمرين متكاملين: نفي صفة العروبة عن البلد المعني بالتركيز على هويته المحلية، ثم اللجوء الى &laqascii117o;الإسلام" كهوية جامعة، علماً بأنه ندر ان اجتمع إسلاميان على مفهوم موحد للإسلام السياسي.
ان استثمار فشل أنظمة الطغيان التي تخصصت في تشويه العروبة وتدمير الحركة السياسية، بأحزابها المتعددة الراية والعقيدة، لا يكفي كي يعطي الحركات الإسلامية الشرعية والأهلية لصناعة الغد الأفضل.
ان هذه الحركات تأتي، بأغلبيتها، من الماضي. ولا يكفي الجهر بمعاداة العروبة والاعتصام بالكيانية، بينما العقيدة المعلنة &laqascii117o;أممية" لتأكيد أهلية هذه الحركات لبناء أنظمة ديموقراطية تحفظ الهوية الأصلية لبلادها وتتقدم بها على طريق المستقبل الأفضل.
ومن باب الطرافة نشير الى المفارقة المتمثلة في واقع ان الإدارة الاميركية قد أطلقت تعبير &laqascii117o;الربيع العربي" على حركة الانتفاضات الشعبية التي تزامن تفجرها في أقطار عدة، وان هذه الحركات تؤكد انتسابها - بشكل او بآخر - الى هذه الموجة، لكنها سرعان ما تبادر الى نفي هويتها العربية لتوكيد اسلاميتها.
ولا يتبقى غير ان نهنئ الإدارة الاميركية على عميق إيمانها بالدين الحنيف.
نشر في جريدة &laqascii117o;الشروق" المصرية
 

- 'النهار'
الإسلاميون من موريتانيا إلى أفغانستان؟
 سركيس نعوم:

لن يكون الربيع العربي، الذي انطلق من تونس والذي ينتقل من محطة عربية الى اخرى، في مصلحة الولايات المتحدة على المدى البعيد رغم الدعم الذي تقدمه له مع حلفائها العرب والأجانب. هذا ما تقوله اوساط سياسية عربية لا تنظر بارتياح الى الربيع المذكور ليس لأنها ضد الديموقراطية، بل لأنها تخشى وصول التيارات الإسلامية الاصولية الى السلطة في العالم العربي الإسلامي ومن ثم استئثارها بها كما الأنظمة المنهارة. هذه التيارات لا يمكن إلا ان تعادي اسرائيل احدى اهم المصالح الحيوية الاميركية في الشرق الاوسط، وإلاّ ان تعادي اميركا نفسها لانحيازها التام اليها. ولا يمكن إلا ان يؤثر ذلك على مصلحة حيوية اميركية بل دولية هي النفط والغاز الذي يبدو ان ارض العرب صارت خزانه الأكبر. ولا يمكن إلا ان يَمُسّ الصورة الدولية لأميركا حامية الحريات والديموقراطية.
هل ما تقوله الاوساط المذكورة اعلاه في محله؟
قد يكون كذلك من الناحية النظرية، يجيب متابعون من قرب لأوضاع المنطقة وتطوراتها وخصوصاً بعدما بدأ الإسلاميون يربحون في  غير دولة. لكنهم يدعون الخائفين بصدق من انتشار ظلامية دينية في العالم العربي وتالياً من مصير أسود لليبراليين وللأقليات الاسلامية والمسيحية، وناشري هذا الخوف بقصد حصول الأنظمة القمعية على ما يدعمها، يدعونهم الى التروي لأن ما يسيّر سياسات الدول الكبرى هو مصالحها. فأميركا كانت في العقود الماضية مع الانظمة الديكتاتورية والعسكرية في العالم الثالث لأنها كانت تؤمِّن لها مصالحها. وعندما بدأت شعوب هذا العالم تثور على أنظمتها، ومن دون علم اميركا، عادت الأخيرة الى طرح شعارات الديموقراطية وحقوق الانسان لأبنائه بعد طول اهمال لها. وبدأت تواكب في العالم العربي الثورات المطالبة بذلك على تنوعها السياسي والديني والمذهبي، وبدأت في الوقت نفسه عملية احتوائها من خلال دعمها حماية لمصالحها.
