- 'الحياة'
سقوط الأسد ليس خبراً ساراً لايران و&laqascii117o;حزب الله"... وليس ساراً لاسرائيل بالضرورة
ماجد الشّيخ:
أخيراً وبعد صمت طويل وتوجيهه نصائح لوزرائه بالصمت حيال ثورات الربيع العربي، أفصح بنيامين نتانياهو، للمرة الأولى ومن على منصة الكنيست عن انتقاده لهذه الثورات ومخاطرها على كيانه، متمنياً عودة الرئيس حسني مبارك إلى حكم مصر، قلقاً من انهيار العائلة الحاكمة في الأردن، زاعماً أنه لا يثق البتة بقدرة الشعوب العربية على بناء أنظمة ديمقراطية. قبل ذلك رأت وسائل إعلام إسرائيلية أن تطورات الأيام الأخيرة في سورية، تحتم على إسرائيل أخذ الحيطة والحذر من احتمال تغيير النظام، مستذكرين تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن &laqascii117o;أطرافاً إسلامية راديكالية وجهات إرهابية" ستحل محل النظام السوري الحالي في حال سقوطه. وأضافت أن أكثر ما ينبغي على إسرائيل خشيته من سقوط النظام الحالي، &laqascii117o;على رغم عدائه الشديد لها"، هو حصول فوضى واندلاع أعمال عنف على الحدود مع سورية تستوجب من الجيش الإسرائيلي حشد قوات كبيرة على الحدود &laqascii117o;في وقت لا تتمتع الحدود المصرية – الإسرائيلية أيضاً بالهدوء". وكتب الديبلوماسي الإسرائيلي السابقً بوعز بيسموث في صحيفة &laqascii117o;إسرائيل اليوم" في منتصف الشهر الماضي، أن تطورات الأيام الأخيرة في سورية، تؤكد أن النظام بات أقرب من أي وقت مضى الى السقوط، وأن سورية على شفا حرب أهلية &laqascii117o;قد تطول كثيراً وتكون الأعنف... لكن العد التنازلي لنظام بشار الأسد قد بدأ". وأضاف أن سقوط نظام الأسد ليس &laqascii117o;أخباراً سارة" لايران ولحزب الله &laqascii117o;لكنها ليست بالضرورة أخباراً سارة لنا إزاء السيناريوات الكثيرة لسورية ما بعد الأسد". بينما اعتبر نائب رئيس الوزراء موشيه يعالون في براغ أواخر الشهر الماضي أن أيام بشار الأسد بصفته رئيساً باتت معدودة؛ فالوضع لن يتغير والرئيس يخسر شرعيته.
الاستقرار كمصلحة مشتركة
علاوة على هذا التقييم للوضع السوري، واصلت اسرائيل تعزيز وجودها على الحدود مع كل من الاردن ومصر، في ظل مخاوف من انهيار النظام الاردني واستبعاد عودة العلاقات مع النظام المصري الى ما كانت عليه الحال في عهد مبارك. لا سيما أنه في ظل المخاوف الإسرائيلية من التطورات الحاصلة في مصر وإمكانية انتخاب قيادة مصرية تتبنى وجهة نظر الشعب المصري المعادي لاسرائيل، ضاعفت سلطات الاحتلال من جهودها لتشييد جدار أمني كبير بهدف منع اختراق الحدود مع صحراء سيناء المصرية التي تشكل مصدراً لعمليات التسلل وتهريب الأسلحة. ومن ناحيته أكد الخبير الإستراتيجي الإسرائيلي ليلاخ شوفال لصحيفة &laqascii117o;إسرائيل اليوم" الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي أنشأ كتيبة عسكرية تضم عدداً من النقاط الاستخبارية على الحدود المصرية - الإسرائيلية، على اثر تطور الأوضاع في مصر، واندلاع الثورة المصرية الثانية في ميدان التحرير ضد المجلس العسكري الحاكم، وذلك لجمع المعلومات الاستخبارية على الحدود وفي سيناء. وقال المحلل والخبير الإسرائيلي، إن أجهزة الأمن الإسرائيلية أوضحت أن عدم اليقين في مصر كبير، لأنه ليـــس من الواضح أي حكومة ستنشأ بعد الانتخابات، وكم ستقوى مكانة الإخوان المسلمين، مضيفاً أنه ثار خوف شديد داخل تل أبيب من أن تغيير الوضع في مصر قد تكـــمن فيه أخطار أكبر على إسرائيل، تـــشمل زيـــادة محاولات القيام بهجمات من سيناء. في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن استقرار السلطة في سورية كما في الأردن ومصر؛ مصلحة إسرائيلية كما يجري التأكيد بين الحين والآخر، من جانب أطراف عدة، جميعها يتفق على هذه المسألة. لهذا زادت في الآونة الأخيرة التصريحات المحذرة من الإخلال بهذا الاستقرار، في حال سقوط النظام السوري أو خلخلة ركائز استقرار النظام الأردني، وتواصل اضطراب الوضع المصري، فقد خبر الإسرائيليون طبيعة هذا الاستقرار على جوانب الحدود المختلفة، ما جعل من استمرار هذا الاستقرار مصلحة مشتركة، لا يمكن التضحية بها على مذبح تجريب أنظمة بديلة مدعومة من بعض أطراف الحركة الشعبية المناهضة لأنظمة الحكم القائمة أولاً، والمعادية لإسرائيل وكيانها ووجودها ذاته على أرض فلسطين.
انقسام إسرائيلي
كانت التعليقات الإسرائيلية الأولى على الثورة في سورية عكست انقساماً في الرأي في إسرائيل؛ بين مؤيدين لبقاء النظام السوري بداعي أن الحدود مع سورية تنعم بالهدوء منذ العام 1973، وأن سورية دخلت مفاوضات جادة مع إسرائيل للتوصل إلى سلام، وبين متحمس لسقوط النظام بداعي أن في الأمر إضعافاً لـ &laqascii117o;حزب الله" اللبناني. لكن تصريح غلعاد يؤشر إلى قلق إسرائيلي من &laqascii117o;سيطرة الأيديولوجية المعلنة للأخوان المسلمين بإقامة امبراطورية إسلامية في مصر وسورية والأردن ومحو إسرائيل عن الخريطة"، كما قال مضيفاً أنه يجدر بإسرائيل تحسين علاقاتها مع تركيا &laqascii117o;لأننا غير قادرين على المواجهة في جبهات كثيرة". ومهما يكن من أمر التوافق أو الاختلاف في الموقفين الأميركي – الإسرائيلي من ثورات الربيع العربي، فإن تزايد أنباء الاتصالات الأميركية – الإخوانية يحمل مؤشرات لمحاولات أميركية على تطويع مواقف الإخوان، أو احتواء موقفهم كونه معتدلاً، ويمكنه لجم المواقف المتطرفة للتيارات السلفية وتهذيبها، وبالتالي فلا مانع من تهيئة الأرض لوصولهم إلى الســلطة؛ من دون اعتراض أميركي، رغم التحذيرات الإسرائيلية، على أن مجرد غياب النظام السوري عن المشهد الإقليمي، واضطراب الوضع الأردني إلى جانب ما قد تحققه الثورة المصرية عبر سيرورة موجاتها المتلاحقة، ربما أدى كل ذلك مجتمعاً أو حتى متفرقاً، إلى تحول إستراتيجي مهم؛ بدأت مراكز الأبحاث الإسرائيلية تستشعره من الآن، بما قد يحدثه من تغيرات تودي بالمنطقة وربما العالم إلى فقدان السيطرة على الاستقرار الإقليمي في المنطقة، وما قد يجره ذلك من تصادم رؤى وقوى عدة وآراء عديدة، ويخلق نوعاً من الانشقاقات والتصدعات في جبهة القوى السلطوية أو القوى التي قد تصعد إلى السلطة، بغض النظر عما إذا كانت في الغالب الأعم ممن توصف بأنها &laqascii117o;إسلامية"... أو ليبرالية.