انطلاقاً من ذلك يعتقد المتابعون انفسهم ان الوضع الجديد في المنطقة العربية لن يستقر قريباً، وإن اسلاميي العرب وديموقراطييهم سيبقون في حاجة الى اميركا. وأسباب ذلك كثيرة اهمها اثنان. الاول، انتشار المذهبية في العالم العربي والإسلامي وإمكان تحول الثورات الربيعية حروباً مذهبية. وهذا ما يلمسه الجميع في سوريا واليمن والعراق وباكستان وافغانستان. اما السبب الثاني، فهو اقتناع العرب السنّة اي الغالبية بالخطر الوجودي عليهم الذي تمثّله الجمهورية الاسلامية الايرانية بعد استيلائها على قضية فلسطين، وبعد تحوّلها القطب الاقوى في العالم العربي جراء نجاحها في تكوين محور يضم سوريا ولبنان وبعض فلسطين والعراق. وفي اوضاع كهذه، يلفت المتابعون انفسهم، تستطيع اميركا ان تغض الطرف عن انتشار الاسلاميين المعتدلين وغير المعتدلين من موريتانيا إلى الخليج العربي، وفي افغانستان بعد انسحابها منها عام 2014 وباكستان اذا اضطرت الى الانسحاب منها. وبذلك تخسر ايران ما كانت كسبته جراء احتلال اميركا افغانستان ثم العراق. وتصبح مضطرة لاتخاذ موقف من اثنين. الأول، التورّط في اشتباك مع هذا المحيط العربي والإسلامي المعادي لها. وسيكون ذلك مكلفاً لها رغم ثروتها النفطية وقوتها العسكرية، ومستنزِفاً لها ولمن تقاتِلهم. أما الموقف الثاني فهو الاتجاه نحو تفاهم مع اميركا التي تبقى في حاجة الى اقليات قوية في المنطقة قادرة بدعم منها ومن الغرب عموماً على خلق توازن مع قوى الأكثرية. ومن شأن ذلك في حال حصوله إعادة ترتيب المنطقة من حيث النفوذ بين القوى الاكبر فيها، وهي ليست ويا للأسف عربية. طبعاً، يقول المتابعون انفسهم ان احتمال اندلاع حرب بين اميركا او اسرائيل او الاثنين معاً وايران يبقى قائماً لكن فقط إذا لم يكن هناك مفرّ منها.
في النهاية قد لا يكون المتابعون إياهم محقّين في كل تحليلهم. لكن على المعنيين عدم الاستهانة به، فالمنطقة حبلى بحروب مذهبية وبثورات شعبية وأخرى شعبوية وبفوران إسلامي سنّي ودولها تشعر بالخطر الشديد. والأسلم للجميع ان يسلكوا درب الحوار والتفاهم لأن التخلّي عنه لمصلحة درب الدم والعنف سيدمِّر المنطقة على رؤوس ابنائها.


- 'السفير'
صراعات الإسلام السياسي في نظام عربي جديد
جميل مطر:

مرة أخرى، وفى أقل من عام، تلعب تونس دور بوصلة العرب فتشير إلى أحداث كبيرة على وشك أن تقع في المنطقة. كان البطل في المرة الأولى، الشاب البوعزيزي الذي اختار أن يحرق نفسه. لم يعرف هذا الشاب أنه بهذا الفعل يعطي الإشارة لتندلع سلسلة ثورات في جمهوريات العالم العربي. دور البطل في المرة الثانية قد يكون من نصيب الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، وقائد مسيرتها خلال الحملة الانتخابية وصولا بها إلى سدة الحكم بنسبة أصوات وصلت إلى حوالى 40 في المئة من مجموع أصوات الناخبين.