- 'السفير'
تفجير &laqascii117o;اليونيفيل": الرسـالـة وصلـت
سامي كليب:
يستحق الهجوم الذي تعرضت له قوة &laqascii117o;اليونيفيل" بالقرب من صور، أمس، صفة &laqascii117o;الجريمة"، ولكن مع وصول الاشتباك الاقليمي والدولي الى ذروة الاحتقان، تصبح القراءة الانسانية والاخلاقية لاعتداء كهذا قاصرة عن فهم الرسائل المنوي توجيهها، خصوصاً ان المستفيدين كثر. يدرك الذي خطط ونفذ التفجير ان في القافلة المستهدفة فرنسيون. الرسالة اذاً واضحة القصد. سياسة الرئيس نيكولا ساركوزي هي المستهدفة. باريس نفسها كانت تتوقع هجوماً منذ فترة طويلة. ذكرت صحيفة &laqascii117o;لوفيغارو" في 4 كانون الاول الجاري &laqascii117o;ان فرنسا تعتزم التخلي عن قيادة &laqascii117o;اليونيفيل" خشية اختطاف عناصر من قواتها". وتحدثت مصادر اخرى عن قلق من استهداف مصالح فرنســية في الخارج. قاد ساركوزي منذ وصوله الى قصر الاليزه، سياسة خارجية جريئة وخطيرة ومغامرة بعض الشيء. نقل فرنسا من مرحلة الاعتدال النسبي الديغولية الأصل، الى موقع المواجهة. صارت فرنسا الساركوزية أكثر قرباً من أميركا وعادت أطلسية اكثر من جل الدول الاطلسية. رفعت لواء الضغط على ايران. قادت فعلياً العمليات العسكرية لإسقاط معمر القذافي. سارعت الى المطالبة بتنحي الرئيس بشار الاسد. قال وزير الخارجية الآن جوبيه قبل ايام &laqascii117o;لم نعد ننتظر شيئاً من هذا النظام"، احتضنت المعارضة السورية. قال الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو قبل فترة &laqascii117o;إن باريس تدعم لوجستياً المسلحين السوريين من خلال إمدادهم بمواد ما تحت الأشعة الحمراء ووسائل اتصالات". قبل فترة وصف ساركوزي &laqascii117o;حزب الله" بـ&laqascii117o;الارهابي"، واستبق زيارة الرئيس نجيب ميقاتي القريبة الى باريس باستقباله رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. ولكن ساركوزي نفسه هو الذي أيّد إعلان دولة فلسطينية، وهو الذي ينتقد المستوطنات وعمليات التوسع، والأخطر انه وصف رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ&laqascii117o;الكاذب" وذلك في لقاء خاص مع الرئيس الاميركي باراك اوباما. قطعت هذه الدبلوماسية الساركوزية مع معهود السياسة الفرنسية المعتدلة والمترددة. كانت فرنسا قررت الانكفاء من لبنان في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران بعد تفجير مقر وحداتها المظلية في 23 تشرين الاول 1983، ثم عادت بقوة مع السياسة العربية لجاك شيراك (والتي أصبحت فيما بعد السياسة المتوسطية حين لامه البعض على إغفال إسرائيل). وفي خلال تلك العودة القوية، ذهب شيراك الى الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في العام 1996 عارضاً عليه &laqascii117o;شراكة استراتيجية" شاملة تستثني فقط التكنولوجيا العالية (لكونها تضر بإسرائيل). كافأه الاسد بفرض الدور الفرنسي في الشرق الاوسط وإشراك وزير الخارجية هيرفي دوشاريت في تفاهم نيسان 1996 بين لبنان واسرائيل. كادت الامور بين سوريا وفرنسا أن تصل الى مصاف متقدم. احتضن شيراك الدكتور بشار الاسد قبل ان يصل الى رئاسة سوريا. كان الرئيس الغربي الوحيد الذي شارك في جنازة حافظ الاسد. ولكن مع التمديد للعماد اميل لحود وتقهقر العلاقة بين دمشق ورفيق الحريري، اختار شيراك ان يقف الى جانب صديقه الحميم رفيق الحريري وأن يقفل الباب مع دمشق نهائياً. خسرت فرنسا وخسرت سوريا. ومع وصول ساركوزي الى السلطة، انقلب على العهد الشيراكي بكل تعقيداته. قرر فتح صفحة جديدة مع سوريا. كان ظاهرها طي صفحة الماضي، وتعزيز التعاون، وباطنها، إقناع الاسد بالتخلي عن ايران وانهاء دور سلاح &laqascii117o;حزب الله" وتسريع عملية السلام مع اسرائيل. لم يتحقق اي شيء من هذا. بقيت العلاقات عادية حتى اندلعت الثورات العربية. تأخرت فرنسا قليلاً في اتخاذ موقف. ثم اتخذته بعد ان تأكدت ان جل العرب صاروا ضد النظام السوري. قررت ملاقاة واشنطن في مطالبة الاسد بالتنحي. غامرت مجدداً بدورها في المنطقة وخصوصا في لبنان. ولكن الدبلوماسية الفرنسية بقيت تقول حتى الامس القريب &laqascii117o;اننا اخلاقياً لا يمكن ان نقبل بنظام يقتل شعبه"، بينما تقول مصادر دمشق وحلفائها ان فرنسا، تريد، كما واشنطن، تطويق ايران وضرب خط الممانعة والقضاء على المقاومة و&laqascii117o;حزب الله". العاقلون يقولون إنه كان يمكن لباريس دون غيرها أن تلعب دور الوسيط. يستند ذلك الى عراقة المعرفة الفرنسية بالمنطقة، والى الاعتدال التاريخي، والى المخزون العاطفي الذي تتمتع به فرنسا. ربما كان بإمكانها مثلا منذ بداية الازمة السورية ان تلعب دوراً توفيقياً بين النظام السوري والمعارضة المتواجد معظمها اصلا على الاراضي الفرنسية. ولكن بعد الترنح في السياسة الفرنسية حيال زين العابدين بن علي، واللوم الذي سيق ضد تلك السياسة، لم تعد فرنسا قادرة على التردد في دعم اي انتفاضة او ثورة، فكيف اذا تعلق الامر بدولة يربطها تحالف استراتيجي مع ايران؟ من السهل ان تلصق الاتهامات بسوريا او &laqascii117o;حزب الله"، ولكن من السهل ايضاً ان يكون المتضررون من دور الطرفين مستفيدين من التفجير. الرسالة وصلت، اما مرسلها فقد يكون من المستحيل في الوقت الراهن معرفة وجهه او هويته، فالمنطقة في اوج الاشتباك الاقليمي والدولي، وفي اوضاع كهذه يصبح الضباب كثيفاً جداً.
- 'الأخبار'
إسـرائيـل والحـرب السـريـة علـى &laqascii117o;جيـش الظـلال"
حلمي موسى:
تحت عنوان &laqascii117o;الحرب السرية ضد جيش الظلال" يعرض المعلق الأمني في &laqascii117o;يديعوت أحرونوت" رونين بيرغمان معطيات توافرت له عن اغتيالات إسرائيلية استهدفت العميد محمد سليمان السوري، وعماد مغنية اللبناني، ومحمود المبحوح الفلسطيني، والجنرال حسن مقدم الإيراني. ويحاول بيرغمان العثور على الخيط الإسرائيلي الواصل بين هذه الاغتيالات، ولكن من دون أن يحمّل دولته أية مسؤولية قانونية، وذلك عبر نسبة هذه المعلومات دوماً إلى جهات أجنبية. ويوضح أن إسرائيل رأت في كل هؤلاء &laqascii117o;جيش الظلال" الذي أنشأ لنفسه نوعا من هيئة منفصلة لا هدف لها سوى توفير السلاح الأشد، وسفك دماء أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين. ويعتبر بيرغمان أن العميد محمد سليمان كان الرجل الثاني في سوريا بسبب صلاته الخاصة بالرئيس بشار الأسد. ويشير إلى أن سليمان اغتيل بثلاث طلقات عندما كان في بيته الصيفي على شاطئ طرطوس مساء يوم جمعة جالساً بين زوجته رحاب، ومدير مكتبه. وقال إن طلقة أصابت صدره وأخرى حنجرته وثالثة جبهته. وأشار إلى تعدد الروايات التي أطلقت لاحقاً، ولكنه يروي ما سمعه من مصدر سوري اجتمع به في أوروبا قبل أسابيع معدودة، ويؤكد فيه أن القيادة السورية مقتنعة بأن الموساد الإسرائيلي هو من قتل العميد سليمان، لافتاً إلى أن هذا المصدر أبلغه بفحوى التحقيقات السورية، وأنها تنشر للمرة الأولى.
ومن التحقيقات يتبين أن العميد سليمان ترك مكتبه في القصر الرئاسي في دمشق أبكر من المعهود. وقد كان يرأس جهازا سريا منفصلا مختارا وغامضا أقيم للتعامل مع &laqascii117o;المشاريع الخاصة" لسوريا. وهذه المشاريع، بحسب بيرغمان، هي التي تتعلق بأمن إسرائيل ووجودها: تطوير أسلحة يوم القيامة، التنسيق مع إيران ونقل أسلحة متطورة لمنظمات إرهابية. ومن بين آخر الملفات التي حملها كان إنهاء إخلاء المفاعل النووي الذي دمرته إسرائيل في دير الزور، وإنهاء التحقيق في اغتيال صديقه عماد مغنية، وتسليم &laqascii117o;حزب الله" صواريخ أرض - بحر روسية من طراز &laqascii117o;ياخونت"، وتسليم شحنة أسلحة عن طريق البحر لحركة حماس بعد لقاء مع قادة من الحركة، كان من بينهم محمود المبحوح، وتنسيق تبادل معلومات حول إنتاج صواريخ مع الحرس الثوري الإيراني. وما ان أطلقت الطلقات وتناثرت دماء العميد سليمان على ملابس زوجته حتى تراكض حراسه، البعض بحثا عن مطلق النار على الشاطئ، وآخرون يحاولون إنقاذه، دون جدوى. وهنا توقف التحقيق حيث لم تملك سوريا بعد ذلك أي خيط، وبذلك فإن السوريين مقتنعون بأن الموساد أرسل عبر البحر من ينتظر وصول العميد إلى بيته الصيفي يوم الجمعة. وكل ما وجده التحقيق السوري هو بضعة أعقاب سجائر سورية، وهي ليست من النوع الفاخر. بعد ذلك تم الاتصال بالقصر الرئاسي والإبلاغ عما حدث.
ولا يمكن تقدير حجم الصدمة، لأن العميد سليمان كان للرئيس الأسد ليس فقط أقرب مساعديه، بل صديقا شخصيا ومستشارا. وأقيمت في اليوم التالي جنازة للعميد سليمان بسرية تامة. ويقول بيرغمان إن اغتيال العميد كان حلقة أخرى في صراع حياة أو موت لا يعرف الهوادة يديره جنرال مجهول، غامض، وذو قدرات رائعة، ضد من يسميهم &laqascii117o;جيش الظلال" الذي كان العميد سليمان واحداً من أربعة فيهم. ويشير إلى أن &laqascii117o;جيش الظلال" هو قوة العمل السرية المشتركة لدولتين قويتين، هما إيران وسوريا، ولمنظمتين &laqascii117o;إرهابيتين" شديدتي البأس، هما &laqascii117o;حزب الله" و&laqascii117o;حماس" (ولمنظمة الجهاد الإسلامي ضلع في التعاون هذا). وقد خلقت هذه القوى &laqascii117o;جبهة راديكالية"، و&laqascii117o;جيش الظلال" هو الذراع التنفيذية لهذه الجبهة. يذكر أن الموساد الإسرائيلي كان قد استخدم تعبير &laqascii117o;جيش الظلال" في الإشارة إلى الجهد المصري خلال الستينيات لتطوير قدرات صاروخية بمساعدة من خبراء ألمان. وينقل بيرغمان عن رجل استخبارات مهتم بـ&laqascii117o;الجبهة الراديكالية" تلميحه إلى جيمس بوند وعدوه الأسطوري، منظمة &laqascii117o;سبيكترا". ويرسم هذا الرجل للمرة الأولى كيف نشأ &laqascii117o;جيش الظلال" هذا، وكيف عمل في السنوات الأخيرة: &laqascii117o;عند جيمس بوند كانوا يفعلون ذلك من أجل المال. هنا المصالح متشابكة، لكن الأمر يتعلق بتنظيمات، ونشطاء ذرة وإرهاب، وليس فقط بأناس يعملون من أجل دولهم في مهمات مختلفة، بل برجال خلقوا نسيجا دوليا الأخطر والأنجع الذي صادفناه ـ لبناء قنبلة نووية وقدرة صاروخية، واستخدام إرهاب الانتحاريين بأعلى المستويات. ومنظومة التعاون هذه سيئة لإسرائيل. سيئة جدا".