[[[
تابعت من بعيد منذ الثمانينيات، صعود حركة النهضة وزعيمها في وقت كان ظهور حركة إسلامية سياسية في تونس بالذات أمرا يصعب توقعه. ومع ذلك لم يأت نجاحها في الانتخابات الأخيرة مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، فقد عشت معظم شهور السنة الفائتة أشهد أحداثا وتطورات غير مألوفة. كنت وما زالت أحد القلائل الذين قدروا أن الدول التي نشبت فيها الثورات، أو سمها انتفاضات أو اضطرابات أو فوضى، لن تعود إلى ما كانت عليه قبل نشوبها. لن يعود من انخلع من حكامها إلى الحكم، ومن بقي فيه لن يطول بقاؤه، وستتحلل الطبقة السياسية القائمة، بعضها سيتحلل بالتدريج عبر انفراطات وانكشاف حجم تعفنها وضعفها وفسادها، وبعضها سيتحلل بتأثير اللافعل واللاتجديد ذاتيا.
تصورت أيضا، مدفوعا بثقة شديدة بالأهمية التاريخية للأحداث والتطورات المتلاحقة، أن النظام الإقليمي العربي، وأعني به أنماط التفاعلات والامكانات والتحالفات والعقيدة السياسية - الاجتماعية السائدة، سوف يحصل على نصيبه من التغيرات العميقة، ولن يعود إلى ما كان عليه في عام 2010.
[[[
دعونا نسجل صراحة أنه لولا الثورات في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن لما ارتفعت مرتبات الموظفين في الدول التي لم تصل إليها الثورة، ولما أفرجت الحكومات عن مئات وربما آلاف المعتقلين السياسيين، ولما تعاقد بعض هذه الدول مع شركات أمن أجنبية أو دعا الدول الغربية إلى مضاعفة وجودها على أراضيها، ولما صدر قرار بدعوة كل من المملكة الأردنية والمملكة المغربية للارتباط بمجلس التعاون الخليجي وربما الانضمام إليه. أصف هذا القرار بالثوري لأنه يشذ شذوذا قاطعا عن المألوف في المبادئ التي قام عليها المجلس وخضعت لها ممارساته خلال العقود الثلاثة الماضية. أقول لولا الثورات العربية لما ارتفعت إلى هذا الحد توقعات ومطالب فئات من شعوب الجزيرة العربية، بل لما تعاملت حكومة مملكة البحرين مع تقرير لجنة بسيوني بهذه الدرجة من التفهم والقبول.
لولا هذه الثورات لما أقدمت دولة قطر، متجاوزة تقاليد معروفة وممارسات عتيقة ومخاطرات جسيمة، على قيادة النظام الإقليمي العربي في غياب الأنظمة الجمهورية التي سقطت أو تكاد تسقط، برضى المملكة السعودية باعتبارها الدولة المؤهلة لوراثة القيادة من الدول الجمهورية. لن يكون دقيقا تماما القول بأن الهدف الوحيد من تولي دولة قطر مسؤولية القيادة في هذه المرحلة هو الزهو والتفاخر والحصول على مكانة أعلى لدى دول الغرب العظمى. وفي الوقت نفسه، لن يكون بعيدا عن الدقة القول بأن احد اهداف قطر، مشتركة مع شقيقاتها في دول الخليج، هو &laqascii117o;التحكم في مسيرات الثورات العربية"، فلا تتدهور إلى فوضى إقليمية أو يتعاظم بريقها وجاذبيتها فتستمر نموذجا ومثالا يحتذى. ولا يخفي كثيرون اعتقادهم أنه في الأثناء يجري العمل من أجل استعادة بعض أوضاع ما قبل نشوب الثورات.