قمة في السماء
قبل ثلاثة أسابيع دمّر انفجار منشأة سرية غرب طهران. أفلح أحدهم في إدخال عبوة هائلة الشدة إلى داخل معسكر حساس للحرس الثوري مختص بتطوير الصواريخ. الإيرانيون واثقون بأن هؤلاء كانوا من رجال المعارضة ممن تدربوا على أيدي الموساد الإسرائيلي. وينقل بيرغمان عن جهة ذات علم بلقاء بين قادة ثلاثة كبار لقوا مصرعهم في السنوات الثلاث الأخيرة في ظروف غير طبيعية وصفها لذلك اللقاء بأنه &laqascii117o;قمة في السماء". والرجل الذي ضمه الانفجار الأخير لهذا اللقاء هو الجنرال حسن مقدم الضابط في الحرس الثوري، والمسؤول قياديا وإداريا عن منظومة إنتاج قسم كبير من الصواريخ الإيرانية. وحسن مقدم هو &laqascii117o;أب" صاروخ &laqascii117o;شهاب" وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى لدى حماس والجهاد و&laqascii117o;حزب الله". وفي &laqascii117o;جيش الظلال" هو الممثل الإيراني الأرفع رتبة. وقد سبق مقدم إلى &laqascii117o;قمة السماء" المندوب السوري محمد سليمان، ومندوب حماس في الرباعية محمود المبحوح، الذي اغتيل قبل حوالى عامين في العملية التي ينسبها العالم للموساد، والتي وقعت في فندق في دبي. فقط حتى اليوم، كان الغائب عن الطاولة هو ممثل حزب الله في هذا الإطار، واسمه حسن لقيس، والذي يرأس دائرة التسلح في الحزب. وهؤلاء، بحسب بيرغمان، مسؤولون عن عدد لا يحصى من القتلى الإسرائيليين. ويشير بيرغمان إلى أن العلاقات السورية الإيرانية توثقت في الأعوام الأخيرة اقتصاديا وعسكريا، فالرئيس بشار الأسد أدرك ضعف بلاده في مقابل إسرائيل، ولذلك فقد وثق علاقاته بـ&laqascii117o;حزب الله". أما الإيرانيون فرأوا في سوريا مرتكزا استراتيجيا في الشرق الأوسط وعلى حدود إسرائيل. وكان منفّذ سياسة الأسد هذه العميد سليمان وهو من بلدة الدريكيش. والعميد سليمان خريج هندسة من دورة باسل الأسد، وكان صديقا له، فعينه قائدا لكتيبة في الحرس الجمهوري وغدا مساعدا له. وأكمل سليمان دراسته في روسيا متخصصا في تسليح الدبابات وتطوير السلاح المدفعي. وبعد عودته من روسيا عين عضواً في لجنة التسلح وتطوير الأسلحة. وبعد مصرع باسل الأسد في حادث طرق، اختار بشار الأسد سليمان مديرا لمكتبه. وتولى في الوقت ذاته قيادة اللواء 41 في الحرس الجمهوري، وهو أحد ألوية النخبة في الجيش السوري. وبعد تولي بشار الرئاسة في سوريا عيّن سليمان مديرا لمكتبه للشؤون العسكرية و&laqascii117o;المشاريع الخاصة". وتم إنشاء أدوات سرية ممنوع على الأجهزة الاستخبارية الأخرى الاطلاع على حركتها. ومن بين هذه كان &laqascii117o;مشروع المفاعل النووي" الذي دمر في العام 2007، والذي لم يكن حتى رئيس الأركان السوري العماد علي حبيب يعلم عنه شيئا. وفي &laqascii117o;جيش الظلال" سعى العميد سليمان لتطبيق قواعد السرية ذاتها. وسعى سليمان سعياً متزايداً لإنتاج أسلحة تم تطويرها في إيران أو روسيا في مصانع حربية سورية. ويشير بيرغمان إلى أن غالبية الصواريخ المضادة للدبابات التي ألحقت أضرارا بالغة بالجيش الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية كانت من تزويد سوريا. وإضافة إلى ذلك اهتم سليمان بـ&laqascii117o;طفلِه" المفاعل النووي.
محمود المبحوح : نعود بضع سنوات إلى الوراء، أي إلى أيام الانتفاضة الثانية والعمليات الانتحارية في شوارع إسرائيل. وكان المبحوح، بحسب بيرغمان، &laqascii117o;النجم الصاعد في الإرهاب"، لأنه كان يعمل أيضا بيديه. ويقول بيرغمان إن حماس حينها وقفت أمام مفترق طرق: الشيخ أحمد ياسين لا يريد علاقات مميزة مع إيران، وخالد مشعل الذي آمن بالتعاون مع آيات الله. وحسمت إسرائيل الأمر باغتيالها الشيخ أحمد ياسين. وبعدها تلقى المبحوح مهمة ممثل حماس في &laqascii117o;جيش الظلال". ويشير بيرغمان إلى أن حماس صار لها مدخل على التكنولوجيا التسليحية الإيرانية والسورية. وليس صدفة أن عمل حماس بعد ذلك تطور كثيرا، خصوصا في مجال الصواريخ، فقد اهتم &laqascii117o;جيش الظلال" بإدخال المزيد والمزيد من المدن الإسرائيلية في نطاق التهديد الصاروخي لحماس. وإثر الحرب الإسرائيلية على غزة برزت الحاجة أكثر لسد الثغرات في المخزون التسليحي وتعاظمت خطوط التهريب من شواطئ كل من إيران وسوريا إلى غزة مرورا أحيانا بموانئ سودانية. وأحيانا كان &laqascii117o;حزب الله" يساعد في هذه المهمة. وبسرعة ملأت حماس ترسانتها من جديد.
حسن لقيس :
يشير بيرغمان إلى أن إيهود أولمرت كرّس جانبا من جهده حال توليه رئاسة الحكومة للتعرف على &laqascii117o;جيش الظلال". وعرف أن العميد سليمان هو قائد &laqascii117o;جيش الظلال" السوري، وأن الجنرال مقدم هو الممول ومقدم الخبرة التكنولوجية، وأن المبحوح هو من يعمل على إيصال السلاح إلى القطاع. وكان ينقص هذا المربع الضلع اللبناني ممثلا بـ&laqascii117o;حزب الله". وأوضح أن عماد مغنية كان مطلعا على شؤون &laqascii117o;جيش الظلال" إلى أن تفجرت سيارته في دمشق. ولكن مغنية، بحسب بيرغمان، كان &laqascii117o;تكتيكيا إرهابيا"، و&laqascii117o;استراتيجيا عسكريا"، ولم يكن فنيا يفهم في الصواريخ. وبسرعة تبين أن لـ&laqascii117o;حزب الله" مندوبا في الرباعية يدعى حسن لقيس وهو مسؤول عن التسلح في الحزب. ولقيس ناشط في &laqascii117o;حزب الله" منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره، وهو يبلغ اليوم 45 عاما، ولديه خبرة تقنية معينة من جامعة لبنانية، لكن أساس خبرته اكتسبها في سنوات عمله في تطوير الأسلحة وإنتاجها. ويقول بيرغمان إنه بفضل لقيس غدا &laqascii117o;حزب الله" التنظيم الإرهابي الأقوى في التاريخ، وهو تنظيم قال عنه رئيس الموساد السابق مئير داغان إن &laqascii117o;لديه قدرة نارية لا تمتلك مثلها 90 في المئة من دول العالم". وكتب أنه منذ التسعينيات كان هناك في الاستخبارات العسكرية من أشار إليه وسعى لاغتياله. ولقيس مطلوب في كندا بتهمة تفعيل خلايا لـ&laqascii117o;حزب الله" في التسعينيات.
حسن مقدم
حتى اغتياله كان الجنرال مقدم أحد الضباط الذين يحظون بتقدير في الحرس الثوري الإيراني. وكانت له أمجاد حربية في المعارك ضد العراق حيث ظهر كقائد كاريزمي. وطوال 30 عاما في الحرس الثوري أسس مقدم سلاح المدفعية والصواريخ، وبعد ذلك انتقل إلى تطوير الصواريخ البعيدة المدى. وثمة تقديرات في الاستخبارات الإيرانية بأن هدف التفجير في القاعدة غرب طهران لم يكن المشروع الصاروخي بل الجنرال مقدم نفسه. ولكن من أجل ضمان مقتله كان ينبغي تفجير كل مبنى المكاتب التي قد هو فيها. وجاء إعلان تأبينه ليشهد على دوره الرئيس في رباعية &laqascii117o;جيش الظلال". حيث إن أحد قادة الحرس الثوري قال إن &laqascii117o;أفكاره المباركة" أسهمت في تحقيق &laqascii117o;النصر الكبير" لـ&laqascii117o;حزب الله" في حرب لبنان الثانية، ولحركة حماس في حرب غزة. التنسيق بين رباعية &laqascii117o;جيش الظلال" لم يتم فقط في الميدان الصاروخي القصير المدى. فقد أجرت سوريا وإيران في 25 تموز عام 2007 مناورة مدرعة تم فيها تركيب رؤوس حربية كيماوية من طراز &laqascii117o;VX" على صواريخ سكود. وقد تعطل أحد الرؤوس وانفجر، وخلال ثوان اندلعت حرائق وانتشر غاز سام. وبحسب تقارير سرية وصلت إسرائيل فقد لقي 15 سورياً وعشرة إيرانيين مصرعهم في الانفجار الأولي. وأصيب ما لا يقل عن 200 آخرين في الانفجار. وهناك تقديرات بأن العطل كان مقصودا وأن الموساد يقف وراء حدوثه.ويشير بيرغمان إلى أن ثلاثة من أضلع الرباعية تمت تصفيتهم. في آب العام 2008 اغتيل محمد سليمان في بيته، والمبحوح في فندق في دبي في كانون الثاني عام 2010، والجنرال حسن مقدم قبل ثلاثة أسابيع. ولم يبق على قيد الحياة سوى حسن لقيس. وأوضح أن اغتيال العميد سليمان وجه ضربة شديدة لـ&laqascii117o;جيش الظلال".
- 'الجمهورية'
الأزمة السوريّة: بين الرهان على عامل الوقت وانتهاء الصلاحية!
جاد ايلي يوسف:
هل دخلت الأزمة السوريّة مرحلة التدويل؟ سؤال طرحناه على مصدر ديبلوماسي في الأمم المتحدة بعدما بات واضحا أنّ النظام السوري أقفل أبواب الحلّ العربي عبر رفضه تقديم أيّ تنازل في هذا المجال.
يعتبر المصدر أنّ 'المرحلة الآن هي مرحلة بلورة الخيارات التي سيتمّ اعتمادها للخروج من المأزق الذي يسعى النظام إلى إغراق الجميع في وحوله، لكن من دون نجاح يذكر حتى الآن على رغم ظاهر الأمور، على حدّ تعبيره'، لكنّه يشير في المقابل إلى أنّ 'تسلّم روسيا رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، للأسف يعطي رسالة سلبية عن دور الأمم المتحدة التي رعت خلال هذا العام الثورات العربية في أكثر من بلد'. باختصار، يقول هذا المصدر، إنّ 'عام 2011 سيقفل على تجميد الدور الذي لعبته الأمم المتحدة، لأنّ روسيا قرّرت لاعتبارات عديدة داخلية على وجه الخصوص، إضافة إلى بعض الاعتبارات الخارجية، التشدّد في الملف السوري تحديدا، نظرا إلى أهمية النموذج الذي ستفرزه تلك الثورة هناك من انعكاسات على الوضع الروسي، والذي يواجه فيها النظام تحدّيات ليس أقلها ما أفرزته الانتخابات التشريعية من توازنات على الأرض واستعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة في الربيع المقبل'. ويعتقد هذا المصدر أنّ 'أمام المجموعة العربية داخل أروقة الأمم المتحدة مسؤوليات وتحدّيات كبرى لإجبار المجتمع الدولي على التكاتف والضغط لإجبار روسيا على تغيير موقفها، وهي مسؤولية غربية أيضا ينبغي أن تقوم بها تلك الدول لاستثمار الموقف الدولي وتطويره خصوصا بعد تصويت مجلس حقوق الإنسان الإيجابي ضدّ النظام السوري، وتفكك كتلة ما يعرف بـ'البريكس' التي تضمّ فضلا عن روسيا والصين، الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا التي صوّتت، بعضها لمصلحة قرار مجلس حقوق الإنسان وبعضها الآخر امتنع عن التصويت، وهذا موقف ينبغي البناء عليه. لذلك، فإنّ الأنظار تتجه الآن إلى معرفة ما ستسفر عنه الخطوة المنسّقة الأميركية - الفرنسية بإعادة سفيريهما إلى دمشق... يقول هذا الدبلوماسي أنّ 'قرار إعادة السفيرين هو قرار صدامي أيضا مع روسيا على اعتبار أنّ مسؤولية تأمين الحماية الأمنية لهما هي من مسؤوليات السلطات السوريّة، وفي حال التعرّض لهما، فهذا يعني قذف المسؤولية على مجلس الأمن ليأخذ دوره في هذا المجال عبر إظهار أنّ ما يحصل على الأرض السوريّة بات يشكّل خطرا على الأمن الدولي وعلى روسيا أن تتحمّل مسؤوليتها في ضمان هذا الأمن'. إمعان النظام السوري في المماطلة والتسويف وإفشال أيّ مبادرات دولية أو عربية جادة يأتي من رهان هذا النظام على عامل الوقت علّه يؤدّي إلى بروز معطيات ومناخات تنقذه من تجرّع الكأس الذي يسعى بكلّ قواه إلى تجنبه. هكذا انتظر النظام تولي روسيا رئاسة مجلس الأمن، وينتظر نمو مناخات الخوف من تبوّء الحركات الإسلامية سواء المعتدلة منها أو المتشدّدة نتائج الانتخابات التشريعية التي تجري في غير بلد عربي، سواء بعد الثورات أو بقرارات إصلاحية من سلطات بعض البلدان كما جرى في المغرب. ويعتبر هذا المسؤول أنّ 'النظام في سوريا سيسعى إلى إعادة تسويق نفسه في هذا المجال ليظهر أنّه يشكّل ضمانا في وجه التشدّد الآتي على المنطقة وإعادة فرض نفسه كسدّ منيع في وجه هذا التغيير غير المحمود. لكن يبدو أنّ هذا المسعى من دون أمل أو نتيجة في المزاج الدولي، إذ إنّ البحث جار عن آليات جديدة للتعامل مع هذا الواقع الجديد الذي تعيشه المنطقة العربية، وبهذا المعنى يقول المصدر إنّ 'النظام السوري اصبح من الماضي ولا مكان له في هذا المستقبل المبني على أسس جديدة'. ويلفت إلى أنّ 'العمل يتركز الآن على معرفة اتجاهات الداخل السوري في شكل حقيقي. فالاتصالات تتكثّف مع المعارضة السوريّة من أجل فهم أكبر لبرنامجها السياسي المستقبلي (يصنّف لقاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأخير مع المجلس الوطني السوري في هذا الإطار) كما أنّ الاتصالات ستتكثّف أيضا مع الطبقة السياسية والتجارية والقوى الاقتصادية السوريّة، خصوصا في مدن حلب ودمشق لمعرفة موقفها ومدى تأثرها بالعقوبات الاقتصادية الحادة التي فرضت على النظام، وتاليا موقفها مما يجري وهل تستطيع الصمود اكثر وراء نظام بشار الأسد. لذلك يعتقد المصدر الديبلوماسي أنّ 'الأيام المقبلة قد تشهد تطوّرات درامية على الصعيد الديبلوماسي والسياسي المحيط بالوضع في سوريا، وينبغي انتظار التفاعلات المترتّبة عنها للبناء عليها'.