[[[
تعددت الاجتهادات عن مستقبل الجماعات الإسلامية في ظل ثورات لم يكن وراء نشوبها دافع أو تحريض ديني. وعندما جرت الانتخابات البرلمانية في تونس ثم في مصر لم يكن بين توقعات المراقبين أن تحصل الجماعات الدينية على النسب المرتفعة التي حصلت عليها. وربما بدا للوهلة الأولى أن بعض نتائج التصويت كان مفاجأة سارة للدول المحافظة في العالم العربي. وهو السرور الذي يشك بعض المتخصصين في شؤون المنطقة العربية والمذاهب الإسلامية في أن يدوم طويلا، دوافع هذا الشك عديدة وأقترح أن تدرس بهدوء وروية من كافة الأطراف المشتركة الآن في عملية رسم خريطة سياسية جديدة في المنطقة، يتوقعون مثلا:
أولا: أن التحديات الاجتماعية والسياسية والدولية التي ستواجه الجماعات الإسلامية التي فازت في الانتخابات وتستعد لتولي مسؤولية الحكم ستفرض عليها، إن عاجلا أم آجلا، إعادة النظر في كثير من المبادئ والأفكار التي قامت عليها في ظل ظروف القمع وقبل نشوب الثورات. والمعروف أن أغلبها كان يلتزم إرضاء النزعات المتشددة السائدة في بعض المجتمعات المحافظة، وقد يحتاج إلى دعمها المالي فور توليه السلطة.
ثانيا: ان المحافظة على وحدة المجتمعات في الدول المحافظة الواقعة على هامش حزام الثورات العربية وأكثرها حافل بأقليات طائفية وعرقية وعلمانية وليبرالية، يستدعي &laqascii117o;صحوة" دينية على مستويات متعددة وليس فقط على مستوى الاجتهاد والتفسير والتطبيق.
ثالثا: اشتعال المنافسة الحامية بين المدارس الفكرية الإسلامية حول الأحقية في قيادة الإسلام العربي في المرحلة القادمة واحتمال أن تتدخل فيها طبقات حاكمة. يشير الدكتور وليد قمحاوي في مقال نشره مؤخرا في &laqascii117o;القدس العربي"، إلى أن الفرصة حانت ليسترد &laqascii117o;الإسلام العربي" مكانه الذي تنازل عنه في سنوات الجمود أو التخلف الفقهي لمدارس وحركات إسلامية آسيوية. هذه العودة في حد ذاتها ستكون عاملا أساسيا في إطلاق عملية صحوة أو نهضة إسلامية حقيقية آثارها قد لا تكون أقل أهمية من الآثار التي تنتج عن الثورات العربية.
رابعا: المنطقي أن الأحزاب السياسية المدعومة دينيا أو ذات المرجعية الإسلامية سوف تبقي على مؤسسات مدنية حديثة تساعدها على ممارسة شؤون الحكم ومواجهة مشاكل العصر. بعض هذه المؤسسات العصرية قد يتعايش مع المؤسسات التقليدية الدينية المهيمنة على السلطة. بعض آخر سيجد صعوبة هائلة في التعايش معها، الأمر الذي قد يتسبب في صدامات ونزاعات من نوع لم تألفه الدول الخارجة لتوها من ثورات ومنها تنتقل هذه الصدامات والنزاعات إلى النظام العربي ككل، ومنه ربما إلى أقاليم إسلامية مجاورة.
[[[
أجد صعوبة في الاقتناع بأن التيارات الدينية المشبعة بروح الثورة ومتعطشة إلى نهضة إسلامية حقيقية سوف تقنع بانتصاراتها النسبية التي تحققت بفضل الثورات العربية وصمودها الطويل ضد الاستبداد. لذلك كان اهتمامي كبيرا بالوثيقة التي ورد فيها حديث الشيخ راشد الغنوشي في واشنطن يوم 30 تشرين الثاني الماضي. ففي اللقاء الذي أجراه هناك في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى القريب جدا من قيادة الحركة الصهيونية ومواقع اتخاذ القرار في إسرائيل والولايات المتحدة، وجه زعيم حركة النهضة الإسلامية تحذيره للممالك العربية من" ان العام المقبل سوف يشهد نهاية عهد الأنظمة الملكية في العالم العربي.