- 'الشرق الأوسط'
المنشقين؟
طارق الحميد:
قد يقول قائل إن ما حدث لبشار الأسد بعد مقابلته التلفزيونية الأخيرة مع الصحافية باربرا والترز هو انتقام إلهي لما حدث بحق وليد المعلم، أو أبو كلبشة، كما سميناه، في مؤتمره الصحافي &laqascii117o;المزور"، لكن ما حدث للأسد أكبر، وأخطر بكثير. فخارجية النظام انشغلت كثيرا بنفي أن الأسد قد قال إن القوات الأمنية ليست قواته، لكنها لم تنشغل بنفس الحجم بنفي أنه قال - في المقابلة نفسها - إنه لم يعطِ الأوامر لتلك القوات باستخدام العنف ضد السوريين. ولهذا دلالات مهمة أيضا، أبرزها أنه يتنصل من أفعال القوات المحسوبة عليه. وبالطبع، كان الرد الأميركي على النفي الأسدي قاسيا وغير مسبوق؛ حيث قالت واشنطن إنه إما أن يكون الأسد منفصلا عن الواقع، أي مثل القذافي الذي وصفته كوندوليزا رايس في كتابها الأخير بأنه يعيش داخل عقله، أو أنه - أي الأسد - مجنون. وكلا التشبيهين يعدان قاسيين بحق رئيس دولة، خصوصا أن أميركا لم تقل ذلك حتى لصدام حسين قبل الاحتلال الأميركي للعراق. وعدا عن أن مقابلة الأسد مع الصحافية الأميركية قد ذكرت بمقابلة صدام الشهيرة مع الأميركي الشهير دان راذر، قبل غزو العراق، فإن المقابلة، وما قيل فيها، يعدان أمرين خطيرين جدا على النظام الأسدي؛ فحديث الأسد في تلك المقابلة لا يمكن أن يؤخذ إلا على محمل الجد؛ فقوله إن تلك القوات ليست قواته كان أمرا واضحا، ومن العبث القول إنها أخذت خارج السياق، فالمقابلة بثت بالصوت والصورة، وتبريرات النظام لتصريحات الأسد كانت مضحكة، ولا تقل سخرية عن سؤال خارجيته للجامعة العربية عن معنى كلمة &laqascii117o;شبيحة"! وعليه، فإن قول الأسد إن القوات الأمنية ليست قواته، أو أنه لم يعط الأوامر لها بقتل الشعب واستخدام العنف المتوحش، له مدلولات كبيرة؛ فحديث الأسد يوحي بأنه يريد القول للأميركيين والغرب، والسوريين كذلك، بأنه جاهز لإنجاز اتفاق ما يتخلص بموجبه من أخيه ماهر والقيادات العسكرية، على غرار ما فعله والده بأخيه رفعت الأسد بعد أحداث حماه الشهيرة قبل قرابة ثلاثة عقود. وهذا بالطبع جنون سياسي. فإذا كان الأسد ينوي أن يتغدى بأخيه وقيادات الأمن والشبيحة من أجل أن يسلم برأسه، فلا يمكن أن يعلن ذلك علانية، وفي مقابلة تلفزيونية، إلا إذا كان الأسد هو أول المنشقين عن نظامه القمعي، ويريد إرسال رسالة للأميركيين بذلك. ولذا، فإن النظام الأسدي استشعر خطورة تصريحات الأسد داخليا وتحرك لنفيها بشكل سريع وواضح، وهو ما عرضه للهجوم الأميركي غير المسبوق على شخصه، والغريب أن واشنطن توجه للأسد أعنف إهانة شخصية، في الوقت الذي تعيد فيه سفيرها مجددا إلى دمشق، مما يدل على ضعف النظام الأسدي. فكيف تقبل أن تصفك دولة بالجنون، أو المنفصل عن الواقع، ثم تعيد سفيرها إلى أراضيك؟ وعليه، فإما أن يكون الأسد منفصلا عن واقعه، أو مجنونا، أو أنه يلوح للغرب باستعداده لتكرار تجربة والده في حماه!
- 'الحياة'
غليون والوعي الريفي
مصطفى زين:
أوضح برهان غليون برنامج &laqascii117o;المجلس الوطني السوري" الذي يستعد لحكم سورية، بعد سقوط النظام، مشدداً على السياسة الخارجية التي سينتهجها أكثر من تركيزه على السياسة الداخلية وشكل الحكم والمؤسسات، فضلاً عن الإقتصاد. كان يهمه، وهو يتصرف كـ &laqascii117o;رئيس للجمهورية العربية السورية" (هل سيبقى اسمها كذلك والأكراد اعترضوا على عروبتها والإسلاميون أمميون لا يهتمون بالهوية القومية؟) أن يخاطب أوروبا وأميركا وإسرائيل أيضاً. خلاصة برنامج البروفيسور غليون أنه سيكون، عندما يحكم سورية، معادياً لإيران ولـ &laqascii117o;حزب الله" وللمقاومة المسلحة. وسيبدأ فوراً رحلة المفاوضات مع إسرائيل لاستعادة الجولان، متناسياً مفاوضات النظام القائم التي لم تؤد إلى اي نتيجة، ومفاوضات الفلسطينيين منذ أكثر من عشرين سنة، برعاية رعاة مجلسه. السؤال الذي لا بد من طرحه على غليون هو: هل استشار الشعب السوري في برنامج يحدد مستقبله لعشرات السنين إذا قيض له أن يتسلم الحكم؟ هل أخذ في الإعتبار وهو المنظّر في تطور المجتمعات والأنظمة أن الوعي الريفي (الطائفي) للثورة والسياسة فرض نفسه عليه بضغط من مكونات المجلس وعلاقاته الخارجية القائمة على أساس تسييس الدين والمجتمع والدولة؟ الواقع أن وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون احتفت بغليون وبالمجلس عندما سمعت منه كل ما تريد سماعه قبل اللقاء. سمعت واعجبت بالخطة وبالإصرار على عدم الحوار مع النظام وبتطابق وجهات النظر مع البروفيسور. خلال الإجتماع أخذت كلينتون في الإعتبار كل الصراع الدائر في المنطقة. صراع بين الدول العظمى الكولونيالية (هل يتذكر غليون هذا المفهوم؟) على النفوذ والثروة. اتخذت حكومتها موقفها بناء على هذا الصراع لتأمين مصالحها. استعدت لخوض المعركة في دمشق بالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء. تسلحت بنشر الدروع الصاروخية في أوروبا وتركيا لمحاصرة روسيا. وبالتمدد الإقتصادي (العقد الإقتصادي) في آسيا لمحاصرة الصين. أكثر وأخطر من ذلك، تحاول الولايات المتحدة تغذية الصراعات المذهبية والطائفية في الشرق الأوسط لتستخدمها سلاحاً في المواجهة مع سورية وإيران لضمان بقاء العراق تحت مظلتها. كتب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: &laqascii117o;تجري في العالم الاسلامي الآن، عمليات عميقة خطيرة جداً. هناك انقسام ينضج بين الشيعة والسنّة، اذا تعذر تجاوزه تنتظرنا نتائج كارثية للغاية". نتائج الإنقسام ستصل إلى عمق الجمهوريات الإسلامية الروسية. من هنا موقف موسكو الداعي إلى المصالحة بين السوريين. طرح الكرملين رؤيته هذه على غليون ودعاه إلى الحوار مع النظام لكنه لم يقتنع، إما مراعاة لبعض الشارع الذي يسعى إلى تزعمه، أو لأن تركيبة المجلس وعلاقاته لا تسمح له بذلك. لا يشك أحد في أن غليون يعي كل الأبعاد الإستراتيجية للصراع على سورية وفيها. كتبه ودراساته تشهد على ذلك. لكنه أحضر معه إلى واشنطن الوعي الريفي والتفسير الطائفي للسياسة وحركة التاريخ. وهو ليس الوحيد بين المثقفين العرب في استعادة هذا الخطاب واستخدامه منهجاً في تحليل الأحداث فقد اعتدنا على هذا الخطاب المرافق للحروب الأهلية، واعتدنا على أصحابه الساعين إلى السلطة بأي ثمن. وليست المعارضة وحدها مسؤولة عن ذلك فالأنظمة التوتاليتارية قضت على الأحزاب وعلى المجتمعات الأهلية والمدنية وعلى الثقافة السياسية فلم يكن أمام الشعوب سوى العودة إلى الدين والطائفة والمذهب والعشيرة، أي إلى ما قبل الدولة. لكن هذا شيء وعودة مثقف مثل غليون إلى &laqascii117o;الجماعة" ليقودها انطلاقاً من هذا الوعي البدائي شيء آخر.
- 'الحياة'
&laqascii117o;حزب الله" والمتغير السوري
وليد شقير:
استخدم الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه في اليوم العاشر لإحياء السيرة الحسينية عبارة &laqascii117o;المتغيرات" ثلاث مرات، في معرض تأكيده أن المقاومة باقية وأن سلاحها باق، وفي معرض حديثه عن المراهنين على هذه المتغيرات بأنهم يريدون تحقيق ما عجزت عنه إسرائيل عبر الحوار الوطني وتركيزهم على مسألة سلاح الحزب. ومع التشدد الذي أظهره السيد نصرالله في ما يخص احتفاظ الحزب بسلاحه، وهذا أمر طبيعي، فإن استخدامه تعبير المتغيرات يحمل جديداً قياساً الى خطبه السابقة. وإن لم يقل إن المقصود بالمتغيرات هو التغيير في سورية معبر السلاح الى الحزب ومقاتليه والحليف الإقليمي الأول له ولإيران، فإن الجديد هو أنها المرة الأولى التي يشير فيها الى احتمالات التغيير في دمشق، وذلك من باب التأكيد لخصومه المحليين والإقليميين أن هذه الاحتمالات لن تقود الى تغيير في منطلقات سياسته في لبنان ولا في ثوابته المتعلقة بسلاحه. فالخطاب السياسي السابق للسيد نصرالله ولقيادة الحزب، كان معاكساً تماماً. فقبل أسبوعين فقط أكد بثقة أن النظام السوري باقٍ ولن يتغير ولن يسقط وأنه سيكون أقوى من السابق. بل إن قادة الحزب كانوا على مدى الأشهر التسعة الماضية من عمر الانتفاضة السورية يؤكدون لهذا الفريق أو ذاك، ولهذا الحليف أو ذاك، ما كان رموز النظام السوري يكررون، بأن الأزمة في سورية انتهت، وأن ما بقي هو &laqascii117o;فلول العصابات المسلحة" التي يلاحقها الجيش وقوات حفظ النظام، والقضاء عليها يحتاج الى أيام أو الى أسبوع أو أسبوعين. وكان بعض اللبنانيين الحلفاء للنظام السوري يبلغ محدثيه وهو يتطلع الى ساعته: في التوقيت الفلاني تكون درعا، (أو حماة أو حمص أو إدلب أو جسر الشغور الخ...) انتهت وجرى تنظيفها من المتمردين... وكان بعض من يسمع هذا الكلام يصدق والبعض الآخر لا يصدّق ويكتفي بالانتظار، ليعود فيسأل بعد أسبوعين عن مصير الحسم العسكري الذي وعد به هذا القيادي أو ذاك في سورية، فيلقى جواباً مشابهاً، لكن عن منطقة أخرى. إلا أن قادة &laqascii117o;حزب الله" كانوا