- 'السفير'

الدور التركي... والمتغيرات الإقليمية
جيمس زغبي:

في ظرف عام فقط، انتقلت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا من التوتر إلى التعاون. وقد شكل هذا موضوعَ تعليق صحافي تركي تحدث خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني للتحالف التركي - الأميركي. فبعد أن استعرض الاختلافات في العلاقة الثنائية، بالأمس واليوم، طرح هذا الصحفي سؤالاً وجيهاً في الواقع: &laqascii117o;ما الذي حدث لتفسير هذا التغير وإلى أين سيفضي؟".
الصحافي تذكر أنه عندما حضر المؤتمر التأسيسي لهذه المنظمة في 2010، كان يعتري العلاقات بين البلدين نوع من الفتور، ذلك أن تركيا كانت قد قطعت علاقاتها مع إسرائيل على خلفية حصار هذه الأخيرة لقطاع غزة وهجومها المميت على سفن كانت متوجهة إلى القطاع. ولم تكن الولايات المتحدة راضية عن الجهود التركية الرامية إلى التفاوض حول توافق قد يخفف المخاوف الدولية من برنامج إيران النووي. وفي رد فعلهما، كان الكونغرس والإدارة الأميركية ينتقدان بشدة &laqascii117o;التدخل" التركي والنزعة التركية الجديدة &laqascii117o;المناوئة لإسرائيل".
وبالمقابل، تبدو العلاقات اليوم أكثر دفئاً من أي وقت مضى، إذ كثيراً ما يتحدث أوباما ورئيس الوزراء التركي مع أحدهما الآخر، وكذلك يفعل موظفوهما، ويبدو أن ثمة درجة من التعاون في التعاطي مع مواضيع إقليمية مهمة، من استمرار النزاع الذي يهز سوريا إلى الانسحاب الوشيك للقوات الأميركية من العراق.
فما الذي حدث لتفسير هذا التغير؟ باختصار، إنه &laqascii117o;الربيع العربي"، والصعوبات التي تجدها الولايات المتحدة في طريقها عبر المتاهة التي خلقتها الحقائق السياسية الجديدة للمنطقة. فما كان ثابتاً أصبح اليوم متحولاً يغيِّر مشهد العالم العربي.
كل هذا حدث في ظرف صعب بالنسبة للولايات المتحدة. فرغم هيمنتها الاقتصادية والعسكرية، إلا أن قدرة الولايات المتحدة على المناورة والتحرك في هذه البيئة المتغيرة تصطدم بعدد من العراقيل. فأولاً وقبل كل شيء هناك الضرر الذي تسببت فيه حرب إدارة بوش المتهورة والقاتلة في العراق والتي خلقت استياء عميقاً عبر العالم العربي، ولطخت صورة الولايات المتحدة، وقوت إيران وزادتها جرأة. يضاف إلى ذلك فشل إدارة بوش في التحرك لوقف حروب إسرائيل الدموية الأربع ضد لبنان (2006) والفلسطينيين (الضفة الغربية في 2002، وغزة في 2006 و2009)، والتي لم تؤد إلا إلى تعميق الغضب العربي من الولايات المتحدة، وأخيراً، رغم نية أوباما تغيير الاتجاه، فإن التصلب الإسرائيلي والانقسام الحزبي العميق في واشنطن كانا يحبطان جهوده مراراً وتكراراً. وبلغت جهود العرقلة هذه أوجها في مايو الماضي مع الدعوة التي وجهها &laqascii117o;الجمهوريون" إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من أجل إذلال الرئيس أمام الكونغرس.
ونتيجة لذلك، كانت سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط خلال بداية الربيع العربي تسير على غير هدى. وواحداً تلو الآخر، كان الحلفاء يسقطون أو في خطر لتجد واشنطن نفسها في ورطة. صحيح أن الإدارة تستطيع التحدث حول دعم الانتفاضات الشعبية، لكنها كانت تعلم علم اليقين أنه إذا ما كُتب لهذه الانتفاضات النجاح، فإن التحول الذي سينتج عن ذلك لن يؤدي إلا إلى تعقيد وضع الولايات المتحدة الصعب أصلاً في الشرق الأوسط أكثر. وعلاوة على ذلك، فإن علاقة واشنطن &laqascii117o;الوثيقة" بإسرائيل كانت قد &laqascii117o;أخرجتها من اللعبة" في الواقع، مما قلص قدرتها على لعب دور مهم في المنطقة. والواقع أنه في هذه اللحظة بالذات انفجرت سوريا. وعلى غرار الولايات المتحدة، أُخذت تركيا أيضاً على حين غرة من قبل تطورات الربيع العربي المتلاحقة حيث كان ردها على التطورات في كل من مصر وليبيا اعتباطياً في البداية. غير أنه بعد الغليان في جارتها الجنوبية، بذلت تركيا جهوداً حثيثة للتدخل، حيث دعت إلى الإصلاح في البداية، ثم إلى المفاوضات، وبعد ذلك، طالبت بوضع حد لإراقة الدماء، قبل أن تحتضن المعارضة في الأخير متخليةً بذلك عن نظام الأسد ومعلنةً عن عقوبات واسعة ضد حليفها السابق.
واليوم يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تصغي لتركيا كحليف مهم في التعاطي مع الملف السوري لسبب مهم. ذلك أنه نتيجة دعمها للفلسطينيين، اكتسبت تركيا &laqascii117o;مصداقية الشارع" في العالم العربي، في حين أن الولايات المتحدة لا تمتلك شيئاً من ذلك. فتركيا تستطيع الاجتماع مع الجامعة العربية كشريك، في حين أن الولايات المتحدة لا تستطيع؛ كما أن تركيا تستطيع إيواء ودعم المعارضة السورية على نحو لا تستطيعه الولايات المتحدة.
إلا أنه لا بد من التنبيه هنا إلى جملة من المحاذير، فتركيا لا تستطيع المبالغة في لعب أوراقها في سوريا. فهي ليست &laqascii117o;زعيمة العرب"، وهي لا تنوي لعب هذا الدور، على ما أعتقد. صحيح أن تركيا تحظى بمكانة ممتازة عبر العالم العربي، مثلما يُظهر ذلك استطلاع الرأي الأخير الذي قمنا به، إلا أن ذلك لا يمثل دعوة لتركيا لإعادة فرض &laqascii117o;عثمانية" جديدة، ولا سيما أن استطلاعات الرأي التي نقوم بها تشير إلى أن تركيا قد لا تكون سوى &laqascii117o;وكيل"، لأنه عندما يُسأل العرب حول الجهة التي يريدونها أن تقود المنطقة، يجيبون: &laqascii117o;مصر". فتركيا تحظى بالتقدير والاحترام، لكن كشريك إقليمي، وليس كزعيم عربي.
ثانياً، يجب على تركيا أن تكون حذرة وأن تحرص على عدم السماح لأي ضغط خارجي أن يرغمها على أن تغوص عميقاً داخل المستنقع السوري. فبعض المعارضين السوريين قد يريدون من تركيا أن تتدخل عسكرياً في سوريا، ولكن ذلك قد يكون خطأ قاتلاً لأن من شأنه أن يؤجج نزاعاً دموياً أصلا، بحيث يتسبب في مزيد من أعمال القتل والاضطرابات في منطقة غير مستقرة أصلا، كما من شأنه أن يعرِّض للخطر مصداقية تركيا في المنطقة.