يتصرفون على أن لا مجال أمامهم سوى المراهنة على نجاح النظام في سحق الانتفاضة، لأنهم كانوا يشعرون أن مصير الحزب ودوره وقوته كانت تتوقف على بقاء الحليف الرئيس في موقعه، مهما كانت مشكلته مع قطاعات واسعة من الشعب السوري. وإذا كان من تلقوا الوعود بحسم الأمور لمصلحة نظام الرئيس بشار الأسد، قد سئموا تكرارها من دون أن تنجح، فإن قادة &laqascii117o;حزب الله" أنفسهم لا بد من أن يكونوا هم أنفسهم سئموا المعزوفة من كثرة تكرارها. وهذا أطلق نقاشاً داخل الحزب حول خياراته وسياساته في حال فشل الرهان على بقاء النظام السوري، أو في حال بقائه مع تعديل أساسي في توجهاته ومنها حيال لبنان. فقيادة الحزب سبق أن تابعت عن قرب بداية الأزمة ونصحت باستعجال الإصلاحات، وبعدم الاعتماد على الحل الأمني وبفتح الحوار مع المعارضة. لكن القيادة السورية تعاطت مع هذه النصائح مثلما تعاطت مع غيرها (تركيا، قطر ودول خليجية...) في بداية الأزمة، برفض الأخذ بها، بحجة أن سورية لا تحتاج الى مثل هذه النصائح وأن قيادتها أدرى من الآخرين بشعابها... وليس من باب المغالاة القول إن &laqascii117o;حزب الله" يتصرف بقلق حيال احتمال المتغيّر السوري، وبات يضرب حسابات لاستباق هذا المتغيّر. لكن المقلق في نظرة الحزب الى هذا الاحتمال أنه يعتمد سياسة تستأخر التغيير في سورية وتنتظر حتى يحصل من دون التسليم به. وإذا كان الحزب وحلفاؤه يأخذون على زعيم تيار &laqascii117o;المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وقادة قوى 14 آذار أنهم يستعجلون سقوط النظام السوري ويبنون رهانات على هذا السقوط تغييراً في موازين القوى المحلية، ويعتبرون ذلك تدخلاً في الشأن السوري الداخلي، فإن ما يعيبونه على خصومهم يقعون فيه أيضاً حين يتجاهلون آثار احتمال التغيير على لبنان وعلى موقع الحزب الإقليمي وفي المعادلة الداخلية. إنه تدخل ولكن بالوجهة المعاكسة، ضد تطلعات الشعب السوري بالتغيير وضد وصول &laqascii117o;الربيع العربي" الى سورية. والمقلق أيضاً أن &laqascii117o;حزب الله" بدلاً من أن يسعى الى التكيّف بليونة، يعمد الى تشدد قد يقوده الى الخشونة. فهو يرفض التسليم بأن المتغير السوري سيقود الى تغيير موقعه المتفوق في ميزان القوى الداخلي الذي اكتسبه بفعل الدور السوري السابق الذي بني على قهر فريق على حساب آخر. وهذا يعني أن الحزب يميل حتى الآن الى اعتبار أرجحيته في التركيبة اللبنانية الراهنة حقاً مكتسباً لا يقلل من وزنه أي تغيير في الدور السوري. ولهذا السبب ينبّه خصومه منذ الآن بألا &laqascii117o;يفكروا" في أن قوته ستنقص وأنه سيحتفظ بمفاعيل الدعم السوري الذي تلقاه طوال السنوات الماضية حتى لو حصلت &laqascii117o;المتغيرات". وهذا يعني أن لبنان أمام مرحلة صعبة في كل الأحوال.
- 'النهار'
التفجير يستبق زيارة مقررة لمسؤول فرنسي مواجهة 'الرسالة' بضمانات لبقاء الكتيبة
روزانا بومنصف:
تبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدى ترؤسه اجتماعا امنيا في السرايا نبأ التفجير الذي استهدف كتيبة فرنسية عاملة من ضمن القوة الدولية في الجنوب. فاتصل على الفور بالسفير الفرنسي في لبنان دوني بييتون وابلغه الخبر معربا عن اسفه البالغ للحادث ولسقوط جرحى ومتمنيا عليه ان ينقل الموقف اللبناني الرسمي الى الخارجية الفرنسية على وقع التمني برد فعل مسؤول لا يسمح لعمل ارهابي ان يفرض روزنامته في اي اتجاه . كما جرى اتصال بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الموجود في ارمينيا وتم التنسيق على ان يعلن مجلس الوزراء ايضا موقفا مدينا للحادث يستند الى موقفي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة . وقد استبق التفجيرالجديد ضد الكتيبة الفرنسية زيارة مدير شؤون المنظمات الدولية وهيئة الامم في وزارة الخارجية الفرنسية في التاسع عشر من الجاري في اطار مراجعة فرنسا لاستراتيجية مشاركتها في اليونيفيل. فهذه الاستراتيجية وضعت على نار قوية في الاونة الاخيرة بهدفين : احدهما مراجعة طبيعة المشاركة الفرنسية على اساس السعي الى تسليم الجيش اللبناني مواقع اضافية في مناطق عمل اليونيفيل قد لا تتضمن الحدود والشاطىء من ضمن خطة فرنسية ترمي الى دعم الجيش اللبناني على صعد عدة في اطار السعي الى تطبيق القرار 1701 الذي نص على تسليم الجيش اللبناني تدريجا. والهدف الاخر هو خفض عديد القوة الفرنسية العاملة في الجنوب الى ما لا يزيد على 920 عنصرا بدلا من العدد الحالي الذي يزيد عن 1100 بقليل. والاسئلة التي يثيرها الانفجار تتصل بما اذا كان هذا الاستهداف يمكن ان يؤدي الى سحب فرنسا مشاركتها كليا في ضوء تحذيرات سابقة وجهها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في هذا الاطار؟ وهل ان الامر يتصل في هذه المرحلة تحديدا بالمواقف الرسمية الفرنسية من النظام في سوريا في ظل عدم استبعاد مراقبين ديبلوماسيين ان يكون ثمة رد في لبنان وليس في سوريا خصوصا بعد عودة السفير الفرنسي اريك شوفالييه الى دمشق . علما ان هناك مخاوف لدى هؤلاء من ان تكون ثمة مخاطر يمكن ان تتهدد السفير الفرنسي في لبنان دوني بييتون او سفراء دول غربية اخرى هي في طليعة المواقف الدولية المنددة بالنظام السوري باعتبار انه يسهل استخدام لبنان كساحة في هذا الاطار.
وهذه النقطة الاخيرة بالذات والمتعلقة بكون لبنان ساحة يمكن ان تستخدم لتوجيه الرسائل كانت الاكثر ترجيحا على المستوى الرسمي في تفسير التفجير باعتباره رسالة تقوم بها تنظيمات موالية للنظام السوري في ظل استبعاد كلي رسمي ايضا لتورط 'حزب الله' في هذا الاطار. وتقول مصادر رسمية رفيعة المستوى ان هناك تأكيدات فرنسية ان مثل هذه الحوادث لن تؤثر في سحب فرنسا مشاركتها في اليونيفيل ما لم يكن ذلك من ضمن وتيرة متكررة متصاعدة تحرج الادارة الفرنسية امام الرأي العام الفرنسي. وقد اشعل مقال نشر في احدى الصحف الفرنسية كتبه ضابط كبير