ولعل المسار الأكثر حكمة هو أن تقاوم تركيا الضغوط وتواصل عملها بتنسيق مع الجامعة العربية للتشديد على ضرورة أن يدخل النظام السوري مفاوضات تفضي إلى إصلاح واسع وانتقال للسلطة على نحو منظم. لقد تغيرت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة رداً على التغيرات الدراماتيكية التي تحدث في العالم العربي. ولكن حتى مع هذه التغيرات، فإنه ما زالت ثمة بعض الثوابت، وفي مقدمتها الأخطار المرتبطة بالتسامح المحدود للمنطقة مع التدخل الأجنبي.


- 'السفير'

هل من أجل هذا يموت السوريون؟
نهلة الشهال:

حسناً فعل برهان غليون، رئيس 'المجلس الوطني السوري' العتيد، إذ قطع الشك باليقين وأعلن بوضوح انحيازه للغرب، قوى ومخططات وأهدافاً وتصورات، وموضع نفسه ومجلسه في معسكر ذلك الغرب. وهذا على أية حال هو سر انتشار تصريحاته الاخيرة لصحيفة 'وول ستريت جورنال'، التي لفَّت العالم، وتُرجمت الى كل اللغات، متفوقة في 'أهميتها' على كل ما سبق له أن نطق به هو واترابه في ذلك المجلس.
تثير تلك التصريحات مجموعة مسائل متشابكة تتعلق بتحديد ما يطمح له السوريون، ويموتون من أجله يومياً، متحدين آلة القتل التي تفتك بهم. وأولى تلك المسائل وأبسطها بالتأكيد، أن السيد غليون يتصرف كحاكم سوريا المقبل، وكأن كل الكلام عن الديموقراطية التي ينبغي تأسيسها بعد عقود الاستبداد ليست سوى تنميق كلام، عدة شغل، بينما 'يعرف' الرجل أنه ومجلسه سيحكمان البلد، بل والأفدح، أنهما قررا منذ اليوم برنامج ذلك الحكم ومنطلقاته. أين السيرورة يا بروفيسور، تلك التي تجعل السلطة حصيلة عملية صراعية جارية ومتغيرة وفق المعطيات، وتلك التي تخضعها لتوازنات القوى لحظة الانجاز؟ لا بأس، فلن نعيب على غليون في حمأة ما يعيش نسيانه، ما درَّس في قاعات الجامعات، وما كتب في مؤلفاته. ثم ان ذلك ليس بيت القصيد... وإن كانت أحلام رئاسية كهذه يبدو أنها راودت غليون قبلاً، كظهوره عشية عيد الاضحى على شاشة الجزيرة متأنقاً، وقوراً، يحيط به علم سوري عن يمينه وكتب مرصوفة عن يساره، مذكرة بأنه استاذ جامعي ومثقف. ومن فرط سوء الاخراج، وبينما هو يوجه خطابه الى 'الشعب السوري العظيم'، كان ثمة ما يوحي بأنه سيتلعثم ويُخرج 'يا شعبي العزيز' على عادة الملوك! مرَّ ذلك الخطاب مرور الكرام وسط السخرية التي أثارتها الوضعية المفتعلة، ولأن ما نطق به كان عمومياً مبدئياً مستخرجاً من بطون الكتب المرجعية المختصة، مما لا يقدم ولا يؤخر. بينما التصريحات الاخيرة سياسية بامتياز، تخاطب بشكل ملموس الغرب وإسرائيل والدول العربية التي تدور في فلكهما وتعلن انتماءها لهم.
لكن المسألة الأهم تتعلق بوظيفة هذا الكلام، ليس كبرنامج حكم مستقبلي، بل الآن. مؤدياته الوحيدة اليوم هي رفع سقف الاستنفار والاستقطاب المذهبيين المستعرين في المنطقة، والانخراط في الحرب الاستراتيجية الجارية في العالم، وأقطابها بلدان كروسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا من جهة أخرى، والحلفاء المتغيرين أحياناً، بحسب المواضيع والاماكن، لكل من المحاور.
وتتخذ تلك الحرب في منطقتنا عنواناً مبتسراً، فرضته الآلة الاعلامية والدبلوماسية الغربية، هو الصراع المفتوح حول إيران. لكنها تتضمن فعلياً، وعلى ذلك، طموحات الهيمنة على مصادر الطاقة والثروات في المنطقة بمجملها (اكتشف حديثاً مثلا أن في العراق أهم مناجم للفوسفات في العالم، وفيه وفي مواقع أخرى من المنطقة، يورانيوم ومعادن نادرة...)، وعلى الممرات الاستراتيجية والاسواق. وكما تقول الصين وروسيا، فثمة مخططات لمحاصرتهما وخنقهما تنفذ مباشرة اليوم، وهي تشمل أيضاً إحكام السيطرة على دول صاعدة ومنعها من التفلّت من سطوة وتحكم الغرب. وليست أزمة هذا الاخير الاقتصادية البنيوية سبباً في تراجعه عن ذلك، بل على العكس، فقد تكون دافعاً لمزيد من الشراسة بكل صورها. ولا يوجد غير ذلك كله ما يمكنه تفسير الصراع حول الدرع الصاروخية الاطلسية مثلاً، التي نوت واشنطن نشرها في بلدان أوروبا الشرقية، وانتهت الى وضع واحدة من قواعدها في تركيا مؤخراً، كما لا يوجد تفسير آخر لـ'العقد الآسيوي' الذي بشر به أوباما ووزيرة خارجيته، والذي يتضمن نشر قواعد عسكرية جديدة وابرام اتفاقات تعاون متنوعة مع بلدان تحيط بالصين من كل صوب.
هي إذاً الحرب الاستعمارية نفسها إنما بأدوات جديدة قد لا تتضمن ـ دوماً ـ الاحتلالات المباشرة، وتحمل فوارق هامة متعلقة بحلول خطاب قومي وليبرالي وتنافسي في آن، محل الايديولوجيات التي كانت تؤطر تلك المجابهة، ما قد يترك المجال لتصبح الصين مثلاً دولة استعمارية عظمى! وذلك تحديداً يعيد الاعتبار كما لم يحدث من قبل، للمسألة العامة، التي تخص كل البشر والامم، تلك التي تتناول نوعية الحياة المطلوب الدفاع عنها، ومنظومة القيم المفتقدة التي لا بد من العكوف على صقلها وإعادة بلورتها، كي ينتقل العالم بأسره من حالة الحروب المتجددة ابداً، ومن شرعنة استغلال واضطهاد أمم لأخرى، الى أفق آخر.
ولا يمكن لبرهان غليون أن يجهل كل ذلك، ولا يمكنه تبرير مواقفه بالاحتماء خلف حاجات لحظوية تكتيكية، وإلا تحوَّل هو ومجلسه الى أداة صغيرة في الصراع الفعلي الدائر في العالم وفي المنطقة، والذي قيض لسوريا، بحكم موقعها الجيواستراتيجي واشتباك مسارها مع معطيات أخرى، أن تحتل واحدة من نقاطه الاساسية.
سوريا اليوم نقطة تقاطع بالغة الاهمية، لا معادل لها في المنطقة. فإن جنحت الامور فيها الى الاحتراب الاهلي الطويل والتفكيكي، فسيلحق بها العراق الذي يعاني من اهتراء مديد في أحواله، ومن استقطابات مأزومة، وكذلك لبنان. وستجد تركيا نفسها في الدوامة ايضاً. ومشروع السيد غليون دفع مجلسه الى رفض المبادرة العربية نفسها عند اعلانها مخافة أن تكون حلاً لانتقال سلمي للسلطة، مشروعه الذي يتكلم ببراءة مصطنعة عن 'ممرات انسانية' و'مناطق حظر طيران&qasc

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد